يرى الباحث أن منجز سامي سليمان ينتمي إلى الأيديولوجيا التقليدية الأصولية؛ والتي تلاحظ في مكونات شخصيته، وفي إبداعه النقدي؛ كذلك ينتمي إلى أيديولوجيا الحداثة التي تشكلت عبر دراسته للمبدعين والنقاد العرب المعاصرين، كما اكتملت بتواصله مع الثقافة الغربية.

فلسفة النقد: قراءة في التمثل الثقافي وتلقي الأنواع الأدبية الحديثة

«تجربة النقد العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر» لسامي سليمان

تـامر فايـز

"فلسفة النقد" شبه جملة لا تكتمل إلا بالتوغل فيما قدمه النقاد في كتاباتهم النقدية، سواء التنظيرية التأصيلية التي تمثل نهجًا ذاتيًا للمبدع فيما يخص تعاطيه مع مدرسة فلسفية أو كتابة إبداعية محددة أم التطبيقية التي تشير إلى بنيتين أيديولوجيتين –عامة وخاصة- كونتا المبدع وما يصدر عنه من نقد.

وتأسيسًا على هذه الرؤية، يلحظ من يدقق النظر فيما قدمه سامي سليمان من إبداعات نقدية أن ثمة أيديولوجيتين أساسيتين تمثلان في مجموعهما تلك الخلفيات التي صدر عنها ذلك الإبداع الذي وضعه في دائرة النقاد العرب الموسوعيين، ممن يسعون –عبر عقود متتالية– إلى الإسهام في ترسيخ وتأصيل بنيان النقد العربي من ناحية، والسعي إلى تجديد تلك الحالة التي استقر النقد العربي عليها في العقود السابقة من ناحية ثانية.

أما الأيديولوجيا الأولى، فهي التي تنتمي إلى ما يمكن أن يسمى بالأيديولوجيا التقليدية الأصولية؛ تلك التي يطالعها المتلقي في كثير من جوانب شخصية الناقد وإبداعه النقدي؛ إذ يمكن ملاحظة ذلك بسهولة في بعض مكونات شخصيته، ولا سيما ذلك الجانب الصوفي الذي ترك أثرًا واضحًا في ذاته الفردية وكذا ذاته الإبداعية، التي لم تنفك تعكس هذا الجانب على كثير من الجوانب التحليلية في نقده التطبيقي، وهو ما يمكن تلمسه في تلك الفيض التحليلي الذي يمثل الجانب النقدي الأوسع في إبداعه، والذي تبدى لديه منذ أنهى دراسته الأولى عن مسرح محمود دياب فيما يتخطى سبعمئة صفحة من القطع الكبير، كاشفًا عن براعة تحليلية نادرة، وقدرة على تذوق النصوص الأدبية غير موفورة لمن لم تحو شخصيته هذا الجانب الأصولي –سالف الذكر- والذي أثر علي كثير من مجريات إبداعه.

أما الأيديولوجيا الثانية، التي أسهمت في تشكيل صورة الناقد ونقده، فهي ما يمكن أن يسمى بأيديولوجيا الحداثة أو المعاصرة، تلك التي تشكلت –من ناحية- عبر دراسته على يد مجموعة من المبدعين والنقاد العرب المعاصرين ممن نحوا تجاه الحداثة وما بعدها في توجهاتهم الإبداعية والنقدية، كما اكتملت أركان هذا الجانب الغربي الذي أثر في شخصه وإبداعه، ولا سيما أن هذا الجانب قد ظهر أثره واضحًا في ذاته المدققة في الأشياء، المتفلسفة في النظر إلى الحياة ومن ثم الأدب والنقد.

وما يلفت الانتباه في شخص الناقد وإبداعه النقدي، أنه لا يفصل في ذاته وفي إبداعه بين المكونين الأيديولوجيين –التقليدي والحداثي– حيث يلحظ من يتابع نشاطه الإنساني عمومًا والثقافي خصوصًا أن ثمة مزاوجة واضحة بين الجانبين، وهو ما تشير إليه –بجلاء– دراساته النقدية التطبيقية في مجملها، ودراستاه الأولى والأخيرة على وجه الخصوص.

أما الدراسة الأولى، والتي كتبها الناقد عن مسرح محمود دياب فقد جمع فيها بين التوجهات التقليدية في التحليل الأدبي، وكذلك التوجهات الحداثية المعاصرة؛ إذ ظهر في تحليله لهذه الكتابات المسرحية اطلاعه الواضح على الجانبين، وعدم تغليب أحدهما على الآخر، وهو ما يمكن ملاحظته بجلاء عند مطالعة فصول هذه الدراسة المطولة، وكذلك التعرف على الكم الهائل المتنوع من المرجعيات التي اعتمدها الكاتب في دراسته، والتي تشير إلى صحة الافتراض الخاص بجمعه بين التقليد والحداثة.

أما فيما يخص دراسته الأخيرة المعنونة بـ"التمثل الثقافي وتلقي الأنواع الادبية الحديثة" "تجربة النقد العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر"، فقد بدأت فلسفة الناقد المزجية بين التقليد والحداثة تتضح على أشدها؛ إذ تمثل المادة التي تعامل معها وأفاض في تحليلها نوعًا من أنواع النقد التقليدي في إطار الإحياء النقدي العربي، لكنه لم يقتصر على هذا بل ضمت هذه المادة أيضًا ما سماه في كتابه بالتوجهات التوفيقية والتجديدية، تلك التي جمعت في طياتها بين التقليد النقدي والحداثة معًا.

أما فلسفة تعامله النقدي مع هذه النصوص فقد شكلت توجها ظاهرًا لهذا الجمع بين التقليد والحداثة النقديين؛ إذ اعتمد على نظريات التلقي التقليدية المعروفة وأضاف إليها وجهته النقدية الفلسفية التي تتسم بنوع من تخطى حتى نظريات التلقي المعاصرة؛ وهو ما يظهر منذ بداية تأسيسه لمصطلح التمثل الثقافي، ذلك الذي مزج فيه بين ما استقر في الأعراف النقدية عن مفهوم التلقى، مبينًا استفادته من هذه النظريات، وكذلك دمجه لما أفاده –في الإطار ذاته– من نظرية النقد الثقافي، التي وضعت لمفهومه " لتمثل الثقافي" بعض محاوره ومكوناته.

ومن هنا، جاء تعريف التمثل الثقافي في هذه الدراسة على أنه نمط" من أنماط تلقي النظريات المنقولة عن ثقافة أخرى، ولكنه لا يتحقق في تشكله التاريخي الملموس إلا في صور أو أشكال من عمليات التعديل والتوسيع والتضييق والحذف والاستبعاد في مفاهيم الثقافة القومية الموروثة والحية والفاعلة في خطابات النقاد المتلقين"(ص31).

وهكذا، يضحى التمثل الثقافي نوعًا من أنواع التوسيع في مصطلح التلقي النقدي المعروف؛ إذ لا يمثل التلقي إلا عنصرًا واحدًا من عناصر الثمثل الثقافي، غير أن العنصر الثاني يتمثل "في وجود أساس فلسفي وجمالي مشترك بين النظريات الأدبية المنقولة والنظريات الأدبية في الثقافة القومية. وهذا ما يعني –بعبارة شارحة– أن نظريات الرواية والمسرحية الأوربية المنقولة من ناحية، ونظريات البلاغة والنقد العربيين الموروثة لدى الإحيائيين من ناحية أخرى، كانت جميعها تقوم على أساس فلسفي جمالي شمولي واحد؛ وهو مفهوم المحاكاة. وذلك الوضع الثقافي كان يؤدي من ناحية إلى تقريب نظريات الأنواع الغربية المنقولة من الآفاق الذهنية لمنتجي خطاب النقد الإحيائي التجديدي والتوفيقي، كما كان يتيح، من ناحية أخرى، للنقاد التوفيقيين والتجديدين تركيز تفعيل التمثل الثقافي في تجليات المحاكاة في عناصر الأنواع الأدبية المنقولة.

وذلك ما كان يفضي إلى قيام أولئك النقاد خلال صياغتهم آليات تمثل الأنواع الأدبية الجديدة، بتحويل كثير من المفاهيم والتصورات، الأدبية والجمالية، الراسخة في بناء مفاهيم الأنواع الأدبية الأصيلة في ثقافتهم القومية إلى مجال صياغة الفهم الثقافي للأنواع الأدبية الجديدة. وبذا، يمكن وصف التمثل الثقافي بأنه عملية تجمع بين استيعاب المفاهيم والأفكار والنظريات المنقولة عن ثقافة أخرى من جانب، وتعديل مقومات الثقافة القومية من جانب آخر، في فعلين إدراكيين متزامنين"(الكتاب، ص31-32).

وبناء على هذا الفهم التنظيري للمصطلح الأساسي في الدراسة، بنى المؤلف فلسفته التنظيرية بل والتطبيقية على هذا الأساس التضفيري الذي يجمع بين ما خلفته الثقافة العربية ووقر في أذهان النقاد "المتلقين" وما وفد عليهم من إسهامات غربية كان لها تأثيراتها الواضحة في مجمل إبداعاتهم النقدية.

فيظهر،بناء على ما سبق، أن الآلية الأساسية التي تعامل بها المؤلف مع النصوص النقدية –في إطار ما يسمى بنقد النقد– هي معرفة أثر التأثيرات العربية الموروثة والغربية الوافدة على النصوص النقدية التي درسها، والاستفادة منهما معًا في تحليل هذه النصوص. وهو ما يمكن مطالعته في فصول الدراسة كافة، ولا سيما ذلك الفصل الذي عنونه صاحب الكتاب بـ"جدل التلقي ومنظومات الأنواع الأدبية".

لقد تكون هذا الفصل من مجموعة من النقاط المحورية التي تثبت بجلاء هذا التضفير النقدي الذي صنعه سامي سليمان بين العربي الموروث لدى النقاد الإحيائيين والوافد الغربي الذي أثر في تعاملهم مع الأنواع الأدبية الوافدة ونصوصها الإبداعية، وكيفيات تعاملهم النقدي مع هذه الكتابات النقدية.

ناقش الكاتب -في النقطة الأولى- ذلك الجدل الدائر فى عقول وكتابات النقاد الإحيائيين بين طرفين أساسيين، وهما: الموروثات الثقافية التى يصعب الابتعاد عنها لكونهم إحيائيين، والأشكال الأدبية الوافدة التى –من المؤكد- تحمل ما قد يتعارض مع تلك الموروثات ثقافيًا وجماليًا.

أما المحور الثاني من محاور هذ الفصل فقد دار حول مفهوم النوع الأدبى، ومقوماته الثلاثة؛ حيث عرَّف هذا الفصل النوع الأدبى على أنه منتج ثقافي، يحمل مقومات ثقافية عامة في لحظة تاريخية محددة، وببنية خاصة. وعبر هذين الجانبين يمكن للمنظرين تحديد جواهر هذا النوع.

أما المقومات الثلاثة للنوع الأدبي، فتتمثل في:
أ- العنصر المهيمن: وهو العنصر الذى يمكِّن القاريء من نسب ما يقرأ لشكل أدبي بعينه.

ب- العنصر الجمالي المتغير: وهو مجموعة التقنيات الجمالية التي تستخدم في نص أدبي محدد.

ج- الموقف الوجودي: وهو موقف الكاتب من عالمه والقضايا التي يناقشها بداخله.

وقد ركز العنصر الثالث في هذا الفصل علىفهم نظريات المسرحية والرواية في ثقافاتها، وطرائق تلقيها لدى النقاد الإحيائيين؛ إذ عرض الكاتب –فيما يخص المسرحية- لأهم نظريات الدراما الغربية تفصيليًا بداية من نظرية أرسطو مرورًا بالكلاسيكية الفرنسية المحدثة ووصولاً إلى النظرية الرومانسية.

وقد توصل إلى أن النقاد الإحيائيين قبلوا النظريات الكلاسيكية نظرًا لاعتمادها على مفهوم المحاكاة، الذى تواءم مع فكر الإحيائيين من ناحية، ومع حركة النهضة التى سادت مناحي الحياة كافة آنذاك.

ويمكن هنا إضافة رأي لما قدمه سامي سليمان، مفاده أن تقبل النقاد العرب لنظرية الدراما آنذاك ارتبط بعدم وجود نظرية خاصة لديهم بفن الدراما؛ فكيف إذن يرفضون ما لايعرفون؟ خاصة من سعوا منهم إلى التجديد؛ حيث قبلوا المفاهيم الواردة كالمحاكاة، بهدف توطيد أركان هذا النوع الأدبي الوافد.

أما فيما يخص الرواية فقد رصد الكِتَابُ –هنا- نظرية الرواية الأوربية رصدًا متعمقًا، كاشفًا عن مراحل تطورها التى فصل بينها -تاريخيًا- القرن السابع عشر، مناقشًا حدة المعارضة التى لاقتها الرواية في أوربا، والتى وصلت لمنع الحكومة الفرنسية لإصدارها عام 1837، بحجة منافاة الذوق العام.

ورغم عرض الكاتب لنظرية الرواية الأوروبية بشكل مكثف ومتعمق في الآن ذاته، إلا أن ما عرضه –فيما يخص معارضة الرواية الأوروبية- ينطبق أيضًا على بعض العروض الدرامية الأوربية التي عرضت على خشبات المسرح المصري من قبل النقاد أصحاب التوجه الاجتماعي المتشدد.

ومن ثم، يتطرق الكاتب –في النقطة الرابعة من هذا الفصل– إلى تلقي النقاد الإحيائيين العرب لنظرية الرواية الأوروبية؛ وقد اتضح في هذا السياق معرفة الإحيائيين العرب بمفهومى الرواية الأوربية التقليدي والمحدث، وعلى رأسهم: إميدي لوريول اليسوعي وميخائيل عورا.

ثم عمد الكِتَابُ لتقديم درس تحليلي لنقد عورا للروائيين الفرنسيين، وخلص من هذا التحليل إلى أن عورا أعجب بالروايات الفرنسية التى حاكت الواقع بشكل كبير، مما جعلها تتجاوب مع مفهوم المحاكاة وفكرة النهضة التى سادت آنذاك.

كما رصد الكتاب رفض الإحيائيين للروايات الرومانسية في هذه الفترة لوجود عدة عقبات ثقافية حالت دون تقبلها.

ويجدر، في هذا السياق، ملاحظة أن هذا الكلام على درجة عالية من الصحة والدقة خاصة عند وضعه مجاورًا لما سبق أن بيناه من رفض بعض النقاد العرب لعروض المسرحيات الأجنبية للعقبات الثقافية ذاتها.

أما النقطة الخامسة في هذا الفصل، فقد اهتم الكاتب فيها بتجليات التمثل الثقافي في كتابة الرواية والمسرحية عند الإحيائيين؛ فحددت هذه الجزئية حدود التمثل الثقافي عند نقل أدب أمة أخرى في عنصرين أساسيين، هما: هدف النقل ووسائله. ووضح هدف النقل في تدعيم حركة النهضة الشاملة التى تزامنت مع حركة الإحياء. أما وسائل النقل فقد تلخصت –فيما يخص الدراما- في مشاهدة العروض الدرامية في الخارج والداخل، وتدريس فن المسرح في مدارس الإرساليات التبشيرية بالشام. ومن حيث سبل تلقي الرواية، وتشترك معها الدراما، فقد تمت عبر قراءة النصوص في لغتها الأم وتعريبها بما يتلاءم مع الثقافة العربية ومُثلها.

وقد توصلت الدراسة في هذه الجزئية إلى نتيجتين على درجة من الأهمية:

أولاً: أن معظم المعربات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت تتم عبر تفهم النقلة لطبائع الأنواع الأدبية المستقرة في ثقافتهم، فيقربونها من المتلقي بشكل لا يخدش حياءه الثقافي.

ثانياً: أن حركة إبداع الأشكال الأدبية الحديثة تزامنت مع حركة الترجمة، لذلك تشاركت العناصر الوافدة والموروثة معًا في صياغة الأشكال الأدبية الحديثة من ناحية، وكتابة النصوص النقدية الخاصة بها من ناحية أخرى.وهى نتائج قيمة تدعم فكرة الدراسة.

أما النقطة السادسة في هذا الفصل فقد ناقشت منظومات الأنواع الأدبية في التراث العربي؛ محددة إياها في منظومتين أساسيتين:

أ- منظومة تعلي من شأن الشعر على حساب الخطابة والكتابة، استجابة لجذور ثقافية عميقة لدى العرب كسيطرة الشفاهية وهيمنة الشعر على الحياة العربية حتى القرن الثالث الهجري.

ب- منظومة عكست التراتب الذى كانت عليه المنظومة الأولى؛ حيث تقدمت الكتابة إلى الصدارة، وهبط الشعر إلى القاع بداية من القرن الرابع الهجري.

وأعطت الدراسة مثالين واضحين لهذا الانقلاب الذى حدث لمنظومة الأنواع، من خلال كتابات ”على بن خلف ”والقلقشندي“. وقد توصل كلاهما إلى البرهنة على أن النثر صعد في المكانة عن الشعر لأسباب نفعية وجمالية. منها أن اللفظ يتبع المعنى في النثر دون الشعر، وأن مجال التعبير أرحب في النثر عنه فى الشعر. وقد استفاد الإحيائيون مما جاء بهذه المنظومة الثانية، وعقدوا معها جدلاً مثمرًا، نتج عنه اتساع دائرة استيعاب الأشكال النثرية في خطاب النقاد الإحيائيين.

وأخيرًا، ناقش هذا الفصل تشكيل منظومة الأنواع الأدبية في خطاب النقد الإحيائي؛ حيث كشف عن أن النقاد الإحيائيين لم يختلفوا على مكانة الشعر، ولكنهم اختلفوا في مواقفهم من الأشكال النثرية الحديثة؛ فالتقليديون اكتفوا بنقل مفاهيم الكتابة وصناعتها، أما التوفيقيون والتجديديون فقد أسسوا بوضوح لخطاب نقد الأنواع النثرية الحديثة متكئين على ظهير ثقافي قوي أسسه لهم من قبل ابن خلف والقلقشندي. كما كشف عن أن المبدع والناقد الإحيائيين كانا يتعاملان مع الأنواع الحديثة إبداعًا ونقدًا دون قلق ثقافي؛ فهناك ظهير ثقافي قوي من ناحية، ومغامرة لتكشف الجديد من ناحية ثانية.

وبذلك، بدأ الناقد الإحيائي –كلويس شيخو- يهتم بالأشكال الحديثة بالتوازي مع الأشكال التراثية، بل وصنع منظومة فرعية -تجاور المنظومة الموروثة- وتستوعب الرواية كنوع جديد بداخلها، وأكملها سامي سليمان بوضعه الدراما بداخلها عبر إعمال ملء الفجوات الذى تحدث عنه أيزر، وكأنه –سامي سليمان- يكمل عبر المناهج النقدية الحديثة ما يعد فراغات في المنظومة الفرعية التى أسسها النقاد من قبله.

هكذا، تتضح فلسفة النقد لدى سامي سليمان عبر معظم أعماله ولا سيما كتابه الأخير، والذي أمكن تكشف أهم إيجابياته عبر عرض أو قراءة لأهم ما احتواه الجزء الخاص بجدل التلقي ومنظومات الأنواع الأدبية، والتي من أهمها:

الذكاء الفكري والنقدي للكاتب؛ إذ ربط درسه لمنظومات الأنواع الأدبية في التراث بتحليله لنصوص النقاد الإحيائيين، مما دلل على صحة فرضيته إلى حد بعيد.

الولوج إلى النقد الثقافي من جانب جديد لم يسبقه إليه أحد، وهذا ناتج عن ولعه بالفترة القروسطية وإبداعاتها من ناحية، وبمناهج الدرس النقدي المعاصر من ناحية ثانية.

عدم الاتكاء كثيرًا على مجهودات السابقين، لكن استخدامَهم في صياغة نظرية نقدية متكاملة، استطاع من خلالها أن يبدع مصطلحاته ومنهجيته المستقلة صارمة الدقة.

* * * *

(مدرس الأدب الحديث المقارن، المستشار الفني لآداب القاهرة)