اختار الشاعر المغربي أن يصل الحاضر بالماضي من خلال استلهام دروس الثورة الريفية وأحد رموز الكفاح ضد المستعمر والاستعمار، رمز تحول لأيقونة في دروس النضال والكفاح والصبر ولترسيخ قيم الحرية والكرامة والانعتاق من قيود وأغلال المستعمرين، وإذا كان اللقب يسم القصيدة فالاسم موزع أبجديا على مقاطعها.

الْخَطَّابِي

صالح لبـريـني

 (إلى روح زعيم الثورة الريفية محمد بن عبد الكريم الخطابي)

 

1

عَيْنُ عُبُورِكَ عَصْفٌ

وَعَيْنُ الْعَصْفِ عُنْفُوَانُ عِشْقٍ

يَتَأَبَّدُ فِي صَبْوَةِ الرِّيف

وَعَيْنٌ تَلْتَحِفُ النُّقْطَةَ

غَيْثٌ يُودِعُ رَفِيفَ الْيَنَابِيعِ

فِي أَرْضٍ تُعَمِّدُهَا صَوْلَةُ"أَنْوَالَ"

سَنَابِلَ تَرْعَاهَا  يَـدُ الْأَبــَـــدِ

تَحْرُسُهَا رِعاَيَةُ الْحَفِيف

 

2

بَاءُ بَـيْـتـِكَ بَرِيدٌ:

هُـنَا كُـنْـتَ تَـبْـذُرُ الدِّفْءَ

فِي دَغَـشِ الْعَتَـبَات

تُـرَبِّي غَـيْمَةَ الْأَسْلَافِ خُضْرَةً

تَـسْـقِي بِـنُـثَارِ الْـوُضُوءِ شَجَـرَ السِّـنْـدِيَـانِ

وَهُـوَ يَـتَـأَنَّـقُ فِي وَارِفِ الْحَيَاةِ

تُـضِيءُ عُـزْلَـةَ الْـمُـنْحَـدَرَات

بِـفَـيْضِ المجاهدون وَهُـمْ

يَـتَـفَـيَّأُونَ كَـلَامَ الله

وَ تَـرْعَى رُعَاةً يُـمَـزِّقُـونَ بِالنَّايَاتِ

هُدْنَةَ الْأَدْغَالِ وَهِيَ تَـتَـزَيَّنُ لِخُيُولٍ

تَحْرُثُ الْأَرْضَ بِـأَلَـقِ الصَّوَلَات

هُـنَا كُـنْـتَ تَـمْشُـطُ الْغَابَاتِ

بِحَفِيفِ أَنْـفَـاسٍ تَـنْـصُبُ الْـفَجْـرَ

نِكَايَةً فِي لَـيْـلٍ يُـرْبِـكُ هَـدْأَةَ الْـبُـيُـوت

يَـكْـتُـمُ مَديحَ الصَّبايَا وَهُـنَّ يَـتَـجَـمَّـلْـنَ بِـذِكْـرِك

وَيَغْـزِلْـنَ مِنْ هَـديلٍ مُخَضَّبٍ بِالْـبَارُودِ

أُغْنِيَّةً للْقَادِمينَ مِنْ جِهَةِ الصَّهيل

وَتَمْشِي إِلَى الْآتِي

تُعَـمِّـدُكَ شُمُوسُ الْعَـشيرَةِ

وَهِيَ تُـكَـلِّـلُ هَامَةَ الْـمُـتَـوَسِّـطِ

تَـطْـرُدُ قَـرَاصَنَةَ الْمَاءِ مِنْ حِيَاضِ الْـمُحيطِ

وَتُـمْـلِي عَـلَى الْأَطْلَسِ امْتِدادَ النَّخيلِ

إِلَى مَضَارِبِ الصَّحْـرَاء

 

3

دَالُ دَرْبِكَ رَقيمُ جِيادٍ

يَـمُـدُّ الصَّهِـيلَ إِلَى أَوَّلِـهِ

يُـعـِيدُ الصَّليلَ إِلَى آخِـرِهِ

يَـتْـلُـو الْأَرْضَ فُـتُـوحَاتٍ تَـتَـوَسَّـدُ

جَارِحَةَ الصَّلْصَالِ

تَـمْـحُـو مَا خَـطَّـتْـهُ الْـيَـدُ مِنْ خَـيْـبَـاتٍ

وَيُعْـلِنُ فَـجْـراً يَـبْـتَـكِـرُهُ الشُّهَـدَاء

 

4

أَلِـفٌ أَلِـيـفُ الْـجِـبَـالِ يَـقُـودُ فَـيَالِـقَ الصُّـبْـحِ

وَهُـوَ يَـشْـهَـدُ عَـلَـى ارْتِـبَـاكِ بَـنَـادِق

فِي يَـدِ جُـنُـودٍ يَـمْضَغُـونَ نَـحِـيبَ الصَّلِـيبِ

لَـعْـنَـةَ الذِّكْـرَيَات

يَـنْـشُـرُ رَحِـيقَ الْأَوْرَادِ فِي حَضْرَةِ "الْحَرْكَاتْ"

يُـضِيءُ أَسْـلَافـاً لَـمْ يُغَـادِرُهُـمُ الصَّهِيلُ

وَيُـزَنِّـرُ تُـرَابَ الـرِّيفِ بِـغُـلَالَـةِ الْـقِـنْـديل

 

5

لَامُ اللَّـوْعَـة ِيَـهْـتِـفُ بِالشُّهَـدَاءِ

وَهُمْ يَنْهَـضُـونَ مِـنْ تَـوَابِـيـتِـهِمْ مُـفْـعَـمِـينَ بِالْحَـيَاةِ

يُـرَتِّـبُـونَ السَّـمَاءَ خُـيُـولاً مِنْ نَـوَاصِيهَـا

تَـبْـزُغُ شَمْسُ النَّـهَـارَاتِ

وَيَـفِـيئُـونَ إِلَى قُـبُـورِهِمْ يَحْـرُسُهُمْ بَأْسُ الْيَـاسَـمِـينِ

وَغِـبْـطَةُ النَّـدَى فِي ابْـتِـهَـالِ الْمُـرُوجِ

لَامٌ يَـشْـرَعُ بَاباً لِـعَـصَافِـيرَ تَـفِيضُ بـِلَـهْـفَـةِ الْحَـنِـين

تُـطَـرِّزُ الْأَرْضَ هُـبُـوباً يُـحْرِجُ اخْـتِـيَـالِ الْـمَـدَى

وَبَاباً لِـنَـهْـرٍيَـنْـثُــــرُ أَنْـسَـابِـهِ

يَـشْـحَـذُ مَـجْـرَاهُ نَـخِـيـلاً

وَيَـلْـتَـحِـفُ صَـوْلَـةً تُـهَـشِّـمُ لَـيْـلَ الْـغُـزَاة

 

6

كَافُ كِتَابِكَ كَتَائِبٌ تَـسْـرَحُ

شَوْقَهَا عَلَى الْمُـنْحَـدَرَاتِ

وَهِيَ تَـتَـهَـجَّى سَـنَابِكَ الْـمَمَالِـكِ

 قَـوَافِلَ الْفأتِحِينَ

 مَضَارِبَ الْـمُجَاهِدِينَ

 سُـلَالَـةَ اللَّـيْـلَـكِ

وَتَضْفَـرُ التَّاريخَ بِالْأُغْـنِـيَاتِ

كَافٌ يَـعْـتَـلِي صَهْـوَةَ النُّونِ كَـيْنُـونَةً

تَـرُومُ مَعَارِجَ الضُّحَـى

وَتُـوَزِّعُ رَصِيداً مِنْ صَبَاحَاتٍ

تُطَاوِعُهَا الْمَسَرَات

 

7

رَاءُ رُوحِـكَ حُـلْـمٌ تُـبَـارِكُـهُ

أَرْضٌ تَعْـرِفُ حَـفِـيفَ الْأَنْـفَـاسِ

دَبِـيبَ الْخَـطْـوِ

غُـبَـارَ الْأَحْـرَاشِ

وَهُـوَ يَـتَـسَـلَّـقُ هَـيْـبَةَ الْجَسَد

يَـلْـتَـحِـفُ مَـلَاحِـمَ النَّـشِـيد

رَاؤُكَ مُـوغِـلَـةٌ فِي الْأَدْغَـالِ

تَـتَـزَيَّـا بِـغِـبْـطَـةِ الْـحِـرَابِ

وَجُمُوحِ الْـجِـيَـاد

 

8

يَـاءُ الْـيَـدِ يَـنْـبُـوعٌ

يَـعْـتَـنِـقُ مِـلَّـةَ الْـخَـرِير

يَـسْـتَـظْـهِـرُ الْـجَـدَاوِلَ ظِـلَالاً

وَيُـطَـرِّزُ الرَّوَابِي صَـفْـصَافــاً

يَنْهَـضُ مِنْ يَـقْـظَـةِ الْـجُـذُور

 

9

مِـيمُ الْـمَـجْـدِ مَـدِيحٌ يَـمْـتَـطِـي

الصَّهَـوَاتِ مَـنُـوناً يُـطْـبِـقُ عَلَى الطُّـغَـاة

يَـزْرَعُ فَـحِـيحَ الْـجَحِيمِ فِي هَـشِـيـمِ الْـبُـغَـاة

وَيَـرْتَـدِي سِـيـرَةَ الصَّـوَلَاتِ 

مِـنْ هُـنَا مَـرَّتْ خُـيُـولُ الْـخَـطَّـابِي

تَـحُـفُّـهَـا رِعَـايَةُ الَـمَـلَـكُـوتِ

يُـضِـيئُـهَـا الصُّـبْـحُ أُغْـنِــيَـاتٍ

وَيَـزُفُّـهَـا أُنْـشُـودَةً تَـذْرَعُ الْـمُـنْـحَـدَرَاتِ

وَتَـكْـنِـسُ ضَـلَالَـةَ الْجناة.

 

شاعر مغربي