فظائع الحرب وقسوتها يصورها الكاتب المسرحي الدنماركي من خلال ثلاث شخصيات في مكان ما على حدود دولتين مفترضتين طالبة جامعية مغتصبة نجت، وكاتب وجندي. يبحث الثلاثة في حوار سلس عميق عن ماهية الشر والإنسان وقسوته في الحرب حيث يتحول الرجل إلى وحش أكثر همجية من أشرس حيوان.

الملاك على السبورة (مسرحية)

The Angel On The Blacboard

كاج هيملستروب

ترجمة: محمد عبد الحليم غنيم

الشخصيات: امرأة شابة – رجل فى الأربعين – جندى

لا يفهم الجميع لغة الآخر ولا يتحدث بها، مواطنهم الأصلية متجاورة وقد جمعتهم الحرب معاً.

المكان: المشهد عبارة عن جرن أو خص صغير على أطراف منطقة جبلية.

الفصــل الأول
(يجلس الرجل الأربعيني على صندوق، ويفحص أو ينظف كاميرا، يضعها فى حقيبة ثم يخرج كاميرا أخرى، فجأة يرفع رأسه وينصت، يضع الكاميرا سريعاً فى الحقيبة ثم ينهض على قدميه . يأخذ حقيبته وحقيبة أخرى و يختفى . بعد مهلة  قصيرة، يظهر وجه امرأة عبر الباب . تُلقى نظرة صغيرة على الغرفة ثم تدخل حاملة حقيبة سفر  تنظر حولها . من الواضح انها لم تكن فى هذا المكان من قبل . ومن الواضح أيضاً انها متعبة وخائفة . تدرك وجود الرجل، فتوشك  أن تصرخ، ولكنه يشير إليها ألا تفعل ذلك.)

الرجل: فا لا فى دى بره ست  (كلام غير مفهوم)  (لا تجيب) نى كو نار دى؟ (تفزع ولا تجيب) إريكس؟ (من الواضح انها لا تفهم ما يقول) أنت لم تفهمي؟ (ما زالت خائفة ولا تجيب) تتحدثين الانجليزية. أليس كذلك؟ (لا تجيب) أعتقد انك تعرفين . معظم الناس الذين فى سنك يتحدثون الانجليزية . (لا تجيب) من أين أتيت؟ (لا تجيب) انت تفهمين ما أقول . أليس كذلك؟

المرأة: نعم .

الرجل: من أين أتيت؟ ... أتمانيا؟ (لا تجيب) هل انت وحدك؟

المرأة: انا ... انا ... (تلتفت نحو الباب) .

الرجل: لا تذهبي . انت هنا فى أمان .

المرأة: أعتقد انا ...

الرجل: لا تخافي .

المرأة: من انت؟

الرجل: لن أؤذيك .. لست جندياً . (تلتفت نحو الباب) من الأفضل أن تبقى .

المرأة:  هل انت المالك؟

الرجل: خذى الأمر بسهولة . لا أحد يريد أذيتك . (يفتح ذراعيه كما لو كان يريد أن يوضح لها انه غير مؤذٍ) ألا يمكن أن تجلسي؟ (يشير إلى الصندوق)  (مهلة)  (تظل واقفة)  هل سبق أن كنت هنا من قبل ... هل سبق؟ .. فى هذا المكان من القطر؟ فى هذه المنطقة؟  (لا تجيب)  لقد أتيت لكى تختفى . أليس كذلك؟ (لا تجيب) انت آمنة هنا . هذا حقيقي . انت آمنة . لماذا لا تجلسين؟ تبدين متعبة . (تبقى واقفة)  انت هاربة  أليس كذلك؟ ... هاربة؟  (لا تجيب)  أعرف . هاربة بعيداً من الحرب في أتمانيا؟ بلدك . (لا تجيب) ألا تريدين أن تقولى شيئا لى؟ (لا تجيب) أوكيه .. الحرب مازالت قائمة هناك وانت لا تثقين بى . لماذا ينبغي  أن تفعلي ذلك؟

المرأة: إذا ذهبت ...

الرجل: نعم  

المرأة: هل ستتبعني؟

الرجل: لا يجب أن ترحلي انت هنا آمنة . (وقف . ينظر إليها، تخفض عينيها) انت هاربة . ذلك واضح ... لن تستطيعي خداعي .

المرأة: لم أحاول ان..

الرجل: أأنت وحدك؟ (لا تجيب) انت لا تثقين بى .. أليس كذلك؟

المرأة: انا لا أعرف من تكون .

الرجل: لا تخافي . لن أستدعى البوليس . لقد سألت لانه ربما ثمة شخص ما ينتظر فى الخارج .

المرأة: لا .

الرجل: هل هو زوجك؟ (تهز رأسها نافية) ربما صديقك؟

المرأة: لا زوج . لا صديق .

الرجل: لا أستطيع أن أثق بك؟

المرأة: لو كان لى زوج ...

الرجل: نعم؟

المرأة: لكان قد دخل أولا .

الرجل: نعم ... بالطبع سيفعل ... لا زوج .

المرأة: ولا صديق أيضا . لا أحد .

الرجل: هل قُتل زوجك؟ (لا تجيب) آسف . كان يجب ألا أسأل .

المرأة: انت تتحدث اللغة الهيباسية . هذه بلدك . هيباسيا؟

الرجل: نعم ... انت فى هيباسيا .

المرأة: لماذا أكون آمنة؟ .. آمنة من أي شيء.... هل تعرف؟

الرجل: قلت لك ... لقد عبرت الحدود . ليس هناك ما تخافين منه . انت هنا فى هيباسيا، أرض طبيعية . أتعرفين، طبيعية؟ نحن لم نشترك فى حربكم (يشير إليها لتجلس، لكنها تبقى واقفة)

المرأة: هل انت المالك؟

الرجل: ليس مُهما من أكون .

المرأة: إذا لم تكن المالك ....

الرجل: لا تخافي . انا لست مالك بلدك، ولكنى لست عدوك أيضا، انا هيباسى .

المرأة: أين نحن؟

الرجل: فى الجبال . (تتطلع إليه بذهول وشك)  فى الشونة ... التى لا أمتلكها .

(يهز كتفيه ويمنحها ابتسامة باهتة). انا لا أمزح . ليس لهذا المكان اسم . نحن هنا بعيدون عن كل شيء، وبعيدون جدا عن جبهة القتال .

المرأة: جبهة القتال؟

الرجل: تعرفين المكان الذى يتقابل فيه الجنود . الخط الأمامي .

المرأة:  لا يوجد هناك خط أمامي .

الرجل: لا يوجد خط أمامي؟ هناك الحرب مشتعلة منذ عامين . بالطبع ليس هناك خط أمامى .

المرأة: لا .

الرجل: لا .

المرأة: الحرب انتهت (ينظر إليها بتأمل) أيمكنني أن أذهب الان؟

الرجل: لا يجب أن تذهبي . نحن قريبان جدا من الحدود . ربما تكون هناك خطورة  عليك لو خرجت، انت محظوظة ... إذا أردت المغادرة، انتظري حتى الظلام ... حتى .. (مرة ثانية يشير إلى الصندوق . حتى الان ما تزال واقفة فى نفس المكان وحقيبتها فى يدها . الان تتحرك نحو الصندوق وتجلس) انا آسف لا أستطيع أن أقدم لك شيئا، لا طعام أو شراب .

المرأة: أليس هذا منزلك؟

الرجل: لا . انه فقط مجرد شونة؟ انا لا أعيش هنا.

المرأة: من يعيش هنا؟

الرجل: لا أحد يعيش هنا . انها فقط شونة .

المرأة: أأنت متأكد؟

الرجل: نعم .

المرأة: لماذا تبقى هنا (لا يجيب) أقصد . هل تعمل هنا؟

الرجل: انا لا أعمل الان .

المرأة: لماذا لا تذهب، إذن؟

الرجل: كنت على وشك الرحيل، عندما دخلت انت إلى هنا .

المرأة: أذاهب  إلى المنزل؟

الرجل: أعتقد ذلك

المرأة: ألديك منزل بالقرب من هنا؟ (لا يجيب) ألديك؟

الرجل: نعم .

المرأة: لماذا لا تذهب إلى المنزل الان؟

الرجل: حسنا ... أعتقد أن هناك سبب بسيط جدا . لا يمكنك أن تمشى بعيدا عن شخص يحتاج إلى مساعدتك . أيمكن ذلك؟

المرأة: هل ستساعدني؟

الرجل: بالطبع سأفعل . كنت فقط أتساءل من تكونين؟

المرأة: أفهم (بعد فترة هدوء) اسمى هو "مانا" .

الرجل: مانا . شابة . لست متزوجة .

المرأة: لا .

الرجل: لربما هناك صديق (لا تجيب) حسنا . لا يعنيني؟

المرأة: من انت؟

الرجل: (مترددا) جون .

المرأة: جون؟

الرجل: نعم ... أبى وأمي منحاني اسما انجليزيا .

المرأة: أهكذا؟ (ينظر إليها غير فاهم) ماذا تنتوي أن تفعل؟ (لا يجيب) هل ستأخذني إلى بيتك؟

الرجل: أعتقد ذلك .

المرأة: متى؟ (لا يجيب) الان؟

الرجل: ألست متعبة جدا؟

المرأة: لا .

الرجل: لن نذهب الان . من الأفضل كما قلت لك أن ننتظر حتى حلول الظلام .

المرأة: لماذا .

الرجل: لربما نُكتشف؟

المرأة: نكتشف؟ (يمسك بيديه كما لو كان وينظر عبر تليسكوب مزدوج)

الرجل: تعرفين، أيمكن أن يعبروا الحدود ويلحقوا بنا . لا يوجد هناك ما يمكن أن يمنعهم  (تومئ برأسها، بعد لحظة تفتح حقيبتها، يتابع حركاتها بعينيه، تخرج ورقة مكرمشة بها بسكويت، تفتح الورقة وتقدمها له)  لا شكرا  (لاتخفض يدها)  لست جائعا .

المرأة: واحدة فقط .

الرجل: لا أستطيع .

المرأة: بلى، تستطيع ... لن آكل إذا لم تأكل .(يأخذ واحدة، كلاهما يأكلان، فجأة يلحظ شيئا ما على الأرض فى المكان الذى كانت تقف فيه فى البداية) .

المرأة: ما المسألة؟ (ينزل على ركبتيه ويلمس المكان بأطراف أصابعه، ينظر إليها محرجا) .

الرجل: هل آذيتك؟

المرأة: لا .

الرجل: أهو دم؟ (تلتفت بعيدا) لماذا لم تخبريني؟ انت تحتاجين ....

المرأة: (مقاطعة إياه) انا لا أتألم .

الرجل: (دون فهم) لكن ... لا يمكنك أن ....

المرأة: (مقاطعة) رجاء ... انه فقط ... انت تعرف (وقفة قصيرة، ثم يفهم الرجل)

الرجل: (محرجا) آسف . انا لم ... حسنا ... (لا تنظر إليه . لا تجيب . وقفة) ألم تحصلي على أي ... ماذا تسمين ذلك؟

المرأة: لا .

الرجل: أيمكن أن أقدم لك منديلا؟

المرأة: رجاء . لا تتحدث عن هذا؟

الرجل: حسنا . (تقدم له بسكويتا)

المرأة: أتأخذ واحدة أخرى؟ (يأخذ واحدة)

المرأة: بيتك ... أهو بعيد عن هنا؟

الرجل: لابد انك مشيت فى طريق طويل اليوم . أليس كذلك؟

المرأة: نعم .

الرجل: من أين أتيت؟

المرأة: انا ولدت فى كابو .

الرجل: كابو؟

المرأة: ضاحية شمال النهر .

الرجل: أعرف . وانت أتيت من كابو؟

المرأة: نعم .

الرجل: لقد سرت لأكثر من يوم إذن .

المرأة: نعم .

الرجل: كثير من المنازل حرقت فى كابو .

المرأة: نعم .

الرجل: أحرقت بواسطة الــ ....

المرأة: (مقاطعة) أعرف (وقفة قصيرة، لا تنظر إليه)

الرجل: ألا تفضلين الحديث عن هذا؟

المرأة: لا .

الرجل: شكرا على البسكويت .

المرأة: إركو .

الرجل: إركو . ماذا يعنى ذلك؟

المرأة: ذلك ما نقوله في لغتنا . عندما يقول شخص ما شكرا لك، تقول له إركو . انا لا أعرف ماذا يقولون فى الانجليزية؟

الرجل: لا يقولون شيئا على حد علمي .

المرأة: لدى ماء أيضا . (تقدم له زجاجة بلاستيكية) من النهر .

الرجل: ليس معى كوب . (تهز كتفيها، تمسك بالزجاجة) اشربى أولا .

(تشرب، تعطيه الزجاجة، يشرب) شكرا لك .

المرأة: إركو ... (تشرب) أعتقد انها ... (تتردد فى كلماتها، ثم) عندما يقول شخص ما شكرا، يكون من السيء ألا تقول إركو . ماذا تقول؟

الرجل: فى لغتي؟ (يتلعثم) الله يسعدك . أعتقد .

المرأة: أأنت مسيحي؟

الرجل: نعم . إلى حد ما . وانت؟

المرأة: انا لا .

الرجل: مسلمة؟

المرأة: نعم .

الرجل: لكنك لا تلبسين مثل المسلمة .

المرأة: في بلدنا، الصغار من الناس لا يلبسون مثل أمهاتهم (بعد فترة قصيرة) لماذا لا يمكن أن نعيش معا؟

الرجل: لا تلوميني .

المرأة: انا لا ألومك .

الرجل: لا يجب أن نلوم الدين أيضا . الدين فى حد ذاته  .

المرأة: انت على حق .

الرجل: معظم البشر يفعلون ذلك . يقولون أن التعاسة كلها ترجع إلى الدين، هم على خطأ، المال هو المشكلة، المال والقوة، هذه المنطقة ضحية لكليهما. انها لعنة . والدين ... حسنا . انه لا شيء لكن الخمار يخفى حقيقة  ما يتعلق بنا ...نحن  المساكين، لا يمكننا أن نتخلص من تاريخنا الغبي .

 (بعد سكون، كما لو كان يتحدث إلى نفسه)

كابو . 

المرأة: هل سبق أن كنت فى كابو؟

الرجل: لا مطلقا .

المرأة: ألم تزر أبدا أتمانيا؟

الرجل: (متلعثما)  نعم ... منذ سنوات عديدة .. كنت صغيرا . بلدكم جميل جدا .

المرأة: كان .

الرجل: حسنا، نعم، بالطبع، قد  كان، يفترض أن الحرب قد خربت كثيرا ... لكن الوقت سيمر، وسيكون جميلا من جديد . (تنظر نحوه متشككة) . أؤكد لك . بعد سنوات سوف تنسى الحرب . المسيحيون والمسلمون سيعيشون جنبا إلى جنب كما كانوا من قبل . ذلك جزء آخر من التاريخ الغبى . جنبا إلى جنب لمئات السنين فى سلام، وعندئذ ... فجأة ... كل هذا ينتهى من جديد .

المرأة: (بعد سكون) لن انسى أبدا .

الرجل: لابد أن تنسى .

المرأة: أعرف . أو بالأحرى ... رأسي يعرف انني يجب أن انسى . المشكلة أن قلبى لن يقدر على النسيان

الرجل: لا تقولي ذلك . ما زال المستقبل أمامك، لا تفسدينه بتلك الذكريات السيئة . (ينتظر إجابتها . لا تقل شيئا . ينهض نحو الباب، يفتحه وينظر إلى الخارج) 

المرأة: هل سنغادر؟

الرجل: لا .

المرأة: كم الساعة؟

الرجل: لا أعرف . أواخر الظهيرة على ما أظن .

المرأة: ولا شيء يمكن أن يُرى؟

الرجل: لا .  (يغلق الباب)  انت جيدة فى اللغة الانجليزية  (لا تجيب)  كيف حضرت؟ ... لقد ذهبت إلى مدرسة للقواعد؟ أليس كذلك؟

المرأة: نعم .

الرجل: جامعة؟

المرأة: نعم، لقد كنت في عامي الأول . انتهى هذا ..أكثر من أسبوعين وانا .. تعرف لقد تسلمت أوراقي .

الرجل: أكانت الانجليزية موضوعك الرئيسي؟  (فجأة تنفجر فى البكاء . انه عنف مناسب من البكاء الذى لم تستطع السيطرة عليه . كان هو بين تفكيرين للعمل، ركع بجوارها ووضع ذراعه على كتفها، قاومت دافعة إياه بعيدا فى عنف)    آسف .  (تواصل البكاء . تخفى وجهها بين يديها) ما غلطتي؟ ... هل قلت شيئا ما؟   (يضع يده على كتفها، تتراجع  وتدفع يده جانبا)   آسف، لم أقصد أن ... لا تخافي منى    (تنظر إليه والدموع ما تزال في عينيها)    لن ألمسك، آسف   (تبذل جهدا حتى تهدأ)   لم انتبه إلى ...

المرأة: أعرف .(يقدم لها من جيبه منديلا . مترددا)

الرجل: انه ليس نظيفا تماما .

المرأة: لا يهم . (تمد يدها . يعطيها المنديل . تمسح الدموع من وجهها، تعيد المنديل إليه) شكرا لك .

الرجل: إركو (تبتسم)

المرأة: آسفة . لن يحدث ذلك ثانية .

الرجل: هل قلت شيئا؟

المرأة: لا .

الرجل: أكان ذلك ...

المرأة: لا أريد أن أتحدث عن ذلك . انس  ذلك . أيمكن من فضلك؟

الرجل: هل انت بخير؟

المرأة: نعم .

الرجل: يمكن المساعدة .. نتحدث حول ذلك  (تهز رأسها)  لا تقولي ذلك ... تعرفين، حسنا ... من الصعب أن أوضح ... انجليزيتي ليست جيدة بالشكل الكافي .. أقصد فى مثل هذه الحالات ... لكن إذا لم نتحدث عن ذلك ... إذا احتفظت بذلك فى داخلك ... فى قلبك أو أيا كان ألمك يكون ...

المرأة: ليس هناك شيء للحديث عنه . انا فقط متعبة . وقليل جدا من النوم . ذلك كل ما فى الأمر . أعتقد التعب وقلة النوم .

الرجل: و... (يشير بلباقة إلى الدم على الأرض) فوق الأرض .

المرأة: نعم . (تغلق عينيها وتسحب نفسا عميقا كما لو كانت تفكر: جهز نفسك لتكون هادئا . هناك سكتة فى الحديث . ينظر نحوها للحظة . يأخذ جرابا خاليا ويمسح به الدم) .

الرجل: انا آسف لا أستطيع مساعدتك .. لا أعرف حتى الكلمات المناسبة لهذا .. تعرفين .

المرأة: لا يجب أن تفعل .. أعليك أن تفعل؟ (يبتسمان)

الرجل: لم أذهب أبدا إلى مدرسة تعليم القواعد .

المرأة: انت لا تتكلم هذه الكلمات فى مدرسة القواعد .

الرجل: لا . يمكن أن أتخيل . فى مدرسة القواعد لا تتعلمين شيئا حول الحياة الحقيقية . انت فقط تجلسين وراء الديسك تقرأين الكتب .

المرأة: أليست الكتب حياة واقعية؟

الرجل: لا أعتقد ذلك .

المرأة: انا استمتع بالقراءة .

الرجل: حسنا، نعم، يمكن أن أتخيل ذلك أيضا . بعض الناس يفعلون ... انا متأكد، يوما ما سوف تقرأين من جديد .

المرأة: لن يكون كما كان، لقد حرقوا الجامعة .

الرجل: نعم . لقد سمعت ذلك، جريمة مخجلة، لا يهم .

المرأة: انا كنت هناك .

الرجل: انت؟

المرأة:  نعم، أستاذي كان هناك أيضا .. لقد ضرب بالنار .

الرجل: أمات؟

المرأة: نعم .... لقد رأيت ذلك .

الرجل: بعض الطلاب ... (يتوقف، ينظر كل منهما إلى الآخر)

المرأة: نعم؟

الرجل: لقد أطلقوا النار على بعض الذكور من الطلاب ... سمعت ذلك أيضا .

المرأة: أسمعت؟

الرجل: نعم . انت نجحت في الابتعاد؟

المرأة: لن انسى ذلك أبدا

الرجل: لا .

المرأة: بعض منهم كانوا جنودا، وبعضهم ليس كذلك، لم تكن حربا، لقد كانت جريمة قتل .. عجيب، أسمعت ذلك؟

الرجل: نعم  (تنظر إليه)  على السى أن ان .. قالوا أن ما قام به الجنود يعد جرائم حرب . إذا أمكن أن يجدونهم .

المرأة: آمل أن يفعلوا .

الرجل: أخشى ألا توجد كثيرا من الفرص .

المرأة: أتشاهد الــ سى أن ان؟

الرجل: أحيانا ... أعتقد انهم لن يجدونهم أبدا .

المرأة: لا تقول هذا . هناك صور .

الرجل: أهناك؟

المرأة: أخذت صورا .

الرجل: أأنت متأكدة؟

المرأة: نعم .

الرجل: كيف عرفت؟ انت لم ترينه . أليس كذلك؟

المرأة: لا بعض زملائي الطلاب رأوه . أخبروني عندما عدنا .

الرجل: هل عدت إلى الجامعة؟

المرأة: نعم . ما زالت النار مشتعلة، لكن الجنود رحلوا .

الرجل: لماذا عدت؟ ألا يمكن أن يكون ذلك خطرا .

المرأة: كان لابد أن نعود .

الرجل: لكن لماذا؟  (تتلعثم . انها على وشك البكاء ثانية)  آسف ما كان يجب أن أسأل . دعينا نتحدث عن شيء آخر . (تجمع شتات نفسها) .

المرأة: عدنا كي نجد الجثث  (وقفة)  لم تكن هناك على أى نحو  (وقفة)  واحد منهم كان ... (ينتظر أن تنهى الجملة، لكنها لا تفعل، تضطرب)

الرجل: أهذا هو المصور؟

المرأة: نعم . ألتقط  صور للجنود . كانوا سكرانين ومتباهين، لقد قلت . كما تعلم  (تقف مثل جندي سكران . لكن يبدو عليها أيضا فى تعبيراتها الألم والبغض)  هكذا . هناك صور للجريمة . صور للمجرمين

الرجل: وهو؟ المصور؟

المرأة: اختفى .

الرجل: أعرفه أحد؟

المرأة: لا . لكن عندما تنتهى الحرب سوف نجده .

الرجل: انت وزملائك الطلاب؟

المرأة: نعم

الرجل: وصديقك .  (لا تجيب)  انت تريدين الانتقام  .

المرأة:  لا

الرجل: قلبك يقول نعم، الانتقام

المرأة: رأسي يقول لا . يجب أن نتعلم أن الانتقام ... يجب أن نتخلص منه . انه الجزء الأحمق من تاريخنا الغبي ... الأخذ بالثأر . فخر غبى، كراهية غبية . كل ذلك الذى نفضله . لا بد أن يتوقف

الرجل: لست أول من يقول ذلك .

المرأة: انه حق  على نحو ما ... انا لا أريد الانتقام . انا أريد العدل . أريد أن يعاقبوا . يجب أن يكون هناك القانون لبعض الوقت ... هناك القانون الدولي وشخص ما  لابد أن ...، ما الكلمة؟ 

الرجل:  وشخص ما لابد أن ينفذه

المرأة: نعم .

الرجل: عليك أن تصلى إلى الأمم المتحدة .

المرأة: أعرف . آمل أن ننفذ ... الكلمة القريبة . ننفذ القانون . انها تعنى أيضا وضع حد أدنى للموت . أليس كذلك؟

الرجل: نعم .

المرأة: أين الحب في ذلك العالم؟

الرجل: (بعد سكتة)  أقلت، لديك خليل؟

المرأة: نعم ... كان أحدهم؟

الرجل: واحد من الطلاب ... من ....

المرأة: نعم .

 الرجل: وهو ...؟

المرأة: نعم .

 الرجل: آسف .

المرأة: لم تعثر عليه مطلقاً  (ترتجف  . على وشك البكاء)  تعرف

الرجل: من الأفضل ألا تتحدثين عن ذلك

المرأة: لا أريد الحديث، انت قلت  يمكنك المساعدة، ألم تقل؟ إذا احتفظت بذلك فى قلبى أو أى مكان . الألم يكون ... انت قلت ذلك، أتذكر؟

الرجل: نعم، ولكن لا يجب أن تخبريني بذلك ... انا غريب .. انت لا تعرفينني .

المرأة: ذلك هو ... ماذا تسميه؟ عدم معرفتك ... 

الرجل: ميزة؟

المرأة: نعم، ميزة، ذلك جيد، الحديث مع الغريب، أخشى ألا أستطيع أبدا قول ذلك لأى شخص أعرفه . لذلك سأخبرك بذلك، إذا كنت مازلت تحب الاستماع؟

 الرجل: لا أستطيع أن ان أقول لا . هل أستطيع؟

المرأة: بالطبع تستطيع . (يفتح الرجل ذراعيه كما لو كان يقول لها واصلى الكلام) شكراً لك

الرجل: إركو (تمنحه ابتسامة شاحبة سرعان ما تختفى من على وجهها)

المرأة: أعلم ... عندما عدنا، لم تكن الجثث هناك، سألنا الناس فى المنازل القريبة، قالوا لنا انهم جاءوا في شيء كبير ... ليس سيارة، لكن، ماذا تسميها؟

الرجل: لورى؟

المرأة: نعم . لورى حملت هذه اللورى الجثث معا بعيداً، مع الجنود والرجال الذين لم يكونوا جنوداً . لم يستطع أحد أن يخبرنا إلى أين ذهبت . حاولنا أيضاً أن نجد صوراً فوتوغرافية . البعض قال انه ذهب مع الجنود والبعض قال لا . فقط اختفى . لذلك ذهبنا إلى المستشفى، كانت هناك جثث أخرى .. كثيرة فى الواقع .. لكن ليس من بينها زملاؤنا الطلاب .

الرجل: أيفترض انهم لم يروا اللورى الرمادى أيضاً .

المرأة: رمادي؟

الرجل: كل اللوريات رمادية، لم تجدينهم، هل وجدتيه؟

المرأة: لا .

 الرجل: كان عليك أن تتوقفي .

المرأة: نعم . (وقفة قبل أن تواصل)  ذهبت مع والدى لرؤية عائلت... (انتظر أن تواصل ولكنها لم تفعل)

الرجل: ألا يمكن للكلمات أن تصف هذا؟

المرأة: هذه الكلمات ليست دقيقة .

الرجل: بالطبع لا . (مرة ثانية هناك وقفة . تنظر فى شرود) أتشعرين بتحسن الان؟

المرأة: تحسن؟

الرجل: هل تحدثيني عن ذلك؟ آسف  سؤال غبى . أعتقد انه كان عليك أن تضربي بقوة، فانت لا يمكن أن تشعري بأي شيء مطلقاً . فقط فتحة سوداء كبيرة .

المرأة: نعم، ذلك ما شعرت به .

الرجل: والان انت هنا .

المرأة: نعم .

الرجل: كيف وصلتِ؟

المرأة: فقط ذهبنا .

الرجل: نحن .

المرأة: نعم .

الرجل: إذن انت لست وحدك؟

المرأة: لا (يتطلع إليها مستفهما) .

الرجل: هل قلت انك وحيدة؟

المرأة: الان انا وحيدة ... ذلك صحيح، انا وحدى، انا لا أكذب .

الرجل: أوكيه، أوكيه . أصدقك ... فقط أتساءل ماذا حدث للآخر؟

المرأة: هناك أكثر من واحد (ينتظر، ولكنها لا تواصل الكلام)

 الرجل: لكنك لا تودين الحديث عن ذلك؟

المرأة: لا أستطيع .

الرجل: حسناً، يجب أن تفعلي ... الشيء الرئيسي انك نجحت فى عبور الحدود شكراً للرب .

المرأة: الرب؟

الرجل: آسف ... الله .

المرأة: الله أم الرب . من يهتم؟ لا أحد منهما سيوقف الحرب .

الرجل: ربما لا . لكن لا بأس، طالما كنت هناك لن يلمسك أحد .

المرأة: من وقت طويل وانا هنا؟ أتقصد ...؟ بالطبع . يجب أن أواجه الواقع . اننا لن نبقى هنا .

الرجل: آسف ما كان يجب أن أقول ذلك .

المرأة: ليس مهماً . لا بد أن أكون واقعية ... نغادر الليلة وصباح غد ستأخذني إلى مركز الشرطة .

 الرجل: قلت لا أريد .

المرأة: عليك أن تفعل .

الرجل: لا مفر . لن آخذك إلى البوليس . ثقي بي .

المرأة: لابد أن تكون رحيماً جداً . انا ممنونة لذلك . لكنك لا يمكن أن تهتم بي إلا لوقت قليل ... ربما بضعة ساعات . عاجلاً ام أجلاً سوف تأخذني إلى المركز ... لابد أن تفعل . أليس كذلك؟

الرجل: لا .

المرأة: على الأقل لابد أن تخبر شخصاً ما . أليس كذلك (يهز كتفه) رجاءا لا تكذب من أجلى . لابد أن تفعل .

الرجل: الحقيقة انني لم أفكر ماذا سأفعل .

المرأة: لا يمكن أن تبعدني . صحيح؟

الرجل: لا تقلقي . لن يعيدونك . اللاجئون لا يعودون .

المرأة: أسوف يضعوننا في معسكر؟

 الرجل: أعتقد ذلك . سوف تكونين آمنة هناك، أكثر أمناً من هنا . (يتجه إلى الباب . وينظر فى الخارج)

المرأة: هذا المعسكر .. لقد رأيناه . من على بعد ...

الرجل: هل رأيتِ؟

المرأة: نعم . على الـ سى.ان.ان .

الرجل: لقد ظننت انه ممنوع مشاهدة الأجنبي .

المرأة: نعم، بدقة، فعلنا ذلك على نحو ما، لذلك فانا أعرف المكان الذاهبة إليه .

الرجل: لا تحبين الذهاب إلى هناك، أليس كذلك؟

المرأة: أعرف، اننى يجب أن أذهب .

الرجل: سوف يهتمون بك ... انا متأكد انهم سيفعلون ذلك . أيا كان ما تسميهم ... تعرفين .. انها فقط لمدة قصيرة . لن تستمر الحرب طويلاً . عندما ينتهى الصيف ... لا أعتقد انهم سيستمرون أكثر من ذلك .

المرأة: آمل أن تكون على حق .

الرجل: ستعودين إلى المنزل قبل أعياد الميلاد .

المرأة: أعياد الميلاد؟

الرجل: آسف . ديسمبر، ستبدأين الدراسة فى الجامعة من جديد ... سيبدأون، بالحصول على عدة مبان مؤقتة ... لن تنسين ما  رأيته من دمار، لكن الحياة ستستمر ... انت ذكية وستدرسين بقوة، في عدة أعوام ستحصلين على درجتك العلمية ... ستحصلين على وظيفة ... تعرفين، دائماً ما تشرق الشمس بعد أيام الغمام .

المرأة: انت لطيف جداً . انا لا يمكن ... كما تعرف .

الرجل: الشمس تشرق الان . انظري ... انه منظر جميل، من المؤسف انك لست في مزاج للاستمتاع  بذلك المنظر . سوف تعودين بعد عدة أيام .. بعد الربيع ربما ... عندما تتبرعم الزهور وتخضر الحشائش .

المرأة: لست متأكدة اننى سأفعل . (يغلق الباب)

الرجل: ليساعدنا ذلك على الحديث . أليس كذلك؟

المرأة: نعم، لكنه لا يساعدني على الفهم .

 الرجل: فهم ماذا؟ ... الحرب؟

المرأة: لا، الشر ... ولا أفهم الحرب أيضاً . لكن الشر .. الشر الخالص لا أستطيع أن أفهمه . أتستطيع انت؟

الرجل: لا أعتقد فى الشر الخالص . أعتقد أن هناك دائماً شيء ما بجوار ذلك . بنوع ما ... حسن ... السبب ... ربما يكون جنون، القوة، السخافة لربما السبب كلمة غير مناسبة .

المرأة: ما رأيك فى السبب؟

الرجل: السبب، نعم، ربما يكون أتياً من البغض، الثأر، الغيرة ... الخوف ربما.

المرأة: (هازة رأسها) لا . انا أرى ذلك . الشر الخالص بدون باعث، بدون سبب .

الرجل: (بعد سكتة قصيرة) الشيء الغريب، أن الناس مثلك ومثلى يمكن أن يفعلوا شيئاً ما غير ذلك ... حسناً . ماذا يمكن أن يبدو فى الشر الخالص .

المرأة: لا أستطيع .

الرجل: ذلك ما تعتقدين . لا أحب أن أقول ذلك، لكن نعم ... تستطيعين .  (تنظر إليه، ثم تنظر بعيدا) تعرفين، الجنود الذين يعذبون المساجين فى معسكرات الاعتقال الألمانية هم اناس مثلك ومثلى .

المرأة: انهم وحوش .

 الرجل: لا . هذا ما نحب أن نعتقد . الحقيقة أن بعضهم رجال لهم حياة عائلية هادئة . عندما يعودون إلى منازلهم يقبلون زوجاتهم ويلعبون مع أطفالهم. يضعون الماء للزهور فى حدائقهم، هل سمعت أبدا مثل ذلك؟

المرأة: لا .

الرجل: لكن ذلك حقيقة . نحن لن نفهم ذلك، لكنه هكذا .

المرأة: انهم وحوش على أية حال .

الرجل: لا . أصبحوا وحوشاً . شخصاً  ما صنعهم .

المرأة: أيمكنك أن تكون معذباً؟

الرجل: لا ... من يستطيع أبدا الإجابة بنعم على سؤال كهذا؟ لا أحد يريد . لا أحد.

المرأة: هل تسطيع؟

الرجل: لا . بالطبع، لا أستطيع . تلك هى إجابتى . أقول لا لذلك ... لكن فى ذات الوقت، أعرف أن الحقيقة غير ذلك .. لا أستطيع أن أثق فى نفسى ... أعرف كثيراً جداً من الجنس البشرى ... إذا لم يكن لى اختيار . تعرفين، مثل الجنود الألمان .

المرأة: هكذا، إذا الموقف ...؟

الرجل: (هازاً رأسه) لا . لا يمكن أن أتخيل نفسى معذباً أى شخص . بالطبع لا . المشكلة هى تكمن فى: فى طريقة أفضل من طريقة الجندى فى معسكر الاعتقال؟

المرأة: انت أفضل .

الرجل: انا؟

المرأة: نعم، يمكن أن أقول .

الرجل: لقد عرفتيني فقط منذ أقل من ساعة واحدة .

المرأة: انت تساعدني .

الرجل: حسناً، ومن لا يفعل؟

المرأة: نعم، من لا يود أن يفعل؟ (فجأة ... كلاهما غاضب وثمة يأس فى صوتها) أتريد أن تعرف؟

الرجل: لا . لقد قلت ما يكفى .

المرأة: نعم قلت ما يكفى . ولكن لم أقل أبدا كل ما يقال .

 الرجل: ما يكفى يكفى .

المرأة: سأقول لك على نحو ما  (يقوم بإشارة استرحام)  أخبرتك عن الشر . الألم في قلبي ... ذلك الذى ندعوه بهذا ... لن يخرج أبدا ... لكن شخصاً ما لابد أن يراه .. لقد فعلوا أشياء لى .

الرجل: أعرف لقد قتلوا صديقك .

المرأة: نعم، بالطبع . لابد أن أبقى مع أبيه وأمه، لكن لا أستطيع . لقد ذهبت إلى واحدة من زميلاتي الطالبات تدعى ألاكا، أعز صديقاتي، كنا في أواخر المساء . على نحو ما كان البعض هناك أيضاً، معظم الفتيات منا، عدا طالب ذكر من المجلس، قال من الخطر جداً البقاء فى البلدة . هناك إشاعات انهم يصطادون الطلاب .

الرجل: أذلك عندما قررت ترك كابو؟

المرأة: لقد تحدثنا عن ذلك . كانت ألاكا قد جهزت حقيبة، لكن فجأة سمعنا اللورى يقف أمام منزلنا، فتح الباب بعنف، والجنود ... ببنادقهم في أيديهم .. اندفعوا داخلين ... حاول الولد من المجلس التحدث إليهم ... لا فائدة .. طرحوه أرضاً وجروه إلى الخارج ... كما تعلم، سمعنا الطلقات .. وفيما بعد ... عندما أخرجونا إلى اللورى .

الرجل: لا يجب أن تستمرى

المرأة: لقد رأيناه

 الرجل: ميتا

المرأة: الموت .. كان هناك لوريان، وضع ثلاثة منا في الأول، والثلاثة الآخرون فى الثانى . بالطبع صرخت ..صرخت من الموت .. لكن، لكن ذلك غريب جدا .. نظرت إلى ألاكا، لقد أخذت حقيبتها معها .. أخذت الـ.. . ماذا تسمى هذا؟ برود العقل؟ ... برود؟

الرجل: نعم، عدم اكتراث .

المرأة: دائما كنت معجبة بها، لكن فى تلك اللحظة .. ناظرة إلى وجهها مملوءا  بالغضب والكراهية . لم أكن فقط معجبة بها، بل أحبها ... لقد أخذوا حلقان هينو، الذهب الخالص ما يريدون مع قليل من اللؤلؤ  . أتساءل لماذا لم يأخذوا أشياء ألاكا .. تعرف (تقوم بإشارة توضح ما تعنيه)

الرجل: القلادة؟

المرأة: نعم .. سيرغبون، قالت: فقط انتظروا . ولكنهم لم يحصلوا على خاتمى، حاولت أن تتخلص منه، كانت تود أن تقذف به بعيدا، ولكنها لم تستطع، كانت أصابعها متورمة . وكانوا قد ضربوها بقوة بكعوب البنادق .

الرجل: (مشيرا الى الحقيبة) أهذه ألاكا؟

المرأة: نعم .

الرجل: هكذا .. هل أكلنا كيك ألاكا؟

المرأة: ليس كله لها . (تخرج ورقة مكرمشة وتقدم إليه بسكويتا، يهز رأسه، لا..تخفض رأسها)

الرجل: (آخذا نفسا عميقا) لا .

المرأة: لن تهتم ألاكا .

 الرجل: أعرف (لا تنزل يدها، يرفع يديه بإحباط) لا شكرا . من الأفضل أن تتوقفي الآن .

المرأة: هل نغادر الآن؟

الرجل: لا . بل أقصد التوقف عن الكلام، من الأفضل أن تستريحي .

المرأة: لا .أنت قلت هذا يمكن أن يساعد وانت على حق، يمكن أن أتحدث عن ألاكا الآن بدون .. أنت تعرف

الرجل: بدون بكاء .

المرأة: بدون غضب . أعرف كيف أتذكرها . وجهها فى اللورى . صوتها الغاضب: سيأخذون قلادتى . لكنهم لن يحصلوا على خاتمى ... قلادتها الجميلة بالهلال الذهبى .. يمكنى أن أتحدث عن ذلك الآن .

الرجل: بدون غضب ... أعتقد انك كنت  قوية جدا حتى تكونى غاضبة  (وقفة . تغلق عينيها وتحرك يدها بالبسكويت نحو صدرها، ثم تفتح عينيها)

المرأة: منذ يومين .. كنت خائفة أن أردت (تفرك البسكويت .تفتح يديها وتترك المسحوق يتساقط على الأرض) أنت على حق . أعرف . لا أود أن أغضب .

الرجل: ستبقين على قيد الحياة .

المرأة: نعم . انا لا أريد أن أموت أيضا . كما ترى ..  فكرت لو رغبت ... عندما توقف اللورى .

 الرجل: رجاء (تنظر اليه فى دهشة) من الأفضل أن تتوقفى قليلا انت مرهقة .

المرأة: لا . لم يكن لدى فكرة أين نكون . كما ترى كنت فقدت إحساسى بالوقت . قد نكون بعيدا عن المدينة أو قريبين . فكرت انه ربما يأخذوننا الى أحد معسكرات الأسرى، لكن عندما جرونا من اللورى . كنا فى قرية . لم أدخلها أبدا من قبل، ليس هناك شىء مألوف . بعض المنازل محترقة او مدفونة . لم نر بشرا، حاولت أن أنظر أو أتذكر،  لكنهم سرعان ما نقلونا إلى مبنى أحمر  بلا أبواب أو نوافذ .

الرجل: أحمر؟

المرأة: نعم، الأحمر لون غير مشهور فى بلدنا، أعرف لكن هذا المبنى كان أحمر اللون ...لن أنسى ذلك أبدا، ذلك اللون الأحمر، سأكتشفه مرة أخرى يوما ما، جرونا الى داخل المبنى، كان بدون أثاث، لكنى على الفور اكتشفت انه مدرسة القرية، "ألاكا"ا و"ديدو" و"هينوا" جروا الى الحجرة الأولى وأنا و"لولو" و"سينكا" الى الحجرة الأخرى .

الرجل: لست فى حاجة لأن تحكى، يمكنى أن أخمن .

المرأة: لا لن تستطيع .

الرجل: لا أريد أن أسمع هذا .

المرأة: لم لا؟ يجب أن يعلم كل الناس هذا . يعتقدون أن تلك الحرب ... أوه، تعنى أن الجنود فى زيهم الجميل يقاتلون ضد الآخرين، رجل ضد رجل فى معركة شريفة، الرؤوس مرفوعة، والقلوب مليئة بالمشاعر والأحاسيس الوطنية النبيلة، كل ذلك كذب ..كذبة كبيرة .الحرب ..الحرب هى ... (بعد سكتة) لقد اغتصبونى .(تنظر إليه) لقد فعلوها (تنظر)

الرجل: ماذا تريدين أن أقول؟

المرأة: لا أعرف .

 الرجل: لا أستطيع سوى أن أقول اننى أشعر بالأسف لك . هل يمكن؟ ما الكلمات الأخرى التى يمكن أن أقولها؟ لا توجد كلمات ... انت على حق، الحرب ... انها عمل قذر . لا شرف لا مجد
المرأة: لا (وقفة) شربوا ... لقد بدأوا بـ لولو . لقد أمسكو ا بها من حيث أرادوا أن يفعلوا ... فى الانجليزية السيئة .. لن انسى أبدا ضحكاتهم ... مزقوا ملابسها، لم تستطع الصراخ، كانو قد وضعوا لاصقاً على فمها ... كنت أعرف انها عذراء ... كان هناك ستة منهم ... ثلاثة منهم أمسكوا بها، اثنان  أجبرونا على النظر، وواحد ... لا الستة كلهم، واحد وراء الثانى (وقفة)
الرجل:  نعم .

المرأة: عندما انتهو من لولو ... لا أعرف كم الوقت أخذوا، تشعر كما انها كما لو كانت ساعات، سحبوها إلى الخارج و عندما عادوا بدأوا فى الشراب من جديد ... وعندئذ ... أخيراً ... سينكا ... وأخيراً ثانية ... انا
الرجل: رجاء .
المرأة: لم تكن تلك هى النهاية، كان هناك المزيد من المناقشات فى الخارج، انهم يطلقون النار ويعطون الأوامر . انها أصوات كما لو كان شيء ما قد حدث . خرج الجنود . صرنا وحدنا و لكننا لا نستطيع الكلام ... اللاصق، كما تعرف ... عين سينكا ... أعتقد أنها جنت ... ثم سمعنا اللورى . عاد الجنود معاً مع بعض الجنود الجدد ... وعندئذ بدأوا اللعبة من جديد ... الجدد  (وقفة)  غادروا فى الصباح، لكن أولاً ... (وقفة قصيرة من جديد، تحاول جمع شتات نفسها لكى تستطيع الاستمرار فى الكلام) كان قد بقى فى الغرفة جنديان، أحدهما كبير وسمين ... وجهه (تهز رأسها) أطلق النار على سينكا ولولو ... ثم أشار إلى وقال شيئاً ما إلى الآخر " أطلق النار عليها " على ما أعتقد، ثم خرج ... و ...

(وقفة)

 لا يمكنك أن تتخيل ما حدث (يهز رأسه)

 نظر إلى . نظرت إليه ... مباشرة فى عينيه ... أردت بقوة ... أن  عليه أن يتذكرنى ... يتذكر ما كان يفعله ... نظر بعيداً،  وعندئذ أطلق النار من بندقيته ... مرتين ... فى الحائط .

(وقفة)

وعندما خرجوا جميعاً، ذهبت إلى الحجرة الأخرى ووجدت ... ألاكا ... و ....


الرجل: والاثنتين الأخريين ...
المرأة: نعم .
الرجل: ليسا على قيد الحياة؟
المرأة: لا ... لم أفهم لماذا لم يطلقوا النار علىً ..

الرجل: شفقة بك،  أعتقد؟

المرأة: لا . لم تكن شفقة .
الرجل: أخجلاً؟
المرأة: لا . لم تعبر عيبنيه عن الخجل . لا خجل و لا رحمة . كانت عيناه قاسيتين، كان يريدنى حية . كان يعرف أننى لن أنسى أبدا . ابتسم بشكل ما، الفتاة المسلمة اغتصبت، ذلك أكثر قسوة من قتل فتاة مسلمة ... عرف أيضاً أننى - بقية حياتى - سأظل اسأل نفسى . لماذا أنا فقط وحدى التى تعيش؟ لقد عرف ذلك ... شر مطلق  (وقفة) أخذت حقيبة ألاكا .. تعلم، لم أستطع التفكير،  كان هناك شيء واحد فى رأسى .. أهرب، مانا، اهربى ... و الآن ها أنا هنا  .
الرجل:  نعم .
المرأة: نعم  .(ابتسامة ملتوية)

 شكرا للرب .
الرجل: أو الله .

(يرتفع الضجيج، يُفتح الباب، يظهر الجندى فى مدخل الباب، مرتدياً زيه الرسمى)

 

الفصــل الثانى
      (يتواصل الحدث كما لو كان لا يوجد فاصل)
الجندى: هيرنسيكى فا كولا؟  (لا يحصل على إجابة) نادالى؟  (لا يحصل على إجابة يحرك يديه نحو العلم المرتفع) إيج؟

  (يقوم الرجل بإشارة محبطة)

  كويلى كوين تيندا؟

 (يفتح الرجل ذراعيه ويهز رأسه مظهراً انه لم يفهم)

 الرجل: نجار كونبرادو .
الجندى: فيج؟

الرجل: نجار كونبرادو . لم أفهم شيئاً (ينظر إليه الرجل فى شك) هل تتحدث الانجليزية؟ .. ألست كذلك؟ .. الانجليزية؟

الجندى: من أين أتيت؟

الرجل: هيباسيا .

الجندى: هيباسيا؟

الرجل: نعم . انا هيباسى.

 (يكرر)

 "هيباسى" " خرفيزيانو"

الجندى: (إلى الرجل)  ماذا تفعل هنا؟

الرجل: حسنا . أعتقد أن من الأفضل أن نسألك نحن: ماذا تعمل هنا؟ (لا يجيب الجندى) انت جئت من أتمانيا . أليس كذلك؟ (لا يجيب) أخشىى أن تكون قد  صرت متشردا .

الجندى: متشرد؟

الرجل: نعم . ضللت  طريقك . لقد عبرت الحدود . كما تعلم، بدون لاشيء .. هل فهمت؟ (لا يجيب الجندى) فى هذه المنطقة لا تستطيع أن ترى الحدود كما تعلم، لا يوجد هناك ... (إلى المرأة)  ماذا تسمونه ... حد

المرأة: مراكز .

الرجل: صحيح، مراكز الحدود ... لا يوجد مراكز للحدود فى هذه المنطقة، لقد تدمرت .. لذلك، فلا بد انك قد فقد طريقك ... هل فهمت؟ فقدت طريقك، صرت مشرداً ... انت فى هيباسيا (يهز الجندى رأسه) نعم . انت لست فى أتمانيا . هذه  هيباسيا .

الجندى: لا .

 (يشير إلى الأرض)

هذا منزلى .

الرجل: منزلك؟

الجندى: نعم ... منزلى ...

(يشير إلى اللوحة الطبيعية فى الخارج)

هذه أرضى وليست  هيباسيا .

الرجل: لا .

الجندى: نعم . منزلى . أرضى

(يقوم بإشارة أخرى)

 هيباسيا ... هناك بعيد ... طريق طويل

الرجل: (يبدأ فى الشك) أهناك بعيد؟

الجندى: نعم ... انت صرت متشرداً .

الرجل: لا .

الجندى: نعم ... (بدون ثقة) ... هل انت هيباسى؟

الرجل: نعم ... انها الحقيقة . انا كذلك .

الجندى: حضرت إلى هنا ... طوال كل هذا  الطريق من هيباسيا؟

الرجل: نعم .

الجندى: (يشير إلى الباب المفتوح) لا سيارة؟ .... لا عجلة ! ... لا بغل؟ كيف جئت؟

الرجل: على قدمى . ماشياً .

الجندى: جئت ماشياً؟ طوال الطريق من هيباسيا؟

الرجل: نعم . (يهز الجندى رأسه)

الجندى: قل شيئاً ما أكثر .

الرجل: ماذا تقصد؟

الجندى: شيء ما هيباسى .

الرجل: هيرنسى فال دور براتى ... فربوكيتا برم فيلا ... هل فهمت؟

 (يهز الجندى رأسه)

 لكن هل كان ذلك هيباسى.  إيه؟ هل استطعت سماع ذلك؟

الجندى: نعم .

الرجل: حسنا؟

الجندى: (إلى الرجل ومشيراً إليها)

 زوجتك؟

 (يتردد الرجل)

المرأة: نعم . (ينظر الجندى إليها بتمعن، ثم إلى الرجل)

الرجل: نعم زوجتى .

الجندى: (إليها) هل قدمت  ماشية من هيباسيا؟

الرجل: نعم . لقد أخذ ذلك وقتاً طويلاً .

الجندى: (إليها) أماشية طوال الطريق؟

الرجل: نعم .

الجندى: انا أتحدث إليها .

الرجل: أوكيه   .

المرأة: هل تعيش هنا؟

الجندى: لقد قلت ذلك . هذه أرضى وليست هيباسيا .

المرأة: وهذا وطنك؟

الجندى: وطن؟

المرأة: هل تأكل  هنا . هل تنام هنا؟

الجندى: لا.  ليس وطنى . منزلى ... مكان عملى ...

(إلى الرجل)

ماذا تعمل هنا؟

الرجل:  فى منزلك؟ لا شيء . نحن لم نقم بإفساد أى شيء . كنا فقط نبحث عن ملجأ، كما تعرف ... لم يكن الباب مغلقاً .. لقد فكرنا .. لم نقم بأذى .

الجندى: ملجأ؟

الرجل: مكان للاستراحة،  كما تعلم . الاسترخاء . الرقاد . كانت تعبانة . لقد فكرنا أن هذا المكان مناسب

المرأة: (إلى الجندى) يمكننا أن نغادر الان، إذا رغبت .

الجندى: المغادرة؟

المرأة: نعم . نذهب بعيداً .

الجندى: إلى أين؟

المرأة: إلى هيباسيا . لن نفعل شيئاً .

الجندى: (إلى الرجل) تعود  إلى هيباسيا؟

الرجل: نعم .

الجندى: هل حضرت من هيباسيا؟

المرأة: نريد أن نعود إلى الوطن  مرة ثانية .

الرجل: ألا يمكن أن نبقى هنا للليل؟ أيمكن؟ ... لن نقوم  بإحداث أى ضرر . أيمكن ذلك؟ يمكن أن ننام على الأرض؟ إذا لم تمانع؟

(يهز الجندى رأسه . هزة لا تعنى لا  . فقط تشير إلى أن هناك شيء خطأ)

هل يمكن أن ندفع نقوداً، دولار أميريكى؟

الجندى: انت لا تقول الحقيقة .

الرجل: سندفع .

الجندى: (إليها) قولى شيئاً ما .

المرأة: ماذا تقصد؟

الجندى: فقط شيء ما ... هيباسى

الرجل: انها متعبة جداً .

الجندى: (إليها) تكلمى .

الرجل: من فضلك .. دعها وحدها .

الجندى: (إلى الرجل) انا أتحدث إليها ... (يعبر بإشارة أغلق فمك ؛  إليها)

 قولى شيئاً ما (لا تجيب) انت لست هيباسية . من أين قدمت؟

 (لا تجيب كذلك الرجل، يمسك الرجل بذراعها)

الرجل: لا تفعل ذلك .

الجندى: (إليها) هل قدمت من أتمانيا؟

الرجل: رجاء .

 (يكرر الجندى الإشارة، أغلق فمك)

الجندى: (إليها) أمن أتمانيا؟

(يهزها من ذراعيها  . تحاول أن تتخلص نفسها . لكنها لا تستطيع)

 أخبرينى !

(تنظر إلى الرجل وتهز كتفيها)

المرأة: نعم . لقد قدمت من أتمانيا .

الجندى: إذن انت أتمانية؟

المرأة: نعم

الجندى: هاربة من الحرب؟

المرأة: نعم.  انا لاجئة !

الجندى: لاجئة؟

المرأة: نعم .

الجندى: أتعتقدين انك آتية إلى هيباسيا؟

المرأة: نعم .

(يتركها الجندى . تجلس) 

الجندى: (إلى الرجل) هل فهمت؟ لقد صرت متشرداً ... تلك هى الحقيقة... هكذا ... لاجئان  .

الرجل: لا . واحد .

الجندى: واحد؟

الرجل: انا لست لاجئاً .

الجندى: الزوجة؟

الرجل: نعم .

الجندى: ولكن  انت لا؟

الرجل: نعم .

الجندى: كيف وصلت؟

الرجل: انها الحقيقة .. انا هيباسى، لست أتمانيا، وانا لست لاجئاً .

الجندى: كاذب .

المرأة: لا، انا التى أكذب .. انا لست زوجته . انا أتمانية، وهو هيباسى، ونحن لسنا معاً ... هذه هى االحقيقة . لقد كان هنا عندما وصلت .

الجندى: أهو كان هنا؟ (إلى الرجل) أكنت هنا؟

المرأة: نعم .

الجندى: (إليه) لماذا؟

الرجل: انا فقط مررت ... انا مسافر .. كما تعلم، الناس من هيباسيا يمكن أن يسافروا بحرية فى بلدك، بدون تصريح .

الجندى: أعرف .

الرجل: وهكذا؟

الجندى: لماذا انت هنا؟

الرجل: لم لا؟

الجندى: صحراء ... أتمانيا طريق صغير .

الرجل: انا لست جاسوساً . إذا كان ذلك ما تفكر فيه، انا فقط هنا بالصدفة، انا كاتب، انا أكتب الروايات عن بلدك، عن الحرب . كان يجب أن أزور بلدك حتى أكون قادراً على الكتابة عنها، فقط انظر حولك، تعرف، قابل البشر العاديين . هل تفهم ما أقول؟ لقد كنت هنا لأيام عديدة . لقد تحدثت إلى كثير من الناس . انا فى رحلة بحث، ذلك ما نسميه، ذلك ما يفعله الكتاب قبل أن يكتبوا كتاباً . (ينظر الجندى  إليه فى شك) ربما سأذهب إلى أتمانيا أيضاً ... عندما تنتهى الحرب . (مع نظرة جانبية إليها) أعتقد اننى سأفعل .

الجندى: لا سيارة .. لا عجلة .

الرجل: لا أمتلك سيارة، ليس الكُتاب أغنياء، بالإضافة إلى ذلك ... انا أحب المشى .

الجندى: أتحب المشى؟

الرجل: أستطيع أن أمشى لساعات . انت ترى أكثر عندما تمشى . تقابل الكثير من البشر .

(يومئ الجندى بالموافقة حتى وان لم يصدقه . يشير إلى الحقيبة)

الجندى: حقيبة صغيرة، صغيرة جداً . لكى تكون هنا لأيام كثيرة .

الرجل: ليست حقيبتى . انها تخصها.

 (يفتش الرجل فى حقيبته الخاصة، تلك التى تخلو من الكاميرات)

 تستطيع أن تثق بى الان.  أليس كذلك؟ .... لقد وضعت هذه الحقيبة هناك، عندما سمعت حضورها ... لم أستطع أن أعرف من كانت ... يمكنك أن تفتحها إذا أردت، (ينظر الجندى إليه فى شك . يفتح الرجل حقيبته . يضع الجندى يده على الجراب يخرج الرجل نوتة الكتابة)  انظر هذه كراساتى . انا كاتب .

الجندى: ما اسمك؟

الرجل: كاتفيرى .

الجندى: الأسم الأول؟

الرجل: هيسيل .

الجندى: لم أسمع بك أبدا .

الرجل: انا كاتب فى هيباسيا .. فوق ذلك، انا لست مشهوراً .

الجندى: مشهور؟

الرجل: معروفا، انا لست معروفاً، آمل أن أكون كذلك .

الجندى: انت تكذب .  (يذهب إلى الباب و ينظر إلى الخارج)

المرأة: (إلى الجندى)

 أيمكن أن نذهب الان؟

 الجندى: لا .

الرجل: لم لا؟

الجندى: (إليها) إلى هيباسيا؟

المرأة: نعم . قال انه يود أن يأخذنى إلى هيباسيا .

الجندى: هل قال ذلك؟

المرأة: نعم .

الجندى: لا . لا يمكن أن تذهبا .

المرأة: لم لا؟

(لا يجيب الجندى)

عليك أن تذهب انت .

الجندى: انا؟

المرأة: نعم . اذهب إلى المنزل ودعنا وحدنا؟ (لا يجيب) كما لو كنت لم تشاهدنا أبدا؟

الجندى: لا .

المرأة: لك منزل . أليس كذلك؟

الجندى: انت تتحدثين كثيراً جداً، (هناك سكتة صغيرة ؛ يقف فى مدخل الباب وينظر إلى الخارج)

المرأة: هل تنتظر أحداً؟ (لا يجيب) هل تنتظر فصيلتك العسكرية؟ (لا يجيب) لماذا لم نكن نسمعهم؟ لا ضجة .. لا عربات .

الجندى: اخرسى .

المرأة: انت تعرف؟

الجندى: لا يعنينى ما تفكرين فيه .

المرأة: أعتقد انك هارب من فرقتك العسكرية .

(يسخر الجندى منها)

انت مُطارد؟

الجندى:(ساخرا)  مُطارد؟ هراء؟ لماذا ينبغى أن أكون كذلك؟، الجنود هم من يهربون كما تعرفين.

 (يقوم بإشارة: يمد يده نحو زوره)

 انا هنا، يوما ما سوف سأرحل وأرى عائلتى، سأعود صباح الغد .

المرأة: متى قد رأيت زوجتك وأولادك؟

الجندى: انت تتحدثين كثيراً .

المرأة: أليس لديك زوجة؟

الجندى: اخرسى .

المرأة: ألك صديقة؟

الجندى: ماذا أقول؟ (يقوم بإشارة اخرسى يتبعها بإشارة أخرى،يضع يده على زوره . يغلق الباب) أستطيع أن أطلق عليك النار .

        المرأة: أعرف .

الجندى: لن يفتقدك أحد .

المرأة: انت على خطأ . بعض الناس فى كابو سيفعلون ... انت لا تعرف أن تكون مثل أهل كابو . أليس كذلك؟

الجندى: نعم . الناس الأغنياء يعيشون فى كابو .

المرأة: والناس العاديون أيضا .

الجندى: هل انت غنية؟

المرأة: ماذا يعنى أن تكون غنيا؟ .. معظم من فى كابو طُردوا منها . الغنى يوما ما صار فقيرا بعد ذلك، ما قيمة النقود عندما يُقتل صديقك . لا تستطيع النقود إعادته .

الجندى: صديق؟ قُتل؟

المرأة: نعم .

الجندى: ليس للفتيات المسلمات أصدقاء، أبى يبيعهم .

المرأة: هل فعل؟

الجندى: من أجل المال فى الغالب .

المرأة: أوه نعم . وكل المسيحيين يعتقدون فى سانتا كلوز .

الجندى: لا تقولى لى انك هربت من أجله، قولى الحقيقة .

 (لا تجيب)

 الحقيقة، فرجى . هو كل الحقيقة .

الرجل: لا يجب أن تسألها .

الجندى: إذا أردت أن أسألها،فسأسألها، أوكيه؟

الرجل: أوكيه .

الجندى: (إليها) لماذا انت هنا؟

المرأة: لان صديقى قتل . لقد أطلق عليه النار فى الجامعة، أثناء الحريق .

الجندى: وما الضير فى ذلك؟ نار صغيرة؟ جندى يُقتل؟ لماذا الهرب؟

المرأة: لم يكن جنديا . كان فقط طالبا .

الجندى: الحرب هى الحرب . لماذا الهرب؟

المرأة: الجنود يطلقون النار على  الناس العاديين . هذه ليست الحرب . تلك جريمة، أريد لهم  أن يعاقبوا .

الجندى: انت ماذا؟

المرأة: أريد أن ينالوا عقابهم .أريد أن آراهم فى قاعة المحكمة ... قبل إصدار الحكم .  ذلك هو سبب وجودنا هنا .(يمنحها الجندى ضحكة ساخرة)

 عندما تنتهى الحرب، سوف أرجع، وأكتشف الذين قتلوا .

الجندى: (مكشرا) انت ستفعلين؟

المرأة: نعم .

 الجندى: كيف؟

المرأة: انت تفهم  . هناك كان المصور . لقد أخذ الكثير من الصور .

الجندى: الصور؟

المرأة: نعم . هناك صور لهم .

الجندى: هل رأيتيهم؟

المرأة: لا .

الجندى: رأيتيه؟

المرأة: المصور؟

الجندى: نعم  .

المرأة: لا، لم أره ... لقد تحدثت عنه، لكن بعد الحرب ... لن تصدق ما أقوله لك . هل تصدق؟ هل تعتقد اننى ألفق الأحداث له؟

الجندى: لا . كان هناك . أعرف . أخذ الصور .

المرأة: هل رأيته؟

الجندى: لا . لقد قالوا لى . يقولون كان انجليزيا .

المرأة: انت كنت هناك .

الجندى:(مُكشرا) انه رجل ميت .

المرأة: ميت؟

الجندى: ميت تماما .

المرأة: كيف عرفت؟

الجندى: فصيلتى أخذت الأوامر بالبحث عنه .

المرأة: فصيلتك؟ هل كنت فى الجامعة؟ انت أطلقت عليه النار؟

الجندى: لا . كانت بعض الفصائل الأخرى . حمقى . أعتقدوا أن المصور المضحك، كان فى صفنا... انهم لم ... (لا يجد الكلمة المطلوبة . ويتوقف عن الحديث إليها)

اذهبى إلى الجحيم .   

المرأة: ألم يرتابوا  فيه؟

الجندى: لا . لم يشكوا . لماذا ينبغى أن يفعلوا؟ كان معهم لأيام عديدة ... جنود طيبون . قال . ما تقومون به عمل جيد . ذهب معهم إلى كل مكان . من الجامعة إلى البلدة الصغيرة، بعيدا عن المدينة .. حمقى، كان ينبغى أن يطلقوا عليه النار .

المرأة: لماذا؟

الجندى: لم يكن فى صفنا، مركز القيادة اكتشفه، فى صباح اليوم التالى أخذت فرقتى الأوامر .. اذهبوا للقبض عليه .

المرأة: وعندما وصلت هناك .. ووجدت فرقة أخرى .

(يقوم بعمل إشارة)

كان قد ذهب؟

الجندى: نعم، كانوا فى منزل أحمق قديم . بلا أبواب أو نوافذ . لا أحد رآه يخرج كانوا سكارى . خارج العقل . المصور، هو كان معنا . هاه .

المرأة: كان ما يزال حيا إذا .. فى مكان ما .. ومعه صوره .

الجندى: ليس لوقت طويل، مصورك رجل ميت يا بوسى .

المرأة: إذا كان انجليزيا، شخص ما سوف يسأله ماذا حدث له .. ومن فعل هذا .

الجندى: (مبتسما) لم يجدوه أبدا ... فوق ذلك عرفنا شيئا ما عنه .. لا يحبون أن يسمعوا ذلك فى انجلترا .

المرأة: كيف عرفت ذلك؟

الجندى: لن أقول لك .

الرجل: لدى طلب (يتجه الرجل إلى حقيبته، ينظر الجندى إليه، فى وقفته الحذرة وجرابه المفتوح، يده على المسدس . يتابع تحركات الرجل بعينيه، يخرج الرجل بعض الكراسات . الجندى يرتاح) خذ هذه، اذهب إلى منزلك . انسى انك كنت هنا . زر عائلتك، اغلق عينيك وامنحنا فرصة الوصول إلى هيباسيا . (لا يأخذ الجندى الكراسات)  ألم تفهم؟

الجندى: نعم .

الرجل: لن يعرف أحد أبدا (يهزأ الجندى منه)  [ وقفة ]

الجندى: هل تحاول شرائي؟

الرجل:لا أطلب منك الرحمة . انها شابة، انها بريئة ... سوف آخذها إلى معسكر اللاجئين فى هيباسيا .

الجندى: أتعرف ماذا؟ انا لا أحبك .

الرجل: أعرف . لكن لن تفعل ذلك من أجل خاطرى ستفعل ذلك من أجلها هى، ستفعل ذلك لان ذلك هو الشيء الصحيح الذى يستحق الفعل، ماذا غيره ليس هناك فائدة .

الجندى: فى ماذا؟ فى قتلها؟ أحب هذا . الأتمانيون كما تعلم . (يحرك حذاؤه للأمام والخلف كما لو كان يطأ بعض الذباب).

 الرجل: هذا كل ما أملك . 250 دولار أمريكى  (يجيب الجندى بضحكة ازدراء)

الجندى: (إليها) وكم معك انت؟

المرأة: لا شيء .

الجندى: لا شيء؟... انت تكذبين، يا قطتى .

المرأة: ولم أفعل ذلك؟

الجندى: (إلى الرجل) خذ حقيبتها ... افتح  (يفتح الرجل حقيبة يخرج ورقة مكرمشة بالبسكويت، الزجاجة، تذكرة قطار، فوطة، ملابس سبق لبسها وملابس داخلية . إلخ)  أكمل  (فى الجيب الخارجى للحقيبة وجد الرجل كيسا أو محفظة . يخرج بعض الأوراق) أدولار أمريكى .

الرجل: نعم .

الجندى: كم؟ (الرجل بتردد) قل؟

الرجل:  (يعد) مائة دولار (يمد الجندى يده، يعطيه الرجل الأوراق المالية)

الجندى: (إليها) غنى اليوم وفقير غدا .

المرأة: ليست حقيبتى . (يضحك الجندى باحتقار) .

المرأة: انها لألاكا . نقودها .

الجندى: لألاكا؟

المرأة: أفضل صديقاتى

الجندى: من كابو؟

المرأة: نعم .

 الجندى: خنزيرة غنية أخرى . أين هى الان؟

المرأة: لقد ماتت . (يقدم الرجل الـ 250 دولار للجندى)

الرجل: رجاء دعنا نذهب  (لا يأخذ الجندى الأموال . لا ينظر حتى للرجل، ينظر إلى المرأة نظرة تهكمية)

الجندى: (متهكما منها) ماتت أفضل صديقاتك .

المرأة: نعم .

الجندى: ولكنك حصلت على الحقيبة؟

الرجل: 350 دولار؟ (لماذا الجندى لا يلاحظه)

المرأة: ألا تريد أن تعرف كيف ماتت؟

الجندى: لا .

المرأة: سأقول لك على أية حال . لقد اُغتصبت وأُطلق عليها النار . هل تريد أن تعرف متى؟

الجندى: لا . انا لا أهتم .

المرأة: ليلة أمس . هل تريد أن تعرف أين .

الجندى: لا .

المرأة: فى مدرسة القرية الحمراء . لا أبواب، لا نوافذ .

 الرجل: (إليها) لا يجيب عليك ...

المرأة:  (مقاطعة) نعم بل يجب، لن نستطيع أن تستمر فى لعبة القط والفار . (إلى الجندى) انت كنت هناك .

الجندى: نعم ... كذلك كنت انت؟

المرأة: نعم (هناك وقفة . ما زال الجندى يبتسم ابتسامته التهكمية)

الجندى: انا أعرفه .

المرأة: هو؟

الجندى: نعم .

المرأة: من الذى تعرفه؟

الجندى: الرجل الذي اغتصب المرأة .

المرأة: انت اغتصبت .

الجندى: لا . هو الذى اغتصب .

المرأة: هناك أكثر من واحد .

الجندى: نعم، لكنه ... كان هو الأكثر (يحرك بطنه للأمام والخلف) تعرفين، هو أحب ذلك ... وأيضا يعرفه ...

المرأة: وهل أعرفه انا؟

الجندى: نعم ... أظن ... زميلك المصور .. نعم ... الشاب الذى التقط الصور كان هناك طوال الليل . لقد اغتصبها

المرأة: لا .

الجندى: مرات عديدة .

المرأة: لا .

الجندى: نعم . هو الذى فعل .

المرأة: انت تكذب . انت لم تره أبدا، عندما حضرت كان هو قد ذهب .

الجندى: لقد قالوا لى كل شيء عنه .

المرأة: لابد أن يكون شخص آخر . لا يمكن أن يكون هو . لم يكن فى صفكم . انت قلت ذلك بنفسك .

الجندى: لقد اغتصبها ... يا قطتي ... اغتصب الفتيات الأخريات أيضا .

المرأة: انت تكذب .

الجندى: ولماذا يجب أن أفعل؟ لقد فحصهن جميعا ... نعم . وهو يحب هذا . يحب هذا ... من جهتهم؟ (مستهزءا) فتيات أتمانيا .هه .

المرأة: انت تلفق .

الجندى: لا .

المرأة: انت اغتصبتهن . انت قتلتهن .

الجندى: انا لم أكن هناك .

المرأة: نعم . انت كنت هناك .

الرجل: لا . عندما حضرت فى الصباح ... انت وفرقتك ... بعض منكم دخل حجرتى . لكنك انت ... دخلت الحجرة الأخرى حيث كن هناك . ألاكا وديدو وهينو

الجندى: لا .

المرأة: لابد انك كنت هناك .

الجندى: لابد .

المرأة: عند ذلك الوقت، كانت كل صديقاتى على قيد الحياة، انت اغتصبتهن، بعد ذلك أطلقت النار عليهن .

الجندى: لا .

المرأة: أين كنت أن لم تكن فى المدرسة الحمراء؟

الجندي: هراء (إلى الرجل) هي ....

المرأة: لقد رأيت الجثث . كانت عارية وغارقة جميعها فى الدم (يشير إلى رأسه ليدل على انها صارت مجنونة)

الجندي: (إلى الرجل) ماذا تسمي هذا؟ ...  جنون؟

 الرجل: لا أعرف .

الجندي: نعم . انت تعرف ... جنون؟

الرجل: نعم، جنون خرجت عن عقلها .

المرأة: لا انا لست مجنونة .

الجندي: خرجت عن عقلك .

المرأة: انا لا   (تندفع نحو الجندي وتضربه . يتقدم الرجل للمساعدة، الجندي يضرب أعلى . يسقط المسدس على الأرض، تأخذه المرأة، يتشاجر الرجلان)  أوقفا هذا . توقفا  (ينظران نحوها . تشير نحوهما بالمسدس، يتوقفان عن القتال . إلى الرجل)  انهض .  (إلى الجندي)  انت لا   (ينهض الرجل ويبقى الجندى جالسا)

الرجل: اقتليه .

المرأة: لا   (إلى الجندي)  تحرك ... إلى هناك  (يتحرك نحو الحائط . ما زال جالسا . بعد لحظة يبتسم . ضحكة ملتوية وهادئة والتى تظل على وجهه لدقائق تالية)

الرجل: لماذا لا تطلقى عليه النار؟ (لا تجيب) لقد اغتصب ألاكا .

المرأة:  نعم .

 الرجل: أطلق النار عليها .

المرأة: نعم .

الرجل: اغتصب الفتيات الأخريات أيضا ... صديقاتك .. قتلهن .

المرأة: أعرف .

الرجل: إذا لم تستطيعي ... انا أستطيع . أعطينى المسدس (لا تستجيب) الحرب ما زالت مستمرة هناك .

المرأة: لست فى حاجة لإخباري .

الرجل: هذه هي الحرب (يمد يده، تهز رأسها) لم لا؟

المرأة: لسنا جنودا  (يحاول أن يأخذ منها البندقية . تشير إليه بالبندقية، وتعمل إشارة بمعنى: ابقى بعيدا)

الرجل: حمارة غبية، تريدين العدل بدل من الثأر . أهكذا؟ (لا تستجيب) حسنا إذن . نفذى العدل .

المرأة: وأقتل؟ ... لا . ليست هذه قاعة محكمة ولست منفذة أحكام .

 الرجل: انت على حق . هذه ليست غرفة المحكمة . انها أرض المعركة . انه عدوك . لابد أن تفعلى شيئا ما . (لا تجيب . يهز رأسه ويتجه نحو مخلاة  الجندي . يفتحها ويقلبها رأسا على عقب . يفتش محتوياتها ويجد قلادة ذهبية) تريدين دليلا . ألم تجديه؟ من أجل غرفة محكمتك؟ سلسلة ذهبية مع نصف قمر . (يمسك بها عاليا) أتود أن تلقى نظرة؟  (تهز رأسها) ألا يكفى هذا الدليل؟ قضاء حقيقي . قولى نعم ... أطلقى عليه النار .

المرأة: (إلى الجندي) قل شيئا ما .

الجندي: (ما زال مبتسما) لماذا؟ ستقولين اننى كذاب .

المرأة: انه لألاكا .

الجندي: هذا؟ كيف عرفت؟

الرجل: السلسلة الذهبية مع نصف القمر .

الجندي: (ما زال مبتسما) كيف عرفت؟

الرجل: أطلقى النار عليه .

الجندى: انت أخذت الحقيبتين .

الرجل: انت اغتصبت ألاكا . انت سرقت سلسلتها .

الجندي: علام حصلت فى الحقيبة الأخرى؟

الرجل: انت أطلقت النار عليها .

الجندي: (إلى المرأة) اسأليه .

الرجل: يتحدث هراء .

الجندي: لقد استولى على الحقيبتين . انظري (يشير إلى المكان الذي يخفى فيه الرجل الحقيبة الأخرى منذ بداية المسرحية) .

الرجل: (إلى المرأة) كاردى .

المرأة: ماذا؟

الرجل: لا تستمعي إليه . انها خدعة ... لا يمكن أن تخدعنا .

الجندي: (إلى المرأة) هناك .

 (تستدير المرأة لتنظر، تلحظ حقيبة الرجل . ترفعها من المكان المختفية فيه، ترفع عاليا واحدة من الكاميرات من الحزام، وتنظر إلى الرجل . [ وقفة ] تنتظر منه أن يتحدث ولكنه لا يفعل) .

المرأة: (إلى الرجل) إذن لم يكن المصور انجليزيا .

الرجل: لا تصدقي ما قاله لك .. هل صدقت؟ ... انا كاتب .

 (يضحك الجندى بسخرية).

 انها الحقيقة انا كاتب . لقد جئت من هيباسيا . هل تريدين الدليل؟

 (يضع السلسلة على الأرض ويخرج كراسة ملاحظات من الحقيبة الأولى)

 انظري . ملاحظات من أجل روايتي . (تهز رأسها) ألا تريدين أن ترينها؟

المرأة: لا .

 الرجل: ليس ذلك عدلا . انت تتحدثين عن العدل . أليس كذلك؟

(يستدير إليها بكراسة الملاحظات، فلا تأخذها منه)

المرأة: ضعها هناك . (تشير عليه أن يضع كراسة الملاحظات على الأرض)

الرجل: ألا تثقين بى؟

المرأة: لا . ضعها هناك .

الرجل: حسنا .(يضع دفتر الملاحظات على الأرض . تأخذه وتقلب أوراقه)

المرأة:  أربع صفحات .

الرجل: يمكن أن أترجمه .

المرأة: لأجل ماذا؟

الرجل: لا يمكنك أن تقرأيها . هل تستطيعين؟

المرأة: الصفحات الأربعة . الباقى مطموس .

 الرجل: وما الضير فى ذلك .؟ انها ملاحظات على أية حال .

المرأة: أملاحظات من أجل الرواية؟

الرجل: يجب أن تصدقينى .

المرأة: آمل أن أستطيع . الكتب ليست الحياة الواقعية . هل تتذكر؟ هل يقول كاتب ذلك؟

الرجل: انا لم أقصد ذلك .

المرأة: انت كنت فى مدرسة القرية الحمراء .

الرجل: لا انا لم أكن هناك .

المرأة: من أي مكان آخر أتيت؟

الرجل: من هيباسيا، قلت لك.  هيباسيا .

المرأة: وتكلمت عن الكثير من الناس، فى هذه الصحراء؟

 الرجل: لقد فعلت .

المرأة: أهكذا بالقرب من الحدود؟ أهكذا بالقرب من مدرسة القرية، أكاتب بحقيبة ممتلئة بالكاميرات؟ .. انا آسفة . لا أستطيع أن أصدقك .

الرجل: ينبغى عليك،  أحببت  هذا أم كرهت . علينا أن نخرج من هنا . ونعود إلى البيت فى هيباسيا، علينا أن نتزامل فى العمل .

المرأة: البيت إلى هيباسيا .

الرجل: ستكونين فى أمان هناك . ما الاختيار الآخر الذي لديك؟ .. يمكن أن نصل خلال نصف ساعة ... إذا كنت لا تريدين قتله، يمكن لنا أن نربطه، توجد كمية من الحبال .. لن يكون قادرا على اللحاق بنا .

المرأة: لا .

الرجل: سأحمل حقيبتك .

المرأة: تحمل حقيبتي؟

الرجل: (إلى الجندي) علام تبتسم بحق اللعنة؟

المرأة: لن أذهب معك إلى أى مكان . أفضل الموت على ذلك.

الرجل: (بعد فترة قصيرة جدا) حسنا . . حسنا . . انا كنت هناك ...عند المدرسة الحمراء ... وانا ... لكن ليس كما تفكرين ... (إلى الجندي) وليس كما قلت انت لها . (إلى المرأة) انظرى . انا كنت فى أتمانيا لمدة ستة شهور . مكلف بتغطية الحرب من قبل صحيفة انجليزية . انا كنت فى الجامعة عندما اكتشف شخص ما تلك الصور الخاصة بى ... هم يمكن أن يكونوا .. ماذا قلت؟ ... تهديد؟ ... تهديد للجيش .انتهاك حقوق الانسان، أشياء مثل هذه كما تعلمين . حاولت الهرب . لكن لا . لقد قبض عليً (كتفت) ووضعت فى اللوري .. فيما بعد فى المساء زملاؤك الطلاب ... ثلاثة منهم

المرأة: هل كنت فى نفس اللوري؟

الرجل: نعم ... وفى ذات الغرفة فى مدرسة القرية . الفصل الدراسي .. كانت هناك صورة على السبورة .. صورة طفل .. ملاك . أتعرفين ماذا فعلوا؟ ... وضعوا البندقية فى رأسي وأجبروني ... قالوا ليس أمامك اختيار ... كان لابد أن أشترك فى هذا ... تعرفين ... هذا القُبح ... نعم، لقد عملت ما لا يجب أبدا عمله، لكن إذا لم أفعل ذلك ... انا لست بطلا ... وانا لا أطلب منك أن تغفري لي ... انا لا يمكن أن أسامح نفسي، تعرفين ... وذلك الملاك .

المرأة: ملاك؟

الرجل: نعم، بعينيه المصوبتين نحوى ... وجناحيه العظيمين ...

المرأة: غريب . أليس كذلك؟ ملاك فى بلد مسلم؟

الجندي: (إلى المرأة) هو أحب هذا، يا قطتي . أحب هذا .

الرجل: يجب عليك أن تصدقينى ... كان هناك ملاك، ونظر نحوي، سأكون مسكونا بذلك الملاك بقية حياتي .

الجندى: انت رغبت فى ذلك . أكيد فعلت .

الرجل: لا . لا

الجندى: (إلى المرأة) انت تفهمين، لا يمكنك أن تجبري رجلا على الاغتصاب يا قطتى، هذا مستحيل .

المرأة: (إلى الرجل) انت قلت انك لا يمكن أن تكون معذبا، بالطبع لا . لكن فى ذات الوقت انت تعرف ... انك مثل الجنود الألمان فى معسكرات الاعتقال .

الرجل: نعم ... أعرف . حقا انا كنت هناك .

المرأة: هل يجب أن أغفر؟ (يهز كتفيه) سأقول لك لماذا أحببت ذلك حقاً.

 الرجل: ليس هناك سبب . انه فقط حدث .

المرأة: لا . تذكر ما قلته ... هناك دائماً . هناك دائماً نوع من الأسباب فى الخلفية . ربما تكون القسوة أو السخرية أو أي شيء آخر . لكن دائماً هناك سبب ... انت حقاً كنت هناك لانك لم تسأل أبدا نفسك . فى أى جانب كنت ومع من؟ لم تأخذ أبدا مواقف .  أخذت الصور . اختفيت خلف الكاميرا . تراقب . ‘‘ لا أريد أن أكون متورطاً . أوه لا . ليت انا. انها الصور . ذلك هو ما أريد؟"

الرجل: أوكيه . أوكيه  . اسخرى منى . انا أستحق ذلك . أعرف . لك كل الحق فى ... لكن لا تنسى ...

المرأة: انسى ماذا؟

الرجل: انا متورط الان .

المرأة: على أى نحو؟

الرجل: نعم . مع أى جانب كنت؟

المرأة: أخبرنا .

الجندى: نعم . أخبرنا . (يذهب الجندى نحو الحقيبة التى بها الكاميرات)

المرأة: أبق كما كنت.

 (يتجاهلها ويخرج فيلماً من الخرطوشة. ينظر باحتقار إلى الرجل ويتظاهر بانه أخرج الفيلم من الخرطوشة)

الجندى: أيجب أن أفعل؟ نعم ...؟ لا؟ (يخرج الفيلم)  أوكيه    (يقف على قدميه)

المرأة: لا . ابق .

(يبتسم الجندى ويتجه نحوها. تفزع وتحاول إطلاق النار من البندقية ولكنها لا تعمل. يأخذ الجندى البندقية، يحرر مفتاح الأمان)

الجندى: (مبتسماً) ما رأيك؟ الان هى جاهزة للإطلاق . (إلى الرجل) جاهزة للاستعمال  (وقفة)   (إلى المرأة) قطتى، ماذا تريدين الان !

المرأة: انا؟

الجندى: هل أقتله؟

المرأة: أريد أن يتوقف هذا الكابوس .

الجندى: (مبتسماً)  فكرة جيدة . كيف؟

المرأة: الأمر يعود إليك . أليس كذلك؟

الرجل: انت لا تنوى أن تقتلنا؟ أليس كذلك؟

الجندى: أحب أن أقتلك انت . لكن ... لست  متأكدا  اننى أستطيع .

المرأة: وانا؟

الجندى: لا أعرف. (إلى الرجل) أعتقد يمكنك أن تذهب . (ينظر إليه الرجل بحيرة)  نعم.  تستطيع أن تذهب .

الرجل: (إلى المرأة) يمكننا أن نذهب .

الجندى: (إلى الرجل) لا . انت فقط يمكنك أن تذهب . (إلى المرأة)  هل تريدين أن تذهبى معه؟

الرجل: نعم . هى تريد أن تخرج من هنا . سآخذها إلى هيباسيا .

المرأة: لا .

الرجل: ألا يمكن أن تغفرى لى؟ ... لقد أجبرونى .

المرأة: ما قيمة غفرانى لك؟ ملاكك لن يغفر لك  أبدا .

الرجل: أريد أن انقذك . اغفرى لى أو لا تغفرى، ليست تلك هى المسألة .

المرأة: لقد كنت فى ذلك الفصل أيضاً .

 الرجل: لا...؟؟

المرأة: نعم كنت هناك، وعندما كان قد غادر الجميع، قلت لك . ألا تتذكر؟ ...  لم يكن هناك ملاك على السبورة .

الجندى: لا ملاك  .

المرأة: اذهب إلى هيباسيا يا جون ... أو أياً كان اسمك .

 (ينظر الرجل إلى الجندى . يهز الجندى كتفيه ويشير إلى الباب، يحمل الرجل حقيبتيه)

الجندى: لا.  بدون الحقائب .

الرجل: ألا يمكن  أن آخذهما معى؟

الجندى: لا

 (يضع الرجل الحقيبتين على الأرض)

 هل تريد أن تبقى؟

 (لدقيقة لا يستطيع الرجل أن يقرر)

الرجل: لا

(يفتح الجندى الباب، فيتجه الرجل نحو الباب)

المرأة: أتمنى لك أن ...

(يتوقف الرجل وينظر إليها)

 أتمنى لك  ألا يسكنك ملاكك أبدا .

 (يخرج الرجل . يتبعه الجندى خلفه ويغلق الباب . يُسمع صوت إطلاق النار . يعود الجندى يضع المسدس فى الجراب)

الجندى: لا ملاك . لا أرواح تسكن

(وقفة، ينظر كل منهما إلى الآخر)

 لا أسئلة؟

المرأة: لا ... انا أعرف الإجابات .

 (يحمل الجندى القلادة ويذهب نحو المرأة، يضعها حول عنقها . يتراجع ويقف لينظر إليها . لا تخفض عينيها، يلحظان معا كومة من القش على الأرض)

 تنوى أن تغتصبنى . أليس كذلك؟

الجندي: هل هذا هو سؤال؟

المرأة: لا ... لست فى حاجة إلى أن أسأل.

 (يأخذ الجندي الزكيبة، فى أثناء انشغاله بفرد الزكيبة فوق القش، لكنه ينتبه لوجود الدم، ينظر إليه فى اشمئزاز، ثم إلى الأرض،  ثم إليها) .

الجندي: انت ...؟؟؟

المرأة: نعم .

الجندي: من ...؟

المرأة: نعم

 (هناك وقفة . عندئذ يعيد الجندى وضع الزكيبة، يتجه نحو الباب ويفتحه ثم يشير) .

الجندي: هيباسيا

 (تأخذ المرأة حقيبة ألاكا . تقف للحظة، ثم تشير إلى الحقيبة التى بها الكاميرات)

 لا .

(تتجه نحو الباب . دون أن ينظر الجندى نحوها،  يعطيها دفتر الملاحظات . تخرج، يغلق الجندى الباب ويخرج خرطوشة فيلم آخر ويسحب الفيلم . تعتم الأضواء . يخرج أكثر من خرطوشة ويسحب الفيلم)

ستار

(النهاية)

 

المؤلف:  Kaj Himmelstrup  
كاى هيملستروب: كاتب دنماركى، ولد عام 1927 فى سكيف، وعاش فى كوبنهاجن، تخرج من المدرسة الثانوية عام 1945 والدبلوم العالى فى التعليم عام 1949، عمل معلما للغة الانجليزية من 1951- الى 1988، وظهر أول عمل مسرحى له عام 1961 (مسرحية القصر)، كتب هيملستروب أكثر من أربعين عملا للمسرح والاذاعة والتلفزيون، وفوق ذلك عددا من الكتب المدرسية وكتب الأطفال وغيرها في السياسة والتفافة، من أشهر مسرحياته: القصر والملاك على السبورة وضيوف ريتشارد وكلاتا . وتتناول المسرحية الأخيرة شخصيتى كلود الطيار الامريكى الذى القى القنبلة الذرية على هيروشما ومحمد عطا الارهابى مفجر البرجين فى أحداث 11/9 . أما الملاك على السبورة فموضوعها فظائع الحرب وقسوتها عبر ثلاث شخصيات: امرأة (طالبة) ورجل (كاتب) وجندى.