يقدم الناقد المغربي المرموق هنا قراءة نقدية ثقافية لرواية الكاتب العراقي شاكر نوري (جحيم الراهب) كاشف عما يدور فيها من جدل بين المتخيل الإثني للمسيحية الآشورية العراقية، وبين ما جرى في العراق عقب الغزو الأمريكي الذي أحال البلد بحق إلى جحيم أرضي دمر كل ما فيه.

في المسيحية العراقية الآشورية

يحيى بن الوليد

لم يعد الجحيم معتقدا دينيّا أو تخيّلا، وإنما صار شيئا واقعيا تماما مثل البيوت والأحجار والأشجار"

حنه أرندت

 

"عموما، غالبا ما يكون الانقلاب هو الحل الأوحد على القصور، كما على المعابد، على الملوك كما على الكهنة... كما على الأستاذ ومدرسته، إذا ما خرجت المدرسة على معناها"

عبد الرزاق الجبران

 

لا نجد، في مدخل هذه الدراسة، وحول ما نسميه بـ"خرائطية الاسم في أدغال الكتابة"، ما هو أنسب من فكرة الفيلسوفة الفرنسية الراحلة ماري سيسيل ديفور المليح حين تقول في كتابها (الكتابة الأليغورية): "إننا لا نختار أسماءنا، وإنما نجد أنفسنا فيها"[1]. و"اسم الإنسان هو مصيره" كما يقال. ولكن: إلى أي حدّ بإمكان الاسم أن يصمد في ترسيم مصائر الناس وتحصينها من الاجتثاث الجارف والغادر؟ وألا يملك هؤلاء، في أحيان، إمكانية الخروج من شرنقة الأسماء بدافع من الإصرار على ترسيم مصير آخر وحتى مضاد كل المضادة لمثل هذا الاجتثاث؟

ومناسبة هذا الكلام هي شخصية إسحق التي هي مصدر دفق الأحداث في (جحيم الراهب) (2015)[2]، العمل الثامن في السجّل الروائي للكاتب والروائي (العراقي) شاكر نوري. إسحق بحمولته الدينية، وبتورّط الاسم ــ كذلك ــ على مستوى معاكسة المصائر المرسومة. وفي هذا الصدد نظفر بنص قصير (وكثيف)، حول موضوع الاسم ذاته، في الرواية ذاتها. يقول السارد (الوجه المكشوف لإسحق) في انزياح من انزياحاته التأمّلية: "أدرِكُ أن الأسماء عبارة عن منحوتات سماوية تخرج من الروح، لتأخذ شكل الأحجار المتكدّسة في هذا الكون، تردّدها الألسن، وتصوغ ذاكرتها من العدم، فيكون الغياب وجودا، والاسم عنوانا، وكل الأسماء تتحوّل رمادا على بوابة الجنة والفردوس، تنتظر جردة حساباتها، بين إغراءات ملائكة الشّر على الكتفين" (ص149). وكما يقال "الأسماء بشائر" و"لكل امرئ نصيب من اسمه."

أجل إن العمل (جحيم الراهب) يسعى إلى رسم فضاء دلالي مغاير في سياق النظرة الإجمالية لمجموع المنجز الروائي لصاحبه، إلا أنه ثمة خيط خفي يصل ما بين أعمال المنجز، وسواء من ناحية توظيف المقروء وتسريبه في النسيج السردي (وبخاصّة في الأعمال الأخيرة للكاتب) أو حتى من ناحية الدلالة ذاتها التي لا تفارق بلده العراق وبخاصّة من ناحية ما لازمه ــ على مدار العقدين الأخيرين ــ من خراب وتفتيت ونحر ... وعلى مستوى الذاكرة والتاريخ والهوية واللحمة المجتمعية ... إلخ. إن السجن الكبير، الذي يتكدّس فيه (مجانين بوكا) (2012) في دلالة على عنوان العمل الروائي ما قبل الأخير لشاكر نوري نفسه، والذي أفاد فيه صاحبه من مقروئه (الذكي) في مجال السجون (الرهيبة) وفي العالم ككل، هو سجن للعراق بأكمله (ببشره وثقافاته وأديانه) بعد أن دمّرته ــ بإتقان وبربرية ــ "الإمبريالية البيضاء" بأنيابها السافرة الكلاسيكية والمعاصرة في آن واحد[3]. وفي ظل سجن، من هذا النوع، لا يملك إسحق ــ بخلفيته الوجودية الطاهرة والغميسة وبخلفيته الدينية الظاهرة والبريئة ــ إلا الهروب من هذا السجن المرئي واللامرئي أو من هذا "الجحيم" ومن حيث هو جحيم أو "جهنم أرضية" ("أبوكاليبس" (Apocalypse) أيضا أو ابتداءً. وكانت أوّل خطوة على طريق هذا الهروب، الصعب والشاق، هي معانقته للديانة المسيحية في سياق الإعداد لـ"العبور إلى الجهة الأخرى من الحياة" وتعيينا بيروت، ومن حيث هي "فرنٌ كبير تنصهر فيه الأديان والأعراق الأجناس" (ص43) كما أبدع السارد في تلخيصها.

والإشارة إلى الخراب الذي طال العراق، ومن قبل الإمبريالية وتداعيات الحرب، واردة في العمل وإن في حدود ــ أو حتّى بشكل عابر ــ بالنظر لـ"النقطة العليا" التي نتطلّع إليها "الرؤيا" الماسكة بمجموع العمل. فأرض آشور لم تسلم من تفجيرات الكنائس (ص28). وثمة إشارة مباشرة إلى مسؤولية الاحتلال الأميركي على هذه الجريمة، كباقي الجرائم الكونية التي لا تغتفر، والتي لا يمكن معاقبة مرتكبيها كما تقول الفيلسوفة حنة آرندت (Hannah Arendt). ويقول الأب شربل (وهو أحد الرهبان السبعة من الذين يعرض لهم العمل) مخاطبا إسحق: "هل تعلم أن كنيستنا تشرذمت، بعد الغزو الأمريكي لبلادنا إلى أثني عشر فرعا". وقد حصل ذلك في سياق اجتثاث شامل وموسّع، ولذلك يواصل الأب شربل خطابه: "أنت ترى كيف يقتلون العلماء والأطباء والأكاديميين والطيّارين، ويحرقون المكتبات ويخطفون الرُّهبان، ويهدّمون الكنائس" (ص174). وبلغة العلوم الاجتماعية، هناك إصرار على نوع من الاجتثاث الذي يجمع ما بين "البنيات" و"العامل"؛ وكل ذلك جدير بأن يفضي إلى تطهير أو محو شامل.

لقد آثر شاكر نوري، وبحسّه الإنساني المعضود بـ"جرح العراق المسترسل والمفتوح"، وهو الذي خبرته المنافي (وبغير المعنى المبتذل لكلمة منفى) أيضا، وفي (جحيم الراهب) تعيينا، الخوض في لغم من الألغام الصعبة والشائكة وهو لغم الدين. وقد جرت العادة ألا يتم التعاطي لهذا الموضوع إلا من في "منظور تحليلي واقترابي" محدّد ينتظم في ضوء الفكر الديني، أو علم الأديان أو علم الأديان المقارن أو تاريخ الأديان أو موسوعات الأديان ... إلخ. إلا أن كل ذلك لم يحل دون أن نظفر بأعمال روائية، نابهة وماتعة، خاضت في الموضوع نفسه ... ومن منظور يفسح لمساحات من التخييل، كذلك، وعلى النحو الذي جعل بعض أصحاب هذه الأعمال لا يسلمون من "مقصلة التأويل التصفيحي"، وعلى النحو الذي بلغ حد تهديد أصحاب هذه الأعمال (وبالمعنى الحرفي لكلمة "تهديد") من قبل "أوصياء" رأوا في هذه الأعمال تطاولا على "الثوابت الدينية". ومع ذلك فالعمل الروائي بإمكانه ألاّ يقل أهمية على مستوى التعاطي لموضوع الدين ومن خارج إواليات التحليل والقياس والاستقراء والاستدلال ... لكن دون أن يفيد ذلك عدم إفادة هذه الأعمال من النصوص الدينيّة والمصادر التاريخية المرجعية ومن أمّهات كتب اللغات والأخبار والأحاديث ومن عيون كتب التراث والآداب الإنسانية المتنوّعة.

ولعلّ ما سبق ينطبق على حال (جحيم الراهب) التي لا يتعلق الأمر فيها بـ"السُعار الديني" أو "الجنون الديني" ... وغير ذلك من التنميطات الرائجة في مقالب الإعلام الغربي المتحيّز، وإنما يتعلّق الأمر بـ"أقلّية" أو "جماعة دينية هوياتية قومية" منتظمة في الآشورية العراقية، المنتظِمة بدورها في "المسيحية الشرقية"، ومن خلال جملة من المفهومات والطقوس والعلامات والرموز والأساطير ... برع السارد في اقتناصها وإدغامها وبخاصّة في الشقّ الأخير من الفضاء الدلالي للرواية حيث بدا جليا أن تَـواكُبَ المصائر، وتناسلَ الأحداث، لا بدّ من أن "يُغلق" بطريقة ما. وحصل ذلك من خلال مركزية إسحاق: العراقي الهارب من بلاده ... ليقيم في عوالم الرهبنة والكنسيّة والعرفانية في دير رهبان مسيحيين آشوريين هو ــ حسب منطوق النص ــ "دير الأيقونات" المهجور، "البعيد عن عيون السلطة"، و"بين جبال وتلال تغزوها الأشجار والعصافير، مشرعة على الهواء العليل والشمس، صلاة وتأمّل وارتقاء إلى السماء وحديث شائق مع الربّ، يسردون حكاياتهم كلّما استرخوا على المصاطب الحجرية أو رحل واحد منهم إلى السماء" (ص17). ففي هذا الدير، المتفرِّد، سيشيّد الآباء الآشوريون كنيستهم الصغيرة.

ولم يصل إسحق إلى الدير إلا بعد فترة إقامة، وجيزة، في ميناء بيروت، كاشفا عن هوية الفنّان/ الرسّام لدى "السيد غارسيا" الذي احتضنه في مطعمه وفندقه المصنوعين من السفينة الراسية على البحر. ولم يصل إسحق إلى ميناء بيروت إلا بعد سبع سنوات، مكفهرّة، قضاها في سجن من سجون النظام السوري (سجن القلعة)، لانعدام توفّره على أوراق ثبوتية، ذاق فيها ورأى كيف يستخرج الإنسان من قفاه ... ومن تجريد من ثياب وعذاب كهرباء وصليب ومشنقة وطاولة فقرات ودرج موت وقناني ... ووسط أناس لا تضبطهم قواعد ولا معايير اجتماعية ... من لوطيين ولصوص وبائعي المخدرات وتجّار أسلحة. ومن قبل فترة السجن، هاته، كانت مغامرة اجتياز صحراء العراق التي انتهت بقتل ابن أخيه فيها، بالرغم من مخالب الذئاب التي زرعها في أصابعه دفاعا عن نفسه أمام الذئاب والحيوانات المفترسة.

وفي الحق لسنا، هنا، بصدد تلخيص الرواية التي تعجّ بالأحداث والتفاصيل وببعض التأمّلات والأفكار وعلى النحو الذي يجعل الاختصار ذاته ــ وفي المدار ذاته الذي لا يفارق الاقتصار ــ عملا شاقا وصعبا. ولذلك يهمّنا أن نركّز على أن الزمن الفيزيائي في الرواية لا يتعدّى ثلاث ساعات، أمضاها إسحق على متن الطائرة من بيروت نحو الفاتيكان بروما، من أجل الدفاع، ومن خلال "أطروحة لاهوتية"، عن "دير الأيقونات"، وفي سياق أوسع هو سياق الدفاع عن المسيحية العراقية الآشورية؛ أما الزمان الثقافي (والنفسي) للرواية فيمتد إلى ما قبل قرون قبل الميلاد في دلالة على ميلاد الأشورية، وشيوع الإمبراطورية الآشورية، وصولا إلى الزمن الحاضر الذي ذاق فيه هؤلاء الآشوريون أصنافا من التقتيل والمحو والتطهير، في أكثر من محطة لعل أبشعها ما تعرّضوا له من مجازر من قبل العثمانيين، في تزامن مع بداية الحرب العالمية الأولى ... وصولا إلى الحرب الأمريكية (القذرة) على العراق (وقد سلفت الإشارة إليها). وقد برع العمل في "التأريخ"، بطريقته السردية، للفكرة ذاتها من خلال رزمة من الأفكار والأقوال والحدوس والانطباعات والاعتراضات ... دون أن يفارق "خيطية السرد" بلغة الرطان النقدي البنيوي.

إن الذاكرة، التي كانت مستهدفة وعرضة للنحر المقصود، هي ما برع السارد في أن يجعلها "تعمل" (Travail de Mémoire) من خلال ما نعته بنفسه بـ"عذابها ومطارقها الثقيلة" (ص31)، أو من خلال "وجع الذاكرة" حسب الدراسات التي تعنى بـ"الظاهرة الذاكرية"، وهي ما برع العمل كذلك في أن يحوّلها إلى شلاّل لانثيال الأفكار، ودفق الوقائع، وتوالي سير الرهبان السبعة من الآباء الآشوريين من الذين اتّحدت أرواحهم مع الدير، وهم كالتالي: الأب إلياس، والأب جوزيف، والأب سامر، والأب إيلي، والأب شربل، والأخت سيسيل، والمطران مار يوسف. ولكل واحد من هؤلاء حكايته التي تنغلق في الديني والطهراني من جهة، لتنفتح على الدنيوي المتماوج من جهة ثانية، ولتلتبس بالمغوي وــ حتّى ــ المدنّس من جهة ثالثة (وأخيرة). ومهما كان فالدير، وعلى محورية الكنيسية فيه، "مجتمع مصغّر" ... وبما يلازم أي مجتمع من المجتمعات، والكبرى كما الصغرى، من "معايير الضبط والإقرار" ومن "خلائط المزج والانفلات" في الوقت نفسه.

وحصل كل ما سلف، ومن تداخل للزمن الفيزيائي والثقافي/ النفسي، ومن تصعيد للمكان وبحيواته المتقاربة والمتباعدة، في الطائرة تعيينا وعلى وجه التحديد (طائرة شاكر نوري)[4] تبعا للعنوان ــ الدّال ــ الذي اعتمده الكاتب معن البياري في قراءته المقتضبة والشيّقة للرواية نفسها. ولقد عرض السارد لحكايات هؤلاء، لكن مع التركيز على حكاية الأب جوزيف مؤسِّس الدير ومتصدّر الواجهة الأمامية لعمارة الرواية إذا جاز أن نتكلم بلغة النقد المعماري. وهذا الأخير هو "مرآة" لإسحق في عوالم التراجيديا المتناسلة والمتدافعة في العراق، وهو الذي كان وراء معجزة قبوله في الدّير بين أصوات مناوئة من الأصوليين المتعصّبين ضد مسلم يلجأ إلى الدّير ويصبح راهبا، وهو الذي قلّده الصليب الذهبي في حين أنه كان لا يتوفّر إلا على صليب نحاسي، وهو الذي كان وراء رحلته "اللاهوتية" (الانقلابية) نحو روما. والأب جوزيف هذا، والذي أمضى ثلاثين عاما بين جدران الدير ناسكا متعبّدا وواعظا، كان قد تمسّك بالشيوعية في وقت مبكّـر من حياته، وتزوّج من أرملة صديقه (سيسيل) بعد مقتله على يد قناص في الحرب العراقية الإيرانية، ليرعى بناتها الثلاث، وليضطر بدوره للهروب من قريته "مِـرْكا" الواقعة في سهل الموصل، بعد مقتله لأحد أفراد عصابة تجرّأت على سرقة أغنامه. وفي إثر ذلك لجأ إلى كنيسة المطران مار يوسف الذي سيحتضنه، وسينزله في السرداب، تمهيدا لتهريبه إلى مكان مجهول. وأما آشوريّي القرية فصاروا يعيشون على إيقاع الذعر خوفا من فكرة الانتقام الجماعي. ويمكن عدّ جوزيف، وبأكثر من معنى، بطل "جحيم الروح".

وكما أسلفنا، لقد اضطر إسحق لمعانقة المسيحية بحثا عن منفذ للخلاص من "الجحيم"، ومن ثمّ الشروع في صياغة التأسّيس لوجوده الإنساني هناك في بيروت، وبعيدا عن العراق حيث المأساة مثـل نشرات الأخبار اليومية أو نشرات أحوال الطقس. وتفيد الرواية ذاتها أن المسيحية الشرقية الآشورية تسمح بهذا الالتحاق؛ وذلك كله من خارج فكرة "تكامل الأديان"، كما يمكن الاطّلاع عليها، ومن منظور مقارن، في كتاب (النبيّ والترهُّبّ) لصاحبه الكاتب اللبناني الأب حنَّا إسكندر[5]. ومن ثَـمّ مغايرة المسيحية الآشورية للمسيحية الغربية المهيمنة والمالكة لـ"قوة التمثيل" والحريصة على إبقاء التمثيـل ذاته في حال من علاقات القوة المتزايدة؛ ومما جعل الفاتيكان، في "رؤيا" (جحيم الراهب)، ينتقد الأب جوزيف راعي الدير بل يشدّد على هرطقته مع أن هذا الأخير كان يحرص فقط على التخلّص من ثالوث: العزلة والباتولية والفقر ومن خلال الحثّ على الزواج والعمل والعيش. يقول السارد: "يا إلهي! كم كافح الأب جوزيف ليقنعهم بأن العمل والعبادة لا ينفصلان، وتمكّن ببراعة أن يخرجهم من كهوفهم ومغاراتهم وقلّاياتهم، وأنار لهم طريق الزواج والإنجاب والزّراعة، مما أغضب الأساقفة، والشمّاسة، والقسّيسين الكبار، وأهل السلطة في الفاتيكان" (ص37).

في هذا السياق تأتي فكرة ذهاب إسحاق إلى الفاتيكان من أجل مواجهة "مركزية" هذا الأخير في حرصه على الحفاظ على "النظرة الغربية" للمسيحية، وعلى العمل على تقويتها وتوسيع دوائرها. وستكون هذه المواجهة، وكما أسلفنا، من خلال مرافعة لاهوتية عن دير الأيقونات والمسيحية الآشورية، عبر أطروحة موضوعة وإشكالية. وحتى إن بدا إسحق غير قادر على الحسم في عنوان الأطروحة ... فإن الهاجس، أو الباعث عليها، هو الدفاع عن "مجموعته القومية الصغيرة". يقول: "كنت أريد شيئا واحدا فقط، هو الوفاء لتعهّدي للأب جوزيف للدفاع عن دير الأيقونات، القضية التي تخصّ حياة ثلاثمئة راهب وراهبة، تركتهم وحيدين، شاعرا بتأنيب الضمير، بعدما أخذ الآباء الآشوريون ينسلّون الواحد بعد الآخر من الدّير، كأنهم يهربون من سفينة غارقة." (ص46)

وما كان لهذا الأخير أن يرقى إلى هذا التكليف إلا بعد سبع سنوات شائكة من الانتظار والمجاهدة والمكابدة والامتثال والصلاة والبتولية ...أمضاها في الدير فقيرا ومتقشّفا ومتدرّجا ... من، وفي أولى درجات الرهبنة، خادم بسيط في الدير إلى مؤمن طائع ومنصاع، ثم حافظ للمزامير، وصائم، وناسك، وراهب يقطن في قلّاية مغارة، وصولا إلى الدرجة السابعة (والأخيرة) التي هي درجة المتوحِّد بالمغارة إلى درجة السياحة فلا يتقيد الراهب بمغارته. وقد قطع هذه الأشواط، المهلكة، في فترة قياسية؛ كما تفيد تهنئة الأب جوزيف له (ص109).

إن (جحيم الراهب) تعيد، بطريقتها، عناوين أعمال روائية سابقة جعلت من الذهاب إلى عواصم الغرب، وبخاصّة من الثلاثينيات إلى الستينيات من القرن المنصرم، وبدافع من التحصيل المعرفي، موضوعا لها ... وعلى النحو الذي جعل أبطال هذه الأعمال وشخوصها عرضة لـ"ثقافة" الغرب المتجسِّدة في الممارسات والعلاقات الاجتماعية، مما فرض عليهم أشكالا من المقاومة لـ"نعيمه" ممثلا في الجسدانية والحرية والذوبان في الزمن ... إلخ. وحصل ذلك وسواء في حال الإقامة في عواصم الغرب الأوروبي الرأسمالي الثرية مثل لندن وباريس، أو حتّى في بعض عواصمه الفقيرة (بأكثر من معنى) كما في حال مدريد في رواية بهاء الطود (البعيدون) (2001) التي تقع ــ من ناحية الأنوية الدلالية ــ أو من ناحية علاقة الشرق بالغرب ــ في المتّصل ذاته الذي يمتد من شكيب الجابري في عمله الروائي المبكِّر ــ والتأسيسي ــ والذي عادة ما يتم التغافل عنه ــ (نهج) (1937) وتوفيق الحكيم في (عصفور من الشرق) (1939) ويحيى حقي في (قنديل أم هاشم) (1944) وسهيل إدريس في (الحي اللاتيني) (1954) و الطيب صالح في (موسم الهجرة إلى الشمال) (1967) وعبد الله العروي في (الغربة) (1972) ومحمد زفزاف في (المرأة والوردة) (1972) ... إلخ.

وليس غريبا أن يكون إسحق بدوره قد خبَـر الخطاطة الأخيرة من قبل، يقول: "وشاء القدر أن أكون على هذه الطائرة، قاصدا روما، ليس كشاب متمرّد، أعيش ذيول ثورة الطلبة، كما نزلت في باريس قبل ثلاثين عاما، بل كراهب وتلميذ لاهوت في الفاتيكان في روما" (ص23). لكن في حال روما فالأمر يختلف كما يوضّح إسحق نفسه: "وهل يعقل أن روما بكلّ عظمتها، تنتظر رجلا منسيّا مثلي؟ من أكون بربّكم، حتى يتشرّف صاحب القداسة باستقبالي في أروقة الفاتيكان؟" (ص38). ولذلك هل سيصمد إسحق في روما/ الغرب أم أنه سينتهي إلى المصير نفسه الذي انتهى إليه أغلب أبطال الأعمال السابقة من انجراف وذوبان في الغرب، أو من عزلة وانتحار في بلدانهم وبين أهاليهم نتيجة العلاقة غير المتكافئة بين "الغرب الكافر والشرق الناهض"؟ فما المصير الذي ينتظر إسحق، في روما، بتجربته المغايرة، وبسلاحه الذي هو "سلاح الخطاب" فقط أو "سلاح الكلام"؟ وألم يقل الشاعر والفيلسوف فرناندو بيسوا: "كل من يعرف قول ما يقول، هو ملك روما بطريقته الخاصة"[6.]

وحتى لا نسترسل في "غواية التساؤل" فإن ما حصل لإسحق وفي الطائرة ذاتها، وعلى وجه التحديد في آخر لحظة قبل النزول منها، أفضى إلى قلـب الطاولة بأكملها لكي لا نقول مسحها ولو بالكامل. لقد تجرّد من لباس الراهب في حمّام الطائرة، ونزل كسائر الراكبين مخترقا جموع منتظريه من تلامذة الفاتيكان ورهبانه وبما في ذلك كبيرهم ... فيما ناتاشا تغمز بعينها اليسرى له في إشارة إلى موعدهما في أحد فنادق روما. ولعلّ اقتران الغرب بالتحرّر، وعلى مستوى اللزوم والتضمّن معا، ومن أوّل لحظة متاحة، وعلى صعيد اللباس ابتداءً باعتباره نمط وجود مكسّر وعلامة هوية منشقّة (كما في حال (جحيم الراهب)، يذكّرنا، وفي مثال جارف، بما حصل لطه حسين حين ألقى ــ وكما يروى ــ بقفطانه (المصري) في مياه البحر بمجرد ما شعر أن الباخرة أخذت تحرث خارج المياه المصرية نحو باريس. فـ"الخلاص" يأتي من الارتماء غير المشروط في أحضان الغرب.

لقد بدا إسحق واثقا من نفسه، وهو يردّد بامتلاء ووثوقية:
"سأمزج فرشاة حياتي بالحبر والإرادة والحلم والنبيذ والحب.
وداعا يا يسوع.
وداعا أيها الأب جوزيف.
وداعا أيها الآباء الآشوريون الآخرون: سامر وإيلي، ومار يوسف وشربل وإلياس في مثواهم الأخير.
وداعا يا تلاميذ الفاتيكان الرائعين المنتظرين في المطار.
المعذرة لكم جميعا.
ناتاشا تنتظرني في فندق روما بلازا" (صص223 ــ 224).

والظاهر أنه كان بالإمكان التشديد على القولة التي صدّر بها الكاتب روايته، "إذلال الإنسان ليس عنصرا ضروريًّا لعزّة السماء." لألبير دو بوفورفيل، "ماتجيوي" 1862 ــ 1939، وممّا كان سيجعلنا نتفهّم الانقلاب ونتخلّص من "شقشقة التأويل"، غير أن ذلك كان سيجعلنا نسقط في ربط ميكانيكي يشلّ الدلالات المتفاضلة ــ وحتى المتنابذة ــ التي حرَص العمل ــ ذاته ــ على أن يواجهنا بها. فعلى غرار "فرن الأديان"، في بيروت، هناك "فرن التأويل" في ميدان القراءات. إننا بصدد نهاية يمكن أن تقرأ، هذه المرّة، "بقميص الفقيه وقناع القديس" كما يقال.

والظاهر أن السارد أصرّ على هذه "النهاية المقترحة" لكي لا نقول "المفتوحة" كما في أغلب القراءات المشغولة بـ"النهايات السردية المغلقة" و"التلفيقات الفكرية المسبقة". وعلى مستوى أوّل قد نردّ هذا الانقلاب إلى المرأة (ناتاشا) (مضيفة الطائرة) التي شقّت "عقله المتعقِّل" قبل "وجدانه الديني السمْح"، وحصل ذلك على امتداد الساعات الثلاث، وتوّج ذلك بعطر "بوازون" Poison)) (السُم، بالفرنسية) المتبادل بينها في دلالة موحية على نوع من "الخطيئة" أو "الشجرة" التي أكل منها آدم فحصل ما حصل. ولكن لا ينبغي أن نبالغ في تقدير هذا الانقلاب من خلال "مدخل المرأة" التي تستدرج، وفي إطار من "اللاشعور الكولونيالي"، الشرقي لتفجير "بنيان فحولته" و"طبقات عدوانيته الجنسانية" تجاه الغرب بأكمله.

أجل إن الغرب، وباشتراطاته وإكراهاته، وارد ... وسواء في حال التعاطي للمواضيع التي تفرض قدرا كبيرا من التحرّر، أو حتى في المواضيع التي تفرض قدرا من التسامي والطهرانية، كما في حال موضوع الدين في (جحيم الراهب). ومن ثم ألا يمكن اعتبار إسحق ضحية نوع من "الاستشراق" بما أنه (أي إسحق) منتوج "مسيحية شرقية مستضعفة" طارت نحو "مسيحية غربية مهيمنة" من أجل مجابهتها على أرضها بعد استسهالها؟ وهذا بالرغم من خلو كنائس روما الكثيرة من البشر في مقابل امتلاء الشوارع والميادين بهؤلاء البشر؟ فكانت هذه النتيجة المغايرة وغير المتوقعة طالما أنه طمح إلى خرق قاعدة "التماهي"، أو "ولع تشبّه المغلوب بالغالب" بلغة ابن خلدون، من خلال التقدّم نحو "غرب أبدي" (كما نعته روديارد كيبلنغ صاحب القاعدة الشهيرة "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا")، وفي إطار من عدم تقدير "علاقات القوة" الداعمة للاستشراق، تلك العلاقات التي تحرص على ترسيم الهيراركية أو التراتبية ما بين الغرب والشرق؟ أم أنه يمكن أن نردّ هذا الانقلاب إلى الجذور الإسلامية لإسحق وبخاصّة إذا ما شدّدنا على دخول العرب والمسلمين على خط المسيحية ككل ــ وفي الشرق تعيينا ــ مما كان له تأثيره ــ الثقافي، هذه المرّة ــ المعكوس أو المضاد على مستوى الحداثة المنشودة. لقد ظلّ المسلمون دوما، وتبعا لمقولات الاستشراق التنميطية (والعنصرية، أيضا)، مصدر تخلّف وجهل وفوات تاريخي وحضاري ... مما جعل إسحق يرتمي، بسهولة، في أحضان أوّل امرأة ("جميلة"، في "عرف ثقافته"، كما ينبغي التنصيص على ذلك) بالنظر لما قاساه من "تيبّس" على مستوى الذات والوجود في الشرق؟ أم أنه يمكن الاعتراض على التأويل الأخير، الذي يبدو عدائيا واستشراقيا بدوره، بدليل أن إسحق لم يكن "مسلما تقليديا"، إضافة إلى أن "المسيحية الآشورية"[7] (وهو ما فطنت إليه قراءة للرواية) تسمح بهذا العبور، مخالفة في ذلك ما تنتجه المسيحية الغربية في الفاتيكان؟ ومما يرّجح، وفي محصّل النظر الأخير، كفّة المرتكز الذاتي/ الوجودي في قراءة "الانقلاب" واستخلاص شروطه العميقة؟

إن المرتكز الوجودي وارد، في (جحيم الراهب)، وتؤكّـده أفكار إسحق وممارساته. وكما أن في التحوّل من التطلّع إلى النقطة العليا، في العالم اللانهائي وفي الأبدية الدائمة، إلى الأرض ... أو في التحوّل من "الكائن المتديِّن" إلى "الكائن الوجودي" ... تأكيد للطابع الوجودي للمسيحية، كما في قراءات فلسفية متعيّنة. فـ"ليس مهمًّا أن تتفق أخلاقيات السماء مع أخلاقيات الأرض" كما يقول الفيلسوف سورين كيركيجارد (Soren Kierkegaard) مؤسِّس الوجودية المسيحية" الذي رافع على ضرورة الوصل ما بين "الضرورة" و"الحرية" في المسيحية. ذلك أن فعل الإيمان لا ينبغي له تجريد الإنسان من حريّته. ومن ثم كان استقرار كيركيجارد على خيار الوسط ما بين طرفي الثنائية المتضادين. إننا، هنا، بصدد ضرب من "الحل الوجودي للدين" كما نعته عبد الرزاق الجبران في كتابه (انقلاب المعبد)[8] الذي اعتمد فيه بقوة على كيركيجارد، بل كان هذا الأخير ضمن من أهداهم عبد الرزاق الجبران كتابه المثير (جمهورية النبي).

والغاية من الإحالة على الفيلسوف كيركيجارد[9] هي التأكيد على تجاوز إسحق لخيار الوسط، بل خيار الفهم الوجودي ككل للمسيحية، نحو شرط الحرية في سياق مطمح التأسيس الأنطولوجي لذاته الإنسانية دونما اكتراث ــ وحسب نيتشه ــ بالتمييز بين الأصنام (على كثرتها) والحقائق (على قلّتها)، ودونما اكتراث بأصناف الأديان وجغرافياتها المتقاطعة أو المتصادمة، وهو ما يمكن استخلاصه من قوله هذا والذي يخاطب فيه الأب (أو "أبانا" بلغته) جوزيف: "لماذا نختزل كل جغرافية العالم الواسع، بجباله وتلاله وسهوله وأنهاره ووديانه ومحيطاته بقفص، اسمه الدّير أو المعبد أو الكنيسة أو المسجد أو الفاتيكان؟" (ص220). لقد استقرّ على "الوجود" بدلا من "المعبد".

ومعنى ذلك أن محطّة المسيحية، في السنوات السبع التي أمضاها إسحق في الدّير، ما كانت، وبتعبير الفيلسوف مارتن هيدجر (M. Heidegger)، إلا لدحض القلق العميق الذي يكتنف وجود الإنسان داخل كون قذف فيه وأُسْلِم للموت[10]. وهذا بالإضافة إلى "الشرّ الراديكالي " (Mal Radical)، كما تنعته حنة أرندت، المهدّد للثقافات والحضارات والشعوب ... والناجم، في حال العراق، عن الكوبرا أمريكا وعلى النحو الذي أفضى إلى نزيف الهجرة التي كان نصيب المسيحيين منها مهوّلا. فبعد أن كان البلد يضم، وقبل الحرب، ما يقرب من نصف مليون مسيحي عراقي، تراجع العدد إلي ما يقارب المائتي ألف[11]. هذا وإن كان إسحق لا يكترث بماكينات التراجيديا العراقية الدّاهمة، ولا حتى بهجرة أو تهجير الآشوريين، بالنظر لانهمامه بذاته، درْءًا لـ"الصدأ" الذي يتهدّدها بدون توقّف ومن جميع الجهات والجبهات. إضافة إلى أنه لم يهرب إلى الدير بدافع جماعاتي هوياتي قومي. جحيم الراهب هو جحيم الحاضر أيضا، كما ورد في ديباجة التقديم. وكل ما حصل كان في إطار من الذات وليس من خارجها.

لا يمكن، في تصوّري، الاستقرار على أن إسحق، كان أبعد عن الفطرة في انصهاره في الدير، وأنه كان يعكس "رحلة الأب المزيف" إلى الفاتيكان بعد حصوله على الجواز الأحمر الذي سيمكّنه من الوصول إلى أوروبا التي هي هدفه المنشود حتى يعيش فيها غازيا نساءها وناعما بغنائم الحياة ولذائد الرسم ... وعلى نحو ما تأكّد، ابتداءً، من لحظة صعوده الطائرة ... إلخ. هو، وبشكل من الأشكال، يعكس ما عبّر عنه الكاتب نفسه، في نص التقديم، بـ"التجريب" وفي ظل ما ينعت بـ"الشتات العراقي الراهن" كما عبّرت عنه الروائية العراقية إنعام كجه جي ... أو يعكس جانبا من ذلك "الغموض المنتِج" في ذلك الصنف من البشر المهدَّد بالاجتثاث والاقتلاع والمحو والتفتيت.

الآشورية، ومن وجهة نظر دينية وتاريخية، "مجموعة مسيحية هوياتية دينية قومية"، كما أسلفنا، ومثل جماعات مسيحية أخرى كلدانية وسريانية وفينيقية وقبطية ... مجتثة أو مهدّدة بالاجتثاث بدورها في العالم العربي. غير أنها "مجموعة متخيّلة" (Imagined community)، في (جحيم الراهب)، شأنها في ذلك شأن شخصيات الرواية، وشأنها شأن باقي المجموعات التي لا يتم تخيّلها دفعة واحدة، كما يقول بنديكت أندرسون (Benedict Anderson) صاحب الكتاب الأشهر والمتداول على نطاق واسع في الموضوع، وفي النقد الثقافي بصفة عامّة[12]. ولذلك لا ينبغي أخذ الانقلاب بمظهره الخارجي، فهذا الانقلاب جاء بعد أشكال من الإسهام في التأسيس والتخييل للمسيحية الآشورية من قبل إسحق ذاته. وهذا بالإضافة إلى أن هذا الانقلاب كامن في المسيحية الآشورية ذاتها، ولعل هذا ما يستخلص من المراكز الدلالية في دورانها في العمل ذاته، وفي سياق تمجيد الموسيقى والنبيذ والأطعمة والرسم والفن والجمال واللغة ... والأخلاق. ومن هذه الناحية فقد كشف السارد، في تعاطيه لهذه المباهج، عن معجم مخصوص ومتفرّد.

لم يكن إسحق ناقما ولا ساخطا ... وسواء على ذاته أو العالم من حوله. كل ما هناك أن الخلفية الوجودية تغلبّت على "تديّنه المرحلي"، ومن ثمّ تغلّبه، الطوعي أيضا، على المصير الذي يؤكّـده اسم الإنسان كما أشرنا في مستهل القراءة. فالدين، أو "شرط الدين"، لا يعدو أن يكون مجرّد مدخل، وعلى أهميته البالغة، يوفّر الدفاع عن "الذات الإنسانية" في عالم محكوم بمعايير المركزيات الدينية ومظالم السياسة ومخرجات التحيّزات الثقافية. و"كمْ هي سعيدة المدن التي لن تراك مرّة أخرى" كما قال أحد أهم "صعاليك المدن" الشاعر رامبو.

 

(ناقد وأكاديمي من المغرب)

 

إحــــــــــــــالات:

[1] ــ انظر: نص قراءتنا للكتاب: - Marie-Cécile Dufour El Maleh: Angélus Novus: essai sur l'œuvre de Walter Benjamin, J. Vrin, Paris, 1990. في: يحيى بن الوليد، الكتابة والهويات القاتلة، دار أزمنة، الأدرن، 2008، صص 63 ــ 80.

[2] ــ شاكر نوري، جحيم الراهب، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2015. وفيما يتعلّق بالإحالات، ذات الصلة بالرواية، فإننا سنعمل على تثبيتها داخل متن الدراسة تلافيا لإثقال هذه الأخيرة بالإحالات.

[3] ــ انظر: نص قراءتنا لرواية "مجانين بوكا" (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 2012) في: ـــ يحيى بن الوليد، الوجه الكولونيالي البشع لأمريكا بالعراق، مجلة الكلمة (الإلكترونية)، العدد: 65، سبتمبر 2012. على الموقع التالي: www.alkalimah.net.

[4] ــ انظر: معن البياري، طائرة شاكر نوري، على الموقع التالي: http://www.alabasianews.com/news.aspx?id.

 [5] ــ حنَّا إسكندر، النبيّ والترهُّبّ: دراسة علمية مقارنة حول تكامل الأديان، دار بيسان، بيروت، 2015.

[6] ــ فرناندو بيسوا، كتاب اللاطمأنينة، ترجمة: المهدي أخريف، منشورات وزارة الثقافة، الرباط، 2001،ص45.

[7] ــ انظر: محمد مزيد، قراءة في "جحيم الراهب" للعراقي شاكر نوري: الهروب من الأرضي إلى السماوي، جريدة "القدس العربي" (اللندنية): 08 أكتوبر 2015.

[8] ــ عبد الرزاق الجبران، انقلاب المعبد ــ الحل الوجودي للدين، دار إنسان، بيروت، ط 5، 2015، ص12.

[9] ــ انظر :عبد المعطي محمد، سورين كيركجارد مؤسّس الوجودية المسيحية، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1985.

[10] ــ ميشال مسلان، علم الأديان ــ مساهمة في التأسيس، ترجمة: عز الدين عناية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2009، ص14.

[11] ــ انظر: عز الدين عناية، مستقبل المسيحية العربية، على الموقع التالي: http://www.anfasse.org.

[12] ــ انظر: بندكت أندرسن، الجماعات المتخيلة، ترجمة: محمد الشرقاوي، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، 1999.