تقدم الكلمة في هذا العدد قصيدة "العشاق" للشاعر المكسيكي خايمه سابينِس (1926-1999). ترجمتها الى اللغة العربية محررة الكلمة الباحثة أثير محمد علي بالتعاون مع المستعربة روسا-ايسابيل مارتينث ليّو ونشرت بأنطلوجيا خاصة بشعراء من أصول عربية في أميريكا اللاتينية، ويمثل هذا النص الحسي الشفاف نموذجا لقدرة الشعر على سبر أغوار النفس الإنساني

العشاق

خايمه سابينس

أثـير محمد علي

يصمت العشاق،
الحب هو الصمت الشفيف،
الأكثر ارتعاشاً،
والأقل احتمالاً.
يبحث العشاق..
العشّاق هم من يهجر،
هم من يتغير،
من ينسى،
...
قلبهم يحدثهم أنه ما من لقيا أبداً.
لا يلتقون، بل يبحثون،
يسير العشاق كما المجانين،
لأنهم وحيدون، وحيدون، وحيدون.
يستسلمون لبعضهم البعض،
يهبون أنفسهم لكل لحظة،
ويبكون لأنهم لا ينقذون الحب.
...

يقلقهم العشق،
يعيشون اليوم، ما استطاعوا إليه سبيلا،
بل يجهلون فعل أكثر من ذلك.
دائماً في حركة دائبة،
نحو وجهة ما.
ينتظر العشاق،
لا ينتطرون شيئاً، ولكنهم ينتظرون.
...

يعلمون أنه ما من لقيا أبداً.
العشق هو التأجيل المؤبد،
دائما الخطوة التالية، فالتالية، فالتالية..
العشّاق هم النهمون،
باستمرار عليهم – يا للروعة! – أن يكونوا وحيدين..
...

العشّاق هم هيدرا الحكاية.
لهم ثعابين بدل الأذرع.
العروق في أعناقهم تنتفخ أيضاً
كحيّات لخنقهم.
لا يستطيع العشاق النوم
لأنهم فيما لو ناموا ستأكلهم الديدان.
في الظلمة يفتحون أعينهم
وفيها يسقط الفزع.
يجدون عقارب تحت الملاءات
ويطفو سريرهم كما لو أنه في بحيرة.
...

العشّاق مجانين، محض مجانين،
بلا إله ولا شيطان.
يخرج العشاق من كهوفهم
مرتعشين، جائعين،
لصيد خيالات.
يضحكون على الذين يعرفون كلّ شيء،
على الذين يحبون بصدق للأبد،
على الذين يعتقدون أن الحبّ كمصباح
لا ينضب زيته.
...

العشاق.. يلعبون بقبض الماء،
بوشم الدخان،
بدل أن يرحلوا.
يلعبون اللعبة الطويلة،
لعبة الحب الحزينة.
ما من أحد يجب أن يستسلم.
يخجل العشاق من أي اكتفاء.
خاوون، ولكن خاوون من ضلع آخر،
الموت يخمّرهم ما وراء العينين،
وبينما هم يسيرون، يبكون حتى الفجر
الذي تتوادع فيه قطارات وديكة بألم.
... 

أحياناً تصلهم رائحة
أرض وليدة،
نساء يغفينَ بمسرّة وراحة أيديهنّ على فروجهنّ،
سواقي مياه حنونة، 
ومطابخ.
يأخذ العشاق بترنيم أغنية لا يتقنونها
من بين الشفاه
وتراهم يبكون، يبكون
الحياة الفاتنة.