وأخيرا استجابت الدولة المغربية للحراك النقابي الفني والذي تواصل لسنوات طوال، وصادق مجلس النواب المغربي على، في إطار القراءة الثانية المتممة، على قانون الفنان والمهن الفنية وهو ما شكل حدثا وطنيا وثقافيا بامتياز، هنا بلاغ للمكتب الوطني للنقابة المغربية لمحترفي المسرح، أحد مهندسي هذا القانون، يشرح لنا خلفيات القرار وتبعاته.

الدعوة لتتميم قانون الفنان والاسراع بتنزيل مقتضياته التنظيمية

بعد مصادقة مجلس النواب في إطار القراءة الثانية على مقترح قانون الفنان والمهن الفنية يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 71-99 يتعلق بالفنان، تعبر النقابة المغربية لمحترفي المسرح عن ارتياحها لهذا الإنجاز المهم الذي تعتبره تنزيلا موفقا لمقتضيات دستور المملكة ولاسيما الفصلين 25 و26 منه، وخطوة مهمة نحو حماية الفنانين من كل مظاهر الحيف والاستغلال اللذين يتعرضون لهما بمناسبة إنجاز أعمالهم الفنية وطريقا نحو تنزيل حقهم في الحماية الاجتماعية الذي يضمنه الدستور لعموم المواطنات والمواطنين.

كما تثمن النقابة الفلسفة التي اعتمدها المشرع في صياغة نص يهتم بتقنين العلاقات الاقتصادية والشغلية وما يترتب عنها من حقوق وواجبات في المجال الفني بعيدا عن أي تدخل في مضمون الأعمال الفنية التي تبقى خاضعة لحرية المبدعين والفنانين باعتبارها حقا محميا ومكفولا بموجب الاتفاقيات الدولية التي وقعتها المملكة المغربية في مجال حرية الإبداع والنشر وعملا بدستور المملكة ولاسيما الفصل الخامس والعشرين منه.

كما تعتبر النقابة مقترح قانون الفنان والمهن الفنية والنصوص التطبيقية والاتفاقيات الجماعية التي ستعقبه آلية قانونية مهمة لحماية استثمارات الدولة في مجال الفنون والثقافة من أي استغلال ريعي خارج الضوابط القانونية على حساب حقوق الفنانين من جهات استغلت الفراغ القانوني الحاصل لإفراغ خيارات المغرب الثقافية من مضمونها وأهدافها التي ينبغي أولا وأخيرا أن تصب في خدمة المواطنين ثقافيا والمساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني وتطوير روح الإبداع والتفكير الحر وإشاعة قيم الحق والخير والجمال داخل المجتمع.

كما تثمن النقابة مضامين القانون ولاسيما:

  • تنصيصه على تحفيز وتشجيع المقاولة الفنية؛
  • حمايته للفنانين في وضعية صعبة وتعزيز المكانة الاعتبارية للرواد؛
  • حمايته للفنانين المتفرغين للممارسة الفنية باعتبارهم الفئة الأكثر حاجة للحماية مع اتساع رقعة شمولية القانون لضبط العلاقات الاقتصادية والتعاقدية احتراما لحرية الإبداع من جهة وحرصا على احترام شروط المنافسة العادلة بين الفنانين بإخضاع الجميع لكل شروط العمل من ناحية الالتزامات التعاقدية التي من المنتظر أن يتم تفصيلها وتدقيقها في نصوص تنظيمية واتفاقيات جماعية من جهة أخرى؛
  • تعزيز وضعية الأجير بالنسبة لفناني العروض العاملين بشكل متقطع والتي تضمنها قانون 2003 مع تدقيقها بمقتضيات تسمح بتنفيذها على مستوى الاقتطاعات وآليات للحماية الاجتماعية للفنانين والشروط الدنيا للتشغيل ولائحة المهن الفنية والعقد النموذجي ودفعات الأجر الفني وكل الحقوق التي يتمتع بها الأجراء حسبخصوصية المجال الفني سواء في القانون نفسه أو بموجب نصوص تنظيمية؛
  • تدقيق المفاهيم والمقتضيات المؤطرة لحقل الممارسة الفنية ببلادنا مما يفترض أن تكون له آثار إيجابية على الحياة المهنية ولاسيما في شقها المتعلق بالتمثيلية المهنية تسهيلا للتفاوض وللحوار الاجتماعي في المجال الفني وصياغة السياسات العمومية في المجال؛
  • عقلنة التمثيلية المهنية في المجال النقابي الفني عن طريق التنصيص على آليات لتحديد معايير الهيئات الأكثر تمثيلية في المفاوضات الجماعية مع احترام التعددية والحريات النقابية؛
  • حماية المال العمومي الموجه لدعم المقاولة الفنية من أي استغلال ريعي على حساب الحقوق المادية والمعنوية للفنانين وحماية الجودة دون الإضرار بحقوق ولوج المواهب الفنية والكفاءات الجديدة إلى الممارسة المهنية؛

وإذ تعتز النقابة المغربية لمحترفي المسرح بهذه المكتسبات وغيرها التي يتضمنها مقترح قانون الفنان والمهن الفنية، فإنها تثمن:

  • المجهود الذي بذلته الأغلبية البرلمانية من أجل تحقيق هذه الخطوة الهامة؛
  • روح المشاركة الإيجابية التي طبعت تفاعل فرق المعارضة بدورها مع المقترح الشيء الذي أفرز إجماعا برلمانيا بدا واضحا وذا دلالة رمزية في جميع مراحل التشريع والمصادقة التي طبعها التوافق وحقق إشادة من منظمات مهنية دولية معنية بتطوير حقوق الفنانين عبر العالم وعلى رأسها الفيدرالية الدولية للممثلين والفدرالية الدولية للموسيقى؛
  • الإرادة الحكومية المتمثلة في المجهود الكبير الذي بذلته وزارة الثقافة من أجل تطوير المقترح بشكل لافت، وذلك بتشاور مع المنظمات المهنية المعنية قصد تجويد المقترح ومع القطاعات الحكومية ذات الصلة: وزارة الاتصال ووزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية؛

كما تعتز النقابة بالمشاركة الفعالة لأطرها ومناضليها وفروعها الجهوية في تجويد المقترحات والترافعات واللقاءات الموضوعاتية التي نظمتها على مدار أربع سنوات بمساهمة خبراء مغاربة وأجانب؛ والتي كانت موضوع لقاءات مع فرق برلمانية وسلطات حكومية وتنسيق مع منظمات مهنية وفق الحقوق التي يضمنها لها الدستور كقوة ترافعية مدافعة عن حقوق الفنانين الدراميين ومساهمة أساسية في هيكلة الحقل الفني ببلادنا.

ختاما تهيب النقابة المغربية لمحترفي المسرح بمناضليها وعموم الفنانين والمنظمات المهنية بضروة التعبئة والتكتل وتوحيد الصف النقابي الفني بمختلف تخصصاته من أجل الحرص على تنزيل مقتضيات القانون بشكل أنجع لما فيه خير الإبداع الفني المغربي.

 

النقابة المغربية لمحترفي المسرح بالمغرب

المكتب الوطني