في لحظة سفر فارقة يصيغها الشاعر والكاتب السوري عبدالسلام الشبلي، نستعيد معه تفاصيلها وانجراحاتها ووجعها في محاولة منه التحلل من ثقل هذه العاطفة الجياشة التي تجعله أسيرا لها وغير قادر على أن يتنفس في وطن حر.

لَحْظَةُ السَفَرْ

عبد السلام الشـبلي

لماذا؟

تسألُنِي وتَطوِي رسائلةَ الرحيلِ الأخيرة

وتقطفُ من حديقةِ الأوجاعِ دمعةً..

وتقصُ أطرافها الغزيرة..

ثم تعيدُ زراعتها في جسدي..

تقولُ:

ستنبتُ فيكَ أشجارُ حُزنِي

وتكبرُ في أرضِكَ عبراتِي الصغيرة..

 

يا حُبي..

يا وجَعِي القادمَ يا تَعَبِي

هل أبحثُ فيكَ عنْ سببٍ للعشقِ وأنتَ سببي

هل أنبشُ شعركَ كي أعرفَ ما أحتاجُهُ منكَ يا طَلَبِي

أم أكتفي منكَ بالصمتِ وأحطمَ بلّورَ خُطَبِي

يا جاعلي في الحيرةِ سَكنَى..

من لا يحتارُ بحبِ صَبيِّ

 

أدمنتُكَ في الحبِ فعلمني

كيفَ أهربُ منكَ كيفَ أهاجرُ من حُمقي

كيفَ أستعيدُ أنايَ و أكفُ عن الغرقِي

كيفَ أسيرُ بعيداً عنكَ وأقتلُ عطركَ في عبقِي

كيفَ أمددُ للنسيانِ إقامتَهُ في طُرُقِي

علمني كيفَ أمحوكَ من أعماقِي ومِنْ أرقِي

 

لماذا؟

تسألُنِي عنْ حُبِنَا الذي كَبُرَ

تسألُني وتَعُدُ لهُ أمتعةَ السفرْ

تطوي له أشياءهُ وتُحَضِرُ مِعْطَفَهُ الصوفيَّ

وتجهزُ مظلةَ المطرْ

وتبكي تبكي..

فينزلُ المطرْ

تقولُ:

غداً سيكونُ أكثرَ دفئاً

عندما يرسو الغيمُ عندَ شواطئِ الشجرْ

و يصبحُ لحبِنَا وطنٌ وتصيرُ قصتُنَا عبرْ

ويصيرُ لشعركَ ضوءاً ..

أراهُ كأنهُ القمرْ

 

غداً ستعودُ

هيا عِدْنِي

يوشكُ بريدي أن يكونَ بشرْ

معي يجلسُ كل يومٍ يواسيني

برسائلَ كانت منكَ وصورْ

يبكي ويضحكُ مثلما أناْ..

بريدي من بعدكَ قدرْ

غدا ستعود أنتَ وعدتني

ساعة حانت لحظةُ السفرْ.

 

شاعر من سوريا