ضمن فعاليات الاحتفاء بصفاقس عاصمة للثقافة العربية، تتواصل فعاليات الأنشطة الثقافية والفنية المتعددة من جميع التجارب العربية، هنا تقرير عن ندوة مركزية تناولت بالدرس علاقة الثقافة والتراث في الخطاب الإعلامي العربي في محاولة لتحديد سمات هذه العلاقة وتقاطعاتها وأيضا البحث عن قصورها في التعاطي مع القضايا المحورية..

الثقافة والتراث في الخطاب الإعلامي العربي

أوصى المشاركون في الندوة الدولية التي تنظمها وكالة تونس إفريقيا للأنباء حول موضوع "الثقافة والتراث في الخطاب الإعلامي العربي" بضرورة اِهتمام وسائل الإعلام بأنواعها، بالمعالم التراثية والمسائل الثقافية بشكل عام، والتراثية منها بشكل خاص لافتين ومعترفين في ذات السياق إلى القصور الإعلامي في التعاطي مع الشأن الثقافي عموما وخاصة التراث.

وتضمنت التوصيات أيضا، دعوة المؤسسات الإعلامية العربية إلى المراهنة على الإعلام الموجه للشباب والأطفال وذلك بغاية مزيد التوعية بأهمية المسألة الثقافية والعناية بالتراث والمحافظة عليه، إلى جانب مساندة المجهودات الرامية إلى تسجيل التراث العربي ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني، وذلك عبر تكثيف التغطية الإعلامية وتسليط الضوء على مواطن القوة والضعف في العناية بالمعالم التاريخية وبالتراث المادي واللامادي.

وفي إطار تواصل فعاليات تظاهرة "صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016" انتظمت ندوة هامّة بحثت في علاقة "الثقافة والتراث في الخطاب الإعلامي العربي"، وهي ثمرة شراكة بين وكالة تونس إفريقيا للأنباء وهيأة التظاهرة.

وقبل افتتاح الندوة قام المشاركون بزيارة مقر التظاهرة أين تمّ توقيع اتفاقية شراكة ورعاية إعلامية بين التظاهرة ممثلة في السيدة هدى الكشو المنسقة العامة والدكتورة حميدة البور الرئيسة المديرة العامة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء.

الندوة ناقشت بالخصوص مسائل تتعلق بدور الإعلام في التحسيس بأهمية الحفاظ على التراث المادي و اللامادي في المنطقة العربية وحفظ خصوصياتها الثقافية والتراثية والبيئية أيضا.

وفي اِفتتاح الندوة أكدت الدكتورة حميدة البور، أن هذه الندوة تهدف إلى إعادة الاعتبار للمشهد الثقافي في وسائل الإعلام، سيّما في ظل تراجع الفعل والحضور الثقافيين في المشهد الإعلامي مقارنة بالمسائل السياسية والاقتصادية والرياضية.

وشدّدت البور على أنّ مشاركة وكالة تونس إفريقيا للأنباء في تظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016، لا تهدف فقط إلى تغطية فعاليات هذه التظاهرة فحسب، وإنما البحث في المشاكل الحقيقية التي تهم الثقافة في تونس والوطن العربي، وفتح باب النقاش أمام الباحثين والمثقفين للدفع نحو إيجاد الحلول الكفيلة بالنهوض بالقطاع الثقافي..

وفيما يتعلّق بالإعلام الثقافي المتخصّص أكدت البور على ضرورة إعداد دورات تدريبية مكثّفة ومتواصلة في هذا الشأن بما يسمح من تمكين الصحفيين المختصّين في الإعلام الثقافي الإنخراط بأكثر تعمّقا في مواكبة المشهد الثقافي بكل أشكاله.

من ناحيتها، أكدت المنسقة العامة لتظاهرة صفاقس عاصمة الثقافة العربية 2016، هدى الكشو، أن "العلاقة القائمة بين الإعلام والثقافة هي علاقة تكامل من أجل دفع عملية التنمية الثقافية"، داعية إلى مزيد تضافر جهود وسائل الإعلام المحليّة والعربية لإنجاح التظاهرة والترويج للهويّة التونسية والعربية التي تناضل من أجل الحياة وتقاوم الإرهاب.

وفي ذات السياق أشار مدير إدارة الإعلام في جامعة الدول العربية فالح مطيري، في مداخلته التي تساءل فيها عن مكانة للثقافة في الاستراتيجية الإعلامية لجامعة الدول العربية،أشار إلى أنّ تراجع المشهد الثقافي في وسائل الإعلام العربية إلىهيمنة وسائل الاتصال الحديثة على المشهد الإعلامي العربي بشكل عام، والتي ساهمت في "طغيان الجانب التجاري على البرامج الإعلامية، وإخضاعها لآليات السوق، فغلبت عليها الوظيفة الترفيهية، وغابت عنها الوظيفةالتربوية"...

وشدد المطيري على أن "بناء الإنسان العربي ثقافيا وإجتماعيا أصبح ضرورة ملحة"، وقال أنّ على أن "الإعلام بما يملكه من قدرات كبيرة على التـأثير قادر على تقديم رسائل من شأنها بناء الملامح الحضارية للمواطن العربي".

ورشات تكوين في الإعلام الثقافي

ودعا عدد هام من الذين واكبوا الندوة التي تواصلت على مدى ثلاثة ايام في مدينة صفاقس، إلى تنظيم ورشات تكوينية لفائدة الصحفيين، بالتعاون مع المجتمع المدني والقائمين على الشأن الثقافي والمختصين في التراث، بهدف تحسين التغطيات الصحفية وتنويع أشكالها وعدم الإكتفاء بتمرير أخبار مقتضبة.

كما أشار الخبراء والباحثون في التراث فضلا عن عديد الإعلاميون وممثلي عدد من وكالات الأنباء العربية، إلى تخصيص أقسام بارزة على الصفحات الرئيسية للمواقع الالكترونية لوسائل الإعلام، للمسائل الثقافية والتراثية، مؤكدين على أهمية تفعيل اِتفاقيات التعاون بين المؤسسات الإعلامية العربية من أجل تنظيم برامج تكوينية للصحفيين، تهدف إلى التعريف بالمواقع التاريخية وبالتراث وبالخصوصيات الثقافية والتراثية لمختلف الدول العربية.

وفي ذات السياق ايضا تمّ التأكيد على أهمية دعوة المؤسسات الإعلامية لربط اتفاقيات تعاون مع المؤسسات التربوية والتعليمية والمؤسسات المعنية بالثقافة والتراث، بهدف رفع الوعي بأهمية المسائل الثقافية لدى الناشئة، وخلق وتعزيز شبكات تبادل للمعلومات بين الصحفيين في المجالين الثقافي والبيئي.

هذا فضلا عن تأكيد المشاركين على أهمية إثراء النشرة الثقافية لإتحاد وكالات الأنباء العربية وتطويرها، داعين إلى وضع اِستراتيجية إعلامية واضحة وخطط للإستفادة من التنوع الفريد للتراث الأثري في صفاقس وغيرها من المدن العربية.

وفي ما يتعلق بالمؤسسات الناشطة في المجال الثقافي والتراث، أوصى عدد من المشاركين بضرورة بعث وحدة مختصة في الإعلام والاتصال صلب تلك المؤسسات بهدف مزيد التعاون مع الصحفيين، وتوفير المعلومة للمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي، بالإضافة إلى تكثيف نشر المعلومات حول المسائل الثقافية والتراث في وسائل الإعلام التقليدية وكذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي.