كتاب الأبجديات الثلاث لكلاريس هيرينشميت

منذ انطلاقه عام 2015، عمل مشروع نقل المعارف بإشراف المفكر الدكتور الطاهر لبيب كنافذةٍ تطل على المعارف الإنسانية والاجتماعية حول العالم، وتسمح لضوء العلم والثقافة بالدخول إلى دولنا العربية عبر كتبٍ وإصداراتٍ لاقت انتشاراً دولياً واسعاً ولكن لم يصل أغلبها إلى مكتباتنا العربية. لذا فإن إطلاق هيئة البحرين للثقافة والآثار  لمشروع نقل المعارف يعد ترجمةً لرؤى الهيئة  واستراتيجيتها الهادفة إلى  رفع الوعي العام بأهمية القراءة والتعرف على ثقافة الآخر.

وفي هذا السياق أصدر مشروع نقل المعارف، مؤخراً، كتاب "الأبجديات الثلاث اللغة والعدد والرمز"، وهو ترجمة لكتاب الباحثة كلاريس هيرنشميت في المركز الوطني للبحث العلمي بباريس. هذا الكتاب يقدم شرحاً مستفيضاً حول الحروف والأعداد والرموز، ويستعرض ويناقش نشأة تلك الأبجديات الثلاث وما طرأ عليها من تحوّلات في مجموعةٍ من الفصول الموزّعة على ثلاثة أقسام، الأول: طريق الكتابة، طرق التفكير، الكتابة والسياق النفسي، والثاني: الكتابة الحسابية للنقود، والثالث: الكتابة المعلوماتية والشبكية.

ويقترب القسم الأول من طرق تدوين اللغات الممتدة من الشرق الأوسط إلى الحوض الشرقي من البحر المتوسط، ومن الشرق الأدنى إلى بحر إيجه المُهَليَن كالسومرية والأكادية، وأبجدية الحروف الساكنة، والأبجدية الإغريقية والمسمارية.

أما القسم الثاني من الكتاب فأفردته هيرنشميت للغة الأرقام وكتابة النقود وحساباتها وتاريخها، إضافة إلى العلاقة بين المعدن والفئات النقدية بقيمها المختلفة، كما يشرح هذا القسم الأسطورة التي رواها هيرودوتوس حول النقد المسكوك ويحاول تفسير الصور الهندسية المطبوعة على ظهر النقود اليونانية.

وأما القسم الثالث فيقترب من اللغة أو الأبجدية  الأكثر تداولاً في عصرنا الحالي – الأبجدية المعلوماتية، والتي تعد ثورةً في التاريخ المعاصر، ولكن التحضير لها بدأ منذ خمسة آلاف سنةٍ على الأقل، وقد توقفت المؤلفة عند جمالية اللغة الرقمية وتسهيلاتها الهائلة في الكتابة، وقارنت بين الذكاء البشري والذكاء المعلوماتي، ثم أشارت إلى المنافسة الرقمية خلال الحرب الباردة بين قطبي العالم، الولايات المتحدة وروسيا، كما نوّهت بما ساهمت به الثورة المعلوماتية من اكتشافاتٍ مذهلة، وصلت بالإنسان إلى اكتشاف الفضاء.

يذكر أن كتاب "الأبجديات الثلاث" هو الإصدار السابع لمشروع نقل المعارف الذي يقوم فريق عمله بالعمل على إنجاز  ترجمة من 50 كتاباً من أمهات الكتب العالمية. أما الكتب التي صدرت قبل هذا الكتاب فهي: "تفكر؛ مدخل أخاذ إلى الفلسفة" للفيلسوف سايمن بلاكبرْن، و "هل اعتقد الإغريق بأساطيرهم، بحث في الخيال المكوَّن" لأستاذ الفكر اليوناني بول فايْن، و "لغات الفردوس" للمؤرخ موريس أولندر، و كتاب "التحليل النفسي علماً وعلاجاً وقضيّة"  لعالم التحليل النفسي مصطفى صفوان. و "الزمن أطلالاً" للكاتب الفرنسي مارك اوجيه، و"أصول الفكر الإغريقي" لِجان بيير فرنان.