يكشف الناقد والشاعر السعودي في هذه القصيدة عن جدل الشعر والنقد في المخيلة الشعرية وكيف يفكر الناقد في نصه الشعري، ويمتح فيه من ثقافته وتناصاته.

تقول إذ تقول

عبد الله بن أحمد الفَيفي

 

بمنتهى البرودِ،

قالتْ  

منتهى الجحيمْ!

يجيء مشتاقًا إليّ مرةً،

يجيء مشتاقًا إليّ كرةً، 

كالسيف راود النجيعَ في مجندَلٍ قتيلْ!

 يا ويلها..

وويله مما تقولُ إذ يقولْ!

تقولها..

كأنها تعظّ تفّاحًا بقلبهِ،

وقلبُه كمرجلٍ،

ذهولُه يلوبُ في ذهولْ!

كيف استطاعتْ

أنْ تشدّ راحتيها فوق خافقيْ

لتخنق العبير في شفاهِ وردةٍ؟

كيف استطاعت بغتةً،

بغمضةٍ من جفنها،

أن تسحق الحقولَ في الحقولْ؟

كيف استطعتُ أن أظلّ هكذا،

لا أستطيع مثلها:

كسر الغلامِ

المستريح في مراتع الهوى ..

ونشوةِ الخيول الجامحاتِ بالخيولْ؟

ما قلتُ يومًا،

أو وقفتُ بالديارِ،

دونما استعارةٍ من معجمِ الأطلالِ،

علّها تَرَى:

أني أنا أبو نواسَ هاهنا،

وقد هجرتُ دِمْنَتِيْ،

وأنّ ما مضَى مضَى

كباقةٍ من الرمالِ والطُّلولْ!

بمنتهى البرودِ،

سال منتهى الجحيمْ!

وجَلْمَدُ الحديد في دمائها سَرَى،

يدحرج الردَى!

يا ويلَها

مما تقولُ رعشةُ الشتاءِ في نوافذِ الحروفِ:

إنها... وإنها...   

كأنها النُّصُوْلُ إذ تعانق النُّصُوْلْ!

تقولُ، إذ تقولْ:

لافضّت النُّصُوْلُ،

و

الخيولُ،

 و

الحقولُ،

و

الطُّلولُ،  

و

الذهولْ،

و

الطبولْ!

...

لكنني أنا أقولْ:

لا فرق عندي..

بين منتهَى دمي في وجنتيكَ ـ يا فتى ـ

ومنتهَى ما أهرقَ اليهودُ من دمي ..

وأحرقَ المغولْ! ...

aalfaify@yahoo.com