يقدم هنا الشاعر السوري المغترب، قصائد بصرية بحس صوفي باذخ في اختيار اللغة. بشكل يتحول التكثيف والغموض الى رهانين أساسين من رهانات القصيدة، وهي تفتح أفق الشعر على احتمالات دلالية متعددة، وتتقصى بالقصيدة شعرية الجسد التي تقدم من خلال لغتها الخاصة ورؤاها الشفيفة مسارات متعددة من التأويل.

مُفْرَدٌ، في لُغَةٍ مِنْهُ

أمارجي

1

مُدْهامَّتان،

تجيئان بقوَّةِ الشيءِ المُخَيَّل       تأخُذانه

في جمعٍ أو على إيحادٍ ممَّا تجسَّد،

تجوزانِ بهِ        أرضاً لا تُجاز

2

طوبى للأفقِ ـ السَّريرِ المُمَغطَسِ،

للمدارِ يستلقي بجانبي مثل امرأةٍ عُريانة

لقُرصَين استوَيَا على عمودِ بُنيتِها

          ـ كلُّ قُرْصٍ قَيُّومٌ بذاتِه ـ

للفراغِ المُدرَّجِ يُنقِّلُني بينَ مراتبها/

3

كَوْكَبٌ ـ صَمَدٌ

نورٌ ناعمٌ هُلاميٌّ وخفيف

                    زَغَبٌ

والمرأةُ مرآةٌ ترُدُّ عَلَيَّ وجهي

في صورةِ حيوانٍ جريح/

4

هَا          إلَّاكِ          لا مؤدَّى

لا طلَّسْمَ       إلَّاكِ       أيَّةُ       هَا

البِطانَةُ لِظِهارَةِ ما تجوهَرَ

الظِّهارَةُ لِبِطانَةِ ما تمظهَر،

5

الحُبُّ لُغَةٌ

       الجَسَدُ قِرطاسٌ

               الجِماعُ فِعلُ كتابة

لكنَّنا يا حبيبتي قومٌ أمِّيُّون

6

جسدٌ مُقَزَّحٌ بين القَدَمِ والرَّأس/ أو

كما قالَ ابن عربي: ]انعَطَفَ أبدُهُ على أزلِه[،

أحوالُهُ دائرةٌ عليه                   غائرٌ نافرٌ

كأنَّما انجعَلَ مَجْعَلَ الفضاء في حِواءِ الأشياء،

جسدٌ ـ زَوْجاً ـ وَحدَةٌ مأخوذةٌ بإهليلجِ الطَّبعِ

فوقَهُ قَوْسٌ ومِنْ تحتِهِ       لا يؤدُهُ حفظُهُما،

7

هأنْتِذِه هأنَذا في تهويمٍ لا يُسَمَّى،

نتوالجُ في بعضِنا نتَفصَّى من بعضِنا

تُقَدِّمينَ ماءَ المرأةِ وأقدِّمُ ماءَ الرَّجُل

في نِكاحٍ صُوفيٍّ يُحِلُّ المادَّةَ مِنَّا/

8

ماءٌ مرقومٌ عليه:

أنا وحدةُ الرَّجُلِ والمرأة

والمُسَوِّي بينهُما،

9

كذا، في قَوامِ سُلطانِك

سوفَ أُغويكَ أيُّها الضَّوءُ، يا صِنوي

وأُثبِتُ أنَّ وراءَ الشَّمسِ كُرَةَ ظِلٍّ

يصنعُها وهجي عليها/

10

إنِ الكونُ إلَّا سائلٌ

يجولُ فِيَّ مجالَ الدَّمِ

11

دو       دورتُكِ  ـ فَتْحاً ـ أُسطُرلابٌ

          أصوِّرُ بهِ/بها حالَ الفَلَك

ري      رَيحانُكِ مخاريقُ الملائكة

          تضرِبُ بها السَّماءَ لتُمطِرَ نَشْراً

مي       ميتٌ منذُ ألفِ ألفِ عامٍ

          لكن أنشَرَني اللهُ

          كي أحبَّكِ وأموتَ من جديد

فا         فاطِرُ لُغَةٍ مئناثٍ

           يزاوجُ بها بينَ الفضيلةِ والفاحِشة

صول      صَوْلٌ لا قَولٌ: الشِّعرُ كُلُّه-،

            (أكتبُ الشِّعرَ لأثبَ إلى ما وراءَه)

لا          لاتَ حينَ مَنَاصٍ

            وأنْتِ المجرى والموصِل/ فدعيني

            أتَّصِلُ بالأسافِلِ والأعالي

سي        سينينٌ/ أكوانٌ

            تشتَقُّ منكِ فروعَها وأصولَها

دو         دورتُكِ -غَلْقاً- ترتِّبُ المناخَ

            وأبداً، تصِلُ أوَّلي بآخِري

12

هُوَ، الرَّجُلُ نِصفُ الماعِزِ

لخُطُواتِهِ جَرْسُ شموسٍ غامضة،

بينَ قَرنَيهِ أفعوانُ الزُّهْرَةِ المُزدَوِج

يريدُ أنْ يقترِحَ طبيعةً أخرى

ويمحقَ البُنية /

13

الرَّجُلُ نِصفُ الماعِزِ،

ومن أسمائهِ أيضاً: المِكشافُ المِرمازُ المِخيال

الفَلْقُ صُنْعتُهُ، وشُغْلُهُ التَّشظية

يَنْفَذُ من القشرةِ عالياً على المجرَّة،

تتحرَّكُ في محيطِهِ حلقاتٌ ـ إضاءاتٌ متواترة

كلُّ حركةٍ رنينٌ موسيقيٌّ لاذِعٌ

14

القَمَرُ حافِظٌ لبُذورِهِ،

ولا يواقِعُ إلَّا ذاتَه

15

فالِتٌ، وجسدي في غيمٍ أبابيل

        ـ الرِّيحُ حصانيَ الخؤون ـ

أُشرِفُ من عَلٍ على جسَدِك،

أُمسِكُ بمِقبَضِ الصَّاعِقة

وأحتَوِشُ البوارقَ عنكِ/ لا أترجَّلُ

إلَّا لأنزِلَ في مهاويكِ

16

نُزُلاً        في العزلةِ العائمة

            أبتكرُ مُدُناً مقلوبة

            وأوغِلُ في الإيحاش

صُعُدَاً      في الحَدْسِ المُنَوَّرِ

            أسوقُ الزَّمَنَ إلى مُستَقَرٍّ لهُ

            وأفُكُّ النَّصَّ من رِبقَةِ المعنى

خُرُجَاً      بَلِّغي، أيَّتُها الطَّواسيمُ الطَّواسين

17

أوه، الطَّريقُ عمودٌ والمائدةُ لا مثيلَ لها

هوذا يحلِبُ ضروعَ الأثير

ويُقَطِّرُ الشَّفقَ في زُجاجِ الإفكِ المُحبَّبِ

ويُعلِنُ للملأ:

هيَ ذي خمرةٌ لم تذوقوها من قبل

18

إنْ أنا لَمُنَجَّمٌ بكِ ـ مُذَنَّبٌ،

وإنْ أنتِ لغائبةٌ في تضاعيفي/ حمداً

لهذا التَّقاطُبِ التَّعالُقِ التَّماشُج

19

أنتَ، أيُّهذا الانفلاتُ الشَّعشاع

هَبْ لي أن أغنِّيها باسمِكَ

السَّببَ:        فمُكِ فاكِهَةٌ ذاتُ فلقتين

                 يطيبُ لي أن أباعدَهُما بشفتَيَّ

الوتَدَ:           نهداكِ دارةٌ مُغلَقة

                 لكهرُباءِ شَبَقي

الفاصلةَ:        سرَّتُكِ المسقَطُ الأقدَسُ

                 لرأسِ هذا الكَوْن

20

جِنسٌ، ولا مِساسَ ـ هَتْكٌ

أعضاؤكِ تتأرَّضُ

أعضائي تتأفَّق-،

21

هكذا، أُصَرِّفُ جسدَكِ في مقاطيع

أقيمُ أوزانَهُ وأُعَدِّلُ أساجيعَهْ

أُصيبُ منهُ أجناسَ الإيقاعِ كليةً،

وأنحوهُ على أنفاسٍ ونبرات

أُخرِجُ بهِ ضروبَ النَّغَمِ الطِّوال

22

باسمِ العَصْفِ المُلهِمِ العَطَلِ الوضَّاءِ الرَّحِمِ

الحاوي الهاصِرِ، أقولُ:

من لدُنكِ مبتدأُ الشَّهوةِ ـ الغَيبِ

ومن لدُنِّي خبَرُها/ ولا مِساسَ

أُطَمِّسُ

مِنْ لَدُنْ

شاعر من سوريا، مغترب

٭هذا النَّص منشورٌ في ديوان «ن» الصادر مؤخرا عن دار مواقف في لبنان ودار بدايات في سوريا