قصيدتان مختلفتان ولكنهما كالكثير من قصائد الشاعر العراقي الكبير متحاورتان ومتكاملتان. يكشف فيهما الشاعر عن الجدل الخصب بين أوانين: أوان كتابة الشعر باعتباره فعل حياة ورفض وتحقق مرتجى، وأوان سطوة التواريخ وتحقق الأشياء الذي يبدو الآن بعيد ونائيا بعد زمن رمسيس الثاني بانجازاته الإبداعية الفذة عن زمننا الردئ .. زمن من يتهددون معنى العراق.

قصيدتان

سعدي يوسف

روايةٌ روسيّةٌ
آنَ ما يتناوحُ هذا الهواء
آنَ ما يتناوحُ مرأى البحيرةِ في صمتِها
آنَ ما يَغْمُقُ الورقُ المتساقطُ في لونهِ
آنَ ما أشتهي أن أُقَبِّلَ ما تحتَ سروالِها
آنَ أقذفُ قنبلةً نحو مَن يتهدّدُ معنى العراق
آنَ أُصغي إلى الصمتِ في المطرِ الناعم ِ  ...
آنَ أشعرُ ، في البردِ ، أني الحريقُ بأكواخنا

آنَ يأتي الزمرّدُ من آسيا
آنَ تأتينَ أنتِ ، متوَّجةً في المحطةِ، زرقاءَ أو وردةً
آنَ أسألُ عن مبدأٍ
آنَ أن نتكوّرَ في فِعْلِنا الحُبَّ ، مثلَ الفراشاتِ مأخوذةً
آنَ أرفضُ ما ليسَ أرفضُهُ
آنَ لا أعرفُ ...
آنَ ألبسُ، ثانيةً، جزمةً للفدائيّ
» ليستْ مبالغةً . نحن كنا ببيروت في 1982»   
آنَ أسألُ عني
آنَ لا أسألُ.
آنَ أفرحُ لو كنتُ أعمى  ...
آنَ أنتظرُ الطلقةَ الذهبيّةََ
آنَ الشميمُ الذي جاءَ من نجدٍ النجدِ أستافُهُ
آنَ أُصغي إلى المنتهى.
سوف أكتبُ.
لندن 22.11.2009



رمسيس الثاني
ستّ عشــرةَ منحوتةً حملتْ وجهَكَ ...
البهوُ أنت
الجنود المحيطون بالبهوِ أنتَ
المسلّــةُ أنتَ
البحيرةُ حيث اعتلى قاربُ الشمسِ أنتَ
لك الأقصُرُ
النهرُ والـبَرُّ
والكرْنكُ الضخمُ أنتَ ..
وما خَلَّفَ السَّــبْيُ أنتَ
السُّلالاتُ والطيرُ أنتَ
وأنتَ الـمُـسَــمّى بما لستَ أنتَ ...
كأنّ التواريخَ لم ترَ وجهَكَ ...
لم تلمُسِ الطفلَ في شفتَيكَ
ولم تبصرِ النورَ في مقلتَيكَ ...
......................
......................
......................

لماذا أقولُ لك الآنَ :
إني أسَـمِّيكَ ...
أنتَ الـمُـسَــمّى بما أنتَ
أنتَ الجميل !
لندن 17.02.2008