من كتاب «أنساب أولاد السفاح»

"ابن كلبون الكلبي" يتلوه ملحق فريد

عبدالرحيم مؤدن

(1) من تاريخ السلالة

(1)
اسمي زياد بن الحجاج بن بوش الملقب بـ "العلاوي"، الشهير بـ "شارون" من قبيلة "الهجانا" المنحدرة من "الابارتايد"،بافخاذها" شتيرن " و "الاقدام السوداء" و "بطونها" "الكوكس كلان"، و "الموساد" ومؤخرتها "السافاك". 

(2)
انا زياد، من الزيادة، والزيادة ـ كما يقال ـ من راس الاحمق. وانا احمق، وباوراقي. ما رايكم؟ انا؟ ساريكم من انا.... انا؟؟ا 

(3)
وا حق ابن كلبون، بسفره ملزمة على شكل قرص مدمج حمل كلمتين لاثالث لهما: زياد بن ابيه. واسفلهما + طريقة الاستعمال من خلال الارشادات التالية: زياد بن ابيه، أي ولد بوه، هوصنعة بوه بدون زيادة او نقصانا. وآ بائي يعرفون مافعلوه في لحظة ما، فكنت، أنا المتكلم معكم الان هو المخلوق ولد بوه، مخلوق ماحدث وما لم يحدث بعد، بما في ذلك اطفال سلالة الانابيب والمواسير وحاضنات الاستنساخات ولعلك لن تتيه عن ملامحي التي اذا نظرت اليها، ادبارا، رايت الحجاج بعمامة، واذا نظرت اليها، اقبالا، رايته بدونها، فبدا، في هذه اللحظة من فوق مثل "كاليجولا"، ومن اسفل مثل "نيرون"، ومن الجانب الايمن كان لايختلف عن "راسبوتين" في القليل او الكثير. وكان من الجانب الايسر، اقرب الى صورة "ايفان الرهيب"، وعندما اراد مداعبة احد اطفاله ـ وهم لاعد لهم ولاحصر ـ امسك بحنكيه، وضغط على ارنبة انفه بسبابته، واخذ يصرخ باقصى صوته: أنا هولاكو، أنا جانكيزخان، والطفل يتقافز مترجلا مرت، وفارسا مرة اخرى، الى ان تحولت ملامحه الى ملامح اشبه بسحنة "بوش" بوجهه الذي يحير الناظر اليه، فهو وجه من اصابه مغص مزمن، ولكنه يغالب ضحكة وليدة دون ان يفك عقدة الجبين، وهو يخزر بعينين ضيقتين كما يحدث دائما للمطرب الشهير الذي يتضور من ألم الفراق وهو دائم الابتسام، ويفتح في الوصلة الموالية شدقيه قدر المستطاع وهو يشكو الم الهجر وهذا ما حصل في هذه اللحظة بالذات التي كان يشاهد فيها بوش بن ابيه بن الحجاج بن شارون الحفيد المدلل لـ "جولدا" التي لاتختلف في قليل او كثير، عن ايدي المهاريس العظيمة المستعملة عادة لدق توابل رفع الهمة او قد تستعمل في كثير من الاحيان لحشو المدافع بالكور والهمة واحدة في الحالتين. 

(4)
قلت واقول: في هذه اللحظة التي كان يشاهد فيها بوش بن ابيه عملية الحشو متارجحا فوق كرسيه الهزاز، وصورة "مونيكا لوينسكي" لا تغادره بشفتيها الشهوانيتين المندلقتين ـ ببطء ـ على المكتب البيضاوي، وارتفع هزيز المدافع المتخمة بالكور والبارود الذي غطى الشاشة، ومآذن وقبابا بغبار اسود. وبوش بن ابيه يضغط على "التيايكوموند" ـ دون ان يغادر مكتبه البيضاوي ـ فتندفع القذائف المتواصلة من آلات المنجنيق، وبوش بن ابيه لايكف عن المطالبة بالمزيد من 

(5)
ضربا ت البيسبول التي شبه بها ـ كماجاء في تصريحه الاخير ـ هجومه الاخير على مآذن بغداد وقبابها وحارات الوراقين ومعامل الطابوق. كانت كل ضربة تزن ذهبا، بل كانت الذهب عينه، بعد ان عز الكور والبارود، فكان للذهب نفعان: نفع هدم القباب والكنائس والمساجد، ونفع المضاربين في العقار الجديد الذي لايعرفه الا ابو جمل النفطي، وهو الرافض لنقل النفط بمراكب الكفار، وفضل الجمال الحاملة للبراميل. لايهم، اذا خسرنا الحرب، دون ان نخسر الحرب. والجمال لاتتوقف عن السير، وهي تنقل البراميل، برميلا، برميلا، تحت حراسة سلالة المنذرة والغساسنة وبني قريضة وبني قينقاع، وفرق عديدة من اللفيف الاجنبي، وبدا الزحف نحو البيت العتيق، والزوار لايريدون الا الطواف، والقصف لايتوقف، والكور المتطاير اصبح اقرب الى الجماجم، بل انها كانت جماجم ملساء لاشك في ذلك، والدليل، كما صرح بوش بن ابيه، دون ان يغادرفراشه الذي كانت قوائمه من عظام سجنا ء ابوغريب، وما فاض عن الهياكل من جماجم، بعد ان سلخت جلودها، واقتلعت عيونها، وارسلت تذكارا لاسرالجنود، ماوراء البحر، القمت به بطاريات المنجنيقات الفاغرة الافواه، خاصة اضخمها السبيه فمها الغائر بعين السيكلوب الذي اطلقه سجناء ابوغريب على رئيس السجانين، وهوصديق عريفة السجن ذاته السحاقية الشهيرة ـ عقلة الاصبع ـ لالتصاقها بالارض، أولا، ولفعلها الافاعيل مع الكلاب وباقي الاجناس الاخرى من حيوان بقائمتين أو بأربع، بعد ان يقدم لها السجان الاعور ربقة من الجلد منتهية بسلسلة متينة تروض بها سجناء ابو غريب، وها هي تركب ظهر سجين كما ولدته امه، وكانها تشارك في حفلات الروديو، والاعور يصور من جديد، عقلة الاصبع الممتطية ظهر السجين، وهي لاتكف عن النهيق والشهيق، واصوات الحراس تتعالى بالرهان، بعد كل شهقة وشهقة، بالدولار الاخضر... 

(6)
والعمل قائم على قدم وساق، استوقفت عقلة الاصبع جمجمة لاتشبه الجماجم المتطايرة. كانت جمجمة ترسل نورا شفيفا، وكانها اثير استعصى على السلخ والسمل والتقشير. كانت جمجمة تمور بالعنفوان كما تمور وجوه اليافعين بالرواء والبهاء. كانت جمجمة لم تغادرها الابتسامة، والابتسامة كانت اقرب الى مناغاة طفل، أو مناداة عزيز بعيد عن العين، قريب من القلب... لا، لم تكن لا هذه ولا تلك. كانت ابتسامة الفرح والالم، اشراقة شمس في يوم غائم... ابتسامة حملت كل عذا با ت البشر. ابتسامة الرضى... والشفتان مشققتان باخاديد العطش بعد ان منعت خيول بوش بن ابيه الماء عن اطفال رضع انفلتوا من احضان امهاتهم، وحبوا في اتجاه الماء، فوجدوا نساء عرايا كما ولدتهن امهاتن يتراشقن بالماء، واحداهن انتهت للتو من غسل البكيني الداعر، وبدات في نفضه فتطاير الرذاذ نحو احد الصبية، وهو ملتصق بالطين، الذي اراد الامساك باحدى زخاته، فعالجته ضربة مفاجئة من خنجرلامع النصل، حملته يد معروقة لأحد اشهر جنرالات معارك البسوس، وحرب الاندوشين «الهند الصينية»، ومذبحة الستين بالبيضاء، قبلها حرب الجينوسيد الاولى، أواخر الخمسينيات، فوق ذرى جبال الريف، ثم حرب الجينوسيد الثانية التي دخلها بنيشان صدئ، ووجه محروق، ونظارة سوداء والخنجر المعلوم. حرب ضروس ضد رجل واحد أبلى فيها الجنرال الدموي البلاء الحسن في غسل الملابس الداخلية لزوجة المعمرالاجنبي، وكلمتها لاتنزل الارض، واصبح الجنرال الدموي، بفضلها، دون غيرها، أسداً على الحمالات والبيكينيات والسراويل الرجالية والنسائية والجوارب السكسي...

أما في ساحة القتال، فكان نعامة تشبهت باسد امام فارس مقيد اليدين والرجلين، صائحا صيحة النزال، وماهو بنزال، امام المهدي المقيد اليدين والرجلين، وهولاينبس ببنت شفة، امام الجنرال الدموي، الذي لم يتوقف عن نكث الوجه المعصوب العينين بخنجره الشهير، وعيناه تزدادان اشتعالا بلهب شيطاني اضاء جلمود الجبهة، والشفتين المقدودتين من نصل حاد. 

(2) انا ابن اب من لا أب له
انا بوش ولد بوه. الاصول تركتها لكم، ونقاوة الدم اشربوها على الريق، وعراقة السلالة اصنعوا منها احجبة وبخروا بها ملابسكم. أنا أولد كل يوم. أنا من نسل البر و البحر. أنا ابن الكوكب والنجوم والشهب. أنا ابن لحظة الظراب بين ناقة الربع الخالي، وثور تكساس. 

(7)
الذي لايقهر. خرجت من رحم مرود عبلة، من دخان مسدس شوارزكوف،، وبين بورصة ابي سفيان وحاجز المكتب البيضاوي بالبيت الابيض، ولدتني "سالومي"، وتربيت في احضان "مونيكا" عروقي يجري فيها الدم والصديد والزرنيخ والصرخة الاخيرة للذين طوتهم رمال الصحراء تحت سلاسل المدرعات. وعجلات المجنزرات، أوجد في كل مكان، وجدت في الماضي و الحاضر، أوجد في كل زمن أتراني بـ "غوانتنامو" في الوقت الذي لم اغادر فيه "دار المقري" أحمل لحية كثة ووجها حليقا في آن واحد. أشعر راسما صفوف بعناية، وانا اتحسس، في اللحظة ذاتها صلعتي المدهونة بـ "كريم" يعادل اجرة اسرة متوسطة لشهر كامل. 

(3) لايفل الحديد الا الحديد: ملحق فريد
قبل كربلاء، حضرت معارك كثيرة، لم تكن حربا، بل كانت اعلانا عن بلاد جديدة. وقع بضربة سيف مسموم استقرت فوق شيك على بياض لصاحبه ابي لؤلؤة المجوسي المساهم في الوول ستريت. اختلطت حمحمة الخيول بنداءات اصحاب النقل السري والعلني، والناس ياتون من كل حدب وصوب، كانوا قد بدأوا، منذ زمن ليس باليسير، في افراغ الكوفة والبصرة،. وتلاها النجف الاشرف، ولم يسلم من عبثهم النبات والحيوان والانسان، ووزعوا الملاءات السود على آلاف الجواري الروميات والصقلبيات، وانتشرت مطاعم الفاست فود بجانب الاضرحة والمساجد، وارتفع العمران الزجاجي الداعر مطاولا القباب ذات الزرقة الشفيفة، وغرست آلات الرصد في السطوح العالية لمراقبة مرقدك الشريف. 

(8)
منذ ذلك اليوم، عوملت كأنك من المنذورين للشهادة. وهؤلاء لايعرفهم الا صنفان: صنف الاصفياء، وصنف الاعداء. أما الاصفياء فيعرفون طريقهم جيدا، طريق الشهداء الذي لاثاني له، لابداية له، ولا نهاية... طريق الجلجلة الذي لايعرف تغير المواسم او الفصول. 

(9)
والصنف الثاني هم الاعداء. الاعداء هم الاعداء في كل زمان ومكان سواء وجدوا بـ "كربلاء"، أو بـ "الفلوجة"، ولا فرق بين يزيد او بوش. فهما ابنا آبائهما كما تعلم، ولافرق بينهما وبين الجلبي او غيره. تذكر ذلك اليوم المشهود، عندما ترجل "بوش بن ابيه"، او لعله الجلبي بن ابيه لافرق، من اعلى الدبابة البريطانية الصحراوية اللون، وهو يصلح من عباءته الحريرية، تسبقه روائح عطور نفاذة، تقدم الجلبي بن ابيه باناقته الكاملة، القبعة الامريكية العريضة، وملابس السفاري، والبشرة اللامعة تحت شمس البصرة الخالية الا من ديوان شناشيل ابنة الجلبي، والمدافع تخزر في المشربيات الهاجعة بين ابيات الديوان التي كانت تحكي عن أهوال الآتي. 

(10)
اختلطت الانساب، ياسليل الشهادة، وتناسلت المجالس وسلالات الوزراء والنواب ونواب النواب وامراء الحروب، واصبح كل من طردته زوجته زعيم حزب يدعو بالويل والثبور... اتابكة وتنابلة ومماليك، وجمعيات كالفطر للمراة والنخلة والقطة والطابوق، واخرى للمغترب ونصف المغترب، وثالثة للمنفي دون نسيان المقيم، ورابعة للمسلم واخرى لنصف المسلم... وايهما، كما تقول، يا سليل الشهادة"، سيسقي صاحبه كأس المنون، فمرة لنا... عدونا، ومرة لعدو منا" 

(4) في حضرة المرقد الشريف
يا سيدي، يا سليل الشهادة! هاهم أهل بيتك، وكل من دخله فهو آمن، يفتحون ابواب مرقدك الشريف لجحافل الفقراء، وما زال صدى صوتك يتردد بين جنباته كلما طرقوا ابوابك". بكم أضرب المدبر، وأرجو طاعة المقبل. وهذا الصاروخ الطائش المشوب برائحة "الويسكي"، ورائحة انفاس العابث بازرار الموت على الشاشة الدموية، وهو لايكف عن فتح الزر تلو الزر ويده الاخرى لاتغادر حجره، صعودا ونزولا 

(11)
وصدر "راكيل ويلش"قد تمرد على كل الازرار، فاندفع النهدان مثل قربتين طافحتين بصاروخين انقضا على مدخل مرقدك الشريف. حمم اللحم المتهاطلة، وكور المنجنيق القادم من ارض الشهادة بلغ المصرين... وتذاكت القنابل الذكية على الفسيفساء، والقاشاني ورسوم الواسطي، والفاظ الجلالة. وعند اقترابه من الكلم الكريم، ارتدت على اعقابها بعد ان "اصبحنا في زمان قد اتخذ اكثر اهله الغدر كيسا، ولم يكن هذا الغدر الا غدر الاقربين، ومع ذلك، فما ينجو من الموت من خافه، ولايعطى البقاء مناحبه".  

(12)
ولم يكن صدفة ان يوجد مرقدك الطاهر بارض العراق،.فمن العراق العروق والعرق والعراقة والعرق والمعروق والعراق... كلها تراتيل الجهاد والمجاهدة رددها حمالو البصرة، وقصابو الكوفة، وفقراء السماوة، وماتبقى من اتباع قرمط وبابك والزنج والصدر، بعد ان اصبح العراق صدرا مشرعا على الشهادة. ما مر عام، والعراق لايفتح صدره لكل الشهداء. شهداء الزمن الاتي الذي يتخلق كل وقت وحين. وكما علمتنا، في السراء والضراء فالامر سيان "فوالله ما أبالي، دخلت الموت، او خرج الموت". فتية حفاة يحملون اكفانهم بيد، وبالاخرى مدافع مضادة للعته والحقد الدفين، وافضل هؤلاء الفتية من انتعل نعل الوالد، الذي نهض فجرا، لاداء صلاته، فافتقد النعل، فلم يجد امامه الا الابتسام فخرج حافيا، قربانا لهذه البلاد الطيبة، وكان ذلك اضعف الايمان. 

(13)
ياسيد الشهداء! وأنت لاتملك إلا جبة الصيف، بعد أن طويت جبة الشتاء، لم تتوان عن تحويل مزقة من عمامتك الى ضماد لصبي طريح مستشفى لم يبق منه إلا الإسم. وامام عينيه المطفأتين تمرسيارات الليموزين السوداء يركبها ولدان مخلدون في بذلاتهم الغامقة ونظاراتهم الشمسية، وهي في الاصل لربابنة طائرات لاتفرق بين الطائر والنخلة... كطلها صالحة للقصف، وهذا ما حصل. دهست سيارات الليموزين النخل وزجاجة الرضاع وعرائس الصبايا، وتطايرت من نوافذها المصفحة بلاغات الوعد والوعيد، وأنت في مرقدك تقرأ أورادك مادام "لكل دم ثائرا، ولكل حق طالبا. وأن الثائر في دمائنا كالحاكم في حق نفسه. وهو الله الذي لايعجز ما لايفوته من هرب". 

(14)
هاهم احفادك لايغادرهم السيف ولايغادرونه. أو لم يحدث، في زمن ان تنصل سيف من نصله. والاقنعة لن تدوم طويلا، فسرعان ماتغادر أوجه رجال هم اشباه الرجال، أو "ذوات الحجال"، بعد ان خرجوا من جنس الرجال واستجاروا باهل الضلال، وتنكبوا طريق الحق فلا نقبل الباطل حتى يخرج الحق من جنبه. ولايغرنكم ما ينوء به جنودهم، وهم يختفون وراء مجنزراتهم وطائراتهم وصواريخهم فهي احمال من احمال، وكأنهم دببة تتدلى منها أسمال الوبر، وتتهدل منها مطويات الشحم واللحم، إلى ان اسقط في أيديهم، وتداخل بعضهم في بعض، بعد ان فاجأتهم كثبان رمل السماوة، وهي تراوغ هؤلاء الغرباء، اثناء رقصة الريح، ريح السموم، فاخذ هؤلاء الجنود يتقافزون مثل كراكيز ملسوعة قرصتها اصابع عابثة، وتاكد لديهم ـ في تلك اللحظة ـ ان الخبر ليس كالعيان... نعم.. كان الخبر لايشبه العيان في قليل او كثير. 


كاتب من المغرب