نظم بالعاصمة الفرنسية باريس، مطلع الشهر الماضي أبريل/ نيسان 2017 بالعاصمة الفرنسية باريس، ندوة دولية كبرى حول موضوع "التطرف الديني في أوروبا: الأسباب، التداعيات والحلول"، وذلك بهدف مناقشة هذا الموضوع الحساس وعرض مختلف الأطروحات العلمية الكفيلة بمقاربته مقاربة موضوعية، خاصة بعد موجات التطرف الديني العنيفة التي شهدتها أوروبا في السنوات الأخيرة، والتي تحتاج إلى مقاربات جديدة لموضوع التطرف والتطرف العنيف.

ندوة دولية حول التطرف الديني في أوروبا

شارك في هذه الندوة الدولية مجموعة من كبار المفكرين والباحثين الأوروبيين والعرب من اختصاصات علمية متنوعة، من بينهم عالم الاجتماع الفرنسي الإيراني فارهاد خوسرو خافار، مدير مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، والسوسيولوجي المغربي محمد الطوزي، والباحث الفرنسي في العلوم السياسية طوماس غينولي، والأكاديمي البريطاني المختص في الدراسات حول الإسلام روبيرت غليف، والباحث في الفكر الإسلامي والقيم الروحية إريك جوفروا، والباحث التونسي في التحليل النفسي فتحي بنسلامة، ومنسق مشروع "الأقليات المسلمة" في فرنسا برنار كودار، والباحث في جامعة برلين يونس قنديل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مؤمنون بلا حدود، والأنثروبولوجية الفرنسية الجزائرية دنيا بوزار، والباحث في العلوم السياسية والاجتماعية لويك لوباب، والباحث في العلوم السياسية في جامعة سنغافورة محمد علي عدراوي، وإمام مسجد بوردو الكبير طارق أوبرو، وأستاذ الفلسفة في جامعة نواكشوط عبد الله السيد ولد أباه، والباحث في جامعة لوزان أوميرو مورينغيو، والباحث في الفكر السياسي وقضايا الإسلام السياسي وتجديد الفكر الديني محمد بنصالح، وعضو البرلمان الأوروبي جيل بارنيو، والأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس عبد القادر عبد الرحيم، والباحث المختص في دراسة ظواهر التطرف موسى خديم الله، والباحثة اللبنانية في علم الاجتماع حسناء حسين، والأنثروبولوجي الإيطالي- المغربي محمد خالد الغزالي، والباحثة في سوسيولوجيا الأديان ويزا كييز، وعميد معهد ابن سينا محمد بشاري، والمؤرخ مولود حداد، والسوسيولوجي الفرنسي إيريك مارليير.

أرضية الندوة

عرفت أوروبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة موجة غير مسبوقة من العمليات الإرهابية التي استهدفت المدنيين العزل، وخلفت عددا كبيرا من الضحايا. ومع أن الأحداث الإرهابية ليست بالجديدة على أروبا التي تعرضت لموجة من إرهاب التنظيمات اليسارية الراديكالية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وعاشت قبلها حروبا طائفية ودينية دموية طاحنة قبل وخلال مرحلة الإصلاح الديني، إلا أن الموجة الحالية تميزت بعدة سمات خاصة، من بينها: ارتباطها بالجماعات الإسلاموية المتشددة، وتورط مواطنين من داخل نسيج المجتمعات الأوربية نفسها فيها، وتداخلها مع موضوعات الهجرة والهوية في مجتمعات أصبحت تتسم بالتنوع الديني والثقافي، وانعكاسات أزمات العالم العربي- الإسلامي وحروبه الأهلية وثوراته المتعثرة التي لها صلة قوية بالسياسات الدولية وأنماط تدخل القوى الغربية في الساحات والملفات الشرق أوسطية.

في دراسة هذه الموجة الجديدة من التطرّف الديني العنيف، تبلورت مقاربتان أساسيتان لدى الباحثين والدارسين انعكست على مواقف الساسة والحكومات:

الأولى: ذهبت إلى ربط التطرف العنيف بجذور دينية وعقدية لها علاقة مباشرة بطبيعة الدين الإسلامي ومقوماته الثقافية والقيمية، حيث تكون جذور التطرّف منبثقة من نصوص الدين ومنطلقاته التصورية والمعيارية.

الثانية: ذهبت إلى تفسير ظاهرة العنف الراديكالي بسياقات اجتماعية مركبة لا صلةً لها بالعوامل الدينية، تتعلق في مجملها بأوضاع مجتمع الهجرة وانهيار القوة الاندماجية التأليفية للدولة القومية الأوربية وواقع الأزمة الفلسفية القانونية العميقة التي تعاني منها الفكرة العلمانية التقليدية.

وإذا كانت المقاربة الأولى تغذي نزعة الإسلاموفوبيا المتنامية في أوروبا، وتهيمن على التيارات اليمينية المتشددة التي تستند لمتخيل الحروب المقدسة وتربط "أزمة الهوية" التي يقع الحديث عنها أوربيًا بضرورة إعادة الاعتبار للجذور المسيحية لأوروبا، فإن المقاربة الثانية هي السائدة لدى الباحثين الاجتماعيين الذين قدموا في السنوات الأخيرة تحقيقات ميدانية وأعمالا تحليلية مهمة حول حركات التطرّف الديني العنيف، ألقت أضواء كاشفة على موجة الإرهاب الدموي الأخيرة.

ولذلك، ومن أجل دراسة هذا الموضوع ومناقشته، يعقد معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا ومؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث بتعاون مع معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية ندوة علمية دولية في باريز، يومي 1و2 أبريل 2017، بمشاركة كبار الباحثين المختصين في دراسة موضوع التطرف والتطرّف العنيف في أوروبا والعالم العربي، وذلك بهدف تحقيق الأهداف التالية:

1- استعراض وتقويم أهم المقاربات والدراسات التي تناولت ظواهر التطرّف الديني العنيف في أوروبا.

2- تأطير الجيل الجديد من الباحثين حول مناهج وطرائق دراسة وتحليل هذه الظواهر.

3- استعراض تجارب نساء ورجال الدين المسلمين في مواجهة مخاطر التطرّف الديني وفي تحصين الشباب الأوربي المسلم من الغلو والتشدد والعنف.

4- وضع مقاربات عملية لمواجهة التطرّف الديني بكل الوسائل الثقافية والتربوية والاجتماعية.

ومن أجل تحقيق هذه الغايات، فإن أشغال الندوة ستستعرض مقاربات متعددة المنظور لموضوع التطرّف الديني في أوروبا، كما ستتمحور حول أعمال مفكرين وباحثين مختصين في هذا المجال مثل فرهاد خوسروخافار، محمد الطوزي، روبرت كليف، فتحي بنسلامة، إريك جوفروا، طارق أوبرو وتوماس غينولي، إذ سيقدمون أطروحاتهم ثم يناقشونها مع باحثين مشاركين يقدمون دراسات تحليلية نقدية حولها، على أن يقدم باحثون آخرون مثل دنيا بوزار، برنار غودار، محمد خالد غزالي وموسى خديم الله خلاصات دراسات استقصائية حول ظاهرة التطرف وأسبابها من خلال أبحاث ميدانية ودراسات امبريقية، فضلا عن قراءات تركيبية لخلاصات أبحاث ودراسات مؤسسات ومراكز بحثية وفكرية ومنشورات المجلات العلمية من بحوث ودراسات رصينة في هذا الإطار.

تتمحور الندوة حول النقاط الأساسية التالية:

- التطرف الديني في أوروبا بين الماضي والحاضر: مقاربات مقارنة

- التطرف الديني الإسلامي في أوروبا: أسبابه، خصوصيته، جذوره وتمظهراته.

- تأنيث التطرف الديني والديناميات الجديدة للانحراف العنيف المرتبط بالإسلام.

- الإعلام وتكنولوجيات الاتصالات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي ودورها في نشر التطرف، وفي تطوير، بطريقة أو بأخرى، نماذج عملية في سياق الاستراتيجيات الممكنة للوقاية من التطرف العنيف.

- السياسات العامة لإدارة التنوع الثقافي والتعددية الدينية ودورها في تطور المجتمعات المعاصرة.

- المقاربات العملية لمواجهة التطرف الديني في أوروبا وتشكيل برامج للوقاية من التطرف انطلاقا من ميدان الممارسة التربوية الوجيهة.: دور رجال الدين (المسلمين وغير المسلمين) والمساجد والمدرسة والمجتمع المدني والإعلام ومؤسسات الدولة.