يرى الناقد المصري ان هذه الرواية تستفيد من تقنية القصة القصيرة، حيث انطلقت الرواية من النقطة المركزية، والحدث الرئيس، والوحيد الذي قامت عليه الرواية، وكم كان ذلك تحديدا يمثل الموهبة والقدرة الفعلية علي اقتناص الحدث شديد الثراء، والذي يمنح الكاتب فرصة الاطلاع علي الكون والزمن، والناس.

المعيش والمأمول في .. «باب الدنيا»

شوقي عبدالحميد يحيى

في تشخيصها لحالة الشاعر- الذي هو السارد – صاحب ديوان "طائران في عش"، المُتخيل، تقول "علياء عبد الحميد – الزوجة الثانية أو المتصورة، وفق ما سنرى – عن الشاعر – الذي هو السارد - : {إن عش هذا الشاعر فارغ، ليس به امرأة حقيقية، به طائر وحيد، ومن يقرأ الديوان بتمعن سيجد الأنثي في كل القصائد محض خيال، .... ليس هذا هو المدهش، لكن المدهش هو قدرته علي أن يعيش في عليائه في عالم من الخيال ممتلئ ومواز لعالم شديد الخواء في الواقع}ص127. وهو ما نراه التعبير الصادق والنافذ، لقراءة "باب الدنيا" الرواية الرابعة للروائي والقاص محمد إبراهيم طه، الذي يبدو – ظاهريا – أنه غير مشغول بالقضايا العامة، ومنغمس في القضايا الفردية، بينما هو ينسرب من تلك القضايا إلي روح المجتمع المحيط، متسلقا علي عناصر البيئة الملاصقة، صاعدا إلي الرؤي الأوسع والأشمل. وإذا كان الإبداع –عموما – يُحلق بجناحي الواقع والخيال، فإن محمد إبراهيم طه، قد استطاع – في رواياته الأربع – أن يصنع مزيجا منهما معا، بحيث يجد القارئ صعوبة في تحديد حدود كل منهما، فتداخل الواقع في الخيالي، وتحول الخيالي إلي واقع ملموس، فتجسد بشرا سويا، يحمل من السمات، تلك العناصر التي يأمل الكاتب أن يراها، ويعايشها في أرض الحقيقة.

فنحن هنا في "باب الدنيا"[1] أمام سارد مزقه الواقع، غير المرضي عنه، حيث لم يجد الاستقرار النفسي السوي، فانشطر نصفين، أحدهما هو السارد، المادي الحياتي "إبراهيم" والآخر هو الروحي الشفاف، الذي يعيش عالما مثاليا، يسوده المنطق والحق والجمال "فتح الله". ثم يصنع الكاتب عالما مستقبليا ينعم بالدفء ، والموسيقي، والشاعرية والحب، فيجسد لنا "علياء" تلك التي استطاعت أن تنفذ إلي جوهر السارد، وجوهر السرد، فوضعت أيدينا علي جوهر الرواية، فكانت رؤيتها السابقة، والتي منها المنطلق.

تنطلق الرواية من لحظة موت الأخ أو الصديق، أو التوأم فتح الله، ، ليسير السرد بطريقة الاسترجاع، حيث نعيش الحياة المختلطة بالموت، المتداخل فيها الحقيقة بالخيال، أو الحلم بالواقع، حتي لا نعلم أيها حقيقي، وأيها يأتي من سراديب الحلم الكاشف عن بعض أسرار الحياة، او أيها يأتي من حيث لا ندري من أين، منبعثا من تصورات غير يقينية، وبعضها يأتي من المنطق والقانون الأرضي، غير أن حدودا فاصلة بينهما، لا يستطيع المرء الإمساك بها، ليظل الإنسان يتأرجح، بين اليقيني واللايقيني. بين ما يخضع للنظريات والتجارب، وبين مالا يخضع لقانون واضح. فنري السارد، الطبيب، الذي درس الطب، وتعرض للتجربة العملية، يحاول أن يُخضع الأشياء لقانون السبببية، ولنظرية الاحتمالات، التي بالضرورة تؤدي لأحد النتائج المحتملة، وقد خضعت نظرته للحدود الكثيفة، الناظرة للأشياء بطريقة (الأبيض والأسود)، بينما يتجاوز ابن عمته، أو توأمه، أو قرينه، كل تلك الأشياء المنطقية، ويأتي بالأفعال غير المنطقية، وكأنه (مكشوف عنه الحجاب)، فتثير تصرفاته الدهشة، والتساؤل، كيف تم ذلك؟ دون القدرة علي الوصول لإجابة محددة، أو واضحة.

  • معا (السارد إبراهيم وابن عمته فتح الله) دون أن تظهر حقيقة ميلادهما، هل هو بالفعل، ابن عمته، أم انه توأمه ، هل إبراهيم ابن لأمه (العاقر) التي لم يشعر بأنها امه، أم أنه ابن لعمته، التي عاملته كابنها فتح الله؟ . وبني فتح الله (المقاول) المقبرة باسم الدكتور إبراهيم جبر إبراهيم وأسرته، وأراد إبراهيم زرع الصبار، وزرع فتح الله البونسيانا التي ظللت علي إبراهيم وهو يودع فتح الله ذات المقبرة بالأمس، وليمر إبراهيم بذات تجربة الموت، بعد دفن فتح الله، ويصبح العائد من الموت. وليصبح السؤال: أيهما الذي مات بالفعل، فتح الله الذي دُفن بالفعل، أم إبراهيم العائد من الموت، والذي كان سيقع من علي المرجيحة؟ ولتتماهي الحدود بين الحياة والموت، وهل نحن موتي في الحياة، أم أحياء في الموت؟. وهنا يمكن النظر إلي كل من الشخصيتين علي أنهما جانبان من شخصية واحدة، فإبراهيم، العائد من الموت، أو المتأهل للموت، هو الجانب العقلي، وفتح الله، هو جانبها الروحي، خاصة إذا امتد بنا النظر إلي حياة إبراهيم الواقعية، النظرية في ذات الآن، وما آلت إليه بعد أن تحولت زوجته الأولي (أنوار) إلي ما يشبه الموت، حيث أصابها المرض (النفسي) الذي أعجزها عن خدمة بنتيها (سالي وسوسن)، تلك التي تركها في البلد، بعد أن كانت أعراض التدين المتطرف قد ظهرت عليها في البداية، ليفتح الكاتب لنا مسارا جديديا يمكن أن يمتد، في محاولة الربط بن ذلك، وما هي عليه، بما تمثله، من موات {منذ بدأت تنظر إلينا بتوجس بعد أن ترص الطعام علي السفرة، فتعود لتأخذ طعامها إلي ترابيزة الأنتريه وتتركني مع البنتين، لتأكل وحدها في صمت. سألتها، فقالت : لا يحل لمسلم أن يأكل في طبق واحد مع الكفار". اعتبرت الأمر مزحة، لكنها واظبت علي ذلك}ص38. لتتحول الحالة بعد ذلك إلي الهياج، والمصحة، ليصبح مرضا نفسيا{بلادة عاطفية وتحجر في المشاعر}. و"علياء" الزوجة الثانية التي تعيش في مصر الجديدة، وتبدي كل التعاطف مع ابنتيه. لنصبح أمام انتقال، من القرية للمدينة، تحول في حياة الشخصية وربما لم أخطط لما حدث، لكنه كان مُحتملا: الزواج من علياء عبد الحميد، وأن أصبح فجأة من سكان القاهرة الجديدة حتي وإن كانت النشأة والبيت والعمل والعياة والمرضي في بلد بعيدة}ص101.

حكاية فتح الله:
عندما صنفت رواية الكاتب السابقة "دموع الإبل"[2] بأنها تشترك مع رواية أحمد أبو خنيجر "خور الجمال"[3] بأنهما معا يشكلان ما يمكن اعتباره هروب احتجاجي، حيث غردتا خارج السرب الروائي في فترتهما، لم يرق لمحمد إبراهيم طه تلك الرؤية في حينها. كما أنه في مناقشات سابقة أيضا، رفض الرؤية السياسة لأعماله. وها هو يؤكد تلك الرؤية في روايته الجديدة "باب الدنيا، فيما لو تأملنا حياة الشخصية الرئيسية في الرواية، وهي شخصية "فتح الله" ابن عمة السارد، والتي تميزت عن السارد بالشفافية، حد قراءة الغيب، إلي جانب تأمل حياته في الجبل، والتي تتلخص في:

وقع فتح الله شيكات علي بياض ، لتَعثُر شركة المقاولات، لارتفاع سعر الدولار في عهد عاطف عبيد، بل ويزيد الأمر تجسيدا للماساة، ألا يكون فتح الله هو المدين الأساسي، وإنما، هو مدين عن الغير {أصبحتَ مطاردا من تجار مواد البناء، وكيف تحملت وأنت تعمل من الباطن الجانب الأعظم من الخسارة بوصفك من يتعامل مباشرة مع التجار، عن طرق السداد الآجل، تثتهي المرحلة، فيستلمها المهندسون، فيصرف المستخلص، فيأخذ التجار مالهم، وتأخذ منهم ما تنفذ به المرحلة التالية، دورة معروفة ومعتادة في قطاع المقاولات، ...فيما لم تعلم بدخول الشركة الدولية في نزاع قانوني مع الدولة وتوقفها عن إكمال المشروع، ولا بهروب مقاول تعمل من باطنه خارج البلاد، لتقف عاجزا في مواجهة تجار لجأوا إلي المحاكم، فتوجهت إلي الصحراء}ص99. وصدر ضده أحكام بنحو خمسة وأربعين عام {نزاع بين حكومة وشركة مقاولات}. هرب علي إثرها إلي الجبل، فوجد دولة أخري، لا تعترف بالدولة الأساسية { وأنهم يعرفون أنه اشتري من الدولة، لكنه لابد أن يعيد الشراء مرة أخري من هنا،..... وأخبروه بأن يعتبر ما دفعه مقابل حراسة، فهذا ما تعارف عيه الناس إلي أن يعمر المكان}ص93.

وكأن الكاتب أراد أن يعقد المقارنة بين المدينة والصحراء، أو بين الداخل والخارج، وكأنه يقول أن الداخل (الدولة أو المدينة) سلبية، وأما الخارج (الصحراء) إيجابية، علي الرغم مما قد يبدو أنه العكس، فنقرأ هذه الحوار بين السارد إبراهيم وفتح الله {سألتك : لماذا الهروب إذا كان من سجن إلي سجن؟! فقلتَ: الميتة النظيفة ، فقلتُ: كيف؟ فأخبرتني بأنك خُيرت بين زنزانتين، إحداهما ضيقة وبلا مسئولية، لكنك مسلوب الإرادة، وأخري أكبر، أشغالها شاقة، لكنها تحرمك من إرادة تصحيح الخطأ، فاخترتَ الثانية لتعمل وتسدد ما عليك لتموت ميتة نظيفة}ص98. حيث يتجسد هنا الرغبة في الحرية، وصدق النية، أو عدم الضلوع في الخطأ.

عرض عليه شيخ الجبل (الشيخ عليان) عددا من الحلول، تتواءم وطبيعتهم، لتخليصه من ديونه، لكن فتح الله زرع شجرة، ورفض عرضهم، وكلما رفض عرضا كبرت الشجرة، حتي راح يستظل بظلها ، فاستكبره الشيخ عليان { فَكَبُر في نظري}، وآواه وساعده في تسديد ديونه، من عرقه. وعندما زيارة السارد (إبراهيم) للصحراء ومقابلته (الشيخ عليان) ومعرفته بالاختبارات التي مر بها فتح الله من الشيخ عليان. سمع(في الباطن) نقرات دف قوية، مختلطة بصوت الشيخ عليان، حتي أن السارد استحضر الدكتور عماد فضلي، مؤسس كورال الكلية، ليتساءل: {الواد اللي ماسك الدف ده منين؟ أخبرته"، فسأل: ولماذا لا تضمه إلي كورال الكلية؟ فأحبرته بأنك تعمل في المقاولات، فرفع حاجبه قائلا: وفيها إيه؟ ثمانين في المية من الملحنين ما درسوش مزيكا، وبدأوا كده، ثم نقر بكلوة يديه وأنامله فتجسدت ملامح اللحن" دوس علي كل الصعب وسير".}ص97. كما أشارد السارد إلي أن دقات الدف الأتية في الصحراء {في جو خلا فجأة من كل تعقيدات الحضارة}. لينعكس كل ما ساقه السرد حول طبيعة فتح الله، ومواقفه الشفافة، وما مر به من اختبارات، نجح فيها، عل اختلاف كل ما هو سائد في دنيا المدينة، ليصنع من فتح الله الجانب الفطري، الذي يسعي إليه السارد، هروبا من منغصات الحضارة، وضجيجها، وكأنه الحنين إلي الفطرة، أو الهروب الإيجابي من الواقع. حتي السارد نفسه لعبت الفطرة أيضا في تشكيله علي الوجهة التي يحبها ويتمناها، ويتجلى ذلك في هذا اللقاء الذي دار بين السارد والفنان إبراهيم الحجار، المعروف بشجن صوته، وقربه من الطبيعة، حيث دخل السارد مكتب د عماد فضلي{ لأول مرة بقسم الأعصاب بالدمرداش، والفنان إبراهيم الحجار يضرب بهدوئه ونظرته الحامية وبنيانه الضعيف علي العود " يا حلو نادي لي" وكان أداؤه مفعما بالشجن والعذوبة حتي إنني وقفت بالباب، وحين قررت المغادرة، أشار لي متسائلا، فقلت "عايز الدكتور عماد" سألني: ليه؟ فقلت بخجل: " أصل أنا بأعزف ناي"، فقال "سمعني حاجة لحد ما يجي"، فأخرجت الناي وعزفت "علي بلد المحبوب وديني" فربت كتفي قائلا "علي فكرة دي كوله مش ناي" وعرفني الفرق بينهما، وسألني عمن علمني العزف عليها، قلت لا أحد، فزم حاجبيه وأشار إلي أذنه كأنه يخبرني، تبقي تربية موالد وذكر.. يا زار بلدي}ص97. أي انه يرده إلي الفطرة، كما يؤكد في ذات الوقت نضج هذه الموهبة، وهذه الفطرة. فضلا عن انتماء إبراهيم الحجار لذلك النوع من الفن الأقرب للنفس، وللفطرة، وما يتضح من ثناء السارد عليه، وقناعته به.

فنحن إذن أمام شاب كان يطمح أن يكون مهندسا، أجبرته الظروف الاجتماعية، أن يسير في اتجاه غير ما خطط لنفسه، فاصبح مدرسا، غير أنه ظل يعمل ما يقترب به من حلمه. قادته التعقيدات الروتينية الحكومية، ونظام أكل السمك الكبير للبساريا، أو السمك الصغير، لأن يكون ضحية، فيتعرض للسجن مددا طويلة {{فأحطتني بذراعيك وأنت تتساءل: لماذا أُصر علي تسليم غارم بمجموع أحكام خمسة وأربعين عاما، فأقول لأن هذا هو العدل، فتقول: "متهيألك" وتتساءل هل من العدل أن أسلمك لحكومة ليست أكثر من دابة عمياء ستضعك في السجن ليخرج من قبلك القاتل والناهب؟}ص88 ، وكأننا أمام نظام سياسي، أودي بأحلام الشاب، لنصل في النهاية إلي تأثير السياسة علي كل تفاصيل الحياة الفردية، وما يؤدي إلي أن السياسة تلعب دورا رئيسيا في رؤية أي عمل إبداعي. خاصة وإذا مددنا الرؤية علي اتساعها، لنري أن إنتقال السارد من البلدة، حيث الزوجة والأولاد والعمل والعيادة والمرضي، إلي (مصر الجديدة) بحياة جديدة ومع زوجة جديدة. وكأننا أمام مصر القديمة، ومصر الجديدة، بما تمثله، حيث في مصر الجديدة { شوارع واسعة بشجيرات مقصوصة وأخري كثيفة ومزهرة ونخيل تثقله العراجين}. أي اننا أمام رؤية اجتماعية، تتجسد بطريقة واضحة، حين يستعرض فتح الله مشاكل التعليم، وكيف أنه فاشل في التربية السليمة للأطفال – أمام الدكتورة التي تكشف عليه باعتباره مجنونا – حتي يصل لنتيجة مفادها {أنا مش مريض .. مجتمعنا اللي عايز يتعالج}.

وإذا كان فتح الله قد انتهي به الهروب من الأحكام بالجبل الذي ساعده في تخليص ديونه ورد اعتباره، فلابد أن نربط ذلك بذلك الحوار بين الاثنين، حين قال السارد لفتح الله بأنه ذاهب لمعاينة شقة لصديق في "النزهة الجديدة، فسأله فتح الله {ما خدش ليه في القاهرة الجديدة؟ فيرد عليه السارد: حد قال لك إننا عايزين نرميه في الجبل؟}ص102. وعلي الرغم من أن الرابط بينهما في حينها كان خارج نظرية الاحتمالات المقتنع بها السارد، إلا انه يؤدي ذات المصير من جانب، بما يؤديه من نتائج. وهو ما يؤكده السارد نفسه حين يستأنف، في عملية ربط بين رحلتي الصحراء، الأولي لفتح الله في الجبل، والثانية مع فتح الله إلي مصر الجديدة { جذبتَ الباب مرة أخري وأشرتَ إلي مطلع "الدائري"، ومنه إلي القاهرة الجديدة، لتضعني في مقارنة بين رحلتين بينهما سبع سنوات، استغرقت الأولي خمس ساعات، والثانية ساعة ونصفا، وأنا أحاول الجمع بين المشهدين}ص102. ثم يصل التطابق التام بين صحراء فتح الله والشيخ عليان، وصحراء القاهرة الجديدة في قول السارد {كيف بُنِيَت جرين هايتس علي أنقاض جبلاية التين الشوكي... ولا عن الشيخ عليان لأنك ستقول : إنه سئم العيش في مثل هذه الأماكن وانتقل إلي عالم أكثر بكارة، ولا عن شقتي التي كان موقعها خيمة التحكيم بالضبط}ص105، حيث جبلاية التين الشوكي، وخيمة التحكيم، مشاهد مر بها السارد في رحلته للصحراء، لاستعادة فتح الله، وكأنه يستعيد نفسه، أو يستعيد الجزء المفقود في إحساسه. ثم يدخلنا الكاتب في تيه جديد ليتداخل الحلم بالحقيقة، فلا نعرف أين الحدود التي تفصل بينهما، وهو التيه الذي يعيشه السارد نفسه {لكنني كنت أبحث عن وجه للمقارنة بين "جرين هايتس" التي أعيش فيها منذ سنوات.. وجبلاية من تين شوكي دخلتها من طريق وغادرتها من طريق كأنما في حُلم فلا أجد سوي ابتسامتك التي تتسع وأنت تقول "بس إيه رأياااااك؟!}. وهو ما يوحد المصير بين الشخصيتين، أو الشخصية المنقسمة علي ذاتها.. للسارد إبراهيم.

حكاية علياء
مثلما جسد الكاتب الجانب الروحي في شخصية السارد، فكان فتح الله، كذلك جسد المستقبل المرجو، أو حلم السارد في حياة جديدة، في شخصية "علياء" الزوجة الثانية، الشغوفة بالأطفال حد الهوس، وقد لا نكون مباشرين بالقدر الكبير إذا قلنا أن الأطفال، هم المستقبل. فإن كانت "علياء" {تحلم بطفلة دائمة الابتسام}، فهي تحلم بمستقبل يسوده الفرح والسعادة. وقد ربط –الكاتب - بين الاثنين ( فتح الله وعلياء) في بداية القسم الثالث من الرواية، والذي خصصه لعلياء، حيث ابتدأ هذا القسم ب {هل كنت تشعرين وأنت تغادرين "جرين هايتس" في حالة من الأسي أن وصيتك بأن تدفني معي، لن تتحقق، بعد أن سبقنا فتح الله إلي هناك}. حيث ربط الفقد لأحدهما بفقد الآخر. فانتهي فتح الله بالموت، الذي أدي لموت السارد، وإن مرحليا، بما يشير للموت المعنوي، فإن "علياء" انتهت أيضا بما يشبه الموت المعنوي، حيث غادرت النفس التي تاقت إليها { لم أجدها في غرفة النوم ولا في الصالة، وفي الشوارع القريبة لم أعثر لها علي أثر، وكانت الشمس غائبة تماما، والسحب القاتمة تملأ سماء القاهرة الجديدة}ص145. فقد ارتبطت، علياء، بالشمس، بالسطوع، وارتبط غيابها بالسحب القاتمة، التي تملأ 0القاهرة الجديدة. بل ليست القاهرة فقط، وإنما تمتد السحابة القاتمة لتملأ سماء مصر كلها، أو سماء إبراهيم جبر، فقد غابت الشفافية، وغابت البسمة، وأظلم المستقبل {ولم تكن السحابة المعتمة التي تغلف القاهرة قد توجهت بعد نحو البلدة فتمددت في سريري تحت وطأة شعور باللوم لأنني لم أمنعها من الخروج، ولم أدر كم من الوقت مر حتي أيقظني الألم أو رنين الهاتف، فتوقعت أن تكون علياء، لكنها لم تكن، فقلت وصدري يعتصره الألم: أيوه يا فتح الله؟ فرد صوت من الجانب الآخر : تعيش انت }ص145. حيث نبأ موت فتح الله، ليصبح الغياب غيابين. ويكشف الكاتب حقيقة كل من فتح الله، وعلياء، بانهما ليسا إلا تصورات في ذهن السارد. فعلي المقابر، بعد اختفاء علياء في الحكاية (الاسترجاع) وبعد يوم من موت فتح الله (الفعلي أو الحاضر) وليلة قضاها غائبا في المستشفى، بعد دفن فتح الله { شهق جمعة أبو الجود التربي حين رآني وارتمي في حضني وقال: إيه اللي عملته إمبارح ده يا دكتور؟ فأخبرته عن شمس كانت ساطعة ثم غابت فجأة، وعن سحابة معتمة، فقال إنه لا يذكر شيئا من هذا، واستغرب وهو يشير إلي الشمس الحارقة ويُغمض عينيه} بما يعني أن غياب الشمس والسحابة القاتمة ، لم تكن إلا في ذهن السارد إبراهيم. وتستبد الحيرة بالسارد، هل ما يعيشه حقيقة علي أرض الواقع، أم هي بالفعل محض تخيلات، وهل هو بالفعل، غادر الماضي والفطرة، أم عليه أن يعود إلي أرض الواقع في البلدة{ فعاودني الألم وأنا أغادر المقابر في صفار شمس خريفية بعد ظهيرة في ظل البونسيانا .... لا أعرف هل أتجه إلي بيتي في البلدة أم إلي القاهرة الجديدة}ص147.{ وانها (علياء) لا يمكنها الوصول إلي النقطة الفاصلة بين آخر الوهم وأول الحقيقة، لأنني عبرت بالفعل باب الدنيا، ودخلت جبلاية التين الشوكي}ص148. وهو لا يدري – إبراهيم – إن ذلك الحلم والأمل الذي عاشه، محكوم عليه بالموت، ممثلا في صورة "هالة" الصغيرة، والتي تتشابه مع علياء (نسخة طبق الأصل) والتي يحتضنها فتح الله، هالة المريضة بمرض لا شفاء منه، والمحكوم عليها بالموت، لتأكيد المصير المشترك، بين علياء وهالة ، وبين إبراهيم وفتح الله.

حكاية إبراهيم جبر إبراهيم
إذا كنا قد تعرفنا علي حياة السارد (المُتَخَيلة) مع كل من فتح الله، وعلياء، فما الذي دفعه إليهما؟ أو بعني آخري، ما هي الظروف أو الأزمة التي يعيشها السارد، فدفعته لتلك التصورات، وذلك البناء الذي شيده للأمل؟

يجيب محمد إبراهيم طه عن ذلك السؤال، بما يرجع بالسارد إلي أرض الواقع، معلنا ما يتردد كثيرا في الأوساط الثقافية ،عن غياب جمهور الشعر، أو إنحسار دور الشعر ونزوله عن عرشه، بارتباط الشعر بالناي، الذي يعشقه السارد، وقد تنحي كلاهما عن العرش. والمدهش أن يرتبط أفولهما، بخروج "علياء" طالبة الطب، زميلة إبراهيم في الكلية، خروجها من المدرج بينما كان إبراهيم يعزف علي الناي، وانصراف الطالبات من خلفها، انصرافا عن العزف، والعازف {لكنني منذ خروج علياء من مدرج الباطنة اعتبرت أن الناي لم يعد آلة جماهيرية، حتي في حفلات الكلية وحفلات دار الحكمة كنت عضوا بالكورال، وبدا أن خطئي تلخص في عزفي بالناي في وجود جمهور..... ولأنني لم أكن مدركا أن الزمن انحسر عن هذه الآلة ، وأنها آلة نجوي وآنين مُوجع يجب ألا يطلع عليه أحد. فيما توصلت بنفسي، وربما بعد عشر سنوات أيضا أن الشعر كالعزف بالناي، شخصي وذاتي ، لا يمكن أن يكون جماهيريا... ربما كانت الأمور واضحة.. لكني لم أكن أري.. حتي نظرة علياء حين تساءلت عمن يكون إبراهيم جبر، والديوان بين يديها قبل المناقشة بدقائق}، فكأن الفقد تولد في لحظة الميلاد، أو أن الأمل مكتوب عليه الموت، لنتيقن بربط المصير بين علياء وهالة الصغير المحكوم عليها أيضا بالموت، والتي كانت الأمل – رغم مرضها – لفتح الله. فالسارد، إبراهيم جبر- الذي تعرف علي علياء بينما كانت قد تورطت في إدارة جلسة مناقشة ديوانه الثالث، والذي يهوي العزف بالناي- إذن يعيش أزمة خفوت، أو انحسار، فكانت دافعا لخلق عالم مواز، يبنيه في عالمه الداخلي، وكانت نقطة اكتمال شخصية برع الكاتب محمد إبراهيم طه في رسمها كنقطة انطلاق لرواية شديدة الإحكام، في سلاسة تخفي الأصابع المتحكمة، فتبدو كما لو أنها تنسرب بسيولة الدم السائل، اثناء عملية جراحية دقيقة.

عتبات الرواية
لعبت البونسيانا دورا رئيسا في إضفاء الجو النفسي، والتعبير عنه، في الواقع الملموس. تلك التي تزدان بالورود، وتمنح الظل للآخرين. وقد حرص فتح الله، الشخصية الرئيسة في الرواية، علي زراعتها، في كل مكان. في البيت الجديد، وفي المقبرة، وفي الصحراء، حيث نجد أن من استظل بظلها، بالدرجة الأولي، هو السارد إبراهيم، وهو ما يعكس العلاقة المتجذرة، والملتبسة بينهما، وما يؤكد في ذات الآن رؤية السارد لطبيعة فتح الله، وأنه بافتقاده، فقد جزءا عزيزا من وجوده هو نفسه. ولقد وفق الكاتب في اختيار عتبات الأقسام الثلاثة للرواية. فقد جاءت عتبة القسم الأول "حدود شفافة" والذي خصصه ل"فتح الله". حيث كشف من خلاله أبعاد تلك الشخصية، مُتْبِعا ذلك العنوان بكلمات فتح الله، التي ستصير هي الكاشفة عن كل قسم من أقسام الرواية {عندما أموت، سأفقد جسدي فقط، هذا كل ما هنالك، لاشئ آخر يمكن فقدانه}. وإذا كانت تلك المقولة ربما تصلح لأي إنسان، حيث الموت بالجسد. إلا أنها هنا تحدد الطبيعة المُضْمَرة لِكُنْه هذه الشخصية، التي تجسدت في ذهن السارد، الذي مات موتة مؤقتة، وأصبح ملقبا ب"العائد من الموت" وهو ما ترجمه بموت فتح الله، غير أن وجود فتح الله المعنوي داخل نفس السارد، لازال ينبض، ولازال حيا. خاصة أن الرواية تسير بصيغة الاسترجاع، بمعني أن من مات لم يمت إلا جسدا، وها هو السارد يعيشه بعد موته. وكم كان – الكاتب – موفقا في ذلك القسم أن جعل فتح الله يموت عند الخامسة والأربعين، وهو ما يساوي عدد السنين المحكوم عليه فيها بالحبس، ليشير إلي أن فتح الله، بما يمثله من عناصر، محبوس داخل الأفنية، النفسية أو المادية، الجديدة منها والقديمة. وكأنه يعلن غياب تلك العناصر التي هي المدخل للحياة السوية، بل هي "باب الدنيا" التي قد يعبر عنها العنوان الرئيس، أو العتبة الأولي.

أما القسم الثاني، والذي جعل عنوانه "ظل البونسيانا". وجعل مقولة فتح الله الشحات، أيضا، كعتبة أساسية أيضا{في ظل البونسيانا تري الأمور المبعثرة مترابطة، والمعقدة بسيطة}. حيث تصبح البونسيانا هي الكاشفة عن شخصية السارد المركبة وما به، وتكشف الرؤية الكلية للرواية.

كما كان – الكاتب – موفقا أيضا في عنونة أحد فصول هذا القسم الثاني "جبلاية التين الشوكي" حيث الشوك من الخارج، والطعم المستساغ والجميل من الداخل. وحيث كشف لنا الكاتب في هذا الفصل، طبيعة الصحراء وما يجري فيها من نظام، وحكمة، رغم مخالفتها للقوانين الطبيعية. كما يكشف الفصل عن طبيعة فتح الله الشحات، الذي يبدو في نظر (البلد) وسط أهله، ولدي الشرطة والقضاء، أنه مذنب، رغم أن هذا الفصل يكشف لنا عن الجوانب التي تبرئه، وتضعه في جانب الضحية. كما أن هذا الفصل أيضا يدور في الصحراء، وما تعنيه ظاهريا من قسوة وحرارة وعنف، غير أن الشجرة التي زرعها فتح الله فيها، وظلت تكبر مع إثبات نقائه، وهي شجرة البونسيانا، حولت المكان إلي ظل وورود. فكان الظاهر شوكا، والباطن عسلا.

كما جاء القسم الثلث بعتبة تقول "طائران في عش" متبوعا بمقولة لفتح الله –أيضا- { لا يضيركم أن أري الأشياء وحدي، ولا يضيرني أن تفتحوا الخرائط فلا تجدوا البونسيانا ولا جبلاية التين الشوكي أو باب الدنيا" حيث يتجسد التوحد بين الشخصيتين (إبراهيم وفتح الله) بتصريح من فتح الله بأن كل ما يخصه من خرائط والبونسيانا وجبلاية التين الشوكي، ليست إلا أشياء لا تُري بالفعل علي أرض الواقع، فإذا كان إبراهيم قد رآها، فإنهما إذن، شخصية واحدة. ولتقول أن الطائران في عش، هما روحان في جسد، حيث انشطر إبراهيم إلي إبراهيم الواقعي، إبراهيم البلد والعيادة والمرض. وهو ذاته، وإن بروح تتوق إلي عالم مصر جديدة، بزوجة جديدة، أو بحياة جديدة. خاصة وأن هذا الجزء قد تم تخصيصه لعلياء، الزوجة الجديدة.

أما إذا عدنا إلي لوحة الغلاف، والتي تعتبر العتبة الثانية ، فسنجدنا أمام النصف الأسفل لامرأة أو فتاة، وإن كانت تمسك بأصابعها بخيط يمتد ليربط أحد ساقيها منتهيا بوردة، أو فراشة، فعلي الرغم مما يرمز إليه ربط الساق، او الفراشة، فإن اختيار النصف الأسفل للفتاة، لم يكن متماشيا مع ما تتضمنه الرواية، فلم يكن النصف الأسفل – مطلقا – هو ما قالته الرواية كباب لدخول الدنيا، وإنما كان النصف الأعلي هو محور دورانها، القلب والعقل، هما باب الدخول، بل وباب الخروج من الدنيا. ثم يأتي العنوان الرئيس (دباب الدنيا) ليثور التساؤل، لماذا "باب الدنيا" ولم يكن "باب الحياة"؟ وبالتأمل نستطيع القول بأن {العائد من الموت}، عبر بوابة القبر، عاد ليتأمل الحياة من جديد ومن زاوية جديدة، ليكتشف أنها (مرجيحة) وأن لا شئ فيها يقيني، وأنها (دنيا) من التدني، وليست حياة، حيث الحياة، في الذهن العام- ترتبط بالمتعة والبهجة، تلك التي غابت في رؤية إبراهيم جبر، العائد من الموت.

تقنيات الرواية
مثلما أن "باب الدنيا" هي الرواية الرابعة لمحمد إبراهيم طه، فإنه – أيضا – أصدر أربع مجموعات قصصية. لذا فليس من المستبعد أن تأتي "باب الدنيا" بتقنية القصة القصيرة، وربما لا نتجاوز إن قلنا أنها القصة الإدريسية تحديدا. حيث انطلقت الرواية من النقطة المركزية، والحدث الرئيس، والوحيد الذي قامت عليه الرواية، وكم كان اختيار ذلك الحدث، تحديدا يمثل الموهبة والقدرة الفعلية علي اقتناص الحدث شديد الثراء، والذي يمنح الكاتب فرصة الاطلاع علي الكون والزمن، والناس، بصورة تكفي لا لكتابة رواية واحدة وإنما لعدد من الروايات. كما أن شخوص الرواية، وإن بدو كُثر، وهو ما نجح الكاتب في الإيهام به، بالقدرة علي تجسيدها لتصبح شخوصا حية تمارس الحياة التي رسمها لهم صانعهم. تنتهي ، الأساسي منها علي الأقل – إلي مجرد خيالات وأحلام السارد، الذي خضع لتجربة نادرة الحدوث، حيث وقع في البرزخ بين الدنيا والآخرة، فعاد، لا يدري إن كان بالفعل عاد، أم أنه ذهب، فوقع في حالة من الهذيان، أو عدم الاتزان، وهو ما توافق، وكان منطقيا إلي حد بعيد، ذلك التداخل ، في النفس الداخلية، والذي تُرجم في تأرجح الرواية بين الأزمنة، والأمكنة، والشخصيات، فبدت الكتابة أقرب إلي تيار الوعي، وإن كُتبت بكل الوعي. فعلي الرغم من أن الحركة الدرامية الروائية لم تستغرق سوي بضع ساعات، بعد سبع ساعات، كان إبراهيم فيها غائبا عن الوعي، أو كان ميتا، إلا أن تلك الساعات القليلة، امتدت، دون أن يشعر القارئ إلي نحو خمسة وأربعين عاما، لم تمر بصورة تصاعدية، مثلما هو الطبيعي، وإنما مر الزمن علي دفقات متناثرة، يتأرجح القارئ معها بين الأزمنة، ويسافر إلي الأمكنة. فعلي سبيل المثال، عند زيارة السارد للصحراء في محاولة إرجاع فتح الله، كي يبرئ ساحته أمام أهله، وبعد أن يتعرف علي حياة فتح الله هناك، وما فيها من حق وعدل، وتقدير حقيقي، يسمع السارد صوت الناي، مجهول المصدر، ليختلط بصوت الشيخ عليان، لنجد أنفسنا في مدرج كلية الطب أمام الدكتور عماد فضلي مؤسس الكورال بالكلية، ليدخل السرد إلي منطقة أخري، دون تمهيد، لكنه السياق النفسي، الذي يربط الأشياء وفق دوافعها، وارتباطاتها. فما يراه أمامه في الصحراء، يرتبط بصلة ويستحضر حالة الموسيقي والناي، بصفائهما، ونقائهما، ليقول السارد {في جو خلا فجأة من كل تعقيدات الحضارة}، بعد نقلة زمكانية، نعود بعدها لنجدنا لا زلنا في الصحراء، ومع ثقافة الشيخ عليان التي تفوقت علي ثقافة الدولة الصماء العمياء. وهو ما جعل القارئ في حالة حركة دائمة، لم يترك الكاتب له فرصة التقاط الأنفاس، رغم هدوء السرد، وإيقاعه الأشبه بإيقاع المسيرة الجنائزية، لتتوافق أيضا مع جو الموقف، وتداعياته، التي تنقلت بين الفلسفي، والاجتماعي، الذي يقودنا بالضرورة للسياسي.

كما جاء إستخدام ضمير المُخاَطب، علي المساحة الغالبة للرواية، بالتناوب مع ضمير المُتكلم، دون أن يأتي الرد الفعلي من المُخَاطب، حيث جاءت الحوارات علي طريقة السرد العادي، لا بطريقة الحوار، فكان الأخذ والرد متفقا علي نفس السطر، ولا يحتل حديث كل سطرا مستقلا. وقد يتصور القارئ أن ذلك جاء عفوا، فنرد عليه بأن الذي حرص علي تشكيل كل الكلمات التي يمكن أن تشكل التباسا للقارئ، لا يمكن أن يصيغ الحديث بهذه الكيفية عفوا. فأصبح الحديث بهذه الكيفية أقرب للمنولوج، منه إلي الديالوج، فكان أكثر تعبيرا عن الوحدة، أو التوحش الذي يعبر عن دواخل النفس الساردة، والذي يتناسب أيضا، مع حالة الهذيان التي يعيشها، وما يزيد القناعة بأن كلا من شخصية فتح الله، وعلياء، ليستا شخصيات حقيقة، مثلما استطاع الكاتب أن يُوهم الكثيرين بأنهما كذلك، وإنما هما من نتاج ذلك الانقسام الداخلي للشخصية التي تعرضت لتلك التجربة الفردية، فلسفيا لتأمل الكون ومسيرة الإنسان، وواقعيا نتيجة عدم التوافق مع البيئة الفاسدة المعيشة، والسعي، والنظر لتلك المدينة الفاضلة، الساكنة هناك في أعماق الكاتب، المبدع، الآملِ في حياة أفضل، للفرد، والوطن، والإنسانية.

شوقي عبد الحميد يحيي

Em:shyehia48@gmail.com

 

[1] - محمد إبراهيم طه – باب الدنيا – رواية –دار النسيم للنشر والتوزيع – ط 1 – 2017 .

[2] - دموع الإبل – محمد إبراهيم طه – دار الناشر للنشر والتوزيع – الطبعة الأولي 2008 .

[3] - خور الجمّال – رواية أحمد أبو خنيجر – روايات الهلال – العدد 717 – سبتمبر 2008 .