يكشف الشاعر والباحث الفلسطيني في هذه الدراسة عن أهمية العناية بالعلاقات الأفريقية العربية من ناحية، والأفريقية الفلسطينية من ناحية أخرى في زمن تسعى فيه دولة الاستيطان الصهيوني إلى استمالة الدول الأفريقية لصالح قضيتها الاستعمارية البغيضة، بل وضد مصالح دول عربية أفريقية متعددة، ويبدو فيه العرب غائبين عن الواقع والتاريخ.

قارة الصراع الصهيوني-العالمي على النفوذ

أفريقيا ضمير فلسطين الحاضر المتصل

حسن العاصي

 

لا نبالغ إن قلنا إن إسرائيل كانت حلماً للصهيونية قد تحقق، ومنذ تأسيس هذه الدولة عمل قادتها بشكل دؤوب وواضح وصبور على تحقيق أحلامها في السيطرة ليس فقط على المنطقة العربية، بل تحلم أن يمتد نفوذها إلى القارة الإفريقية. لأجل هذا الحلم استخدمت إسرائيل كافة وسائلها وأسلحتها ودهاء قلدتها وخبث سياسييها كي تصل إلى مبتغاها، تماما بعكس ما يقع على الجبهة الأخرى العربية والإسلامية والإفريقية المضادة للأطماع والأحلام الصهيونية في التوسع والهيمنة على مقدرات شعوب المنطقة.

صورة المشهد التاريخي في العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية
منذ قيام إسرائيل الصهيونية، نشطت دبلوماسيتها باعتماد سياسة جذب الأطراف، حيث سعت حثيثاً لإقامة علاقات مع محيطها العربي وعمقها الإفريقي. ونجحت إسرائيل في التواصل مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ومع عدد من الدول في القارة السمراء مثل اثيوبيا، إيريتريا في خمسينيات القرن العشرين. لكن بعد حرب عام 1967 بدأت علاقات إسرائيل تهتز مع عدد من البلدان الإفريقية منها أوغندا، غينيا، الكونغو، تشاد. شكلت حرب العام 1973 نقطة تحول في العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية، حيث تمكنت الدبلوماسية العربية من دفع معظم الدول الإفريقية لقطع علاقاتها مع إسرائيل.

إذ أنه عقب الهزيمة التي مني بها العرب في العام 1967 أبدت الدول الإفريقية تعاطفاً شديداً مع العرب، ونظرت إلى إسرائيل على أنها قوة احتلال غاشمة لفلسطين وللأراضي العربية. كانت معظم بلدان القارة السمراء ترتبط بعلاقات وثيقة مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي كان يدعم حركات التحرر الإفريقية ونضالها للانعتاق من الاستعمار الغربي البغيض. في العام 1972 قامت كلاً من "أوغندا، تشاد، مالي، النيجر، الكونغو، برازافيل، بوروندي، زائير، توجو، بقطع علاقاتهم مع إسرائيل تضامناً مع فلسطين والعرب. مباشرة بعد حرب العام 1973 بين العرب وإسرائيل اجتمع مجلس وزراء منظمة الوحدة الإفريقية في أديس ابابا، حيث طالب المجتمعون من إسرائيل الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة، واتخذوا موقفاً حاسماً من الدول التي تدعم إسرائيل وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وانتقدوا المساعدات العسكرية الأمريكية الضخمة التي تقدمها أمريكا لإسرائيل. ارتفع على الفور عدد الدول الإفريقية التي قطعت علاقتها مع إسرائيل إلى 27 دولة.

اتخذت الدول الإفريقية مجتمعة في نهاية سبعينيات القرن العشرين قراراً يقضي باعتبار إسرائيل دولة نظام عنصري استعماري تشبه تماماً الأنظمة العنصرية الاستعمارية في القارة الإفريقية وهي جنوب إفريقيا، روديسيا التي قامت زيمبابوي فيما بعد على شطرها الجنوبي. كما أقرت الدول الإفريقية المواجهة الشاملة مع هذه الكيانات العنصرية، وفرض حالة من الحظر التام عليها، وأهمية العمل على زيادة عزلة إسرائيل في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية، وهذا ما كان حيث قامت جميع دول القارة السمراء بقطع علاقاتها مع إسرائيل باستثناء كلاً من ملاوي ومورشيوس وليسوتو وسوازيلاند. كما دعا الموقف الإفريقي حينها إلى الأهمية القصوة لاستخدام سلاح النفط ضد الغرب الاستعماري الذي يدعم إسرائيل ضد المصالح الفلسطينية. الدول الإفريقية التي تنتج النفط وهي ليبيا، نيجيريا، والجزائر الذي اصطدمت جهودها في توظيف سلاح النفط لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية والغربية، بجدار التجاذبات والخلافات العربية-العربية والإفريقية-الإفريقية، وهو موقف يسجل للجزائر في دعمها التاريخي للشعب الفلسطيني. هذا الأمر الذي لم تنساه إسرائيل للجزائر التي ظلت على لائحة الاستهداف الإسرائيلي، حيث تعتبر إسرائيل أن الجزائر من أشد الدول عداوة لها.

ماذا فعلت إسرائيل
لم تستكين إسرائيل لهذا الواقع، بل استمرت محاولاتها بالهادفة إلى ترميم علاقاتها مع الدول الإفريقية، وإعادة بناء جسور للوصول إلى العمق الإفريقي. ثم عبدت اتفاقية السلام "كامب ديفيد" التي تم توقيعها بين مصر وإسرائيل في العام 1978، الطريق نحو القارة السمراء أمام إسرائيل، التي نجحت في توظيف هذه الاتفاقية، في فتح أبواب عدد من الدول الإفريقية أبوابها أمام إسرائيل، وهي أبواب كانت فيما سبق مغلقة في وجهها بحكم انحياز الدول الإفريقية إلى جانب القضية الفلسطينية، وإلى جانب العرب عموماً في قضاياهم وخاصة صراعهم مع إسرائيل.

لم تتأخر إسرائيل كثيراً في العودة إلى إفريقيا. في العام 1981 وقعت إسرائيل اتفاقية تعاون عسكري مع زائير، وهي الاتفاقية التي مهدت لاستئناف العلاقات الدبلوماسية وتطورها بين البلدين. وتوالت بعد ذلك الانهيارات في جدار الصد الإفريقي في وجه إسرائيل البغيضة. في العام 1982 عادت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وزائير. في العام 1983 مع ليبيريا، في العام 1986 مع ساحل العاج والكاميرون، في العام 1987 مع توجو، السنغال، نيجيريا. ثم في تسعينيات القرن العشرين استطاعت إسرائيل أن تحدث اختراقات جديدة في الجدار الإفريقي، حيث استطاعت مع انتهاء الحرب الباردة بين القطبين، من استعادة علاقاتها مع أربعين دولة إفريقية.

وعلينا أن نتذكر أن إسرائيل قامت خلال فترة الثمانينيات بنقل عشرات الآلاف من يهود "الفلاشا" من إفريقيا، وكان لإسرائيل دوراً كبيراً في الحروب الأهلية والصراعات المحلية في عدد من دول القارة السمراء، خاصة الحرب بين قبيلتي "التوتسي والهوتو"، حيث قامت بتزويد الجيش البوروندي والرواندي بالأسلحة والعتاد. كما أن إسرائيل دعمت بقوة الحركة الانفصالية في الجنوب السوداني التي أدت إلى تقسيم السودان. ودعمت البغيضة إسرائيل إثيوبيا في صراعها مع الصومال. وقبل استقلال إريتيريا في العام 1993 عن إثيوبيا بعد ثلاثين عاماً من القتال، قامت إسرائيل بافتتاح سفارة لها في أسمرة، لتنضم أوغندا إلى لائحة الدول التي أعادت علاقاتها مع إسرائيل في العام 1994، ثم جاء الدور على تنزانيا في العام 1995، بعد مقاطعة استمرت 22 عاماً.

السياسية والدبلوماسية في العلاقات الإسرائيلية الأفريقية
في منتصف العام 2016، وأثناء جلسة للكنيست الإسرائيلي حضرها السفراء الأفارقة المعتمدون في إسرائيل، أعلن "بنيامين نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي تشكيل "لوبي مساند لإفريقيا في الكنيست"، وخاطب السفراء الافارقة قائلاً "أنا أدرك أن ممثلي دولكم سوف يصوتون بما يتماشى مع مصالح إفريقيا في المحافل الدولية. أنا أرى أن مصالح إسرائيل ومصالح إفريقيا متطابقة تقريباً، مما يعني أن التصويت لصالح إسرائيل سوف يكون بالضرورة لصالح إفريقيا"، خبث ودهاء، ودس للسم في الدهن والكلام المعسول. وهو أيضاً تعبير واضح وصادق عن الأهداف الإسرائيلية التي تسعى إلى تحقيقها في إفريقيا استراتيجياً، وهو النجاح في تفكيك علاقات القارة الإفريقية مع محطها العربي خاصة، ثم إعادة بناء علاقات بين إسرائيل وإفريقيا وشراكات استراتيجية.

سعت إسرائيل وتسعى، وسوف تظل تسعى خلال الفترة القادمة من أجل العودة الكاملة إلى القارة السمراء، وفي جعبتها نوايا شريرة لبسط أعلى مستوى من النفوذ في إفريقيا.

إذ تسعى إسرائيل لمحاصرة الفلسطينيون ومصالحهم وعلاقاتهم في إفريقيا. كما تسعى إلى تطويق العرب وتقويض كل ما من شأنه إحداث تطور في العلاقات العربية-الإفريقية، وطبعا محاصرة مصر للضغط عليها ومساومتها في مصالحها وأمنها القومي لاحقاً، وما زيارة "نتنياهو" والمسؤولين الإسرائيليون الأخرون المتكررة إلى كلاً من أوغندا، كينيا، جنوب السودان، رواندا، إثيوبيا، تنزانيا، وجميعها دولاً تقع في منطقة حوض النيل، الذي يعتبر شريان الحياة لمصر، لذلك تسعى إسرائيل البغيضة لخنق مصر.

ولا تخفي إسرائيل غاياتها وأهدافها السياسية والدبلوماسية في إفريقيا، إذ تعترف أن واحداً من أهم هذه الأهداف هو حشد التأييد الدبلوماسي من قبل دول القارة الإفريقية لإسرائيل في الهيئات والمنظمات الدولية، وقد استطاعت إسرائيل تحقيق بعض النجاحات في هذا المجال، فقد امتنعت نيجيريا عن التصويت على المشروع القرار العربي في مجلس الأمن في العام 2014، الذي يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، رفض نيجيريا التصويت أفشل تبني القرار العربي الذي كان في حال إصداره يدعم المطالب الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في التحرر من الاستعمار الكريه الوحيد الباقي في هذا الكوكب. مثال آخر، حيث صوتت عدة بلدان إفريقية لصالح المرشح الإسرائيلي لرئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، في شهر حزيران/يونيو 2016 وشكلت هذه الحادثة مفارقة غريبة، إذ أن إسرائيل تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تتمرد على الشرعية الدولية ولا تحترم المجتمع الدولي، وتضرب بعض الجدار كافة قرارات الهيئات الدولية وما اكثرها، وجميعها متعلقة بالصراع العربي-الإسرائيلي والقضية الوطنية الفلسطينية، ثم يترشح مندوب هذه الدولة في الأمم المتحدة، ليس لرئاسة أية لجنة، لا، بل لرئاسة اللجنة القانونية في المنظمة الدولية الأهم.

الأمن والعسكر في العلاقة الإسرائيلية الأفريقية
منذ أن تم إنشائها، سعت -وما تزال- إسرائيل إلى مد وبسط نفوذها الأمني والعسكري في عمق القارة الإفريقية، بما ينسجم مع رؤيتها الاستراتيجية التوسعية خارج حدود فلسطين المحتلة، بهدف تطويق ومحاصرة الدول العربية، والتضييق على الممرات التي ربما تستخدمها بعض الأطراق لإيصال الأسلحة إلى المقاومة في فلسطين، وأيضاً بهدف مراقبة التحركات الإيرانية، وضمان حرية طرق المواصلات البحرية شريان إسرائيل المهم. ولتحقيق ذلك قامت ببناء قواعد عسكرية بحرية للمراقبة في إريتريا في أرخبيل "دهلك". ولها قاعدة تضم وحدات من قوات البحرية الإسرائيلية في ميناء "مصوع" في البحر الأحمر. إسرائيل موجودة في مواقع استراتيجية مهمة على البحر الأحمر، تمكنها من رصد ومراقبة مدخل البحر الأحمر، وطرق الملاحة الدولية، كما أن إسرائيل تمتلك قاعدة للتنصت موجودة في قمة أعلى جبل في إريتريا وهو جبل "أمبا سواره"، ولها ست قواعد عسكرية في إريتريا، لأعمال الاستخبارات والمراقبة والتنصت، وتدريب ضباط أمن وجيش إريتريين، ولحماية مصالح إسرائيل في البحر الأحمر وإفريقيا.

عسكريا، يعود التعاون العسكري بين إسرائيل وبعض الدول الإفريقية إلى بداية ستينيات القرن العشرين، حيث استقبلت إسرائيل ضباطاً من أوغندا، غانا، تنزانيا، في العام 1962 بهدف تدريبهم في الكليات الحربية الإسرائيلية. كما أن اول دفعة من الطيارين الحربيين من إثيوبيا وغانا وأوغندا ونيجيريا تخرجوا من معهد الطيران الحربي الإسرائيلي. بل أن أول كلية حربية في غانا أسستها إسرائيل في العام 1966 وأرسلت أليها 100 ضابط إسرائيلي كخبراء ومدربين للعمل فيها.

وترتبط إسرائيل مع عدد من الدول الإفريقية بمعاهدات عسكرية وأمنية بالغة الخطورة على الأمن القومي العربي، وعلى القضية الفلسطينية. تتضمن بنود هذه الاتفاقيات قيام إسرائيل بتدريب ضباط من الجيش ومن أجهزة الاستخبارات. هذا التعاون يضمن استمرار بقاء الأنظمة الديكتاتورية في القارة السمراء، والتي تجد إسرائيل في هذه الأنظمة غايتها من أجل تحقيق أهدافها.

إن العلاقات العسكرية والتعاون الأمني بين إسرائيل وبعض الدول الإفريقية الظاهرة منها والخفية، قد شهدت تصاعداً خلال العشرين عاماً الماضية بشكل لافت، وهو التعاون الذي لم ينقطع أصلاً على الصعيد الأمني والعسكري، حتى خلال الفترات التي قطعت فيها هذه الدول الإفريقية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل. ناهيك عن صفقات بيع الأسلحة الإسرائيلية التي تتم مع عدد من الدول الإفريقية والتي غالباً لا يجري الكشف عنها لأسباب أمنية.

بالرغم من أن الصادرات العسكرية الإسرائيلية إلى دول غرب إفريقيا قد تضاعفت خلال السنوات الماضية بنسبة 70 في المائة، إلا أن إسرائيل لا تعتبر أن إفريقيا سوقاً كبيرة لصادراتها العسكرية، التي بلغت ما يقارب 5,9 مليار دولار في العام 2016، معظم هذه المبيعات تتعلق بتطوير وتحسين الطائرات، وبوسائل المراقبة، وبالصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي، ورادارات، واسلحة وذخيرة، وتجهيزات استخباراتية، وطائرات بدون طيار، وأجهزة وأدوات مكافحة الإرهاب وفرض النظام، وتقنيات عسكرية متطورة،

التنافس بين القوى الفاعلة في أفريقيا
إضافة إلى النفوذ الإسرائيلي الذي تحدثنا عنه مطولاً في دراسات عديدة سابقة، فإن في إفريقيا قوى فاعلة أخرى تمتع بنفوذ. إذ أنه أثناء الحرب الباردة كانت القارة السمراء منطقة تنافس على النفوذ بين الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الغربي عموماً، وبين الاتحاد السوفيتي سابقاً ومعه المعسكر الشرقي، حاولت الولايات المتحدة حينذاك تطويف الأفكار الشيوعية من التسلل إلى عدد من البلدان الإفريقية، فعمدت أمريكا إلى تعزيز نفوذها الأمني والاقتصادي في القارة، بهدف حماية خطوط التجارة البحرية، الوصول إلى مناطق التعدين والمواد الخام.

بشكل عام للولايات المتحدة مصالح متعددة في إفريقيا. فعلى الصعيد الاقتصادي فتح أسواق جديدة للمنتجات الأمريكية في قارة تتسم بفرص كبيرة للاستثمار. وأمنياً تسعى أمريكا إلى التعاون مع بلدان القارة السمراء بهدف تحسين قدرة القارة على التعامل مع المشكلات الأمنية المؤثرة على الأمن العالمي بصفة عامة وعلى الأمن الأمريكي بصفة خاصة وأهمها الإرهاب.

لفرنسا أيضاً مصالح ونفوذ في القارة الإفريقية، وتعبر باريس العاصمة الأكثر نفوذاً وفعالية في إفريقيا على المستوى الأوروبي. حتى أن هناك من كان يقول أن لمكانة فرنسا الدولية ثلاثة أعمدة، مقعدها في مجلس الأمن، وقدرتها النووية، وإفريقيا. لكن مكانة فرنسا في إفريقيا تراجعت منذ انتهاء الحرب الباردة، نتيجة انخفاض الأهمية الاستراتيجية لإفريقيا بالنسبة للغرب الأوروبي بصفة عامة -قبل أن يعود هذا الاهتمام ويتزايد في الألفية الثالثة- وكذلك بسبب النشاط والنفوذ الأمريكي المتزايد في القارة وعدد من الدول الكبرى الأخرى. لفرنسا وجود عسكري في المناطق التي تعتبر مصدرة للإرهاب مثل "مالي".

لدول أوروبا الغربية أيضاً نفوذاً في إفريقيا، حتى أيام الحرب الباردة راعت الولايات المتحدة الأمريكية مصالح الشركاء الغربيين في إفريقيا التي اعتبرتها مناطق نفوذ تقليدية للغرب، مقابل احترام الغرب لنفوذ الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية. تغير هذا الوضع بعد انتهاء الحرب الباردة، إذ وجدت أوروبا أنها أصبحت تواجه تحديات جديدة في إفريقيا، في مقدمتها الهيمنة الأمريكية والمنافسة الشديدة من جانب قوى اقتصادية جديدة إقليمية صاعدة.

اليابان والصين أصبح لهما نفوذاً في القارة السمراء. الصين التي تزايد صعودها خلال السنوات الأخيرة على الساحة الدولية، وبرزت كقوة اقتصادية صاعدة تنافس الدول الكبرى. اتجهت الصين لتعزيز علاقاتها مع القارة الإفريقية، وقامت بإنشاء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي في شهر آب/أغسطس العام 2017. وارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا من 10 مليار دولار في العام 2000، ليصل إلى 220 مليار دولار في العام 2015. وتساهم الصين بحوالي سدس المبالغ التي تقترضها إفريقيا. وكانت الصين تعهدت بضخ 60 مليار دولا كاستثمارات في أفريقيا ومشروعات تنموية في العام 2015.

اليابان القادم المنافس للصين في إفريقيا سوف تقدم 30 مليار دولار للاستثمار في إفريقيا، منها 10 مليار للبنى التحتية، وتتعاون مع عدد من الدول الإفريقية بهدف تصنيع المواد الأولية في إفريقيا بدلاً من تصديرها فقط.

تركيا الدولة الإقليمية، والقوة الاقتصادية الصاعدة، أيضاً أصبح لها نفوذ في إفريقيا، وقد سبق وكنبنا بحث كامل عن العلاقات التركية-الإفريقية. وكانت تركيا قد افتتحت أول قاعدة عسكرية لها في القارة السمراء في الصومال العام 2016. وقد بلغ حجم الاستثمارات التركية المباشرة في إفريقيا إلى نحو 6.5 مليارات دولار في 2017، بعد أن كان 100 مليون دولار في 2003. كما وصل حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول الإفريقية إلى 17.5 مليار دولار في العام 2017.

إيران التي استغلت الفراغ السياسي والثقافي نتيجة الانحسار العربي في إفريقيا وتسللت إليها. وبالرغم من أنه كان لإيران وجود في السودان ونيجيريا، لكن لا يمكن الحديث عن نفوذ إيراني واضح المعالم -لغاية الآن- في القارة السمراء، خاصة في ضوء الفتور الذي اصاب العلاقات الإيرانية مع كل من السودان ونيجيريا. يمكن القول أن لإيران أهدافاً تسعى لتحقيقها في إفريقية، أهمها نشر الفكر والمذهب الشيعي، والخروج من العزلة الدولية، تحقيق بعض المكاسب الاقتصادية، ونشاط استخباراتي تعمل إيران على تفعيله عبر رجال أعمال لضرب المصالح الغربية في القارة.

خطاب إسرائيل الناعم للعودة إلى أفريقيا
إن الخط البياني للعلاقات الإفريقية-الإسرائيلية شهد ارتفاعاً وهبوطاً على مدى سبعة عقود الماضية. تراوحت فيها العلاقات بين الجانبين من فترات ذهبية إلى انكماش حيناً، وصولاُ إلى حالة القطيعة حينا آخر.

مواقف بعض القادة العرب مثل الزعيم هواري بومدين والرئيس الراحل جمال عبد الناصر الداعمة لنضال حركات التحرر الإفريقية، ومساندة تلك الدول في القارة، التي نالت استقلالها حديثاً من الهيمنة الاستعمارية، كان لها الأثر الكبير في تقليص النفوذ الإسرائيلي في عدد من الدول الإفريقية.

كما أن السياسة العدائية والممارسات العنصرية والبطش الذي مارسته إسرائيل بحق سكان الأراضي الفلسطينية والعربية التي قامت إسرائيل باحتلالها في العام 1967، إضافة إلى اتضاح النوايا الحقيقية لإسرائيل تجاه المنطقة العربية وإفريقيا خاصة بعد حرب عام 1973، وكشف المستور في علاقاتها مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، كل هذا أدى إلى قيام عدد كبير من الدول الإفريقية بقطع علاقاتها مع إسرائيل، ولم تتأخر عن هذه الخطوة إلا خمس دول إفريقية.

ثم ماذا حصل؟ قام السادات بزيارته الشهيرة إلى القدس، وعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، وقام بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال. أحدثت هذه الزيارة المشؤومة تصدعات وشروخ في جدار المقاطعة العربية-الإفريقية لإسرائيل. مما جعلها تستغل هذه التصدعات كي تعود ببطء إلى إفريقيا عبر إعادة إحياء شبكة علاقاتها في القارة.

استخدمت إسرائيل لغة ناعمة وخطاب خبيث في سعيها للعودة إلى إفريقيا. فأظهرت حرصها على مساعدة الدول الإفريقية في تلبية احتياجات القارة الاقتصادية والعلمية والتقنية والأمنية، مما ضاعف صادراتها الأمنية من معدات وتقنيات أكثر من أربعة أضعاف خلال الفترة ما بين العام 1914 لغاية 19016، حيث وصلت أكثر من 402 مليون دولار بعد أن كانت في حدود 91 مليون دولار. وعادة ما تحرص إسرائيل على إلباس أطماعها في إفريقيا ثوب إنساني وتاريخي، واستعداد إسرائيلي لتطوير العلاقات بين الطرفين في كافة القطاعات التي تحتاجها بلدان القارة.

عدد من الدول العربية من جهتهم ينسقون مواقفهم مع الكيان الصهيوني بهدف التطبيع العربي-الإسرائيلي، والتنسيق بينها وبين إسرائيل لإضفاء توع من الشرعية على العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية، وهذا أخطر ما في السياق، إذ من شأنه لو تم أن يهدم كافة لبنات الجدار الذي ما زال يرفض الوجود الإسرائيلي في القارة السمراء.

لإسرائيل مصالح وغايات وأهداف في إفريقيا أكثر من أن تعد وتحصى. رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي قام في تموز/يوليو العام 2016 بجولة على أربع دول إفريقية شملت رواندا، كينيا، إثيوبيا، أوغندا، ناقش مع رؤساء هذه الدول عدد من القضايا التي تهم الجانبين وكان أبرزها أربعة ملفات وهي نقل المياه من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر مصر، استعداد إسرائيل تقديم مساعدات اقتصادية إلى دول حوض النيل، قيام إسرائيل بجدولة استثمارات في بعض دول القارة مثلما تفعل بعض الدول الكبرى، أيضاً الإمساك بأوراق الضغط على مصر لمساومتها لاحقاً في قضايا متعددة.

ما الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه عبر هذا التحرك؟ أمام إسرائيل ثلاثة أهداف واضحة وجلية في هذه المرحلة. الأول تأمين مصادر مياه لها خلال السنوات القادمة. الثاني استخدام عدد من الأوراق التي تحققها من خلال علاقاتها مع إفريقيا في الضغط على العرب وتطويقهم، وخاصة ابتزاز مصر في عدد من الملفات. الثالث هو ربط أي تطور في علاقاتها مع عدد متزايد من الدول الإفريقية باشتراطات أهمها ترتبط بضرورة تصويت الدول الإفريقية إلى جانب إسرائيل، والكف عن تقديم الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.

القضية الوطنية الفلسطينية في جدار الصد الافريقي
استطاع الفلسطينيون ومعهم العرب من كسب تأييد ودعم الدول الإفريقية، باعتبارها حليفا للقضايا العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية. إلا أن إسرائيل استطاعت خلال العقدين الأخيرين من النفاذ عبر حائط الدبلوماسية العربية المتهاوي إلى إفريقيا، ونجحت في أن تدفع عدد من البلدان الإفريقية إلى مراجعة موقفها من تل ابيب، وهذا ما حصل من سوء طالع الفلسطينيين، إذ لم يبقى من الدول الإفريقية التي ما زالت لا ترتبط مع إسرائيل بعلاقات دبلوماسية علنية فقط اثنتا عشرة دولة من مجموع أربع وخمسين بلداُ تشكل القارة السمراء.

أكثر الدول الإفريقية التي تربطها علاقات دبلوماسية متميزة مع إسرائيل هي توجو، كينيا وتنزانيا ورواندا وأوغندا وكوت ديفوار وغينيا الاستوائية وغانا وزامبيا

الدول التي ترفض الوجود الإسرائيلي في القارة السمراء هي الجزائر، المغرب ومصر والسودان وليبيا وتونس وموريتانيا والصومال وجزر القمر وجنوب إفريقيا ونيجيريا وجيبوتي وزمبابوي.

الدول المتحفظة في العلاقة مع إسرائيل هي السنغال والنيجر ومالي.

للدول العربية -خاصة دول الشمال الإفريقي- مازال بعض النفوذ في عدد من الدول الإفريقية، حيث تسعى دولاً عربية مثل الجزائر والمغرب ومصر للتقليل من حجم الأضرار التي يسببها الوجود الإسرائيلي في إفريقيا. لكن الواقع العربي بمعطياته الحالية ومشاكله وصراعاته الداخلية وتمزقه، لا يمكن له من مواجهة الخطر الإسرائيلي في القارة السمراء، التي ربما ترى بعض شعوب القارة فيها -اي إسرائيل- راعياً يستجيب لاحتياجاتها وتطلعاتها في ظل الغياب العربي والإسلامي عنها.

السؤال المصيري هنا، هل يمتلك العرب مقومات لمواجهة المشروع الصهيوني في إفريقيا، وإرادة سياسية لفعل ذلك؟
الواقع الموضوعي يشير بلا لبس أن العرب يمتلكون كافة المقومات الاقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية واللوجستية للتصدي لتوغل إسرائيل في عمق القارة الإفريقية الذي يهدد الأمن القومي العربي، والمصالح الاستراتيجية العربية، ويلحق بالغ الضرر بالقضية الفلسطينية، وكذلك فإن الوجود الإسرائيلي في القارة السمراء يشكل مزاحمة ومنافسة للاستثمارات العربية، سوف تؤدي إلى قيام إسرائيل بسرقة الأسواق الإفريقية، مما يلحق الضرر بالاقتصاديات العربية، خاصة اقتصاديات الدول العربية التي تصدر منتجاتها إلى إفريقيا.

لكن العرب لا يمتلكون إرادة سياسية حقيقية لخوض هذه المواجهة، بل أن السنوات السابقة شهدت قيام بعض الدول العربية بخطوات عملية للتطبيع مع إسرائيل البغيضة. لكن الرهان هنا على بعض الدول العربية في إفريقيا، التي ما زالت تقف شوكة في حلق إسرائيل وأطماعها في إفريقيا، وهناك أيضاً عدداً من الدول الإفريقية التي ترفض الوجود الإسرائيلي وأهم هذه الدول جنوب إفريقيا ونيجيريا اللتان تشكلان جبهة مع بعض الدول الإفريقية الأخرى لصد الامتداد الإسرائيلي في إفريقيا.

على الدبلوماسية الفلسطينية أن تنضم لهذه الجبهة الممانعة للوجود الإسرائيلي في القارة، وعليها بصفة خاصة تقع مسؤولية الحراك الدبلوماسي ضد المحاولات الإسرائيلية في تطبيع علاقاتها مع الدول الإفريقية. ومن المفيد جداً في هذا السياق قيام الدبلوماسية الفلسطينية بالتنسيق مع الدول العربية في إفريقيا لدعوة البلدان الإفريقية إلى مؤتمر أو جلسات حوار يجري البحث خلالها في أهمية وضرورة مقاطعة إسرائيل وعدم توسيع وتعزيز العلاقات معها، وفاءًا لتاريخ إفريقيا الكفاحي، وانسجاماً مع شعار الزعيم الإفريقي الراحل نيلسون مانديلا. على القيادة الفلسطينية أن تقنع القادة الأفارقة بأن تتم المقاربات في العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية بمدى استجابة إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، وللمبادرات الأممية التي تطالب بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأن تتوقف إسرائيل عن انتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني. وعلى قادة إفريقيا التوقف وإعادة حساباتهم مرة أخرى، بحيث لا يكون أي تقارب بينهم وبين الكيان الصهيوني البغيض على حساب القضية الفلسطينية وعلى حساب مصالح الشعب الفلسطيني الوطنية، التي قدم من أجل تحقيقها عشرات آلاف الشهداء.

أخيراً
على إفريقيا أن لا تتخلى عن دعم وتأييد ومساندة الشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة.

أفريقيا ضمير فلسطين وحليفة الشعب الفلسطيني. أفريقيا شعوباً ودولاً ترتبط مع الشعب الفلسطيني ارتباطاً يستند إلى القيم والمبادئ الإنسانية والنضالية، وقيم التضحية من أجل الحرية والاستقلال.

نتطلع كشعب فلسطيني إلى أن تقوم الدول الأفريقية بدورها التاريخي في نصرة القصية الفلسطينية، والامتناع عن منع إسرائيل -الدولة التي تحتل فلسطين وتبطش بالشعب الفلسطيني- من الحضور والمشاركة في المؤتمرات والملتقيات التي يقيمها الاتحاد الأفريقي، قبل الوصول إلى حل عادل وشامل ونهائي للقضية الفلسطينية.

أفريقيا التي يعرفها الشعب الفلسطيني حريصة كل الحرص على الوفاء للمبادئ العظيمة التي رسخها القادة الأفارقة العظماء في رفض أي تطور في علاقات دول القارة السمراء مع إسرائيل، ما لم تنسحب الأخيرة من الأراضي التي احتلتها في حزيران من العام 1967 لإقامة دولة فلسطينية فوقها وعاصمتها القدس الشريف.

العلاقات الفلسطينية-الإفريقية في عالم متحول
"إن توجو بلد صغير، ولا يحصل على مليارات الدولارات من السعودية وقطر، وإن السكان المسلمين في البلاد أقلية غير نشطة، وبالتالي فإن الخطر السياسي منخفض". هذا ما صرح به "فور غناسينغبي" رئيس توجو حين زار إسرائيل في آب/ أغسطس العام 2017، ردأً على أسئلة الصحفيين، حول ما إن كانت توجو تخشى الانتقام من دول شمال إفريقيا، أو من الدول العربية بسبب قيامه بهذه الزيارة.

ليست "توجو" وحدها - وهي الدولة الإفريقية الأكثر قرباً من إسرائيل - من يفكر بهذه الطريقة. هناك عدة دول إفريقية لم تعد تقيم للعرب أي وزن. حيث كان من المتوقع أن يحضر القمة الإفريقية-الإسرائيلية التي تم إلغاءها العام الماضي 20-30 بلداً إفريقياً، اي أكثر من نصف عدد دول القارة السمراء البالغ 54 دولة.

لم تتمكن الدول العربية، ونصفها يقع في القارة الإفريقية، من الاستفادة والتوظيف الأمثل لعضويتها في الاتحاد الإفريقي، وعلاقاتها مع بقية دول القارة، من أجل وضع خطط عمل سياسية بالتنسيق مع الحلفاء الأفارقة لفرض أجندة تأخذ بعين الاعتبار المصالح والمواقف الفلسطينية، والمطالب والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، في مواجهة الانحياز السافر والكامل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ومن غالبية الدول الغربية لسياسة ومواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ضد المواقف والمصالح الفلسطينية بوجه خاص، وضد المصالح العربية والإسلامية بصفة عامة.

حقاً لم تستطيع الدول العربية الإفريقية وغير الإفريقية من تحقق نجاحات مهمة في المحافل الدولية لمصلحة القضية الفلسطينية، أو قضايا عربية أخرى، بواسطة ضغط الكتلة التصويتية للقارة السمراء.

لم نرى جهوداً حقيقية عربية تبذل من أجل تفعيل المؤسسات العربية-الافريقية والارتقاء بدورها، ورسم سياسات تعتمد على تشابك المصالح المشتركة في العلاقات بين الجانبين. ولا زالت -للألم- جامعة الدول العربية عاجزة في الدفاع عن المصالح العربية في إفريقيا، وغائبة تماماً عن جملة المخاطر التي تهدد الأمن القومي العربي القادمة من جهات وأطراف مختلفة.

لا نعلم ما الذي يفعله مخططي الاستراتيجيات العربية، وصناع القرار العرب بشأن المقاربات مع الجارة القارة الإفريقية، في فترة تتزايد فيها الصراعات والتنافس على القارة وثرواتها بين الأمريكان والأوربيون والصينيون والهنود والأتراك والإيرانيون، بينما الأنظمة العربية تحولت إلى جثة هامدة وعبء على نفسها وشعوبها، والخاسر الأكبر في جميع هذه المعادلات والصراعات المحلية والإقليمية والدولية هم الفلسطينيون وقضيتهم الوطنية.

تاريخ العلاقات الفلسطينية-الإفريقية:
إن نصف الدول العربية، وأكثر من ثلثي العرب يقطنون في القارة الإفريقية، وأزيد من ثلثي مساحة الوطن العربي تقع في إفريقيا. هذه المعطيات لوحدها كفيلة بأن يولي القادة العرب القارة السمراء الاهتمام والمكانة التي تستحقها في أولويات الرؤى والخطط الاستراتيجية العربية، لمصلحة العرب والقضية الفلسطينية قبل مصلحة إفريقيا.

يرتبط تاريخ العلاقات الفلسطينية-الإفريقية، بالعلاقات العربية مع القارة السمراء، الذي يعود إلى أزيد من ألفي عام، حين كان الشرق العربي وإفريقيا بقعة جغرافية واحدة بينهما البحر الأحمر. كان العرب والأفارقة يتواصلون عبر مضيق باب المندب بواسطة خطوط مواصلات بحرية، وعبر شبه جزيرة سيناء بركوب الجمال، فيما كانت السواحل العربية والإفريقية على المحيط الهندي محطات توقف تجارية للسفن العربية.

شكل ظهور الإسلام في القرن السابع ميلادي عاملا أدى إلى تعزيز التواصل العربي-الإفريقي. الإسلام الذي أحدث ثورة ثقافية عند العرب، ومكنهم من الوصول إلى عمق القارة السمراء، حيث وصل الدين الجديد الذي منح العرب شعلة فكرية إلى مناطق مختلفة في إفريقيا، كان أول مكان وصل إليه الإسلام هناك هو الحبشة حين هاجر المسلمون إليها للحماية.

ناهيك عن عشرات الآلاف من الأفارقة الذين احتضنتهم دول الشمال الإفريقي، حيث كان يتوافد على هذه البلدان التجار وطلبة العلم وكذلك العابرون تجاه الحج من مناطق مختلفة في القارة السمراء. كثير منهم استقروا وما زالوا في بلدان شمال إفريقيا التي تعتبر أماكن عبور للأفارقة لغاية يومنا هذا نحو القارة الأوروبية.

إن أغلبية الشعوب العربية التي تقطن في القارة السمراء تفتخر بهذا الانتماء المزدوج العربي-الإفريقي، في وقت كانت فيه حركات التحرر الوطني العربية تشكل إلهاماً للشعوب الإفريقية في نضالها التحرري من قبضة الاستعمار الغربي البغيض. ودوماً كانت الدول العربية، خاصة تلك التي تقع في إفريقيا، ترتبط بعلاقات قوية وتعاون مشترك ومصير واحد مع الدول الإفريقية وكذلك مع بقية العرب، في النضال ضد القوى الغربية المستعمرة لبلداننا، وفي وقوفها إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني لنيل حريته واستقلاله.

وقامت دول الشمال الإفريقي العربية ومصر فيما سبق باحتضان زعماء حركة التحرر الوطني الإفريقية، والقادة السياسيين والمناضلين حتى نالت هذه الدول الإفريقية الاستقلال، وقدمت دول عربية متعددة دعماً مالياً واقتصادياً وسياسياً ومعنوياً لتلك البلدان، إيماناً من العرب بوحدة المصالح والمصير مع القارة السمراء.

لكن لم تستطيع جامعة الدول العربية من وضع استراتيجية لتطوير العلاقات مع دول الاتحاد الإفريقي، ودعم هذه العلاقات التي ما زالت تحتاج إلى إزالة كافة المعيقات التي تحول دون تعميق العلاقات العربية-الإفريقية، والانتقال بها إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية. إن العرب والأفارقة كذلك يحتاجون إلى تفكيك الخلافات وإعادة رسم وبناء علاقات قوية وواضحة تقوم على أساس تقاطع المصالح المشتركة في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية. بحيث يتم تصليب التعاون ويصون العلاقات من أي عارض، ويضمن مصالح الجميع بما يوفر الاستقرار لهذه المنطقة، ويشرع أبواب جديدة ومختلفة للتواصل بين الشعوب والأنظمة.

إن تطوير العلاقات العربية-الإفريقية، والفلسطينية-الإفريقية والوصول بها إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية يشكل صمام أمان للمنطقة وشعوبها، ويبني سوراً واقياً للأمن القومي العربي والإفريقي في مواجهة المخاطر المتأتية من الغرب المستعمر الجشع، ومن دول إقليمية لها أطماع في المنطقة، أو من الخطر الذي تشكله الحركات الجهادية والإرهاب بشكل عام.

علاقات في عالم متغير:
إن التطورات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة، والتي أفرزت واقعاً جديداً، وضع أمام العلاقات العربية-الإفريقية وكذلك العلاقات الفلسطينية-الإفريقية تحدياً جديداً نتيجة المتغيرات التي أصابت كلا الطرفين من المتغيرات الدولية، وهو ما يتطلب مراجعة العناصر التقليدية التي كانت تشكل الأساس في علاقات الجانبين، والانتقال من مرحلة الأيديولوجيا إلى مرحلة جديدة تحكمها التقاطعات والمصالح المشاركة، وهذا على ما يبدو ما لم يتم بصورة واقعية وحقيقية. هذه المهمة يجب أن تحظى بالأولوية نظراً لما تمر فيه العلاقات من تذبذب وفتور وتضارب مصالح، وهذا برسم جامعة الدول العربية ومنظمة الاتحاد الإفريقي وكافة الهيئات المنبثقة عنهما.

سياسياً، للدول الإفريقية رصيد ضخم في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وتأييد حقوقه في دولة مستقلة على أرضه، والمحافل الدولية خير شاهد على هذه المواقف التضامنية. إن تضامن الشعوب العربية مع نضال الشعوب الإفريقية للتحرر من نير الاستعمار الغربي، قد شكل محطة مهمة في تاريخ العلاقات بين الطرفين، كان آخرها انهيار نظام الفصل العنصري المقيت في جنوب إفريقيا، بينما عربياً لا يزال الشعب الفلسطيني الصامد يخوض نضاله لتحقيق أهدافه الوطنية.

إن اللجنة الدائمة للتعاون العربي-الإفريقي والتي تشكل العمود الفقري للتعاون بينهما لم تعد آليات عملها تستجيب لمتطلبات التعاون لتحقيق المصالح المشتركة، لذلك لا بد من إعادة تشكيل هذه اللجنة بما يضمن تفعيلها مع وضع أدوات تنفيذية عملية والقضاء على البيروقراطية، حتى لا يظل التعاون محصوراً بالجانب الإداري والخطط على الأوراق.

اقتصاديا، منذ القمة العربية-الإفريقية الأولى التي عقدت في عام 1977 لم يتم التوقف الجدي أمام العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، بهدف تحديث مناهج التعاون التي وضعت القمة الأولى خطوطها العامة وغابت برامج العمل عنها. لعل إقامة المعرض التجاري العربي-الإفريقي الذي تم تنظيمه لأول مرة في تونس العاصمة عام 1993، هو أحد أبرز الإنجازات في الجانب الاقتصادي نتيجة التعاون العربي-الإفريقي، إلى جانب إنشاء الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الإفريقية العام 1974 بقرار من القادة العرب في قمتهم المنعقدة في الرباط. ناهيك عن الملتقيات الاقتصادية والتجارية التي يشارك فيها رجال الأعمال العرب والأفارقة.

ثقافياً، بظني أن من أهم الأعمدة التي تشكل رافعة للعلاقات العربية-الإفريقية هو الجانب الثقافي الذي يحتاج إلى جهود مضاعفة لاكتشاف وإظهار وتعميق كافة العناصر الحضارية والثقافية والتاريخية المشتركة بين الطرفين. فما زلنا لا نسمع عن الأطر والمؤسسات الثقافية المشتركة بين العرب والأفارقة، التي من شأنها تمكين شعوب المنطقة من الاطلاع على الإبداع الحضاري والموروث الثقافي للطرف الآخر، ويدفع بعملية التواصل الإنساني التي سوف يكون لها الأثر الإيجابي في تطوير العلاقات، حتى لا تظل معرفة كل طرف للآخر مبهمة، أو تستقي معلوماتها من جهات تحارب التقارب العربي-الإفريقي. كما نلاحظ غياب المؤسسات التعليمية المشتركة بين الجانبين، وباستثناء المعهد الإفريقي-العربي الذي تأسس عام 1983، لا نرى أي أوجه تعاون حقيقية من خلال عمل مؤسساتي في هذا الجانب.

عوامل تساعد إسرائيل على التسلل إلى إفريقيا:
إن من أهم العوامل على المستويات الثلاثة الفلسطينية والعربية والدولية التي تساهم في دفع تطور العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية هي استمرار حالة التناحر العربي-العربي، والانقسامات العربية، والصراعات الداخلية في عدد من الدول العربية، وافتقاد العرب إلى رؤية استراتيجية حيال عدد من القضايا، خاصة فيما يتعلق بالقارة الإفريقية، وعدم وجود موقف موحد منها.

إضافة إلى الأزمة الخليجية، وانقسام المواقف العربية بشأنها، والاصطفافات العربية، وسياسية المحاور الإقليمية التي تتبعها بعض الأنظمة العربية على حساب المصالح القومية العربية الاستراتيجية. كذلك غياب معظم الدول العربية عن شؤون وشجون إفريقيا. إن الضعف الذي أصاب النفوذ المصري في القارة السمراء، وهي الدولة التي طالما كان لها وزناً وتأثيراً في الكثير من القرارات الإفريقية، خاصة تلك المرتبطة بالقضية الفلسطينية وبالمصالح العربية عامة أثر سلباً على الوجود العربي في القارة.

من العوامل الأخرى التي تسهل على إسرائيل تعزيز نفوذها في إفريقيا، ضعف الموقف الفلسطيني الذي يعاني من حالة انقسام، والتراجع في العلاقات الفلسطينية-الإفريقية، المرتبط بضعف الموقف العربي بشكل عام وتراجعه في إفريقيا. أيضاً قيام إسرائيل باستغلال اتفاقية السلام مع الفلسطينيين، والتفاهمات الأمنية معها، في تطوير علاقاتها مع عدد من الدول الإفريقية التي لها مواقف تاريخية مساندة للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. ثم هناك حسابات المصالح والربح والخسارة، في العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية، وخاصة في قضايا الأمن والتعاون العسكري والاستخباراتي والجانب التنموي، حيث تقوم إسرائيل باستغلال هذه الحسابات وتوظيفها بشكل مثمر لمصلحتها في اختراق القارة.

أيضاً يبرز من العوامل النفوذ الغربي والأمريكي في إفريقيا، هذا النفوذ الذي تستخدمه إسرائيل من خلال علاقاتها وتحالفها مع الغرب الذي يسهل دخولها إلى بعض البلدان الإفريقية، مقابل الخدمات التي تقدمها إسرائيل بدورها للغرب، في إزاحة أو تثبيت أركان بعض الأنظمة الإفريقية. أخيراً يلعب اللوبي الصهيوني النشيط دوراً فعالاً في تعبيد طريق اقتحام إسرائيل للقارة، خاصة أن أعضاء هذا اللوبي هم من كبار رجال الأعمال الإسرائيليين أصلهم من يهود إفريقيا.

هل من معيقات في درب إسرائيل نحو للقارة السمراء؟
نعم هناك عوامل تكبح هذا الهجوم الإسرائيلي نحو إفريقيا. إن من أبرز العوامل التي تعيق تسلل إسرائيل إلى عمق القارة الإفريقية، وتشكل -مازالت- جداراً يصد المحاولات الإسرائيلية في أن يمتد نفوذها أكثر في إفريقيا، هو التاريخ النضالي المشرف لبلدان وشعوب القارة الإفريقية، ضد الاستعمار الغربي البغيض. إن القارة السمراء قدمت مئات آلاف الشهداء على مذبح التحرر قرباناَ لانتصارها على المستعمر الغربي ونيلها الاستقلال. إفريقيا أكثر قارة دفعت الثمن الأغلى لانتزاع حريتها وطرد المستعمر، وتاريخ القارة يشهد لها بصفحات من نور.

من الأهمية ونحن نتحدث عن هذا الأمر أن أذكركم بأسماء القادة والزعماء وأبرز المجاهدين الأفارقة الذين أسهموا ببطولاتهم وتضحياتهم في انتصار بلدانهم على الظلم والاستبداد الذي شكله الاستعمار الكريه. سوف تظل أسماء أول رئيس للجزائر الحبيبة "أحمد بن بلة، والزعيم هواري بومدين، جميلة بوحريد، زهرة بوظريف، حسيبة بن بوعلي، كريم بلقاسم، أحمد بومنجل، وسعد دحلب ومحمد الصديق بن يحيى والطيب بولحروف ورضا مالك وعلي منجلي وقايد أحمد". سوف تظل أسماء هؤلاء القادة في قلوب ملايين الأحرار الجزائريين والعرب والأفارقة.

وكذلك الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر، الحبيب بورقيبة، المجاهد عمر المختار، المجاهد عبد الكريم الخطابي"، الزعيمان "نيلسون مانديلا" و "غوفان مبيكي" من جنوب إفريقيا، والمناضل "باتريس لومومبا" و "جوزيف ديزيريه مابوتو" من الكونغو، المناضل الثوري "توماس سنكارا" من بوركينا فاسو، ومن غانا القائد "كوامي نكروما"، و"روبرت موجباي" من زمبابوي الذي قاد نضال بلاده للتحرر من الاستعمار الإنجليزي، رغم أنه تحول إلى ديكتاتور فيما بعد. كذلك أول رئيس للسنغال "لوبولد سيدار سنغور". إن القارة التي أنجبت كل هؤلاء العظماء وغيرهم الآلاف من القادة والزعماء سوف لن تكون بسهولة مرتعاً للصهاينة.

من العوامل المعيقة الأخرى، صورة إسرائيل ذاتها في عيون الأفارقة وفي تاريخهم الحديث. إذ ينظر الأفارقة إلى إسرائيل على أنها دولة احتلال من بقايا الاستعمار، ودولة فصل عنصري تمارس الاضطهاد والتمييز العرقي بحق الشعب الفلسطيني، وتحتل أراضيهم، وتقتل أطفالهم، ولها سلوك عنصري تجاه اليهود الإسرائيليين من أصول إفريقية، وتجاه اللاجئين الأفارقة أيضاً. ولم ينسى الأفارقة بعد الدعم والتأييد الذي كانت تقدمه إسرائيل لنظام الفصل العنصري البائد في جنوب إفريقيا.

أيضاً الممانعة التي تبديها الدول العربية التي تقع في إفريقيا، الموقف الجزائري الرافض تماماً والمعادي لأي وجود إسرائيلي في القارة، له وزن مؤثر في إفريقيا. وكذلك موقف المغرب ومصر اللتان تحظيان بمكانة لدي دول القارة. كذلك الوجود التركي المتزايد، وبدرجة أقل التواجد الإيراني في القارة الإفريقية يشكل عاملاً يكبح توغل إسرائيل في القارة، من خلال قدرة تركيا على التعويض عن كافة المساعدات والاستثمارات التي يمكن لبدان إفريقيا أن تخسرها نتيجة مقاطعتها لإسرائيل.

ثم أن هناك العديد من الدول الإفريقية ما زالت تدعم وتساند القضية الفلسطينية، وتدعم مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، خاصة دولة جنوب إفريقيا، وغيرها من البلدان.

وجود ملايين المسلمين في عدد من بلدان القارة السمراء، يمكن أن يكون لهم دور وتأثير مهم في رفض الوجود الإسرائيلي، والدفع تجاه مساندة القضايا والمصالح العربية في إفريقيا، وكذلك تأييد القضية الفلسطينية.

أخيراً:
يمكننا الحديث عن وجود تقاطع في مصالح عدد كبير من الدول الإفريقية مع الدول العربية، مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية، من شأن هذه المصالح أن تدفع بعض من هذه الدول أن تعيد حساباتها وترتيب أولوياتها حسب مصالحها، التي ربما تكون مع الجانب العربي. للقارة الإفريقية علاقة وثيقة بالقضية الفلسطينية منذ عشرات العقود، وبلدان القارة تدعم وتساند الشعب الفلسطيني وكفاحه لتحقيق حلمه في التحرر وإقامة دولته المستقلة.

الزعيم الإفريقي الراحل "يلسون مانديلا الذي قال إن "إفريقيا لن تكتمل أهدافها قبل حصول الشعب الفلسطيني على حريته". ولا شك أن مع رحيل مانديلا قد خسر الشعب الفلسطيني واحدا من أهم مؤيدي القضية الفلسطينية. لكن الزعيم جاكوب زوما على درب رفيقه الراحل. وكذلك نذكر مواقف كل من غانا وكينيا الداعمتين بقوة للقضية الفلسطينية التي تحظى أيضاً بالاهتمام الكبير من قبل المنظمات الإفريقية، حيث أن فلسطين والقضية الفلسطينية تكون حاضرة دوماً وبقوة في جميع المؤتمرات التي تحتضنها إفريقيا. والهيئات الإفريقية لها مواقف مشرفة تجاه كفاح الشعب الفلسطيني، وما زال البعض منها يعمل كجدار يصد جميع المحاولات الإسرائيلية للتوغل في عمق القارة السمراء.

إن المساعي المتواصلة من جانب إسرائيل لتطوير علاقاتها مع بعض الدول الإفريقية بهدف تعزيز نفوذها في القارة، تهدف إلى توظيف هذه العلاقات في المنظمات الدولية، وهذا يعني خسارة فلسطين لأهم تكتل داعم لقضيتها الوطنية. مسؤولية التصدي لإسرائيل في إفريقيا تقع في المقام الأول على القيادة الفلسطينية أولاً وعلى الأنظمة العربية ثانياً خاصة تلك التي تمتلك عضوية في منظمات القارة الإفريقية، وعلى الجامعة العربية وهيئاتها التي يبدو أنها مصابة بمرض "باركنسون"، وعلى بعض الدول الإفريقية أيضاً والتي ما زالت وفية لتاريخها وداعمة لفلسطين. على جميع هذه الأطراف التعاون والتنسيق فيما بينها بهدف وضع رؤية واستراتيجية عمل وتحرك يهدف إلى محاصرة إسرائيل في إفريقيا ومنع تمددها.

يجب علينا عدم الارتهان إلى العلاقة الوطيدة بين الشعب الفلسطيني والشعوب الإفريقية. صحيح جداً أن الشعوب الإفريقية وقفت على الدوام إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمت حقوقه بقوة خلال العقود الماضين، إلا أن كثيرة هي العوامل والمسببات التي أسهمت في تغيرات وتحول في العلاقات الدولية، بما في ذلك العلاقات الفلسطينية-الإفريقية، وما لم تسارع القيادة الفلسطينية ومعها بعض العرب إلى اتخاذ إجراءات لتصليب مواقف الدول الإفريقية التي ما زالت تمانع العلاقات مع إسرائيل، وتكثيف الاتصالات والتحاور مع البلدان التي أعادت علاقاتها مع إسرائيل، من أجل استعادتها للصف الفلسطيني، ما لم نمتلك تصور حول المستقبل القريب فإننا سوف نخسر دعم غالبية الدول الإفريقية، التي سوف تتحول إلى صديقة لإسرائيل.

 

كاتب وصحفي فلسطيني مقيم في الدانمرك