لا قدرة للشاعر ولا حتى للطبيب العراقي أن يجد بلسما وترياقا شافيا لهكذا مفارقة يراها الشاعر من فوق وحين يقترب تضح الصورة أكثر كي تمسي في أعين طائر عابر للمسافات، على هذه الأرض قد لا يتسع الحلم ولا الحياة نفسه للعابرين، كل شيء يظل معلقا ولا ينتهي إلا في العدم.

الأرضُ من عينِ طائرْ

عبد الله سرمد الجميل

 

الأرضُ أرحَبُ حينَ أقترِبُ ،

أنأى فتبدو مثلَ حَبّةِ خردلٍ ،

يتصاعدُ الدُّخَّانُ منها والدماءُ فلا أرى ،

مُحِيَتْ علاماتُ الطريقِ ،

فلسْتُ أدري أينَ أُنزِلُ خافِقَيَّ

وأيَّ شُبّاكٍ سأَطرُقُ ،

مرَّ سِرْبٌ من طيورٍ هاجرَتْ

حيثُ السماءُ حقيبةٌ ،

نادَوا عليّْ:

هلْ من شُجيراتٍ تكونُ محطّةً ؟

فأجبْتُهم:

أنا مثلكم طيرٌ شريدْ ،

وأطيرُ مقصوصَ الجناحْ ،

أنا لسْتُ أعرِفُ ما أريدْ ،

أسلمْتُ أمري للرياحْ،

سافرْتُ ما يكفي

لِأَرْجِعَ نَحْوَ عُشّي ،

هانِئاً بالغيثِ بلّلَ ريشتي ،

لي حكمتي:

لا،

ليسَ تتّسِعُ السماءُ

لأرضِ بُوْرٍ ضيّقةْ !

أنا كلُّ غصنٍ

قد وقفْتُ عليهِ يصبحُ طائراً ،

والصخرُ يمسي زنبقةْ ،