يعاين الناقد المصري في هذه المجموعة بعض الملامح الجمالية لما بعد الحداثية في تداخل الفضاءات والأزمنة ، أو انفلات الشخصيات من هيمنة الساردة، وتفكيك نسق الإنتاجية الإبداعية لبنية القص الوظيفية، أو بنية اتصال وعي الساردة بعالم الشخصية الفنية الداخلي الذي صار متحررا من الانفصال بين الفن والواقع.

الإنتاجية السردية المتجددة لعلامات الزمن

قراءة لمجموعة «مسرح زوبة» لسلوى بكر

محمد سمير عبدالسلام

 

تواصل الروائية المصرية المبدعة سلوى بكر مسيرتها الإبداعية عبر التجريب في السرد القصصي؛ إذ يحيلنا خطاب الساردة إلى التعددية السيميائية في بنية الفضاء، وتخييل شخصية المروي عليه المحدد طبقا لتصور جيرالد برنس، وتستبطن الساردة كينونة البطلة، وهويتها الفردية الأنثوية، أو تقيم حوارا جماليا مع الشخصيات الفنية التي تتجه نحو التحرر من مركزية الساردة، أو تقيم البطلة حوارا عابرا للزمكانية، وللبنى الثقافية باتجاه انفتاح عالمي على صوت الآخر، وامتداده في بنية الحضور، وتتواتر – في خطاب ساردة سلوى بكر – ثيمات النوستالجيا، والإنتاجية الإبداعية، وصور اللاوعي المقطعة، وعلاقتها الدينامية بالوعي، ومدلول الواقع المؤجل، وتتواتر اللغة السردية الرمزية التي تمنح بعض الشخصيات، والفواعل – في النص القصصي – سمات الحيوان، أو العلامات الأسطورية في سياق تعبيري مجازي تهكمي أحيانا؛ ومن ثم تعزز نصوص سلوى بكر القصصية من مرجعياتها الحداثية التي ميزت مشروعها القصصي والروائي؛ مثل استبطان الذات سرديا؛ وهو ما يذكرنا بالتصور الفرويدي، وخطاب يونغ التحليلي؛ وقد بدا ذلك التصور السردي التجريبي من قبل في رواية سلوى بكر المعنونة ب "سواقي الوقت"، كما تحيلنا – بكثافة سردية – إلى خصوصية الكينونة الأنثوية التي تذكرنا بتراث فرجينيا وولف، وإن اتصلت شخصيات سلوى بكر الأنثوية بنماذج الذاكرة الجمعية، واللاشعور الجمعي أحيانا؛ فهي تصل شخصياتها الخيالية المجازية بنماذج الفن، وتاريخه المتجدد الذي يذكرني بتصور أندريه مالرو عن المتحف الخيالي، وانفلات علامات الفن، وشخصياته من مركزية الأطر، والبنى الزمنية في كتابه أصوات الصمت؛ وقد ارتكزت سلوى بكر على شعرية الكينونة الأنثوية من قبل في سردها الشعري لوعي بطلة روايتها العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء، ونعاين مثل هذه التقنيات التجريبية في خطاب سلوى بكر القصصي في مجموعتها المعنونة ب مسرح زوبة؛ وقد صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة 2020، كما نعاين بعض الملامح الجمالية لما بعد الحداثية في تداخل الفضاءات، والأزمنة، دون مركزية، أو انفلات الشخصيات من هيمنة الساردة، وتفكيك نسق الإنتاجية الإبداعية لبنية القص الوظيفية، أو بنية اتصال وعي الساردة بعالم الشخصية الفنية الداخلي الذي صار متحررا من الانفصال البنائي بين الكتاب، والواقع، أو بين الفن، والواقع؛ ومن ثم يذكرنا بإشارة فاتيمو - في كتابه نهاية الحداثة - إلى التداخل بين الفن، والواقع، دون مركز.

ويمكننا الكشف عن بعض ملامح التجريب – في سرد سلوى بكر القصصي – باستخدام مربع غريماس السيميولوجي / الدلالي؛ واتصاله بثراء الفواعل، والشخصيات الفنية، والعلاقات الدلالية العلاماتية بين الثيمات، والبنى المتعارضة، ودلالات الاختلاف المتضمنة في تطورها الوظيفي في السرد القصصي؛ وأرى أن مربع غريماس السيميولوجي يفيدنا في دراسة نصوص سلوى بكر؛ لديناميته في الكشف عن علاقات التعارض، والاختلاف، والتناقض في النصوص السردية، واتساع الاحتمالات الدلالية للفواعل، والبنى الدلالية، والموضوعات التي يطرحها الخطاب السردي.

ويكشف غريماس عن الثراء الدلالي الكامن في بنية الفضاء في قصص موباسان – في كتابه سيميوطيقا النص عند موباسان – إذ يرى أن التعارض البنائي في بنية المكان / باريس – عند موباسان – بين حالتي السلام، والحرب، ينطوي على ثراء دلالي يتعلق بكل من الموت، والحياة أيضا؛ فالتدمير الذي لحق بالمكان، يختلط بدلالة الاستقرار النسبي أيضا؛ فالحياة قد تبدو مثل موت غير مكتمل، بينما تبدو حالة الانحسار في باريس عميقة على المستوى الرأسي، وفي حالة من التدفق في السرد؛ ولهذا يظل النص يراوح دلاليا بين الموت، والحياة. (1)؛ ومثلما توسع غريماس في تناوله للدلالات البينية، وحالة تطور العلامة سرديا في خطاب موباسان القصصي؛ فقد توسع أيضا في احتمالات الفاعل، والأدوار العاملية في النص السردي – في كتابه سيميائيات السرد – أذ يرى أنه يمكن أن تجتمع الذات، والذات المضادة، وأن تقودا – داخل فاعل واحد – صراعا داخليا إلى حد الموت؛ ويدلل على ذلك بنموذج شخصية فاوست؛ كما يرى أن أي عامل، أو دور عاملي قابل لأن يستثمر داخل فاعل منفصل مستقل، أو العكس (2)؛ ومن ثم ينطوي الفاعل – في النص السردي – على ثراء داخلي، كما تنفتح علاقاته على الأدوار العاملية حسب السياق طبقا لخطاب غريماس؛ وسوف نعاين الثراء الدلالي للبنى المتعارضة – في قصص سلوى بكر – سواء تعلقت هذه البنى بالمشاعر، أو بالفواعل، أو بالحقيقي، والخيالي؛ ومدى الحوارية، والتداخل بينهما في السياق النصي / الثقافي.

تجمع ساردة سلوى بكر – في قصة مسرح زوبة(3) – بين حالتي الغياب، والحنين إلى بهجة الماضي، وأخيلة الطفولة التي اقترنت – في وعيها، ولاوعيها – بشخصية زوبة صديقة والدتها، وبحدث الزيارة الذي يشكل بحد ذاته عالما خياليا رمزيا للبهجة؛ ولهذا تحرص الساردة على رسم علامات المشهد بدقة بكل تفاصيلها المتعلقة بالاستعداد، والملبس، والطعام؛ ثم ترسم تناقضات شخصية زوبة التمثيلية التي تمنح البهجة حسا فنيا؛ وكأن المنزل صار كفضاء سيميائي مسرحي؛ فزوبة تنتقل من المرح الطبيعي إلى الحدس المأساوي، والبكاء؛ لأن زوجها يبدد أمواله على الدعاية الانتخابية، دون فائدة؛ ويبدو أن زوبة تفخر بأدوار أبنائها التمثيلية؛ مثل نوال في ذلك الحدث نفسه الذي يدعو للحزن، ثم تتحدث عن حبها للفن، ومسلسل سمارة، وتشير الساردة – في هذا السياق – إلى تاريخ زوبة في التمثيل الإذاعي؛ ثم تومئ إلى نهايات ذلك الصخب النفسي، والسياسي بانتهاء تلك الحقبة من الزمن؛ وكأنها تستعيد الأثر الجمالي لتلك الأطياف، والمشاعر المتعارضة في سياقها الدائري التمثيلي البهيج الممزوج بصمت لحظة الحضور؛ فالنص - إذا - يقوم على النوستالجيا، أو الحنين لتلك المشاعر المتعارضة الثرية التي تقع فيما وراء بنيتي البهجة التمثيلية، والحدس المأساوي في مشاعر زوبة، وآثارها في البطلة؛ ويمكننا أن نعاين اتساع الاحتمالات الدلالية لذلك التفاعل بين العلامات وفق مربع غريماس السيميولوجي في الشكل أ:

البهجة التمثيلية الحدس المأساوي

مرح زوبة –

  • العالم الخيالي للبطلة المقترن بذكرى دخول زوج زوبة الانتخابات.

تفاصيل الفضاء، ومماثلته للمسرح.

لا – مأساة لا – بهجة

لعب زوبة الشكلي، وتمثيلها دون حزن

  • الزمن – الصمت مع بقاء الأطياف.

هكذا ينطوي التعارض البنائي الشعوري – في خطاب سلوى بكر السردي – على ثراء دلالي في علاقات التناقض، والاختلاف التي تولدت عن تطور وظائف الحكي، وتطور شخصيتي البطلة، وزوبة؛ فالبهجة تتداخل مع اللعب التمثيلي لأدوار المسرح في تاريخ زوبة، بينما يبدو هذا اللعب في حالة سلب للتمثيل الممزوج بالحزن في بداية الزيارة؛ أما الحدس المأساوي فيتداخل مع حالة صمت البطلة لحظة افتقادها للصخب النفسي، والاجتماعي في لحظة الحضور بينما تبدو هذه اللحظة نفسها من الصمت في حالة من الاختلاف والتناقض مع وهج البهجة الأولى التي تنطوي على حالة الفاعلية، ومعاينة وعي البطلة / الطفلة لشعرية التفاصيل، وشعرية الشخصيات، وامتزاجها الأصلي الاستعاري بنماذج الفن.

وتكشف الساردة – في قصة فرس النهر(4) – عن المفارقة البنائية بين البطل / المبدع؛ وهو فنان تشكيلي، والمجموع / أفراد عائلته، وخطيبته؛ وهو يمنحهم أسماء، وتشبيهات رمزية؛ مثل الفيل، وفرس النهر، وفرس البر، والتنين الأسطوري، وغيرها؛ ليكشف عن المفارقة بين أصالة العالم الداخلي للفنان الفرد؛ والتي تذكرنا بفكر شوبنهور، وعبثية العلاقات العائلية الميكانيكية التي يجسدها المجموع، وخطيبته؛ ومن المفارقات السيميائية في النص أن البطل / الفنان قد قام بتخييل القطة السوداء / موضوع عمله الفني كفاعل مجازي ظاهراتي محتمل، يتواصل معه روحيا؛ مثلما أعاد تكوين صورة حبيبته بشكل ظاهراتي أيضا في الوعي المبدع حين نسج لهما منزلا جماليا هوائيا؛ ومن ثم لم يكن التعارض البنائي بين الفواعل – في خطاب سلوى بكر السردي – بسيطا، ومجردا، وإنما اتسعت دائرة احتمالاته في توليد وظائف السرد، ومتوالياته الخيالية لفاعلين آخرين، ودورين عامليين جديدين يجسدان حالات الاختلاف الدلالي في تشكيل علامة المنتج / المبدع، أو الموضوع الذي صار فاعلا، أو ذاتا رمزية، أو محتملة في القصة؛ ويمكننا الكشف عن هذه الاحتمالات طبقا لمربع غريماس

فاعل منتج حقيقي / البطل فاعل مضاد لمنطق الإنتاجية / المجموع

 

فاعل منتج رمزي / القطة فاعل خيالي محتمل/ الفتاة في الوعي.

هكذا يكشف التحليل السيميائي الدلالي – طبقا لغريماس هنا – عن وجود فاعلين آخرين، مع أدوار عاملية سردية جديدة طبقا لتطور النظر إلى موضوع الإنتاجية الإبداعية، ومدى توزيعها، وارتباطها بالفواعل، أو الذوات في خطاب سلوى بكر السردي؛ وعبر صيرورة المتواليات السردية، والوظائف في القصة؛ فالنص يحيلنا – منذ بداياته – إلى وجود ذات مبدعة / البطل؛ وهو الفاعل الحقيقي للإنتاجية الإبداعية في النص؛ وهو يبحث عن الأصالة في عالمه الداخلي، وتمثيلات الموضوع الفني الذي يقع في حالة تعارض بنائي مع حياة المجموع الآلية الميكانيكية التي تبدو عبثية في وعيه؛ ولهذا تبدو شخوص المجموع في صور شكلية رمزية، تنطوي أيضا على الإنتاجية الإبداعية في التخييل في أشكال الحيوان، ونماذج الأساطير، والحكايات الفنية؛ وتتداخل شخصية الفاعل الحقيقي بفاعل آخر منتج رمزي هو القطة السوداء التي تتحدث إليه في حضور ظاهراتي مغاير، ومنفلت من تجليها الأول كموضوع في الوعي، أو كموضوع جمالي؛ وتقع القطة السوداء نفسها في علاقة من التناقض، والاختلاف مع الفاعل المضاد / المجموع؛ لأنها تبدو مثل فاعل فائق للإبداع، ومتجاوز للنطاق الحقيقي، أو الواقعي، وتتداخل صورة المجموع مع الفتاة / فرس البر خطيبة البطل في مستوى الواقع، بينما تقع صورتها الخيالية الأخرى – في وعي، ولاوعي البطل – في حالة من الاختلاف؛ لكونها في حالة فاعلية محتملة، ومؤجلة؛ أي لم تحقق شرط الإنتاجية الإبداعية؛ فهي في حالة من السلب، أو الفراغ من حيث مدى تحقيق الفاعلية الإبداعية؛ ومن ثم يكشف نص سلوى بكر عن فعل الإنتاجية العاملي – في الخطاب السردي طبقا لعلاقات سيميائية متداخلة بين الفواعل، وتحولاتها فيما وراء مفارقة السرد القصصي الأولى بين ذات مبدعة، وذات مناهضة للفعل الإبداعي، ومنطق البطل، ومنظوره النسبي للوجود.

وتقيم ساردة سلوى بكر نوعا من الحوارية الافتراضية الإبداعية بين البطلة / الكاتبة، وشخصياتها في قصة دمعة تسيل على خدي(5)؛ وينطوي النص جماليا على التداخل بين تقنيات الحداثية، وما بعد الحداثية في التجريب؛ فالساردة / البطلة تود إقامة حوار داخلي خيالي حداثي مع شخصياتها ضمن شروط عالمها الداخلي وحده في لقائه بنموذج الخلود الفني للشخصيات ضمن إطار الكتاب، وأثره في القارئ، بينما تفكك متواليات السرد القصصي، وصيرورته مركزية الساردة، وإنتاجيتها الإبداعية بمنح بعض شخصياتها الفنية إرادة حرة مضادة لإرادتها؛ فإحدى البطلات تلومها لأنها لم تطورها باتجاه فعل الغناء الذي تحبه؛ ومن ثم تتخلق قوة داخلية مضادة للبطلة / المؤلفة، وتسهم في تأكيد التعددية ما بعد الحداثية لقوى النص المتعارضة؛ ثم يكشف السرد القصصي – ضمن تلك الحوارية المجازية – عن هويتين احتماليتين للشخصيات الفنية في تاريخ الفن، وفي وعي القارئ، وفي بدايات تشكل النص القصصي في خيال المؤلفة؛ ويكشف مربع غريماس هذه الاحتمالات من خلال التعارض بين عاملي البطلة، وتشكل الإرادة الحرة للشخصية الفنية، وما يتجاوزهما من دلالات، وعلامات، ويمكن أن نطبقه على العلاقات الفنية بين الشخصيات، والمؤلفة / البطلة في الشكل ج:

فاعل منتج للشخصية / البطلة المؤلفة شخصية فنية ذات إرادة مضادة

الشخصية في تاريخ الفن ووعي القارئ الشخصيات في حالة الإنتاجية قبل تطورها

الشخصية في تاريخ الفن، ووعي القارئ الشخصية قبل اكتمالها، وتطورها.

ويكشف المربع السيميائي هنا عن شكلين آخرين يقعان فيما وراء التعارض البنائي الدلالي بين الفاعل المنتج الأول للشخصية، والشخصية الفنية حال اكتسابها إرادة حرة؛ فالبطلة / المؤلفة في حالة الكتابة الأولى، تتداخل مع الأثر المكتوب، والمحفوظ في تاريخ الفن، وفي وعي القارئ؛ وهو قابل أيضا لانبعاث آخر محتمل من داخل حالة التوافق مع خطاب المؤلفة، بينما تقع البطلة المؤلفة في حالة التناقض مع شخصياتها الوليدة الكامنة حين تستعيد فعل الكتابة في فترة ما قبل تطور الشخصية الفنية؛ ومن ثم يظل خطاب المؤلفة / البطلة مؤجلا حين تستعيد الاحتمالات التكوينية الأخرى الكامنة في عملية الكتابة، بينما تتداخل حالة الشخصية الكامنة نفسها / قبل تطورها مع الشخصيات الفنية حين تكتسب إرادة مضادة للمؤلفة؛ ومن ثم فالشخصيات تتراوح ما بين حالات التوافق مع المؤلفة، أو الاستقرار النسبي، والتعارض النسبي أيضا مع خطاب المؤلفة في صيرورة العمل الفني، وفي إعادة تخييل لحظات الكتابة، وفي وعي القارئ، وتاريخ الفن أيضا؛ وهو ما يكسب الشخصية حضورا تجريبيا خارج مركزية الراوي، وضمن عالمه الداخلي، وأثره الجمالي / إطار العمل الفني، أو الكتاب أيضا.

*التجريب في بنية المروي عليه:

وتستمر ساردة سلوى بكر في إقامة حوارية سردية افتراضية، ولكن مع طيف الشاه جيهان في قصة حديث صامت مع شاه جيهان(6)؛ ومن ثم فهي تحاور أطياف التاريخ، والذاكرة الجمعية حوارا جماليا؛ ومن ثم يصير المروي عليه هنا محددا طبقا لتصنيف جيرالد برنس لنوعي المروي عليه؛ والمروي عليه هنا يكتسب حضورا تجريبيا مضافا بوصفه شخصية خيالية مخيلة تخييلا مضاعفا في خطاب سلوى بكر السردي؛ إذ تستعيد الساردة نموذج العشق الإنساني في وعي، ولاوعي طيف الشاه جيهان، بينما تروي أخيلة الوهج الآخر لمشهد العشق الأول مع شخصية ممتاز محل؛ فالساردة تتخيل أنها رمت باتجاهه وردة رمان حمراء / جلنار، وانبعث منها نموذج العشق، وعبر الزمن في فضاء تاج محل الذي يبدو هنا مثل فضاء فني سيميائي منتج لبنى الحكايات الأنثوية القديمة المتجددة، وطيف المروي عليه التجريبي الآخر في وعي، ولاوعي الساردة.

*تقاطعات اللاوعي، والواقع:
تحيلنا ساردة سلوى بكر – في قصة في اللاشعور(7) – إلى صور اللاوعي المقطعة التي تذكرنا بخطاب همفري حول مستوى ما قبل الكلام في رواية تيار الوعي، وتبدو مثل هذه الصور، والعلامات في حالة استبدال، وتقاطع مع المشهد الواقعي؛ ومن ثم تفكك مركزيته؛ فالساردة ترغب ليلا في دخول دورة المياه فتجد نفسها في فضاء آخر تتقاطع فيه مع صورة دورة مياه أخرى بعيدة، وامرأة تدلها على الطريق، وصخب سياسي، وأحاديث فنية مقطعة، ثم تعود جزئيا إلى واقعها الذي صار مستبدلا بالصور اللاواعية، ومؤجلا؛ ومازالت نصوص سلوى بكر القصصية، والروائية تبحث عن التجليات الفريدة للشخصيات، والفضاءات، والأطياف المتخيلة التي تثري الخطاب السردي المعاصر، ونوازعه التجريبية.

هوامش الدراسة:

(1) Read, A, J. Greimas, Maupassant, The Semiotic of Text, Translated by Paul Perron, John Benjamins Publishing Company, Amsterdam / Philadelphia, 1988, p. 16.

(2) راجع، أ. ج. غريماس، سيميائيات السرد، ت: عبد المجيد نوسي، المركز الثقافي العربي ببيروت، والدار البيضاء، ط1، سنة 2018، ص 156.

(3) راجع، سلوى بكر مسرح زوبة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1، سنة 2020، من ص 5: ص13.

(4) راجع، سلوى بكر، السابق من ص 19: ص 27.

(5) راجع، السابق، من ص 116: ص 120.

(6) راجع، السابق، من ص 92 : ص 97.

(7) راجع، السابق، من ص 76 : ص 79.

 

msameerster@gmail.com