قصيدة الشاعر المغربي من ديوانه الذي توج بجائزة محمد السرغيني للشعر سفر في أمكنة مغاربية ومدن نراها بعين الشاعر، حيث تتحول الى أثر يشكله الشاعر بلغته ويصبغ عليه استعاراته لذلك تتحول الأمكنة من جغرافيتها الضيقة الى مجازات تؤشر على صور الأثر حيث لا يبقى من المدن إلا ما تكتبه في ذاكرة الإنسان.

مدن الولد المر

عبدالرحيم سليلي

 

1 ـ الرباط

اَلرِّبَاطُ عَلَى خِصْرِ شَالَّةَ

تَعْزِفُ لِلشَّمْسِ،

تَغْزِلُ مِنْ مَاءَ رَقْرَاقَ

مِعْطَفَهَا لِشِتَاءٍ قَصِيرٍ،

وَتَأوِي

إِلَى خَيْمَةِ الْوَقْتِ..

قَبْلَ نُزُولِ السَّكِينَةِ

في شَارِع النَّصْرِ

تشربُ غَيْمًا ضَرِيرًا

بِكَأسِ شُبَاطَ؛

فَتَسْكر

مِنْ غيْر رَاح!

لاَ بشَرٌ هَا هُنَا

لا نخيل هناكَ

وَلَا مَطَرٌ في التُّخُومِ

سنُونُوةٌ

وشحاريرُ

تَلْطُمُ خَدَّ المحيطِ بأجنحَةٍ مِنْ ضَبَابٍ...

الأفْقُ دَاجٍ ببابِ الرَّوَاحِ،

وفي سَاحَةِ القَصْرِ..

تَمْشِي الأهِلَّةُ

وَاثِقَةً مِنْ وُعُودِ الصَّبَاحْ

أيُّهَا العَابِرونَ إلى غَدِهَا

لا تُنِيخُوا السَّحَابَ بَعِيدًا،

دَعُوا الْمَطَرَ الغِرَّ يَهْمي

عَلَى وَقْتِهَا الغَجَرِيّ،

وَرَقْرَاقَ يَغْسِلُ سِيقَانَهَا

مِنْ وُحُولِ البَدَاوَةِ

كَيْ تُزْهِرَ المشْرَبِيَّاتُ

فَوْقَ نُعَاسِ البُيُوت.

 

2 ـ تونس

مِنْ متْحَفِ بَارْدُو

تَأتي .

....ا....

....لـ.....

ط َّ.......لَـ....قـَ.....ا......تُ

بسيقان عارية

وَتَنُّورَاتٍ ترفعها أرجوحة رِيحٍ

.......................،

عَفْوا تَأتي النِّسْوَةُ:

سِرْبُ صَبَايَا

يَخْرُجْنَ مِنْ لَوْحَةِ فِيرْجِيلَ الرُّومَانِي

لِيَكْتُبْنَ صُكُوكا لِلْقَتْلَى

في مقبرة الشهداءْ!

.........................!

في الريحِ

بُكُاء المزْوَدِ والنَّايِ طَرِيّا

يَعْبُرُ خَطَّ النَّارِ..

...................،

عَلَى الْأَكْتَافِ..

غُيُومُ المِزمارِ

تَفِيضُ بِخَمْرَةِ "سِيدِي سَالم"

وَالزّقُّ

يُصَفِّرُ

مِنْ

ظَمَإٍ

في رَاحَةِ شَارِبِهِ...!

يَا سَاقِي الأقْدَاحِ تَمَهَّلْ

فَرَبِيعٌ آخَرُ

يَمْلَأ أرحَامَ الكَرمِ شَمَارِيخَ مِنْ نَارْ.

 

3 ـ شنقيط

في الّليْلِ

قَدْ لَا تَرْعَفُ النَّايَاتُ رغمَ جِرَاحِهَا!

في الَّليْلِ

نمضِي فِي شُرُودِ الطِّينِ مُبْتَلِّينَ مِنْ مَطَرِ الخُرَافَةِ!

مَنْ يُغَنِّي أَولًا قَدْ لَا يَمُوتُ...

وَمَنْ يَمُوتُ

يَصِيرُ أغْنِيةً تُرَدِّدُهَا الرِّمَالْ

 

4 ـ طرابلس

عقيد

يموت،

وآخرُ

يولدُ

خارج سور

الغروب!