تصوغ الشاعرة المصرية رؤيتها للعالم، في تماس مع التباسات وضبابية ما تعيشه الإنسانية اليوم حيث تغوص لغة الشاعرة في ثنايا الصورة المتشظية وتلامس "أناها" بعضا من شكل الكينونة ولأن القصيدة أكثر قدرة على تمثل الالتباس وهذا الفيض من اللايقين، تفتح اللغة كوة على أبعد نقطة نطل من خلالها على المستقبل.

نقطة العالم

ديمة محمود

 

سأنحّي كلَّ الرّهانات جانباً

وأذعن أنّ للجمهوريّين سطوةً على الحمائم

ثمّة رجلٌ وامرأةٌ

يجلس كلٌّ منهما على طرفي العالم

وتتدلّى رجلاه بطلاقةٍ وهوَس

ليس للصّقور أن تجتثّ شكيمة العشّاق

ربما لأن كليهما قد تخلّى

عن آخر قطعةٍ من ملابسه الداخليّة 

ولعبةُ عضّ الأصابع تُنذرُ بالغرق

يعيدان الكَرّة للتّوّ

ولا يتيحان فرصةً لقارئة الفنجان

تطير قبلةٌ من الشّرق إلي الغرب

فينطوي العالم طوليّاً

وتسقط السماء في حضنهما

ويتطاير الشّطرنج.

 

تقول العرّافة

أنّ أحداً منّا لن يعيش طويلاً

وسيغرق في بحر "ميشيما"

بعد أن تعيث به الدّلافين

كان على أمّي أن تحصيَ أنّاتها

وتنخُل صبوتها كي لا تنجرفَ إلى النّبع 

للمقصلة أن لا تجمع الشّتيتين

لكنّها لن تفرّقَهما

تحت بند المعاول الحمراء

وشارات الهنود الحمر

و" كسّارة البندق"

و"نوتردام الورود"

و"الحبّ فوق هضبة الهرم"،- قبل أن يُجدع أنفه.

 

مرّ راهب الزّنِّ

من هنا

حينما حدّثتْ نفسها نملةٌ

أيُّنا يتّكئ على صخرة العالم أكثرَ فيزيحُها

ثم يصفّقون له

بينما هو منغمسٌ في "مقدّمة ابن خلدون"

يتذكّر المدن الفاضلةَ الّتي مرّ بها

وفيما تتأرجح ساقانا

شمّرتُ تنّورتي لأعلى فخذي

ماذا عليّ الآن

لو جربتُ الخيانة وقلتُ بغرورٍ:

إنّ لي فخذاً ملساء

أجملَ بكثيرٍ من قصيدة نثرٍ سالت بين أصابعك

لمّا شهقتَ بالنّجاة

من أزيز القصف

واستعدتَ ملامحك بلا مرآة.

 

ليست كلُّ القنابل طائشةً أو منتهية الصّلاحيّة

ثمّة إحداها تختبئ بعيداً عن قانون الجاذبيّة

تؤكدّ لنيوتن فشَله الذّريعَ في استمالة رجلٍ وامرأةٍ

لا يملك أحدهما نصفين معاً لقرينه في داخله

بينما يترنّح ينهشه الحبّ والفيزياء

ومتلازمةُ السّقوط في الحلم.

 

قد يقول الأرسطيّون

هذا العالم لن يصلح برمّته

طالما اندفعت قوانين الطّبيعة إلى اليابسة

وظلَّ بنعلٍ واحد

لكنّ رجلاً وامرأةً يتدلّيان من سقف العالم

بلوثةٍ وشغفٍ

جديران بقلب الأقطاب واستنبات البداهة

وتعريف إحداثيّاتٍ جديدةٍ تُقصّر المسافات

وحسمِ تكتّلات الحروب الباردة والسّاخنة 

وتبديد الخذلان من كوّاتٍ مفتوحةٍ على مصارعها

وطيّ العالم في نقطة.