تم اختيار العاصمة الإدارية للمملكة المغربية عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي في وقت تشهد فيه العديد من الفعاليات التي تحتفي بالثقافة الافريقية، واختارت عاصمة الثقافة أن ترسخ شعارها كفضاء للعيش المشترك من خلال تنظيم العديد من الفعاليات انطلقت من مسرح محمد الخامس وتتواصل في المرحلة المقبلة ببرمجة غنية.

الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي

 

اختيار العاصمة المغربية عاصمة للثقافة بالعالم الإسلامي يؤكد المكانة الخاصة التي تحظى بها الرباط باعتبارها مدينة للعيش المشترك.

الرباط- أطلقت المغرب فعاليات “الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي” لعام 2022 خلال حفل أقيم أخيرا على مسرح محمد الخامس في العاصمة المغربية بحضور عدد من المثقفين والدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين.

وتسلمت أسماء أغلالو، رئيسة مجلس المدينة، شعار برنامج مدن الثقافة بالعالم الإسلامي من سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو). وأطلقت الإيسيسكو هذا البرنامج في 2005 بهدف تسليط الضوء على تاريخ المدن المختارة وأعلامها ورموزها وإسهامها العلمي والحضاري في التراث الإسلامي وأبرز معالمها الأثرية ومراكزها الثقافية. واختيرت الرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2022 عن المنطقة العربية فيما اختيرت مدينة باندونج في إندونيسيا عن المنطقة الآسيوية ومدينة ياوندي في الكاميرون عن المنطقة الأفريقية.

وقال وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد في كلمة بهذه المناسبة إن اختيار العاصمة المغربية عاصمة للثقافة بالعالم الإسلامي “يؤكد المكانة الخاصة التي تحظى بها مدينة الرباط أفريقيا وعربيا إسلاميا ودوليا باعتبارها مدينة للعيش المشترك تتجسد فيها أسمى صور ومعاني التسامح والتعايش”.

وبين في كلمته أن إعلان الرباط عاصمة لدول العالم الإسلامي هو تشريف لعاصمة المملكة، وقد وُضعت برامج مشتركة بإشراك مختلف القطاعات، لتكون الرباط فعلا في مستوى الانتظارات على أمل عودة الحياة الثقافية والأنشطة إلى مختلف المدن المملكة وليس عاصمتها فقط التي تعتبر أيضا عاصمة أفريقية للثقافة، لأننا نأمل جميعا في العودة إلى مرحلة ما قبل كوفيد – 19.

وأضاف أن الوزارة تسعى إلى جعل مدينة الرباط طيلة هذه السنة عاصمة للعمل الثقافي المتميز ومنصة للإشعاع الثقافي الدولي، حيث ستعمل بالتنسيق مع الإيسيسكو على تقديم برنامج رفيع المستوى يشمل تنظيم فعاليات ثقافية وفنية وتراثية تعكس عمق الحضارة المغربية الأصيلة.

وذكر في هذا السياق، بأن المملكة المغربية ظلت على الدوام، في صلب العمل الإسلامي المشترك سواء من داخل منظمة التعاون الإسلامي، أو من خلال منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة – الإيسيسكو، وانخراطها المتواصل في الجهود الرامية إلى تقوية التعاون الإسلامي المشترك وتشجيعه وتعميقه بين الدول الأعضاء في مجالات التربية والعلوم والثقافية والتواصل، وإبراز الحضارة والثقافة الإسلامية وتقديمها إلى العالم كمصدر للوسطية والاعتدال والسلم والتسامح.

من جهته وصف المدير العام لمنظمة الإيسيسكو سالم بن محمد المالك مدينة الرباط بأنها “حكاية المجد الممتد لأكثر من عشرة قرون من البهجة.. مدينة للماضي والحاضر والمستقبل، تنتمي إلى الأنوار وتتقن الإنصات بتفاصيل الجمال المزخرف على جبينها المستضيء”. وأضاف أن “الموافقة الكريمة تضعنا أمام تحدّ كبير لكي نضع هذه المدينة الواعدة مدينة الأنوار والعرفان كما يجب أن تكون، وذلك لرد الدين لهذه المدينة العتيقة التي احتضت منظمة إسيسيكو منذ نشأتها عام 1989”.

وأردف المالك “نأمل أن نحظى بعمل مشترك كبير، وهناك برامج وليس برنامجا”، إذ تقدم بهذه المناسبة على امتداد عام كامل العديد من الأنشطة الثقافية والتراثية والفنية التي تهتم بهذه المدينة وتنشر أبرز إسهاماتها في الحضارة الإسلامية.

من جانبها، قالت رئيسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط، أسماء أغلالو في كلمتها، “إن اختيار الرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2022، سيساهم بلا شك في إحياء الأنشطة الثقافية في عاصمة المملكة، خصوصا بعد شبه توقف هاته الأنشطة خلال السنتين الماضيتين بسبب جائحة كوفيد – 19”. وأشارت أغلالو إلى أن الرباط ليست مجرد عاصمة للمغرب فحسب، بل هي أيضا مدينة متعددة الأوجه الحضارية والأثرية، باعتبارها تجر وراءها حمولة تاريخية ومعالم أثرية ومعمارية تعود الى أكثر من ثمانية قرون، مما أهلها لتصنف تراثا عالميا من طرف اليونيسكو سنة 2012.

وتضمن حفل إطلاق البرنامج سهرة موسيقية للسوبرانو المغربية سميرة القادري، التي غنت عددا من الأغاني ذات الصبغة الصوفية والموشحات بمصاحبة فرقتها الموسيقية، منها قصيدة محي الدين بن عربي “ليس في الوجود” وموشح لما بدا يتثنى” الذي غنت مقاطع منه بالإسبانية. واختتمت الاحتفالية مع أنغام فرقة موسيقية أندلسية مغربية صحبة بعض الأصوات المغربية مثل مروان حاجي وفؤاد الطيبي وعبدالسلام السفياني.

وتقع الرِّبَاطُ على ساحل المحيط الأطلسي في سهل منبسط فسيح، وعلى الضفة اليسرى لمصب نهر أبي رقراق الذي يفصلها عن مدينة سلا.

ويعود التأسيس الأولي لمدينة الرباط إلى عهد المرابطين الذين أنشأوا رباطا محصنا، ثم عرفت المدينة خلال العهد “الموحدي” أواسط القرن الثاني عشر للميلاد إشعاعا تاريخيا وحضاريا، حيث تم تحويل الرباط (الحصن) في عهد عبدالمؤمنالموحدي إلى قصبة محّصنة لحماية جيوشه التي كانت تنطلق في حملات جهادية صوب الأندلس.

ويذكر أنه إلى جانب الرباط، تضم قائمة إيسيسكو لعواصم للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2022، ثلاث مدن أخرى هي القاهرة، وباندونغ (إندونيسيا)، وياوندي (الكامرون).