هي رسالة افتراضية، يخص بها الشاعر المغربي المرموق (الكلمة)، رسالة لقارئ أو لمتلق. يحملها من ذاكرة الكتابة لعلها تجد من يصنع بحروفها شذرة شعرية تملأ بياضات هذه العزلة المريرة التي تستشعرها الذات.

رسالة إلى مجهول

محمد الميموني

لَدي في مَخطوطتي التي كتبتُ
قبل أن أكتشف الحروف،
رسالةٌ إلى شخص مجهولٍ
في مكان ما مجهولْ
لم ألقهُ من قبل قَطُّ
لم أزُر مكانَهْ
ولم يراسلني بحرفٍ
لكني مَدين برسالة إليهِ
كم أودُّ لو تنزَّلتْ عليه الآنَ
بَرْدا وسلاماً
واستجابتْ لانتظاره،
من قبل أن يدركه الفواتُ
فتأتيه وهو في غنى عنها
وعن سراب الانتظار.

وها أنا أبثها على جناح الحدْسِ
دون اسم ولا عنوان
فقد يجدها يوماً
تطفو على بحيرة أو نهر
في قارورة مختومة،
أو ربما يحملها ما لم أزوّدْ
من حمامٍ زاجلْ
يحط،بعد جهد،
فوق غصن من شجيرة معزولة
في سهْل خالٍ قاحل مهجورْ
يشاء الحظ أو تشاء اللحظة المسحورة
أن يرسم الظلُّ الشحيح الذابلْ
عنوانا وعلامة انتظارْ
على جبين يائسٍ
يفر من وحدتهِ
إلى ظل الشجيرة المعزولة.
يستنطق الحمام بالجِبِلة الأولي
جبينَ اليائس المعزولْ
ويقرأ الخطوطَ والرموز والهوية
بعين الهُدهد وبأمانة الرسول.

يستأنس المجهول بالضيف الخفيف الطارئ
كلاهما يهم بسؤال البوح
لكن من يبادر،
وحين جَن الليل وتوارتِ الظلالْ
علا منطقُ الطيرِ
وتواضعَ الكلامْ
تواصَلا،
أصغى المجهولُ من خلال الصمتِ
وتكلمَ الحمَام:
ـ لديَ لمحٌ من رسالة إليكَ
أيها المجهول!
يضن الكاتبُ بها في لوحه المحفوظ
لم تكتملْ
ولكني اختلستُ منها لمحةً
تقولْ:
إليك يا مجهولٌ
في مكان ما مجهول
رسالتي المبتورة
التي لا تستجدي منك
عفوا ولا إدانة
إن صادفتَك يوما أو صادفتَها
لا تلتمس نصيحة أو حكمة منها
ولا وصية ثمينة
واصنع على هواك من حروفها
زهورا وطيورا ملونه سعيدة
وحاكمْني بحبٍّ
وأجبني إن أردتَ
برسالة أخرى..
إلى عنوانيَ المجهولْ
من قبل أن يدركنا الفواتُ
ويضِل عن عنوانَيْنا
نسْلُ الحَمام الزاجلْ.

شاعر من المغرب