ليس هذا ملفا عن المفكر المصري نصر حامد أبوزيد الذي رحل فجأة عن عالمنا وهو في ذروة العطاء، فإعداد ملف يليق به وبإنجازه لابد وأن يتسغرق وقتا، ولكنه محور خاص عنه أعدته «الكلمة» على عجل كي تشارك الواقع الثقافي، والعقل النقدي العربي، التعبير عن فداحة الفقدان، وعن خسارتنا بداعية التفكير في زمن التكفير.

رحيل داعية التفكير في زمن التكفير

ليس هذا ملفا عن المفكر المصري نصر حامد أبوزيد الذي رحل فجأة عن عالمنا وهو في ذروة العطاء، فإعداد ملف يليق به وبإنجازه الفكري لابد وأن يتسغرق وقتا وإعدادا حتى يستوعب الملف طبيعة إنجازه، أو يبلور الأسئلة التي طرحها بشجاعة على واقع يعادي التفكير وطرح الأسئلة، ويستنيم لدعة اجترار ملسات مكرورة. ولكنه محور خاص عنه أعدته «الكلمة» على عجل كي تشارك الواقع الثقافي العربي، والعقل النقدي العربي، التعبير عن فداحة الفقدان، وعن خسارتنا بداعية التفكير في زمن التكفير. فقد كان نصر حامد أبوزيد حقا داعية للتفكير العلمي العقلاني الحر. سار على درب طه حسين وأمين الخولي ومحمد خلف الله أحمد، فنال شيئا من العنت الذي نالوه، ولكن حظ نصر أنه حارب المعركة التي حاربوها قبله، ولكن في ظروف أسوأ بكثير من تلك التي خاضوها فيها. فوقفت له دار العلوم، حصان طروادة التقليدي في قلب مؤسسة العلم والعقل والمعرفة، كما هو جدير بأي جامعة أن تكون، بالمرصاد. كما وقفت من قبل بالمرصاد لكل فكر حر لايتهض على التلقين والانصياع الأعمى وتوهم امتلاك الحقيقة المطلقة. سعت إلى وأد كل الأسئلة المعرفية الحقة في مهدها، كما كان تاريخها منذ نصبت حصانها الطروادي في قلب مؤسسة الجامعة.

لكن نصر قرر أن يذود عن قناعاته المعرفية بشجاعة، حتى ولو كان ثمن هذه الشجاعة فادحا، وظل قابضا على قناعاته كالقابض على الجمر حتى أواخر أيامه، لا تزعزعه مؤامرات الظلاميين الدنيئة والتي كان آخرها حرمانه من إلقاء محاضرة دعي إليها في الكويت، وهي المحاضرة الأخيرة أو قبل الأخيرة له، والتي ننشرها هنا في هذا المحور، مع آخر حوار معه، ومقالات عنه.