توشك مسألة الصحراء المغربية أن تكون واحدة من أكثر ألغز الوضع السياسي العربي المعاصر تعقيدا أو سوء فهم. هنا يقدم لنا الباحث المغربي عبدالصمد بلكبير مقاربة تاريخية تحليلية لهذه المشكلة العربية المعاصرة.

مسألة الصحراء المغربية والثغرين ( المغتصبين )

عبدالصمد بلكبير

1  تميز التاريخ المعاصر للمغرب في القرن العشرين مقارنة إلى غيره من أشباهه، بخصائص ومميزات قلما نجد مثيلا لها في المستعمرات المجاورة له أو المعاصرة. ذلك لأن سيادته المنتزعة قهرا وأرضه المحتلة عنفا توزعت بين سبعة أنماط من الاحتلال أو الاستعمار والحماية:

1 ـ هناك أولا المدينتان الساحليتان في الشمال منه والجزر المرتبطة بهما. وهما ثغران يعود احتلالهما إلى شروط الحروب الافرنجية (أو الصليبية) حيث احتلت مدينة سبتة من قبل البرتغال في القرن الخامس عشر (1437). ومليلية من قبل الإسبان 1497. وذلك قبل أن ينتهيا كلتيهما إلى الاحتلال الإسباني حتى يومه.

2 ـ ومع بدايات القرن العشرين. وبعد حروب حدود مع فرنسا المحتلة للجزائر (1844) ومع إسبانيا في تطوان (1860). ستقتحم الجيوش الفرنسية من الحدود الجزائرية (وجدة) أو من البحر (الدارالبيضاء) وتدريجيا (1907-1912) وسط المغرب وتحتله رسميا وبمقتضى عقد حماية للسلطان أو المخزن (1912). ولن يستقر لها قرار الاحتلال، وإثر مقاومات شديدة، إلا في حدود العام 1934.

3 ـ وبمقتضى مفاوضات استعمارية متعددة بين أقطاب الدول الاستعمارية عهدئذ وخاصة منها انجلترا ثم ألمانيا سيقع الاتفاق على إبعاد فرنسا عن احتلال الضفة الجنوبية من الأبيض المتوسط أي الشواطئ المغربية في الشمال وذلك عن طريق:

4 ـ التمكين لإسبانيا باحتلال الشمال المغربي. وذلك في إطار حماية السلطان ودولة المخزن. ويضاف إلى ذلك احتلالها لجنوبه (1884). إلى حدود ما سيسمى لاحقا بموريطانيا. وهي أراضي شاسعة توزعت أنماط احتلالها، وبالتالي استقلالها إلى ثلاثة أوضاع:

5 ـ وضع مدينة طنجة في وضعية منطقة دولية. وذلك من قبل هيئة من أربعة عشر دولة. وذلك طبقا لاوفاق الجزيرة الخضراء (1906).

6 ـ احتلال شنقيط (موريطانيا لاحقا) احتلالا عسكريا مباشرا. ثم بعد ذلك تمكينها من استقلال انفصلت به عن جسدها الأصلي وهو المغرب.

7 ـ ثم هنالك أراضي شاسعة في شرق المغرب (توات القنادسة الساورة تيدكلت - بشار...) عمد الاحتلال الاستعماري الفرنسي للجزائر (الجيش) إلى اقتطاعها تدريجيا وإلحاقها بالإدارة الترابية للاستعمار الفرنسي للجزائر اعتبارا منهم أن مصيرها في إطار استعمار استيطاني. هو أضمن من استمرارها في إطار "حماية". ولقد كان ذلك ولا يزال مصدرا من أهم مصادر التوتر والصراع بين الشقيقتين المغرب والجزائر سواء ظهر ذلك علنا وعسكريا (حرب الحدود 1963) أو مقنعا وعن طريق الوكالة. كما هو الأمر راهنا. حيث لم يعترف المغرب وحتى اليوم رسميا بالحدود الراهنة بين البلدين (مؤجلة على مستوى البرلمان المغربي).

هذا الوضع المتنوع والمتراكب والمعقد لاحتلال واستعمار وحماية. المغرب هو نفسه الذي أثر على وضعية استقلاله المتدرج، ووحدة ترابه التي ما زالت وحتى اليوم متعثرة ومعرقلة. وبالتالي استمرار الانتقاص من سيادة دولته على كامل أراضيها ووحدتها. 

2  مع بدايات الاستقلالات التي عمت تدريجيا جميع شعوب الأرض ودولها المستعمرة. سيحصل المغرب في العام 1956 على استقلاله أولا من الاستعمار الفرنسي لوسطه. ثم لاحقا من الاستعمار الإسباني لشماله (باستثناء الثغرين: سبتة ومليلية التي يعود احتلالها إلى القرن 15) ثم من الإدارة الدولية لمدينة طنجة.

1 ـ بقيت موريطانيا (شنقيط) التي استمر المغرب يطالب باسترجاعها.

2 ـ وبقيت مناطق الجنوب المحتلة من قبل إسبانيا (ما يعرف بالصحراء الغربية).

3 ـ وبقيت مناطق الشرق المغربية التي ألحقها العسكريون الفرنسيون الذين يحكمون القطر الجزائري.

4 ـ وطبعا بقيت المدينتان المغتصبتان في الشمال المغربي والجزر الملحقة بهما. 

3  أ ـ بالنسبة لشنقيط فقد عمد الاستعمار الفرنسي إلى فصلها عن جسدها الأصلي المغرب. وأعطاها سنة 1960 استقلالا منفصلا عن السيادة المغربية. واضطر المغرب الرسمي لاحقا (1969) إلى الاعتراف بذلك والتنازل عن حقوقه التاريخية والسيادية عليها (بمناسبة مؤتمر القمة الإسلامي الأول في المغرب).

ب ـ وفي الجنوب المغربي استأنف جيش التحرير المغربي كفاحه لاستكمال تحرير مناطقه الصحراوية.

استرجع المغرب خلال ذلك وتدريجيا مدينتان: طرفاية (1958) ثم سيدي يفني (1969). وفي شروط ما تزال أغلب عناصرها غامضة. وإثر تحالف استعماري فرنسي ـ إسباني (وربما أيضا تواطؤ من قبل مسؤولين مغاربة) طوق جيش تحرير الجنوب الصحراء الغربية المغربية عسكريا وقطعت عنه المؤن وعزل عن محيطه وأرغمت عناصره على التخلي عن أسلحتها والتحقت فصائل منها بالجيش الملكي (1960). وبذلك دخلت قضية الصحراء الغربية المغربية في منحى جديد كان طابعه الرئيس ديبلوماسيا. هكذا استمر المغرب يطرح المسألة في اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة. وذلك إلى حدود بدايات السبعينيات. حينما أعيد إحياء الموضوع داخليا. وذلك بارتباط مع الصراع الداخلي. فحيث وقع الحديث عن مخطط أمريكي ـ فرنكاوي لإعطاء استقلال مزيف للصحراء (أوائل السبعينيات). وبالتالي تحويلها إلى قاعدة عسكرية وسياسية في الخصر الغربي من الوطن العربي، تحرك ما كان يعرف باليسار الجديد من خلال بيانات ومنشورات وتظاهرات طلابية تنبيها للخطر واحتجاجا على الاستعمار الإسباني والأمريكي المحتمل وأيضا على إدارة الحكم المغربية. تعرض الطلبة المغاربة الصحراويون والذين كانوا يقودون التحرك في مناطق الجنوب بالذات (طانطان) إلى حملة قمع قادها الجنرال أفقير.. الأمر الذي استنتج معه الشباب الصحراوي المعني أنه لا إمكان لاستمرار تحركه سوى عن طريق الكفاح المسلح وانطلاقا من الحدود المغربية الجزائرية. ووجدوا في بعض أقطار الجوار (ليبيا ثم الجزائر) لحسابات تخصهم. دعامة ودعما وفيرا لهذا المنحى الذي أخذ تدريجيا منحى انفصاليا وبعيدا عن المغرب وعن المغاربة.

في هذا الوقت وفي شروط دولية معقدة ومتشابكة عمدت حكومة المغرب وملكه إلى تعبئة شعبية شاملة في مسيرة سلمية من ثلاثمئة وخمسين ألف رجل وامرأة. متزامنة مع لجوئه إلى محكمة لاهاي الدولية التي أقرت بوجود علاقات تاريخية أو روابط بيعة بين الصحراويين وملوك المغرب. تمت مفاوضات بين البلدين المغرب وإسبانيا. تخلت بموجبها إسبانيا عن إدارة التسيير للمنطقة. وسلمتها تحت إشراف الأمم المتحدة إلى الإدارة المغربية (1975). وبعد ذلك اجتمع مجلس أعيان الصحراء ولاحقا شيوخ قبائلها إلى الاعتراف بالسيادة المغربية. ومن ثم قاموا بالبيعة للملك بيعة شرعية. كل هذا ثم في إطار تنسيق محكم مع الدولة الموريطانية والتي تولت من جهتها إدارة القسم المحاذي لها من الصحراء (وادي الذهب). (لاحقا ستتخلى موريطانيا عن إدارته. ومن ثم سيضطر المغرب لمد سيادته نحوه. ويتقبل الملك بيعة أشرافه وأعيانه وشيوخ قبائله في حفل مشهود 1979).

تمكنت جماعة البوليزاريو وفي ظل ما كان يعرف بالحرب الباردة وأيضا وأساسا بدعم ليبي ثم جزائري شامل (ليبيا انسحبت من الموضوع نهائيا) من تأسيس ما يسمى بالجمهورية الصحراوية ومن انتزاع العديد من الاعترافات الدولية (تتناقصُ اليوم باطراد). الأمر الذي اضطرت معه الدولة المغربية خاصة مع اشتداد الهجمات العسكرية وتنامي القدرات العسكرية للبوليزاريو وخاصة مع نصائح "أصدقاء" المغرب (أمريكا وأوروبا) إلى قبوله بمبدأ تقرير المصير عن طريق الاستفتاء وذلك من قبيل التحدي من جهة. ولتأكيد سيادته على المنطقة بمنطق القانون الدولي. (تحفظت على ذلك المعارضة اليسارية. واعتقل قادتها: المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي 1981). تشكلت قوات أممية لحفظ وقف إطلاق النار وعين مبعوثون أمميون ممثلون للأمين العام وتشكلت من الطرفين لجن لتحديد هوية من سيصوتون وبدأ جرد القوائم بالأسماء واستمر ذلك لسنوات توقف بعدها العد والحصر لاختلاف المقاييس بين الطرفين المتنازعين. ودخلت القضية في مأزق ومتاهات للخروج باتفاق ما تعذر بلوغه حتى الآن.

المغرب يعتبر كل أبناء الصحراء معنيين بموضوع الاستفتاء أي بمن فيهم أولئك الذين هجروا من قبل المستعمر الإسباني، واضطروا للنزوح نحو الشمال.. بينما البوليزاريو يقتصرون على الإحصاء الإسباني (70 ألف) (المفارقة أن عدد من تدعى البوليزاريو تمثيلها لهم. والموجودين بالمخيمات في تندوف بالجزائر يضاعف هذا العدد) الذي اقتصر على الموجودين في الأرض خلال احتلاله لها (1974). إن جوهر الخلاف في الحقيقة هو حول مضمون الاستفتاء ونتائجه المطلوبة والمقبولة من الطرفين. فبالنسبة للمغرب لا دور له سوى تأكيد مغربية صحرائه ومن تم استكمال وحدته الترابية وامتداد سيادته نحو حدوده التاريخية أو بالأقل بعضها، ما دامت موريطانيا قد ضاعت. فضلا عن الحدود الشرقية المعلق وضعها حتى الآن. أما البوليزاريو فلا يعني الاستفتاء وتقرير المصير بالنسبة لهم سوى الانفصال وتأسيس دولة أو بالأحرى دويلة لن تكون بحال أفضل سياسيا من مثيلات لها يعاني منها مشرق الوطن العربي الكثير حتى اليوم. لا مقومات لها للحياة وللاستمرار وللأمن، سوى باللجوء إلى قوة أجنبية خارجية لحمايتها، بالتالي من التدخل في المنطقة والتأثير على سياساتها وأوضاعها من خلالها. بالنسبة للمغرب فالأمر لا يقتصر على هذا الخطر الحال والماثل بل أن تكوينه الاجتماعي تاريخيا ووحدته السياسية... ستصبح مهددة نتيجة ذلك. إذ أن "مبررات" انفصال الصحراء توجد أيضا لدى العديد من مناطقه في الشرق والشمال وحتى الجنوب نفسه. إنه وهو يدافع عن صحرائه ووحدة ترابه وسيادته على جنوبه... يدافع في الحقيقة عن استمرار وحدة كيانه الوطني التاريخية والراهنة.  بالمقابل دول الجوار (إسبانيا والجزائر) وعموم النزوع الامبريالي الاستعماري العالمي. يعتبر الموقف المغربي "توسعيا" وأكثر من ذلك فيه حنين إلى ماضيه الإمبراطوري، وإنه باستقراره في الصحراء لن يتوقف عن المطالبة بباقي أجزائه التاريخية. وبالتالي فإن دولة وشعبا مثل المغرب له ذاكرة عريقة يستحضر بها دولة المرابطين والموحدين والمرينيين.. يشكل خطرا من منظور الغرب على مصالحه في المنطقة ومطامحه في تفتيتها وإضعافها.

يملك المغرب اليوم أكثر من 3500 كلم من الشواطئ وعلى ضفتي المحيط الأطلسي والبحر المتوسط فإذا احتسبنا ما تسمح به من حقوق على البحر والمحيط. مضافا إلى ذلك أراضيه (حوالي 750 ألف كلم2). يتضح لنا كم سيكون تخوف الغرب الاستعماري شديدا على مستقبل علاقاته به. خاصة حين يكشف السر عن آبار البترول في صحرائه وأيضا وبالأحرى نجاح الانتقال الديمقراطي بين مكوناته (=البترول السياسي أو المعنوي). في إطار مجلس الأمن وخارجه من خلال تصريحات مختلف المعنيين والمهتمين بموضوع الصحراء. ومنذ بعض السنوات بدأ الحديث يتردد عن حل سياسي متفاوض عليه وتحت إشراف الأمم المتحدة وطبقا للقانون الدولي.. كمخرج من المأزق. وفي هذا الصدد، وكاستجابة منه لبعض النداءات الصديقة أو المتحدية أو المناورة.. عمد المغرب الرسمي أخيرا ومن خلال أعلى سلطة فيه وهي الملك إلى المبادرة على مستويين.

أ-قبول فكرة الحكم الذاتي الموسع كإطار للتفاوض يعبر عن استعداد المغرب لتحكيم السكان الصحراويين في جميع شؤونهم ماعدا تلك التي ترمز إلى الأمور السيادية.

ب-تشكيل مجلس تمثيلي استشاري ملكي موسع من الصحراويين المستقرين في جنوبه من أبناء المنطقة. وذلك حتى يفكروا من جهة في تصور لذلك الحكم. وأيضا حتى يباشروا التفاوض والحوار مع أشقائهم النازحين في الجزائر وغيرها حول الموضوع. وأيضا ليمارسوا ديبلوماسية وطنية مضادة ومناهضة لديبلوماسية الانفصال. 

4  أما بالنسبة للثغرين (سبتة ومليلية) والجزر المرتبطة بهما. وهما باعتبارهما سوقا تجارية حرة (مليلية) وقاعدة عسكرية (سبتة) يشكلان نزيفا اقتصاديا يوميا. وأيضا تهديدا أمنيا دائما. كما حدث بمناسبة أزمة جزيرة ليلى (أو المعدنوس). والتي أرغم فيها الجيش الإسباني الحرس المغربي (بضعة أفراد) على الجلاء بعد اعتقالهم (2005). إن المغرب الرسمي يقترح كحل تشكيل خلية تفكير مشتركة بين البلدين تأخذ وقتها دون تحديد من أجل الوصول إلى حلول تراعي مصالح الطرفين السيادية بالنسبة للمغرب والاقتصادية الاجتماعية والثقافية بالنسبة لإسبانيا. غير أن الإسبان يرفضون حتى الآن هذا الاقتراح وقبلوا فقط لجنة مشتركة للحوار (ابن رشد) ذات طبيعة ثقافية أساسا.

إن رهان المغرب في هذا الموضوع هو من طبيعة دولية، فحيث إن جبل طارق الإسباني محتل من قبل انجلترا. فإنه لابد سيعود إلى إسبانيا في يوم من الأيام. وعندئذ وبنفس المقاييس سيعود الثغران للمغرب خاصة وأن العالم لن يقبل أن تسيطر إسبانيا على البوغاز ومدخليه من ضفتيه جميعا. ثمة حركة منظمة نسبيا واحتجاجية أحيانا من قبل المغاربة في المدينتين. غير أنهم يشكلون أقلية جد ضئيلة مقارنة بالمستعمرين المستوطنين فضلا عن أنهم أيدي عاملة أكثر منهم رجال أو نساء أعمال، يحملون الجنسية الإسبانية ويتعامل معهم باعتبارهم أقلية مسلمة (لا مغربية) توجد عندهم بعض المدارس والمساجد يشرف عليها المغرب وتمولها وتؤطرها وزارتا الأوقاف والتربية الوطنية. المغرب الرسمي (وبعض اليسار) يقبل استمرار الأوضاع في المدينتين كما هي دون تغيير ودون مس بالمصالح وبالأوضاع القائمة. وبالتالي تمييزها عن الوطن الأم في التسيير والتدبير إلا ما كان من الرموز السيادية (الراية طابع البريد والجيش..) 

5  وتبقى الأراضي "شبه" المتنازع عليها مع الجزائر في شرق المغرب. وهذه وقع التوصل المبدئي إلى حلها عن طريق اعتراف المغرب بسيادة الجزائر عليها. غير أن البرلمان المغربي لم يوافق بعد وذلك في انتظار الحل الشامل للمشاكل وخاصة في إطار المغرب العربي الكبير. وبالتالي إقرار الجزائر بالحقوق السيادية للمغرب على صحرائه. 

خلاصات: 1 ـ إن مسألة الصحراء الغربية المغربية مصطنعة وهي من عواقب الاستعمارين الإسباني والفرنسي وقنابله الملغومة والموقوتة.

2 ـ يعتبر المغرب من آخر الشعوب (فضلا عن فلسطين) التي ما زالت تعاني من احتلال جزء من أراضيها وعدم استكمال وحدتها الترابية.

3 ـ لجميع أقطار المغرب العربي صحراؤها، فكيف يميز المغرب وحده ويحرم من صحرائه ليقوم عليها كيان مصطنع وضعيف وبالتالي مصدرا لعدم الاستقرار وللتدخل الأجنبي.

4 ـ بعد الاستقلال الجزئي للمغرب سنة (56) كان خطأ الدولة والحركة الوطنية التسرع في النزاع حول قضايا الحكم بدلا من التفرغ أولا لاستكمال تحرير ومن ثم توحيد التراب الوطني بما في ذلك الأجزاء المغتصبة والمقتطعة من شرقه والملحقة بالجزائر التي كانت تعتبر فرنسية. وقبل المغرب، مخطأ، تأجيل الموضوع إلى حين استقلال الشعب الجزائري. فادعت قيادة هذه لاحقا أن تلك الأراضي حقها لأنها هي التي حررتها وكأن لم يكن للمغاربة دور في تحرير الجزائر كلها.

5 ـ إن التأخير في وحدة المغرب العربي هو المسؤول عن جميع مآسي دوله وشعوبه إذ في إطار الوحدة يمكن الاتفاق على الحلول الملائمة والمفيدة للجميع. الخاسر الأكبر هو شعوب المنطقة والمستفيد الأوحد هو الاستعمار من جهة، وعملائه الذاتيين أو الموضوعيين في بلدانه نقصد حكامه وخاصة منهم القادة العسكريون الذين يثرون من خلال استمرار النزاع خاصة عن طريق التهريب من جهة والفساد في الصرف من الميزانيات العسكرية من جهة ثانية.

6 ـ لو أن حق الشعوب المغاربية في تقرير مصيرها السياسي (=الديمقراطية) أقر. وبالتالي أضحت تحكم نفسها بنفسها عن طريق ممثليها المنتخبين بشكل شفاف ونزيه وحر لحل هذا المشكل المصطنع وغيره من قضايا التنمية والعدالة الشاملة والأمن والتقدم... إلخ.