لم ينتظر أحدا

هوامش على جدارية الرحيل

بهيجة مصري إدلبي

إلى روح الشاعر العربي الكبير محمود درويش             

لم ينتظر أحدا"
على باب القصيدة حين أيقظه الصعودُ
"لم ينتظر أحدا"
طوى أوراقه ومضى
إلى أبدية بيضاء
يألفها الخلودُ
هو عاشق
والعاشقون إذا تلوا آياتهم من غيبها
فاض النشيدُ
"لاشيء يوجعه على باب القيامة"
في مقام ( الأين )
"أصبح ما يريدُ"
هو في مدارات البصيرة
ينتقي لمجازه لغة
يعرّي سره في اللاوجود
يذوب في دمه الوجودُ
* * *
قالت قصيدته الأخيرة
ـ حين كان الموت قرب سريره غيما
وفي يده الورودُ ـ
قال: "ياموت انتظرني خارج الأرض"
"انتظر ياموت... يا ظلي الذي سيقودني"
"فأنا الغريب بكل ما أوتيت من لغتي" أنا
ضداي يتحدان في المعنى
فيأخذني القصيدُ
في الموت تكتمل الرؤى
ويذوب في اللاوقت
موعدنا البعيدُ
الموت أبعد من سؤالي
من خيالي
من رؤايْ
هو فكرة كالحب يهبط من سمايْ
وخطاه نحوي مثلما الريح التي
حفّت خطايْ
هو ما نراه ولا نراه
ولا نريدُ ولا يحيدُ
* * *
"لم ينتظر أحدا"
يودعه ليعرف ما يريدُ
قال الطبيب سمعت أحرفه الأخيرة:
قال: ها إني اكتملتُ
"ما دلني أحدٌ عليّ أنا الدليلُ
أنا الدليل إليّ بين البحر والصحراء
من لغتي ولدتُ"
وتلعثمت كلماته
فبكى وقال
"اسمي وإن أخطأت لفظ اسمي على التابوت لي
أما أنا ـ وقد امتلأت بكل أسباب الرحيل
فلست لي
أنا لست لي
أنا لست لي"
* * *
لم ينتظر أحدا
غفا كفراشة بيضاء
بللها الشرودُ
"ريتا تغني وحدها"
والقدس يطعنها الجنودُ
ودم الشهيد موزع بين القبائل
بعد ما مات الشهودُ
* * *
لم ينتظر أحدا
طوى أحلامه خلف الزمنْ
ألقى التحية من بعيد للجميع
وقال من ألم دفين
"تصبحون على وطنْ"
*المقاطع بين الأقواس من شعر محمود درويش بتصر

سورية ـ حلب ـ ص ب/ 13525/ جوال/ 0933555481