الروائي التونسي يكتب من قبره ويصير راويا لرحلة جنازته التي يشارك فيها بالعودة إلى لحظة ما قبل ميلاده، عابرا محطات شكلت وجوده ومظهرا المستويات المختلفة للموت التي تتراوح بين التخفي والتجلي. المجاز هنا يهيمن على السرد ويمثل الحدث الروائي وتنفتح خلاله التجربة على أفق تأويلات متعددة ومتصارعة.

سـلاّل القلـوب (رواية العدد)

(قُشورُ خُرافةٍ في عُرْس الجنازة)

محمّد خريّف

المحطّة الرّابعة

لا أعودُ إلى يوم ولادتي، ولا أسبق جثّتي إلى قبْري، الهاجرةَ، أذهب إلى المقبرة، لا أرى سلاّل القلوب، ولا أنقم على أسلوب أمّي في ترهيبي به، لكنّي أعذرها لأنّها أمّي تخاف عليّ، وتريدني حسب ما أفهم من حرصها على مراقبتي، أنْ أنشأ ذََكَرًا مثل أخيها الكبير، أعيشُ بايْ زماني، ألْتفتُ إلى شواهد القُبور ولا يرْتجفُ قلبي. لعلّ خوْفي من سلاّل القلوب في صِبايَ أراحني الآن من عوارض جلْطتة، أخْرج توًّا من باب الجلاّز مُغْرِباً، أنظر على عجَلٍ إلى نصب الشّهداء علّني ألمح قسمات سلاّل القلوب في حروفِ القوائم، فلا أذكر شيئا ممّا تقوله أمّي عن سلاّل القلوب، تشغلني حركة المرور، فلا أغفل عن يدي الشّرطي تلوّحان بالتّوقّّف فيبْطُل مفعول الضّوء الأخضر، ولا أخاف من سلاّل القلوب لأنّي أراه الآن وأضيع بين مزامير السّيّارات، ولا أحسّ بارتجاف القلوب لأنّي واحدٌ والسّواقُ جماعةٌ، يستحيل عليّ في هذه اللّحظة أن أمسّ قلوبَهم وأتكهّن بخوفهم منّي، أنا الواقف في مُفترق الطّرق، لا أدْري أأنا خائفٌ أم مطمئنٌّ؟ ، يتبعني الأولاد في الشّوارع يصفّقون، لعلّهم يفرحون ببشاعتي. أنا أسلّ قلوبهم ولا أتكهّن ننْطلق من المقبرة، أتجرّد من كفني، لا تبْقى على هيْكلي بلا عظمٍ سوى وشْمتيْن تشخُصان مسدّسًا وشعارًا، أقهقه في جنازتي وبما فيها، أخْفي وشمة المسدّس بمرفقي الأيمن أكشف وشمة الشّعار على كتفي الأيسر. أأنضبط أأنا في موكب جنازةٍ؟ أم عابر سبيلٍ من المقبرة إلى المدينة؟ أتخلّف لعلّي أنْشغل في نهج الصبّاغين بخطوط ورقة طائشة، أنسى بها ملامح وجهي، فلا يهرب الأطفال منّي ولا ترتجف قلوبهم من خٍفّة لساني، فعّالٌ، أنا، بالفاعلة، أمّي أرضع لبنها لأفطم ولا أخاف من سلاّل القلوب أغفل عنه الآن وهو أمامي هُنا في زَحْمة المُرور، أضع يدي على صدري أحْسَبُ بالجسّ أوراق هُويّتي تمّحي فصيلة الدّم، ولا أعيد التّحليل أخاف من فيريس الخلود لأنّي أصبت أثناء إقامتي بالقبر مع مريضة السّيدا بعدوى البقاء، وأسلّ قلبي بيدي أهبه الآن إلى هيكلي الرّخو في لون الورقة.

أسلاّلُ قلبي ورقةُ هُويّتي؟

لا أعرف ولا أرغب الآن في المشي، لا آبه بقطار الغرب أتخلّى عن جسر باب عليْوة، لا ألثم شُعيْراتٍ خضراءَ على فخِذيْ السكّة في داموس أخته السيّدة المنّوبيّة.

ويطلع سلاّل القلوب على النّهدين، أنسى أنّي هيكلٌ خارج ٌالآن من قبري وتنسى بنت السيّدة المنّوبية أنّي معْديٌّ ولا نرهب زمّارة القطار تًلوّح بالخطر، اِنْطلاقًا من باردو ومرورًا بالحنايا والملاّ سين الجُدُد فرب النّصب التّذكاري بسبخة السّيجومي

نَزّعْلي وِنْزّعْلكْ

من غير بُوسْطو

من غير سْليبْ

القطار على مَقرُبةٍ من الدّاموس

أنت فوقي الآن

ترْهزين

أ قطع رهزك

أرهز تحتك

لا أقطع

يُزمّر القطارُ، لا أسمع إلاّ رهزك تحتي

لا تسُلَّ قلبي

نظلّ في شِعْب السيّدة المنّوبيّة، نتمرّغ تارةً على الحصى، وتارةً على حرْفَْيْ السكّة

أ أنت نائم؟

أين أوراق الهُويّة؟

لكن أنا هيكلٌ أمامك

ولا تحترم الضّوء الأحمر

أين أنا؟ وكيف تراني؟

ينسلّ قلبي حين أرى وشْمتيْن

أسِير وسط المشيّعين ينبعثون من تحت القناطر، تنْساب بين جلدك وجلدي قطْرة عرقٍ، نواجه الشّمس أضحك في خاطري، من جنازتي، تسير بالمقلوب يقهقه المشيّعون خوفًا من سلاّل القلوب، وكيف نفهم، أنّهم خائفون، ولا نسمع منهم إلاّ قهقهةٌ؟ ، ومن هو سلاّل القلوب؟ أهو واحد فعّال في جمعٍ؟ ، أقهقه مع الجماعة فأنا الآن بينهم وإن كنت خائفًا بدوري من سلاّل القلوب. ولا أحبّ أن أرسم صورته في موكب جنازةٍ، تخرج عن العادة. أراه في مفترق الطّرق أسهو عنه، بحزّ رأس حلمة تنطّ في فمي متسلّقا صعدة باب الجديد الأولى في انتظار الثّانية والثّالثة والرّابعة

هذه عربدة منّي تليق بجنازتي

ألتذّ بحزّ الأظافر، لا تقطعْ شهْوتي

سلاّل القلوب

سلاّل القلوب

سلاّل القلوب

سلاّل القلوب

أربّع لا أثلّث، والمُشيّعون لا أجْر لهم في هذه الجنازة، لأنّها تسير في اِتّجاه معكوس ويسير فيها الميّتُ وسط الجمع لا أمامه، وأنا أقهقه معهم , وأنتِ أنثى شَبَِقٍ حلمتك بين أظافري

أرتعد فرِحةً بخوفي من سلاّل القلوب

أنت أيضا تخافينه؟

أنساه ما دامت حًلمتي في فمك

أنت أشجع منّي

اِقْترِبْ منّي ولا تعُضّ نهدي

نسيرُ مُتقابليْن: أنت عارٍ وأنا عارية، لا أحدَ يلومنا، فنحن لم نخرج من قبْرنا، إلاّ منذُ ثوانٍ حاولْ أنْ تقترب منّي، وأحاول أن أقترب منك دون أن نلتصقَ.

الحافلة الخمْسون تعوّض الحافلة رقم 28 في حشْد الزّوافريّة، من سُكّان السيّدة المنّوبيّة والرّابطة وباب سعدون وت ج م. تنطلق من المحطّة الرّابعة في اِتّجاه الثّالثة والثّانية والأولى مالي وهذه الحافلة؟ يتملّكني ما يشبه الدّوار، عندما يقطع شخيري شبح ُسلاّل القلوب، أراهُ يرْقُبني عبر شاشة الأنترنات، يحسب عددنا، نحن السّائرين في حافلة من الأجساد نرتدي بدلاتٍ زرْقاءَ، لعلّه يسمع دقّّاتِ قلوبنا، عبر الهاتف الجوّال، قبل أن يسلّها بابتسامة، وهو سلاّلُ قلوبٍ، ولد بلاد أحاول الكفّ عن هذه الهلْوسة في مقام جنازة، أنا الخارج من قبري الآن أسير مع الجماعة في بطءٍ، فلا يهرب حمّالةُ النّعش من أولاد الزّوافريّة بجثّتي لينتهيَ الدّفن قبل بداية المقابلة الودّيّة في المنزه، بين سلاّل القلوب، ويتكوّن فريقه من لاعب واحد والقلوب ويتكوّن فريقها من حبّات عبّاد الشّمس، تصل ظلالها إلى محطّة ت ج م، ولا تجتاز مياه البُحيرة، لأنّها محروسة بناموس الخريف، منذ سقوط المحور، واِنتصار الحًلفاء نسير في اِتّجاه المحطّة الثّالثة، ولم تُفرق جموعنا سوى رشّاشات الماء تثلج صدورنا بحرارة سلاّل القلوب، نفترق لنلتحم من جديد، ينتشر بعضنا في الأنهج والأزقّة نواصل السير أتفقّد نهديك في كلّ لحظة

        آش قولك نعملوها هنا وسط المتظاهرين؟

        وسلاّل القلوب؟

        يمشي ينـ " " " "

        فيسع السّليب منحّي

لا أحدَ من الزّوافريّة يقطع عنّا هذه الرّكشة، أرى وتريْن عاملاتٍ وعمّالاً يسبقوننا إلى التّعرّي والعناق ولا أحد منّا يعرف الآخر من قبلُ. أنسى في خضمّ الرّكشة الجماعيّة البريْزيْرفتيف وخطر العدْوى ‍‍

        فيروس السّيدا

        سلاّل القلوب

        سلاّل " ز ز

         القلوب

ما خرافة سلاّل القلوب هذا؟ ، وتضعنا الحافلة الخمسون وأنا واحد الآن لا جماعة أركب ورقةً عاديّة أخالها صدرك فلا أخدشها, ولا ألثمها، ألاطفها بأناملي، علّها تُنَرْفِزُني فأتحوّل إلى أخرى لا تشبهك في ردّ الفعل ألتحم مع أندادي.

تغيير رقم الحافلة بهذه الصّفة الغريبة يرتجف له قلبي، وأكاد أن أصدّق خرافة أمّي. سلاّل القلوب أحسّ به الآن ولا أراه، يهدّد قلبي دون توعّدٍ ولا تهديدٍ لا يضبط سلّه إلاّ بعد فوات الأوان. أقرأ لوافت الشّوارع والمغازات علّني أرى بصماته، هو في حركة المرور وأضواء المفترقات، والسّاعة الإلكترونية الضّخمة ندفعها بصدورنا في اِتّجاه الجبل الأحمر لعلّنا نحيد عن المحطّة الثّالثة بسبب تعقّد الإشارات وجسور الأنفاق.

هذا ميّت عادي في جنازة عاديّة. أخرج من قبري لألاحقَ سلاّل القلوب داخل السّور وخارجه، وبـاب سعدون سلاّل قلوبنا شاهد على فقرنا وغناء مولانا بالرّحمة، قلبه يكبر بقلوبنا المسلولة في صدره.

أنا سعدون، صدري مُوشّح بنياشين العسكر، أتوجّس خيفة، من سلاّل القلوب، تقوده المظاهرة في اِتّجاه المحطّة الثّالثة، أرقام المحطّات نفسها تتغيّر في كلّ لحظة، أطوف الآن بأظافري على كامل الجسد، لا أعرف الآن أهو جسدي أم جسدك، أم هو جسد ضابط برتبة نجومٍ، أراها في الهاجرة، ولا أعدّها أنشغل بفوضى المتظاهرين في جنازة صامتةٍ. أفقد توازني الآن، لا أجد بين أظافري حروفاً، تتلوّى على نهود، تتكوّم ولا تحيط بها راحة يدي تموج حافلة الجسد، أغتبط بتلاطم الحُلُمات، تنتشر على شفتيّ فقاقيع أترشّفها بلسانك. كيف نسير متعانقين في جنازة، تنطلق من مقبرة الجلاّز ولا يقطع لذّتنا سلاّل القلوب؟ أسْكت ها هو يسبقنا إلى مُتحف باردو نمشي على سواري الحنايا.

أنتم تخافون منّي وأنا أخاف منكم

ننتخبك بنسبة ( )

إجْماعُكم يُرْهبني، تسلّون قلبي، بأوراقكم الدّاخلة في صندوق صدري، لا تشقّوا قلبي ولا ترفعوا عنّي وزري، دعوني أسلّ قلوبكم الواحد تلو الآخر في المناسبات والأعياد.

أأنت لوسي أم سلاّل قلوب؟

فاتورة المـاء والضّوء والقيمة المضافة، وخلاص الفرجة، والسّكن.

كيف نعرف نحن الخارجين من المقبرة منذ ثوانٍ قوانين العيش مع سلاّل قلوبنا، ولم نتخيّل صورته إلاّ بفضل صدور الإناث السّائرات حولي، أنا العاري إلاّ من هيكل الحِبر أفوز في الانتخابات رغم أنوفكم، يا ذكورًا، ولا أحتاج إلى سواعدكم فأنا امشي في الحافلة الخمسين، أحمل نعشي عن بعد بلمس الحلمات.

أسلّ قلوبكم بأظافري وأحْيِي عظامكم, وأنا رَميمُ حروفٍ، أتكسّر ثانيةً قبل أنْ أشْعُرَ بوهَنِ المحطّة الرّابعة ننْطلق منها قبل الأوان.

أنت الآن هاربٌ من صورة سلاّل القلوب الحقيقيّ، أأنْت خائفٌ منهُ، أمْ خائفٌ من نفسك؟ أتردّدُ في الإجابة، لا أعْرف منْ هو سلاّل القلوب؟ ، ولا أحبّ أنْ أتخلّى عن صُورتهِ، أترشّفُ ريقَهُ بين شَفَتيْك لِيزْدادَ عَطَـشي، ونـُكرِّرَ المغامرةَ حين نقترب من حديقة البلفيدير. عُيون سلاّل القلوب، تشعلُ في النّهار والقابْلة:

        آشْ تَعْملوا غَادِي

        أفّ ز ز

        الدّنيا تْسرْكلتْ

        سلاّل القلوب ضيقٌ في التّنفّس

        أأنْت في حديقةٍ أمْ في هيْكلٍ عَظميٍّ بلا لحْمٍ؟

        أسئلتك يا عشيقتي تسلّ قلوبي

        أ أنت واحدٌ أم جمعٌ؟

أنا واقف في المفترق، بسلّة قلوبٍ، أجمعها الآن في طريقي من الجلاّز إلى حديقة الخِنزير حاشا قبّة الهواء

        أنت حلّوف قاعد تموّه عليّ

        بل أنا قائم أمشي في جنازتي

        هل أنا متأكّدة من أنّي أعانقك الآن؟

        يالك من لغزٍ

        إنّك تسلّ قلبي الآن

        لكن هذا نهد أقيس اِستدارته بقبضة يدي

        بالعكس أنت تسلّين قلبي بحمرة السّاتان الأزرق.

أسْعى مع أندادي الزُّرق إلى مُواجهة سلاّل القلوب، نرُشّ طريقه بالماء الحبّار، أنا لا أُطيق البقاء في حوض صلامْبو، صَدَفتي بيضاء، تنتظر الآن خُدوشي. ألمْ ترَني عشيقتي منذ لحظات هيكلا عظميّا، تُرمّمُه خرافةُ سلاّل القلوب، لا أخشاه. في هذه الهاجرة تحضرني صورتُك تحت شجرة نهداها سفرجلٌ، وأثوب إلى رُشْدي حين أحسّ ببلل الحبر، أبحث عن رفاقي في حافلة الجنازة، والنّعش جحفة، يضمّ عروسين متقابليْن. تسير النّاقة بعجلات مطاطيّة يطير بنا باب عليوة نتسابق إلى سلاّل القلوب نهنّئه بفوزه عليْنا في مُناورة سلّ القلوب، ولا أتعلّق بفواصل النّسب، وألوان الأوراق الخاسرة، المهمّ أنا أُخيّكُم المنيّك، أنيك بسكلات بدبّوسة كوكاكولا تداوي دُبري من عذر الفلفل الحارّ، وتمشي اِتْشيّط لجنة صنع الله بدبّوستها. أنا اليوم في موكب عرسِ الجنازة، أسلّ قلبي وقلوب عشيقاتي، وكلّنا من بُرج العذراء، نركب الحافلة الخمسين، نحتفل بعيد ميلادنا ولا أعرف اليوم, والسّاعة والشّهر أكتفي بعام ثمانية وأربعين هذا قلب عشيقتي إسرائيل أسلّه بيدي اليمنى. وهذا قلب أمّها الكوكا أسلّه من دبري الآن عام 48 عام القلوب والحافلة الخمسون تواصل سيرها العادي نبقى متقابليْن ولا نعطيك بالظّهْر

أربح البسكلات، يركب عليها البدْري ولدي، يحبُلُ في السّتّين بكشاكش الكُوكا، صحّة ليه منظره الآن منظرُ سلاّل القلوب، يربح جولةً على بسكلات الكُوكَا، بأقلّ التّكاليف ولا يشكو لأحدٍ من عُذر الكرسيّ، وعوارض الغاز، وأرى الآن أنْدادي قواريرَ كُوكا، تمشي حول سلاّل القلوب، وأطمع قبل أن يَفتضَّني عُنقُ الدبّوسة في الحصول على بسكلات أخرى، وأخرى. دعْني من فَحْجة الدّرّاجة، أنا اِنحب اِنولّي موتار لا أسلّ قلوب المترجّلين السّائرين في هذه الجنازة الفارحة بخروج سلاّل القلوب من الجلاّز إلى المدينة الخضراء في لون الكُوكَا.

قوارير كوكا، نُناصر المظلومين، نكسّر شوْكتكم، لا تهزّون رؤوسكم نمحق أطفالكم في نهج العراق ونهج بلغراد ويني بلاكتو تنحّت مع تيتو؟ تسيرون في الجنازة قوارير كوكا واللّي تهزّ رأسها منكنّ تأكل على تِِرمتها ما يأكل الخدّام من عرفو في زنقة ماركس قرب نهج لينين، يصغر في عيوننا، أنحن قوارير أم أجساد إناثٍ؟ أم حُلفاء؟ نولد معك في نفس اليوم نحرّر العالم إلاّ من قُيودنا، نذبـح أطفالكم بصواريخكم، تشوى أكبادكم بنفطكم، توائمَ تتزاحم في الحافلة الخمْسين، نكشف عوراتنا، لا يضحك وراءنا الصّبية، لا نرجم شيْطان النِّعمة، نُهنّئ سلاّل القلوب ونحمد ربّ الغارة، أتمدّد به على تذاكر الأنترنات، وتتهاطلُ كِلابُ الحديقة. نسأل ولا نقترب من هضاب بلفيدير. تبدو المحطّة الثّالثة في بداية الرّابعة، أكاد لا أفرّق بين الأرقام على هذه الورقة، ولم أشاركْ في جنازة عُرسٍ إلاّ بُهْتانًا، أضِيق بحُجرتي لأنطق بمُسوّدةٍ في اِتّجاه لُُطَخٍ زرقاءَ، أنْقشعُ بغيْمها. يفزع سلاّل القلوب من صِناعتي، أراه هارباً لا نُلاحقه بالحجارة.

سلاّل القلوب نسوق به سيّارة إسْعافنا، نُداوي به الطّبيب، أنا، لا يُمْكنني أنْ أسيرَ وحدي اِمرأةً بين القوارير. أضَعُ عنقك زُجاجيّا بين فخذيّ

        اِشّهْ أفْ أحْ

        أحِرش رطْب

قْزازة

جُرح

اّفتضّ شظيّتي من الفوْق الفوْق، وتَسِْتهوينا لُعبةُ الاِِفْتضاض. ، نضمُّ الشّظايا بين أفْخاذنا، ننتظر غسْلة الخَمسين، وباب الحْبالة مفتوحٌ. تُدوّي صفّارةُ الفرح بوابلٍ من قنابل الدّموع، نفتح صناديق الإغاثة، نشْكر سلاّل القلوب يُهدينا تذاكرَ للسّفر عبْر الأنْترنات لنُشاهد جُثَثَنا. يَسيلُ لُعابي على هضْبة لساني، ولا أنْتظر لابْنتى سوى الفوْز في مُسابقة الكُوكا بمُوتُوسيكلات، تكسّرلي بيه خليقتي، وأنا اِنْبعْول في مْتاعي، منذُ بداية المُظاهرة برأس دبّوسة مُكسّرٍ، ولا تنطلي حيلتي. تقرأني على عجلٍ، لعلّك تكتشف من خلال اِرتباكي في التّعبير، أنّي أرْتجفُ من سلاّل القلوب، ولا أعْرفُه إلاّ من خُرافة أمّي وأسلوبي في تخويف نفسي منه. أتراه مثلي؟ أشكّ لأنّي لا أعرفك الآن وقد لا نلتقي.

نَتجدّد على صفحةٍ جديدةٍ أخرى، تُشبهك في نحافتها، لكنّي لا أتبيّن ملامحك قبل الأوان.

ُفيق في الدّقيقة العاشرة من سيْري هذا، ثاوياً بين المُحمّلين، وأشيع ظلال السّتّين، أشقّ وسط المدينة، أخْرُج باحثًا عن رُبَى خيالي، أتورّط ُفي طريقٍ ذاتِ اِتّجاهٍ واحدٍ. أقرّرُ العودةَ إلى غَنَجِ عينيْك، لا شيْءَ يبْقى من ذاكرة الشّاطئ غير حاجبيْك في خاطري. تُداهمني سيّارةُ أجْرةٍ، أفْرحُ بالاِصْطدام، ولا أهرُب مع المُشيِّعين، أظلّ ضاحكًا من سلاّل القلوب، وإذا باب الفينْقا في سُوسة خَيالي، تُحاصرُني الأضواءُ ومزاميرُ السيّارات. أتيهُ ولا أربح دينارًا زائدًا. في الهاجرةِ، يَنهرُني سائق الشّاحنة، أُحبّ أنْ أتلهّى بثلاثٍ، يتهاديْن نازلاتٍ مدارجَ، تفرّ من عينيَّ غمامةُ الطّيور، أ سائقُ الشّاحنة سلاّل القلوب أم أنا؟ أرى لحْظتِي تفارقني، لا أتكرّر. أنت في عمر أبي، تسلّ قلبي الدّقيقة الخَمسون. أراك صبيّا، ولا أخُطّ بياضي على ورقتك وأنشر نشيجَ السّاحل في غُرفتي، تَخيطُ كَفَني إبرُ سلاّل القلوب، ولا أحفل بتخويف أمّي. أصارحك الآن أنّي لا أعرف بالضّبط عُنوان المحطّة التي تفصل بين الرّابعة والأولى، أفضّل المَشْي في جنازة عُرْسي ولا تحملني خَشبةُ النّعش.

أغيبُ في حاجبيْك يتكرّر هَوَسي. أعشقك وأعشق أمّك وأضيع على ورقتي. أغـفل عن قانون المرور، والأولويّة لليسار. هذه المدينة تُزْعج سيْري، وحدي أحلم فيها. تسلّ قلبي منبّهات السيّارات أخترق قانون المرور أضحك من سلاّل القلوب، لا يزال واقفًا في مُفترق الطّرق في باب عليْوة بين الجلاّز وباب دزيرة. هُنا أحلم مُرتاحًا، أمرّس حُلمتك اليُسْرى ولا يُهدّدني سلاّل القلوب وتمرّس حُلمتاكِ أصابعي. ولا نـهدأ إلاّ إلى اِنـْسياب الأظافر بين الفِِقَرِ وفوق الكفل.

        من ذا شبح أنثى؟

        لا تُزْعج حلمي بأخرى تُشْبهني

        أهي من سلاّل القلوب؟

المحطّة الثالثة أسيـر إليها، ولا أتقهـقر. أنا في عُنْفُوَاني أخافُ منْ تيهي ثوانيَ، أحسب أنّي مُنِطَلِقٌ من محطّةٍ, وتقفر المدينةُ، ولا أرى سلاّل القلوب، أرى في مصابيح الشّارع أشباحًا. أُغْـمِضً عينيّ لأحدّق في شبح القائم ولا أسأل عن نِِسبة الاِقْتراع، نترافقُ في مَجْرى السّطور تتملّكنا شرْقة الحِبر، ولا نصبغ أظـافرنا بمُونيكير الجنازة. نفرح بزِفاف سلاّل القلوب، نضرب الطّار ولا نذكر اِسْمه، نردّد الكُنْيةَ. أنا سلاّل القلوب وأنتم قلوبكم بارِدةٌ بحرارة الهاجرة، تروْن صُورتي في النّهار ولا ترهبون من أناقتي.

سلاّل القلوب أنيقٌ

أرفع صوتك بصوْتي، لن يسمعنا أحـدٌ في هذا الموكب الصّامت، لا نطوف بكعبة باب دزيرة إلاّ تمْثيلا، أربح جنّةً من أفواه الباعة بِلا مُقابل، ولا أحتاج إلى جواز سفرٍ أعْلق بمخالب الخُطّاف، أزقّ على رأسك سلاّل القلوب، ولا أحلّق. أمْشي مع الجمْع ولا أستر بدني إلاّ بحِبرٍ أزْرَقَ لأنْضَحَ عرَقًا نـشدّ به وعْدنا، ولا نَبصق في وجْه سلاّل القلوب إلاّ للفذْلكة.

من هو سلاّل القلوب؟

ألا نكفّ عن السّؤال

يبدو أنّنا نسير في الاِتّجاه المـُعاكس للحافلة الخمْـسين، لا أحبّ أن أُعـيد مـهْزلَة التثبّت في أرقام الحافلات.

أنحنُ في حافلة رُكّاب أم في مظاهرة اِحْتجاجٍ، ويكبر رقم الحافلة الخمسين أراه الآن في حجم بسكلات الكُوكَاكو، لا نربحه، ويركب البدْري ننتظر الموتو نحمي به عروس سيّدنا سـلاّل قلوبنا، ينفـعنا الله بـعِلمه نهار السّباق، ورجْفة الخوف ممنوعةٌ في مدينة المحطّات الأرْبع.

و أصبغ سلاّل القلوب بحِبر الأنامل، أرى صفيحةَ وجْهه ترتعشُ، ولا ندوب غير فلول الحُروف. لا أتكهّن بما يجول في صدره، أتابع سيْري خلف الجنازة، لا أمامها لا أعرف الآن موقـعي، يبدو أنّي في الوسط. أتجاوز الآن المحطّة الثالثة أبحث الآن عن ثُغائي الأوّل، أصادفُ في حُلمي رجُلا لا أعرفه من قبلُ، يرفع عنّي كَفني، فلا يهرب المشيّعون، أراهم يبتسمون. تتطاير من بين الشّفاه عصافيرُ بلا ألوانٍ أضمّ فـَمي ولا أحْفل بفُرْجة سلاّل القلوب، أفتح سراويلي في حضرته. نحن الأيمّة نبارك الفِعْلة، تُسَلُّ قُلوبُنا بالرّحْمة ولا نرتاح بِرجْمك، نشمّ رَوائحَ النّعال في معمل الكُوكا، نقترب من حرف الرّبح نكسّر بشفاهنا زجاج القارورة، والبَدْري أنا طايب دُبري بالرّكوب على كُرسيّ البِسْكلات، ولا أحرّك ساقيّ، فالمُحرّك يدورُ برِيح التّخْريف وأنضبط بالتّراخي فلا يصعق في وجهي الواقف في مفترق الطّرق وإذا بسلاّل القلوب يفلت من فم أمّي ولا يعود كما أراه الآن في صباي. وأحتفل في هذه الجنازة مع أنْدادي بعِيد سلاّل القلوب ونشرب الكوكا ولا تنتفخ بطوننا بسُموم القايْلة تبرد لِتسْخن بالقلاص في حضرة الموتى وينْ مدفونة عزيزة عثمانة، ونحن نرزَح تحت صخور البناية تشيّح ريقنا. سلاّل القلوب توعّدنا بالزّيادة في الأجور في نهار البطّالة، أنت سيدنا البدري نسترجع بك أنفاسنا، ونحجّم حلوقنا من غُدد اللاّ ونعم، تسبق أصواتنا، وتنبح كلاب الطّاعة كل صباح قبل أن نراك سلاّل قلوبنا تستحم ّفي بيسين عَرَقنا، وأسـَكِّرَ جَلغتي في مقام الغِلمة. أكتفي بشهيق الكَلْبة. أحـيلُ ولا أقْذفُ دمْعي خوْفًا من قايِلْةْ غُدْوة. آهْ كِيفاشْ تأكل دُودتي مُصْرانتها في حَلْقِ سلاّل القلوب؟

وسلاّل القلوب لُوسِي؟

أشْعُر في هذه الورقةِ بِمَلَلِ الكِتابة. أنا الواحدُ المَغْمور، أعرّي تِرْمتي للشُّهْرةِ، ولا أرْبحُ حتّى ضحْكة المُشيّعين. مُفْلسٌ أنا، لا ألْتَقطُ في صباحي غيرَ حبّاتٍ طائشةٍ، وأتحوّل مِنْقارَ عُصْفورٍ.

نَتكَاثرُ، نَصيرُ جمْعًا، نَنْقُرُ حُلُماتٍ، تَنِطُّ من قميصِ المَعْملِ، أزْرَقَ بِالْحَكّ، وسلاّل القلوب كَبْرانْ، عرْفنا، يسْتر عوْراتنا بفلوسو، والألماني قلبو أصفر بين فخذيّ، انْحبْ نْذوقْ بشّالتُو، بالك أنا عرْبيّة كُعلافة، توّا نِغْسلّو بالقْدَي، أشْنوّه فمي باش نرضعلو وماي يخرجنيش سلاّل القلوب مِالخدمة وقتلّي يجيني طريق الشّهر؟ توّا اشْكونُو سلاّل القلوب الألمانيّ ولاّ الكَبْرانْ؟

أقرأ من جديدٍ بلايك الشّوارع والأنهُج والأزقّةِ، ولا أجيب الآن لأنّ لساني مجْبودْ بعزرائيل متاعْنا، ونحن نمشي في اِتّجاه تمثال سلاّل قلوبنا نبنيه برُخامِ أسودَ في لون عَرقي الأبيض.

        أليستْ هذه ورقةٌ؟

        الورقةُ سلاّلُ قلوبٍ

        هذه طلْعهْ قديمَهْ

أكْتب كلماتٍ أنساها في غَدي، لا أصوّب خطئي لا أحتار أواصل السّير مع المشيّعين ولا أركض على أكتافهم في كفني الأخضر أنقر حلمتيك برؤوس حروف لا أشْكلها وأملّ نعشي أبيض بسوادي. أأكتب الآن قصّة اِمتساخي؟ أنا خائف الآن من سلاّل القلوب أفرح به شبحًا في انتظاري.

أحلم ببشاعة وجهه تزيّن فِقر الحروف، لا أفرّط في قامتي ولا أتبرّع إلاّ بكامل أعضائي الآن وقبل أن أدفن بين نهديْك وأخشى أن تراني رأسًا أترامى يمنة ويسرة على لوْح الجنازة أضحك من اِرتجاف الأكتاف، ولا أعوذ بالبسملة من قُطنة الحبر في مجرى دُبُري مكعّل ببعرة مجازي. أصفّر مع المشيّعين، نربح المقابلة بالضّغط على أنفاس الحكَم نباغت الكبران، ننسى سلاّل القلوب، ألم يكن لساني مجبودًا؟ أنا لا أعقل في هذه اللّحظة يداي مشدودتان بقماطة غسّال القلوب، ولا أخدش إلاّ بأظافري أقضم بأسناني لثام الكفن لا أرهب مقامك وأنا حيٌّ فكيف أهابك يوم دفني ورأسي عصبة بهيم ميّت منذ ثوانٍ؟ هل اقتربنا من المحطّة الثالثة أم أنّنا لا نزال في الرّابعة نتأهّب للخروج من الجلاّز ولا أكفّ مع المشيّعين عن التصفير؟

        بيس بيس بيس بيس

        لم أربع مرّات لا ثَلاَثًا

        لا أقسم بالطّلاق ولا أرهب من شهادة اللّوسي

        اللّوسي لا سلاّل القلوب

        ما الفرق بينهما؟

أنظر الآن في معجم حالتي المدنية لا أظفر بتحديد دقيقٍ أرجئ البحث في صياغة التقرير الوقتي إلى المحطّة الثالثة، لا تبعد عن الرّابعة بلحظة مسافةٍ، ولا أحبّ القياس على خُطي الجنازة، أراها لا تزال تسير في الاِتّجاه المعاكس.

أنا طفل أثـغو لا أطلب ثدْي أمّي ولا أخاف من سلاّل القلوب، تظلل صدري سفرْجلتان، أحبّ أن أقطف بلساني يتواصل ثـغائي لا أعرف لماذا؟ وأحبو بين فخذيْك أزمع أني ابنك تقطر على ضوء القمر حبّاتٌ من ريقي تترشّف السرّة هسيس الظّلال ويكفّ صدري عن الاِرتجاف تنِطّ حلمتايَ لا أطرد أشباحي أظلّ عالقًا بمحطّة لا أتوقّف فيها. أأنا في الخامسة أم في الخمسين؟ أأكتب تقريرًا أم أرضع نهدك فالتًا من شفتيّ ولا أقيس مسافة الجولة الصباحيّة على ورقة أسطّر قطرة بيضاء علّها تنبت بنتي على سرّة أمّي فأعشق هذه البنت ورقةً تأخذ منّي لون أصابعي ولا تشي بسرّنا إلى ضابط الحالة المدنيّة، أرى سلاّل القلوب في بطاقة الولادة ولا أتبيّن قسماتِه يسلّ قلبي في كلّ لحظةٍ، ولا أحدَ من المُشيّعين يعرف مكان الدّفن، فلا وجودَ لجثّتي لا في الجلاّز ولا في بطحاء محمد علي ولا في برج الرّومي ولا في كرّاكة حلق الوادي.

أنا وحدي سلاّل قلوبكم أعرف مقبرتكم الجديدة

كلّ من هبّ ودبّ له موقعٌ في الأنترنات إلاّ قلوبكم المسلولة لا موقع لها والبوليس الدّولي يعجز أن يمدّكم بمعلوماتٍ عن قلوبكم، فأنا وحدي أسُلّ سُويْداء القلب أمحوها من صفحة الصّدر ألوي عنكوش كل دجاجةٍ تؤذّن على خلاف دجاج الضّوء في مفارخ شمال إفريقيا ومآذن أهل السنّة.

وعنكوش الدجاجة يولّي لحية واللّحية سلاّل قلوب

سلاّل قلوب يلد سلاّل قلوب

توا أشكون الخواف اللّحية أو البرودكان والبوليس الدولي يعطيه جارنا كلبا يحميه من شرّنا

أ نحن سلاّل قلوب؟

أنا أنت نحن

هم هن هي هو هما أنتما أنتن أفّ من ضمائرنا

أسنان الدكتيلو تسلّ حروفي؛ أبتعد عنها لأرتاح إلى اللّمس أخدش بقلم من قصب آه القلم سلاّل قلوب أضمّه بالسبّابة والإبهام وكيف أُسبِّحُ بإصبع واحدةٍ وأناملي عشرٌ أ أكتب صفحتي القادمة بخطّ اليد؟ أتعوّد على دقّات الحروف تسلّني أناملي وأنا قلبك مسلولٌ بحروفٍ، تبتعد عنّي تجيئني، أرتعد من الاِستنطاق وحروفك تخونك، أصير متّهمًا، أخشى عيون سلاّل القلوب، تؤذّن دجاجتي، لا أذبح الدّجاجة ولا أشوي قلبها ليأكله سلاّل القلوب ومن هو؟

أفتّت حروفي على الورقة ولا أحرث أديـمي بقصبةٍ من حبرٍ، تُشلّ به يدي، تُمسخ الضّمائر أصير شظيّةً، ولا أنزف من جلدتي إلاّ حبرًا فلا أنا على الورقة ولا ضمائر تسترني. هذه الحروف تغدرني برجائي فلا القلم يسلّ قلبي بيدي ولا الأصابع تلامس أسنان الدّكتيلو لتصبغ ورقتي فتصير قلمًا بلا حبرٍ.

أنسى المحطات أغفل عن المشيّعين أنتبه إلى أني ألاحقك من نهج إلى نهج ومن زنقةٍ إلى زنقةٍ، ولا أسألك إلى متى أنتِ هاربة وأنا هاربٌ ممّن؟ ولا يولد سلاّل القلوب إلاّ حين أرضع نهدك ولا أظفر بلبأ أمّي أحلب ورقتي في الدقيقة الخمسين بين المحطّة الرّابعة والمحطة الثالثة متى نصلها في هذا الجمع من العملة؟ أرفع معهم شعار الكوكا باش نربح بسكلات أتحرر بها من كرشي تنتفخ بدخولها إلى ماء البحر زرقاء أغطيها بجلد الخنزير.

أبيع سُرتي لبنات التوريست ويتحول المشيعون حسناواتٍ عاريـاتٍ، فلا أعوذ بـسلال القلوب من هواجسي أترشّف لـون البــشرة أترسـب في دلـتا اِلـتحاسي.

أفضل الآن دقّات الأنامل على جرّة القلم، علّني أظلّ عالقا بفالاز النّهد، ولا أخطف منك سوى نزيف شهقةٍ أكتبها على ورقةٍ ولا تسلّ قلبي مخالب سلاّل القلوب

وطَلْعةُ أمّي طلْعةٌ

هذه بزّولة بلا حلمة

أخط عنوانك بخط اليد أغيّر العادة أخطئ أحنّ إلى شهوة الخدش لا أصْلح الخطأ تُنسيني دقاتُ أناملي همْس القلم أغفل عن سلال القلوب يصير بجرة قلمي مسلولاً وتبقى القلوب مضافة إلى اِنحراف اليد، أشتهي دقات الحروف أضرب بها صدر الورقة ولا يظفر سلال القلوب ببصمة خطّي، نواصل السّير بالمقلوب أهذه حلماتٌ؟ اكتب على صدرك بقلمي أحسّ أنّك بعيدةٌ عنّي قريبةٌ أخرجك الآن من مِشنقة الدّكتيلو تشنقني وتحرّرني، لن أتمدّد أمامك أستفزّك بلُعابي أسود أكتبُه على كامل جسدك، قلمي لساني لا أنطق به الآن نملّك أتعرّى به ولن تقهرني يدك فلا خطّك يجمّد مائي ولا أحب أن تسحرني فتسلّ قلوبنا بخط التعزيم.

والعزام سلال قلوب موش هكة

ما هذا؟ أحرز جدّي أظفر في السّانية؟ أسل قلوبكن بالخطّ الأصفر وسلال القلوب أنا أرسم نهودكنّ حمراءَ في لون العِنب الأزرق، أرتاح إلى هذا النّبش الجماعي عن بعدٍ، نهرب في هذه الجنازة الباسمة من يدك اليمنى وتعطل يُسراي في قرن الثور وتُجنّ البقرة تبوّم تنطح بسطحة عصّها، مستشفى عمك تيتو أبحث بذكائي عن قنبلةٍ، أتفرقع قبل أن أفرقع بعبوصه وتيتو شجاع ندمر قبره بأثدائنا ولمّا نخرجْ من محطة باب عليْوة أنت تضاجعنا منذ بداية الرّحلة ننتظر منك بنتا لا تشبهنا ولا تشبهك ولا تولد في المستشفى العسكريّ ويشتدّ لهاثُ الزّبابر من شدّة البرد في شارع سلال القلوب آه لو كنّا نعرفه

أقرننا هذا قرن ثورٍ أم بقرةٍ؟

وأُصاب بجُنون العقل فأهرب إلى الكُورِي علّني أظفر من داء يشفيني من السّير وسط الجنازة ألفّ ورقتي أتفتّت بين أناملي وهل أتخلّص من حرز جدّي؟

أنتظر بداية القرن أصبّ أملاح الكوكا في قهوتي ولا أرتشف إلاّ من دبُري قطراتِ الدّم أنا حائض ووأنت في سنّ اليأس أنتظر طريق القرن الجديد ولم أعد أسمع بخصْي العجول بعد موت ثيران الحومة وشراء التّركتور الأخضر بكريدي سلال القلوب

وينو الكمبيال والشّيك سون بروفيزيون

والقلايبي يشهّي بناتنا بالتقشير في الميترو لا هذه سكة قطار الغرب أتثبّت والغربي بيدو لاصق في ترمة عمك جون دير يسمْسر بالحروز في شارع قرطاج يبدو أنّه قريب من باب الجلاز بلّع راك في نهار جنازتك معرّس على عجوزٍ في عمرك وأنت صغير على صدري ورقة.

ولا أعرف من يأمرني بالسّكوت أنطلق في زورق من عيدان اللّحم أنفش رياشي بمنقاري ولا تتعرّى زمنكة سلال القلوب أهذي بلا ما يرضيك في هذه الجولة الصباحية لا تدوم أكثر من ساعة إلاّ عشر دقائق وزورقي أطير به أسلّ قلوب المشيّعين أخطف من كهف السيّدة النّوبيّة عُواء الرّادار ألسنا في هذه الغرفة لا يرانا أحد؟ ولا أسأل في حضرة الورق تتألّم باللّذة ولا أفرّط في ضرب ما بين فخذيْها ينفرجان لي فإذا أنت بشرتي من حلفاء العظام أقترب منك الآن ولا أمسك بالقلم أكلّ هذا يحدث في جنازة تنطلق من باب المقبرة في الصباح الباكر؟ أجسّ راحة الورقة تعضّني أضراس حروفٍ تنبت بالتقطع أأنت شفّة عجوز أم أنت أناملي؟ نسير مترافقيْن ولا نفكّر في موعد الوصول إلى المحطّة الثالثة لا أبحث معك عن وقتي الضائع نضيع الآن في مفترق الطرق وذاك الواقف ألا تخشاه؟ ولا أخشى رحيلك عنّي فأنا ورقتك أسلّ قلبك الآن ولا أتكلّم تكتبني بحبرك أتزيّن بغنجك ليلة دفنك بين فخذيّ ولا يفزعني شبح النهار فأنا لا أحلم الآن أنا الآن أكتب ورقة أضمّك بلساني إلى خصرك أمزّق الكفن أصير سوداءَ بحيضك الأبيض لا أبحث عن لفائف التطهّر ولا أتهيّأ لصلاةٍ.

وأنا منجوسة مثلك لا أركع إلاّ لأترشّف حبرك أسبح به من فوق السّرة وسلال القلوب يرانا بالرّادار، فلمَ لا يحمي الكاميرا من عصافير تزقّ على صفيحة وجهه من أعالي الشّرفات ولتجْعَلَنَّ لَكُنَّ في كل شقّة من عمارة سلال قلوبٍ ولا يهدأ خاطري أنظم حروفي ولا أسبق المشيّعين، فلا أنا قريبٌ من ربّي لأنّي ميّتٌ قبلهم ولا أنا رفيقُ عزرائيل لأنّي ورقةٌ تطير وتسقط على الأرض لا تغطيني إلاّ كثبان الرّمال تغذّيني بملح البحر ولا أصعد إلى السماء فجبرائيل أنا أتبخّر في السماء بضباب القبلي لأذوب مطرًا أروي عظامي وأنبت عشبًا في حديقة أتستّر من شمس الجلاّز بنصب الشّهداء ولا تتحرك الجنازة إلاّ بمقدارٍ، وقطار السيّدة إكسبراس ببركة سيدي بلحسن حامي الخضراء من قراصنة الكبّاريّة وسيدي علي الرّايس شامخ يطلّ علينا في جُبته العسكريّة نبايعه يسلّ قلوبنا نرضاه يكسّرنا الوَحْدةَ بعد الوَحْدةِ.     

أقشّر القلوب أشتهي التّوقّف في المحطة الرّابعة أدور بلساني حول نقطة على نهدك أدور بالمقلوب في اِتّجاه المحطّة الثالثة أجرّ لُعابي أسوَدَ على خطوطٍ من ورقٍ، لا أحبّ أن أقرأها الآن مُغمض العينيْن، أتجاهل المحطّة القادمة، أرضع عبّاد الشّمس ولا أشبع من التقشير تضيق بجثماني بطحاء باب عليْوة ألم تتحرّك الجنازة منذ لحظة لا أحسبها بحساب الساعة الإلكترونية؟ أأتقدّم أنا أم أتأخر؟ أتغطى بقشوري أصنع منها كفني وأظلّ أمشي فلا أتكهّن بالمحطّة الثالثة ولا أقرأ لافتتها عن بعدٍ ولا أغفل عنك أضمّك ورقة تطير بي وأطير بك نصير عصافير شارع نفيض سوادنا لنفقس في الأرض أسْكت.

عنق الكوكا في عُصّي والرّابحة بسكلات تنيكني خير مايْ فحج عليّ كُعلاف لا تذقه إلاّ بلسانك ما هو؟

و أسألك فلا تجيبين لأنّك ورقةٌ تنتظر منّي في كلّ رهزة قلبا ولا أبزّع إلاّ في الحاشية فلا أنا حبلى ولا أنت فحلٌ كيف أعرف وأنا أكتب على صدرك حوارًا موهومًا؟ أكتب لأهرب من بهجة الجنازة وإذا كتابتي منامة عتارسْ فلا هي تنحت فمي على حلمتك ولا هي تحمي قلوبنا من سلال القلوب تنتشر خوفًا منه في الشارع الطّويل العريض ولا أحد من المؤمنين يكرّم الجثث بالدّفن لذا يتواصل موكب الجنازة في دورانه حول تمثال سلال القلوب أكثر من خمسين ألفَ سنة ولا أحد من المشيعين يشتكي من خطر الكوليرا ورائحتها الفوّاحة نتجدّد بها.

تبدو أنّك تُفذلك، ألم يكن عرس الجنازة لعبة عجز، ورقة، تُسميها رواية كذبا وبُهتانا؟

لاَ. . فتاتي الضّائعة على صدري عرس الجنازة عرسُنا الآن هو واقع لا رواية وليست هذه القشور قشور خرافة هي قشور بلا لوْنٍ

أخالف جدّي وأبي فلا أشكو ولا أخرّف لتَحنُو أمي على رفاتي، أتركه وسط الجنازة ألتحق برفيقاتي أعلق بصدورهن أنبت في أجفانهن أهدابًا من حبر النّزف، نتكلّم الآن ولا نسمع أصواتنا، ولا نغفل عن هسيس البحر كيف أسمعه، وأنا أسير أبْكمَ أطرش في جنازة موهومة، ولست أطرش، أسمع إذن دقّات تنثرها أصابعي على شفاه الكلافياي أ أنت تكتب الآن أم تسلّ قلوب الحروف، وتطول فترة الجنازة أكثر من المعقول ونظلّ ندور بجثّتي حول تمثال سلاّل القلوب، كيف تصير طاهرة والمشيّعون أتقيّأ معهم من رائحتي وهل يشمّ ميّت بصّته لا أغلق القوس رأسي يزلق بين فخذيك وترتطم ضفّتان بعسل الشَّعر ولا أفقأ فقاقيع الحبر بأسنان الدكتيلو تعضّ ولا تجرح أناملي ترتفع جثّتي برأسي أسرح بزغب ذقني أتوقّف فوق الرّكبتين تفجعني سيّارة إسعاف تعوق في اتّجاه المستشفى العسكري.

سلال القلوب يردّ لنا قلوبنا في بيت الإنعاش، أ أنا في بيت التّوليد، علّني أقترب من المحطّة الثالثة

أهي بداية الورطة لا أعرف الآن كيف أنهي هذا الفصل الأوّل من رواية كاذبة ألم أقل ولا تسمعني إلاّ على لسانك بأنّي، لا أكتب الآن، لا رواية ولا خرافة سلال القلوب أرى في وجهه وجه أمّي، لا أتبيّن ملامحه من بين الوجوه، الكثيرة، تمتطي مع جُُثّتي الحافلة الخمسين أصنعها من لطخ الحبر، ولا أرسم صورة تذكاريّة، فأنا لست الجنديّ المجهول، ولن تصلّي النّساء عليّ في هذا المحفل صلوات الغائب.

أولد في هذه المحطّة بمشيئة أمّي وأبي، كيف أخرج من ورطة الولادة أهمّ بتمزيق قماطتي بيضاء أخِيطها كلّ صباح بخيوط من حبر أترشّف قهوة النّسيم أميس في غطاء النعش جسدا بين دفتي ورق وأذهل في بطء من سرعة الرحيل وأنا الجاثم أوقّع على وتر الحروف أبالغ في المجاز ولا أربح من جلستنا سوى هشيم العضّ ولا أسنان لي.

أنتظر في وهج الهاجرة وهل ينطلق موكب الجنازة في اتجاه المحطة الثالثة وأرى الإناث يتعرين دفعة واحدة أغمض عيني لشهقة الملح تنبت في مفترق الطرق شجرة من لحم ودم تنط عالقة بأغصانها نهود الصبايا أقع في ورطة الاندهاش هل أصف لكم ما أرى وهل أدقّق النظر فعل أنا أكتب الآن أم أنا ميّت أستلقي على ظهري لا على بطني والظهر ورطتي الجديدة أ أتقلّب على جنبي ولا أيمن لي ولا أيسر أبصر فتاتي في المفترق تسل قلبي ولا يبقى ذكرٌ واحدٌ في الجنازة غيري، أمتسخ بكفري، قصبة حبري تخطّ على دفّتي كلامًا لا أفهمه. أستنجد بسلال القلوب أجد في مكانه شبح اِمرأةٍ تُلاحقني لتهرب من لمْس حلمتيْها بأناملي وأتجرّع ريق اِحتضاري قبل الدفن بدقائقَ معدوداتٍ بحساب النّهود لا فِقر الظهر، ولا أخرج من ورطة الجنازة إلاّ لأدخل في ورطة العرس والموكب هُوَ هُوَ.

ومع ذلك أحبّ الورطة أعيشها يوم جنازتي مشيًا على الأقدام لا محمولاً على نعش الجحفة، أنسى المحطّة الرّابعة، لا أتكهّن الآن بلواقت الثالثة، أنتظر صباح الغد علّني أتورّط ورطةً غريبةَ، لا أبحث لها عن تفسير فأنا لم تعد تخوّفني أمّي بسلاّل القلال بعد أن صيّر ليْلَنَا هاجرةً بنْعمة التنوير وقِصاع البارابول، ترجْرج للنّظّارة بكرارز البقرة مهبولة بخصيتيْ الثّور أسود يبارك في بُوه الدّنفير أرى شعرته مصبوغةً في قصعة الدّوّارة تعوم في دخلة الأرض.

أنا واحدٌ منكنّ لا أرضـع نهـودكنّ لأشبعَ بوهم الاستدارة، أحسّ بشفاهكنّ، والمَصـّة الجماعية أنثى من ورقي تحمرّ وتخضرّ بسوادٍ، أحكمكم بصبْغة رأسي، أنسى عام ثمانية وأربعين، اسمي ازرايلا أنكح لقيطي أطلّق زوجي في المحطّة الرّابعة وأتزوّج ابنته يوم الاِنتخاب بنسبة خمسين فاصل أبسينول يالك من فاجرة أنا علياء أقسم بشَعْرة جدّي شويرّب سوداء أن أحكمكم بالإجماع والأبسينول محتقرٌ كهؤلاء المشيّعين يحومون حول كعبة سلال القلوب والمحطّة هِيَ هيَ، أغفل عن القِبلة أصلّي لْظَّهرة ورطة الرّكوع والاتجاه وأمور لا تدخل الآن في الحسبان ألتذّ بهذه الوَسْوسَة قبل أن أتطهّر بثلاث ركعاتٍ يؤديها إمام الخمس لصالحي أخذا بخاطر المشيّعين وما رضاء فاطمة وعلي إلاّ برضاء سلال القلوب ونسيان كرْبلاء وطاح الكافْ على ظلّو، وفكْ علينا نذبح كبش العيد ويأكل الحسين في قبره عظام الحاكم بالدّويْدة وكُسكسي الحلوى مازال يطيب على خاطر لحم ثورنا شارف موش كيف لحم العِصْيان، واليومَ عرْسك يا إزرايلاّ، حُلوةٌ أنت في فمي بزبيب صدرك، مرّ بأسناني طايحة وأنا اترنْقوش في عُنفوان شبابي، أعيش معاك طول العمر نتغازل أنا حيٌّ، ورجالك يموتون لتعيشي أنت بايْلة عليّ في عرس جنازتي هذا.

إزرايلاّ أعشقك من عيني، وأكرهك من خشْمي، وهل أنسى حكاية أستاذ التاريخ؟ ، رائحتك طيّبة أو منتنة، أنت ككلّ الإناث أسير بينكنّ أكثر من اللاّزم، أقع الآن في ورطةٍ كيف أدفن بعد فوات ما لا يقلّ عن خمسين يومًا؟ أيغفل عنّي منظّف البلديّة كامل هذه المدّة؟ أجفّ ولا تزفر منّي رائحةٌٌ، ألتفت أنا إزرايلاّ إلى رفيقاتي في درْب الجحفة فلا تبتسم لي واحدة منهنّ. أبحث عن بنتي الرّابعة لا الثالثة، ورطة التّرتيب كيف أخرج من ركام النّهود والنّساء يقهقهن حول جثماني؟ أأطلب المغفرة من سلال القلوب علّني أهدأ في نعشي لترتاح أمّي من ثغائي أثناء الحلم؟ ويلهو أبي مع خِلاّن السّهر لعلّه يجدّ آخر السّهرة ليسلّني من أحضان الصّبايا وينشغل بدقّات قلبي علّني أمتسخ قبل لحظاتٍ من الدّفن وتنعكس صورة قلبي أثناء الاستنطاق فأرى شبح طفلةٍ لا أتبيّن ملامحها، أهمّ بمُضاجعتها أنسى ترهيب أمّي تسبقني الطّفلة إلى النّسيان ولا ترى إلاّ شفّتي أغسل حُلمتيها برُضابي وتتفتح الطّفلة طفلةً بعد طفلةٍ فلا يكبّر المشيّعون في هذه اللّحظة ولا يُطاردون شيطان الجنازة بمعاول القبر، أصير حفّّار قبري، ولا فأس لي غير ريشة بيضاء تطير من دبُري أثناء الزّحام في باب عليْوة يتلقّفها سلال القلوب تخطّ على أنفه زهرةً بلا رائحةٍ ولالونٍ.

نهار ولادتك ورطة ونهار موتك ورطة وأنت واحدٌ، لا نميّز نحن المشيعين بين ملامحك وملامحنا، جسدك جسدنا وجنازتك جنازتنا وعُرسي عُرسكُم.

كِيفْ كِيفْ

أهذه ورطةٌ جديدة نقع فيها بسبب هذا الموكب الغريب؟

 

المحطّة الثالثة

الرّيشة سوداء بحبر الكذب، أصبغ ورقتي من اليسار إلى اليمين أقع في ورطة البول على خطْو الجَمل، تركب حدبتي سائحتان تتشابك سيقانهما، أشهق لارتجاج السّنام وأتوحْوحُ، لا أفرّق بين فخذي إزرايلا وفخذي، أهرب من قَطْريْ لأقع تحت مـيزاب محطّة ثالثةٍ، ونحن على ظـهر الجحفة كم عددنا؟ نعشٌ وعروس وقلبٌ يُسلُّ، ولا يتحّرك موكب الجنازة إلاّ بمقدار هذه جثّتي نكرّمها بالتّواني، ولا ندفنها ولا نحرقها، نعلق بها ونرتمي في البحر نتلاشى بالسّباحة الجماعية، نجتاز السّواحل لا نبحث عن جزر الهند، نتكوّر بالملح نطفو بعد دقائق في سواحل فلوريدا صفحات بلا حروف ولا تنحرف سطورنا ارتعاشا من عيون سلال القلوب أ حتى هنا نشمّ رائحة أمّي أهذه قشور خرافة لم أسمعها من أمّي، وهل يخطر ببالي أن أخيفك يا بنيّ، وأنت خارج من رحمي يوم دفنك، يطول أكثر من اللاّزم أحبّ يا أمّي هذا الشذوذ فلو لم أكن أبنك ولو لم أكن شاذّا عن أندادي وجدّي لما رأيتني على هذه الهيئة في المحيط الهادي أبحث ولا أبحث هنا عن أبي لأنّي أعرف أنّك لزبيان فأبي أنثى مثلك تتضاجعان لأكبر بسبارم ارتشافي أرتاح من فحولة أبي براهزتين تتحالفان على إذابة سنامي ما أحلى لحم القعدان وسوق الجمال صالح للتّوريست خوّفيني بسلال قلوبك ألتذّ

في أي محطّة نحن ألم تقل في نهاية الثالثة بل في نهاية الرابعة لخبطة البداية والنهاية كيف تتجمّع أوراقنا في مرفإ فلوريدا أنت تكارّي أكثر هبلة من الدّوعاجي كيف تجعلني أرى بطحاء باب عليوة مرفأ فلوريدا وهذه أشلاء ليست أوراق سفائن أنتظر التجديف بها في المحيط الأطلسيّ ولا أملك من خرائط القارات سوى خارطة الإدريـسيّ أضحك من خيالي، أنا سجين نعشي دفتان ولحائف سوداء بسبارم الريشة وأطمع من جنازتي ببسكلات الكوكا أرتاح لطمعي ولا أهدأ في هذا الكفن لا أربح أجر الصامتين من حولي ولا ألعن وقاحتي وسلال القلوب، أراه ولا أراه، تدسّ أمّي بين نهديّ حرز العزّام المغربيّ، أ أفتحه في هذه المحطّة، أجدّف بيدٍ وأجسّ بأخرى، أنياب الحَسن خُويا أنا الحُسين شهيد بير السّواني ولا تبعد كربلاء عن الأقواز إلاّ بخمسين قدما بحساب الثّواني، لا أفـهم الآن، أ أنا طليق أم سجيـن ورطة الاستفهام، وتظلّ الجنازة تدور حول النّصب التذكاري، فلا اسم لشهيد يعلق بذاكرتي ولست الحلاّج يا عشيقة الحسن أنا الحسين أربح التّسمية ولا أتخلّص من رجفة سلاّل القلوب، أرضعها من أثداء أمّي كلّ صباح، وأنتنّ عشيقاتي، لا لبن في نهودكنّ، ومع ذلك أترشّف ولا أنوي الخلاص من عقدة الحرمان، أ نسمة فلوريدا قهوة أجدّف في هذا المحيط أبحث عن أسماك بير السّواني في محطّة الدّلفين أنسل زعانف لا عهد للمصطافين في فلوريدا بها، ولا أغفل عن إيزريلا حبيبة العمر أنتظر لحظة يظفر بها خطيبها الجديد علّه يغازلني أنا كعلافة البصرة وبعيري نعش من رخويات الحوت أف أنا محصورة في مضيق يربط فلوريدا وصلامبو بالخزّ، أحمر بعيون سلاّل القلوب.

والخزّ أخضر في العادة، آش جاب هذا لهذا وأقسم ألاّ أطيل الدّوران حول تمثال لا أراه في هذه المحطّة الثالثة، وهل أفعل أؤجل التنفيذ، فأنا لست على عجلٍ رغم الشّذوذ عن قاعدة التعجيل بدفن الميّت إكراما له، لكن أنا لست ميّتا وهذه جثّتي تتحرّك بين دفّتي النّعش ولا أحد من المشيّعين ينتبه إلى الحركات الغريبة، علّهم مشغولون الآن بكرسيّ بسكلات الكوكا مربوحة تُفتضّ نيابة عنهم بكارة العذراء جدّتي لا أذكر لونها في هذه المرّة بالذّات، لا لضعف في البصر وإنّما رغبة منّي في الكفّ عن الوشاية بالألوان.

في أيّة محطّة أما يسمّونها الرابعة بل الثالثة ألم تكتب على صدري لحظة التجديف إنّي محطّتك الأولى وتنقلب محطّة هذه الورقة صدر امرأة أنا سلاّل القلوب أبحث عن قلبي في شاشة الأنترنات نربح الآن زوارق من ورق الكوكا أخلط في الحساب ولا أفاضل بكن بين المحطات وأتورّط بالتجديف الصباحي لا أجد الآن ما أكتب لا أعترف بعجز أناملي تسبقني إلى حروف ولا صدر لك أنت ورقة تثقب جبهتي بمنافذ الشّمس ولا أمسح عرق الحبر أسترجع الآن أنفاسي أمرح على سطح الورقة ولا شفاء لي غير زينة الأظافر شهيّة قهوتي أترشّفها ولا تكف أناملي عن التجديف بعيدان من الشعر على تموّجات البشرة

        أأنت أمّي؟

        ولمَ السّؤال؟

        أأنا أمامك؟

أخلط الآن لا أميّز بين الملامح أخفي عجزي بنعش الحروف قلبي مسلول الآن لا أكرّر ورطة الطلوع فوق الورقة نجلس متقابلين لكنك لا تبدين تقبلين نقرات الحرف دون أن تردي فعلا

تراني مستلقية الآن بعد النقر لأغتسل أكتشف أمامك ولا أستاك إلاّ بحبر نقرك نجدد التجديف في المحطّة الثالثة والموكب لا يكاد يبرح المحطة الرابعة في هاجرة الجلاّز

لا أكاد أن أرفع عصابة الكفن عن جبهتي حتّى أرى لهَثات المُشيّعات هذه تلثم عاريةً نهد أخرى، أنضمّ إلى اللّثم ولا أكتفي بالنّظر من فِجاج النّعش، ها أنا الآن على ملامس الحُلمات وبين شفتيْ فُتاتٍ حامضيّ آش خصْ لو جئت من قماش الكفن وملح اللّبن، تنزّ فقاقيع لتجفّ بلعاب ألسنةٍ ثلاثةٍ، أدفع محملي أش خصْ لو جئت محمولاً بالمقلوب بين أفخاذ الرّاقصات أسلّ قلوب لوزٍ أقشّره أنا وأنت بذبابة لسانيْن أنتشي في هذه الجنازة أتمنّى أن تطول ولا تصل إلى المحطة الصّفر.

دعنا من شبح التّرقيم فنحن لا نزال في الثالثة نتعرّى ولا ينتظر أحدنا من الآخر أن يجرّده من كفن العُرس، نحن هنا لا نخشى سلال القلوب ولا نرهب من عيونه أتثقب لحود السّحاب فوق هذا النّعش وأنا السّائرة في عرس جنازتي خضراء بابتهالات الرّاهزات؟ لا نشبع إلاّ حين نطلّق أبانا سلال القلوب ولا نقسم بالثّلاث ويختلط بنا المصلّون بين الكنيسة وجامع الزّيتونة لا نتوقّف أمام شِعار العرش في بياسة بحر إلاّ لتحيّة درابو ديانا وأحبّ أن أُدفن إلى جوارها في مقبرة المسلمين.

أركب صهوة حصان لا أتبيّن ملامحه من شدّة الرّهز وأتورّط من فرط التلوّن في مضيق يبتلّ به لساني ولا لُعاب يخرج من بين شفتيّ.

يشتدّ الرّهز ولا رَحمان فالأفواه مشغولةٌ باللّحس فلستُ عزْباءَ، فأنا الآن في عُرس جنازتي ولا أنتظر موعد الدّفن، يُمْهلني سلال القلوب، ويتوقّّف حفّار القبور فلا فضاء يصلح للدّفن، أنا أحبّ التمثيل بجثّتي مكسوّةً بعراء المشيّعات.

أبحث الآن عن موقعي على شاشة الأنترنات ليحاسبني عزرائيلُ على الهواء ويتخلّى حفّار القبور عن فأسه، تهرب به طائراتُ الحلف الأطلسي ملاّ راحة من فأسك يا جدّي أظلّ أرى الجثّة وهل تصدّق كذبتي؟

هل يُجيب جدّي المدفون على مقرُبةٍ من هُنا في ممرّ السرّاجين منذ عهد القائم، ينصره الله على أهل الحومة العربي بالبُرتابل وكلاب نِسْنس تشمّ رائحة جثّتي هذي مغلّفة عن بعد؟ أعرف آنذاك أنّي مُومسُ أراود في الشوارع ولا أدخل نهج سيدي عبد الله قشّ يحمي القِحاب بالقانون العالميّ الجديد من عدوى السّيدا، وأمراض المادّة الشّخماء ألبس في عيون سلال القلوب جبة خضراء؟ وأسير في جنازتي، وكأنّه لا يراني وهل أصير زوجته بعد أن يطلّق زوجته الـسابعة؟ وبْنة الأرقام والتّواريخ تنيكلي مُخّي كيف أنساها ولمّا نفارق المحطّة الرابعة إلاّ منذ نزوات العاشوراء والتاسوعاء وثلاثية التكبير يوم أموت تمويها ولا ألتحق بجوار أحدٍ؟ وكيف يُغفر لي وأنا لا أزال حيّا وإن كنت أسير في موكب جنازتي؟ أطلب من الآن أن يعدّل النّعيّ خبرَه بما يناسبُ الـحقّ الكاذب، فالمغفور له لا يرحمه الله ولا يغفر ذنوبه، لأنّه أيْ أنا كذّاب أدّعي الموت وأنا حيّ، أعيدها على المؤذّن والمُشيّعين وسلال القلوب لكن أنا بين النّساء هل أبدو ذكرًا؟

أمدّ يدي اليُسرى لأتحقّق من جِنسي فلا أقدر لأنّ يديّ مشدودتان بقماطة أمّي. ألا يكفيها كفن القلوب والهاجرة صقيعها يؤخّر موعد الدّفن بآلاف القرون فيعدل الموكب عن الدّفن بصفةٍ نهائيّة بفضل تطوّر الأبحاث البيولوجيّة والحفاظ على خلايا الجلد والعظام؟

أحاول مع الجماعة السّير في اِتّجاه الثالثة. أفلت من بين المشيّعين أنظر من خلال المِرآة العاكسة علّني أرى جثّتي تخترق الشّارع في بطحاء الجلاّز دون أن تصطدم بسيّارةٍ أو شاحنةٍ، أمشي بين الرّصيف وسكّة الميترو، أغرق بنظري ولا شئ غير لافتة الكباريْ وأتخيّل نساءَ عارياتٍ، تفْجأُنى حركةٌ من فتاةٍ لم أكن أنتظر حضورها في ذلك الوقت ولم تكن هي تنتظر حسب ما تقول هذه الفرصة ولعلّني أفهم من كلامها أنّها تلقاني بعد يأسٍ من العثور عليّ، نظلّ واقفيْن لا نخشى قدوم الميتْرو ونلحّ على التّناجي، فإذا هي تذكرّني بعداواتنا القديمة وأنا أشدّها إلى لحظتي الحاضرة أنسى أنّي أكره عينيْها وتكشيرة أنيابها أفكّر في التّخلّي عنها والعودة إلى جنازتي، أقول أجرّب الآن مع عدوّتي أنطلق معها إلى المحطّة الثالثة أخرج عن الطريق الرئيسيّ أضيع بين الأزقّة والأنهج في الحيّ الدّيبلوماسيّ نتوجّه إلى الجنوب نتورّط في زنقة الميترو نشرّق نغرّب نشرّق نلمح لافتة المرسى. أبتهج بحزن التورّط مع فتاة أكرهها ونُطلّ على البحر وقد رسمت على فخذها الأيسر أربعة وعشرين حرْفًا. نتوقّف حذو الشاطئ تكتفي بالنّظر إلى البحر لا تحبّ الغوص أفّ ما أثقل هذا المساء، أغيّر المكان أسيرُ في اتّجاه أميلكار، أصعد قبلها الهضاب تتبعني تقول أنّها تكره الغابة ولا تحبّ التوغّل في أدغالها أحاول دون إكراهها تقترب منّي لتبتعد هي تصرّح بأنّها لا تحبّ البحْر ولا الغابة. أبحث عنك فتاة محطّتي الرّابعة تمدّين حلمتيْك تتمطّى شرايين صدري فتطول مسافةٌ لا تقلّ عن خمس وعشرين سنةً من شِعب أميلكار هذا، يمنع زوّار الشاطئ من ولوجه أفّ من هذه الصّفحة أ أمزّقها أم أبقيها؟ أأحرقها؟ أكتفي بالكتابة على أناملك وفخذيْك أملّ من ذكورتك أ أنت أنثى أم ذكر ألا تكفّ يدك اليمنى عن إزعاجي يا لخيبة المسعى، لا أحبّ أن أجرح عِرق الغريزة أنت أنثى لا أنا ذكر أهِمك بعشقٍ إرضاءً لرغبتي، أعرّج على المرسى ورطة الممرّات الضيّقة ألحّ في البقاء مطلّيْن على السّاحل الشرقي تلحّين في العودة إلى مكان الاْنطلاق يخيب أملي في الوصول إلى المحطّة الثالثة أظلّ متسلّقًا نهود المشيّعات من أندادي في المحطّة الرّابعة. أرى سلاّل القلوب يضحك قرب محطّات باب الفلّة من فتاة المحطّة الثالثة تتحرّش بي تحشي فيه لي بالتّوالي ترى ماذا يوجد بين فخذيها؟ أندم لأنّني لم أتثبّت من ذلك في محطّة المرسى حين حلّت ساقيها ولم أضربه فيها.

ريت كيفاش أنا ميبون وهي راجل شادّة صحيح في العداوة والغلطة منّي ولاّ كيفاش اِنسلّم في فتاة جنازتي؟ أخطانا من سينارو المحطّة آش قولك في المحطّة الثانية؟ أراك مُتعلّقًا بصدري أنا أنثاك في المحطّة الرّابعة تسير بالمقلوب نحو المحطّة الثالثة والثانية

أحسّ أنّ فتاة الورطة الثالثة لا تفهمني في أمور الجنس والبحر والغابة لكنّها قد تفهمك في أمور أخرى وهي واحدة والمحطّة الثالثة تتوقّف فيها جحفة جنازةٍ، فيها فتياتٌ متنوّعاتٌ حلمات نهودهنّ من حبّات مختلفة الأحجام والرؤوس أجرّب مع أخرى وأخرى حين تنام عيون سلاّل القلوب وأُفيق ذات صباحٍ صيفيّ ولا أجد سوى ورقةٍ بيضاء أمامي وأنامل لا تلتذّ بوقعها على ما أذكر خنثاءُ تتدرّب كلّ مساءٍ في قاعة الكَاراطيْ قرب أميلكار، الآن أعرف لذّة ريقك أيا فتاة المحطّة الرّابعة.

في المحطّة الثالثة أغفل عن خطر المجازفة أدرك من لمس يديك أنّك تختبرين فُُحولتي أشرع في مغازلة حفيدتي لنسيانك وفي المحطّة الثالثة ساعة ميكانيكيّة أقيس دقّّاتها بدقّّات القلوب وتتناثر القشور حكاية، أشمّها على صدر أنثى لا تملّ من ملاطفة أناملي أحْ، هذا كرسيّ البِسكلات أحرش بين فخذيّ ودبّوسة الكُوكا ملساءُ لسانك أرطب ولساني أحرش، وأنت سلاّل القلوب تسمّيك أمّي ولا تعرفك.

يا رحْمانة اِرحمي أنثى مثلك مسبولةً الآن على نعش الجحفة تتبرّج بالتقوى وتكثر البسكليتات في محطّة الجلاّز، ولا أحد من المشيّعين يفضح الجثّة. . . أناس من مختلف الأعمار يسيرون في جنازة مقلوبةٍ. لست متعوّدةً على هذا الشّذوذ ومع ذلك أحبّه آه كم أرغب في أن يصلبني المشيّعون فيتعرّى فخذاي وتبدو لطخة سوداء لا أعتقد أنّها أكَمةٌ من شَعَرٍ، لا أقبّلك عُنوةً، ولا أرغمك على مرافقتي أكاد أن أطلّ على المحطّة الرّابعة ولمّا أغادرْها وتنتصف الصّفحة يسلّ قلبي النّدم.

أسلاّل القلوب ندَمٌ؟ .

أعترف أنّي أندم وأغالب النّدم بدقّات السّاعة، وأفرح الآن لأنّي أجرّب وأتقيّأ ريقك البارد باشتهائك قبل اللّّقاء بك في المحطّة الثانية بل في الرّابعة أشتهيك قبل أن تتعرّيْ وتفوحُ الهاجرة في أعناق السّنابل بين المرسى وأميلكار، نمرّ تحت القنطرة وأنا الآن أمام ورقتي، لا أراك ولا أسمعك. أبني من القشور قنطرةٍ نعبر تحتها نستنشق بها غيوم الشاطئ زرقاءَ برمال تنشق في زهْو الخاطر. أبحث عن لوافت المحطّة الثّالثة، كيف أقرأها وأنا في غرفة ضيّقة تسير في ممرّ ضيّق والخطّ متواصل يدي اليسرى بين فخذيك؟ كأنّك تُخبرني ولست معك في هذه الجوْلة الصّباحيّة، أنا الآن أبحث عن أخرى تخرّجني الآن من ورطة اللّقاء بك كيف أصاحبك ولم أتبيّن دلالة لسانك وعيناك تنثران في عينيّ دما أبيض؟ وأكاد أضيق بهذا الوصف المقلوب نتجدّد بالاِفتراق وإذا عقْربُ السّاعة تتدحْرج بحبّات النّهود نحو الثانية الواحدة والخمسين، وأختار لنفسي هذا الكفن من قشور عبّاد الشّمس يستر عراءَنا بلُعاب المُراهقات وأذبل لأزهرَ في نعشٍ أرضع الآن نهدَ الجُمل، لا أرتوي ولا أصف مأزق العطش أصبغ حروفي بماء المطبعة وأسبح في هشيم البَكارة وتبدأ جنازتي ليلةَ عرسي أفٍّ من فذلكة القُُدامى وحشيشة سلاّل القلوب سارحة في عروقي منذ ثوانٍ لا تقلّ عن الخمسين.

أأتنفّس في ضيق؟ أحشرج أبتي، في قماطة الكفن تقصر رحلتي في المحطّة الثالثة أحوم فوق وجوه المشيّعات، يتحوّلن إلى راهزاتٍ، أشقّ بأظافري هل تنحلّ عُقَد الكفن؟ أردّد خرافة سلاّل القلوب كأنّي لا أختلف عن أمّي ترتاح من ثغائي أجرّب قضم الحُلمات. أأنا الآن في قاعة الكوليزي أم في غرفتي الضيّفة؟ وينطلق شخيرٌ من حولي فإذا المُغرم أنا بأفلام السّاكس ينام عند بداية الفازة وتتفتّت قلوب سوداءُ بين أظافري لا أذكر واحدةً من عشيقاتي أتعرّى من الأمام والخلف من جميع الجِهات، أمزّق الكفن لا تهرب المُشيّعات من جسدي العاري، يلثمْن شُعيْراتٍ أتكرّر بها ولا أعيش بين الفخذيْن أكثر من لحْسةٍ بحساب القَطْر من عسل حامضيّ، مرّةٌٍ بحلاوتها. هذه الجنازة الباسمةُ , ولا أتنهّد تضيع خرافة أمّي من خاطري في هذه اللّحظة بين باب الْفلّة وباب الـجلاّز سلاّل القلوب في محطّة اللّواجات.

لا في بــاب الجـــلاّز

لا أحبّ التأكّد من عوارض الحيض فأنا لا أزال في سنّ الثالثة لمَ لا أعوّض أمّي فينكحني أبي؟ ولا أعرف أأنا ذكر أم أنثى؟

نيكة بابا لا كِيفها نِيكة

يسلّ قلبي وينحّيلي سِروالي وأصير بفضله ميبونًا مدى الحياة، أطلب رضاءه وهو أصغر منّي بشعرو الأسود أنا وِلـدو شايب في الثاّلثة من عـمري هذا سيـسبانس الخرافة أتعلّمه عن أمّي بالغريزة ولمّا تتزوّج.

أطلب طلاقي منكُما فلا أنت أمّي ولا أنت أبي. أغفل عن الشّهادتيْن والتّكبير وأسير مع المُهرّجات يتحطّم النّعش برَهْزنا البقّوري، يتحوّل الحُطام مَتْراكًا من قشور القلوب، بيضاء هذه المرّة بحبر ينزف بين الفخذيْن وتمّحى وشمة العانة بريقهِ يزمّر عسكر الحماية المدنيّة.

أحلّ فخذيّ للرّيح يترشّف بوْلي سلاّل القلوب والشّيشة تْبوّخْ من ناحية المخرج وأتهيأ نفسيّا وجسديّا لمبايعته قائما بشؤون أمّي الخضراء علّني أكون من ذريّة سيدي عبد الله قش أحمي ديني ودين أمّي بأقلّ التكاليف وأبخس الأثمان ولا أتوقّف بين المحطّة الرّابعة والثّالثة.

أواصل السّير، أضمّ لسانك بين فخذيّ أراك الآن ولا أصفك ألتذّ بجولة الأمس محرّفةً بحُروفي، أنتظر ولا أعيد الكرّة يقوى شغفي بلسانك، ولا يمسّ لساني من قش سيدي عبد الله. أبني كوخًا لعرائنا فننسى خرافة سلاّل القلوب وكأنّ لقاءنا يتجدّد فنتزوّج لحظة فراقنا أ أنا الآن في عرس أم جنازة؟

 أكاد أن أطويَ صفحة المحطّة الثالثة أعجز عن ملامسة عقارب السّاعة تصير إلكترونيّةً في لمحة بصرٍ، لا أعرف كم تدوم؟ ولا تبقى في ذهني إلاّ نسبة الفوز في الاِنتخاب ولا أردّ على سؤال عزرائيل قبل أن يقبض روحي أفّ

إيه أحاسب هناك وهنا

سلاّل القلوب يده طويلة ولا يعتريني في هذه اللّحظة سوى هلواس الذّاكرة، خرافة أمّي أهيج بألفاظها أستنشق ملوحة البحر، وتكتشف أنّي أكذب عنك فأنا لم أتوقّف في شواطئ فلوريدا إلاّ كذبًا وبهتانً، ا أنا هنا لم أخرج من غرفتي الضيّقة، ألم تقل بأنّك في جحفة من نعش الوَرق.

ربّما

لا أميّز الآن، بين كذبة المحطّة الرّابعة، والثالثة أسبح مدفونًا بين زعانف الحوت. أفهمت لِمَ لا أرغب في الفسحة معك ثانية؟

لأنّي أكتفي بالوقوف على ضفّة البحر وأنا أشتهي الغوص أمارسه على حراشفَ من ماء الورق عذبة بأملاح الاْنعكاس في لون بهرة من شمس تغسلها أنثى بين فخذيْها، وهل أتأكّد من أنّي أسير في جنازة عرس؟ وتنقلب فساتين الإناث كفنًا أزرقَ يغطّي الموكب بعرق البطرونة ترشّ زهر الحيْض في جميع الاْتجاهات، لا أرى في الجنازة سوى إناثٍ يقبضن دنانيرَ والبطرونة بنت عرفي سلاّل القلوب آش دخّلني في ما لا يهمّني؟ لِمَ لا أتمدّد على نعشي فأريح المشيّعين من ورطة الدّفن البطيء؟ ألم تقل منذ لحظةٍ لا أقيسها بذراعي أنّ المشيّعين إناث؟ أنا الآن أخلط لأنّ جنازتي تضمّ لوافتَ من حروفٍ أرتّبها لأنْحرفَ بها عن شارع الجلاّز. أتقهقر في هذه اللّحظة لأضيعَ في الجمع ولا أسير بمُفردي في المحطّات القادمة أتعلّق بعقارب الثّواني أغفل عنها الآن أسبق حفيدتي إلى المحطّة الثانية ولا أظفر. تهربين لتعودي إلى نعشي في غفلة ثغائي وأحسب أنّنا نتعانق في لحظة دفنٍ نفرح فيها بأكثر من اللاّزم ولِمَ لا تكتب على صدري كلامًا أفهمه؟ كيف أبدأ الكتابة وخرافة سلاّل القلوب تشلّ معصمي؟ ، أأكتب أم أرقّّع سروالي لأستر نُقبتي؟ وتحتدّ عيون سلاّل القلوب ببركة الحروز أكاد أن أتوقّف وكيف أعدل عن هذه الجنازة والمسافة الفاصلة بين اللّحدين والنُقبة لا تسع للحسة لساني؟

أفرح بوقاحتي في هذه اللّحظة فأنا أطرش لا أسمع اِبتهال القرّاء وتكبيرة الإمام. أحسّ الآن بأنّ الموكب لا يتقدّم، إنّه يتقهقر كيف أميّز بين الحركة والحركة المُعاكسة؟ هذا أمر لا يعنيني الآن.

اُقعُد لا تقطع عنّي هذه الرّهزة.

كلّنا إناثٌ وأنت سلاّل قلوبنا أنثى نراك في كلّ لحظةٍ في جسدٍ مختلفٍ، أنَنْبُذ المسخَ وندعو إليه؟ هذه الفسحة أشتاق إليها ولا أعيشها، وتنبت من هلواسي أعشابٌ أقضمها، فإذا شعيراتٌ تبتلّ بمِلح الشّهقات وهل يغفل سلاّل القلوب عن جنازة تتحرّك بشكل طبيعيّ ولا يبقى إلاّ سراب أجساد وفتات خشبة، لا تحمل على الأكتاف إلاّ لتسقط تحت أقدام العاهرة؟ أمّي تدوس جنّتي بصُوَر سلاّل القلوب بابا

سلاّل القلوب بابا

أسْكت أنا أنهق، فأنا بهيمٌ وأنت بهيمة قلوب وسلاّلنا بحبرنا نفديه وهكّة ركوب البهايم وِلاّ لوّح

ونتحوّل في الجنازة إلى متولّدات ولا ذكور نضاجع منذ لحظاتٍ نعدّها بالسّنوات تنخفض درجة المخاض ننتظر زوال القشرة وللأفاعي أثواب من فتات الورق لا أجد ما أكتب في طنبك السّخانة لا أتخلّى عن كفني أسير بملوحة الشّمس ولا أبعد عن فلوريدا إلاّ بلحظاتٍ، ألمح رايات السّلم تفرقع سُحب زورقٍ، أتنهّد الآن لأنّي لا أثبت على ورقة تعوم في سواحل الأطلسي ولا أراها.

وأقضم نتُؤات الصّدر بأظافر الحبّار رخْوة هذه الصّدفة من ماء الحلفاء أتعلّق بها ولا ترتطم الأمواج إلاّ بمقدار أنسى أمّي أذكر سلاّل القلوب كأنّي أرى صورته في مرآتي أيشبهني ولا أرسمه بوشمة لا تدوم أكثر من دفقة ماء عذبة، ساعات التّمدّد على ورق من لـفائف العلْقم؟ . . . وأتابع سيري مع المشيّعات ينشغلن قبل الغرق في كهوف الموج الهادئ بطيور غريبةٍ تشبه التي نراها كلّ يوم عند الدّخول إلى المدارس هذه الورقة أعْلَقُ بها ولا أفرّق بين وجهها وقفاها، صدرها بين فخذيّ ونُونتُها في حلقي هذا زُكّي حُلوٌ ببولي الشّايط أتذوّق ولا أترشّف غير أملاح وصفك مثمولة بسواقر اليقظة أصباح هذا أم مساء؟ ويتواصل الموكب بعضنا يتسلّق المنحدرات أطفو في منتصف الورقة، هذا الولد عاق لا تنفع فيه خرافة سلاّل القلوب، أمزّق القماطة بإبِر الكفن ولا أتوقّف، أهمّ بالاِنْتقال إلى المحطّة الثانية لا أحترم قانون العُقد في الخرافة كما تخيفني أمّي من سلاّل القلوب، أسير مع عشيقاتي ولا أقرأ الفاتحة أمام شاهدة أرسطو في الجلاز آش جاب قبرو إلى هنا؟ لا ألعن الشّيطان أنساق في هلواسي لا أتمتّع بما أتذكّر من لوافت الشّارع.

أدخل فجأة بيت التأمين لأضمن السّير العادي لجنازتي والموكب موكب عرس، وإذا سلاّل القلوب ينصحني أن أؤمّن غرفتي من شرّ الحرائق وخطر السّرقة فأضحك من بلاهتي حين أجيب بأنّي أبحث عمّن يسرقني ويحرق أثاث بيتي.

أذكر خرافة أمّي في المد ارج أسأل عن لغز الأمن والتخويف وأخلط بين ملامح سلاّل القلوب وسكرتيرة التأمين.

أغريك بلوا فت الأمان وأخيفك من سارق موهومٍ ولا يسرق ما في بيتك الفارغ سوى سكرتيرة مثلي، أتظاهر الآن بالشّجاعة ولست متأكّدا من أنّي خائفٌ، لا أعرف ممّن؟ ربّما من سارق يخطفني في الشّارع ويتملّكني هاجس التأمين على بيتي وعلى جـسدي وأهمّ بإرضاء سلاّل القلوب أتردّد في الاِنخراط، وأتردّد في دفع معلوم رمزيّ- حسب عبارة سكرتيرة التأمين وأشقى بهواجس التأمين على جسدي الملفوف في كفن من بشرة اللّحم.

ويـجيء اللّوسي عند التأخير وعدم الدّفع في الموعد، ويعقل كفني، أستنجد بالمحامي أراه منشغلاً عبر الانترنات بالدّفاع عنّي حسب توصيات لجنة الدّفاع عن حقوق المُؤمّنين مثلي في شركات وهميّة.

أ أهرب من عزرائيل لأقع في قبضة سلاّل القلوب وبيت التأمين واسع ضيّق؟ في المحطّة الثالثة أضمّ ورقة لا تحمل اسمي ولا رقم هويّتي ولا بصمة إبهامي، أحتفظ بها علّني أقدّمها عند الطّلب إلى سلاّل القلوب.

هل تريد أن تؤمّن هذه الورقة فتتجنّب الإتلاف والتّتبعات؟ لكن الورقة ليست لي ولا أمل في الهروب من التتبعات، فقماطة أمّي تخنقني.

أنشرح في الصّباح حين أتهيّا لملاقاتك وأنت ورقة تتعطّر بشيح البحر أخضر برمال السّرحة لا أضبط لها موعدًا ولا هضبة أتقلّص غير نهدك الأسمر ببياض ألفح من خيالي صورة لا أرسمها على ورقة اللّعب أكسّر صندوق التأمين تمّحي صفحة التأمين لِما بعد الدّفن، لكن هذه الجنازة لابدّ من تأمينها. سلاّل القلوب حيّ في كلّ نهجٍ وكلّ زنقةٍ، ونخطف لقاءً على وجه السّرقة تهين بتقبيل شفّتيّ وأرضع من نزيف الفخذيْن قد أدفن بينهما، بعد لحظاتٍ بقرار من سلاّل القلوب ضابط جنازتي غير العادية.

أنا لا أسير وحدي نتدافع بلا زحام لحمل نعشنا ذات عشيّة نغذّي رائحة البخور بعرقنا ويدفع عرفنا نيابة عنّا وهل نسدّد ديون التأمين على جثثنا من خرافة سلاّل القلوب وأمّنا لا تشيخ إلاّ للتشبيب؟

تحاصرني المشيّعات أفّ من نهودهنّ يفوح العرق باليقظة فأنا الآن في غرفتي ما أبعدني عن موكب الجنازة أنتظر الوصول على ورقة تركب ورقة إلى محطّة أخرى قد أسمّيها الثانية وأسبق فيض الحبر، ولا أعصر نهودا في الهاجرة أبوح بعجزي ولا أتوقّف أمام حفرة قبر ولا يزال سلاّل القلوب واقفًا في مفترق الطرق ولا تسهل حركة المرور في هذا اليوم التاسع من شهر جويلية من عام 1999.

وكأنّي أكتب مذكّرةً تصلح وثيقةً لسلاّل القلوب يضعها في دفتر خانة ولا يستفيد منها الوُرثاء لأنّها بدون رصيدٍ.

فلا أنت أبونا ولا نحن أحفادك تدوم جنازتك أكثر من اللاّزم فلا نكرّمك بدفنك ولا ندَع الكلاب تنهش جثّتك خوفا عليها من عدوى الإصابة بمرض البقرة المَهبولة وجرثومة الكوكا بين فخذيّ الدّجاجة أنت

وسلاّل القلوب دجاجةٌ

دجاجة تكْرك، عيناها شاشتا رادار تبيض رُخص السّياقة، بها ندخل إلى الحبس للنّقاهة أنا سلاّل القلوب أمنحكم رخص الجولان في هذه الجنازة وأمنع عنكم التجاوز في السّرعة والوقوف في الأماكن الممنوعة ألم تقل بأنّك دجاجة؟ أنا دجاجة فعلا وأنتم سلاّل القلوب أخاف منكم كما أخاف من ملاكي أراه الآن يغازلني في بيته الأبيض على مقربة من سواحل فلوريدا أسلّ هنا قلوب خِرفاني قبل أن أذبحها من الوريد إلى الوريد ولا أتورّط في تهمة ولا داعي للاستنطاق والتحقيق.

نسمع نحن المشيّعات ولا نكفّ عن السّحاق وتيأسن من فحولتي كلّ صباح أيخصيكنّ ســلاّل القلوب فندعو له جميعا بطول العمر؟ ويطول عمرك يا سلاّل قلوبنا في هذه المرّة من غير دُعاءٍ، وأحتفل الآن في غرفة عبد الله قش بتقشير موْزةٍ تنبت بين فخذيّ قحبة متاعها ألمط من فرط الحَكّ، أسوّده بريقي ولا تبقى حدود لخريطةٍ من لحمٍ.

أبرع في الكذب أنسى الآن بسكلات الكُوكا ولا أربط بينها وبين اِمّحاء الخريطة وبنت الجيران مكلّحة تفرح عندما يموت خطيب أختها في حادث مرورٍ.

أ نحتفل في الخمسينيّة أم نحزن؟ ولا أسأل عشيقتي ايزرايلا عن موعد لقائنا ولا تجمعنا جنازة واحدة فهي يهوديّة باللّقب وأنا مسلم بالاِسم.

يكْثر هذري ويقلّ في لحظة الجنازة تطول دون موجب أقرأ عليك أنا فتاتك حِزب اللّطيف لتنـزعج ولا يطمئن بالك لا أحبّ أن أرتاح. اكتبى على كفني ولا تقرئي فأذني بها صمَمٌ مذْ خرجنا من باب الـجلاز في اِتجاه المحطّة الخمسين نجتازها الآن في أقلّ من محطّةٍ ثالثةٍ أربح الوقت وساعة المحطّة خالية الآن من الأرقام أحتفي بورقة النسيان، أغفل عن سلاّل القلوب وبَرْمي الجنازة مفكوك بفضل الرّادار وباب الحبس الجديد قديمٌ مفتوح بانغلاق النّعش، أبحث عن فجوة أبصر منها سِباقي مع المشيّعين، أحسّ بكرسي البسكلات يحكّ ما بين فخذيّ يتفتّت الشّعر في لون ثمالة الكوكا تشربين مائي ولا أتأثّر بالدّعاية المغرضة أسلّ قلوبكم يا كلاب بفضل عرفي بأرخص الأثمان أحبل بك بين عامي 48 و49 وأتحوّل من جنينٍ إلى حبّة كُوكا تبيضني أمّي ولا أفقس إلاّ في عشّها أثناء موكب مألوفٍ، يشبه ما أتخيّله في لحظة الكتابة على ورقة لا تريحني من لذّة الشّغب على هذه اللّوحة ولا تضمن لي الدّخول إلى جنّة الجلاز أخرج منها باختياري في المحطّة الخمسين أُولع بسلاّل القلوب أقترب من المحطّة الثانية، أأسافر بعد لحظات أشتاق إلى المحطّة الأولى؟ أهمّ بتمزيق قماطة الكفن هذه ورقة أمامي أستر بها خوفي من سلاّل القلوب لا أكتم أنفاسي ولا أصرخ في لجّة القرّاء أمشي ببطءٍ أكتفي بقحْبة الشّارع، لا أحلم بحِسان جنّتي إلاّ تندّرًا وتفضحني شاشة الأنترنات فإذا أنا صورة أنثى في لون الذّكر ولا أتأفّف من شذوذي.

وأخلط في هذه اللّحظة من عمر الورقة بين الأنترنات وسلاّل القلوب

أ سلاّل القلوب أنترنات؟

هذا تطاوُلٌ منّي وأنا في مقام المحمل رأسي يتلـقلق برائحة العظمة الحارمة تبيضها دجاجة سلاّل القلوب في نهج بلجيكا مقابل ركبة على نبّوت بسكلات الكوكا.

أربح الوقت وأخسره سخافة وحمقا وأشهد أنّي ذكيّ أوصي في بطاقة هويّتي أنّي أتبرّع بزبّي لدجاجة الضّوء في الشّارع وأنا قحبة سلاّل القلوب شائخة مع عرفي ولا أغفل عن خبزة صغاري نرضعلك وترضعلي وجلد الحليب شائخة يكفي الآن من البقوري هيّ نبدّل الاتجاه ونرهز متقابليْن.

لا نحبّ المواجهة، سلاّل القلوب يرمقنا من القبّة الفلكيّة ولا نكفّ عن السير فنحن في عُرس جنازةٍ.

ويكبر عرس الجنازة، ليصغر ونتزاحم، لنظفر بالمحطّة القادمة فلا لافتة ولا إشارة للتوقّف وأحسب أنّي محمولٌ على الأكتاف، فإذا أنا أمشي في الأرض ولا أحلم، بالطّيران بين السحب أرسم هيْكلي على ورقة لا تشبه أوراق التّين لا أقسم بسلاّل القلوب أراه قشور خرافةٍ لا أردّدها في هذا الموكب الصّباحي. لا أعرف متى يبدأ الدّفن ولا كيف ينتهي؟ وتزغرد أنثى في أذني. ولا أنسى بقية الإناث يحاصرن صورة هيكلي يفترشنها لتهوئة ما بين الفخذيْن والزّيتون أرضيّ أنبت بـحبّاته لا بالقـسم وتسبق بِسكلات الكوكا إشاعة الهرَم. فلا هي في المحطّة الخمسين ولا أنا في المحطّة الثالثة، كيف أتصوّر الثانية والأولى؟ فلا أتكهّن بالحساب لا أعبر الآن سوى صراط الكلام. وهل تدوسني الأرجل لأنّي ورقة من قشور خرافة لا أنكر أنّي أسمعها من أمّي ولا أحفظها؟

نتجدّد برهزتنا متقابلين ولا عناق ولا لثم لأنّك خنثاءُ وأنا أنثى لا يفارقني حيض الحبر وأرتع في مسرح خيبتي، أظنّ أنّ نزوتي تؤلم غيري. لا أندم ولا أحسب مسافة ضياعي بين باب المقبرة وهذه المحطّة الجديدة، رقمها يتكرّر ولا أذكره.

نحوم في هذا الموكب حول نصب سلاّل القلوب نتأخّر عن موعد الدّفن وتفوح جثّتي وتنبت على قبري فقاقيع من جناس التّهويم أبيعها لهذه الورقة ولا أقبض سوى هشيم الذاكرة وسلاّل القلوب

هشيم ذاكرة

أتنفّس برئتين، أتبرّع بهما على سلال القلوب وهل يتبرّع السّائر مثلي وهو يمشي في جنازته مع المشيّعين بخطى بطيئة؟ أتزحزح عن رصيف المحطّة الرّابعة أسمّي سلاّل القلوب محمّدا في المحطّة الثالثة تنطفئ حروفٌ من اِسم ديانا ويلنْسكي فجأة قبل الوصول إلى الكنيسة في المحطّة الثانية أكاد أن أقترب من رائحة المكتب الإسرائيلىّ في المحطّة الأولى قرب الحفصيّة وراء باب قرطاجنّة.

أتنقّل بين المحطّة والمحطّة، على خلاف العادة، أرتعش جسدا ممسوخا على شاشة الأنترنات أصلّي راهزًا في محراب سيدي عبد الله قش المعاوي أخسر ببركته القضيّة ولا أسترجع من حقوقي المضمونة سوى تقرير الخيبة وأربح بهلكته قضيّة الاِعتداء على الأخلاق الفاضلة أثناء دوران الموكب حول نصب سلاّل القلوب وتأخّر موعد الدّفن بإرادة الميّت حيّ أنا أنتسخ من هذه الفرصة الشاذّة رُقع الكوكا أمزّقها ولا أربح بسْكلات أحاكي بها بنت الجيران في حكّ الدّبر واِنتفاخ البطن بجنين مثلّج في قصبة منذ قرونٍ آتيةٍ.

أنزف بين المنِيّ والبُويْضة. أجدّد شكلي، وجوهي تلعن التّكريم نضيق بهذا التأخّر عن موعد الدّفن، فدِّدتنا بجثّتك الباردة، تصف عرسها صباح جنازتها، أختلف عن أندادي أرفض الدّفن بين الظّهر والعصر.

وأنت سلاّل القلوب تطلب لي المغفرة

بجنازتك أسعد وأبالغ في الرّهز بلساني

سلاّل القلوب رحمان أرحمه بماء الغسل أحسّ أنّي لم أتطهّر من نقائض الوضوء لا أحصيها الآن لأنيّ أطمع في الوصول إلى محطّة ثانيةٍ قبل الدّفن.

محطّتي الثالثة تفتح الآن نوافذَ خلفيّة وأماميّة بين فلوريدا وإشبيليّة أرى أنّي أخرج من كلّ النّوافذ أضيع في بهجة الهوس لا أتمنّع ولا أمتنع ننساق في سباحة بحرها هواء لا ستائر تغطّي عوراتنا أأكتب ما أشاء؟ أحسّ الآن أنّك تغيبين من بين أظافري وأنا لست واحدةً أتحدّى سلاّل القلوب بنهودي ننتقل بسرعة بطيئة نسبح في بُحيرات بلا ضفافٍ ولا نكاد أن نصل إلى المحطّة الثانية ونفتح بتمرّغنا البقوري فجّا في الأرض ننبت عروق حُمْرٌ على ورقة طائشةٍ.

أظنّك تدفن جسدك قبل الأوان وأنت هاربٌ معنا من هاجرة الغد وكأنّي ألمّح إلى خوفي من سلاّل القلوب وألعن أمّي لأنّها تخيفني بقشور خرافته أقطع غزلنا بالهبوط في سرداب السيّدة المنّوبيّة، أبحث في الأرشيف عن وثائقَ تهمّ سلاّل القلوب وطريقته في إرْهاب الأطفال على ألسنة الأمّهات يبُلن عليّ بالشّهوة على رؤوس من حجر التيمّم في الجنازة البسيطة لا تحضرها غير كاعب أستدرجها إلى ما تحت الشّجر أثناء الحلم فتفضحنا عشيقتي لا يقلّ طولها عن خمسين ثانيةً لا تزيد عليّ ولا تنقص بثانيةٍ واحدةٍ، هي منّي تسلّ قلبي كلّ صباحٍ وأدعوها عشيقتي للتّعزية.

عشيقتي أنا سلاّل القلوب.

وأربح بهذا العبث ورقة نقديّة تفقد صلوحيّتها منذ صدورها وأظلّ متعلّقا برسوم الورقة بضارب السّكّة في ساحة العُمْلة أهو سلاّل القلوب أم هو واحد من ضبطيّة دار الباي زمن القائم بأمرنا في محطّة المحمديّة الثالثة؟ متى نتغلّب على ملوك الطوائف بمدفع الألمان لا يزال قائما في شابور الدّخلة؟

يا وليدي تلك التي نراها ليست سوى قشور سلاّل القلوب حكّ جلدك بأظافرك ترَ لحمة سلاّل القلوب الحيّة، لكن جثّتي الآن في جنازةٍ لا أفرّق بينها وبين عرسي، وأقبّلك كاعبًا قبل أن يضبطني سلاّل القلوب أظنّ أنّ أنثى في سنّي تشي بي بدافع الغيرة ولا أهتف في زمن التكتّم أظلّ أخدش ورقة من جلدي ولا أنتظر الدّفن يظل الموكب يسير بلا اتّجاهٍ دون أن أراه.

قبل الدّفن وما الدّفن؟ وكيف أدفن جسدي ورقة تتفتّت حروفها ولا تبلي، أنبعث بها في كلّ لحظةٍ في شاشات الأنترنات؟ ورقتي سلاّل قلوب أنتصر بها على سلاّل القلوب الواقف في مفترق الطرق منذ بداية الجنازة، ودقّ الطّبول أقشّر جلدتي لأصبغ الورقة وأحتار في هذه الجنازة من طريقة الدّفن وفرحة سلاّل القلوب، أراه الآن يتلقّى التّعازي يبحث في دفتره عن عبارات التصريح بالحكم تكتب على شاهدة قبري قبل أن تُولد خرافة سلاّل القلوب وتقبر في هذه الورقة منذ قرونٍ.

أراجع مع أندادي، لا أتبيّن بالضّبط وقع أقدام المشيّعات أسجع أم جناس أم لهجة توريست أحفظـها بالسّماع نزولا وصعودا في نهج جامع الزّيتونة الكنيسة سابقا يطير بينهما حمام سلاّل القلوب.

والحمام في عرف جنازتي سلاّل قلوبٍ

أنا الغبيّ كيف يسمح لجنازتي أن تستمرّ أكثر من اللاّزم وسلاّل القلوب يسمعني ويراني بواسطة نمنمات توشّي نصبه التّذكاري ولا أحد من المارّة يعرف أنّها شاهدة لسلاّل القلوب؟

وهل أرتاح من قشور أمّي حين أنشأ في رحم الجنازة وأصير جنينًا بلا أمّ ولا أب؟ وتتراءى جنازتي في كامل شاشات الأرض والبحر ولا أحد يفكّر كما أفكّر في سلاّل القلوب ويصير موكب الجنازة ببطء العرس محطّةً، لا أفرّق بينها وبين الرّابعة وكيف أعرف وأنا في هذا الضيق كيف يفكّر غيري في سلاّل القلوب؟

لا أطوي هذه الورقة ولا أنهيها ولا تبدأ خرافتي مع ظهور سطرها الأوّل، وأتهيّأ للنزول من نعش الجحفة رافعا رأسي علّني أرى بداية الموكب ونهايته، فإذا نساء وأطفال يفرحون بحفّار القبور ولا أحدَ يحتجّ بالرّحمة أكره هذا الموكب لأنّـه رسميّ أحبّ السّير في الجنازة ولا أحدَ يعرف أنّي ميّت، أتقبّل التّعازي قبل الدّفن أفـرّ بكفني إلى جنازةٍ أخرى غير منتظرةٍ، أرتدي حراشف سمكةٍ، أسبح في حيْض حمامةٍ، أعلق بمنقارها وأغوص في اِرتجاف ألوان تبيضها عن بعد زوارقُ البندقيّة، ومركب لا يزال يتسلّق فخذيْن من طحالب صقليّة أهفو إليها محطّتي الثانية ولا تفصلني عنها الآن إلاّ صفحاتٌ من حراشفَ لا تزال تائهةً من فرط اليقظة والخوف من دلْفين الطّليان أسودَ لا تسمّيه أمّي سلاّل القلوب ولا تذكره إلاّ عرَضًا حين يفتخر أبي بصَحنه الألماني يتكرّر مسلسله كلّ صباح سَبت.

عزيزتي إيزرايلا لمَ تخافين مثلي من سلاّل القلوب وأمّك متعلّمة في المكتب الإسرائيلى تحذق التّجارة لتفوّقها في الفيزياء والحساب؟ أمّي تعدّ محطّات الجنازة بحبّات الفول وتذهب عنّي خطر سلاّل القلوب بحرز السّلامة من خطر القورّة هذا قبل الدّفن.

مشكلتي يا إزرايلاّ هي مشكلتك، نرهب من الدّفن لأنّه يفرّق بين جسَديْنا وأنا أعشق رائحتك وأنت تعشقينني لأنّني من فصيلة سلاّل القلوب، أرعبك وأنت طَفْلَةٌ في نهج فبريكات الثّلج والنّهار كبير في حارة الحفصيّة وأراك في تلفزة الموكب وديعة تعضّين نابي بشفتيك متورّدتين بشاربي كبير الأحبار وتتناثر شُعيْراتٌ في الورق أحتفظ بها للاِحتجاج بها على براءة أختي ويلنسكي في مداولات مجلس القبيلة ونحرّر إن شاء الله ساكنة الوادي بل ساكنة بـير السـّواني من فجْعة سلاّل القلوب أرى صورته في صدور المشيّعات عروقا زرقاء في حجم الوشم.

أملّ حديثك عن أمّك وأمّي نغطي هذا الوشم الآن بزيت الشّمس ونجدّد الغوص في المحيط فبحرنا الآن بِرْكةٌ من حيض الرّاهبات، نطفح في المحطّة الثانية نشهد سلاّل القلوب ولا نخاف من عيونه لأنّه لا يحسن السّباحة، هو كأمّي وأمّك يكتفي بالجلوس على الضفّة ليصطاد الأسماك الصغيرة بشصّه القديم.

لا أعرف لمَ أفكّر فيك وأنا في هذا الموكب؟ أشقّ عصا الطّاعة وأحوّل وجهة الجنازة في اتّجاه الحفصيّة لتشعري بيوم أشهده في غيابك ولا أثر لأقدامك في الأنهج والأزقّة المحيطة بالباساج، أنت بعيدةٌ عنّي ومع ذلك أكرهك وأحبّك تسلّين قلبي يا إزرايلا ولا عداوة بيننا حسب اتفاقية الصّداقة وتآخي الأديان. أتلك خرافة سلاّل القلوب أرثها عن أمّي لتغطّي جبهتي الآن بأوراق الفاكس وحبرالاستنساخ الإلكتروني؟ لكن لِمَ تحضر صورتك أنت إيزرايلا بالذات قبل الإطلالة علىالمحطّة الثانية؟ نغوص من جديد في ظلام الكفن لا أتبيّن الآن إلاّ أُشنيّات من ألوان النّسيم والماء تحت ظلّ صخرة تتآكل بقضم السّمك.

وتقـضم رأس الذّكر بـين فخذيْك سمكة تـفتح منخريْها للشّهيلي، فأحشرج مسبولاً بين الجنازة ومقبرة للهضم أشبع سمكتي تطرح حبري يتلوّث المحيط لا يهداّ صهيل الرّهز والمشيّعات يندبْن فروجهنّ للتلذّذ بملح الأظافر، أطمع في أن أختلف وأنا في بطن السّمكة مالي وهذا الهلواس ألست في نعش يسير في قافلة الصحراء؟ وأنتبه إلى أنّي أهذي فلا أطلب المغفرة ولا أحد غيري يرحم عطشي وببر السّواني يدفن الآن بعيون سلاّل القلوب تسري دمًا في أسودِ العروق، نجني صابة الفارواست بلا عُمْلةٍ ونعمة سلاّل القلوب تقي الحرائرَ من جوع الجنازة يأكلن بأثدائهنّ ولا يكففن عن السّحاق.

نشذّ يا حبيبتي أنسى اِسمك وتنسيْن اِسمي، لا نكتب شيئا من هذا على شاهدة القبر نربح في هذا الموكب غفلتنا الصّباحيّة في مفترق الطّرق قبل الوصول إلى المحطّة الثانية، لا أتبيّن رقم المحطّة الخمسين بوضوح هل المحطّة حافلة أم رهبة شوقٍ لملاقاة عيون سلاّل القلوب على صدر فاحم من ورق الحلفاء أراه لامعًا يرتعش عل شاشة الأنترنات وأسمع هدير البحر أحرق المحطّة الخمسين وكأنّ الجنازة لم تتقدّم بي خطوةً واحدةً، أغمض عينيّ تلامسان عينيْك، لا أحفل إلاّ بندم يتحوّل في المحطّة وشمًا على صفائح وجوه تائهة بفرحة الجنازة.

وأغفل في هذه الجنازة عن وابل الطّير لأنّي لم أحلق إلاّ مرّة واحدةٍ في معراج أملكه بالتسمية ولم يتعلّق بصري أثناء التحليق إلاّ ببيوت نمل أحمر بزرقة البياض ولا أعرف بيونس آيرس إلاّ من خلال مشاهدة فيلم طوّار اللّيل أبحث في حلم اليقظة عن هشيم بلّور أقرأ به شاهدة سانت إقسيبري، وطوّار اللّيل لا يبتعد عن الأرض إلاّ بمحطّة أو بمحطّتين.

وهل تطأ قدمي أرض القمر في المحطّة الثانية وأنا في هذا النّعش الخشبيّ؟ أخدش بأناملي ولا أبني حروفًا لا تستقيم معها جمل ولا تفيد السّاهرين على محطّات الأرصاد ومقاومة الإرهاب الفكريّ.

وكأنّي بـسلاّل القلـوب لا يتزحزح عن نصبه في مفترق الطرق ولست متأكّدًا من أنّي أسير في الاتّجاه المعاكس للجنازة أرقام السّاعة الإلكترونية لا أتبيّنها في هذه المحطّة الخمسين لا أظفر بريقي أرى حشرجتي ولا أسمعها أتأهّب للمحطّة الثانية أرى وجه القمر صفيحةً من قشور عباد الشمس، تسلّ قلوبها قبل أن تنبت بقلائل، ولست متأكّدا وأنا في هذا النّعش من قدرتي على السّير في الاِتجاه العادي للجنازة ونشرع في الرّقص ولا نتعانق إلاّ في حالات الإغماء ونتواضع في فوضى الصّمت نتقيّأ حبر الحيْض تفضحنا البصمات نخفي عن سلاّل القلوب رجْفة الأطفال يفرحون بجنازتي ولن تولد بنت تـشبهني في هذه اللّحظة.

الآن وما الآن؟ أسير في جنازتي وحدي يطربني نُواح الفرح ولا أحزن إلاّ لأبتسمَ وأبيع غفوتي لورقة تلثمني فارسًا يفرّ من النّزول في قبر الجلاز محمولاً.

أنا سلاّل القلوب أرهبك بنصبي أهمّ الآن بالتزحزح عن مكاني، تنثال على عيني ورقةٌ طائشةٌ من كفنك الأسود، أشمّ رائحة الحيض أعبق على حُلمات من سرابِ الماء، أجرّب السّباحة الآن على فقاقيعَ تصير حراشف أسماك، وتزول الغربة في هذه الجنازة وأجري خوْفا من إناث المقبرة وترمتي عارية يضحك الصّبيان من سلاّل قلوبهم، أنا البصّاص قوّاد أطمع في صْنان القحاب وسيدي عبد الله شاهد بقشو على نُقبتي أجدها فارغةً أملأها بجثّتي ولا أشهد مأدبة الدّود إلاّ تخيّلا وبالمقارنة ولا أتوقّف في المحطّة الخمسين إلاّ لتحيّة المتجمْهرين يبايعون سلاّل قلوبهم بالإجماع وكأنّي لست منهم، فمي مسكّر بلثام المغسل منذ بداية الجنازة لا أعرف متى تبدأ وتنتهي؟ ذاك لا يعنيني الآن بقدر ما يعنيني البحث عن مسرب يريحني من الدّوران حول نصب سلاّل القلوب أراه في كل المحطّات ولا فائدة في الترقيم.

أضواء خافتة تثب في خيالي أشقّ نهج البنات أرتاح بين فرضة النّهدين، أسير متسلّقا منحدرًا، أطلّ على محطّة تُضمّ فيها أفخاذُ راقصاتٍ عارية لتنْفرج، ولا أستغرب من ثقل موازيني صباح الحساب لأنّ الدّود الأبيض يدبّ في عروقي ولا يبيض سوى دمٍ أسود أغلّط به عزرائيل علّه يغضّ الطّرف عن ذُنوبي فيحلّ مع سلاّل القلوب ليسجّل عدد الرّاجمين في عَرفات وضواحي المدينة.

لا أرهب سلاّل القلوب في باب الجلاز أقولها للتعزية ورغبة في ستر عورتي بعد أن تفرّجَ فيها الصّبايا وبقيّة الرّاهبات في المحطّة الثالثة

 

المحـــطـّـة الثـّـانيـــة

نحن المشيّعات، نذكر مناقبَ الشّهيد، نغفل أثناء الجنازة عن أساليب التّعذيب في المحطّّة الرّابعة.

        أضع في زكّ كلّ واحدةٍ شقفة قزاز

نحبّك ونجدّد لوليّ عهدك البيْعة، أنت سلاّل قلوبنا، نطلب لك المغفرة، نحنا قحاب عبد الله قش، وأنت أميرنا بك يستجيب ربّنا لدُعائنا في كلّ المساجد.

وهل تقبل صلاة نساء في جنازة أميرٍ ننتخبه قبل الدّفن بالإجْماع وننسى في لحظة الجنازة سيّئاتِ مولانا، نتطهّر بالفاتحة من حبر أسود؟

وسلاّل القلوب واحدٌ أفضل من خمسين مليونً، ا وأنا آشْ من قشْ، أمثّل نفسي بالأمير، لست سوى معتوهٍ، أكتب حروزًا ترفع بركة التّعزيم، أنثرها بالسّتر في زوايا المعاوين، وتنطفئ نار كرْبلاءَ بزيْت مالك بن أنس، والله ينصر سيدنا نهار الجمعة اِنْخلّي صباح السّبت لأولاد عمّي يرتاحون من شرّ الأعراب. إيزرايلاّ بنت الكاهنة أهي بربريـّةٌ، سكتْ، كلّنا نمضغ السّواك ولا نقبّلك دُفـعةً واحدةً في موكب الجنازة، ولا أفاضل بين المحطّات. كيف نهرب من المحطّة الرّابعة قبل الآخرة ونقول بأنّها خير من الأولى؟ يبدو أنّنا منافقاتٌ، وجزاء النّفاق تعمّـد إهانة الميّت بتأخير دفنه رغبةً في تلويث الشاّرع الرئيسيّ بقشور خرافةٍ أنقلها عن أمّي في غير أمانةٍ. تلك القشور أنْحتها بأظافري، وهل أحاسب بتُهمة الزّيادة والنقصان؟

أنا سلاّل القلوب أفقد كُنْيتي نهار جنازتي، أنا وحْدي أرفض هذا الإجراء وأُصرّ على أنْ تناديَني النّسوةُ بما يحلو لهنّ من أسماء المُجرمين الصّالحين، نُطيعهم ونُطيع أحفادهم من أصحاب الطّرديّات من صيّادي الشّباك في بِركة مُخّي.

أفّ من هذه الجنازة أختارها، ولا أعيشها إلاّ في غُرفتي الضيّقة تنبت على ستائرها أوراق من جِنس الكتب.

أشهد في ما يشبه الكتاب، أنّنا نستحقّ التعذيب في يوم كهذا يتأخّر فيه الدّفن وسلاّل القلوب يرعانا جميعاً، ولا يُدفن قبلنا، دعينا يا إزرايلاّ من تهميش الموكب، نحن الآن نبحث عن فُتات الخُبز نتّخذه زادًا ليوم الحساب، وتُطعمني الإناثُ من حُلماتها، ما به أحلم ولا شيء غير لباْ موهومٍ، أتجاهل سلاّل القلوب ن أنهض مذعورًا من نعْشي، لا أجد غيرَ نُهودٍ الصّبايا تتحجّر بلينها، وتلاحقني كُنية سلاّل القلوب، أردّدها مع رفيقاتي في المحطّة الثانيّة، نقلع صورَ سلاّل القلوب، نحطّم أطرها الخشبيّة، ولا أحد من المارّة يحتجّ.

بالفاتحة والتّوحيد تنسوْن جرائمي يا أولاد القحاب، والقحبة أنا بطْرونة بأوراقي في قبّة سيدي عبد الله قشّ، أحمي بناتي من شرّ الزّوافريّة وفيريس السّيدا، نقضي عليه بالإفْراط في الرّهز، وكأنّني أكرّر ما أراه من أشباح الهاجرة في مـقبرة، سُرعان ما أفرّ منها إلـى المحطّـة الرّابعة ولا أعرف رقم المحطّة الّتي قبلها إلاّ توهّمًا.

لِمِ أشغل بالي بالمقبرة والدّفن والجنازة المقلوبة؟ أليس من الأفضل أن ألتهم فُتات الخبز وأترك أمور التّعذيب وخنق الحنجرة لسلاّل القلوب؟

ولن أجيب عن السؤال بمفردي أنتنّ تزغْردن، ولا أسمعكنّ لأنّي الآن في غرفة تضيق وتتّسع بالحروف والجُمل ولست من مُرافقاتكنّ في جنازةٍ فوضويّةٍ، يُدينها الرّأي العام ولا ننْبذها.

ويهـطل على كامل جثّتي عرقٌ أسودُ، أحاصره يسري في سلسول ظهري أطالب والمشيّعات سلاّل القلوب بالزّيادة في الأجور ولا واحدة تهزّ عينيها في البطرونة نخلّيها تحسب. أضحك أنا الميّتة للفلوس ألثم حبّات السّبحة ولا أعدّ غير حروفٍ أخالُها تصلح لوصف المحطّة الثانية، تفتح واحدة سروالي تنزع قلصونها بيدي تحكّ متاعها على متاعي أحرش بالتّفويش هي في طنبك الهيجة، وأنا لا أعرف السّخون إلاّ في الكسْكسي ألم تكن جثّتي باردةً؟ أحْ منينْ تْجِي السّخانة، والنّهار مغيّم على طول المحطّة الثانية؟ وكيف أراها وأنا أحوم بلا جناحيْن معلّقا بين الثالثة والرّابعة؟ وأربح من جنازتي شنْقة يشهدها السّائرون معي بعينيّ ولا أغالب شراييني ترتخي بالتّشنّج أرمق صًوَر المشنوقين ولا تطأ قدمي الآن باب الْفلّة، ولا أنا أسير بالفعل في جنازتي آشْ كونْ يمشي في جنازة كلبٍ كيف أتحقّق من أرْواحه؟ أسبع؟ والحروف جلديّةٌ لا تصبغ سوى عِرق أسودَ؟

أنا كلبةٌ بلا روحٍ أؤخّر الدّفن بلُهاثي إلى أجل غير مُسمّى، ولا أنبح على عادة الكلاب، أستغلّ فتْرة الكَلْب لأخدش حُروفي بأناملي، أنحت على هذه الورقة لوافتَ أفقد بها صوابي، لعلّي أعدل مع المُشاة من عسكر الورق عن طريق الدّفن ونربح رهزاتٍ أخرى في محطّةٍ لا أتكهّن بها الآن وأحسّ بما يشبه اليد أغطّي به وجهي، ولا أرهب من سلاّل القلوب، لأنّي لا أذكر نصائحَ أمّي إلاّ حين أسمع تكبيرةً ولست اْبْنَ حلال إلاّ في فوضى الجنازة، أخطف البورتابل أتّصل بعشيق أمّي ليشهد أنّي اِبن زانيةٍ لا ترقد إلاّ بعد إفلاسي هي تشيخ مع حرفائها، وأنا أدفع القيمة الإضافيّة بحسب المداخيل ونسبة الفوز في الاِنتخاب بالمزاد السرّي. وأعجب لِمَ لا أتكلّم في موكب الجنازة بصراحةٍ ولا شيء الآن فحتّى هذه الجثّة لا تصلُح لسلاّل القلوب لأنّها مشوّهةٌ ولا تستجيب لمُواصفات أعضائه العسكريّة؟ أراها في زيّ مدنيّ ومع ذلك ترهبني أمّي بها.

سلاّل القلوب في زيّ مدنيّ

يا للرّهزة وأنا أختك إنّيّك منذ البداية والمحطّة الرّابعة ليس لها بدايةٌ ٌولا نهايةٌ ولمّا تجئْني.

من هي؟

أنا أتكلّم على المجاز والحقيقة أخفيها، وهل عنّي ترضى أمّي البطرونة في محطّة عبد الله قش وهو من صحابتي في هذه الجنازة العادية.

ولا ترضى البطرونة إلاّ برضاء سلاّل القلوب.

أدَرْدش على هذه الورقة، ولا أروي ما أتخيّله في الموكب حسب ما تقتضيه الرّواية من حبكة المراسم في هذه المقبرة الورقيّة، لا أضبط محطّة البداية فيها ولا محطّة النّهاية أسير على غير هُدى لا أحفظ من نهج أرسطو غير حروف قزديريّةٍّ أموّه بها على تجّار الأنْتيكا ولا أنتظر سخاء السّوّاح لأرتويَ عن طريق السّرّة بِريقٍٍ يقطر من فخذيْك، تزورين قبْري قبل أن أدفن يا إزرايلا ولا تطربين لأنّي أحكي عن مغامرات جدّي مع جدّتك في حـقول العنب في بَلنْسية لا أباغتك وأظفر بقبلة ما بـعد السّهرة.

أعشق التواء السّطور ولا أدخل مسجد الزّهراء إلاّ مثمولاً أسبح على شاشة الأنترنات تستحيل الاِلتواءات اِرتعاشا تمّحي الأزقّة والأنهج ولا يبقى من لوافت المحطّات غير لافتة سلاّل القلوب نصلّي له صلاة الغائب ليفوز بتأييدنا في الانتخاب بنسبة مائتين في المائة ولا تعجبين من ذكائي سلاّل القلوب يقتلع قلوب التأييد عن بُعدٍ.

طرق مبتكرة تدعم المسار الدّيمقراطيّ للجنازة نهتف لها بالحشرجة، ونصفّق بأيدينا ألست مقمّطًا بالكفن وأنت فوقي يا إزرايلا حسب طريقتك في نكاحي؟ ترهزين تعضّين تلحسين وألحس، يداي، ورجلاي، مكتّفة ندخل ونخرج وقتلّي نحبّ أنا لا أنت.

نسلّ قلبك وقلب المشيّعات بالطّريقة الدّيمقراطيّة.

سلاّل القلوب ديمقراطيّ يُمتسخ أنثى عاريةً، تمكّنني بحقّي المشروع في الدّفاع عن إنسانيّتي والمطالبة بتأخير دفني لأشهد جنونك يا إزرايلا لعلّ أنيابك تمزّق فماطتي فنتغطّى بكفنٍ واحد لا يستر شيئا من جثّتينا.

حقّ الجثث في العراء قبل الدّفن مطلبٌ يتحقّق في مدينة سلاّل القلوب ولا قَصّ ولا ضبّوط هذه بركة عام ألفيْن وحرز شيخ المدينة شارة تأبينٍ والسّلوقي يبول على قبري هل أرتوي من ناحية السرّة ولا أوصي اِبني ليأخذ بثأري من سلاّل القلوب؟ واصلي العضّ يا إزرايلا أحبّ القضاء على الزّوائد بالسّحاق ورغوة النّعش.

وتـظلّ زوائدي عالقةً بأظافرك وأرغب في أن يتأخّر الدّفن لنسرقَ من بين أفخاذنا لحساتٍ حامضةً ونخلع الكَفن في مسبحٍ من عِرقٍ مالح بعذوبته، يشتدّ لُهاثنا، ولا يتوقّف الرّكب وتطلبين منّي أن أحكيَ عمّا نفعله الآن وأنت معي أغمض عينيّ أدَعُ الفازة تمرّ أخلط بينها وبين فترة من الزّمن على وجه الشّبه الحقيقيّ ولا أرضى بالوصف نلحس نقضم لا نتكلّم أخطّ حروفًا تغيب أنحاؤها بعرق الجلدة أتجدّد بلا علامةٍ، أكتب ولا أترك وثيقةَ في خزانة المحكمة.

وأسأل عن اِسمي واسمك فلا أنت تعرفين ولا أنا أعرف رغم أنّنا مُصابان بعاهة إخصاب الذّاكرة لا أحبّ أن أبتعد عن لغو الشّارع غداةَ ننتخب سلاّل قلوبنا بنسبة خمسين فاصل 9 حسب التقويم الجنائزيّ للأعراس في المحطّة الثانية لا أغفل عنها وعن مثيلاتها، أُفيق ليتدحرج رأسي بين نهديْن وفخذيْن كيف أعقل وأنا ميّت وعلامة موتي شلل في المخّ؟ أنا سلاّل القلوب أغسل مخّك لتعقل بنزواتك في هذا المقام ولك أن تقدّم شكوى بي إلى محكمتي تنصفك وتردّ لمخّك الاِعتبار.

لِمَ هذه المحكمة وأنت تعرف أنّك تسلّ قلوبنا وتغسل مخّي؟

لا بدّ من محكمتي ليسودَ عدول الإشهاد ويكثر العدول والمنفّذون.

ألمْ تُطالبْن منذ عام 68 بالدّيموقراطية في الحكم؟ ها إنّكنّ تُناصرْنَ الزّوافريّة في جنازةٍ يُشتبهُ فيها أمرُ ميّتٍ فنتردّد في دفنه لأنّ حركات شاذّةٍ تظهر للمشيّعات من ناحية نصفه الأسفل.

لذا نحن سلاّل القلوب القائم بأمري وباسم شعب الجنازة أقرّر:

      أن يتأخّر أمر دفن هذه الجثّة الغريبة إلى وقت غير مسمّى

      تنظر محكمة خاصّة بالموتى المتنطّعين يُعيّن قاضيها ومستشاريها سلاّل القلوب آشكونو؟ موش أنت؟

من باب الدّيموقراطيّة أنا أتكلّم عن أنا بضمير الغائب

      تعيّن محكمتنا أيّ محكمة الشّعب السّائر في الجنازة لجنةٌ طبيّة عُليا تتولّى فحص أمر الميّت من حيث طريقةُ خَصيه فجر الختن، وهل يحمل بُويضات أنثى عوضا عن ذُكور منويّة أم أنّ جهازه خليطٌ بين هذا وذاك بفضل تعدّد قنوات الاِتصال الجنسي عبر الأنترنات؟

سلاّل القلوب على دِرايةٍ كاملة بآخر ما يجدّ من تقنيات المُخابرات ولن تغيب عنه إشارات الاِرتباك في أدقّ تركيباتها الجناتيّة، فيفسّر علاقة مُخّي أنا الميّت منذ قرونٍ بما بين فخذيّ فيكتشف حسب تقرير اللّجنة الطبيّة العُليا أنّ أسباب التّنطّع على مستوى النّصف الأسفل تعود إلى بقاء الذّكور المنويّة في بيت الثّلج أكثرَ من اللاّزم في مناخ صحراويّ أحْ أنا إزرايلاّ ألتذّ بحَدَبة الجمل تحكّ ما بين فخذيّ والحادي طمّاع وكيف تتذكّرين اِسمك ونابُك على لسان محمّد ولست بقارئ أنا الحسين أعشق جدّتي فاطمة أزور قبرها في الهاجرة أنظّم جنازةً معكوسةً، أبدأ بالخاتمة أنسى الفاتحة لأنّ مخّي مشلول وأكتفي الآن بالنّظر في خلايا الجهاز التناسليّ عبر فجْوة الكفن.

وأنتظر الجلسة الصّباحيّة الثانية أسمّيها الآن تأثّرا بلسان سلاّل القلوب قعدة المصالحة علّني أخجل وأغطّي عورتي فأنسى عوائدَ القفز على النّار في اللّيلة الفاصلة بين التاسوعاء والعاشوراء ولا أنسى إذا قرّرت المحكمة برئاسة قاضيها منفردًا بمُداولات مخّه المصبوغ بدفني سُبُوعيّا، وهذا سبب أراه الآن وجيهًا لإفشال جلسة الصّلح الثانية لأنّ الأولى يتأخّر موعدها بسبب تراكم ملفّات القضايا الخاصّة بالموتى قبل وِلا دتهم وهذا أمر يشغل بال سلاّل القلوب وكيف أعرف ذلك لمواجهة القرون القادمة؟

ولا أزال حريصًا على التّقويم السّباعي رغم أنّني أدّعي أنّ الفرْق لا يقع قبل أربع محطّات في المحطّة الثالثة، أنشغل عن مأتم الفرق بعرس خاطفٍ، نتعرّى فيه أنا وإزرايلا لشعب الجنازة اِنخلّيه يتفرّج واِنْسلّولو قلبو.

أتّهم وحدي بسلّ قلوب المشيّعات في يوم جنازةٍ مشهودٍ، ولا أستعدّ للمرافعة لأنّ المحامي مشغولٌ بالدّفاع عن حقوق الكلاب وحقّها المشروع في نهش لحمة الفخذ والسّرّة، لذا يطلب تأخير دفني لينتفعَ من في الأرض بعُضوٍ لم تنصّ بطاقة هويّتي على التبرّع به قبل غسل جثّتي. مخّي أُخفي بياضه بصبغة سلاّل القلوب ها نحن نراه في كلّ مكان قدّاش الوقت ساعة الجدار بالعة منذ المحطّة الرّابعة في طريق الجنازة أهو سلاّل القلوب يموّه على المشيّعات فيغفلن عن سِنّه، وأنسى معهنّ ترهيب أمّي بنت جدّتي فاطمة بنت محمّد الشّريف المعاوي؟

أليست بنت علي قاهر الكَفرة بالتّسامح؟ أتَخلِطُ بين الزّوجة والبنت هذا الخلط في شجرة أنساب الصّحابة لا يليق بمقام الجنازة ومع ذلك أدّعي أنّي أكتب حروفا لملْء الفراغ أثناء الاِنتظار وأشتهي الاكتفاء باسْمى واسمك يا إزرايلا فنتخلّص من جثّتيْنا ألا نخاف على المشيّعات استنشاق رائحة تشفيهنّ من خطر السّحاق والإصابة المبكّرة بفيروس السّيدا؟

        لبأ بزّولتك يُشفيني يا إزرايلا ونكتشف أساليبَ جديدةً في السّحاق، وأنت أنثى مثلي بحبر الورقة، ونقرأ قصّة تعارفنا والمحطّات ثلاثُ قارّاتٍ، لا أتبيّن الحدود على خريطة الإدريسيّ تتفتّت حروف كتابنا بحبر الورق نبني منها سبعَ سنواتٍ ولا نركب في هذه المحطّة إلاّ معراج الجنازة تلمع بلاكة أفريكا نغفل عن نهج ليبيا، نركب ظهر ابن بطوطة ندخل سفارة الصّين والهند نشتهي سرب غجَرٍ، نتساحق على عجلٍ في جنوب َبلنسية، أغمض، أأنا الآن في مرفإ فلوريدا؟ أشاغب النّمل يتحوّل إلى فرززو ويلكعني أنا سلاّل القلوب أفخر بلوني الأبيض أحتقر الأحمر والأصفر أهدم المغاور والأكواخ أحرّر الجبال والأودية والشواطئ من البناء الفوضويّ لأبنيَ مدنًا سياحيّةً جديدةً وفق أمثلةٍ تراعي الطبع التقليدي وتسمح لقصري أن يمتدّ من المحيط الأطلسي إلى راس آدار قِبلة قرطاج تدهن الأبواب بالأزرق، والقباب بالجير الحمّامي تطير لأنّ البحر في خريطتي أنا سلاّل القلوب واحدٌ والمحيط واحدٌ والسّماواتُ سَبْعٌ لذا أعمل باِسم الشّعب السّائر في الجنازة يصوم على ريقه منذ باب الجلاّز على أن أمْحُوَ من خريطة مُخّي أسماء البحار والمحيطات وأرقام السّماوات التي تزيد أو تقلّ عن السّبعة الحيّة، كم أنا متخلّف عن جيلي من لاعبي الورق في قهوة نهج الترك تعجّ الآن بالبزناسة في سنّ التقاعد، أرى صورتي معلّقةً في الرؤوس، أشبّه نفسي بالحسين بن علي التركي أنسى أنّي شركسيّ تحبل بي أمّي من عسكر الباي، لا تعنيني دودة ابن بطّوطة أقضي عليها بضوء البارابول نخليكم في السّماء السابعة تبعدون عن ضفاف البحر مسافة لا تقلّ عن مائة قرنٍ يا صانعنا نساءً نمشي الآن في جنازةٍ لا نعرف من يحمل في نعشها، أنت تسبقنا لأنّك تركب فرسًا من فرسان رُعاة البقر، سوف نلحق بك حين نربح في مسابقة الفوز بدرجات الكوكاكولا وانْشكّب عليكُنّ بالحيّة وأربح بفائض الميزان في صابة الطّماطم والفضل الكلّو للقطرة قطرة والصّوفة شائحة في دُبري قبل أن تكتشف زراعة القطن في سواحل الدّخلة وقبّة سيدي معاوية الشّارف حفيد السيّد علي راجل فاطمة الخضراء تشبه عائشة الطّويلة زوجة جدّي محمّد حسب العُرف وعقدة حْرام الصّوف.

أملّ اِسمك إزرايلا ولا أفهم من خلال صمتك أنّك تفكّرين في غيري، أفرح بالتحرير من نهديك وشفتيك البيضاويْن، أمشي في جنازتي وحدي الآن ولا أفخر بانتصاري عليك وأنا المسْبول على نعشٍ يحمل على أفخاذٍ، وأهمّ باللثم ليهرب من أمامي حوضٌ من ظلالٍ بلا ماءٍ، وأغتسل في هذا الصّباح بهواجسي، أعجز عن التّثبّت في لوافت المحطّة الثانية أتعلّق بما لا أراه في المحطّة الأولى، أقترب من نهاية الصّفحة الواحدة والخمسين تتغيّر أرقام الصّفحات بشاشة الأورديناتور، وتتخيّل أنّني أتكلّم عن عمري وعدد سنوات الجنازة نقضيها في قماطة الكفن، أحتفل اليوم بعيد ميلادي على ظهر ورقةٍ أسمّيها نعشًا ولا أخفي عنك يا إزرايلا أنّي لم أنسْ اِسمك فهل يتواصل طلاقنا وتلاقينا سرّا عندما يشعل الضوء الأحمر ولا تأخذني أنا سلاّل القلوب سِنةٌٌ رغم أنّي أشخر في غطيط الكفن؟ وتنطلق من فمي رائحة المازوت بعِطر الغذاء مقابل الجوع وأفكّر في كبدي كما أفكّر في كبدك يا إزرايلا أهذا عشق العذريين؟

ونتأمّل أنا وأنت في حلم اليقظة علّنا نظفر باسْميْنا، فإذا النّصب التذكاريّ تهدّمه التّراكس الجديدة تصل في أقلّ من لمحةِ عينٍ على جناح جرادةٍ بفضل التّسويق الإليكتروني وتمّحي الحروف نحاول جمع فتات ما تبقّى من آثار الهدْم يا للصّدمة الإعلاميّة تذكرنا بجثتينا أين قبلة الصلاة؟ أين الشمال؟ أين الغرب؟ أين الشرق؟ أخلط الآن بين أنهج الكنيسة وجامع الزّيتونة ومقبرة الجلّاز. ألسنا في شارعٍ طويلٍ عريضٍ يؤدّي بالمراسلة الفوريّة والتفنّن في بناء الجسور العميقة إلى مقبرة الأمريكان لا دفن فيها ولا صلاة جنازة؟

ماذا بعد المقبرة الأمريكية؟

وقبل أن نسأل نرى متعانقيْن سلاّل القلوب يطفو ويغطس في سواحل قمرت يتهشّم زبد الصّخور بين فخذيْنا عن بعدٍ. أنحن واحدة أو جمع أو اْثنتان؟ أخلع البيكيني وتخلعين، نسبح عارياتٍ لا تغطّينا إلاّ مياه الشاطئ، تقفر الجنازة نعلق بفُتات الملح يمتدّ ظلّ سلاّل القلوب يلاطف أجسادنا لا نخشاه، نقدّم له بناتنا قرابينَ ولا نطلب مكافأة تكفينا كنوز المقبرة مؤونة الصّمت والدّخول في ببّوشتي قرونا طويلة لا نتكهّن بنهايتها ويصعد جسدي مع جسدك إلى مقبرة القمر وتبقى أرواحنا هابطةً في الأرض. لا أفرّق بين الصّعود والهبوط أكره فيك هذا التنطّع وأعشق فيك إصرارك على سلّ القلوب بهذا السّير البطيء، هل تتحرّك الجنازة بشكلٍ أسرعَ وقماطة أمّي لا تزال تضغط على جثّتي لا تترك آثارًا واضحةً، وصفحتي إليكترونيّةٌ، تختلف عن ورقة الحلفاء تُغطيها منذ حين رمال السّباسب في جهة القصرين، لعلّها تنبت مختلفةً بفضل مشروع إهمال الأراضيّ وغضّ الطرف عن إصلاحها بالحفارات الأميركيّة؟

ونسرق صباح الجنازة من جسديْنا ولا نفكّر في التّمثيل بالرّمّان والتفّاح والزّبيب كيف نسرق؟ تحوم أظافري بظلال البيكيني أأفتّق أصداف الظّهر؟ أعرّج على مكمن الحلمتين أعد صفحاتي الخمسين، تتقلّص على ضفاف الفخذيْن ولا تتجاوز السّادسة عشرةَ، أقشّر بشفّتيّ زغبًا أمحو به فارق السّنّ. نتخبّط في فراشٍ من شرايين المخّ، أدعوك دون كلامٍ إلى مسبح لا نتطهّر به. فلا ذنوبَ تُعدّ أثناء هذا الاِرتباك في سيْر الجنازة، وننبت شعرتين في منخريْ سلاّل القلوب ولا نرتجف. أبتسم نيابةً عنك لأنّك في المنخر الأيْسر وأعرف أنّ أمّي تخادعني ليخلوَ لها الجوّ مع عشيقها الجديد.

        أمّي تسلّ قلبي لأنّها تخاف منّي

        أأنا أخيف؟

        أنا سلاّل القلوب

        و أنت أمى من الراجل الآخر.

        الأفضل أن تغمض عينيِك حتى لا تراه كاسفًا في طنبك القايلة

        والرّاجل الآخر بابا يا أمّاه يحميني من خرافة تخويفك أنتظره ولا ألقاه إلاّ خارجًا من غرفتك في نهج سيدي عبد الله قش، أغضّ الطرف عن ملامحه لأنّي أتأهّب للدّخول إلى غرفة حريفةٍ لي أراها دائما في سنّ السّادسة عشرة، فإذا أنت أمّي والدّاخل إليك كالخارج عشيق بين العتبة ودَقّّة الباب.

وأحسب الجنازة تغطّي عين الشّمس ليتأجّل التّصريح بكثرة ذنوبي ولا أرتجي من أمّي أن تطلب لي المغفرة بعد أن أضبطها عاريةً تنتظر حريفَها، فكأنّ الدّاخلَ اِبنُها أنا أنسى تحت قدميْها جنّة سلاّل القلوب كيف أظفر بها وأنا في مضجع خرافة تتساقط فيه قشور القلوب سوداء تكشف عن بياضٍ خافتٍ لا أفرّق بينه وبين أنياب أمّي تنهش ساعدي؟ يتملّكني الحياء لا أردّ الفعل ولا أحتجّ.

وإذا الجنازة قمرٌ أسودُ في لحظة كسوفي قبل دفني بشهرٍ، يتفنّن كفني ألوان فينوس، ولا تستمرّ لحظة الاِنعكاس أكثر من ثوانٍ، لا أفكّر في نهاية القرن أتجدّد، تشرق شمسي وتظلّ خرافة أمّي تُخيفني تروي تجاربها مع سلاّل القلوب، لا أحبّ أن أسمع قصّة زواجها بأبي ليلة زفافها تركب الكِرّيطة يُغطّيها الباش الألمانيّ وجران السّبخة خائف من أسنان الطليان في سبخة بير الصّيد قريبة من سبخة بير السواني ويخاف سلاّل القلوب نهار أحداش وشت على عيونه يحذّر من خطر الكسوف نهرب نحن أهل الجنازة قبل غيرنا يقفر الشارع تظلّ جثّتي عارية لا أخشى من أحد فحتّى سلاّل القلوب بانْدي أمّي طلع جبان

        ألم تقل يخاف على عيونه؟

        ولم يخاف على عيونه بالذّات؟

        بعيونه يسلّ قلوبنا

        سلاّل القلوب مصاب بعقدة العيون؟

        عيوننا مغمّضة ومع ذلك ينشغل بها سلاّل القلوب دون غيرها من أعضاء الجثّة

        أعشق عيونكم لأسلّ قلوبكم

نلتزم في أوراق الهويّة بأنّنا نتبرّع بعيوننا فداءً لك دعْ جنازتنا تمرّ فالكسوف لن يستمرّ فعيوننا لا تنفعنا في هذه الجنازة من الأفضل أن تحترق أجفاننا بنسور شمس الكسوف لذا فإنّ حملتك الوقائية لن تساهم إلاّ في إخلاء الشارع من المشيّعين وتبقى عينك عليّ شاهدةً على أنّك فاعلٌ في جثثنا ولا أحدَ ينافسك في ذلك. ألا يكفي أنّك تسلّ قلوبنا بما ينتظرنا من حساب في قبورك؟ ها أنت تخيفنا برقصة سماويّة وحلّ السّرّة تلقَ خيطْ في نُقبتي: لا أعرف أهي الأماميّة أم الخلفيّة؟ لأنّي خائفٌ والحقّ يقال من كسوف شمسك يا سلاّل القلوب والبركة في خرافة أمّي الخضراء بأضغاث أحلامي المخيفة باِصفرار الورقة الواحدة والخمسين من كتابٍ لا أنْجزه وأنا في هذا الموكب العادي.

تكثر درّاجات الكوكا ولا واحدة من المشيّعات تفوز في سباق الجنازة كلّهنّ يحملنني على حِلمة من شعاع نهدٍ، لا أرقبه بنظارات واقيةٍ من خطر الكسوف، تتداخل الأزقّة والشّوارع، ألاحق صُوَر السّائرات في الصّدارة، أزيل لثام الكفن أسرق من سلاّل القلوب إطلالةً على جنازةٍ متأخّرةٍ عن وقتها. ألم أقل بأنّي أسير فيها؟ وتتملّكني رجْفة الخوف من سلاّل القلوب أفرح بسجع أمّي ولا يتحوّل هذا الموكب إلى خرْجة عيساويّة، ولا أقف أمام النصب التّذكاري واجمًا، ولا أذكر في هذه اللّحظة شيئا من المحطّة الرّابعة وأخطف مشاهدَ لا أعيد رسمها بالحروف، أنسى الجنازة متظاهرًا بالتمرّد على سلال القلوب أكسّر جُمل أمّي وطريقتها في التّخويف من سلاّل القلوب.

وأضحك خائفًا ولا أعرف السّبب

من الموت؟ من الحياة؟

من قماطة الكفن؟

وسلاّل القلوب موت؟

لا هو حياة؟

أطلب تأخير الجنازة لا أراجع أموري وكيف ألهو في هذا الموكب بأمور تافهة كالحياة والموت وسلاّل القلوب وقماطة الكفن؟ هذا كلام عجائزَ، لذا أقرّ العزم على ألاّ أستنسخ حروفا أسمعها الآن من فم أمّي ولا أراها ضمن المشيّعات ألهو مع إزرايلا بعد أن تغفل عن اسمها الجنائزيّ فأناديها سهْوًا حبريّة تقبل عبث أناملي ولا تنفر منّي إلاّ لتلامس شعيْرات فخذيّ بحروف أظافرها وتغفل عن اسمي فتناديني حبري ونكادأن نتعانق بفرحة السّهو عن اسميْنا لولا صياح المشيّعات هاتفات بالولاء والتأييد لسلاّل القلوب: بفروجنا اللاّيثة ونهودنا المجلّدة نفديك يا سلاّل قلوبنا

اليوم جنازة حبري وحبرية ودَمُنا يسْري في شرايين الأنْترنات وأنت ساهر على عيوننا منذ مطلع الجنازة في باب الجلاّز.

 

حبـــــر أبيـــــض

ضــريبة نهد

أشتقّ من الحبر اسمي واسمك لأغفل عن همّ الجنازة وأسهوَ عن لحظات الاِنتظار بمحطاتٍ أربعٍ. رغم قلقي بهذا الرّقم أمحو علامات التّرتيب، أخطّّط للرّحلة، أغفل فيها عن سلاّل القلوب أعوّض الجنازة بالعُرس لا أغيّر شيْئا من مراسم التّعزية، لا أختلف في كتاب المحطّة الرّابعة عن الكتب الثلاثة أمزّق هذا الكتاب قبل أن أكتبه. أأحرقه؟ ألقي به في يم المحيط الأطلسي كم أنا كاذبٌ هل أغادر ضفاف كركوان والمُتحف محروس بسفن القرصنة الجويّة تتأهّب صواريخها للاِنطلاق من هضبة صقليّة؟

أُفيق في هذه المحطّة الثانية، فإذا أنا هامة من جِلد الورق في عمامة ببّاص يسبح خائفًا بالأربع وإذا المحطّة سبّابةٌ تنتظر إشارة إبهامٍ في المحطّة الأولى وأنا حبريّ وأنت حبريّة نظلّ عالقيْن بأُشْنيّات المحبرة ولا نتعانق إلاّ للاِضمحلال تتملّكني وحشة الكتاب الأوّل أقاومها بالتّرتيب المقلوب.

        وسلاّل القلوب حبري أم حبرية؟

        أف ما أحلى العودة إلى خرافة أمّي

        وسلاّل القلوب تابل وكروية وثوم

        شكشوكة أمّي تسلّ قلبك يا حبرية

ألتذّ أثناء الشهيق مجاملةً وأتجوّل في طـنبك الكسوف فوق كهف الصّخرة، ولا أردّد حديث العَمي وأبوكليبسو يموّه على المشيّعات بقيام السّاعة إليكترونية معلّقة في بداية المحطّة الرّابعة وأحسب أصابعي فإذا هي سبعٌ لا عشرُ، أطلب التّعويض علّي أسترجع أصابعي عن طريق التبرّع بالأعضاء، لكن القاضي يرفض طلبي في غياب المُحامي، ولا أمَلَ إلاّ في شفاعة حبريّة عشيقة الحسين ولد علي بن نصر الله الجــلاصي نفـعني وحبرية برأفته وفروسيّته صبّ الكوكا بعد البسكلات حاجتنا بالموتو.

أبحث عن أصابعي الثلاث في المحطّة الثانية من هذا الموكب كيف آخذ بثأري من سلاّل القلوب؟ أأبصق في وجهه بحبري الجاف في حلقي منذ المحطّة الرابعة؟ إنّه يراقب الآن حركة شراييني من خلال شاشة الأنترنات، يطرأ خللٌ على الصّورة أتماوت على نعش من تصحيف الجاحظ ولست حيّة بلعنبر ولا ذبابا في منخر قاضي البصرة أغمض عينيّ عملاً بخرافة أمّي فلا أرنو إلى الشّمس في نهار الكسوف يطول كما يطول صباح جنازتي هذا ولا أحدَ من المشيّعين يفكّر في الفرْق لأنّ أصابع الحساب مفقودة ولا قرينة تبقى على جبهتي سوى خيوطٍ من أخلاط الفصول الأربعة. أفّ من قيد البوصلة البريّة ألحسك ياحبري أنا عشيقتك لا أفتح فخذيّ على سرّتك إلاّ في موكب الجنازة صباح زفافنا ولا نكتب عقد قران، وأعرف أنّ اسمك الحُسين أغيّره بالحبريّ تمويهًا على سلاّل القلوب وتضيع عنه بطاقة الإرشادات فلا يعرف من نحن.

و من نحن؟

ألسنا مشتقّين من حبر البحر نتضاجع هذا الصباح على حرشفة من لون الأرض منعكسة في ماء السماء؟ وأحتسي نزيف وريدي وتحتسين نزيف وريد ك، تتلمّظ شفتاي زفر لسانك وأحسب جثّتي مسبحًا من هسيس الصّدفة وتبادرين بضمّ شاربيّ بين فخذيْك نغفل عن محطّة البداية والنّهاية: فلا محطّة أولى ولا رابعة كيف نغفل عن محطّة الصّفر ولا واحد منها يقهرني على الصّدفة غير نقطة سوداء أراها في ناحية من نواحي جسدك العاري ولا أظفر؟ وتتكاثر نقط سوداء على صفحة صدفةٍ لا وجه لها ولا قفا وتظلم ساحة المحطّة نشوف الموكب جمْعا ولا ندرك طريق الصّواب نواصل السّير في الاتّجاه المعاكس.

تسقط على رؤوس المشيّعات قشور القلوب تقوم جثّتي جاثمة تفاجئني حبرية أنت ابنتي بعرائك أترك دَنفي وأتعرّف على جسدك أخشى أن تكوني ابنتي ولست جسدا من دمي ولحمي هذه الورقة تشبه قشرة الأرض ولا تستر أوراق التّفاحة، تستحيل. مشْهدًا أحضره تسلّين قلبي يا حبريّة.

أنا سلاّل قلوب يا أبي أقطر من صًلبك، أتحوّل إلى صبيّةٍ عاريةٍ ولا تخجل من عورتي أمّا الآن فأراك تتجنّب النظر إلى مفاتني والسّبب نمو الأعضاء، زدْ على ذلك أنا الآن لا أشعر بعقدة النّدم لأنّي أتعمّد التبرّج أمامك فأنت أبي كيف أخجل منك، وأنا ألِدك من صلبي ياحبرية ومع ذلك تصيرين غريبة عنّي بمجرّد أن ينتفخ نهداك وينبت الشّعر بين فخذيْك، أُسكت يا أبي فسلاّل القلوب يحرّم فينا هذا الحوار العادي بين أبٍ وابنته أخطّه عمْدا على صدفة الحبّار ولا أتكلّم لأنّ سلاّل القلوب لا يقرأ حروفًا تكتبها على صفيحة وجهي حبريّة هي بنتي تضاجِعني ولا تبقى إلاّ لطخ من دم الحيْض. لا أعرف أهو الأول أم الأخير؟ وتخثر اللّطخ تصير عقدا تنحلّ تتلاحم فإذا عقدة منّي في حجم بيْضة الأنساسْت كيف نفقسها في عش الخرافة ولا تنتهي قصّة أمّي مع سلاّل القلوب أفسّرها لابنتي ولا أفكّ رموزها؟ فأنا بحكم عنصريّتي أغتصب اِبنتي وأخاف عليها من اِفتضاض البكارة.

كيف أحدّثك عن عنصريّتي وأنت غريبة عنّي يا حبريّة؟

في المحطّة الثانية هذه أتفقد أصابعي فلا يبقى من يدي اليُمنى سوى إصبع الاِفتضاض ولا حشمة في دين الجنازة المقلوبة أتحفّز لأشتريَ كسكر وت مفلفل من باب الفلّة.

أأنت سلاّل قلوب يا حبريّ؟

وهل أجيبك ونهداك يرتطمان للبرونزاج بنسيم الماء يخفقان بين غشاء الأشعّة وبرودة الرّمل؟ وألثم لون التّمر في نطّ الحلمتين وأقتل بالغوص حشراتِ سلاّل القلوب أراه وجهه يتفتّت في شكا ير الزّبلة تنهشه كلاب، وأقول في خاطري لأنّي خوّاف سلاّل القلوب وجهٌ في الزّبلة وأنا حبريّة صَبوح كيف أسبح معك في قمامة الزّبلة؟ أنحن في ضفاف بير السّواني أم في بحر الدّجاج الفوّاح بعطر الصّوارد وتفاتف الميزان من صابة الطّماطم؟ إنشكّب على كلّ الفلاّحين أنا المِزيانة في قهوة البزْناسة وسوق الغلّة قريبٌ منّا الآن ألا نزال في باب الجلاّز؟ أنا حبريّة حسب التّسمية الجديدة أحضر لأوّل مرّة جنازةً من هذا النّوع ولا أستغرب من سرعة التنقّل من مكان إلى آخرَ بقدر ما أستغرب من صبر المشيّعات وعدم ضيقهنّ بحمل نعشنا منذ اللّحظة الرّابعة ولم نعش فصولاً أربعةً، نتراخى في توجيه الجنازة نحو السّوق المركزيّة ولا نعيش الصّيف والخريف والشّتاء والرّبيع، خرافة الفصول تشبه خرافة أمّي مع سلاّل قلوبها والخضراء هيَ، تدفن أولادها وبناتها أنا وحدة قحْبة منهنّ عائقة أستغلّ خرافتها لتطول جنازتي هاهو الكسكروت في يدي اليُسرى لا أتصدّق به على حاملات النّعش لا يأكلن فواضـل قحْبة مثلي، لكن أنا حبريّ آكل الآن فواضل زكّك ها هو المايو يتنحّى يختلط لـساني بشعيْرات الملح وماء الموج يُباعدُ بين جسديْنا ليقتربا.

أنت إيزرايلا

وأنا علولو

منْ منّا سلاّل القلوب؟

أتأمّل خطوط الحبر في كفّك، فلا أفرّق بين يمناك ويُسراك، أفرح أنا أمّك بحرز ولدي أطفو على حصان البرْكة، أغلب الأمواج في الأطلسيّ وأركع في جامع غرناطة بين فخذيْك تلمع صورة الشّاشة في عينيّ لا أرى عروقًا بين نهديْك فحتّى عُقد الفاريس تمّحى ببرونزاج طارق بن زياد ولم يكن جدّي فارسًا إلاّ في مطهرة الشّعوذة وكأنّي أعوذ بالله من الشيطان الرّجيم في مقام عزّتي أنا المحمول على الأكْتاف أشمّ رائحة الأنفاس ولا أخشى سلاّل القلوب في هذه اللّحظة بالذّات، لا أتفقّد سروالي المفتوح أتعمّد البول كما لو أنّي في الحلم يهرب المشيّعون من ماء عيوني أتصوّره ساخنًا ومتاعي سخونْ موش هكّة ياعلولو الحبريّ؟ لم أذقه يا حبريّة لأنّي خائفٌ من اِسمك يا إيزرايلا

إيزرايلا سلاّل قلوب؟

وعلولو سلاّل قلوب؟

سلاّل القلوب اِسمان علولو وإيزرايلا والعبرة بنسبة الفوز بالاقتراع العام ينبغي أن لاتنقص وتزيد عن 99 فاصل 99 في المائة

لم أفهم لعبة الزّيادة والنقصان

إنّها تشبه لعبة الديمقراطيّة

ولعبة الدّيمقراطية غامضة مثل خرافة أمّي لا أساس لها ولا رأس. خرافة أمّي تجعل أمرنا شورى بيننا بالتّخويف والشّورى سلال قلوب والدّيمقراطية سلال قلوب ها نندبهم فرحانة بجنازتك يا حبريّ؟ أشطح في جنازتك والشّطحة فزّاني تويسْت، خلّينا نجرّب بالك الشّطحة تولّي رهزة وما تجيناش؟

ما أحلى بولك وأنا بين فخذيْك

آشكون أنت أمّي أم حبرية؟

أفيق من حلم اليقظة، وأنا في طنبك الحايلة منينْ يجينا المشي في جنازةٍ؟ أنام في ظلّ فخذيْك يا إيزرايلا ولا أترشّف سوى حبر الحيض.

أزغرد في أذنك يا حبري وأنت تترشّف عام ألفين نتكوّر أبحث في المحطّة الثانية عن أثر العضّة أبحث عن أسناني في الحلم تتساقط الواحدة تلوى الأخرى ولا تبقى في فمي الأدْرد سوى حلمةٍ في مسك الحمرة ولا أتنهّد فأنت فرصتي في هذه الجنازة تتكرّر حبريّة تشقّّقين على ورقةٍ من قشور العسل. أصطفيكنّ حبيباتي في صباح زفافنا وموكب الجنازة يتقدّم إلى الوراء أضمّ أصابعَ لا أظفر بلحظتي أنتظر محطّتي الأولى لا أسبل على نعشي ولا أكتب سيناريو كِذبتي مأجورًا ما أقوى سجعك يا المعرّي وحبرية تختلف عن ابن القارح لا تكتب ولا تقرأ بالعربي؟ والمعرّي أنا أنزع كفني لتتأكّدي من حروف اِسمك، والوشم صنعة اللّي ما عندو صنعة أتعلّمها في فندق العبريّ قرب سوق الفلفل توّا تفحّج فيه بنات التّوريست على كرايم الجمال اِنقعقع أنا واحد نبلع شوكة النّعام في زِهْمي ونتبرتع بقمجّة نهار الصّباح خائفة من فضيحة الزّغردة اشبيني ولّيت مْرا؟

والشوكة تسلّ قلبي؟

وقلبك يا حبرية؟

وقلب النّعام؟

أحنا خائفون من سلاّل قلوبنا فكّ علينا من خرافة أمّي هيّا نبدّل عنوان الخرافة وهيّانمحُ أسماء الشخصيّات ولا نكتفي بإعادة توزيع الأدوار. نجرّب في المحطّة الأولى أرتاح من عضّات أسنانك وأنت أمّي الحنون تكرهينني لـيلة أعـانق أبي وأفصل بينكما في المضجع أنت أنثى وأنا أنثى.

نغتنم هذه اللّحظة نفعل ما لا نقدر عليه أثناء الإنصات إلى خرافة أمّي نازعة وأنا نازع نلحس نعضّ نبزّع في عيون سلاّل القلوب نكتسح فضاء النعش تضرب عشيقاتي الطّار نقعر الدّربوكة الجنازة تصير الآن عرْس مجانين، يتدخّل كبير البوبْ ينصحنا بالصّمت والكفّ عن جلبة الشّذوذ وأحدّق في عينيه تنشغل حبريّة بامتصاص حبري ولساني أترشّف به رغوة البريكة مشعّرة بحامض التابل والكرويّة حبّاتٍ مزروعةً على الشّفرتين، وكبير البوب يهدينا إلى طريق الجنازة نعصي كلامه، نواصل شذوذنا إلى أين يسير موكب الجنازة؟ وكيف نتمرّد على كبير البوب والقازرنة بجانب القازرنة والهاتف الجوّال يعظم من شأن تكبيرة الآذان؟ أشهد أنّ كبير البوب يشطح في جنازتنا وأنّ سلاّل القلوب رسوله يأكل لحمتنا نهار عرسنا.

وشهادتي باطلة لأنّي مسبول في نعش مغمض العينين بعصابة الكفن من أنا لأشهد والقطنة خارجة من دُبري بسبب ضغط الرّيح وبصّتي تخوّف المشيّعات يُزغْردن للبرْكة والقرابيلة على كتف كبير البوبْ بالدّم الخاثر، نفديه ولا فائدة في إضافة الرّوح لا تكون بلا هيكل ودم؟

بلّع فمّك، أسِمك أنا من تحت جلدة البرغوث وأنا صغير البوب، أفدي بدمي الإليكترونيّ سلاّل قلوبنا، جميعًا، هو يأكل لحمة القلب وشويّا من الكبْدة المشويّة، ونحن نأكل البعبوص وشويّا من البعْرة، ولا نترحّم على مريم الصّنّاع لا تعلّمنا حسن التدبير في النّفقة نأكل بيد ونفرّت بيد وحشيشتك يا أمّي تتحرّك في دمي كلّ صباح ولا يفصلني عن الدقيقة الواحدة والخمسين إلاّ ستّة أيّامٍ وهل تصبر لجان الأحياء المكلّفة بمراقبة الجثث الشبيهة بجثّتيعلى أن يتأخّر دفنها أكثر من اللاّزم، أعتقد حسب العادة أنّ أعوان التطهير يتأهّبون الآن لحماية الشّوارع والأنهج من خطر التّعفّن وإصابة المخّ بكوليرا التمرّد والجنون.

وأحسّ وأنا في هذا النّعش أنّي أصبت بفيريس جنون البقر خلال سفرات على الورق ولا تصاحبني إلاّ حبريّة ولم نزر بلاد الغال إلاّ على نهديّ ديانا نهار الحادث وأضحك من بلاهتي حين أركع أمام شاهدة قبرها لأنّها حسب اِعتقادي تعشق حصان علولو المصريّ وتركب حصان شارل أبيض بقلبو بارد بشمسو.

أتردّد في إعلام كبير البوبْ بإحساسي الغريب، أقرأ حسابا لعواقب التّهوّر والصراحة، أكتم أنفاسي بلثام الكفن. أهمس لكبير البوبْ علّه يدرك رغبتي في التّململ، يفهم مقصدي حسب إشارة يده ويسدّد لكماتٍ تهبط على طاسة مُخّي لا أحصيها، وأكاد أن أغفل عن خرافة سلاّل القلوب وأنسى أساليب التّخويف، لكن أصواتا تنطلق من مِصدح الموكب تشبه أصوات الترانزيستور أرثه عن أمّي تضمّه إلى صدرها صباح مساء، ولا تغفل عن نصائح الدكتور حكيم إلاّ حين يتعلّق الأمر بعدوى جنون البقر ومنافع الدّجاج الأبيض.

أنتظر في هذه الجنازة متى وكيف يتبرّع عليّ البرانس شارل بدمّو؟ أحتف مع الأطفال بالحجارة كيف أغضبك يا حبريّة؟ نتفق على موعد الخطوبة أغفل عن قراءة الفاتحة وتغفلين عن قراءة أوراق من زابورك وأسمك الفنّي داوود تسردين بيدك اليُسرى قميصا من فقاقيع الكوكا تدبّ في عروقنا حركة البرغوث الإليكتروني أشتاق إلى تكويرتيْن على صـدرك أنسى أنّك اِبنتي وتنسين أنّي أبـوك أفهم إحساسك من هسيس لسانك على صدري المشعّر ولا أنبعث من نعشي، أأنا حيّ على ورقة؟ هيّا نجرّب الحياة، هيّا وأدعوك في لحظة متأخّرة أخالها تبدأ منذ انطلاق موكب الجنازة أفرح فرح التقدير لنتحرّر من ضابط الولادة والوفاة أهو سلاّل قلوبنا نفلت من عينيه في مقام السّير بالمقلوب واَسمي محمّد، وأُكَنّى الحسين آخذًا بخاطر، أمّي تنتصر باسمي على عزرائيل فأحيا بحبري يختلط بحبرك ولا فائدة في التّذكير باِسميْنا الجديديْن؟

ونشتهي، دعيني أجمع بينك وبيني كاذبًا. فكيف أعرف أنّك تشتهين كما أشتهي ولم تعبّري عن رغبتك في اِقتران اِسمك باسمي علانية ودون خوف من كبير الأحبار أخلط بينه وبين إمام الخمس؟ أهمّ بالتّعبير عن رغبتي في تصوير مشهد الجنازة بأناملي، وكيف أقرأ كفّك يحجبها الكفن؟ تطلب من سلاّل القلوب ترخيصًا، ترسم على ظهر الورقة نواياك ومقاصدك، ونفرح بحسن القبول وكيف أخرج عن العادة؟ أنكرّم وجـه بني آدم بتصويره في موكب الجنازة؟ أراجع أموري، أرى دوافع الترخيص غير وجيهة، أغيّر صيغة الطلب أغيّر كلمة المشهد بما يشبهها، أكتفي مثلاً بقشور المشهد تتراكم على صفحة النّعش تراكم عظامٍ من عِهْنٍ منفوشٍ. أحمل مع المشيّعات نعشي على كتفي الأيسر، ينظرْن إليّ لا يستغربْن من هيْأتي، نواصل السّير معهنّ أراكِ في الجانب الأيمن تجرّين فُستان زِفافنا ولمّا نتزوّجْ لأنّنا لم نتّفق على جنس المولود، لا أعرف، أأشتقّه من اِسمك واسْمي أم أترك الأمر لاِختيار القابلة؟

في المحطّة الثانيّة نتدبّر عُنوانا لهذه الجنازة أراه لا يرسم بدِفّةٍ ما بين الجِلدة وكتّان الكفن. أنتشي بورْطة غباوتي، كيف أثق بعنوان لا تستوي حُروفه ولا تستقرّ وما الفائدة من تصوير موكب الجنازة يتكرّر كلّ صباح ولا نراه بالعين المجرّدة؟

وسـلاّل القلوب عنوانُ رضيعٍ، ننتظره علّه يُولَدُ في محطّة الجنازة لا يخاف من خُرافتي، أنا أمّه ولا يجثم صامتًا أمام نصب التّأبين، أعرف أنّه ابن سِحاقي مع بنات ينتثرْن من صُلبي ويتضاجعْن على زَربيّةٍ من ورق الحبر، أنيك ابنتي وتنيكني، ولا أرتجي حلاّ لعُقدتي أنا، مريضة الأنساسْت، أقترب من مارستان الرّازي ولا أصل إليه، أحمل طاسة مُخّي أكَمَةً من شَعرٍ مُخضّب ببياض الظلمة والأنساسْت داءٌ للشّفاء من تخويف أمّي، وكيف أتكلّم أنا الرّضيع ولا أزال مشروع حبريّ وحبرية؟ نحن الآن في مهد النّعش، كيف نصدّق كذبة النّطق بعد ألفيْ سنةٍ؟ نعوّض المحطّاتٍ الأربعَ بأصفارٍ أربعةٍ، نغيّر ترتيب الأرقام لننسى محطّات البداية والنّهاية ولا محطّة دُنيا نصعد بها إلى محطّة عُليا غير هذا النّعش من خشب الغابة أكتريه عن طريق الاِقتراض من بنك الجنائز لتدفن جثّتي الطائشة في رُفّ المقبرة بعد أنْ تضيق الأرض بالقبور ويصير الدّفن الأفقيّ مستحيلاًّ. أظلّ متردّدًا بين الرّغبة في الدّفن العموديّ والرغبة في تأخير موعد الدّفن، لكنْ، لا بدّ من قرض إضافيٍّ لتأمين سيْر الجنازة تفوق نِسبةُ الفوائض فيه نِسبةَ فوائض قروض السّكن واِقتناء السيّارة الشّعبيّة، أفّ من فوائض القروض، إنّها تسلّ قلبي في موكب الجنازة لولا الحذر من فتْنة السّخرية من عوْرة بني آدم المكرّمة قياسًا على تـكريم وجهه لَصرختُ في المشيّعات بتمزيق النّعش وعرّيت تِرمتي المرهونة بالقروض إلى فترة ما بعد الدّفن، أظنّها تسبق فترة ما قبل الولادة. أأنا الآن خائفٌ من عُقلة اللّوسي، نعود إلى معْبوكة التّكرار. ألم تقل في بداية الموكب إنّ اللّوسي سلاّل قلوبٍ أراه في زيٍّ مدنيٍّ يمسك بيده اليُمنى مسدّسًا، لا أحدَ يهرب من تهديداته، يسير الموكب ينزف بول حارقٌ من بين الفخذيْن يغسل به وجهه، تزول الصّبغة، ينبت حول حاجبيه شعر عجوز يفوق عمره ألفيْ سنة ونيفًا، وأحسّ أنّي ضعيف جدّا في الرّياضيات العصريّة، لا أفرّق بين جدول الخوارزمي وطريقة تصفية الأجساد بمسدّس سلاّل القلوب، كـاتم أنفاسنا في جنازةٍ ولا علاقة له بعلاقتنا بعزرائيل نهار القيامة اِشبيه تأخّر حتّى عام ألفيْن. نظلّ قُعودًا ويظلّ سلاّل القلوب راعينا قائمًا ولا يجيء نهار القيامة. أهي كذبة النّهاية تفوح بالخوف على شفتي أمّي؟ سلاّل القلوب خوف من نهار القيامة.

ونهار القيامة أنهايةٌ أم بدايةٌ؟ .

المسألة تتعلّق بالحساب الذّهنيّ، وطريقة الكتابة باليُسرى واليُمنى، وكيف يفرّق عزرائيل بحضور سلاّل القلوب بين ما تفعله حبريّة من ذرّة شرٍّ وذرّة خيرٍ؟

وكأنّي أجترّ المحفوظ أدور في المحطّة الثانية بغلَ مَندرَةٍ. كيف أخرج من ورطتي ولم يبق من عمر الجنازة غير دقيقتين ومحطّة واحدة؟ أتحرّك صباح العاشر من سبتمبر في نعش أمّي أيسقط رأسي في الأرض غدا السّبت على السّاعة السّابعة صباحا؟ تتكرّر لحظة أغفو عنها منذ واحدٍ وخمسين عامًا وتسعة أشهر، أحتفل بالخمسينيّة على خلافٍ مع شقيقتيْن واحدة تسمّى إيزريلا والأخرى كُوكا، تختلط الأسماء في مذكّرتي، أترشّف قهوتي الصّباحيّة في كأسٍ فارغةٍ، لا أدفن وهمي في رُفّ المكتبة، أظلّ عالقًا بظهر ورقة تغوص وتطفو أمامي، توقع بأناملي نزيف اللّحظة، وهشيم الموج سنفونيّةٌ للذّاكرة، يتفتّت زُجاج الكوكا تخصب شمس الصّباح عروق إيزرايلا أحتفل صباح الحادي من سبتمبر عام 99 بعيد ميلادي العشرين، ولا أعرف أنّي في الخمسينَ إلاّ من خلال حديث الجُلاّس في مقهى المُشيّعات ولا أفرّق بين هذا المقهى وموكب الجنازة. أغدًا أولدُ ماشيًا في الموكب لأواصل بإرادة أمّي والقابلة تنفّذ ما تتذكّر من خرافة سلاّل القلوب؟

أمجّ هذه الخرافة بنينة بين أسناني أحرّفها بالقضم ولا تبقى بين شفتيّ سوى حُلماتٍ، أجهل صُدورها، وعنوان المشهد عسلٌ ذائب بحبق البشرة تشرق في قباب الماء.

أمشي مع النّاس لا أتوهّم الطّيران، فنعشي لا يُرفع على الأكتاف، أسير نحو قبر من تراب الأرض، تفحّج عليّ مومسات أرتوي بما يبقى بين أفخاذهنّ من سِحاق الشّهوة، أسهر أنا وحبريّة على طحالب الشّمس، نصير دودًا نمزّق الكفن تنفخ العاصفة في قشور الخرافة يغيّم سلاّل القلوب يتبدّل صفيحة وجه أخالها ورقة حِرزٍ، فإذا كتاب بلا دفّتين تتعرّى حروفه يشتدّ شهيق المُشيّعات، أصير بين أفخاذهنّ، لا أكتفي بك يا حبريّة، وأنا لا أكتفي بك يا حبري، نجرّب في عيد ميلادنا الرّقاد في نعش واحد ولا نأمل في جنّة خارج الفخذيْن، لا نحبّ الدّفن، ونحن نمشي ونعشنا قصبةٌ نجدّف بها في شارع المحيط الأطلسيّ ولا ترسو سفائنُ أطفالي في سواحل فلوريدا، نجرّب الغوْص أنا حبري المكتّف بقماطة أمّي، وأنت حبريّة شايخة بزبّورك في فَمي بين فخذيْن في تِرمتي، على ظهري، على بطني، المهمّ تجيكْ واشْ يهمّك في أمّي تربح من تكسيرة بابا ليلة دخلتها حسّونة البدْري قلبو بارد لحّاس تْرمْ وينو قلمك يا حبري الغالي ناكاتو حبريّة شُهرت إيزرايلا معلّمة سلاّل القلوب الجديدة وتبديل السّروج راحة تنتظر اِجتهاد المُفتي وتبديل الأحكام موش مشكلة.

 

المحطّــة الأولــى

أطلّ على المحطّة الأولى مرتعشًا من رغْوة اِنتظاري في حوض النّعش، أحاول فتح عينيّ لأدقّّق النّظر في لوافت السّاعة السّابعة من صباح السّبت يوم الحادي عشر من سبتمبر تشرق الشّمس في جميع المحطّات، لا أزال متعلّقا بفعل الشّمس كأنّي غير مُقتنع بدورانها، وتنبت على جبيني ورقةٌٌ جديدةُ، أصبغ حواشيها ببصمات الاتّهام؟ ولا أطلب التّخفيف من سلاّل القلوب لأنجوَ من عذاب النّار، أُحرق في وسط النّعش، ولا يُدفن رمادي في عُلبة سوداءَ لأنّي لا أحبّ أن تَعرف المشيّعات سرّ المُصيبة يتفتّت رماد جثّتي كُحلاٌ في عيونهنّ يغيّرن الوجهة، يفتحن بحثروب الرّماد نوافذ لم ترَها عيني خلال هذا الموكب يبلغ اليوم خمسين قرنَا ونيّفا، لا أطمع من ضابط الحالة المدنيّة أن يشهد بصحّة المعلومات الخاصّة بيوم جنازتي صباح ميلادي وكأنّه السّبت كما لا تشتهين يا حبريّة حسب قانون المِلكيّة في دفتر الأيّام.

لا تشغلي بالك بتشييع جثّتي اِهتمّي بجنينك منّي ومن كلّ الإناث علّّه يطلع فجأةً في محطّةٍ قادمةٍ، لا أتكهّن لها برقمٍ ولا نعت، ولن يصير وحـده في غفوة لحسةٍ أجنّةً لا تعدّ تسبق بسوادها إلى جلدتي دودًا أبيض أتكهّن به الآن ولا أراه.

أجترّ خرافة أمّي أخسر بها غفلتي وتخسرين غفلتك أترجرج في قصعة القابلة ولست مُضريّة ولا حِميريّة إلاّ بسجع الخُرافة أكرهك يا أمّي لأنّك تبالغين في العطف عليّ بتخويفي من سلاّل القلوب وكيف أقيس ما تبقّى من المحطّة الأولى بقياس الأيّام والأمثال ولحظتي لذيذة بشبقي المرّ لا أهنأ في هذا النّعش ولا استقرّ في وضع المسبول أقاوم أشلاء القماطة أرقّع بها كفني أترك فجوات أبيح لك النّظر في مفاتني وأنت خجول معربدة أتعطّر بريقك الأسود لا أراود الصبايا من غير العذارى ولن تبدأ حفلة عيد ميلادي، فأنا لا أعرف بالضبط اللّحظة الفاصلة بين الجمعة والسبت.

أرجئ الآن البحث عن العلبة السّوداء لا أحبّ أن أعرف أسباب الاِرتباك الطارئ على مخّي أنا العاجز عن ضبط لحظة الولادة والوفاة لا أظفر بخطوط تنزّها أناملي، ألامس جِلدة العلبة تصير بيضاء أو هي بين السّواد والبياض لا أميّز الآن بين الألوان ولا تهمّ هذه اللّحظة المفقودة أحدًا سواي تشاركني المشيّعات من باب المجاملة أحسّ بأنّي سائر وحدي رغم اِشتداد الجلبة وكثرة الشّهيق وأر هز وحدي لا تطيق حبريّة دربوكة الفزّاني وآشكون المرتاح أأنا أم هي؟ لا أظنّها تهرب من عرس جنازتي إلاّ تمنّعا واِحترامًا لنوازع البَداوة تبين على جلدي بين الفينة والفينة نقرأ عليها حرفًا واحدًا من حروف العلبة السّوداء، وهل نأخذ الإذْن من سلاّل القلوب للبحث عنها أم نكتفي بغضّ الطّرف عمّا ينغّّص هذا الموكب من أسباب البحث عن علبة لا تسجّل أمرًا دقيقًا؟ لا تضبط لحظة اِصطدامٍ بزمنٍ، نرهبه متشوّقين ولا يقف معنا حين يدعو سلاّل القلوب المشيّعات إلى وقوف على طَلَلي، دعني من ورطة هذه الخرافة، فلحظة زمني تغذّيني، أمتصّ بها لبأ نهدك، هي معي تسري في دمي الآن، لا أنتظرها ولا أودّعها ولا أفسّر ألغازها بحِكمة العُلبة السّوداء، تنفع فقط بوليس التّحقيق في أمر حوادث الطائرات والبوارج السّلميّة، وأستنشق الآن عطر لحظتي، أطفو عليها بلا زمنٍ ولا محطّةٍ: شهيّة لذيذة هذه اللّحظة تشاركني فيها مشيّعاتٌ، لا يعطفن عليّ، ولا يرهبنني بدافع الشّفقة والحنان بخرافة سلاّل القلوب، لا تهمّني هذه العلبة السّوداء. أأنا في المحطّـة الأولى أم في الرّابعة؟ أترشّف نكهة الخريف في كلّ فصلٍ تخضب شفتيّ لسعة فتات خبزٍ أصفرَ.

أبحث عن سببٍ نجدّد به لقاءنا، تسير الجنازة في اتّجاهات الفرح بعرسنا، نبقى في كوخنا المنتظر نشوي على فحْم الذاكرة سنابل من ورق القطانيّة، نبني به هرم لذّتنا وتنتثر حبوبٌ صفراءُ من ماء الحبر، وهل أكتب خرافتي مُطلاّ من نعشي على زرقة الرّمال، أحتسي من رِماد عظامي قهوة الحبر.

عشيقتي حبريّة تسلّ قلبي بشهوتي أخطّها على جِلدتي، ولا أخاف عليها من سوسن القبر، وهل ينْخر كفنًا من دود الدّم أحمرَ أبيضَ بلا فصيلةٍ، ونسكت طيلة المحطّات الثّلاث عن فيريس السّيدا فلا نهتم بمخاطر الشّذوذ في مقام الجنازة.

ألعن أبي، أبصق في وجهه، لا أرأف بأمّي، وسلاّل القلوب أنا طلعت ميبون، أتاجر بقشرة رأسي سوداءَ. ها أنا شويّب أسلّ قلوب المشيّعات بتجاعيد جبهتي أغازلهنّ ولا أربح سوى تقطيب من عرق الجبين، أعدكنّ رفيقاتي صباح الجنازة ولا أظفر بكنّ على نعشي يطير ورقةً تلحقها ورقةٌ فورقةٌ من كتابٍ، لا أقرأ عنوانه.

أكتب على قشرة المخّ لتنبت شعيراتٌ نافرة من قماطة أمّي وأبالغ في توريةٍ، أرِثها عن أمّي لا تواجه سيّدها الكبير ولا تحدّق في وجهه وفي عيونه الواسعة إلاّ ساعة موته، أنافق لأنّي خائف من توابع سلاّل القلوب. لمُ أكتب؟ أأمزّق الورقة وأهنأ نفسًا مطمئنّة في نعشي؟ وكيف أطمئنّ وعشيقاتي من المشيّعات يعدنني كلّ صباح سبتٍ، ولست نزيل المارستان؟ تتسلّق الجنازة هضبة السيّدة المنّوبيّة. أطلّ على جنان منّوبة، وألهث خائفًا من هاجرة اليوم وهل أنهش مع كلاب السّيجومي جثّتي؟ فلا أنا من الشّهداء ولا أنا من الرّاكعين أمام شاهدة قبري. أنا كلب نِسِنسِ، أشمّ بول الطلبة والطّالبات، ألحس ما بين الأفخاذ، أرعب المُتجمهرين، لا أحد يبقى في ساحة الكليّة محميّة بجدرانٍ أربعةٍ، سوى سلاّل قلوب يتلو آيةً من سورة العُلبة السّوداء على شاشة الأنترنات كيف يقرأها؟ أليست مفقودةً منذ بداية الجنازة؟ .

أُفيق في بداية المحطّة الأولى ولمّا أسلمْ من كابوس الخُرافة وهل أظلّ وحدي في ساحة فارغة من الطلبة ولا يبقى في صحن الجامع سوى نعشي يبول على سلاّل القلوب أهشّ بعصاه على غنمي نبعْبع بالإجماع؟ وتتواصل جنازتي مدى الحياة وأفكّر في العرس أغفل عن مهر الخطوبة تُهديني أمّي قرطًا أحوّله إلى خاتم عُنق أختنق بالهديّة، أسترجع أنفاسي بخرافة سلاّل القلوب أحَشرج، أنضمّ إلى سِرب حَجَلٍ يفرّ من ظلّي.

ولا أزال عالقًا بقشور التّورية متى يتعرّى رأسي ولا يشتعل شيبا فتعرفون بالفلاّقي أنّي أصلع أسلّ قلوبكم بشاشية حفيدي أخذها عُنوةً منه فجر الختان ولا تحتجّ بنتي من زوجتي التركيّة لأنّي أبدّل الشاشية اِسطنبولي بشاشية برق اللّيل يبزنسْ على بنات سيدو في النهار ومرتو الخضراء حايلة؟

خلّيني نرْوِ أمّي أنا الحبريّ والسّدرة أولى من الزّيتونة بماء بير السّواني. أرى المشيّعات ينشغلن عن جنازتي ببذر أشواكهنّ وأفرح بجنْي الجراح، تنشط عروق جلدتي، أتأهّب للقيام، لا أحد يهرب من إفاقتي لأنّ الموكب مشغول بالرّهز على إيقاع أمّي الكالح، لا أحبّ أن أقطع حبل الشّهوة عن رفاق الجنازة، فجثّتي ورقةٌ طائشةٌ لا تعطّل شغفهم بالنّكاح وهم جماعاتٌ ينسجون من حروفهم كلماتٍ، لا، ليَسكنوا إليها بل ليحطّموا نعش خرافة أمّي ويمزّقوا كفني بأناملي، علّهم يروْن خطوطاً زرقاءَ من شرايين الجِلد، لا يعرف كيف ينخرها ولا يعرف التّحنيط كيف يحميها من نهش الدّود؟

أفتح ثُقبيْن في الكفن أرى عُلبًا سوداء، لا أميّز بين عُلبة جنازتي ورفيقاتها، أظلّ جاهلاً بأسباب الموكب، ولا ترعبني نقاط متقطّعة أحسبها تُعجم حروف شاهدة مكتوبة لتمحوَ اِسمي ولقبي وتاريخ ولادتي. أجترّ ما أحفظه من سفر التّوبة:هذه المشاهد لا تتلاحقُ ولا أعرف لها بداية أو نهاية وأسمّي هذه المحطّة محطّة أولى أدور في مَصيدة العلبة السّوداء، وأحتال على من يقرأ حروف جِلدتي مُرغمً، ا يطول عمر سلاّل القلوب بخرافة أمّي تأكلني بثدييْها ولا تجوع. تظلّ أمة تفتخر بي عبدًا يمشي مصلوبًا في جنازةٍ من ورقٍ، يصنع منه الأطفال زوارقَ لعب.

بولة سلاّل القلوب أبيك ألذّ من لبئي في لسانك، يلاعب لساني، والحاصل فقاقيعُ حروفٍ، لا تلتحم جُمَل شفاهٍ، تتفتّت بلعاب الحبر في عُلبةٍ سوداء ببياضٍ المَنىّ.

أسرق في لحظة الجنازة رشفة حيضٍ، أنتظر بها فواتَ سنّ اليأس، كيف أحيض وأنا حُبلى بأشْأم منذ واحدٍ وخمسين قرنًا بحساب التّخيّل. متى تتوقّف هذه الجنازة عن المشي صباح زفافنا، ننتظره، ولا نعرف موعده؟

أغالي في إخفاء ما بي من شغفٍ بحلمتيك يا حبريّة، وأحسب جنازتي عُرسً، ا فإذا أنتِ تضحكين من بلاهتي وتختارين غيري وهذا أمرٌ يفرحني، أشتهي به جنازتي، وأكره به موعد دفني، شهوة الجنازة تسلّ قلبي.

وسلاّل القلوب شهوة مُومسٍ عذراءَ بعادة السّحاق.

أستنبط من جثّتي كفني، ولا أخيطه بإبرة أمّي ودَبْرة البهيم بين كتفيّ، أرتجف من خرافتك يا أمّي فلِمَ لا تعشقين غير سلاّل القلوب، وأنت خضراءُ، سُرعان ما توقعين البّانْديا في شراكك. اختاري على الأقلّ ابانْدي آخرَ يشيّخك كلّ فجْرٍ دون أنِ تخيفيني بخرافتك.

أشعر بحدَس الأنثى أنّ هذه الجنازة ملفّقة ككذبة أرسطو، وغُرزُ الحبكةِ مكشوفةٌ، كيف أنافس حِبري في سباق الجنازة؟ أصبغ به قشور رأسي وتنطلي على المشيّعات حيلة فوزي في الاِقتراع بعروس خضراءَ، لا أتزوّجها مدى الحياة كذبًا وبهتانًا أشهد أنّي لا أحسن التّعبير عن مقصدي لأنّي خائفٌ من عاقبة الصّراحة، أرمرم لا أبين بلساني عن فُتات المنيّ وأمّي ترضع متاع الفائز في كنف الدّيمقراطية وتضيق أنفاسي من فرط الحرّيّة في التّعبير، أدعو مع المشيّعات سلاّل القلوب علّه يأذن كبير البوبْ يقبض على حُنجرتي يُخرج لساني تفتح له أمّي فخذيْن من تراب الأرْض تنشقّ أخاديدُ في حـجم حروفٍ، لا تستقيم في هيأة كلمات وجُملٍ.

ألحس الثّرى، ولا أصف الزغب نتذوّقه حبريّة والرّضع لا نلعن سلاّل القلوب ولا نهتف كلّ صباح بنشيد الثّورة تأبينًا. أعزّي نفسي بهذه الأخاديد تتحوّل من فرْط السّطع إلى جبهتي، ولا أشهد على طول الشّارع من المحطّة الرّابعة إلى المحطّة الأولى غير أشلاء من كفنٍ تكفكف به عذارى العجائزدموع حيْضها، ألهث ولست كلبًا حسب تقرير الطبيب الشّرعي تكلّفه لجنة البتّ في أمر دفني بتكليف من محكمة تقع في المرْقبة العليا، ولا أخشى إلاّ أنُوف المُغرقين من روائح جثّتي. كيف تسمح شرائع المدينة بهذا التأخير في الدفن؟ لكن فرصة يا حبريّة قد تتحقّق لنا كما تتحقّق لغيرنا من بنات المُومسات في شارع عبد الله قش، لا أعرف جنسية المالك، ولا أحبّ أن أعرف الجهة التي نزح منها أكتفي بنسبته إلى قشّ، آه، هذه الكلمة قحبة تسلّ قلبي هي بنت عبد الله قشّ وما أدراك.

عبد الله قشّ سلاّل قلوب ما تقول ها الكلام.

تصوّر أدفع لها حقّ الكسكروت وأسقيها عرق ما بين فخذيّ وهي تضحك مشمئزّة من قلصوني المَنتن برّا أغسل تِرمتك وايجا نيك بنات الرّجال يا ميبون، زيديه عصبة أنا البطرونة، أحسب الفلوس وأدفع التّايْ فايْ يا. أيروّح ينيّك، أنا رأسي الآن مرفوع وزبّي هذا في فمها، هو في فمي يا أمّي البطرونة، أكلّمك من وراء السّتار في بيت النّيك مع حبري آخرَ.

قشّ ما معنى قشّ؟ أهو النّكاح بأجرٍٍ أم هو رهزٌ بلا مقابلٍ؟ أبيع نُقبتي للرّيح ولا أتخلّى عن نعشي لأنّه من خشبٍ تطير قُشورُه بمفعول الشّمس، أصبغها بدمي تسقط في الأرض وأنبُت قبل الدّفن مالك والدّفن؟ وهل أنبت دون دفن؟ أنت تفهمين ما لا أفهم ورطة الفهم أقع فيها مرّة أخرى وأسْقيك من حبْري عطشي.

أصفِّرُ في مخرج الحروف؛ ألفظ حشرجة التّشفّي في مفاصلي أأنا الآن هيكلٌ بلا لحْمٍ ودمٍ، أسبق موكب الجنازة بالتّكهّن. وهذا أمر يفوق قُدراتي البشريّة، و لست عبدًا إلاّ لبُراقٍ من خَشَبٍ، لا يطير بي، ولا يدفنني. أظلّ أمشي على قشور الأرْض متعثّرًا لتطول الرّحلة الصّباحيّة، ولنْ أصل إلى المحطّة الأولى لأنّي في الرّابعة أحاول لمس حُرقفتي بلساني ـوأتلمّظ شفتيْن بالعجز، تتجمّع قشور الخشب أنسُج منها كفني وهل أحذق حِرفتي، ولا توجد إلاّ صوفة تمنع عنّي التنفّس من ناحية المخرج؟ أطالب بأجرة عرَقي، يتصبّب على جبيني أثناء المشي في جنازتي وكيف أسير جمعا وأنا المحمول رغم أنفي خائفًا من محطّتي القادمة والمُخيف أمّي تبتهل لسلاّل القلوب علّه يفوّض الأمر لعزرائيل ولد بلادنا يقبض على أعناقنا ويخلّص أنفاسنا من خطر الحشْرجة على الشّعب السائر في هذه الجنازة من ورق الأطفال؟

جنازة من ورقٍ يكتظّ بها شارع المحطّات الأرْبعِ، يضيع مقياس الحرارة، فلا يتغيّر الطّقس ولا تتبدّل الأحوال الجويّة على صفحة ورقة من ورق الأطفال.

حشرجة الورقة خطرٌ.

فرحة الميّت بتأجيل دفنه.

وتخفق أوراق النّعش أعلام خطّ تتكسّر الحروف بخفّة الحركات فنجهل نظام النّصب والضمّ والجرّ، ونرتبك في هذا الموكب، لا أتوجّس خِيفةً من سلاّل القلوب، ولا أحرم شَفتيّ من بزّولة أمّي تجفّ بريقي الأسود ولا ننام في النّعش ثلاثة قرونٍ. أنا وأنت يا حبريّة ولا كلب ينبحُ غير كلب أمّي خائفة من اِفتضاض بكارتها، وهي أمّي تلدني بين يدي القابلة الرّعواني، تقصّ سُرّتي بمقصّ رَحمي.

أنجب حبريّة بذكري ولا تبقى بصمةٌ بين فخذيّ أتورّط في البحث عن بيّنة أحرّرها نيابةً عن عدْل إشْهادٍ.

أبحث عن البصمة المَمحوّة في عُلبةٍ بيضاء سوداءَ بتخميني ولست ضحيّة طائرةٍ، أمشي على الأرض أنْثر أشلائي، لا أخجل من كشف عورتي، ولا أبحث عن دفتر لرسم المشهد ولا مشهد بين الحُروف والحركات وهل أبرأ من تابعتي لأنْسى زوبعة سلاّل القلوب؟ وهل أنسى جروح السّرّة وعقدة القابلة وبشّالتي تبلعها أمّي نهار طهارتي بمقصّ الدّرويش؟

تبرأ الجروح بحبرٍي ننضح به، وأنت غائبة حاضرة مذ اِنْطلقنا صباحًا نحومُ بتمثال شهداء بني عُذرة، ولا أقرأ اِسمي في أسفل القائمة، أترشّح لأنتخب نفسي وأفوز بنسبة لا تقدّر إلاّ في خيالي.

دعْني من الخيال ونسبة الفوز في الاْنتخاب أنا كبير البُوبْ، أجوّع كلبي ليأكلَ نهودً المُشيّعات يُزغْردْنَ لموت الفحل، نقترب الآن من البَطوار، تجلب اِنتباهي لافتة جزّار الحُريّة أفرح بالمجزْرة مقمّطا بكفن الوالدة وما رضاؤها إلاّ برضاء سلاّل القلوب أنعته بالقشّ تبرّكا بناره تملأ برمادها أخاديد ورقةٍ من خشب النّعش.

أتجدّد بالمشي ولا أُحْمَلُ على أكتاف الرّجال أتسلّق أكفال نساء عاريات فلا قماطة ولا كفن، أنا الحُسين تكبر جنازتي وتصغر بخرافتي، أرثها عن أمّي بحمرة الشّفتين ولا تنصّ عليها شهادة الملكيّة. في أيّةِ محطّّةٍ أنا؟ أ أذبح كبشا للمشيّعات وعقيرتي للمومسات دون العذارى لا أفخر على الفقراء بكبر الجنازة وأنا سارق أغنامهم بالتّسامح ولا يطلبون المغفرة منّي. غفراني مذلّة في سوق الأنفة وأنا فارس بني حِمدان بهذه الورقة من قشرة ركام حروف بصبغة الهزل وأقهقه في صمت المشيّعات أأطلب اللّطف لتئنّ أمّي تحت كلكلي ولست أدور حول البعِرة في مناخ الأولى وأرتجف من عواقب التصريح باِسم سلاّل القلوب ولقبه. وألهو بقشور النّعش قِبلةً للمصلّين أظلّ مومسا أتاجر بلقبي وأشهد أنّي خرافة أم لا دين لها ولا ملّة وتترك خيوط القماطة فلول نهشنا بين جلدتين وكفن وأحسب الدّخول إلى المقبرة من الباب الخلف يخفّف من ثقل جثّتي هذا الميّت عاق لا يدفن في يومه ولا نطلب المغفرة من سلاّل القلوب ليعجّل بإكرامه نرتـضيك يا حبري في هذا النّعش من ورق فلا يعرف سلاّل القلوب معدّل دقّات قلبك والبرغوث الإليكتروني ننضح به حبرا ولا يرتسم على شاشة الأنترنات أ هذه

الجنازة موضة لا تستمرّ أكثر من أربعة فصول.

وأحاكي جدّي خائفا من يوم الدّفن لا أراه أثوب إلى رشدي وألعن الخرافة تحضر صفات أمّي لا أرتجي منها حنانا ولا عطفا.

ورطة العقوق لا أسعى إلى الخروج منها في الجنازة، علّها تزيد في تأخير موعد الدّفن فنلْهُوَ على غير العادة، يكْفيني من رَتابة المحطّات الأرْبعِ، أبحث الآن عن محطّةٍ عاديةٍ نأكل فيها ونشرب ولا ننتظر غُفرانًا من سلاّل القلوب.

أكره غفرانك يا أمّي عن طريق خرافة سلاّل القلوب.

وأحرمك من بزّولتي بالتّخويف.

لا أستقرّ في المحطّة الأولى وكيف أعود إليها مع أخرىوأنت تصغرني بقرون؟ وأتعلّق بلوافتٍ المحطّات تتناثرُ أشْلاءَ حروفٍ أركّب منها كلِمةًً لا تستقيم مع أخرى، تصيرُ عُنوانًا للطّمس، أضيق بمشاهدَ تسطع جبْهتي أنوارُها، تُظلم طريقي، لا أرتفع عن الموكب أسير مع الماشين في زيّ العَملَة. تشغل بالنا بخرافةِ أمّك، ونحن جياعٌ هل ننتظر صدقة من سلاّل القلوب قبل الاستفتاء بدقائق؟ أورّط جثّتي بهذا الهذَر لا أخاف عليها الآن من لَكْعِ الكهرباء، وكبير البُوبْ يصول ويبول، وهل ألوذ بسيّدة المارينز خوفًا من ركْعة في مسجد يَلتسين، أدافع عن الخدّامة والفلاّحين وأحْمي روسيا الخضراء من نهب الهلالية في نهج لِينين.

أطوف في بلاد الرّوس لا أتوقّف في أيّة محطّة من المحطّات لأنّي ألاحق فارسا يهرب بعلبتي السّوداء ولا أعرف لون مراكله أركبه في لحظات التهوئة والتخفيف من ضغط القماطة ألم أقل أنّها كفن تختلط عندي الأمور برغبتي وهل تنطلي حيلتي على سلاّل القلوب عشيق أمّي يرضعان النّفاق في الدّم؟ وتريحنا بغموضك من وقع العراء على عيوننا بحبرك الكاشف تغطّي عورتي أنا أمّك الخضراء تصبغ رأسي بالأصفر هذه المرّة أسير جنديّة بالوَحم أصيب بطرف أكْحلَ عنترة الجبان، وأنا أسير خًرافتك يا أمّي.

سلاّل القلوب أسْرٌ حِبْريٌّ

عنوانٌ وجيهٌ، بعد مسيرٍ بين محطّّاتٍ أربعٍٍٍ من ورقٍٍ بين دفّتيْ باب مدينةٍ، أنتظر التّجوال فيها برِِفقة حبريّة، وهل أعثر على العُلبة السّوداء؟ .

عُلبتي السّوداء في مكان مّا من هذا النّعش تسلّ قلبي ولا أحدّد موقعًا لها من جثّتي.

أسلاّل القلوب علبةٌ سوْداءُ؟

ولا أطلب التّفسير من حبريّة لأنّها تلاطفُ الآن وشْمتيْن من حليبٍ متورّد على صدري فقاقيعَ شَعْرٍ نديّ.

وأعانقُ الخوارج من بناتِ السّائر على غير العادة في جنازتي، أنا الحُسين الشّيعيّ، لا أشارك في الاِنتخاب يبقى أمرنا شورى بيننا، نحن آل البيت وشورّب إمامُنا، نبايعُ عَمامته السّوداءَ ولا فائدة في اِنتظار نتائج الاِقتراع، لا أرضى بزوج أمّي القديم أو الجديـد، أتقيّأ يا حبريّة ريقنا. أكظم أنفاسي، لا أقول لسلاّل القلوب فمُك أبْخر، أشبّه رائحته بالكوثر العذْب وأنافق لأنّي عاجزٍ عن ضربك يا حبريّة، أنسى أنّي مخصيّ قبل بداية موكب الجنازة بقرونٍ، أقول بِنيّةِ الغرب وهل أخرج عن سُنّة مالك، أنا الشيعيّ أتذمّر تحت حائط السقيفة من مُناورة المبايعة تتجدّد كلّ صباحٍ ولا تنطلي الحيلة إلاّ بعد الأذان، وأشهد أنّ سلاّل القلوب والينا وسيّدنا ينجينا من الموت.

لكن أنا ميّت وأكبرُ دليلٍ هذا النّعش في هذه الجنازة، لِمَ نطلب الحماية؟ . ميّت يطلب الحماية من سلاّل القلوب؟

بعد الجنازة الدّفن والحساب؟

دعْني أفكّرْ قبل ذلك في أمر النّعش والكفن وقماطة أمّي وقطع السرّة ونهار الطّهارة بجْلمْ هالك.

أنا المطهّر صحّة ليّ

أخالف راؤول جُورْنو من باب الأخوّة في جُبّة المطهّر، ونهار جنازتنا عُرسٌ، يدوم فرْحنا بفرْزة الأديان، أنا حبريّة أغار من دَمي أكرهُه، أجترّ تعليلة المطهّر، ولا أخشى على نُونَتي من طول لِسانها. ما ألذّها بين شفتيّ أنا النّاصر أغلق خليج العُلبة وأمدّ الأربع.

و تقرأ المشيّعات آياتِ الكرسيّ ليكفّ الأصمّ عن الهذر فيعجّل سلاّل القلوب بدفْنه. نحن في عصر العولمة لا نهتمّ في العادة بالبحث عن العُلب السّوداء، نكتفي بما يظهر على الشّاشة من نُقط بيضاء تتجمّع دُفعةً واحدةً لترتسم عيون سلاّل القلوب في لُعبة الحاسوب، ويا ويلَ من يعثر عليه في نهج عبد الله قشّ من المتزوّجين يدفع الغرامة وفوائض التّجوال بدون رخصة، و تزيد تلاوة المشيّعات في شُذوذي. فعلاً أنا عائقٌ، ولست مقتنعًا بمبدأ الرّجوع إلى الله في هذه المحطّة الأرضيّة، أستغفر أخذا بخاطر الجمع السّائر، أغمض عينيّ، أتماوت حيّة في نعْشي هذا، بعيدًا عن صحراء بَلْعنْبرَ، ولا أشهد على قُدرة خالقي لأنّي، لا أحبّ أن أرتفع عن مستوى النّعش، أدفن قشوره لتنبت أوراقي بريقَ الحُنجرة.

أنا ميّتٌ من ناحية النصف الأعلى حيّ من ناحية النّصف الأسفل، أتقلّّب في نعشي أجرّب كلّ الوضعيات المُتاحة أرصد الحركات الشّاذّة التي تقوم بها أعضاؤنا، ولا أرسم منها غير لُطَخٍ من ريقٍ، لا أحدّد لونهُ، ولا أملّ من هذه الرّحلة، أغالي في الشّذوذ ليتأخّر الدّفن آلافَ قرونٍ لا تبدأ ولا تنتهي بغير الهَذر، هل أضبطه في حروفٍ؟ وهل أنا أسيرُ خطٍِّ أكْحَلَ أم نزيلُ نعْشٍ من ورق الأرض؟

ولا أتوقّف في المحطّة الأولى لأبكيَ من ذكرى محطّاتٍ أربعٍ أو لأطربَ.

لا أدَعُ الفرصة تمرّ دون أن أحتفلَ أنا العائلة بعيد ميلاد صمودٍ أبنيه من لفظي، أسقط من أوّل عثرة ولا أصمد إلاّ باسمٍ أكتبه على ورق النّعش، أغمض عيني ليلة 2 أكتوبر أرى في المنام سلاّل القلوب، و أراه أنا حبريّة يوزّع أوْراقًا على البيوت، لا أنهض لاِسْتقباله. أقول لحبريّة، إنُه، يشاءُ خيرًا لِلشرّ، مُجاملةً، وأدعوها إلى نسيان كابوسه في النّهار لتنساه أثناء الحُلم.

سلاّل القلوب مزْعجٌ في الحُلم واليقظة، أكتب روايةً لاتشهد عليه في أربع محطّاتٍ. أربح بالدّعم مالا كثيرًا، أأفوز بها في مسابقة البنك العالمي لمساعدة الجُبناء على التّصدّي لاِرتفاع الفوائض؟ تتحدّث عن جثّتي المسْبولة قنوات البارابول والأنترنات يكتب لقبي المغمور على قرصٍ مُذهّب إلكترونيّ يمكّنني من مُشاهدة مُـعاقٍ يُخوّل لي النّوم مبكّرا والنّهوض بعد اْسْتفحال الأرق ذاتَ صباحٍٍ ليليٍّ لأرى في منامي هذه المرّة ما لم أبرْمجه في نهاري: في كلّ ناحيةٍ من نواحي بير السّواني مكمنٌ للمُفرقعات. أهرب أنا والأطفال نبحث عن ملجأ نتوجّه إلى دارنا القديمة يمنعنا وابل القنابل اليدويّة، أعثر في قطعة أرضٍ بين دارنا والبحر، على هتلر مع عشيقته، يمارس قيادة الكتائب، تبتعد عنه حبيبته ناحية الجنوب يلحق بها أرى بقايا كميّة من زيتونٍ وهريسة حارّة، لا أنقل لك مشهد الحُلم كما أراه. تفلت من ذاكرتي الآن ضغوطات الخوْف لا أفيق من حلمي، أواصل السّير في العاصمة مع النّاس ألسنا في جنازة؟ يفلت كلّ واحدٍ من النّاس في وجهة نرى الطّائرات والصّواريخ تسدّ عيْن الشّمس، تخرج عساكرُ من ناحية البحر، أسأل باللّغة الحبريّة من أين جئتم؟ فلا أحدَ يعرف ليجيب وكأنّي في شاطئ المرسى أو في قمبطّا، أهرب مع الهاربين، لا أفرّق بين البلاد العربيّ وحديقة بلفيدير. هذه طلعة طائرات أميريكية تقترب في سرعة البرق، يتملّكنا الذّعر يتحدّث شيخ بلِحْيةٍ وعمامةٍ عن سرّ الغارات. ينزل رجلُ أسمرُ من الباراشيت يسأل عن كتاب لمعرفة المسالك يتكلّم باللّهجة التّونسيّة، يرد عليه الشيخ يسلّمه جراب عسكريّ فيه الكتاب. وأراه يتصفّح الأوراق معلّقًا لا تطأ قدماه الأرض، أفرح بقدرة كبير البُوبْ على المُناورة وأطمئنّ في المنام، أذكر نعمة الصّداقة وكيف تقف طائرة فوق دماغي تتدلّى منها جعبة، أفهم أنّي مُبرْمجٌ، أدرك عبر ثقبتها أنّي فارغُ اليديْن من آلة الجريمة وسلّمني أحد القشّارة في سوق المرْسى مجموعة أوراقٍ، أضمّها إلى أوراقي أضعها جميعًا في شكارة واحدة يقول أحدهم للقشّار وأظنّه شابًّا: أبقى لك حارسًا وأتحوّل إلى مكانٍ آخر من السّوق أسمع شخصًا يقول أبقى لك حارسًا.

أحاول في المنام التّفسير، أعرف أنّي خائفٌ من سلاّل القلوب، ألفظ لقطات من الحلم أخاف عليها من الضّياع. أهذه ثمرة الجنازة؟ أفرح بصباح عُرسي وأستيقظ، أرفع يدي عن خدّي، ها أنا لا أزال في نعـشي أنتظر الدّفن سليمًا مـعافَى من قذائف الطّلعـات الأميركيّة والطيّارون سمْرٌ في لون الشّموع تنضح بقطرة الدّم.

وأتندّر بحمْقي كيف أنام قرونا في نعش من ورق، وأنا أمشي الآن على أسنان الدّكتيلو لأكتب رواية في لون سمكةٍ بلا رأسٍ ولا ذنب فلا أحد من أطفال الأنبوب يقرأها. أروايتي كتابٌ؟ أأدفنه معي في قبري أم أحرقه ولا زيت لي في هذا النّعش غير ما ينزّ من ريشة الفأس؟ وأهمّ بحفر قبري قبل الدّفن تنتشر المشيّعات في المقبرة تلاطفهنّ المشيّعات وهل نستغرب من ميّت يحفر قبره؟ نشذّ عن القاعدة ولا نلعن الشيطان من رواية ما نشهد في هذه الجنازة.

والرّواية كتابٌ يدفن في نهاية قرْني , ولست كبني دبر النّاقة أحمل رأسًا مُلثّما إلى سلاّل القلوب، وإنّما أنا قصَبةٌ من ريح أصفرَ في شرايين جثّتي، أكره الرّواية تسلّ قلبي ورائحة الدّخان تعبق من مقدّمة القاطرة ولا أفرّق بين شاهدتيْ بلزاك وستندال في مقبرة رِوايتي.

روايتي سلاّل قلوب، لا أخشى غيرها، أهرب منها تلاحقني في نعشي أفتح فخذيّ لأبرأ من تابعة أمّي لا تزال خضراء بقيْظ الثالجة وتبرد الزّوبعة في طُنْبك الرّهزة. وكيف أكتب روايةَ سلاّل القلوب وأنا خائف من أمّي تعشقه؟ لن تنتظر أحدا غيره زوجًا لها وترضى بدينارٍ واحدٍ أرخص من صوردي بني حفص ومَهرك الغالي يا أمّي بتخنفيسة عدول الإشهاد في كلّ مكانٍ.

وأغنّي في جنازتي نيابةً عن المشيّعات فأنا محمّد ولد أمّي ولست بدْرا وتعشقني المشيّعات ينتّفن شعري للتيمّم في زوايا بدني وتجفل الملائكة من حولي فتبقى المُشيّعات ولا أضمن منهنّ نحْبًا، ترقص نهودهنّ شِفاهًا على صدْري وبين فخذيّ ولا يصدّق بشّارُ الأعمى فدموع الفخذين أشْفى من لظى النّار.

أكتب الآن بأناملي على غشاء كفني ولا تتشرّب جِلدتي حبري، فلا أبحث عن نزهةٍ في عظام الباشا الحسيْني، ولا أتطهّر بالتّذكّر، أحتفل بعريسي سلاّل القلوب أفتح له فخذيّ وأضمّ فمي أبخر بالسّواك البارٍد.

سواكي البارد مَضغةٌ من ورقٍ، أنا حبريّة أُولَدُ قبل عام ألفيْن بستّة أشهرٍ، ولا أرضع ثدْيَ أمّي لأنّه لا يزال نهدًا بين أنياب سلاّل القلوب. ها أنا طحّان بلا لبنٍ، ولا تدور في ضيعة سلاّل القلوب دواليبُ طاحونةٍ بالرّيح المعكوس، وأرى الآن بارجة نفطٍ تحترق في شاطئ بير الصّيد، تنطلق القذائف حُطامًا في اِتّجاه السّواني يمرّ معراج فوق رأسي أراه كرّيطةً تطيرُ آخذ وضع الاِنبطاح أقع تحت كلكلها أبحث عن رأسي

ها هو بين فخذيّ

أنهض من حلمي أجد حبريّة تتبرّج أمامي، أنتظر ضربك أنضح به بين حروف الشّفرتين، وأنت حبري أرافقك بلا رباطٍ في جنازة عرسنا الموهوم.          

أبشر بوهمنا نلتقي ولا أعرف الزمان والمكان، أقصّ من كفني قطعا أركبها ولا أخيطها تتلوّن عصافير بلا أجنحة تحطّ على جبهتي لا أخشى عليها من مسدّس كبير البوب يصير إمام جمعة لا أصلّي وراءه أذكر خرافة أمّي ونهار الحساب أين أخفي أوراق النّعش؟ أأمزّقها أم أحرقها؟ أأتخلّص منها وأبقى عاريا بلا كفن؟ وكيف أقابل وجه ربّي سلاّل القلوب وعوراتي مكشوفة؟ هذه ورطة أخرى.

تبدأ المحطّة الأولى لا أفرّق بين قماش القماطة والكفن وبابا يكحّل على حبريّتي بدافع الحرمان والسّبب أمّي خضراء عروقها خائفة من سيدها يعرّس على أختو القاصرة منذ الصغر يعطيها حريّة الاختيار بين أن تتزوّج أو تبقى عانسا تشهق وما تجيهاش نهار الانتخاب والفائز خوها في كلّ الحالات بإقامة خالصة الأجر في قصر الحسين بن علي نفع قلوبنا بسلّه وأراحنا من غرمائه ومنافسيه في الانتخابات بأقلّ التكاليف وكرسيّ الباي هو هو يختلف عن نعشي هذا لا يجلس عليه الزّوافريّة وقطعيّة الصبّاغين وبيّاعة الحروز أمثالي لا يستحقّه إلاّ ولد الشورّب تلده أمّه في السنتارين نهار سبت فضيل على أمّي وأخوتى الزّبًابرْ لا أذكر المنيّكات. ها هنّ يواصلن السّير معي في هذه الجنازة لا أحبّ أن أعرف متى تصل إلى المقبرة وهي الخارجة من المقبرة منذ شهرٍ.

تتساقط أوراق الخشب تثقل موازين جثّتي أقترب من الأرض تطأ قدماي مدارج كهف أهّم بالنّزول أتردّد في مواصلة البحث عن العلبة السوداء لا أعرف أسباب شذوذي يدفعني كبير البوب يدفعني إلى الهاوية تشدّني أوراقي إلى النّعش أظلّ عالقا بحروف لا أجمعها تمحي روايتي في المحطّة الأولى ولا أنتظر الآن سوى محطّة بلا رقم أفقد بالحساب نكهة في عرس جنازة ولا أرشف غير قهوة حبري ولا اُرقي جثّتي بحروز الملائكة والشّياطين ولا تنسى أمّي خرافة سلاّل القلوب ترتّل كلّ صباح سورا من آياته لا ترعبني لأنّها لا تضمن لي والمشيّعات قوتا يقينا من جوع الجنازة وقصعة العرس ترجرج بلحم الطبّال والزكّار أف لا آكل هذا الّلحم أظلّ جائعا وتظلّين جائعة ولا تهدأ هامتي فحفيد شورّب من يأخذ بثأري من سلاّل القلوب لا أحبّ أن أذكره أصير متعلّقا به والسّبب رجائي أن ترضى عنّي أمّي هي تعشقه ولن تفرّط فيه لأنّه في مقام أبي المدفون في مقبرة الشّيعة ولا أحد يريحها من عقوق الأبناء غير خرافة سلاّل القلوب كيف تضحّين بقلوب الأطفال يا أمّي في سبيل سلاّل القلوب لا يحيا إلاّ بخرافتك وأنهش عظام جمجمتي لأنّي جائع وهذا الشّعب السّائر في عرس جنازة دون أن نعرف محطّة الدّفن لأنّنا لا نعرف محطّة الولادة.

وأكتب ما أظفر به من حروف القشور لا تزال تتطاير وأنت يا أمّي من صحابتي أبتهج حين أنساك ولا أبكي حين أذكرك لأنّ عريش قلبي مسلول ودمع الخنساء جفّ على شاشة الأنترنات

أأنتِ الخنساءُ وأنا صخرٌ أخوك دمعي بارد وأنت محروقة بزيت سلاّل القلوب؟ آشبيه أبيض وأنت فحمة من خشب نعشي؟ لا أنا أمّك أخوّفك بشجاعتك وأنت منّي لا تسمع خرافتي اِفتضّني على ظهر النّعش قبل أن تدفن وتشرب حبريّة معتّقة.

كيف أفتضّ بكارتك قبل الدّفن بدقائق وأنت أمّي؟ .

جرّب ولا تخْشَ عزرائيلَ، أظنّه مشغولٌ بمراجعة ما يبقى من ديون المؤمنين الخائفين من سلاّل القلوب وتتراءى لي في هذه اللّحظة فكرةُ الحصول على قرض لبناء قبْرٍ يسع جثّتي قبل أن يسرق منها الدّود الأسود ما يسدّ رمق عيْشه.

ورطة البحث عن قرض للدّفن تسلّ قلبي

قرض الموت سلاّل قلوب أليس كذلك؟

أأنت مشغولٌ بأمر الدّفن أم بأمر تسديد الدّين؟

لا أحبّ أن أفسّر لك يا حبريّة لأنّك من دمي وأخشى عليك من مصّ البرغوث الإليكتروني، يشي بفيريس السّيدا تستأصله في الإبّان أشراطُ مقاومة الأمراض المُعدية وأقراص الفياقْرالا تحرمني من مضاجعتك في هذا النّعش.

فيروس السيدا يا حبري يرقي مخّي بعدوى التخيّل، تحتفظ به لطخ من دمي على هذه الورقة لا تطوله أيادي الخير ولا تشفق عليه قلوبنا مسلولة بشمائل سلاّل القلوب ونظلّ يا حبريّة مسلوبين من دواء يقينا من مرض العصر.

كم أشتهي هذا المرض لأنّه يريحني من فضائل سلاّل القلوب ونعمته على المشيّعين والمشيّعات وكأنّي أكتب خرافة جديدة وهل أخلص يا أمّي من دعائك لي بالشّفاء من داء سلاّل القلوب قبل أن أراه عند قبري يردم جثّتي ويدعو لي بالرّحمة مالي لا أثق بأحد ولا شيء يرضيني ها أنا محمول في نعشي كسائر الموتى في قريتي فلم أكفر بنعمة مولانا سلاّل القلوب وأظلّ فاقد المناعة كلّ واحدة من المشيّعات تفتح سروالي وأفتح سروالها بالمكشوف على ظهر النّعش وينهق الحملة بمفعول الرّهز.

وأتقيّأ حبر الملاطفة حين تكشّرين في هيكل أنثى عن سواد أنيابك لا أمجّ غير شهوتي ألامس عشيّة المرسى وقرطاج أنامل خناث ولست ممّن تحلم بهن وأنت الخاسرة في خيالي أبحث عن غيرك لن أرجع إليك ولن أعاتبك وتتملّكني غصّة التّقيؤ ولا أندم على شيء أجرّب مع غيرك عطرك النتن يسلّ قلبي أستنشق روائح حائض ولا تبطل الجنازة أواصل الحلم في نعشي ولا أرقب موكب الدّفن لأنّ سلاّل القلوب يحبّ حسب علامات التّسامح التمثيل بجثّتي.

بجثّتي أنا أيضا يا حبري.

سلاّل القلوب ممثّل.

ونحضر مسرحيّة في نعش نبدأ من الفصل الرّابع المشهد الأوّل ويصفّق الجمهور لدفن حبري قبل أن يرى جثّتي لأنّها مغطّاة بكفن أسود تبدو عليه خيوط القماطة بيضاء.

يطل سلاّل القلوب على خشبة المسرح أظنّه يصير في غفوتي شاشة أنترنات وتبحرين معه يا حبريّة في سوق حرّة تلتئم عن بعد تتساقط أوراق الانتخاب توشّحين صدر سلاّل القلوب ولا أبحث عمّا وراء المجاز لأنّ المسرحية تتمّ بلا جمهور وتنطلق عاصفة من التصفيق أحرّك غشاء الأذنين بسبّابة واحدة أكتشف أنّي أحمل نطف البحر لانشغالي بلحس ما بين فخذيك من زلال الحرّيقة تحت الماء والموجة تزيل عن أذني الصمم أسمعها تحكي نشيج الرّمل يخالس نهود المحار زفرات التلألؤ.

ولست من سبّاحي المحيط الأطلسي إلاّ بالتّخيّل أدور في نعشي الأخضر بغل جاروشة هنا أنا في محطّتي الأولى لا أبتعد كثيرا عن محطّة الرابعة وأراني في الخمسين شابا أتحفّز لتمزيق قماطة الكفن وكيف ترين حبري.

أراك بلل شفتين أهمّ بقضم الريق أظفر بشرار بين الأسنان وأكاد أغفل عن حادث ديانا وفضيحة لوينسكي أرى الآن في هذه المحطّة نساء ورجالا يحملون جثّتي منذ قرون ولا ينتظرون من الآخرة سوى أجر الحمل جارية وغلام ولا تربح أمّي من سرد الخرافة سوى ريق الصّوم والجنّة تجري بين فخذيها وتضيء جثّتي أضواء المدينة فأكاد أن أقتنع بأنّي فعلا في المحطّة الأولى متخلّف أنا عن الرّكب ويعلن كبير البوب حالة الطوارئ فتتفرّق المشيّعات ويمنع الجولان لأنّ رائحة في لون الحبر تنطلق من جوانب النّعش الأربعة تتراكم أكمة من ورق تسقط في الأرض يتلقّفها الأطفال في زيّ الجنديّة تنفجر الأكمة قنبلة يدويّة تركب صورة سلاّل القلوب لا أتبيّن ملامحها أرهبها لأنّها تخرج من بين شفتيك يا أمّي أخلط الآن بين أشلاء الصّورة وفتات الخرافة وأنا الجنّة بين فخذيك فلم الوعد والوعيد أحتاج الآن إلى النّار ليسري الدّم في عروقي فتشتعل قشور الخرافة في نعشي كيف أصف هذه الجنازة وعيناي مغمضتان ببخور المغسل منذ صباح سبت في محطّتي الأولى أبحث عن بصري المفقود أرى عمّال البورط في زيّ أحمر ترتفع الأجور بارتفاع درجة البرودة في شرايين جثّتي أنسى ولسانك في لساني خرافة رأس المال وصراع الطبقات والخدّام ديكتاتور تُرى أ هذه جنازتي أنا الحُسين حفيد امحمد بن تعالى أم هي جنازة ماركس في دخلة المعاوين وسيدنا معاوية شارف يحمينا بفقرة أعده بذبحة أولادي إذا طالت جنازتي ونجوت من تابعة سلاّل القلوب.

وأُفيق من حلمي على طوابير الحملة الانتخابية تنشغل بها المشيّعات عن نعش أوراقي أخاف على جثّتي من العزلة تحرق عيون شاعلة من جميع النواحي أصير قطّة تنقذ أطفالها من اللّهيب أحمي جلدتي بالأوراق، يتعرّى الأطفال يهدم بيتهم أ أعمل بنصيحة أمّي وأبايع رغم أنفي من يسلّ قلبي نهار جنازة يطول أكثر من اللاّزم كيف أختار زوجا لأمّي أرهبه يفهم أحد العازفين من فرقة الحسينيّة أنّني متردّد لا أشارك المشيّعات عرس الجنازة، يدفع جثّتي بطنبوره، أنت متّهم بالعصيان المدني في الخلوة تنقل نبضات فكري بفضل الكاميرا الخفيّة إلى شاشة الأنترنات يفحص أمرك كبير البوب بفضل ما يتوفّر له من قرائن التحليل السّابقة لأوانها وانحطّوك في القوترة وأنت ما دخلك أتراني ألبس زيّ فرقة الحسين بن علي؟ ألا تذكّرك هذه النياشين بواحد من البايات؟ .

ولكن هذه جثّة ميّت أنا صاحبها، كيف تضعها في القوترة والمحفل محفل جنازةٍ؟ .

جثّتك غريبة تختلف عن سائر الجثث التي سرنا في جنازتها لذا لابدّ من تأخير دفنها لتشريحها مرّاتٍ عديدةً علّها أثّرت عن طريق العدوى في خَلََفِكَ من أبناء وبناتٍ. ونحنُ، يتكلّم رجل الموزيكا وكأنّه سلاّل القلوب، نحبّ بفضل التطوّر في زمن العولمة أن نُريح الإنسانيّة من عدوى الإصابة بفيريس جثّتك، أراها تجفّ بمفعول الهاجرة، ولا تبقى منها إلاّ أوراق تطلقها عروق من هيكل عظميّ في لون الحبر.

        دُمْ تَاكِ

        دُمْ تَاك

        دُمْ تَاكْ

        دُمْ تَاكْ

نضرب الطّار مع الشّاف دُورْ كَاستَر هات طاسة شروبو وكسكروت باللّحمة الحيّة، أنا لا أفهم كلام الجثث الشّاذّة في عرس الجنازة، وأهرب بجِلدي إلى زاويةٍ من زوايا النّعش، يبدو شبح نفرٍ من نساءٍ عارياتٍ، أنضمّ إليه، أشاركه الرّهز، أغفل عن الكاميرا الخفيّة، تفلت من بين أناملي بصمات التّذمّر.

أكاد أن أقتنع بأنّ جثّتي شاذّة، ولا أستغرب من عدم رضائي بعُرس جنازتي، أحبّ أن يعرفَ كبيرُ البُوبْ أنّ جثّتي مًشاغبةٌ في يوم جنازتها، فلا يدفنها ليرتاح من ألغازها ولا يشرّحها في غرف الهاتف الخلويّ لأنّها صارت بمفعول الهاجرة بلا عظم ولا دمٍ. وتفوّق ورقة سلاّل القلوب بمُوافقتي، ولا أقدّر نِسبة التّفوّق على المنافسين لأنّ أمر الشّذوذ المتمكّن بجثّتي حرَمَ سلاّل القلوب من فرصة التّعرف على نوايايَ، فاعتبرَ الاِرتباك الطارئ على شاشة الأنترنات، وأنا في الخلْوةِ، موافقةً وتأييدًا، ولا أخرج من هذه الورطة إلاّ بأمل الفوز بنعش آخر أربحه هذه المرّة في مسابقةِ الكوكاكولا، بعد أن تشبع بنت الجيران من كرسيّ الدبّوسة وتنتشر فقاقيع القازوزة بين فخذيْها.

تنطلق شماريخ الفوز نحو الأرض وأبحث عن العلبة السّوداء بين فخذيْك، أجرّ بشفتيّ قشرة تنساب إلى الرُّكبتيْن تتعثّر بين الفارتين تتسلّق الكفل تعلق بقضيب بين الحُرقفة والسرّة. ألدغ حُلمتين من نهديْ ترابٍ، تبلّل القشرة بالعرق تتمطّى، تصير غشاءً من ندى الأرض، وتواصل سيرها ويتناوب الحمَلةُ على رفع النّعش على الأكتاف يا للحماقة كيف أفلت من النّعش بهذه الطريقة وكأنّي من المشيّعات أحمل النّعش وأغنّي؟

أنا هاربة من نعشك يا رحمان.

و تزغرد المشيّعات لأنّي عز باء.

أنا قشرةٌ ألتصق بنهودِ الأرض تنبت بذوري بعرق الهاجرة فتصير المحطّة الأولى قِطعَ رياضٍ كُسِينَ بكفنٍ، تخطّه جروح القماطة وتنتشر قِشرتي قشورَ خرافةٍ، تنطّ بها أزهار المحطّة ولا تذبل بالشّهيلي في جنازة سلاّل القلوب يحبك السّيناريو وتنطلي حيل التمثيل علينا، ولسنا سوى قشورٍ لا أرواحَ لها، ولا تحويها القبور، قشورنا تروي بها أمّي ظمأ سلاّل القلوب علّنا نحذر عاقبة التّسكّع في مقبرة الجلاّز زمنَ الهاجرة.

لا أتّعظ بخرافة أمّي، أواصل التّسكّع على طريقتي بين الشّواهد، أتأمّل في زوائد الحروف ولا أخشى سلاّل القلوب ولا تعود قشرتي إلى جلدتي مطمئنّةً لأنّ اللّعاب لا يزال يسري في خطوطها بحثًا عن العلبة السّوداء لا لأثْأر لأمّي، وأُريح هامتها من تابعة سلاّل القلوب، وإنّما لأظفر بالوقوف أمام شاهدة قبْرٍ لا تُشبه هذه الشّواهدَ، وأمشي غيرَ خائفٍ من هاجرة الغد، بيني وبين ذلك الوقت مسافة مساءٍ وصباحٍ، وأنساب أعشابَ عرقٍ بين الشّواهد، نتسلّق اللّحود نغطّيها بلَحْمتيْن من ضِفاف النّاضِح والشَّعر. تطفو رغوة الكُوكَا ونطمع في الفوز بلا تعبٍ ومشقّة، والجائزة هذه المرّة، ألم أعلـم حسب حساسيّة البرغوث الإليكتروني أنّك تبحث على عُلبةٍ سوداءَ لا تحوي سوى قِشْرةٍ لا تصلح شاهدةَ قبرٍ، لا أتكهّن الآن بما يكتب عليها؟ .

        أأبحث عن كتابةٍ أم شاهدةٍ

        شاهدة كتابة؟

        كتابة شاهدة؟

        شاهدة شاهدة؟

        لا كتابة كتابة

        لا نعم لا لا لا

        لا

لا لخرافة أمّي لا لسلاّل القلوب لا لشاهدة الحُسين جدّي في كربلاءَ، نعم، لكتابة النّفاق أبحث عن شاهدةٍ تخلّدني بحجرٍ مندثرٍ، أنا القوّاد أرضى بخرافة القُحْبْ طمعًا في رضاء أمّي، ها هي جنازتي تكبر لتحمل نعْشَا يفرغ كلّ صباحٍ من جثّتي.

جنازة تسير منذ قرون والجثّة علبة سوداء مفقودة. لمَ التّكبير وصلاة الجنازة في محطّتي الأولى لا تنفع الغائب يموت في بلاد المنفى وهو من المشيّعين؟ .

وكاّنّي المقصود بالمنفيّ في نعش يوم جنازتي، بيني وبين المشيّعين مسافات الحمل على الأكتاف، ولا أكتاف لمن لا يحمل جثّة غيره في حياته.

وأجرُ الحمّالين سيّارة جنازة تأتيهم هِبَةً من لجنة الحفر عن قبر ديانا تحت أهرامات أبي الهول بخيط أبيضَ يصل الحفّارين بالمقبرة الملكيّة. أكاد أصْطدم بجدار البْيَاصة في باب البحر لولا وجود حواجز تمنع المتطفّلين في الجنائز من التّذكير بالدّوش المُحرق والصّبايا عارياتٌ يحتفلن بعيد ميلادهنّ على الطّريقة الأنقليزيّة ويوافق يوم 5جوان 1967 ولا تركد هواجري لأشرب بالمشوف المُعلم قطرات من لبئك يا أمّي أنتظر بداية خرافتك ولا فائدة في التّستّر بسلاّل القلوب.

خرافتك خرافتي يا أمّي، فسلاّل القلوب أنتِ حِبريّةٌ، وأنا حبريٌّ، ويتعانق محمّد وإيزرايلاّ دعْني أتابعِ المشهدَ

توحّد الله إنّك الآن بين شواهد القبور في الجلاّز.

أنت حارس المقبرة تُزعج حُلمي، ألمْ أخرجْ، وأنت يَقِظ ٌمن المقبرة في جنازةٍ تسير بالمقلوب؟ أمْشي واجمًا مع زُوّار المقابر، أبحث عن شاهدة تكتب حروفها في هذه المقبرة. أأكتبها الآن ولا قلم معي ولا ورقة غيْر قشرة النّعش وريشةٍ من جناحِ حمامةٍ أيْسَرَ؟ أأكتبْ شاهدتي بريشة تنْضُحُ عرقًا أزْرَقَ، وأنا واحدٌ من الزّوافريّة يا حارس المقبرة؟ أرضع الآن ثدْي أمّي مخضّبا بالعضّ ولا أسْنان لي في سْنّ الرّضاعة، ولا أحبّ أنْ أنقل لك المشهدَ كاملاً لأنّي أفكّر في ردّ فعل الزوار وبُناة القبور الجُدُد: إذْ لا أرضَ تَسَعُ للحفْر ولا أحدَ من الزّوّار يرْضَى بالنبش بين الحُفَرِ، نبني القبور ونُعْلي الشّواهد، ولا دَفْنَ في المقبرة لمن شذّ عن القاعدة، أُنْشِدُ مثل هذا في خاطري، وكأنّي المعنيّ، فلا أحَدَ غيري يشذّ عن كتابة شاهدته إلاّ حبريّة أرى فخذيْها ينْفرجانِ، يقْذفُ الماء من بينهما ورقةً في فرْضة البحر، أسْتنْجد بخريطة الإدْريسيّ، ألْمح رمالاً تتسرّب في شكل دلْتا، تهْوي شواهدُ بفيْض مجردةَ، والمسافة بينه وبين الجلاّز بمقياسٍ لا تزيدُ ولا تنْقُصُ عن المسافة الفاصلة بين رأسي وبرج أمّي الخضراء لولا الحياء والخوف من عقدة اليقظة. أعدّ الشّواهد أحْصيها في غفْوتي: هذه شاهدة بود لير وأخرى شاهدة برِيْتونْ وجِيْنَايْ، مزمّر كيفي، أُدْفنُ عارياً في مهبّ الهوّارية، وشاهِدتي صخْرةٌ مثقوبةٌ بزقّ البُرْني والسّاف يملك مهرجانَ جنازته.

أأنت الآن تمشي في البُنْتيونْ أم في الجلاّز أم في كهوف الهوّارية؟ وألتذّ بالتّردّد أكْتب حرفًا واحدًا على شاهدتي قبل أن تحْضري يا حبريّةً ولا موعدَ يضبط لقاءَنا.

وألتذّ بوميض السّلحفاة تحت الماء، يسبقني كامي عارياً نَهارَ عُرسِه في تيبيزا، وفصلُ ولادتي بين الصّيف والشّتاء، وتنْبت من زَقّةِ البُرْني، من وَرَقِ العلّيق، تطلع بين مفاصل الفَخِذيْن، ولا يأخذني المخاض، فأنا لستُ حُبْلى، ولا أخافُ من فيريسْ التّناسل. أدَعُ ورقتي تنْمو ولا تُغطِّي جَسدي بظلّها تُضمِّخُهُ الشّمسُ بْلفْح المِلْحِ، وتتعرّى حِبريّةٌ، تقتربُ الشّفتان من الشّفتين، واليدان من اليديْن، ولا يُلامسُ النّهدان حُلمتيّ، نرى سرَابنا على الورقة، تتلمّظ شِفاهنا شوْكَ الورقة، تكبر الورقةُ لِتَسَعَ جسديْن يترشّفان حِبر الورقة، تتكسّر الحروف بالمَرْغ، أنسى الوصف والخرافة. أُمتّع جسدي وتمتّعين جسدك قبل أن نكتب شاهدة يتسلّى بها زوّار المقابر عشيّة الجمعة ونهار السّبت، ونغتنم فرصة التّعرّي لأرضعك وترضعيني، فلا أشْبهُ أباك ولا تشبهين أمّي. حُلمتاك تفلتان من شفّتي وريقي يفلت من لسانك نحن الآن في عُرسنا نقاوم برْد الجنازة بلُهاثنا ونحسّ بورقةٍ تنسابُ بين جسديْنا، نتهيّأ للثْمها من لِسانيْن في طنْبُك القائلة. نقرأ الورقة ولا أحدَ منّا يسمع الآخر، ونتغذّى بماء البشرة قبل أن يشرب عرَقنا سلاّلُ القلوب، عشيقُ أمّنا مُذْ كنّا أطفالاً، ولا نزالُ نسمع الخرافة، لكنْ، كيف نقرأ هذه الكتابة تلتصق برمال الشّاطئ ولا تطير نهار العاصفة؟ أُفيق من ذُهولي، أرى حارسَ المقبرة يُعْطِي نُقْبتهُ للرّيح فيضحك أطفال لن يذهبوا إلى المدرسة لأنّ ورقتنا لا تستر العورة ولا تقيها من عبث الأطفال: هي شاهدةٌ لا تعزّي الزّائرين ولا تُعظّم من شأن سلاّل القلوب ليدوم في الأرْض، هي جَسَدُنا يُزْرَعُ في الأرض ليَنْبُتَ، ولا بيان يُوهم قرّاء الورقة بقيامة ميّتٍ مثلي، يُفيق صباحَ موته ويتعلّق بقشورِ خُرافةٍ، تنثرها أمّي بين القماطة والكفن.

 

المحطّة 0000

ورقة فاتحة

عجثد خبا أناخو مغا ملذ عصا عمى شره أغن درا ذب حر غبا ندبي ألتجم أنا تامتراس أقتذاكرتي في تفرغ أشجار أخاف منك أخيفك فرحين نزرع احتضارنا شامخين شجاعة مومس لا نبالي سيداك حلم المؤمن أعوذ بك شيطاني مني أهلوس أفق إلى جملي تعيدني الى بيتي مرارتي تفشل تجربتي لاأزال بعيدا عنك انسلاخي قضينا وطرك وأنت نشوة احتسابي لا أحب لكم غدري أبنائي أحرقوا أوراقي غطوا بها جسدي تنسون جريمتي بعدتي لا أهول تسمرت بجانبي أسليك في ستينك لاأحسب بدقاتك يزي هل يستردني طهري إلى قذارتك تسبق الأحداث البحر تقرصني آش جابني موش قلت شبعان بدل أكلك حوت تندّم أجترّ نوم بدايتي نفلق اشتياقي يأسنا باب نجرّب لكتمان الاعادة تزمين أعمك حرفي اعداما أتخلى عنك نصرة توبتي تتجدّد زلّتي رياح استقراري تقنّن مثواي ميلاد أأحقق لك جسدي فرص خيالك تبدّدني عدوى اِسْتنكاف.

 

تونس (من مساء الأربعاء 13 أفريل 1999 إلى مساء الأربعاء 20 أكتوبر 1999)