عندما أصدرنا الكلمة أعلنا في افتتاحية عددها الأول أنها مجلة لحراس الكلمة وليست لكلاب الحراسة، لذلك سعدت بقراءة هذه القصيدة الجميلة التي تفضح كلاب الحراسة الذين يشوهون كل شيء في واقعنا العربي.

كلاب

محمد سليمان

 


نحن كلاب الباشا
نحن الأبناء البررة
والبكوات
وأصحاب العزة
نجلس فوق السور هنا
أو حول القصر
وفي أدمغة الوراقين
وتحت نجيل الممشي
لنعض وننبح
ونباغت من يلهو
أو يرسم للراعي ظلا أعوج
أو تمثالا
أو طربوشا
البعض سيشتمنا
والبعض سيحسدنا
والبعض سيسعي .. كي يصبح كلبا
أو جروا يقفز كالشيطان
وينبح معنا
والبعض سيبصق في الأحلام علينا
لكنا كالحكماء سننسي
أو نضحك...
أو نصفح

* * *

نحن الوجهاء الأمراء عيون الدولة
وأصابعها
لانكره إلا الفوضي
وأساطير المغلوبين
ومن يتوهم أن الدولة لا أنياب لها
والقلعة مقهي
نحن العظماء القدماء نجوم الوقت
وآباء القانون
ونحن ونحن
كنا للفرعون يدين
وللسلطان
وللثوري سلالم وأناشيد
تشد إليه
وتنفخ فيه
لكي يتسلطن أو يتفرعن
لم نشغل أنفسنا يوما
بصفات العالي ...
لا شأن لنا
إن كان غبيا
أو مجنونا
أو أطرش أو أعمي
لم تشغلنا إلا الفوضي
والكرسي الخالي
نحن الأمناء الحكماء
لم نعلن حربا ضد الغافي
والمستوحد
والمتلاشي
والماشي في الظلمات وفي كلمات
لن يفهمها الطائر والدائر والواشي
حرابنا صور الشر فقط
وسهرنا كي نحرسكم
من شر الوسواس الخناس
ومن أنفسكم
وسهرنا
كيلا يثب العشب علي الأشجار
وكيلا يقرض فأر أذن الفيل
وكيلا تقف العين علي حاجبها
لم نجنح يوما كالبركان
ولم نرتح في المقهي
منتظرين هداهد كسليمان تروح
وتأتي
نحن كلاب الماضي..
والحاضر والآتي
سنظل هنا
كالشمس...
ومثل الماء
وكالإعصار العاتي
لنخيف ونقصي
ونثبت ظل الباشا
فوق وحول المبني
هل آن لنا أن نزهو
بفضائلنا؟