الأديب السوداني أمير تاج السر "ينبش" في إشكالية الكتابة الروائية

يستدعي الروائي وضعيات الكتابة، في سكك منفصلة، لتدوين فكرة جامحة، أو لخلق خلخلة ما في النص، كما هو الحال عند الأديب السوداني أمير تاج السر، الذي يسترسل في أدواته أزقة الحياة ويحدد منظومته وسط خريطة ترسم شخوصه في نشأتهم الجغرافية وسيكولوجيتهم، مع بعض العناصر الجمالية التي تضفي شىء من التكنيك في شكل السرد، وتخرج عن الإرباك في محاضرة موسومة ب" إشكالية الكتابة الروائية العربية"ضمن برنامج " الحلم هو الأمل" لمركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، يوم الأثنين ٣ نوفمبر٢٠١٤، عند الساعة الثامنة بالمركز .

 

سيسلط الأديب تاج السر حديثه على مكامن الكتابة الإبداعية ، وسبل صناعتها بحرف تلفت ذائقة القارئ وتمتعه في الذهاب معها، كم سيبين عفويتها التي تولد مع الكاتب، ومطاردة الأفكار على سطح الورقة للنص، والعوامل السلبية لتدهور الكتابة وطفرتها، وفقدان بعض أسسها المتينة، كما سيفكك نماذج الكتابة التي إنتشرت بكثرة في عالم السرد، إلى جانب ذلك، سيناقش شىء من المعالجات الأدبية وإشكاليتها في حق الكتابة، وحداثية رؤيتها وصيرورتها، إضافة إلى مفهوم نزعة الروائي ومسارات كتاباته التي تتكىء على التخيل والواقعية والتوثيق والمنجزات المعاصرة.

 

تجدر الإشارة إلى أن الأديب تاج السر طبيب وروائي سوداني، يمت بصلة قرابة وثيقة للأديب السوداني المشهور الطيب صالح، حازت أعماله اهتماماً كبيراً في الأوساط الأدبية والنقدية، كما حققت شهرة عالمية، بعد ترجمة معظمها إلى الكثير من اللغات الحية منها الإنكليزية والفرنسية والإيطالية. وصلت روايته "صائد اليرقات"للقائمة القصيرة لجائزة بوكر العربية ٢٠١١م، ترجمت رواية العطر الفرنسي إلى الفرنسية حديثا، 

مارس ولعه بالكتابة في مراحل مبكرة جداً من حياته، ففي المرحلة الابتدائية كان يكتب القصص البوليسية تقليداً لما كان يقرؤه أثناء الطفولة، وفي المرحلة المتوسطة بدأ يكتب الشعر بالعامية، وتغنى مطربون فيما بعد بالكثير من أشعاره، واستمرت كتابة الشعر حتى خلال دراسته للطب، وأصدر دواوين شعر بالعامية السودانية، وفي عام 1985 بدأ يكتب الشعر بالفصحى، ووصل لمراحل متقدمة وكانت قصائده تنشر في مجلات كبيرة ومزدهرة في ذلك الوقت مثل “القاهرة” و”إبداع” و”المجلة” و”الشرق الأوسط”، وكان يتوقع الكثير من أصدقائه أن يظل مستمراً في كتابة الشعر، لكنه في العام 1997 كتب رواية اسمها “كرمكول”التي كلفت الكاتب رهن ساعته ليتمكن من طباعتها، وكان حينها أنهى دراسته في جمهورية مصر العربية ويستعد للعودة، ورغم كونها رواية صغيرة فوجئ بأنها أحدثت أصداء كبيرة في القاهرة، الأمر الذي شجعه لمواصلة الكتابة، لكن بعد عودته للسودان بدأ ممارسة الطب، وعمل في أماكن بعيدة، ولكثرة التنقل والانشغال بتكوين الذات في مجال العمل، انقطع عن الكتابة لسنوات طويلة، حتى انتقل في عام 1993 للعمل في الدوحة، في عام 1996 كتب روايته الثانية “سماء بلون الياقوت” بعد انقطاع عن الكتابة دام عشر سنوات، وهي مستوحاة من بيئة شمال السودان، ثم تلاها رواية “نار الزغاريد” ثم “مرايا ساحلية” وهي الرواية التي أحدثت نقلة في تجربته الروائية، وكانت عبارة عن سيرة عن منطقة “بورتسودان”، كما كتب “سيرة الوجع” والتي نشرت على حلقات في جريدة “الوطن” القطرية، وكانت عن ذكريات متنوعة من البلدة البعيدة التي كان يعمل بها “طوكر”، ثم كتب “صيد الحضرمية” و”عيون المهاجر”. أما البداية الحقيقية والتي تمثل مرحلة الانطلاق والانتشار الواسع النطاق، كانت في عام 2002 عندما كتب د. تاج السر روايته الأشهر “مهر الصياح” و هي رواية ضخمة ذات طابع تاريخي، وهي التي حققت انتشارا كبيرا وأصداء بعيدة، وترجمت منها عدة فصول بالفعل، ، وتلتها رواية “زحف النمل” التي انتشرت بشكل كبير، وحققت أكبر شهرة، وصادف صدورها مع افتتاح معرض القاهرة للكتاب، وحققت حينها أعلى مبيعات، وانتشرت بشدة، وبعد ذلك تواصلت التجربة مروراً بتوترات القبطي والعطر الفرنسي، وصولا لـ صائد اليرقات وإيبولا 76 وأرض السودان وإشتهاء، وأخيراً قلم زينب.