أصبحت التجربة السينمائية المغربية مدار احتفاء خاص في الأوساط العالمية والعربية، ويقربنا هذا الحوار من رؤية عربية عراقية الى التجربة السينمائية المغربية، في قدرتها على تسويق نموذجا خاصا لمختلف البلدان العربية والاستفادة من هذا التراكم النوعي الذي حققته وهو ما جعلها اعرف وثيرة متصاعدة السنوات الأخيرة..

نوزاد شيخاني يدعو الى تكريم السينما المغربية

بشـتيـوان عبدالله

في مقابلة مع المخرج السينمائي نوزاد شيخاني أجرتها معه وكالة "باسنيوز" الكوردية الواسعة الإنتشار والتي تصدر في أربيل، عاصمة أقليم كوردستان العراق، تحدث المخرج شيخاني عن أهمية المغرب في المجال السينمائي قائلا: " إن إستقرار البلد وحكمة ملكه ووعي شعبه المحب للسلام بوحدة وطنه وترابه وقدرته على التفاعل والتعايش السلمي مع باقي المجتمعات، جعل من المغرب بلداً آمناً ومنفتحاً على العالم وأهّله أن يكون في مقدمة دول المنطقة في تحقيق الإزدهار والتطور النوعي في مختلف مجالات الحياة، مما أدى الى نجاح المغرب في إستقطاب كبريات شركات الإستثمار العالمية ومنها الشركات العملاقة المتخصصة في صناعة الفيلم السينمائي، حيث تحتضن مدينة "ورزارات" كبريات الأستوديوهات العالمية، وهي مقبلة على مشروع سينمائي ضخم هو مشروع "ون ستوب شوب" الذي بموجبه سيحول منطقة ورزازات الى مدينة سينمائية عالمية على غرار المدن السينمائية المتواجدة في هوليوود أمثال "وورنر بروس بكجرز"، "نيو لاين سينما"، "باراماونت موشن بكجرز". ومن خلال مشاهداتي الحية ومتابعتي عن قرب الى طبيعة الخصائص البيئية والمعمارية والطبيعة الساحرة التي يتميز بها هذا البلد الجميل، وما يمتلك الشعب المغربي من مقومات الحضارة والعراقة وكرم الضيافة، إضافة الى دعم وتشجيع القطاع السينمائي من قبل الدولة، جعلت من المغرب وجهة عالمية كبرى لإنتاج روائع السينما العالمية مثل فيلم "كلادياتور" الذي أخرجه "ردلي سكوت" ومثل في بطولته كل من "روسيل كروي"، "كوني نيلسون" و "أوليفر ريد"، وفيلم "الأسكندر الأكبر" من إخراج "أوليفر ستون" وبطولة "أنجيلينا جولي"، "أنتوني هوبكنس" و "كولن فاريل" وفيلم "لورنس العرب" للمخرج "ديفيد لين" الذي مثل في بطولته كل من "أنطوني كوين"، "بيتر أوتول" و "عمر الشريف" وفيلم "كليوباترا" للمخرج "فرانك رودام" ومن بطولة "تيموثي دالتون" وغيرها من كبريات الأفلام التي صنعت للسينما تاريخاً".

وتابع شيخاني "المغرب يحتضن ويستقبل على مدار السنة العديد من النشاطات والفعاليات الثقافية والفنية والسينمائية على أرضه ويؤمن بتبادل الأفكار والخبرات وإبرام الإتفاقيات والشراكات التي تخدم مصلحة البلد وهذا حق مشروع ونهج صحيح إتخذه المغرب من أجل دعم الإزدهار وتنشيط الإقتصاد وتوفير فرص العمل في مختلف الميادين. ونظراً للتطور الحاصل في السينما المغربية والخبرة الكبيرة التي يتميز بها السينمائيين والفنانيين المغاربة وإحتكاكهم بعمالقة السينما في العالم، بات المغرب في طليعة دول المنطقة في الإهتمام بصناعة الفيلم السينمائي ودعم شركات الإنتاج والمخرجين والسينمائيين من أجل تطوير هذا القطاع الحيوي، كما تحرص المملكة على زرع ثقافة سينمائية جميلة بقيمها الفنية والتربوية بين أبناء المجتع بعيدة عن الأساليب التجارية الرخيصة التي تخدش وتشوه سمعة هذا الفن، بأعتبار أن الفن السابع هو المرآة العاكسة لتقدم ورقي المجتمعات".

مضيفاً في قوله "المغرب يهتم بمختلف الثقافات السينمائية، القريبة منها أو البعيدة وأيضا ًتلك التي تمتاز شعوبها بحضارة وثقافة خاصة بها كالسينما الكوردية التي تعتبر سينما حاضرة بالرغم من إفتقارها الى الصناعة، إلى ان العديد من الأفلام الكوردية حازت على جوائز مهمة في مهرجانات سينمائية عالمية وعربية وإن الإنتاج السينمائي الكوردي يتعدى الخمسين فيلما روائيا طويلا وأكثر من ألف فيلم قصير، علما إن أول فيلم سينمائي كوردي يعود تاريخه الى سنة 1926 يحمل عنوان "زارى" من إخراج "حمو نزاريان نزاروف" وهو من إنتاج أرمينيا".

وحول زيارات المخرج نوزاد شيخاني المتكررة الى المغرب وطبيعة نشاطاته ومشاركاته الدولية تحدث الينا قائلاً :"أولى زياراتي الى هذا البلد الجميل كانت في 2008 حيث كان المغرب ضمن مشروعي في إنتاج عمل فني عن السلام والتعايش بين الشعوب، ثم تكررت زيارتي في 2010 لأجل التخطيط لمشروع تأسيس شركة للإنتاج السينمائي وأكاديمية سينما بالتنسيق مع كل من الفنان المغربي القدير محمد الخياري والفنانة المغربية القديرة لطيفة أحرار، ثم توالت زياراتي الى المغرب الذي بات عزيزا على قلبي، أحمل له ما أحمل لوطني من حب وولاء. تعددت مشاركاتي في الأنشطة والمهرجانات السينمائية الدولية المقامة على أرض المغرب وتنوعت بين رئيس لجان تحكيمية أو في عضويتها وبين منحي الرئاسة الشرفية وتقديمي العديد من ورش العمل وماستر كلاس في صناعة الفيلم السينمائي. إضافة إلى بناء الجسور والتنسيق والتعاون بين السينمائيين من مختلف بلدان العالم من أجل خدمة الفن والإنسانية". 

أكمل شيخاني حديثه قائلاً: المملكة المغربية دعت وكرّمت السينما الكوردية في عدة مهرجانات دولية وإحتضنت العديد من السينمائيين الكورد على أرضها وقدمت لهم كل وسائل التقدير والحفاوة والتكريم، لذا أقدم بأسمي وبأسم السينما الكوردية جزيل الشكر والعرفان الى المملكة المغربية حكومة وشعبا، فنانين، سينمائيين، صحفيين وإعلاميين على هذا التقدير وكرم الضيافة. كما أقدم شكري وإمتناني الى سفارة جمهورية العراق لدى المغرب متمثلة بشخص سعادة السفير الأستاذ حازم اليوسفي على منحهم ثقتهم وتشجيعهم وتكريمهم الأخير لنا. الشكر والإمتنان الى الصحافة ووسائل الاعلام في إقليم كوردستان العراق والى كل صحفي وإعلامي آزرنا وساهم في نشر نشاطاتنا وإنجازاتنا السينمائية والفنية والإنسانية سواء في المملكة المغربية أو في أوروبا أو في الوطن. من هنا أدعوا وزارة الثقافة والشباب في حكومة إقليم كوردستان العراق ومديريات السينما التابعة لها بدعوة السينما المغربية وتكريمها وإحتضان السينمائيين والفنانين والإعلاميين المغاربة في المهرجانات والفعاليات والأنشطة السينمائية المقامة على أرض كوردستان العراق وإبرام إتفاقية تعاون وشراكة وتبادل في الوفود السينمائية من أجل تطوير العلاقات الفنية والإنسانية بين الطرفين".

من الجدير بالذكر إن نوزاد شيخاني مخرج ومنتج سينمائي يحمل الجنسية الألمانية والعراقية. درس الفن والهندسة في العراق ثم أكمل دراسته في ألمانيا وتخصص في "تقنية صناعة الأفلام" من "أكاديمية ماكروميديا" بمدينة ميونخ سنة 2000. أخرج فيلمين قصيرين من إنتاج "أكاديمية ماكروميديا" الألمانية. أختارته وزارة الشباب الألمانية محررا متخصصا في تقنيات الصورة الرقمية. أختير مخرجا في فضائية كوردستان/ ستوديو أوروبا في ألمانيا وأخرج عدة أفلام وثائقية في أوروبا، أميركا، دول آسيا وإفريقيا. أولى مشاركاته الدولية في المهرجانات السينمائية تعود الى عام 2005 حين شارك مع وفد رسمي من أقليم كوردستان العراق الى مهرجان كان السينمائي في فرنسا. وفي 2007 أختير مصورا شخصيا لرئيس أقليم كوردستان العراق السيد مسعود بارزاني في زياراته الإستراتيجية إلى أوروبا وأميركا. وفي عام 2012 تولى مسؤولية العلاقات الخارجية في رابطة السينمائيين الكورد في أوروبا وأميركا. أنتج وأخرج فيلما روائيا طويلا بعنوان "تورن" في جورحيا في عام 2014 ولازال الفيلم خاضعا لعمليات المونتاج والموسيقى التصويرية. في أكتوبر 2014 أنتج وأخرج الفيلم الوثائقي "الفرمان الأسود" الذي تم إدخاله في سجلات المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا. أما آخر أعماله فهو الإنتهاء من إخراج ملحمة سمفونية عالمية ستعلن عنها قريبا وهو من إنتاج 2015.