يخصنا الشاعر المغربي بهذه القصائد الشعرية الجديدة، حيث نجالس الشاعر في خلوته بعيدا عن صخب العالم. مرة من طفولة مسكونة بالوحدة وأخرى ينتهي الى فضاءات لا زالت تحتفظ بعذريتها، وفي كل مرة يلملم الشاعر بعضا من ذكرياته وهو يبحث عن اتجاه قادر على احتضان وحدته وعزلته من حياة صاخبة.

اتجاهات أليفة

محمد شاكر

طـفــل

ألْهو مَع الطفِل

خارج عتـْمة الأحْوال.

وطِفلي..

لا يُشرق في البال

لأرى صَفـْو سَماء.

قريبة مِن طيَراني

وبَراءة أطفال.ٍ.

يَصْعدون..

يَهبطون..

في خِفة الفراشاتِ..

إلى أبْراج نِسياني

................

ألْهو مَع الطفل..

بـِلا طِفلٍ

ويُرْبـِكني في لـَعِبي. .

دُرْجُ الذكرياتِ

خالٍ مِن لـُعَبي..

يُبْهرني دُرجُ الطفلِ..

في ربيعه الأوَّلِ

تـَيـْنـَعُ فيه..

مَواسمُ الشَّغب. .

تـُمسي بعْد حَصادِ العُمر

أكوامَ ذِكرى..

يـُتـلـِفـُها نِسيانٌ

في غـِياب الولَدْ.

...............

ألـْهو معَ الطفل..

وأنا أسِيرُ أعْطابي .

أتَخفـَّفُ مِنـِّي..

لَكنّي..

أرْسُف في ثـِقـْلِ عِظامي.

 

شجر الجلوس

في انفرادك بلوْعة هذا الصباح..

تـُقـشِّر جـِلدَ الصَّبْر

بَاحِثا عمَّا تـَبـقـَّى مِنْ لـُبابٍ

أضْمَرتْهُ المواسمُ العِجاف.

يَطول بـِك التـَّقـْشير..

وفاكِهة الصَّبر تـَصغـُر

وأنتَ تـُمـَنِّي الصباحَ..

بـِحبَّةٍ مِن شَجر الجُلوس

يـَتـَعـتـَّقُ فيها السُّكـَّرُ

وتـَنـْتـَعش الأهْواء.

 

طاولة عرجاء. .

في مَقهى مَنْسيٍّ..

على ضِفافِ عُزلة صمَّاء..

 أفـْشتْ لي بـِسرِّ المَنْبوذينَ

على أرْصِفة المَساء.

اشتكتْ لي مِن قَبضاتِ العابرينَ

تَهْوي عليْها..

نِكاية بأزمنة يَذوي فيها الرَّجاءُ

دونَ مواسِم القِطاف...

كؤوساً بحُثالاتٍ

يَتهافَتُ عليها ذبابُ الأمْكنة

في غياب نادلٍ وَحيدٍ..

لا يَسْلمُ مِنديلـُه. .

مِن رائِحة..

وعُفونةْ.

مَنافِضُ رَمادٍ

تـَدلُّ على مِحْرقة الآمالِ

وأزيزُ كـَراسٍ بـَئيسة..

أضْناها وقوفُ الزَّوال..

تتربَّص بالفريسة.

خـُيـِّل لي..

كما لوْ أنَّها تَرفع قـَدمًا وَحيدة..

تـَدْلق ما عليْها..

مِن بقايا دليلــة..

تـَقـْتـفي أثـَري

وأنا ألملم أعْطابي..

وأرْحلْ

لاتجاهاتي أليفة.

 

مــروق

قِريبا مِن مُروقِ الأشياء في لُجِّ الشارع..

تـَسلخ جلد الأسفلت النَّحيف

أرى حَركات عابرة..

لا أثرَ فيها لِحياة تستنشق أوكسجين النـَّقاء.

ذَهابٌ..

يتعقـَّبه غبارٌ كثيف

إيابٌ..

تـنداح أمامَه ضوْضاء..

تـُمسِك بكفِّ أزيز

يـَتمطَّى في الخـَواء

فأحِنُّ إلى حياة الغابْ..

حيث موسيقى الأطيار

وهمهمات الهواءْ

يَطـْبعان إيقاعَ السَّير..

في سَفر أرواحٍ..

تـَجوسُ في مِعْراجها الخَفيفْ

بحفيفْ..

لا يـُنبـِّه غـَفوة الأشجارْ.

أو يُثير نَقـْعا كثيفْ.

 

في صَخب الشارع...

تـَمرُّ الحالاتُ سَريعا..

كأشْباح مُفرغَة مِن أرْواحها الشفيفة

ولا يُدركها التـَّأمُلْ.

كانَ عليَّ أن أجلس إلى شـُرفاتِ داخِلي..

حيثُ الحَنايا مُشرعة...

على رَحابة الأبْهاء

أتملىَّ الأحلامَ في عـُبورها الصَّريح

أختارُ ما يُضمِّد الجراحَ..

 

بضوْئِه الفـَصيحْ.

قريبا مِن عـُقوقِ الأشياءِ في لـُجِّ الشارع

خِسرتُ كثيرا ..

مِن طـُمأنينة الرُّوح.

 

قصر السوق 2015