لحيظات تستدعيها الشاعرة والناقدة المغربية في هذه القصيدة التي تتوزعها تسعة مقاطع شعرية تتجه جميعها لالتقاط تلك الومضة لاقتفاء الأثر حيث بنية الحضور والغياب تجعل من حكمة زمن القصيدة صورا وحيوات حيث تتقاطع في النهاية لحمة واحدة في نص شعري يلتقط اللحظة شعريا.

قَليـلاً بَعْدُ، كثيراً قَـبْلُ

سعيدة تاقي

ـ 1 ـ

قد تَجْـثو

يَدُ الدّمعِ،

قد تَغْفو

قليلاً

قبلَ الشّروق.

هادِرُ الفَرَحِ،

واثِقَ الخَطْوِ،

يغمِزُ للمَدى:

ما كان ذَنبي.

===

 

ـ 2 ـ

بَسْمَـتُها..

كانت أوَّلَ العُمْرِ

نيَّـةً لا شريكَ لها،

سادَتْ بَعْضَ الظنِّ..

ثمّ بادَتْ.

مُقْفَلاً

دون انفِراجِ،

يصرُخُ البابُ

للمِزْلاجِ:

لقد كفَرْتُ.

لكنّني أَتُـوب.

===

 

ـ 3 ـ

السِّحْرُ لم يشرَبْ

كلَّ الظّمأ.

و لم تفارِقِ

الأوراقُ النّاعسةُ

ليالي الشّوك.

ضفائرُ الرُّشْدِ

اكْتَحَـلَتْ،

دونَ شُكْرِ الغِواية.

لم يَكُنْ أعمى

ذاك التيهُ،

و هو يقبِّلُ خِلْسَةً

أَنَـامِلَ البُـعْدِ.

كان الشوْق

قد أَيْنَعَ بغتةً

على ضفاف المَـفارِق.

===

 

ـ 4 ـ

يَلوكُ الصُّبحُ

تـثـاؤُبَه،

و يمضي

مُغْمَضَ الجـبيـن.

حوافِرُ الماضي

المَكْتومِ،

لم تنـثُـرِ الرِّقـة.

و الحاكِمُ بأمْرِ القَلْـبِ

لم يُـجِبْ:

أَيَكْـمُـنُ النِّسيان؟

===

 

ـ 5 ـ

قليلاً..

بَعْدُ،

كثيراً..

قَبْلُ..

لم يَكُنْ

للهوى أنْ

يَشاء..

لم يكُنْ

للنَّدى أنْ

يفكِّر..

لم يكُنْ

للحُلْمِ أَنْ

يغْتـالَ

حقيبةَ السَّفَر.

===

 

ـ 6 ـ

احتَرَقَتْ عنْوَةً

كلُّ البَـيـادِق.

على رُقعةِ الشَّبق،

ظلَّ المَلِـكُ

وحيداً

يغازِلُ بياضاً

لم يطـلْهُ سوادُهُ.

شَطْرٌ نَـجَـا

و شَطْرٌ نَـاجَـى

المَشطُورَ

عن رَمْلٍ

لم يَبْلُغْهُ

وَقْعُ اللّهـفة.

===

 

ـ 7 ـ

ضَمَّةٌ

بِضَمَّةٍ..

لم يكتَمِل

تَـمايُـلُ الرّاقِصَيْنِ.

لم يفتَحْ

حنينُ النَّقْـرِ،

للعِـناقِ

كلَّ الاحتمالات.

اللّحنُ ابتَهَلَ

طويلاً..

الكمانُ شجِيّـاً،

كان يبكي..

و الغَـزَلُ ترَك

للحِلْمِ

باقي المنعَطَـفات.

===

 

ـ 8 ـ

نكايةً بالشَّكْوى،

يعودُ الصبَّـارُ

لاقترافِ الظَّمأ.

لم يُصدِرِ الحاكِمُ،

بأمْرِ الحُـبِّ،

إذْنَ النسيـان..

و لم تَرْتَدِ

حبّـاتُ الرَّمْلِ

نَسْغَ اللّهفة.

البياضُ،

كثيراً.. بَعْدُ

قليلاً.. قَبْلُ،

يُحاكي العَتمة

و يحْكي الرَّماد.

===

 

ـ 9 ـ

العقيقُ

انفرطَ

قبلَ انكسار

القِلادة.

ليس حنينـاً،

إلى رملٍ

لم يصُنْ حبّاتِه،

قد لا تغفِرُ

المِرْآةُ

يُتْمَ الوِلادة.

الورْدُ

و هو يحْنُـو

على ذبولٍ

غافَلَهُ بِبَلادِة،

لا يُرْخي أوراقَـه

للسّقوط،

بل يُمعِنُ

في الانكفاء

.. في الاحتراق

.. وزيادة...

 

مبدعة من المغرب