يتناول الباحث الجزائري إشكالية اللغة والفكر في فلسفة فيتغنشتين من خلال كتابه "رسالة منطقية فلسفية"(1922). ويخلص إلى أن فلسفته كانت بمثابة ثورة فكرية في الفلسفة التحليلية، ومرجعاً أول لتيارات فلسفية كثيرة مثل الوضعية المنطقية، فقد سلطت الضوء على اللبس المعرفي بسبب سوء استخدام اللغة.

اللغة والفكر عند فيتغنشتين

بن زينب شريف

سواء كانت رسالة فيتغنشتين المنطقية الفلسفية أو لم تكن قد برهنت بالصدق المطلق على الموضوعات التي تعالجها، فإنها يقيناً تستحق –لعمقها واتساع مجالها– أن تعتبر حدثاً هاماً في عالم الفلسفة(*)
كثيراً ما نعيب على غيرنا سوء فهمه لمقاصدنا الكلاميّة، أو يُحكم علينا مسبقا بقصورنا في توضيح ما نرمي إليه من كلامنا، هذا ما يجعل العملية التواصلية صعبة التَحقق أو بالأحرى تكون عديمة الفائدة بوجود شبه مشكلات تتولد بين المُلقي والمُتلقي. ولكن في حقيقة الأمر أن هذه المشكلات ما هي إلا سوء استخدام اللغة استخداما صحيحاً، وهذا الاستخدام السيئ للغة دفع العلماء والفلاسفة المعاصرين للبحث في اللغة ومشكلاتها وأنواعها، حيث احتلت اللغة المكانة المرموقة في الفلسفة الغربية المعاصرة وكان ظهور فلسفة اللغة كمبحث جديد إن دل يدل على خصوبة مجالات البحث وانتشارها في البلدان الأنجلوسكسونية([1]).

ولقد كانت اللغة ولا تزال الوعاء الذي يبلور الإنسان من خلاله وعيه وأفكاره وبها يبني جسره التواصلي مع الآخر، ومن خلالها يبني فكره. كما أنه لا يمكننا الحديث عن فكر بدون لغة تمنحه مسوغات الوجود ودلائل الحضور حيث أن كل نشاط فلسفي قائم على رغبة كبيرة للإقناع عن طريق بسط المفاهيم، وكل تجربة فلسفية لا يمكن الإفصاح عنها إلا من خلال عُنصرَي الفهم والإفهام بعيداً عن كل لبس أو غموض لغوي، وإن التميز اللغوي للكائن هو التعبير الأمثل عن كينونته فمن خلال اللغة يكتشف الكائن كينونته.

تعتبر الفلسفة التحليلية من بين الفلسفات التي أخذت على عاتقها مشكلة اللغة واللبوس الذي تشكله عند جمهور الفلاسفة، ولودفيج يوهان فيتغنشتين يعتبر حجر الزاوية في الفلسفة التحليلية، خاصة في مباحثها اللغوية، وقد حاز هذه المكانة بتسليطه الضوء على ذلك الجانب المظلم من الفلسفة المعاصرة عامة والأنجلوسكسونية خاصة. الجانب الرطب الذي تتولد فيه الخطابات اللغوية مشكلة غموضا وإشكالات تجعل من الصعب الوصول إلى المعنى الصحيح لكل خطاب تارة، أو برمي السامع بالقصور وعدم الفهم تارة أخرى، هذا الغموض وهذه الإشكالات كانت الدافع الأكبر لفيتغنشتين للبحث عن أسباب هذا الغموض اللغوي واللبس المفاهيمي، فما كان منه إلا أن يعيد للفلسفة دورها الأساسي ودورها المحوري هو "نقد اللغة"([2]) (العبارة4,0031)، وهذا الغموض ليس مرده إلى افتقار السامع للأدوات المعرفية التي تؤهله لفهم الخطابات بشتى أنواعها، بل العكس من ذلك تماما فسبب الغموض عنده هو الاستخدام السيئ للغة، حيث أن «معظم القضايا والأسئلة التي كتبت عن أمور فلسفية ليست كاذبة، بل هي خالية من المعنى»([3]).

وسنتناول في بحثنا هذا إشكالية اللغة والفكر في فلسفة فيتغنشتين خاصة على كتابه "رسالة منطقية فلسفية" الذي كان لصدوره سنة 1922 بمثابة الثورة الفكرية التي جعلت كبار الفلاسفة من أمثال مور وبرتراند رسل (1872-1970) يعتبرون فيتغشتين الفيلسوف الذي سيكون له شأن كبير في إحداث منعرج في الفلسفة التحليلية.

وكما سبق وأن قلنا أن فيتغنشتين كان همه الأكبر هو دراسة قضايا اللغة وعلاقتها بالواقع من خلال وضع لغة مثالية من خلال كتابه "رسالة منطقية فلسفية" أما في كتابه "بحوث فلسفية" الذي نشر عام 1953 بعد وفاته حيث "عدل فيه عن كثير من آرائه وبخاصة نظرية الذرية المنطقية ونظريته في اللغة"([4]) ويظهر في هذا الكتاب تحوله من وضع لغة مثالية تقرر الواقع إلى محاولة وضع نظرية جديدة في المعنى كانت بمثابة رد على الذرية المنطقية في استعمالها "والشعار الأساسي في هذه النظرية (لا تسأل عن المعنى، ولكن اسأل عن الاستعمال)"([5])، وهذا الاستعمال هو ما يعطي للغة صبغة اجتماعية براغماتية بحتة من خلال الاستعمال الاجتماعي الصحيح، هذا التحول الذي وجد له صدى ومناصرين في الاتجاه البراغماتي المعاصر ما جعل ريشارد رورتـي 1931-2007 Richard rorty يعتبره -فيتغنشتين- وهيدغر وجون ديوي من أعظم فلاسفة القرن العشرين من خلال أثرهم البليغ في الفكر الفلسفي المعاصر، ونلمس هذا التأثير في كتاب رورتي "الفلسفة مرآة الطبيعة" حيث كان عملهم الفلسفي يتمحور كثيرا حول «إمكانية تصور شكل جديد للحياة العقلية، تكون فيه لغة التفكير الفلسفي المورثة عن القرن السابع عشر غير مناسبة بمثل ما كانت لغة القرن الثالث عشر غير ملائمة لعصر الأنوار»([6]).

وفَضلُ فيتغنشتين علينا حسب رورتي أنه حررنا من المعاني الكانطية مثل "في الذهن"، "الحكم القبلي" وغيرها، وعليه فإنه «يتوجب علينا أن نعدل عن الحلم القديم،المتقاسم بين أفلاطون ورايشنباخ، الذي أيقضنا منه فيتغشتين، ذلك الحلم الذي يجعل من الفلسفة scientia scientiarum،المعرفة ماهي المعرفة العلمية، نتيجة البحث حول طبيعة كل بحث ممكن»[7].

التعريف بالرسالة المنطقية الفلسفية:
 الموضوع في حدود ثمانين صفحة الأثر الكبير خصوصا على حركة الوضعية المنطقية وفلاسفة مدرستي كمبردج وأكسفورد[8].والرسالة عبارة عن خلاصة للقضايا التي كانت تبدو مستعصية للفلاسفة، فجاءت هذه الرسالة عبارة عن مجموعة من العبارات مضغوطة تندرج تحت كل عبارة تحليلات وتفسيرات للكل عبارة، ولقد أشاد راسل بهذه الرسالة مما جعله يضع لها تقديما، ولقد أقر بيتشر (petcher) بأهمية الرسالة من زاوية تأثيرها في كل ما تلاها من أفكار فلسفية، واعتبرها نقطة تحول في الفكر الفلسفية بسبب استطاعتها تجميع أكبر قدر من الأفكار الفلسفية والاتجاهات الفكرية[9].

ولقد عبر فيتغنشتين عن أفكاره في رسالة في سبع عبارات أساسية مرقمة بأرقام صحيحة تندرج تحت كل عبارة عبارات شارحة مرقمة أرقام عشرية إلا العبارة السابعة لا يليها أي شرح حيث فيها يؤكد فيتغنشتين على ضرورة الصمت والعبارات الأساسية هي:

1- العالم هو جميع ما هنالك.

2- إن ما هو هنالك، أي الواقعة،هو وجود الوقائع الذرية.

3- الفكر هو الرسم المنطقي للواقع.

4- الفكر هو القضية ذات المعنى.

5- القضايا عبارة عن دالات صدق للقضايا الأولية.

6- إن الصورة العامة لدالة الصدق هي هذه هي الصورة العامة للقضية.

7- إن ما لا يستطيع الإنسان أن يتحدث عنه ينبغي أن يصمت عنه.

تحليل اللغة والفكر عند فيتغنشتين
1- تحليل اللغة:
في مقدمة كتاب "رسالة منطقية فلسفية" يوضح فيتغنشتين هدفه بوضوح وهو إقامة حد للتفكير أو على الأصح إقامة حد للتعبير عن الأفكار أما ما يقع خارج مجالي الفكر واللغة فلا معنى له[10] واللغة عنده «هي مجموع القضايا»[11] والقضايا التي تكونها اللغة تبني لنا جملة من الأفكار«والفكر هو القضية ذات المعنى»[12] وإذا ما خلت القضية من المعنى فلا تمثل فكراً ويقصد من هذا أن الفصل بين الفكر واللغة مرفوض أو الفصل بين اللفظ والمعنى، فهما وجهان لعملة واحدة «كما أنه يرفض أن تكون وظائف الفكر وعملياته أشبه بالأحداث المختفية وراء السلوك اللغوي أو أن تكون الألفاظ في دلالتها الأولية لا تشير إلا للأفكار القائمة في ذهن قائلها كما اعتقد جون لوك»[13].

وفي تحليله للغة ينتهي فيتغنشتين إلى الأسماء، ولكن إذا كانت النهاية المحتومة للغة هي الأسماء فقط، فالسؤال الذي يطرح نفسه ما هي العلاقة بين اللغة والعالم أو بين الأسماء والأشياء؟

في هذه الصدد يؤكد لنا فيتغشتين أن وظيفة اللغة تكمن في تصوير الواقع الخارجي «إن القضية لا تشبه شيء إلا بقدر ما هي رسم له»[14]، وهذا الرسم لا يتحقق للواقع بوضوح إلا إذا بينت القضية عن نفسها من الناحية المنطقية[15]، فاللغة والعالم الخارجي يقع بينهما تقابل مثل (اللغة، العالم)، (القضايا، الوقائع)، (القضايا الذرية، الوقائع الذرية)، (الأسماء، الأشياء)، وفي كتابه "بحوث فلسفية" يتوصل فيتغشتين إلى نتيجة أخرى عن اللغة حيث أن هذه الأخيرة تقوم بوظيفة تواصلية تفاهمية مع الآخر والتأثير فيه حيث أنه «بدون اللغة لا يمكننا أن نؤثر في غيرنا من الناس على هذا النحو أو ذاك... ولم يكن بإمكاننا إقامة الطرق وبناء الآلات»[16]،وهذا الدور المنوط باللغة تجعل لغة الفرد لصيقة خبرته الخاصة حيث أن كل ما يقع في خبرته من وقائع هو الذي يحدد القضايا الأولية التي يمكنه معرفتها وبهذا يصبح الفرد محدود بنطاق عالمه، يقول فيتغشتين «فانا هو عالمي (العالم الصغير)»[17]، و«إن حدود لغتي تعني حدود عالمي»[18]،وبهذه المحدودية للغة في العالم تحديد عالمه بها وصل فيتغشتين إلى فكرة الأنا وحدية solipsism [19] التي عمل فيتغشتين تفاديها في كتابه "تحقيقات فلسفية" ليعود إلى المفهوم العادي للغة ودورها الاجتماعي التواصلي.

واللغة هي ما يمكن قوله من قضايا، ولابد أن تكون القضية قول مفيد يحتمل الصدق أو الكذب وتكون ذات معنى. سنحاول أن نورد معنى القضية فيما يلي:

1- معنى القضية مستقل عن كونها صادقة أو كاذبة ومعنى القضية «هو أن نعرف ما هنالك إن كانت صادقة. (ولذا يمكننا أن نفهم القضية بدون أن نعرف ما إذا كانت صادقة أم لا)، وأننا لنفهمها إذا فهمنا الأجزاء التي تتكون منها»[20]. وعليه فالقضية لابد أن تقول لنا شيء وإن كان كاذباً، وبإمكاننا أن نفهم المعنى ومن ثم تركيب القضية بصورة لم نألفها، كما يحضر هنا الفرق بين القضية والاسم حيث أنه يوجد القضية معنى سواء وجد ما يقابلها في العالم الخارجي أو لم يوجد. فإن وجد كانت صادقة وإن لم يوجد كانت كاذبة. أما الاسم لا يكون له معنى إلا إذا كان ما يقابله في الواقع فمعنى الاسم هو الشيء المسمى بهذا الاسم حيث «أن الاسم يعني الشيء والشيء هو معناه»[21].وحتى تكون القضية صادقة لابد أن تتناول جميع الأشياء الموجود في الواقعة وأن تترابط الأسماء فيها بكيفية مطابقة للعلاقة بين الأشياء.

2- لا يحتاج معنى القضية إلى إثبات لأن معناها هو ما تثبته وتؤكده القضية حيث أن «كل قضية يجب أن تكون ذات معنى بالفعل. فإثباتها لا يضيف إليها معنى،لأن ما تثبته هو معناها نفسه.وإن هذا ليصدق كذلك على حالة النفي...إلخ »[22] والشيء الذي تمثله القضية هو «وجود وعدم وجود الوقائع الذرية»[23].

3- إن مجموع القضايا الصادقة يمثل صورة لجملة الوقائع أو أن جملة القضايا الصادقة هي بمثابة الرسم الذي يصور العالم الموجود بالفعل و«أن مجموع القضايا الصادقة هو كل العلم الطبيعي أو هو كل العلوم الطبيعية»[24] والفرق بين القضية الصادقة والكاذبة هو أن الأولى تشير إلى أن الأشياء ترابط على نحو ما والكاذبة لا تشير إلى هذا الترابط فهي لا تعدو أن تكون قضية ممكنة الوقوع أو التحقق أما الصادقة فهي قضية فعلية وهنا يقول فيتغشتين «إن العالم يوصف وصفاً كاملا ً عن طريق استقصاء جميع القضايا الأولية، بالإضافة إلى ذكر ما هو صادق منها وما هو كاذب»[25].

4- يكمن معنى القضية في ما تظهره لا ما تقوله فعندما تكون القضية صادقة فإن الأشياء توجد على كيفية محددة، وإذا كانت الكيفية التي تترابط بها الأسماء هي نفسها الطريقة التي تترابط بها الأشياء كانت القضية رسماً صادقاً للواقعة. وإذا كانت الصفات الداخلية متماثلة فغن القضية تكون رسماً صادقاً للوجود الخارجي ويعبر فيتغشتين عن ذلك بقوله «وجود صفة داخلية لأمر ممكن ما من أمور الواقع لا يعبر عنه بواسطة قضية بل هي تعبر عن نفسها في القضية التي تمثل الشيء بواسطة الصفة الداخلية الخاصة بهذه القضية»[26].

5- تذبذب فيتغشتين في موقف من القضية فتارة يراها واقعة من الوقائع وتارة لا يراها كذلك بل يذهب إلى أن علامة القضية هي التي تكون واقعة فهو يعتبر أن «القضية رسم للوجود الخارجي، هي نموذج للوجود الخارجي على النحو الذي نعتقده أنه عليه»[27] وتارة يعتبر أن علامة القضية هي الواقعة لا القضية في حد ذاتها «إن علامة القضية واقعة»[28]. وعلامة القضية هي الكلمات التي تكون تعبير القضية «علامة القضية قوامها كون عناصرها –أي كلماتها– مترابطة فيها بطريقة معينة»[29]،وعلامة القضية ليست مجرد مجموعة من العلاقات البسيطة أو الأسماء بل أيضا الكيفية التي يحصل بها الترابط بين العلامات، فإذا اتفق هذا الترابط بين العلامات مع ترابط الأشياء في الخارج كانت القضية صحيحة.

6- القضايا تتفكك وتنحل إلى قضايا ووحدات بسيطة حيث كل واحدة تقابل واقعة ذرية، وإن جميع «القضايا عبارة عن دالات صدق للقضايا الأولية (والقضية الأولية هي دالة صدق نفسها)»[30].فالمهمة الأساسية التي رسمها فيتغشتين هي التحليل المنطقي للغة وهذا لمواجهة التضليل والخلط الذي حصل بسبب سوء فهم الإنسان لمنطق اللغة،وإن معظم التساؤلات أو القضايا التي طرحها الفلاسفة ليست كاذبة بل هي خالية من المعنى «والذي أدى إلى إثارة هذه المشكلات هو أن منطق لغتنا منطق يساء فهمه»[31] وهذا الخطأ في الاستخدام الصحيح للغة هو المنبع الأول للكثير من المشكلات الفلسفية حيث «أن مهمتنا تتمثل في إصلاح اللغة... ولكن ليست هذه هي الحالات التي ينبغي أن نتعامل معها. فاضطراب المفاهيم الذي يشغلنا يظهر عندما تدور اللغة على فراغ وليست عندما تشتغل»[32]. وللخروج من هذا الغموض لابد تحري الدقة وأن تؤدي الكلمات والعبارات وظيفتها الكاملة المنوطة بها.وتتحدد هذه الوظائف عن طريق التحليل الفلسفي للغة بتقديم وصف متكامل لها. ويقدم لنا فيتغشتين في كتابه "تحقيقات فلسفية " بعض الأسباب التي تؤدي إلى نشوء مشكلات فلسفية مركزاً على سوء استخدام اللغة ومن هذه الأسباب:

1- الاعتقاد بأن للفظ الواحد معنى ثابت وهذا الاعتقاد «من أهم أسباب الأمراض الفلسفية، حِميَة من جانب واحد لا نغذي أذهاننا إلا بنوع واحد من الأمثلة»[33].

2- الفضل بين اللفظ والمعنى على أساس كلا منهما مستقل عن الآخر إلا أن معنى اللفظ هو الطريقة التي يستخدم بها بالفعل في اللغة وليس منفصلا عن اللفظ و«إن المدلول هالة تحملها اللفظة معها وتحتفظ بها في استعمالاتها المختلفة»[34].

3- تصور وجود تقابل تام بين الكلمات والأشياء في العالم الخارجي مع أنه يوجد ألفاظ لا مقابل لها حيث «لا يمكن للمرء أن يتحرر من [الزعم] أن استعمال القضية يتمثل في تصور شيء ما مع كل لفظة»[35].

4- إن التغير الخاطئ للألفاظ بالضرورة يؤدي إلى فهم خاطئ للمعنى، «فعندما نتفلسف كالأشخاص المتوحشين البدائيين الذين يسمعون طريقة كلام أشخاص متحضرين متمدنين فيسيئون فهما، ثم بعد ذلك يستنتجون من هذا التأويل الخاطئ أغرب الاستنتاجات»[36].

يمكننا أن نستنتج مما سبق أن فيتغشتين في كتابه "بحوث فلسفية" قد انعطف عن مواقفه وأرائه الأولى التي طعم بها رسالته المنطقية الفلسفية وحاول جاهدا إيجاد حلول لكل لبس يعتري لغتنا، وقد رأى من الضرورة إيجاد مثالية تفي بالغرض وتصفي الفكر من لبس أو مغالطات وقضايا لا معنى لها، خاصة تلك القضايا الميتافيزيقية.

2- تحليل الفكـر
إن فيتغشتين في تحلليه للغة لا يفصل بينها وبين الفكر بل يجعلهما مترابطان فهما وجهان لعملة حيث أننا لا نستطيع أن نفصل بينهما مثل ما لا نستطيع فصل الإنسان عن ظله و«التفكير ليس عملية غير مجسدة، تضفي حياة ومعنى على الكلام، ويمكن أن نفصله عنه مثلما يَفصل الشيطان(derdِse) ظل شلميهل (schelmihl) عن الأرض»[37] كما أننا لا يمكن أن نتصور لغة ذات معنى بدون لغة، كما أنه لا وجود لفكر بدون ألفاظ و«لأن اللغة ليست إلا قوالب محسوسة تصب فيها هذه الأفكار أو هي بمثابة العلامات المعبرة عن الفكر ولا تنفصل عنه»[38]. يربط فيتغشتين الفكر بالمعنى فيقول «الفكر هو القضية ذات المعنى»[39] و«اللغة هي مجموع القضايا»[40].وعلى ذلك يمكننا القول أن «القضية هي المعنى أو الفكر القائم في الذهن والذي يتم التعبير عنه بواسطة ألفاظ اللغة أو ما يسميه فيتغشتين بعلامة القضية»[41] وفي تحليل الفكر يتطرق فيتغشتين إلى تحليل مختلف العلوم والمعارف ونقدم تحليل فيتغشتين لكل واحد منا حيث قسمها إلى معارف ذات معنى وهي العلوم التجريبية ومعارف خالية من المعنى مثل:

أ– المنـطـق
لقد أخذ المنطق من فلسفة فيتغشتين حظ وافر باعتباره –المنطق– أساس المعرفة الإنسانية ولكن فيتغشتين لم يولي اهتمامه بالمنطق الرمزي وقواعده بل عمد إلى تأسيس منطق فلسفي أقل ما يقال عنه انه صعب حيث يظهر منطق هيغل معه سهلا في متناول الجميع،وفي هذا المنطق الذي أسسه فيتغشتين يصعب التفرقة فيه بين الفلسفة والرياضيات والمنطق. لقد ربط فيتغشتين بين المنطق والفكر واللغة، وهذه الأخيرة لا تتحرك إلا من خلال المنطق «فإذا فهمنا مبادئ المنطق أمكننا أن نعرف القضية ذات المعنى من القضية الخالية من المعنى»[42]. في رسالته المنطقية يقدم لنا فيتغشتين معنيين للمنطق، الأول مرتبط بالجهاز الرمزي المستعمل في التعامل مع الأفكار والمواضيع والثاني يشير إلى تحصيل الحاصل[43].

المنطق عند فيتغنشتين لا يتجاوز قواعده إلى الواقع الخارجي الذي تشير إليه الرموز حيث أنه «في البناء المنطقي لا يجوز أن يشار إلى معنى أي علامة واردة فيه، إذ لا بد أن يكون في مستطاعه إقامة البناء المنطقي دون ذكر أي علامة فيه. وكل ما يطلب افتراضه مسبقاً هو أن تحدد العلامة نطاق استخدام التعبيرات»[44]. كما أن فيتغشتين "أقام علاقة تلازمية بين معنى القضية وبنائها المنطقي معتمدا ًهذا البناء كمعيار للتميز بين ما يمكن قوله أو التفكير فيه"[45].كما أن فيتغشتين يخالف أستاذه راسل الذي وافق أفلاطون في نظريته التي تجعل المنطق يكشف عن بناء العالم الخارجي و«ذلك أن الخطأ الذي وقع فيه راسل هو أنه حين أقام قواعد جهازه الرمزي كان يتكلم عن الأشياء التي تعنيها علاماته»[46]، والمنطق عند فيتغشتين صوري تكمن وظيفته في البحث في صورة الفكر، هذا ما جعله يضع قواعد منطق صوري يتم من خلاله كل استدلال صوري لا يتعلق بالواقع، من غير أن يتعارض معه. وهذه القواعد بمثابة النموذج العام الذي لا يمثل تطبيق لنموذج آخر يقول فيتغشتين عن هذا المنطق «كما يتضح أيضا لماذا كان يسمى المنطق بنظرية الصور والاستدلال، فمن الواضح أن قوانين المنطق نفسها لا يمكن أن تخضع لقوانين منطقية أخرى»[47]. وإذا كان المنطق هو اتفاق الفكر مع نفسه ومع الواقع والبحث عن القوانين التي من خلالها يتم هذا الاتفاق المزدوج الذي من خلاله نحكم على المواضيع من ناحية الصدق والخطأ[48]. والوظيفة الأساسية للمنطق هي البحث في الصور المنطقية للقضايا وبنيتها والبحث عن كيفية استخدام قواعدها، ولهذا يري فيتغشتين أن اغلب المشكلات الفلسفية تعود إلى سوء استخدام منطق اللغة استخداما جيدا سليما. ومنه فغن العمل المنوط بالفلسفة هو تحليل وتوضيح هذا المنطق.كما انه –فيتغشتين– عمد إلى إقامة رابطة بين الفكر والمنطق واللغة، بحيث انه من خلال المنطق نستطيع أن نكشف عن الطبيعة المنطقية للحدود اللغوية. كما أن من خلال المنطق يمكننا تجميع الحدود بطريقة ذات معنى، كما أنه توجد علاقة بين العالم والمنطق «إن المنطق يملأ العالم، فحدود العالم هي أيضا حدوده»[49]، والمنطق عند فيتغشتين ليس علماً من العلوم التجريبية. كما أنه ليس لقضايا المنطق موضوع معين تتحدث عنه «إن النظريات التي تجعل قضية من قضايا المنطق تبدو ذات معنى هي باطلة دائماً»[50].وهذه القضايا لا تضيف أي جديد بل جل ما تقدمه «أنها تصف هيكل العالم،أو بمعنى آخر أنها تمثله، فهي لا تتناول شيئا، إنما تفترض مقدماً أن لأسماء معنى [دلالة]، وان للقضية الأولية معنى وهذه هي الصلة التي تربطها بالعالم»[51]. وعليه يمكننا القول أن القضايا المنطقية لا تقدم لنا أي جديد بل هي تحلل ما نعرفه بطريقة جديدة فهي تحصيل حاصل و«إن القضية تُظهر ما تقوله [بحكم تركيبها]، وبهذا لا تقول قضية تحصيل حاصل ولا قضية التناقض شيئاً»[52].

إذا كان تحصيل الحاصل صادقاً صدقاً غير مشروط أو صدقاً يقينياً ستكون قضايا المنطق صادقة صدقاً غير مشروط لأنه بحكم تركيبها استلزمت صدقها يقول فيتغشتين «إن العلاقة المميزة المنطقية هي أن الإنسان يمكنه أن يدرك في الرمز وحده أنها صادقة،وهذه الحقيقة تتضمن في ذاتها كل فلسفة منطق»[53]. ويكمن الفرق بين القضايا المنطقية واللامنطقية هو أن صدق الأخيرة يمكننا التعرف عليه بمقارنتها بالواقع الخارجي «كما أنه من أهم الحقائق أيضا أن صدق القضايا اللا منطقية أو كذبها لا يمكن التعرف عليه من مجرد القضايا وحدها»[54] بخلاف القضية المنطقية لا يمكننا إثبات صدقها أو كذبها تجريباً فهي برهان على نفسها[55].

وبعد ما حلل لنا فيتغشتين المنطق وقضاياه ينتقل إلى تحليل الرياضيات باعتبارها من بين القضايا الخالية من المعنى.

ب– الرياضيات
إن الرياضيات تتشابه مع المنطق في كونهما لا يتناولان العالم الخارجي بالفعل، ويزداد تماثلهما درجة حين يصبح عدد الأسماء في القضية مساوياً لعدد الأشياء في الواقعة التي تقابلها ومما يثير الدهشة في نظر فيتغنشتين «أن العدد اللامتناهي من القضايا التي نجدها في المنطق والرياضيات إنما تلزم عمَّا لا يزيد عن ستة من "القضايا الأولية"»[56]. وتشبه القضية الرياضية القضية المنطقية كونهما تحصيل حاصل ولكن القضية الرياضية تعبر عن تحصيل الحاصل بطريقة مغايرة كون «الرياضيات إحدى طرق المنطق»[57] حيث يكون تحصيل الحاصل على شكل معادلة من المعادلات،حيث باستطاعتنا تغير أحد طرفي التعبير بالآخر في المعادلة الرياضية مادام مرتبطان بعلامة التساوي «فإذا كان هناك تعبيران يرتبطان بعلامة التساوي، فإن ذلك يعني إمكان استبدال احدهما بالآخر»[58]، وبما أن الرياضيات تعتمد على الأعداد فهي عند فيتغنشتين رموز اتفاقية تواضعية «فليس في طبيعة الأعداد ما يفرض وجودها»[59]. تكمن مكانة الأعداد في التعبير عن جميع أشياء العالم، ويقر فيتغشتين أن كل قول عن العدد بوصف شيئاً لا متغيراً من المتغيرات فهو قول خالي من المعنى وهذا ما جعله –فيتغشتين– يؤكد بأن القضايا الرياضية ليست بالقضايا الحقيقية بل هي أشباه القضايا[60]، فعندما نقول أن (أ) = (ب) فنحن لا نعرف ما يشير (أ) ولا ما يشير (ب) وعليه لا يمكنني الحكم بالصدق أو الكذب على هذه القضية[61]، وهذا الموقف من الرياضيات لم يتغير عند فيتغشتين بل بقي محافظً عليه حتى في فلسفته الثانية خاصة في كتابه "تحقيقات فلسفية".

وبعدما ما أوردنا موقف فيتغشتين من القضايا الخالية من المعنى ننتقل إلى ما يعتبره قضايا ذات معنى.

ج– العـلوم التجريبية
تختص العلوم التجريبية بدراسة العالم الخارجي الذي تخضعه للتجربة من أجل الوصول إلى حقيقته وصحته، وتكون القضايا التجريبية احتمالية إما صادقة وإما كاذبة «إن مجموع القضايا الصادقة هو كل العلم الطبيعي (أو هو كل العلوم الطبيعة)»[62] ولكن لا تكون صادقة أو كاذبة إلا بعدما نتوقف على صدقها وما تمثله في الواقع.فقولنا أن الكتاب على يمين القلم أو أن (أ) على يمين (ب) فهذه القضية لا يمكن أن تكون بالضرورة على النحو الذي ذكرناه، ولا يمكن التحقق من صدق هذه القضية إلا إذا تحققت القضية في الواقع ووجدنا الكتاب والقلم والأول على يمين الثاني هنا باستطاعتنا الحكم عليها. وقولنا هذا لا يعد تأسيساً لمذهب شكي بل هناك احتمالات ونسبية في هذه القضية قد تتحقق أو لا، وإن نسبية القضايا العلمية التجريبية مردها إلى أن المبادئ التي تستند إليها هي الأخرى تفتقد للضرورة وبقوله هذا فغن فيتغشتين يشير إلى مبدأي الاستقراء والنسبية، وقانون الاستقراء لا يمكننا اعتباره قانون مطلق ولا يتمتع بأية ضرورة منطقية ولا يكون مبدأ أولي مسلماً به وسابق عن التجربة كما كان يعتقد راسل «فما يسمى بالاستقراء لا يمكن بأية حال أن يكون قانونا أوليا كذلك»[63] فما هو في حقيقة الأمر إلا افتراض يفسر ما يقع في خبرتنا أو هو فرض لهذا التفسير «وعملية الاستقراء ليست إلا عملية افتراض القانون الأبسط الذي يمكن أن ينسجم مع خبرتنا»[64] وعليه فالنتائج التي نتوصل إليها بالاستقراء تكون احتمالية، ولا يقين إلا في الرياضيات والمنطق، فكل ما كان خارج عن المنطق هو عرضي[65].«وإذا كانت العلوم الطبيعية تهدف إلى إيجاد تفسيرات للظواهر الطبيعية ومعرفة الأسباب التي تحدثها، والعلوم الإنسانية والاجتماعية تهدف إلى إيجاد تفسيرات متعلقة بالفرد والمجتمع، فإن الفلسفة عند فيتغشتين تحلل وتوضح حيث لا تضيف عملية التحليل أي جديد لمعرفتنا»[66] وقد عبر فيتغشتين عن رأيه بوضوح حول تصوره للقضايا التي يمكننا الحكم عليها بالصدق أو الكذب بقوله «إن المنهج الصحيح للفلسفة يمكن أن يكون هو هذا: ألا تقول شيئا إلا مما يمكن قوله، أي قضايا العلم الطبيعي، أي شيئا لا علاقة له بالفلسفة»[67].

د- مبدأ التحقق
يحدد لنا فيتغشتين موقفه من مبدأ التحقق في العلاقة التي يقيمها بين القضية الأولى والواقعة الذرية [68] وتتمثل هذه العلاقة في فكرة الرسم Picture التي أقامها فيتغشتين «فالرسم نموذج للوجود الخارجي»[69] ودور هذا الرسم هو تمثيل الوقائع في المكان المنطقي من حيث وجود الوقائع الذرية أو عدم وجودها.مثل اللغة الهيروغليفية hiéroglyphe scipt على شاكلة أشياء محسوسة لتدل على معنى الشيء بواسطة رسم مصغ[70]، فالطائر يدل على الطائر الشجرة على الشجرة حيث أن معنى القضية لصيق بمدى تجسيدها للواقعة المعنية وهنا يكمن مبدأ التحقق الذي من خلاله نستطيع التحقق من صدق القضايا، فالقضية إذ وجد ما يقابلها في الواقع كانت صادقة وإن لم يوجد ما يقابلها على الإطلاق اعتبرت خالية من المعنى[71].

لقد كانت فلسفة فيتغشتين بحق ثورة في الفلسفة التحليلية وكانت كمرجع أول لكثير من التيارات والمدارس الفلسفية منها الوضعية المنطقية التي اعتبرت كتاب "رسالة منطقية فلسفية" بمثابة الدستور أو الأساس الذي تبني عليه مواقفها من العلم والميتافيزيقا، فقد سلط الضوء على منبع الإشكالات واللبس المعرفي الذي يعترينا بسبب سوء استخدامنا للغة التي كانت من أخطر النعم على هذا الكائن، كما إشكالية اللغة قد حازت القسط الأوفر من الرسالة، حيث كانت مشكلة المعنى في اللغة نقطة تقاطع بين باقي المشكلات والمسائل التي عالجها في رسالته. ولم تكن فلسفة اللغة في الرسالة تفسيرا فلسفيا للغة كما تستخدم في الحياة اليومية ولكنها كانت بحثا في الشروط الأكثر عمومية للمعنى في أية لغة، إذ لم يدافع فيتغنشتين عن لغة بعينها، فنظرية الرسم المنطقي لا تنطبق على لغة بعينها سواء كانت هذه اللغة لفظية أو رمزية، ولكنها نظرية مجردة في اللغة، مبنية على نظرية مجردة في العالم.

وأهم ما تميز به فيتنغشتين عن باقي معاصريه ثورته ومعول هدمه الذي أحدثه في الفلسفة التقليدية بكل صورها، حيث كان مخلصا لمنهجه الدقيق والصارم في البحث حتى ولو أدى به إلى التراجع والاعتراف ببعض أخطائه التي صدرت منه وهذا ما نجده في كتابه "بحوث فلسفية"، ففكرته التي قال بها أن الفلسفة لا تزيد عن كونها "نشاطا" لا فيضي أبدا إلى نتائج ثابتة لم يحد عنها ن وفي هذه الفكرة لم يكن فيتنغشتين دوغمائية متعصبا لموقفه.

 

(أكاديمي من الجزائر)

* * *

الهوامش

*- مقدمة برتراند راسل (رسالة منطقية فلسفية) صفحة 31

[1] - بشير خليفي، الفلسفة وقضايا اللغة، منشورات الاختلاف، الجزائر، الطبعة الأولى، 2010، ص13.

[2] ـ فيتغشتين لودفيج، رسالة منطقية فلسفية، ترجمة عزمي إسلام، مكتبة الأنجلوسكسونية، القاهرة، مصر، 1968، ص83.

[3] المصدر نفسه، العبارة 4,003، ص83.

[4] - فؤاد كامل، أعلام الفكر الفلسفي المعاصر، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1993، صفحة79.

[5] - المرجع السابق، صفحة 79.

[6] - ريشارد رورتي، الفلسفة ومرآة الطبيعة، نقلا عن محمد جديدي، الحداثة وما بعد الحداثة في فلسفة ريشارد رورتي، صفحة 101.

[7] - نقلا عن رورتي، المرجع السابق، ص102.

[8] - ماهر عبد القادر، فلسفة التحليل المعاصر، دار النهضة العربية، بيروت، 1985، ص229.

[9] - عزمي إسلام، (مقدمة)، رسالة منطقية فلسفية، ص04.

[10] - فيتغشتين لودفيج، رسالة منطقية فلسفية، المقدمة ص59.

[11] - المصدر نفسه، العبارة 4,001، ص82.

[12] - المصدر نفسه، العبارة4، ص82.

[13] - قادري عبد الرحمن، التأسيس الذري المنطقي للحقيقة مساهمة لودفيج فيتغشتين، رسالة ماجستير، تحت إشراف عبد اللاوي محمد، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، قسم الفلسفة، جامعة وهران ن2006/ 2007.

[14] - فيتغشتين لودفيج، رسالة منطقية فلسفية، العبارة 4,03، ص87.

[15] - المصدر نفسه، العبارة 4,032، ص87.

[16] - فيتغشتين لودفيج، بحوث فلسفية، ترجمة عبد الرزاق بنور، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2007.

[17] - فيتغشتين لودفيج، رسالة منطقية فلسفية، العبارة 5, 63، ص139.

[18] - المصدر السابق، العبارة 5, 6، ص138.

[19] - عزمي إسلام، فيتغشتين، دار المعارف المصرية، مصر، ب ت.

[20] - فيتغشتين لودفيج، رسالة منطقية فلسفية، العبارة 4,024، ص86.

[21] - المصدر نفسه، العبارة 3, 203، ص73.

[22] - المصدر نفسه، العبارة 4,064، ص90.

[23] - المصدر نفسه، العبارة 4,01، ص91.

[24] - المصدر نفسه، العبارة 4,11، ص91.

[25] - المصدر نفسه، العبارة 4,26، ص100.

[26] - المصدر نفسه، العبارة 4,124، ص94.

[27] - المصدر نفسه، العبارة 2,141، ص68.

[28] - المصدر نفسه، العبارة 3,14، ص72.

[29] - المصدر نفسه، نفس العبارة، ص72.

[30] - المصدر نفسه، العبارة 5، ص107.

[31] - المصدر نفسه مقدمة الرسالة، ص59.

[32] - فتيغشتين تحقيقات فلسفية الفقرة 132، ص202

[33] - المصدر نفسه، الفقرة 593، ص365.

[34] - المصدر نفسه، الفقرة117،197.

[35] - المصدر نفسه، الفقرة449، ص328.

[36] - المصدر نفسه، الفقرة194، ص243.

[37] - المصر نفسه، الفقرة 339، ص290.

[38] - عزمي إسلام، فيتغشتين، ص278.

[39] - فيتغشتين، الرسالة، العبارة 4، ص82.

[40] - المصدر نفسه، العبارة 4,001، ص82.

[41] - عزمي إسلام، فيتغشتين، ص278.

[42] - ماهر عبد القادر، فلسفة التحليل المعاصر، 1985، ص265.

[43] - عزمي إسلام، فيتغشتين، ص280.

[44] - فيتغشتين، الرسالة، العبارة 3,33، ص79.

[45] - يسمينة غضبان، المنطق واللامعنى عند فيتغشتين، مجلة أيس، الجزائر، العدد الرابع، السداسي الأول 2011، ص61.

[46] - فيتغشتين، الرسالة، العبارة 3,331، ص75.

[47] - المصدر نفسه، العبارة 6,1224، ص147.

[48] - lalande André ,vocabulaire téchniqueet critique de la philosophie,persses,1988.page572.

[49] - فيتغشتين، الرسالة، العبارة 5,61، ص138.

[50] - المصدر نفسه، العبارة 6,111، ص142.

[51] - المصدر نفسه، العبارة 6,124، ص148.

[52] - المصدر نفسه، العبارة 4,461، ص104.

[53] - المصدر نفسه، العبارة 6,113، ص143.

[54] - المصدر نفسه، العبارة 6,113، ص143.

[55] - المصدر نفسه، العبارة 6,1265، ص156.

[56] - المصدر نفسه، العبارة 5,43، ص120.

[57] - المصدر نفسه، العبارة 6,234، ص152.

[58] - المصدر نفسه، العبارة 6,23، ص151

[59] - المصدر نفسه، العبارة5,453، ص122.

[60] - المصدر نفسه، العبارة 6,2، ص151.

[61] - عزمي إسلام، فيتغشتين، ص298.

[62] - فيتغشتين، الرسالة، العبارة 4,11، ص91.

[63] - المصدر نفسه، العبارة 6,31، ص153.

[64] - المصدر نفسه، العبارة 6,363، ص158.

[65] - المصدر نفسه، العبارة 6,3،153.

[66] - الجسمي عبد الله، المنطق وتصور فيتغشتين للفلسفة،مجلة عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، المجلد التاسع والعشرون، العدد الأول، سبتمبر، 2000، ص139.

[67] - فيتغشتين، الرسالة، العبارة 6,3، ص163.

[68] - ماهر عبد القادر، فلسفة التحليل المعاصر، ص275.

[69] -فيتغشتين، الرسالة، العبارة 2,12، ص67.

[70] - بشير خليفي، الفلسفة وقضايا اللغة، ص123.

[71] -فيتغشتين، الرسالة، العبارة، 4,063، ص90,89.