يسعى الشاعر المصري في هذا الديوان/ القصيدة إلى كتابة أسطورته البديلة للخليقة التي تتراكب فيها الرؤى والقضايا والصور، وتتحرر من الأمراس والكوابح لتنطلق في أصقاع تعبيرية وشعرية فريدة.

ذاكرة الوعل (ديوان)

فريد أبو سعدة

إلى امرأةٍ تقودني كضريرٍ فأرى ما لا يُرى وأسمعُ ما لا تسمعون
فريد أبو سعدة

(1) أَهُوُجٍ*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى الواحد الأحد

1.
أوَّلُ الدنيا الأحد

2.
راحت تصلّي حتى ظهر لها رجلٌ من الذهب
الإبريز، انحنى وقال أنا خادم الأحد واسمي
"المُذَهَّبُ"
قالت: هل جاء رقيائيل
أشار لها فرأت من النافذة قبَّةً من سندس أخضر
وعليها لواء أخضر، وباب القبَّة مفتوح وعنده
خمسة أعوانٍ قائمون، لابسون ثيابًا خضرًا
ورأت الملاك يروح ويجيء أمام القبّة بينما
ينصبون له كرسيًّا من نور

3.
قالت: تباركت الشمسُ، والسّاكنُ بفلكها،
الآخذُ بناصيةِ خدّام يومها؛ الأحدُ،
الألفُ، الذهبُ، الحارُّ اليابسُ.
تباركت أيّها السّعُد المحضُ، مُحَرِّكُ
الغريزةِ ومسخَّنُ الباردِ، معدّلُ الأمزجةِ
ومنعش الرطوبات.
     ثم خرجت فانحنى الخدّام ومن تحت إمرتهم من
خلقٍ عظيم يملأ السهل والجبال
هشَّ لها رقيائيل وأجلسها معه على الكرسيّ
:مريني تجديني من القادرين
قالت: جمعتُ أشلاءه من الجهات وروحه فيّ
بماذا أبدأ
قال: عناصره يصرها الماءُ الحارُّ، دموعُكِ 
          ستة أيام

4.
ظَهَرتْ لي في الحلم امرأةٌ، تدور حولي عارية،
وشعرها محلول، ثم تقف على رأسي وتصرخ:
سأشعلُ النار في الجنّة، وأسكبُ الماء على النار،
ثم تبكي حتى يطفو سريري على الماء
ظلّت ستّة أيام تفعل وأصحو مبتلا
فقلتُ لها: من أنتِ 
          قالتْ: أنا هي 
          قلتْ: لا أذكر 
          قالت: سأمدك بذاكرة الموتى 
          وأقيمك في ذاكرة الوعل

5.
دارتْ حول الجسد، ثم وقفتْ مباعدةً ما بين
ساقيها على رأسه، تتجّولُ عيناها على الأفاريز
الغائرةِ بالرسوم والكلام
صفَّقَتْ
فهبطت من الرسوم بنتان
صفَّقَتْ
فهرول عجوزٌ
صفّقَتْ
فطارت الصقوُر من هيئتها، تحوّم في سقف
الغارِ، وتصطفُّ حول الجسد

6.
دخلتْ العاشقةُ فهلَّلتْ لها ثلاثُ بومات، ومضى
خلفها عجوزٌ يحمل صندوقاً، عن يمينه وشماله
بنتان بكران، في يد كلًّ شمعة
تقدم الجميع وانحنت العاشقةُ على الجسدِ
المجموع كأرض مشقّقةٍ، ثم استدارتْ إلى
العجوز، فتحت الصندوق فتطاير في المكان سربٌ
من الفراشات، تتلامع في الضوءِ الشحيحِ وتغيّر
ألوانها من آنٍ لآن.

7.
رأيتُ الموتى عند قبورهم، يقفون في أكفانهم،
يستحلفون العابرين أن يدعوا لهم، وامرأةٌ تمرُّ
بأكفانها صائحةً:
أدخلنى بيت الخمرِ وعلمه فوقى محبّة، وعزّتك
وجلالك لئن أدخلتني النار لآخذنّ أشلاءه بيدي
وأدور بها على أهلِ النارِ أقولُ لهم وحّدتُهُ
فعذّبني

8.
أشارتْ فتقدّمت البنتان، وضعت الحمراء
شمعتها عند الرأس، ووضعت البيضاء شمعتها
عند القدمين
أشارتْ فتقدمت البيضاءُ من الصندوق، رفعتْ
منه سعفةً، وسقطت على ركبتها تقبّله وتصلّي

9.
أعلمُ أنك إلهٌ رءوفٌ ورحيمٌ، بطيءُ الغضبِ،
ونادم على الشّرِ أهوجٍ

10.
أشارتْ العاشقةُ فسجدوا، ونهضتْ إلى الجسدِ
فقبّلتْ أشلاءه ثم دارت في المكان
أشارتْ إلى الشمالِ فخرجت الثعابينُ المختبئة
وإلى الجنوبِ فخرجت الخنافسُ
وإلى الشرقِ فانطلقتْ الخفافيشُ
وإلى الغربِ فخرجت الأرواحُ الشريرةُ تئزُّ
وتولولُ

11.
أطلقتْ البخور بطرقعة إصبعين، ثم رفعت
عينيها إلى الرسوم فعادت البنات والعجوزُ
والصقورُ إلى أماكنهم في الرسوم. حملت شمعة
ودارت حول الجسد تقول:
اخرج يا من حلَلَتَ مع الظلام
يا من أنفه في قفاه ووجهه في ظهره
اخرج يا من لن يجد ما دخل من أجله
هل جئت لتنزعه مني؟!
لا لن أبيح لك ذلك
هيأت له ما يكفيه شرّك؛
من نبات (إفت) الذي تتألمُ به
ومن (البصل) الذي تتأذى منه
ومن (الشهد) الذي هو حلوٌ مذاقه
للأحياءِ
مرٌّ مذاقه للموتى
ومن حراشيف سمك (أبدو)
ومن فك (مررت)
ومن سلسلة السمكة
آمين

12.
حَبكتْ حول ردفيها القميص وهي تعبر
الشارع، كانت خائفة من احتكاك العتمة بها.

13.
انحنتْ بين ساقيه، أخيرا بدا الجسد كاملا
وممزّقًا في آن، ماضيًا في جلاله، متوحدًا
بالصمت، في انتظار معجزة

14.
سوف تخفيه عن أعين الطالبين، وسوف تضلَّلُ
كلّ الطيور فتحسبه وردةً، أو تراهُ المياهُ كمرجٍ
من الياسمين، ستخفيه ثم تواصل بين التعاويذِ
رحلتها
سوف تمضي كخطًّ من الدمع حذو المياه
لتعثر على ما يكمِّله واحدًا أحدًا

15.
لستّة أيام تبكي وتصلّي، انتفض الهدهد وتخبّط
في سقف الغار: المعجزة المعجزة

16.
الدموع ترتق أعضاءه، ثم ترفو النسيج، رأت
جسدًا أحدًا يتمدّدُ فوق الرخامِ فلا هو حيٌّ
ولا ميَّتٌ

17.
يا من تملكين اسم الربّ الخفيّ وبه ملكتِ
الأسرار
يا من باسمه تحرَّكين الرياح
وتملئين النهر الكبير كلما فرغ
أنت يا سيدة الجهات
يا من تطلعين من الماءِ كأعمدةٍ من دخانٍ
معطّرةٍ بالمرَّ واللبان
يا من تأمرين التماسيح فتلفظ صيدها عند
الُمصلّي
أطفالا ضاحكين
احبسي دموعك قليلا
لئلا تطفو القرى على الماءِ كوردِ النيل

18.
مياهٌ كثيرةٌ لا تستطيع أن تطفئ المحبّة، والسّيول
لا تغمرها

19.
أنتِ
يا من تنامين على المياهِ وترفعين بأطرافك
الأربعة عرش الربّ
يا من تخرج من فمك ريحُ الشمالِ ومن
إبطيك تطلعُ النجوم
يا من تدخلين ذاكرة الربّ وتخرجين
يا من تقرئين ما يُخطُّ في اللوح وتقلَّبين أوراق
البشر الفانين
كفكفي دموعك؛ السماواتُ مبتّلةٌ والأرضُ
زلقةٌ، والجبالُ ترتعد تحت الماءِ كثلّةِ محمومين
أهُوجٍ أهُوجْ

20.
قالت: تباركت الشمسُ والسّاكنُ بفلكها
فابتسم الملاكُ لها وأشار فوجدت نفسها فوق
العشبِ وموكبه يمرقُ الهواء
وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يوما واحدًا، الأحدْ.

(2) يُوُهٍ*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى الأول والآخر

1.
هَبطتْ من الرسوم بومةٌ، تلفّتت حولها ثم
تقدّمت من العاشقة فاردةً جناحيها تقول: الآن
وتوالى سقوط البوم حتى أصبح الجسد
موشومًا بها كالثآليل

2.
بكت العاشقة وصالبت ذراعيها على صدرها
تصلّي
: تبارك القمرُ والسّاكنُ بفلكه، الآخذُ بناصية
خُدّام يومهِ؛ الاثنين، الياءُ، الفضّةُ، الحارُّ
الرّطبُ

3.
ارتجّ الغاُر وخرج من الحائطِ رجلٌ من
الفضّة، دار حول الجسد الأحد
فطارتْ البومُ إلى أماكنها في الرسوم تنشدُ:
                                   عندما يسطع النور 
                                   سترافق روحي
وتتقمّص الوعل الإلهي
فأخرجُ من الأرض
وأفتحُ الجحيم

4.
انحنى الرجل من الفضّةِ وقال: آمين
ثم تقدم من العاشقةِ وقال: أنا خادم الاثنين
واسمي الأبيضُ
وأخذ قبضةً من الهواء فصارت نايًا، راح ينفحُ
فيه فتقلقلت الأشياء من أماكنها وراحت تخفُّ
حتى طفتْ الأباريقُ والأواني في الهواء، طفا
الماء على هيئته وانكشف سقفُ الغارِ فانطلق
الهدهدُ صائحًا انظري
رأت نفسها تطلُّ من علٍ على قبّةٍ من نورٍ، على
رأس القبّةِ لواء أصفر وحولها عشرةُ أعوانٍ،
وكلما نظرتْ إلى جهةٍ انحنى لها الخدّام ومَنْ
تحت إمرتهم من خلقٍ عدد القطر لا يعلم
عدتهم إلا هو

5.
قالت البومُ، وهي تتململ على كتفها: تقدّمي
فتقدمتْ، وجدتْ تحت القبّة إيوانًا وفوق
الإيوانِ كرسيّا من نور

6.
أفسح لها جبرائيل مكانًا على جناحه وقال:
مري ما شئت
قالت: جسدٌ أحدٌ ولا حياة، أشرْ عليّ
قال: قبّليه، يتنفّس من فمك

7.
ليقّبلني بقبلات فمه، لأن حبَّه أطيبُ من الخمر

8.
شهق فهبّت ريحُ الشمال واهتزّت المياهُ وتمايلت
الأشجاُر وانخطف القمحُ كشعر سُرِّح باتجاهٍ،
وراحت التلال تتنفّس ككير حدّادٍ، فطارت
الأحجارُ من مكان إلى مكان، خفيفةً تستوقف
بعضها بعضًا ويتحادثان في الهواء

9.
اختلج الجسدُ، وانفجرت عطسةٌ فانتزعت أوتادٌ
من مكامنها وطارت خيمةٌ في الجوّ فولولت
امرأةٌ تحت رجلٍ وقد فوجئتْ بالسماءِ تُحَِّقُ
في عورتها.

10.
وارني عن اسمي وإلا رأيته ولم ترني

11.
الدولُ تتساقطُ كأصابع مجذومٍ، والجثثُ تتابعُ الذين
يحفرون القبور بعيونٍ كفّوهات البنادق

12.
اختلط نهجانُ الجسد بتأوهات العاشقةِ، ورأتْ
البومةُ هذا فقالت: صلَِّ.. لأنه سيولدُ لكِ منه
ثم حطّت على رأسه، نقرته ثلاث نقراتٍ
وقالت:
ولكن، لن يكون في مقدور من تلدينه أن يلدَ
غيره
               قالت العاشقةُ: وهل ألدُ للموت؟!
قالتْ البومةُ: بل يظلّ خالدًا لا يموت، نظمه 
                       بددٌ وبددهُ نظمٌ، ومتّصله
مفصولٌ ومفصوله متصلٌ،
وغُفله موسومٌ وموسومه غفلٌ،
ويقظته رقادٌ ورقاده يقظةٌ،
حياته موتٌ وموته حياةْ

13.
شاردًا، كان يتفقّدُ عمره من أعلى مثل منطقٍة
منكوبة

14.
طرقعتْ بإصبعين فاختفت جالسةً في نومِ الربّ،
تسمعُ وترى

15.
كنتُ نائمًا وصحوتُ على حجرٍ في الحائط
يصرخُ: هي.. هي. قم يا حيرانُ. بحثتُ لم يكن
أحدٌ، اقتربتُ من الحجر، الذي تولّعَ بها
فتوهمها، كان يشهقُ ويشرقُ، بالدمع، ربَّتُّ
عليه مواسيًا فتحول إلى حمامةٍ وطار
تهّيأتُ للخروج وراءه فوجدتكِ عند باب
ذاكرتي تبتسمين.

16.
عند النهر الكبير، حيث تمضي الشوارعُ كثرثرٍة
حُرَّةٍ، التقينا. وعلى حافّةِ الماءِ رأينا الزوارق
المقلوبة، تعلو وتهبط كظهور رجالٍ يضاجعون،
فضحكنا، وتعّريتِ تتجولين على الماءِ وأنا
أصيحُ: انتظريني.. الماء أحاط بخاصرتي.

17.
قلتُ للأسماكِ التي تثبُ وتغمز ضاحكةً: سوسنةٌ
بين الشوكِ حبيبتي بين البنات

18.
نزل الماء ليغتسل فرأى، وهو في الماءِ، مثل
ما يرى النائم كأنه في المدينةِ المنوّرةِ وقد تزوج
وأقام مع امرأةٍ ست سنين
ثم رُدّ إلى نفسه، وهو في الماء، فخرج وأخبر
أهله بما رأى
فبعد أشهرٍ جاءت تلك المرأة تسألُ عن داره فلما
رآها عرفها وعرف أولاده منها، وسألوها: متى
تزوجك فقالت: منذ ست سنين.

19.
قم يا سيّد القمحِ والكروم
أيها النائم
والنيل يجري بين ساقيه
قم أيها العاشق بحق ياهٍ يوهْ

20.
من سمع الغناء على حقيقته مات، وأنا أسمعك
فأشعرُ أنني أستيقظ مرتين في لحظةٍ واحدة

21.
كان من اليسير عليها أن تقرأ تعويذةً فتدبّ 
الحياةُ في الصورة والنقش، صنعت تمثالا
لغزالٍ ثم قرأتْ عليه فقفز في الفراغِ ولم يُر
بعدُ.

22.
يقولون إن الوعلَ يمشي إذا شاء، ويطير إذا
شاء، وإن ما يحمله على رأسه ليس إلا هيكلا
عظميا لجناحين هائلين، كان يحلّق بهما في
الجنّة.

23.
كان يصيح من الحر في بطنه، ومن
البرد في ظهره، بين يديه الثلج وخلفه
النار

24.
وضع الملاك يمناه على كتفها، ووضعت يسراها
حول خصره، وراحا يتمشّيان
               : ما أخباره الآن
قال: أصبح واهنًا، ينام أثناء الكلام
نظرت في عينيه طويلا
فقال: لا!! 
               ثم ودّعها، وأشار فاختفت القبّةُ 
               ووجدت نفسها على الماءِ وموكبه يعرجُ في
السماوات
وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يوما ثانيا، الاثنين

(3) هلَهلَت*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى الباسط

1.
خَرجَتْ تطلبهُ فوقعت في التيه
مكثتْ أيامًا حتى أشرفتْ على الموت، وإذا
بملاكين يسيران متخاصرين فقالت: أين تريدان 
                         قالا: لا ندري 
                         : فمن أين أقبلتما 
                         قالا: لا ندري 
                         : فهل تدريان أين الأين
ابتسما وقالا: نعم.. مُلكهُ تحت عينيه.

2.
قالتْ: أريده
فقلّب عينيه في الجهاتِ، ثم قال: خذي
للطريق
فمدْت يدها إلى الهواء فإذا هي مملوءةً ذهبًا
وقالتْ: أردتُ الطريق لا النفقة

3.
سَمِعَتْ قائلا من البئر يقول: البشرى. البشرى
وظهرت لها كفُُّ من الحائط بها كوزٌ به ماءٌ
فشربت، فرأت رجلا من الياقوت يخرج من
فوديه قرنان، تتلوى ضفائره على كتفيه وتنتهي
برءوس حيّاتٍ
انحنى وقال: أنا الأحمرُ، خادم الثلاثاءِ،
أرسلني الملاكُ ليستأذن
قالت: وأين ملاكك
فتقدم أمامها حتى رأت في البعد قبّةً من نورٍ
وعلى باب القبّةِ لواءان أحمران وثلاثة أعوان
يقفون على الباب

4.
قالت: وما بشراك
قال: رأيت أشلاء مبعثرةً، لعلها لعاشق، وأناس على
خيول تكرُّ عليه تريد أن تتخطف أعضاءه فأرسل
الله فوقه سحابةً من الزنابير فتركوه
ثم رأيت أبواب السماء مفتوحةً، وعصبة من
الملائكة تنزل ومعهم ثيابًا خضرًا ودابة، لعلها
غزال، فوقفوا على سقف قبرٍ، لعله غار،
وأخرجوا منه شخصًا ألبسوه الثياب وأركبوه الدّابة
وصعدوا به سماءً سماءً حتى جاوزوا السماوات
كلها وأنا أنظُر

5.
وَجَدَتْ سمسمائيل أمام القّبةِ عابسًا يروح
ويجيء
قالت: حنانيك يا مريخ 
                    يا لابس الحديد والياقوت، يا مفرط
الحرارة واليبوسة، محرَّك الحروب
والفتن، الهاء، صانع المخاصمات،
سريع التأثير، النافذ في الوقتِ
                    ثم اقتربت
فانحنى لها الخُدّام وَمنْ تحت إمرتهم من خلق
عظيم في كامل شكّتهم

6.
أفسح لها الملاك مكانًا بين أسلحته وفِتَنِهِ
وقال:
مُري أفعل
قالت: هوذا أحدٌ، يتنفّس، فانفخْ فيه
لينهض ويقوم.
فنزع ياقوتةً من صداره ألقاها في حجرها وقال:
دلّكي أطرافه فيقوم.

7.
الرقصُ آيةُ الجسد
الحركة التي تخدش الفراغ أبنيةٌ ومجازات

8.
كان ينضح بالعراق، عريانًا إلا من الضوء، تثبُ
الأسماكُ من الماءِ تسمعُ وترى
والعاشقةُ ساجدة بين ساقيه، حلمتاها المنتصبتان
تدغدغان شعر صدره 
                    : قم يا سيّد القمحِ والكروم

9.
شعرُها دخان ظلمة تفرِّقهُ الرياح

10.
حرّك قبضتيه ففرّتْ الجبالُ مذعورةً
استوى جالسًا فانحنى الفضاءُ على كتفيه
ومشى فخضخض الأرض، اختلطت القرى
ببعضها في الشرق كالخراف الموسومة
وفي الغرب سقطت قارّةٌ في الماءِ، تحَّول سكانها،
ونحن جالسون، إلى عجولِ ماءٍ، وطيورها إلى
أسماكٍ ملوّنة.

11.
هكذا ينهض من موته، هكذا سوف يفرك عينيه،
ويتمطّى كوعلٍ يقوم من النومِ
فتمرحُ الماشية، وتقفزُ الحملان على حوافرها،
وتزدهر الأشجار وتغادر الطيور أوكارها
هكذا يهلّل كلُ حيٍّ عندما تشرق أنت.

12.
خلَقَنا الربّ وعلا جميلا وغزالةً فاتنة
عشنا في الجنّة فرحانين، نمارسُ الحماقات ونتأوّل
خطّ الربّ
فأزاحنا بيديه، وطاردتنا الملائكةُ حتى هوينا من
ثقبٍ في السماء
ثم حمي علينا غضب الربّ فمسخنا رجلا وامرأة
ورمانا في جهتين.

13.
أتعقّبُ كل امرأة وشباكي الكلماتُ
فإن آنستُ امرأةً فيها شيء منكِ أضأتُ

14.
عندما كنت وعلا رشقتُ وردةً بين فخذي
غزالتي، وعندما صرت رجلا رحت أبحث بين
النساء عن امرأة، دون كل النساء، لها وردةٌ حيّةٌ

15.
أغويتُ وعرّيتُ، لكل امرأةٍ سردابٌ بين غواياتٍ،
أخرجُ مهزومًا: ليست هي

16.
عمّرتُ بأجسادٍ عددا، لا أعرفُ أيّ امرأةٍ ليست منكٍ
فأيّ امرأةٍ ليست لي

17.
قالت سهيلة: زوجي يستاء من دخول "سالم"
علىّ
قال: فأرضعيه
قالت: كيف وهو رجل كبير؟!
قال: ألست أعلم!
ثم جاءت بعد ذلك فقالت: والله يا نبّي الله ما أرى
في وجه زوجي بعدُ
شيئًا أكرهه.

18.
سأظلّ أفتش في الأجساد، وفي الأحجارِ، وفي
الأشجارِ وأصرخُ: أيُّ أنوثة شيءٍ ليست منكِ
وأيّ ذكورة شيءٍ ليست لي

19.
الزمان ذكرٌ
والمكان الذي لا يؤنّثُ لا يُعوَّلُ عليه

20.
ظلت السماء، لثلاثة أيام، حمراء في
لون العقيق، وكانت تخرج من الغار
وتقول: رائحة نتنة تأتي من
الأعالي.

21.
رأت الوعلَ نائمًا على بابِ الغارِ، وعصافير
ملوّنة تصدحُ على قرونه المشتبكة

22.
كنتُ وَعْلا وشجرتي على رأسي
تثمرُ كل ما أشتهي
وأنامُ في ظلّها الظليل

23.
"سيقوم.. سيقوم"

24.
ظلّ صوتُ الملاكِ يقصف كالرعد حتى اختفى
فوجدت قعقعة
وجيشًا يطير في الهواء
وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يومًا ثالثًا، الثلاثاء

(4) دَوسَم*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى الرحيم

1.
ضاع في البرّية حتى غَلَبه الجوعُ والضعفُ
فقعد على حجرٍ ودعا
فإذا بجاريةٍ سوداء على رأسه تقول:
أرسلني سيّدي إليك بهديّةٍ؛
فإذا هي طعامٌ وفاكهةٌ وماء
فتركهم ومضى جزعًا من نفسه!!

2.
في أيّ السماوات يركضُ، وفي أيّ اتجاهٍ تسوقهُ
الريحُ، من يطعمه إذا جاع، ومن يؤنسه في
وحشته السماوية الطويلة.

3.
كان في النهر يستحمُ، وكانتْ في الغار تتلو
الصلوات عندما خرج لها من الرسومِ رجلٌ من
الزئبقِ انحنى أمامها
وقال: أنا خادم الأربعاءِ واسمي "برقان"
قالتْ: أين ملاكك ميكائيل
أشار فوجدت على الماء قبّةً من نور وعلى يمين
القبّةِ لواء أبيض وأربعة أَعوان يقفون
قالتْ: فكيف نجوز إليه
فرش رداءه على الماء وأخذ بيديها حتى جلست
فعبر بها الماء حتى القبّة

4.
قالت: تبارك عطاردُ، والسّاكنُ بفلكه،
الآخذُ بناصيةِ خدّامِ يومه
الأربعاءُ، الدالُ، القابلُ كل طبع سعدٌ
مع السعود ونحسٌ مع النحوسِ مازجُ الذكورةِ
بالأنوثةِ
ونهضت فأجلسها ميكائيل على الكرسيَّ معه
وقال: مُري.. تجديني من القادرين
قالتْ: هوذا حيٌّ ولا يذكرني
قال: اصنعي له خاتمًا من الذهبِ والزئبق

5.
اجعلني كخاتمٍ على قلبك
كخاتمٍ على ساعدكَ
لأن المحبّةَ قويّةٌ كالموت

6.
الطبيعة سوف تغيّر عاداتها.
سوف تعلنُ شمسٌ على الناسِ أن النواميس قد
هرمت وترتَّب هذا الصباح بشكلٍ جديد

7.
كيف أخرّبك وأنت خرابٌ. كلّكِ
قلتُ بتخريبِ هذا الخراب
وقلتُ ستركضُ أحصنةٌ في الهواء الخفيف،
وتأتي ملائكةٌ فتزيح البيوت قليلا لترقص كُلُّ
الوحوشِ التي خرجتْ من توحّشها
سوف تملأ كل الشوارع بالعاشقين، وتجلسُ في
الشرفات وعولٌ وغزلان، سوف تمّر قوافلُ من
سمك بارتفاع ثلاثين همًا وتعلنُ أن القوانين
لغوٌ وأن التواريخ وهمٌ وأن الحقيقة في رغوات
الجسد

8.
كان يعرف أن النواميس سُلَّمهُ للسماءِ فماذا إذا
طيّرتهُ المواجيدُ

9.
يعرفُ أن الطبيعةَ مأسورةٌ وهي حين تنام تفكّكُ
أشكالها وتطير، وتلهو كطفل؛ فتبني العوالم ثم
تعود فتهدمها هكذا.. هكذا
سوف تجعل أجنحةً للنساء وللعاشقين خصيصةَ
أن ينفذوا من خلال الجدارِ
تجّربُ ما لم يكن وهي تضحكُ
هل ستظلّ بلا وجهة كالبراءةِ

10.
مَنْ تكون
الجبالُ تفرُّ أمامك مثل الكباشِ
ويهربُ قدّامكَ البحرُ
من أنتَ
قلتُ: سليل ملوكٍ، رأيتُكِ في الماءِ طار
صوابي وطاشتْ سهامي
فأخفيتُ ثوبَكِ حتى تجيئين عاريةً،
وخرجتِ!!
فكم أنتِ مرهبة كجيوشٍ بألويةٍ

11.
رأى النوافذ مضاءةً، وفي كل نافذةٍ مرأةٌ تمشّط
شعرها

12.
ماذا يقول المنُادي؟!
ولماذا تُفتح الشبابيكُ ويهلَّلُ من فيها؟!
قال: أجاز "مفتي الثقلين" تزوّج الحنفيّ من
الشافعيّة تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب

13.
رأى ببّغاء على الفرع يعلنُ أن البلاد التي
كشطتها السيولُ مؤهلةٌ لقدوم المحبين

14.
رأيتك تزاحمين الرهبان على السّلمِ في أيقونة
العروج

15.
وسّع نفسه كالهاويةِ وصرخَ فصرختْ الأحجارُ
وراءه:
           هل على الأنهار حُمّى يا رب؟!

16.
وضعوا الرهائن في أكفانٍ وصبّوا عليها الجبس،
وراح الآمرُ يتجول بين التوابيت، يتأمل وجوه
المومياوات الحّيةِ قبل إلقائها في الصحراء.

17.
كان نبّي الله يمشي ومعه تابعه إذ أقبلتْ ريحٌ سوداء،
فلما نظر التابع إليها ظنّ أنها الساعة
فالتزم النبيّ وقال: تقوم وأنا معه
فاستُلَّ النبيّ من تحت قميصه وراح التابعُ
يصرخُ والقميص في يده: إيلي.. إيلي لماذا
شبقتني؟!!

18.
أغربُ الغرباءِ من صار غريبًا عن قلبه

19.
والله لولا أني أخافُ الشهرة لدخلت في النار
وخرجت مائة مّرة فلا أحترق

20.
لكلّ طائرٍ صائدٌ ولكل قلبٍ هوى

21.
ليس للناقص أن يحيط بي

22.
إنني أنفتحُ كوردةٍ ليليةٍ، فإذا طرتَ فقع عليّ

23.
شيخٌ على التختِ سكران ينشدُ:
أنا من أهوى

24.
رأى عاشقًا كان يحملُهُ أسدٌ للصلاةِ،
رأى عاشقًا يتسلّل ثم تدلّ عليه الفراشاتُ
ينقش في سُرّةِ امرأةٍ:
كلَّى لكِ لكِ
كلّكِ لي.. لي

25.
قلتُ، الأعجوبة!!
أربعةُ محاريب في المسجد الجامع، يصلَّي فيها أئمةٌ
أربعةٌ متعاقبين، كل أُناسٍ ينتظرون إمامهم بينما
الإمام الآخر قائمٌ يصلّي

26.
الرغبات ذكرياتٌ، وفي صباحٍ جميلٍ كهذا
تستيقظُ رغباتك كلها وتحيط بك كقطيع من
الذئاب

27.
أمام النافذة محلات للوشم، رسّامون ينقشون
الجلود عابسين، ورسّام يغير الإبر ويعلق نماذج
جديدة فيتجمّع حوله العشّاقون صائحين:
انقشنا بفقهِ اللذّة

28.
يعرف أنه منذ الآن سيمضي باتجاه ماضٍ
آخر من مواضيه

29.
كل امرأةٍ تأخذ شكلها من الصحراء التي تقابلها

30.
رأتْ الوعلَ يركضُ في التيه وقرونه المشتبكهُ
تشتعلُ بزهورٍ حمراء، ندهت عليه فوقف
حتى امتطته، وطار بها وهي تقطف من زهورهِ
وتضحك

31.
كانا يدخّنان بغليونين من الكهرمان
قال الأبيض للأسود: هل ما تراه دائمًا يقع خلفك
قال الأسود للأبيض: وماذا أفعل.. إذا كان
كل شيءٍ يخفي شيئًا آخر

32.
كنت أهبطُ لك، فإن لم أجدك صعدتُ على
شكل عصفورةٍ، وأظلّ محلّقةً لأرى أين تهبطَ
يا كلَّ كلَِّى

33.
جاء على هيئة ريحٍ لا يوقفها شيءٌ تنزعُ
الغسيل من يديها، وفي خضم خفقان الأغطيةِ
المدهشِ، رآها الجميع وهي ترتفع مع الملاءةِ
في الجو، وتقطع طبقات الهواء مشيرةً بالوداع

34.
رأى كيف لفّ على عضوهِ حيّةً وتقدم يغمدهُ
وهي تضحكُ، ندّاهةٌ سوف تقلع ندهتُها رجلا؛
شبّكت مرأةٌ قدمين على خصرهِ، ويدين على
ظهره، فهو يمضي وقدّامه عضوه يتخبّط مثل
ضريرٍ

35.
رأى طائرين على نهد عاشقة يسفدان، رأى
كيف تخرج من سُرّةِ امرأةٍ جنّتان، رأى امرأةً
وهي تدعك نهدين مندلعين بماءٍ الذكورة
فامتلأت غرفةٌ بأزيز الفراش، رأى النملَ يحملُ
خاتمَ عاشقة وهي غائبةٌ، تحتها موجةٌ وعلى
صدرها يتناسل ورد من الشهقاتَ

36.
هبط الملاكُ يراجعُ نبّيًا، كعادته، سارا متأبطين
إلى الصحراء، وجلسا معًا على صخرة في ضوء
القمر.. النبّي يقرأُ والملاكُ يسمعُ حتى وقف فجأة
وقال:
          ما نزلتُ عليك بهذا!!
وطار في السماوات يقصفُ كالرعد 
          : ما جئتك بهِ
والنبُّي واقفٌ يرتعد.

37.
كان يتناول طعامه شاردًا، مرّت عليه ستون عامًا
وهو يحلم بصورته عندما سيصبح فتىً في
العشرين، وعندما انتبه شاب شعره فجأةً،
وسقطت من يده الشوكة

38.
رأى أثرا غائرا في الأرض لعضو هائل،
يقال إن العاقر إذا تمرغت في ترابه انفك
عقمها وولدت
رأى النساء في تمام القمر يهبطن بحبال
مدلاة، فيتمرغن عرايا ويدلكن أعضاءهن
بالتراب، حتى يسمع من لا مكان لهاث
ذكر، فيتقافزن من الغبطة، ويتهلل
الأهالي على الحافة، يهنئ بعضهم بعضا
بعلامة القبول.

39.
اهدئي قليلا
لا تتجولي هكذا بقلبي
فالأوراق تصفُّر بين يديّ وتشتعلُ فجأة

40.
شعوبٌ بأكملها، بين السرطان والجدي،
وُضعتْ في محّمياتٍ طبيعيةٍ، رأيت بنفسي
حملات صيدٍ، وبرامج تبشّر الذين ستنقلهم،
في سفن فضائية، قاعها عدسة مكبّرة، إنهم
سيرون أزمانًا مجمّدةً وبشرًا سائلين.

41.
أنا إلهُ الجنسِ وآخرُ الذكور

42.
قلبي غريبٌ عن كل تابعيه

43.
قي المقهى، وكنا نلعب الدومينو، سأل قبلاي
خان:
     في اليوم الذي أعرفُ فيه كل الرموزِ، هل
     سيكون بمقدوري امتلاك العالم 
          ابتسم ماركو وقال:
          لا بل ستتحول أنت نفسك إلى
          رمزٍ من الرموز

44.
كان أغسطس يعمل بهّمةٍ في قدحِ الأسفلت،
ثم يشبّك ذراعيه على صدره ويشاهد ما يحدث
طابورُ المغضوب عليهم والضالين يتقدّمُ ببطءٍ،
كانوا يجاهدون في التخلص من الأسفلت
فيغوصون فيه كلما حاولوا
وعندما يطمئنّ الآمرُ، الذي له وجه ابن آوي،
إلى تخبطهم يطلقُ صافرته فتنطلقُ أسرابُ
النحلِ المتوحش، تتلوها أسرابُ الجراد فلا
يبقى على سطح الأسفلتِ سوى عظامٍ
مكشوفةٍ ورقعٍ من اللحم
بينما تتصاعد ضحكاته خفيفةً مثل فقاعات في
الماء.

45.
لا تنظروا إليّ كثيرًا فالوعول تتآكلُ من كثرةِ
النظر إليها.

46.
كان يقضي وقته في تعقب الندّاهات، يمّد
أصابعَهُ المعروقة كخمسِ تمراتٍ ويقول: عرائسُ
النيل تمضي في جداول تحت الأرض فإذا
وجدتْ آبارًا تعلّقتْ بالدلاء. وأنه شخصيًا شاهد
قواديس ساقيةٍ وقد تعلّق بها ثلاثٌ منهن.

47.
في الطابق الأخير توقّف المصعدُ، دفعتُ
الباب لكنه لم يفتح، نظرَتْ إليّ متسائلةً، ومرّتْ
بالخاطرِ كوابيسُ الآخرين، رحنا ننادي ونخبط
على الباب. فجأةً صعد بنا مّرةً أخرى!! وغمرنا
الضوء من زجاج المصعد.
لا بد أننا نمرقُ في السماء. تقدمتُ بحذر فرأيت
الكباري تتلوى مثل ثعابينٍ خرافية، والنهرُ يلمعُ
مثل برصٍ هائلٍ
أمسكتْ بي خائفةً وهي تطل برأسها من فوق كتفي
: معقول؟!.. ألا يرانا أحد؟!.. هل
نسقط من هذا الارتفاع؟!
اصطدم بنا طائرٌ وهوى، ثم تجمعت الطيورُ
تنقُر الزجاج بشراسةٍ وهي تحدّق فينا،
لا بد أننا في سحابةٍ فكل شيءٍ أبيض كحليب
الماء

48.
كانا يتدارسان "جزاء الصيد"
قال الوليُّ للفقيه: في الوَعْلِ بقرة 
               قال الفقيه: وما الوَعْل؟!
                         قال: انتظر ستراه.
فشق حائطَ المحرابِ وَعْلٌ وتقدم حتى وضع
قائمتيه على صدر الفقيه وقال: عرفتني 
               قال الفقيه: نعم
فرجع ودخل الحائط
قال الفقيه للوليّ: فقل لنا ما هي فقد تشابه البقر
علينا

49.
يحدث أن رجلا يتخذُ له مكانًا في حياتين أو
أكثر في وقتٍ واحد، فيصبح هو هو طاغيةً
وخادمًا ونبيًّا

50.
يستطيع أن يغفرَ كلّ شيءٍ
فقط
لو يدلّهُ أحدٌ
عما كان يفعل بحياته من قبل!
لو يعرف فقط
آخر جملة قالها ولم
قبل أن تظهَر في حياته فجأةً
كاشطةً الماضي
بنظرهْ!

51.
قال: ما لهؤلاء القوم
قال: أسد على الطريق قد أخافهم
فنزل عن دابّته، ثم مشى إليه حتى أخذ بأذنه
ونحّاه عن الطريق

52.
في واحة من واحات الصحراء أخرجوا رجلا
غريبًا من بئرٍ، وبعد ثلاثة أيامٍ، طعم فيها ونام،
قالوا له من أنت؟! ومن أين جئت؟!
قال: أنا تاجرٌ، وكنتُ مسافرًا في النيل
          فغرقت السفينة وأخذني الماءُ حتى
أخرجتموني

53.
فبينا السلطان في بيتِ الخلاءِ إذ خرج له الشعب من
الحائط في صورة أسدٍ عظيم فارتعد السلطان ووقع
مغشّيًا عليه، فلما أفاق ولم يجد الأسد، هرول إلى
سريرِ ملكهِ ملوّثًا بخرائهِ يصيحُ
أنا الدولة

54.
سحبته المرأةُ إلى الخلاءِ، وهناك تاه في الجمال
الذي لم تره عين
طاوع نفسه وخلع أسمال الدراويش وهمَّ بها،
فانشقّت الأرضُ وابتلعتها وهو ينظر
ظلت الشمس قائمة على رأس المشهد
صيفًا وشتاءً كاملين، وهو في مقام
الرعشة، حتى ارتجّت الأرض واهتزّ الملكوتُ،
ثم انفرطتْ أعضاؤه وتناثرت في الخلاءِ فغُفِرَ
له

55.
رأت أربعة ببّغاءات ينشدن بألسنةٍ مختلفةٍ
كلَّي لكِ لكِ
كلُّكِ ليَ ليَ

56.
هوذا يحمل ماضيه كلّه، حيواته كلها، كما يحملُ
الحلزونُ بيته

57.
"سيكون له ذاكرة الوعل"
ابتسم الملاك واختفى، فرأت نفسَها على باب
الغار وموكبه في الهواء، يشير مودّعًا وهو
على كرسيّهِ يخطفُ الأبصار

وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يومًا رابعًا، الأربعاء

(5) حَوسَم*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى الرحمن

1.
كان العاشقُ نائمًا، وكانت جالسةً تشاهدُ
أحلامه، عندما ظهر لها رجلٌ من القصدير،
انحنى أمامها ثم دار حول العاشقِ بعصاه
وخزهُ بين ثدييه ثلاث مرّات وفي سُرّته مرّة وبين
فخذيه مرّة ثم نفخ عليه فكأن الريح تتخطفُ
خصلاتِ شعره وقال: أنا خادمُ الخميس واسمي
شمهورشَ
          أرسلني الملاك لأستأذن
قالت: وأين شهدائيل
أشار، فوجدت قبّةً من نور أبيض وأخضر، ولها
بابان، على كل بابٍ ثلاثةًُ أعوان وستةُ ألويةٍ
بستة ألوانٍ، وعلى يسار القبّة مَلَكًٌ طويلٌ جدًا
هو صلحائيل رئيس الأعوان
قالت: تبارك المشتري، والسّاكنُ بفلكه، الآخذُ
                    بناصيةِ خُدّامِ يومه: الحاءُ، الآنك،
                    الباردُ الرطبُ السعدُ المحضُ
وخرجت فأفسح لها شهدائيلُ وجلست بجواره
على الكرسيّ
                    قال: مُري أفعل 
                    قالت: هوذا حيٌّ يذكرني ولا يتشهّاني 
                    قال: فهذا صلحائيل معك.
ثم أشار فاختفى
ورأت نفسها نائمةً على النافذةِ وموكبه يدرجُ
في السحاب، ورأت هدهدًا يتنحنحُ ثم يلقي
السلام
قامت وأشعلت البخور، وحوّم الهدهدُ في سقفِ
الغار
يقرأ:
فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.
الغار
فتح العاشقُ عينيه فرأى الظلمةَ ظلمةً وعرفها
ورأى النور نورًا وعرفه فصرخ
: ما أجملكِ وما أحلاكِ أيتها الحبيبة بالذات

2.
في الليل، سقط شيء هائل، صانعا حفرة
عميقة في الأرض
ظلت الناس تتحدث وتتأول 
           قال بعضهم: إنها يد
وقال بعضهم: قدم
وأقسم الجميع أنهم رأوا الأصابع تتحرك.
وحدها راحت تتحسس صدره وتبتسم
"تمامك في نقصانه"

3.
أجلساه في الطست أمام الطعوم، عن يمينه
المشموم وعن يساره الملموس
ثم أطلقت البخور وراحت تصلَّي، دار حوله
صلحائيل بعصاه سبعًا ثم نخسه بين
ثدييه فغاب برهةً وصبّت عليه من الماء
النائم فانتبه وقال: طعم العالم في فمي
ثم فعل به مرةً ثانيةً وفعلتْ فانتبه وقال:
كل شيء برائحته
وفعل به مرة ثالثة وفعلت فشهق وقال: 
                    العالم جسدي 
                    الرّطبُ واليابسُ، والحارُّ والباردُ،
                    اللّذةُ والألمُ
وانتفض مشتعلا بحواسه، يتقافز ويتمرغ في
العشب يصرخُ: 
          العالم أَمَتى
          والطبيعة لا تعي نفسها إلا بي

4.
اصقليني بجنونك لا بفارة النّجار هذه

5.
قالت: الغيرةُ قاسيةٌ كالهاوية والمخاصمةُ ترفع
نفسها في القلبِ مثلَ الحّيِة

6.
أحيانًا أسألُ نفسي
هل تحتاج حقًا إلى صورتها
صورتها فقط!!
لماذا إذن
تمسك بأصابعكَ
في اللحظة الأخيرة
قبل أن تصل إلى شعرها؟!
ولماذا
هذه اليد نفسها
تعاتِبكَ كلما غادرتها؟!
لماذا تكلّمها وكأنك طفلٌ
يخفي وراء ظهرهِ كارثةً
كلَّمْها
كما يليق بمقامرٍ
يراهن بآخر أصابعه.
دعْها تسترسلْ في الضحكات
واصعدْ ببطءٍ في الهواءْ
وعندما تتفكّك مثل غيمٍة
وتتساقطُ أعضاؤكَ
كطيورٍ متعبةٍ
ساعتها فقط
تستطيع يدك الحّرةُ؛
يدك التي عذّبتها كثيرًا
أن تلمس شعرها
وأن تتأكد بنفسها
أن الملاكةَ أطولُ قليلا من شعرها
ويمكنها
أن تجمع أطرافَكَ من الجهاتِ الأربعِ
وتنفخُ فيك من بهجتها

7.
تُرى من رآهُ؟!
ترى من سيعرف أن استدارةَ فخذين سوف
تجرجرهُ في الشوارع مثل أسيرٍ
وتلقي به هكذا
فائرًا كالظهيرةِ، ممتلئًا بالعصافيِر
هذا صباحٌ خفيفٌ
وهذا هو البيتُ
يشعرُ أن على كتفيه عيونا، وأن على ظهره الآن
سربًا من النمل، أن الأصابع سوف تشير عليه،
وأن النوافذَ ليست بتلك البراءة، لا!!!
ربما كان خلف الستارة سيّدةٌ، يتجعّدُ صهدٌ
على حلمتيها، وتعرف أن الذي يصعد السّلّم
الآن، مرتبكًا عائقٌ
وتخمّن أين تكون العشيقةُ؟!
تكمشُ سُرّتها، وتغبّش سطحَ الزجاج بتنهيدةٍ؛
يختفي العاشق المتسللُ،
عشقٌ قديمٌ يطلُّ، ويركصُ عريان فوق المرايا،
تفورُ، وتنهدُ ضائعةً في رمادٍ من الشهواتِ
القديمةِ
تصغي
وتفرزُ شجو العصافير، ثرثرةَ الماء بين الأواني،
الخصوماتِ بين الثياب، فهل تمسك العاشق
المرتبك؟!
وهو يصعدُ في خفّة النور، لا.. شيء غير
حفيفِ الفراشات، والسّلم المتواطئ يغمزُ
مبتسمًا وسعيدًا، فتخمشُ سّرُتها وتغيبْ

8.
احذريني.
في خريفٍ كهذا..
بعد قراءةِ خذْ وردة الثلج
بعد حفنتين من العنبِ وقليلٍ من البانجو
بعد التلصصِ، من أعلى، على النساء في
الشرفات
بعد نظرةٍ على خرائبِ بولاق،
حيث تطفو فيروز مع الطائراتِ الورقيّةِ
أستطيعُ أن أكون غيري
احذريني
سيكون في مقدوري
أن أطاردَ الملائكةَ من النافذةِ
وأُلقى بخطّافي عليكِ
احذريني
فقد حوّلتُ في خريفٍ كهذا
كثيرًا من النساء إلى ملائكةِ
وآن لي أن أفعلَ العكس!
في خريف كهذا
أكونُ خفيفًا
ويمكن لامرأةٍ أن تكرمش قلبي كورقةْ
أنا بعد قراءةِ خُذْ وردةَ النارِ
بعد حفنتين من شجن
وقليلٍ من الوحدةِ
أستطيعُ أن أكون غيري
فأتربّص بكِ من النافذةِ
وأنا أجلو خطّافي!!
هو الآن يصعدُ، مرتبكًا، أوّلَ الدرجاتِ
رأتْ أن لونَ الهواءِ تغيّرَ، ثم رأتْ نفسها وكأنّ
ملائكةً تتنزّلُ من سقفِ غرفتها ثم تعلو بها
كيف أمكن أن تستمرَّ محلّقةً هكذا، وترى من
علٍ جسمها يتقلّبُ في وبرٍ دافئٍ،
كلما لمستْ وردةً من نسيجِ الفراشِ صَحَتْ ثم
شبّتْ
المرايا تكررّها في اندهاشٍ، وتنوي إذا جاء
عاشقُها
أن تُسِرَّ له بكنوزٍ مخّبأةٍ، وتقودَ يديه إلى جسد لم
يبحْ بعدُ، سوف تقولُ له إنها، منذ كوَّرها اللهُ، لم
تتوضأْ بماء أنوثتها، سوف تعلن أن الزمان مضى
في انتظاركَ كيما تضيء، وتمحو بماءِ الذكورةِ 
          ما ظلّ من طين سُرّتها

9.
سوف تندسُّ بين حوار المرايا، وتهمسُ: لا بد
أني صعبتُ عليه، وأن يديه تقدّستا أطلقت
عاشقًا من زمانِ الوعولْ

10.
كان يستعيد ما حدث
ويرتّب المشاهد بلذّةٍ حقيقيّةٍ
كيف أوقعتْ به
كيف قرّبتهُ من صدرها وانحنتْ عليهِ
وكيف رأى عينيها من هذا القرب
وفي اللحظة التي أوشك أن
كانت يدها المليئة بالخواتم
تنهي كل شيء
وتمسحُ السكينَ من دمهِ الطافر
كان يستعيد ما حدث
في المسافة التي قطعها بدون رأس
ودّ للحظةٍ
أن تتعكّر عيناها بدمعةٍ
لكنه، على أيّة حال
ظلّ سعيدًا
فقد كان متأكدًا
أنه عندما يُبعثُ مرةً أخرى
سيكون بين يديها
وتحت سماء عينيها
هكذا
هكذا تمامًا
ودون قتل!

11.
هو الآن يصعد سُلّمها، مثل وردٍ، بخاٌر من
الفضّة الآن يصعد من حَلْمتين ويمرح في
سقف غرفتها وهي تنظرُ
هل صار كل الهواء مرايا
وهل سوف تبقى بها وجوه الذين تفتّق عنه
سديمٌ قديمٌ من الشهوات؛ قطيعُ الذكور الذين
رأوها، وهم طينة في يد اللهِ، ثم اشتوها وظلّوا
طيوفًا تحوّم حول بخار يجيء من القبّةِ المستديرةِ،
يحترقون ويستبدلون جلودًا ليحترقوا
امرأةٌ أم نساءٌ مخبّأٌة
أم تراها ستولد من نفسها كل آنٍ كأنْ لا نساء
سواها. تعشّقها الله، خبّأ فيها كمال الأنوثةِ، ثم
تراجع ينظر مندهشًا ليديهِ
هي اللذّةُ الموتُ، قبّلها وتلكأ أن تهبط الأرض؛
يعرف أن لها جذبةً أشدّ من الموتِ
يعرف أن الذين يمّرون بين سماواتها يسقطون
فراشًا ووردًا، وأن الذين تغنّوا بها يصبحون طيورًا
ورهطًا من الحاسدين يصير أرائك أو يُمسخون
هواءً تحرّك فيه الجميلة أعضاءها

12.
ظلّ لثلاث ليال
يتحدث عن امرأة تأتي من النافذة
وكلما رأى الإشفاق في عيونهم
كان يصرخ: 
               أقسم أيها الكلاب
أنها تأتي في الفجر
تعبر الخضرة والرمل
وتظل تحدثني حتى تختفي ببطءٍ
في ضوء النهار 
               هكذا ظل يهذي
قبل أن يأخذوه عنوةً إلى غرفةٍ أخرى ويغلقوا
النافذة
لكنهم في الصباح
كانوا يجدونها مفتوحة
ويجدون المسافة بين النافذةِ والباب
آثارًا من الرمل والخضرة!

13.
رأى الله يطلق سرب صقورٍ
فأدرك أن الجميلةَ تسبحُ في عريها
وأدرك أن سماءً على وسعها
تضيق إذا رقصتْ
سيقول اعطني أيها الربّ قدرة موسى وعيسى أنا
العاشق المرتبكْ
تقّربتُ لكْ
فما أرحمكْ وما أعدلكْ
أضئ لي سبيلي
فأنت ملاذي
وأنت الضياءُ بهذا الحَلَكْ
وتعلم أن النساء التصقن بأبوابهنّ، ويعْددن ما
ارتقى من سلالم كيما يخمّنّ من ستكون الملاكة
من بينهن
أعطني أيها الربّ شكل الغمامةِ
واجعل لخطوي صوتَ الهديلْ

14.
كنت قد تخيّلتُ المشهد هكذا
هي على مكتبها
وأنا أدندن في الممر الطويل
ثم أقف عند الباب
تبتسم
وأنا أعبر إليها غابة المكاتب
وعندما تمدّ يدها لتصافحني
سأرفعها بغتةً إلى فمي
هكذا رتّبت المشهد
ومضى كل شيءٍ كما قدّرت
فقط
عندما قبّلتُ يدها
وجدت نفسي أحلّق في سماء الغرفةِ
وكانت تضحك
وكلما حاولت الاقتراب
أصطدم بزجاج شفّاف
لا بد أن لعنةً ما
قسّمت المكان هكذا
بحيث أصطدم بالزجاجِ كلما ظننتهُ الفضاء
الغريب
أنها ظلّت تضحك
وأنا أُتلف رأسي
ويتساقطُ ريشي في المكان!

15.
أعرفُ أنك بعضي
وأنك مأخوذةٌ من كمالي
تتمّةُ روحي
وكل سؤالي

16.
يا لها من قرية سعيدة، لم يتجاوز فيها أحد
الثلاثين عامًا ولا مات فيها أحد.

17.
أنا العاشقُ المستجيرُ
رأيت يد الله تأخذُ من طينتي وتكوّر نهديكِ
          تأخذ من طينتي وتدوِّر فخذيكِ
          تأخذ من طينتي وتقِّببُ سُرّتكِ
          انتبهي
ثم رحتُ أصلصلُ من ولهى، وأكاد أهمُّ
من الطين حين رأيتك بين يديه حليبًا يفور
فقلت: هي امرأتي
قال: تخرج من نسلها كلّ أنثى
وراح يحكّكها، وملائكةٌ بمناقير يلتقطون النثار
الذي يتساقط منها
ويرمونه في الجهات، يصير زهورًا ملّونةً،
وعصافير، غزلان، حتى إذا ما شهقت وفتّحتِ
عينيك من نفخة الربَّ فيكِ تنهدَّتِ عن
سحبٍ ونسيمٍ
وقلَّبت عينيك صارتْ بروقًا
فأرعدتُ: صِلْني بها
قال: بل ستعاني.. وتمضي وحيدًا
ستلتقيان بأزمنةٍ عددًا، وبلادٍ بُعادٍ، فلا
تتعرفها
ثم حين تشفّ من الوجد أكشفُ عنكَ
غطاءك حتى تراها فتذكر كم مرّةٍ في
الزمان التقيت بها
ثم ضيّعتها
قلتُ: يا ربّ حملتني بالجبال فما نؤتُ
حمّلتني بالعذاب أضأتُ
ولكن هذا الهوى قاتلي 
          قلتُ: يا عدلُ.. يا رحموتُ
أنا قمرٌ وهي محض فَلَكْ
أنا كالطريدةِ وهي الشَّركْ
أنا ناقصٌ وهيَ ناقصةٌ
فصلني ببعضي
تقدّستَ يا أرحم الراحمين،
وبلّلتُ بالدمع عرشًا على الماءِ رقّ
لحالي
وودّ اكتمالي
فأنهضني من يديّ وقال:
هي الآن لك

18.
الكارتّةُ
تحملُ عاشقين إلى عشقهما
وكان ثلاثةٌ من الفراعين يعضون شفاههم
وهم يراقبون المشهد؛
كيف تحركت الأصابعُ
وراح الواحد يتلمّس الآخر مثل ضريرٍ
كيف مالت العاشقةُ على العاشقِ
ونظرت إليه فجأة
فشعر في قلبه برفسةِ فرسٍ
آه
كان هذا يكفي
مع قليلٍ من خطوات حصانِ على الأسفلت
ورملٍ في الجهات
وأهراماتٍ صغيرةٍ تخرج في التوّ
نعم كان هذا يكفي
فلماذا جاء المطُر الخفيفُ
هل لأن الله رآنا وأحبّنا
هل كنا جميلين إلى هذا الحدّ
فبلّلَ يديهِ بماءٍ ونترها علينا
هل كنا فاتنين هكذا
ليتنّهد ثلاثةٌ من الفراعين وهم يتلصّصون علينا
من الثقوب
فيكون هواء دافئٌ ويكون مطرٌ خفيفٌ
ويكون أن تختفي العاشقةُ في العاشق

19.
السلالمُ تعرفُ رائحةَ الصاعدين
وتعرف خطو المقيمين والزائرين، ولكنها
في صباحٍ جميلٍ كهذا
رأتْ وردةً تتهجّى بهاء المكان
وتحبو على الدرجاتِ
رأتْ سيّد العاشقين
فظلّت تفتش: هل مرّ يومًا بها
مثل هذا الحنين
وهل تتنفّض ذاكرةُ الدرجاتِ من العالقين بها
ليظلَّ بها، وحده
طافرًا كالبراءةِ
يبقى بها أول العاشقين
ستبقيه بعضًا من الوقت كي تتأمّلَ:
شكلَ الغيومِ على قدميهِ
وهذا الهديلَ الذي يتسّرب من شعرهِ ويديهِ
له نكهةُ البنِّ والياسمين
له أن ينادي الهواء بأسمائه وله
أن يغيَّر شكلَ الصباحِ
تراقبه وهو يصعدُ
يصعدُ من خلفه الوردُ
والقططُ العاشقاتُ
وسربُ العصافيرِ
تنظر كيف يكلَّم عاشقةً بلغاتٍ
ويطفر أزمنةً
سترى كيف يولدُ من نفسه،
يتحوّل حشدًا من العاشقين
وكيف يؤولُ إلى نفسهِ
عاشقًا مفردًا
واحدًا أحدًا
سوف تعلن عن نفسها
وتقبّلُ رجليهِ:
               اصعدْ
               كما شئت 
               لسنا رخامًا
ولكننا
محبّون منهزمون
مُسخنا إلى حجرٍ ورخامٍ
ولمسةُ رجليك تعويذةُ البعثِ
يا سيّد العاشقينْ

20.
كان جسدي خفيفا ونزقًا
يثرثُر ببلاغةٍ
ويندهُ عليكِ
كنت تقتربينِ وتبتعدين ضاحكةً
بينما يتقدم مادًّا يديهِ
مثل ضرير

21.
الطيور تخلَّص ألوانها من شراك المرايا
فضاءٌ يضيق ويمتدُّ، ينهج مثلي
ونورٌ خفيفٌ يحطُّ ببطٍء على جسدين، ويلمس
مندهشًا
نهدَ عاشقةٍ
فيصير دفوفًا وحشدًا من الذاكرين
فهل تحت هذا الغطاءِ شعوبٌ تصلّي
وهل تتناسلُ أزمنةٌ
وتثوب إلى رشدها مدنٌ

22.
قام خفيفًا من نومه
ويده تطاردُ فراشةً من حلمه الأخير ارتدى قميصه التركواز
وهبط السّلم ثلاثًا ثلاثًا
يستعيد العبارة التي سيقولها،
وهو يتفادى الليمون
ليلمس خاتمها،
"إلى متى يا مريم نظلّ بين جحيمين"
ياه
الشارع كله سيارات واقفة
والناس دُميً في هيئات
هل هو الموت
قرقرةُ المواتير وحدُها
وزقزقةُ العصافير
ثم لا شيء!
راح يعدو مندهشًا
رأى غرابًا على صدر امرأةٍ يغني
وببغاء
يقرأ قصائده للجالسين على محطّة الأتوبيس
رأى الوعل يركض فوق أسقف السيارات
ووراءه سرب من الغزلان
راح يعدو مذعورًا
هل ضلّ في مدينة مسخوطة؟!
اصطدم برجلٍ فاختفى الرجل فجأة
وتصاعد منه غبارٌ وأنّ أنينا
كان يصرخ "مريم مريم" فيجيبه الصوت
المعدني
"هذا الرقم غير موجود بالخدمةِ".
الساعات كلها واقفة
وتشير إلى جهٍة غامضٍة
وعندما وصل أخيرًا
أدهشه أن كلَّ شيء حيّ
الجرسونات يتحركون برشاقةٍ
والعشّاق يتهامسون
والطيور تغيّر ألوانها في كل لحظةٍ
وكانت هناك!
اندفع مادًّا يديه
يتعثر بين الطاولات
"مريم مريم"
لم تلتفت
وظلّت في كامل فتنتها
تنظر باتجاه الباب
وغبارٌ خفيفٌ
يتصاعدُ من أصابعها!!

23.
أنا نائمةٌ وقلبي مستيقظ، افتحي يا حمامتي
يا كاملتي لأن رأسي امتلأ بالكوابيس
زمّليني أنا العاشق المرتبك
دثَّريني وخلّي نهودك تحرث قلبي بنصلين من
وبرٍ، افتحي لي، وهشّي الصقور التي تحت
جلدي، الصقور التي فوق جلدي، الصقور التي
تتحلَّقُ حول مياهي، وعضّي على شفتيّ، على
كتفيّ، وميلي عليّ كمرجٍ من السوسنِ
الجبليّ، اتركي فوق صدري أظافرك الحمرَ
مرشوقةً مثل ألويٍة، ربما يتفصّدُ هذا الدَم المتولَّهُ
عن غابةٍ، تحتها يتكور جسمان مشتبكان،
ويندلعان على العشب، يغرز فيها نتوءاته فتقول:
اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتمٍ على
ساعدك لأن المحبّة قويةٌ كالموت.

24.
أطفأ النور
وجلس في الظلام مثل فهدٍ، حتى إذا هدأت
الرِّجْلُ تسلل يرتب كنزه
يبدأ بمجموعة الاعترافات الضمنية النادرة،
وينتهي محمومًا إلى اعترافات أبعد من اللغة
بكثير
في الليلة الأخيرة، قبل الحادث
رتّب الكلَمات هكذا
أعرف أنك لن تكتفي/ أنتَ خطرٌ علىّْ/ إذا
حدث.. ستكون كارثة/ أنا مشوّشةٌ تمامًا/
أوحشتني جدًا/ أنا تعبانةٌ/ أريدك كلّك/ أنا
مجنونةٌ بك/ أنت ماذا!!/ أعقاب سجائر
عليها أحمد شفاه/ مناديلٌ ورقيّةٌ مجعّدةٌ بماء
الأنوثة/ جروحٌ صغيرةٌ على شفتيه/ بقع
حمراء وزرقاء على كتفيه
هكذا راح يرتّب الأشياء كالمحموم حتى غلبهُ
النومُ
في الصباح، عندما فتحوا الباب، كانوا يجاهدون
مذهولين ليصلوا إليه عبر أكوامٍ من الزهور
الحقيقية!! وكان قد تحوّل إلى فراشةٍ حمراء
تتحرك في المكان مثل قُبلهْ

25.
انقلب الهدهدُ إلى ملاك، أركبها على جناحه
وطار، حتى رأت الأرض كرةً بديعةَ الألوانِ في
ظلامٍ حالك
قالت: يا لها من ساحرةٍ
قال: إنها قبيحةٌ
قالت: كيف وهي تخطف كالحجر الكريم
قال: انظري 
     عليها سرطانٌ نشط
سيشعل الأفق بالنار، وسيظهر في السماء
سبعٌ من الشموس فلا يكون ليلٌ
تجف البحار وتحترق اليابسة، ثم تهطل
الأمطار كالسيول لمدة اثنتي عشرة سنة بدون
انقطاع فتغمر كل شيء
ثم إنه نزل بها أمام الغار وترك لها عصاه
واختفى
وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يومًا خامسًا، الخميس

(6) أَوَاهٍ *
*من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعني المحيي

1.
كان إلى جوارها، يشتعلُ وينطفئُ، يلهث في
ذاكرته كمحمومٍ، ويرمقها من آن إلى آن
قالت: الآن حصحص الحق، تعرّتْ وركعتْ
أمام جسده الممشوقِ كحربةٍ وقالت: أنا هي
استدعت سرّ الزهرةِ فظهر أمامها رجلٌ من
النحاس، انحنى وقال أَنا خادم الجمعة واسمي
"زوبعه"
قالت: فأين مهائيلُ الملاكة
أشار، فوجدت قبّةً من نورٍ ووجدت مهائيل
جالسةً وعن يمينها وشمالها ستةُ أعوانٍ وثلاثة
ألويةٍ

2.
قالت: تباركتْ الزهرةُ، والسّاكنةُ بفلكها،
الآخذة بناصية خدَّامِ يومها 
               الواو، النحاسُ، الحارّة، اليابسةُ،
المعتدلةُ المزهوّةُ بأنوثتها.
وخرجْت فأفسحت مهائيلُ لها وأجلستها على
الكرسّي معها
قالت: مرُي فأفعل
قالت: هوذا يشتعلُ بتذكاراتي وليس بي
ابتسمتْ الملاكةُ وألقتْ في حجرها بخاتمٍ من
الياقوت الأحمر، له شكل نهدٍ وحلقته ثعبانٌ
واختفتْ، فوجدتْ نفسها عاريةً تحته

3.
أطلّتْ من النافذة فوجدت النيلَ نائمًا وسيّدَ
القمح والكرومِ نائمًا بجوارها، فقامت وأخذت
جرّةًَ وملأتها
وضعت الجرّة تحت السرير وقالت وهي تفرد
شعرها:
     أسقيه عندما يقوم

4.
للنيل يومٌ في السّنة ينام فيه، والسعيدُ السعيدُ من
يحظى منه برشفة وهو نائم، لأنه سيمكنه أن
يثنى العملة المعدن بين إصبعيه أو يفركها
فيمسح صورةَ الملك.

5.
في مخطوط قديم وصف جواب آفاق عينًا
سقطت من السماء وظلت تتحرك، فكل
ما وقعت عليه صار حجرا، ثم تحولت هي
بعد ذلك إلى حجر كريم

6.
فماذا تقول المرايا عن امرأةٍ، ستباغت عاشقَها
كل آنٍ وتملك أن تتحول جنيّةً أو ملاكًا، تشير
فتأتي الجواري من السقف يحملن آلاتهنّ
وبهجتهنّ ويقعدنَ حول استدارة سرّتها
ثم تملك أن تشعلَ الشمعَ إن مرّ هذا بخاطرها
سوف تنظر للباب يصبح عبدًا، وللسقف يصبح
ليلا، وللقمرِ المترنحِ يحلف أنْ سيكونَ كتومًا
على سَّرها ولها
أن تسوط الفصولَ إلى حيث عاشقها
فتسافر في الوقت أنّى تشاءُ وأين تشاءُ وكيف تشاءْ

7.
قمتُ لأفتح لحبيبي ويداي تقطران مرًّا، وأصابعي
مرُُّ قاطرٌ على مقبض الباب
فتحت لحبيبي لكن حبيبي تحوّل وعبر، نفسي
خرجت عندما أدبر، أُحلّفكن يا بنات أورشليم إن
وجدتن حبيبي أن تخبرنه أني مريضةٌ حبّا

8.
كانا يتدحرجان على العشب عريانين، عندما
اصطدما بهيكل عظمىّ لعاشق، في عنقه تعويذةٌ
نحاسّيةٌ، فيها خصلة من شعر امرأٍة وقصيدٍة كلها
أفعال

9.
رآها تدلّكُ ثدييها بألسنة اللهب، في جانب  
شعرها زهرةٌ من دخانٍ وساقاها غارقتان في
بستان الحرائق
رأى ملوكًا وأمراء يتلصّصون عليها من بين
الأشجار وخلف الشبابيك وفوق أعمدة الإنارة،
يستمنون ويتأوهون

10.
دهنا جسميهما من القدم إلى الرأس بعصير
المانجو، ولحساهما ككلبين، وتحابا على العشب
كمجنونين إلى أن أيقظهما من نشوتهما سيلٌ
من النمل آكل اللحم.

11.
قال: رأيتكِ في الحلمِ، ولديّ أماراتٌ
قالت: كيف
قال: صدرك كذا وكذا
فكشفت صدرهَا ضاحكةً: صدقت 
          : وبطنكِ كذا وكذا
فكشفت بطنها وقالت: صدقت
ثم جذبته إليها من فوديه وقالتْ
          : رأيتكَ وأنت تراني، وتلك أماراتي
صدرك كذا وكذا
فكشف صدره ضاحكًا: هو ذا 
                    : وبطنك كذا وكذا
فكشف بطنه ضاحكًا: هو ذا 
                    : وفخذاك هكذا هكذا
فكشف عن فخذيه وصار وحيدًا أمام الجسد

12.
تتشمّمُ صدره، ثم ترفع رأسها بغتةً، وتهزّها
كفرسةٍ
               : غير معقول
يقبلها، يأخذ من ريقها وتأخذُ، ترتخي ويسندها،
يفرك حلمتها فتوسِّعُ عينيها وتميلُ مع حركته،
تتألم وتنتشي، حتى تنزّ بمائها فتصرخُ:
خذني
أريد أن أشعَر بثقِلكَ عليّ
ادخلْ كلّك في كلّي

13.
ثقلت مفاتنها عليّ، كلما جزتُ مدىً منها
رأيت مدىً

14.
روحهُ روحي وروحي روحهُ إن يشأْ شئت وإن
شئت يشا

15.
أنا خيمةٌ، ثبّتْ بأطرافكَ أطرافي، وانصبْ عمودَ
الخيمةِ حتى أطير

16.
جسدي بيت إيل

17.
شهوةٌ نوّةٌ سوف تقلعُ أشجارها وتطيرُ فيأخذُ هذا السبيل إلى سُّرة ويغيب إلى أن تهاجمه شهبٌ ثم تأخذهُ ندهةٌ فيدور مع الصوت 
     يهبط منحدرًا ويراها؛ 
     البلاد التي انسحرتْ وردةً وتظلّ توصوص 
     ما بين فخذين يرتفعان عن الموت تسعًا 
     وتسعين صوتًا وملء دواة من النعت، 
     ركبتها في الغيومِ وشعرُ الملاكةً بقّع جسمين، رقَّش
هذا البياضَ برسم خيولٍ على فضّةٍ،
وتعضّ على كتفيه وتغرز أسنانها في يديه..
فهل نوّةٌ
سوف تكنس هذا الخراب، وهل شهوة سوف
تغسل ما خُطّ في اللوح من ترّهاتٍ،
هي امرأةٌ
تتخبّطُ فوق الفراش كطير ذبيحٍ، تصفَّرُ كالريحِ،
تشهق شهقةَ محتضرٍ ثم تنهدُّ غائبةً،
أسندوني
بأقراص الزبيب، أنعشوني بالتفاح فإني
مريضةٌ حبّا، شمالُه تحت رأسي ويمينه تعانقني،
أُحلّفكن يا بنَات أورشليم، بالظباء وبأيائل
الحقول، ألاّ تنبّهن الحبيب حتى يشاء.

18.
تضع اللبؤةُ جروًا واحدًا، لحمةً ليس فيه حسُّ
ولا حركة فتحرسه ثلاثة أيامٍ ثم يأتي السبع بعد
ذلك فينفخ فيه المرّة بعد المرّة حتى يتنفّس
ويتحرّك وتتشكل صورته، فترضعه ولا يفتح
عينيه إلا بعد سبعة أيامٍ أواهٍ

19.
كانت تضحك كلما أحسّت به يحرّك أجنحته،
وتصلَّي ليحفظه الله عندما يخرج من بطنها
ويطير، لأن الشرّ في العالم كالهواء

20.
أعضاؤكِ ألسنةٌ وقلبي ترجمان

21.
أيّ بياضٍ يصمد أمامكَ
وكل ورقةٍ
تغافلني
وتمتلئ بالنعوت

22.
رأيت سماء جديدةً وأرضًا جديدةً
وقال الجالس على العرش:
لا يكون موتٌ ولا وجعٌ
لأن العالم القديم قد مضى
وها إني أجعل الكون جديدًا

23.
من النافذة رأت السماء مفتوحًة على سفر
الرؤيا، ورأت الموكب يرقى في السماواتِ
ومهائيلُ على كرسيّها تغمزُ لها وتضيء
وكان مساءٌ
وكان صباحٌ
يومًا سادسًا، الجمعة

(7) أَيزَامٍ*
* من أسماء الله في اللغة السوريانية بمعنى المتين

1.
كانا على الفراش، يتحسس بطنها المكوّرة
ويضحك وتدغدغ بطن رجليه وتضحك
امتلأت الغرفةُ بملائكة صغيرة، بأجنحة خضر،
راحت تطوفُ حولهما وترشّهما بالماء، يجريان
والملائكة وراءهما، حتى يسقطان على العشب
يلهثان
فتجد ما لا يجد، رجلا من الرصاص يقف على
حافّة الماء، انحنى وقال: أنا خادم السبت
واسمي "ميمون"
قالت: أين ملاكك كسفيائيل
أشار فرأت قبّةً من نورٍ أسود ورأته أمام القبّة
عابسًا يجلس على كرسيًّ من ظلمةٍ ومعه ثلاثونَ
عونًا وعشرة ألوية سودٍ

2.
قالت: حنانيك يا زُحلُ، ورحماك يا ساكنَ
فلكه الآخذ بناصية خدّام يومه
السبتُ، الطينُ، الزاي، الباردُ اليابسُ
النحسُ المحضُ
          وتقدمتْ إليه، وتقدم إليها، فكان نصفها في 
          النور ونصفها في الظلمة، رؤيتها حجابٌ
وحجابها رؤيةٌ
          قال: هكذا أتمّ الربُّ حكمته 
          قالت: وهكذا تُخَيِّمُ الظلماتُ على كل 
                    شيء
          قال: العالم كله سكون
قالت: لأن من خلقه يرتاح في سمائه
وخرجت كما يخرج النورُ من الظلمة، تحسست
بطنها، واستلقت بجواره على العشب، واضعةً
رأسها على صدره وكان يلهث

3.
رأته في النوم يرقى في الهواء وقرونُهُ مضيئةٌ،
ورأت حوله ملائكةً يفسحون له الطريق،
وشرفات معلّقة في الفراغِ يقف فيها أناسٌ
تعرفهم بينهم الخضر، والحلاج، وابن عربي،
والبسطامي، والسهروردي، والنفّري، وفريد
الدين العطار، وابن الفارض، والخوّاص
... إلخ إلخ إلخ
كلٌ يمدّ يده إليه فابتسم لهم وقال: 
          من رآني فقد رأى الحق

4.
انتبهتْ على نقرة الطائر، تلفّتتْ فلم تحده، وكان
فراشه دافئًا لا يزال، فصرختْ
إيلي إيلي... لماذا تركتني


القاهرة

إشارات

أَهُوُج
4.
"وضعتْ النار في يد والماء في يدها الأخرى
وراحت تقول سأشعل النار في الجنّة وأسكب
الماء على النار".

رابعة العدوية
7. "أدخلني بيت الخمر وعلمُهُ فوقي محّبة".

نشيد الإنشاد
"وعزّتك وجلالك لئن أدخلتني النار لآخذ
توحيدي بيدي وأدور به على أهل النار أقول
لهم وحّدته فعذبني".

عائشة بنت جعفر الصادق
9. "علمت أنك إلهٌ رءوف ورحيم، بطيء الغضب
وكثير الرحمةِ، ونادم على الشرّ".

يونان/ العهد القديم
11 "هّيا اخرج يا من تسللت إلى البيت خلسة في
الظلمة، يا من أنفه في قفاه ووجهه في ظهره،
يا من سوف لا يجد ما دخل من أجله، أسرعْ
فاخرج يا من حللت مع الظلام وأنفه في قفاه
ووجهه في ظهره، هل جئت لتضع على جبين
الطفل قبلة؟
لن أجيز لك أن تفعل
هل جئت لتروح عنه ما يعاني
لن أمكنك من أن تفعل
لن أخلي بينك وبينه لتضره، هل جئت لتنزعه
مني؟
لن أتيح لك أن تنزعه مني، لقد هيأت له
ما يكفيه شرك من نبات (إفت) الذي تتألم
به ومن (البصل) الذي أنت به تتأذى، ومن
(الشهد) الذي هو حلو مساغه للأحياء ومرٌّ
مذاقه لمن هم هناك من الأموات
ومن الحراشيف الشائكة من سمك (ابدو) ومن
فلك (مررت) ومن سلسلة السمكة".
                         تعويذة أم تدفع عن ابنها أشباح الظلام
(الفن الفرعوني/ ثروت عكاشة)
18 "مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول
لا تغمرها"
                         نشيد الإنشاد

يوهِ
3.
"عندما يسطع نور المستنيرين
سترافق روحي أوزيريس
وتتقمص الصقر الإلهي
وسأخرج من الأرض
وأفتح الجحيم
لأرى الشمس وهي تسطع
في صباح العالم الجديد"

                         من أنشودة آتونيه
                         (الفن الفرعوني/ ثروت عكاشة)
7. "ليقّبلني بقبلات فمه لأن حبك أطيب من
الخمر"

نشيد الإنشاد
10. "وارني عن اسمي وإلا رأيته ولم ترني"

النفري
12.
العالم من حيث هو كائن فاسد، ومن حيث
هو فاسد كائن، فلذلك نظمه بدد وبدده نظم،
ومتصله مفصول ومفصوله متصل، وغفله موسوم
وموسومة غفل، ويقظته رقاد ورقاده يقظة، غناه
فقر وفقره غنى، وحياته موت وموته حياة"

التوحيدي (مقابسة 99 المقابسات)
17. السوسنةِ بين الشوك كذلك حبيبتي بين
البنات

نشيد الإنشاد
20. من سمع الغناء على حقيقته مات"
التوحيدي (الإمتاع والمؤانسة)

هلهلت
11.
تمرح الماشية في المروج وتزدهر الأشجار
والنباتات وتغادر الطيور أوكارها وتبسط أجنحتها
بروحك وتقفز الحملان على حوافرها ويهلل
كل ما يطير وترفرف أجنحته عندما تشرق أنت".
                         أنشودة آتونيه
                         (الفن الفرعوني ثروت عكاشة)
17. جاءت سهيلة ابنة سهيل إلى رسول الله (ص)
فقالت:
إني أجد في وجه حذيفة (زوجها أي تجده
مستاءً) إذا دخل عليّ "سالم"
قال النبي (ص): فأرضعيه
قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟!
قال: ألست أعلم أنه رجل كبير
ثم جاءت بعد ذلك فقالت: والله يا رسول الله
ما أرى في وجه أبي حذيفة بعدُ شيئًا أكرهه"
رواه مسلم وأبو داود

(النسخ في الوحي محاولة للفهم/ د. سيد القمني)
الكتابة الأخرى الكتاب الثاني 1992

18. المكان الذي لا يؤنّث لا يُعوّل عليه (ابن عربى)

دوسم
2.
"في أيّ سماوات يركض الآن الحصان بالوليّ
الحزين؟ وإلى أيّ اتجاه تسوقه الريح؟ هل شاخ
يا ترى وشاب شعره فأصبح مثل خصل السحاب
المتناثر في ليل الصيف؟ ترى من يطعمه إذا جاع
ومن يسقيه في وحشته السماوية الطويلة".

"لحن الصباح" محمد ناجي
5. اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدكَ
لأن المحبّة قوية كالموت"

نشيد الإنشاد
7. "كيف أخرّبك وأنت خراب كلّكِ"

"بطاقة هوية" خوان غويتيسولو
12. أجاز "مفتي الثقلين" تزوُّج الحنفيّ من
الشافعيّة تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب
كتاب (صفة صلاة النبي)
للشيخ نصر الدين الألباني
15. هل على الأنهار حمّى يا رب"

حبقوق/ العهد القديم
18. أغربُ الغرباءِ من صار غريبًا في وطنه

التوحيدي
20. لكل طائرٍ صائدٌ

التوحيدي
1. ليس للناقص أن يحيط بغير الناقص

التوحيدي
2. إذا طرتَ فقعْ قريبًا

التوحيدي
3. أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا

من شعر الحلاج
25. أربعة محاريب في المسجد الجامع يصلّي فيها
أئمةٌ أربعةٌ متعاقبين كل أناسٍ ينتظرون إمامهم
بينما الإمام الآخر قائمٌ يصلي 
                         (صفة صلاة النبي)
                         للشيخ نصر الدين الألباني
27. "فقه اللذّة"

ديوان شعري/ حلمي سالم
28. "إنه منذ الآن معزول عن ماضيه الحقيقي
أو المفترض وهو لا يستطيع التوقف عليه أن
يستمر إلى مدينة أخرى حيث ماضٍ آخر
من مواضيه ينتظره أو ربما كان شيئًا يمكن أن
يكون مستقبلا له الذي هو حاضر شخص
آخر الآن"

مدن لامرئية/ إيتالو كالفينو
33. جاء على هيئة ريح لا يوقفه شيء، تنزع الغسيل
من يديها وفي خضم خفقان أجنحة الأغطية
المدهش رآها الجميع وهي ترتفع مع الملاءة في
الجو، وتقطع طبقات الهواء مشيرة بالوداع لعالم
الخنافس.

مائة عام من العزلة/ ماركيز
36. "حتى نزل جبريل فقرأ عليه النبي هذا فقال له:
ما جئتك به"
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ قرآن كريم.
                         النسخ في الوحي محاولة للفهم/ د. سيد القمني
                         (الكتابة الأخرى الكتاب الثاني يناير 92)
41. أنا إله الجنس والخوف وآخر الذكور

كائنات مملكة الليل/ أحمد عبد المعطي حجازي
43. "سأل قبلاي خان ماركو: أخيرًا، وفي اليوم
الذي أعرف فيه كل الرموز هل سأكون قادرًا
على امتلاك الإمبراطورية؟.. فأجاب رجل
البندقية: مولاي.. لا تعتقد بهذا.. في ذلك اليوم
ستتحول أنت رمزًا من الرموز"

مدن لامرئية/ إيتالو كالفينو
49. "يحدث أحيانًا أن رجلا مفردًا يتخذ له مكانًا في
دورتين أو أكثر في وقت واحد طاغية ومحسنًا
ورسولا أو أن واحدًا يضاعف مرتين أو عدّة مرات حتى يصير مائة شخص أو ألفًا، من أهل (مالينا)
ثلاثة آلاف من المنافقين، وثلاثون ألف طفيلي،
ومائة ألف ابن ملك سقطوا في حضيض الناس
بانتظار من يميزهم

                         مدن لامرئية/ إيتالو كالفينو
54. "سحبته المرأة إلى الخلاء وهناك تاه في الجمال
الذي لم تره عين، طاوع نفسه وخلع أسمال
الدراويش، ولما همّ بها انشقت الأرض وابتلعتها،
فانفتحت بصيرته وعرف أنه وقع في الشّرك"

لحن الصباح/ محمد ناجي
"ظلّت الشمس قائمة على رأس المشهد صيفًا
وشتاء كاملين وهو في مقام الرعشة وسط الخلاء.
ظل يرتعش ويرتعش حتى ارتجّت من رعشته
الأرض واهتز الملكوت. ثم كان أن انفرطت
أعضاؤه من الرعشة وتناثرت في الخلاء، فغفر له.
فتحت الأرض أبوابها لأعضائه المنفرطة، ثم
ختمت عليها الريح فضاع الأثر".
لحن الصباح/ محمد ناجي

حوسم
1.
فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.
قرآن كريم
2. الغيرة قاسية كالهاوية

نشيد الإنشاد
3. والمخاصمة ترفع نفسها

حبقوق/ العهد القديم
4. خذ وردة الثلج خذ القيروانية

ديوان/ سعدي يوسف
5. وردةُ النار قصيدة للشاعر من ديوان "وردة للطواسين".
6. "أنا نائمة وقلبي مستيقظ، افتحي يا حمامتي
يا كاملتي لأن رأسي امتلأ من الطلّ وقصصي من
ندى الليل".
"اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدكَ،
لأن المحبّة قوية كالموت".

نشيد الإنشاد.
7. سيشتعل الأفق بالنار، وسيظهر في السماء سبع
من الشموس أو اثنتا عشرة شمسًا، يؤدي إشعاعها
إلى جفاف البحار وإحراق الأرض. هكذا سيلحق
الدمار بالكون كله، بفعل النار الكونية
سامفارتاكا، فيما بعد، ستهطل الأمطار المدرارة
طيلة اثنتي عشرة سنه بدون انقطاع، فتغمر الأرض
وتقضي على الإنسانية، فيما يكون الإله فيسنو
جالسًا على الأفعى الكونية سيسها مسترسلا في
النوم.

من كتاب "ماها بهارتا"

أواهٍ
4. "للنيل يوم في السنة ينام فيه، والسعيد السعيد من
يحظى منه برشفة أثناء نومه ففيها روح من قوة
ونفحة من حياة ولمحة من جبروت.. والشقي من
دنا من النيل ساعة يقظته.. إنه عندئذ يطويه

النيل في الأدب الشعبي/ د. نعمات فؤاد
7. "قمت لأفتح لحبيبي ويداي تقطران مرًا،
وأصابعي مرّ قاطر على مقبض الباب

نشيد الإنشاد
9. رآها تدلك ثدييها بألسنة اللهب، في جانب شعرها
زهرةٌ من دخان وساقاها غارقتان في بستان
الحرائق

10. رأى أن حكام الشرق كانوا يأتون ليلا للنوم تحت
أعمدة الإنارة ليروها طالعة في الصبح

من قصيدة سفر كتبته باليد اليسرى/ ميلاد زكريا
11. دهنا جسميهما من القدم إلى الرأس بشراب
المشمش ولحساهما ككلبين وتحابا على العشب
كمجنونين إلى أن أيقظهما من نشوتهما سيل
من النمل آكل اللحم

مائة عام من العزلة/ ماركيز
14. ثقلت مفاتنها عليّ

اسم قصيدة/ جمال القصاص
كلما جزت مدىً منها رأيت مدىً

أبو العلاء المعري
15. روحه روحي وروحي روحه
إن يشاء شئت وإن شئت يشا

من شعر الحلاج
18. أسندوني بأقراص الزبيب، أنعشوني بالتفاح فإني
مريضة حبّا، شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني،
أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل
الحقول ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء.

نشيد الإنشاد
19. تضع اللبؤة جروًا واحدًا
منقحة من "حياة الحيوان" للدميري

الأسد/ باب الألف
23. "ورأيت سماء جديدة وأرضًا جديدة، لأن السماء
الأولى والأرض الأولى قد زالتا وسمعت صوتًا
عظيمًا قائلا: لا يكون موت ولا نوح ولا صراخ
ولا وجع لأن العالم القديم قد مضى وقال الجالس
على العرش: ها إني أجعل الكون جديدًا"
من رؤيا يوحنا/ العهد القيم

إيزام
2.
رؤيتها حجابٌ وحجابها رؤيةٌ

ابن عربي
هكذا أتم الربّ حكمته
وهكذا تخيم الظلمات على كل شيء
العالم كله سكون
لأن من خلقه يرتاح في سمائه

                         من أنشودة آتونيه
                         الفن الفرعوني/ ثروت عكاشة
3. من رآني فقد رأى الحق
من حديث للرسول الكريم
4. إيلي.. إيلي لماذا شبقتني
السيد المسيح.