يفتح تناص قصيدة الشاعر الأردني مع النصوص القرآنية نصه على مجموعة من الآفاق والإحالات المثرية التي يتمزج فيها الشخصي بالجمعي والوطني بالفردي، وتقترن فيها السخرية بالتحذير.

أبابيل

صلاح أبو لاوي

حديث المساء اللعوب شهيّ
فزفوا النبيذ إلى جثة الليلة الباردة
اشربوا واشربوا
يفتح الليل أبوابه
فاهربوا
واتركوني وحيدا
الملم عن جبهة الموت أغنية
خلفتها رياحكم الخامدة
أطلقوني رصاصا لأعبر فيكم
إلى قبلتي
واصلي بكمْ
وأحج لكمْ
يغفر الله ما يتقدم
أو يتأخر من ذلكمْ
أيها الناس
سيروا على الدمع
إن الأبابيل خيل الزمان إلى دربكم عائدة
واعبروا النار من ثقبها
وازحفوا صوب أرواحكم
سئم الورد من عفن الماء في الأنهر الراكدة

*    *    *

في الفضاء البعيد
أنين الرمال توضأ
من خمرنا
والسحاب تمطى
شآبيب  أرواحنا
كان لون السماء البهيّ
يسافر من خلجات النجوم
ويسكن كالعطر أبداننا
النوارس كانت تعود مساء إلى عشنا
الشواطئ كانت تمد أصابعها للمراكب
كل صباح
وتدعو لنا
السيوف التي نسي الغيم أغمادها
في الفضاء البعيد
إلى الله كانت تمدّ يدا واحدة
فاصعدوا أيها الناس
إن الأبابيل من جبكم صاعدة

*    *     *

حديث المساء اللعوب شهيّ
وغانية الليل ترقص
في ساحة الخمر عارية كالهزيمة
ذابلة مثل أحلامنا الشاردة
كل شيء هنا احمر كالبغاء
فلا تقطفوا الورد
من غصة الوهم
أو تنسجوا الريح حبلا لأحلامكمْ
فالفراشات من صدرها عائدة
تأكل الطير من رأسكمْ
فانفروا كالهدير إلى زرقة الماء
زوجين  زوجين
لا عاصم اليوم من غضب البحر
إلا السماء
فهبّوا على موجة مائدة
يؤرجحنا الليل بين ثناياه
والخمر يسري كنمل إلى ثقب في النعاس
فيهتزّ رأسي
فأفزع
ينسكب الكأس مني
فأسرق بعض التفات
فأحمد ربي
لأني
وحيد على المائدة
لأني وحيد على المائدة

الأردن