ينقل الشاعر المغربي المغترب قلقه العارم من هذه الصورة السوداوية التي كلما اشتدت كلما تضاءل بريق الأمل، لذلك يجعل من نصع الشعري نداء مفتوحا يحاول من خلاله أن ينقل إحساس الشاعر واغترابه في عالم يزداد ضبابية.

نحن قلقون

بن يونس ماجن

نحن قلقون
لأن الوردة شاخت
قبل الأوان
وأمطر السراب
رذاذا ساذجا

نحن قلقون
من الاشجار الغاضبة
التي تتخلى عن أوراقها الصفراء
وتتعرى امام العصافير

نحن قلقون
عندما يبح صياح الديك
ويميل الظل
نحو الاصيل

نحن قلقون
لان عواصفنا
لا تحمل اسماء كغيرها

نحن قلقون
عندما نفقد حس الانتماء
ونشك في هويتنا
ومحتارون بين الوطن والمهجر

نحن قلقون
حين يضعون في فنجان قهوتنا
حبوب منع الكلام
ويكممون السنتنا
بالاسمنت والفولاذ
ثم يزجوا بنا
الى مقابر تحرسها الاموات

نحن قلقون
عندما تتوغل المرارة
في قاع أفواهنا
وتجشم الكآبة
على قلوبنا

نحن قلقون
تطاردنا كوابيس الزمن المظلم
وفي اعناقنا مشانق العميل المذعور
ونجر وراءنا الخيبات والانكسارات

نحن قلقون
من شعراء اليوم
الذين لا يزالون يهيمون
في أودية الحب والغرام
ويخافون ان تآكلهم الذئاب
ويدلون دلوهم دون هوادة
رغم الايام العصيبة
الملتهبة بالكراهية والحروب والارهاب
هل أنساهم شيطان الإلهام
عن كتابة قصائد النخوة والمقاومة
وآلام الانسان العربي
أم الهاهم النبيذ اللذيذ
حتى صاروا
في حاناتهم كالعفن القاتم

نحن قلقون
السيلفي أضحى نرجسية العصر
الميت يأخذ صورا
لموكب جنازته

نحن قلقون
من حفاري القبور
يوم يعلنون الاضراب عن الحفر
معاويلهم الصدئة وفؤوسهم المهترئة
يوارون أجسادا بلا أكفان
في مقابر بلا سكان

نحن قلقون
عندما يفتحون جراح الوطن
ويدسون فيها ملح اليأس والاحباط
ما أفظع إرهاب الأنظمة التي تحكمنا

نحن قلقون
حينما نمشي تحت المطر
وتتبلل دموعنا بلون الماء
و نتساءل كم منديل ورقي يكفي لتجفيفها
وهل صداقة التماسيح تؤلف بين القلوب؟

 

شاعر مغربي مقيم في لندن