يختلط الحكي بالرحلي في تقرير الكاتب الفلسطيني والذي يزور من خلاله بعض الأماكن التراثية يقودنا خلالها الى بعض من تواريخ دفينة وعبق التراث الذي يحكي وما اكتنزه من تفاصيل وفسيفساء ورسومات وشخوص تسهر على تأثيث فقراته الإبداعية والثقافية.

بوح الأمكنة

زياد جيّوسي

نابلس والذاكرة

حين كنت أتجه من بلدتي جيوس إلى قلقيلية ومن هناك للقاء نابلس لقاء عاشق لمعشوقة، وما أن أطلت المركبة العمومية التي ركبت بها على أطراف رفيديا حتى كنت أهمس بداخلي بأشعار لصديقي الشاعر محمد حلمي الريشة، والتي همستها روحه لمدينته نابلس، فقال في بعض منها:

"تَأْتِينِي عَيْنَاكِ بِنَهْرٍ وَرْدِيٍّ/ فَيُنِيرُ الْوَجْهُ الْحَالِمُ وَرْدًا مُنْكَسِرَ الْأَغْصَانِ/ يَظَلُّ يُرَاقِبُ لَوْنَ اللُّغَتَيْنِ السَّابِحَتَيْنِ/ عَلَى رَمْلِ الضَّوْءِ/ الرَّاحِلِ/ لِلْقَعْرِ/ الْغَارِقِ/ بِالْأَنْسِجَةِ الْبَالِغَةِ الرِّقَّةْ".

لمدينة نابلس في الذاكرة الكثير فهي ترتبط بذاكرتي منذ الطفولة، حيث كنا نمر منها متجهين من رام الله إلى جيوس، قريتنا الخضراء، بمعية الأهل، وكما العادة كان لا بد من شراء الكنافة النابلسية الشهيرة هدايا للأقارب في قريتنا، وتناول القليل منها قبل إكمال المسيرة من نابلس إلى جيوس، وفي تلك الأيام، وعلى الرغم من أني كنت في تلك الزيارات في حدود العاشرة من العمر، إلا أن مشهد مباني نابلس التراثية كان يترك أثراً ما في الذاكرة، ومنذ العام 1965 حتى العام 1996، لم أرى نابلس أبداً، فقد حصلت هزيمة 1967، وأجبرنا على مغادرة رام الله، وفي زيارتي الأولى لنابلس في العام 1996 تجولت برفقة أخي جهاد في أحيائها وأسواقها التاريخية جولة سريعة لم تشف غليلي، فكلانا لا يعرف أسرار نابلس، وهي لا تبوح بأسرارها بسهولة لعابر سبيل.

في نهاية العام 2017، تمكنت من العودة إلى نابلس من جديد، وكان دليلي فيها الشاب الجميل عياد الشحرور، صديق ابني، فكانت جولة رائعة، حتى إن زميلتي بالرحلة الإعلامية مها أبو عين بكت وهي تجول معنا دروب وأزقة حارة الياسمين، وقالت: كل هذا في بلادنا ولا نعرفه، لكنها جولة على الرغم من جمالها لم تشف فيّ الرغبة، فتكررت زياراتي لها، فكنت أتجول في أحيائها ودروبها ترافقني عدستي، ولكني كنت أفتقد من يرشدني إلى الأمكنة، ويعطيني المعلومات، وينسق حركتي، حتى جرى ترتيب برنامج لجولاتي فيها من خلال د. لينا الشخشير، ابنة نابلس الرقيقة، والمنتمية لمدينتها بكل حب وعشق، ورئيس منتدى المنارة للثقافة والإبداع، والتي تطوعت لتكون منسقة جولاتي في نابلس والتفرغ لها وترتيبها مشكورة.

ذات صباح جميل في منتصف شهر كانون أول للعام المنصرم 2017، بدأت جولاتي شبه الأسبوعية في نابلس، فكانت بداية البرنامج الذي لا يزال متواصلاً، فنابلس لا يكفيها أسابيع لمشاهدة وتوثيق ما فيها، فهي راوية الحكاية وراوية التاريخ، وندر أن يمر الإنسان في أي شارع أو زقاق ولا يسمع همسات الأجداد التي تعود لآلاف السنين، فنابلس مدينة ضاربة أعماقها في التاريخ حين ضرب أجدادنا الكنعانيون فيها أول ضربة معول على تل بلاطة بين جبلي جرزيم وعيبال قبل ما يزيد عن 5600 عام، كما تؤكد الآثار المكتشفة، وكما يؤكد المؤرخون وعلماء الآثار، وأسموها شكيم أي المكان المرتفع، لتصبح بعدها من أهم المدن الكنعانية بموقعها وتجارتها وصلتها مع الشعوب الأخرى والمدن الكنعانية في فلسطين، وقد ورد ذكرها في نصوص "ايبلا" السورية ذات الحضارة العريقة، وفي رسائل "تل العمارنة" الفرعونية، وفي الكثير من المصادر، مما يدلل على تاريخ نابلس وحضارتها ومكانتها وتأثيرها.

جولتي الأولى برفقة د. لينا بدأت بزيارة لمركز حمدي منكو الثقافي، حيث غطيت الأسوار الخارجية على طولها على الشارع الرئيس بلوحات تضم صوراً وكلمات لعدد كبير من كتاب وشعراء وفناني فلسطين، ومقابلها على الجدار المواجه للمركز جدارية مرسومة تمتد على طول السور المقابل، وما أن دخلنا قاعة الاستقبال استقبلتنا السيدة أم أسيد مشرفة المركز بكل ترحاب ولباقة، وقدمتني لها د. لينا وهدفي من الزيارة، فرحبت بنا من جديد، وتجولت بنا في المركز وأقسامه المهمة، وحدثتنا عنه أثناء تجوالنا، فهذا المركز الثقافي يعتبر من المراكز الثقافية المهمة في مدينة نابلس، وقد تم إنشاؤه في نهاية العام 2003 بمبادرة جميلة من عائلة السيد المرحوم حمدي منكو، رجل الأعمال والخير الكبير، وهو من الشخصيات الفلسطينية الاعتبارية من أصول نابلسية، ومن أكبر التجار ورجال الأعمال ومن كبار الأثرياء بفترته، وقضى حياته بأعمال الخير وقلبه يجول بين عمان ونابلس، وترك بصمات واضحة في حياته وفي مماته وبخاصة بأعمال الخير، وكذلك شقيقه المرحوم إبراهيم، وقد تبرعت بلدية نابلس بالأرض من حدائق نابلس، والتي أصبح اسمها المعروفة به حدائق جمال عبد الناصر، وقدمت مؤسسة تعاون منحة مالية للبلدية مساهمة منها، والمركز مبني من طابق تسوية وطابق أول بمساحة بناء تبلغ 1400م لكل طابق ومساحة أرض كلية تصل إلى 2400م، والجميل بالفكرة أن المركز قائم على فكرة البناء الثقافي وتنوعه، حيث يوجه نشاطاته لفئتي الأطفال والشباب، ويتكون من قاعات عديدة ومكتبة أطفال ومركز حاسوب وقاعة ندوات ومحاضرات وقاعات لتعليم الأطفال الفن والموسيقى، وجنوب المركز أرض تستخدم كمواقف سيارات ومناطق رياضية وترفيهية، وللمركز خطة طموحة لخدمة مدينة نابلس والتجمعات السكانية المحيطة بها.

وطوال جولتنا على الرغم من ضيق الوقت لم تتوقف عدستي عن التصوير، وكانت خاتمة الجولة في قاعة تضم عدداً كبيراً من الأعمال الفنية واللوحات، والقاعة مصممة بشكل جميل وملفت للنظر وبخاصة بلوحة الفسيفساء بوسط القاعة والتي صممت وكأنها نافورة مياه، حيث التقينا الفنانة التشكيلية المعروفة ميس رسل أبو صاع، وكانت بالمصادفة طفلتها الرائعة الجمال معها، وهي الفنانة صاحبة مشروع "بلور ومعشّق" الذي تُطوع فيه كل ما يخطر أو لا يخطر على البال لخدمة الفن، فتحدثنا عن الفن، وأعجبني العديد من لوحاتها على الرغم من العجالة في الوقت، فليس ذلك بالغريب عليها، فهي ورثت الفن عن والدها المرحوم رسل أبو صاع، وهو من الفنانين التشكيليين المتميزين في فلسطين وليس في طولكرم فقط، إضافة إلى أنه كان ممثلاً ومخرجاً مسرحيا وشاعراً ومناضلاً وابن شهيد، إضافة إلى كونه مربياً فاضلاً عمل في التدريس، وقد جرى تكريمه بتسمية قاعة من قاعات مركز الشهيد صلاح خلف، والذي كان سجن الفارعة قبل انسحاب الاحتلال منه، تخليداً لاسمه ودوره في الحركة النضالية وبصماته الفنية، وهذه القاعة تضم الزنزانة التي أسره فيها الاحتلال وتحدى الاحتلال ورسم لوحة فنية على جدارها أعتقد أنها ما زلت قائمة، فهمست لها حين مغادرتنا المركز مودعين كما استقبلنا بحفاوة: دوماً الحوريات الكرميات يبدعن أينما تواجدن.

من هناك كانت وجهتنا رفيديا الجميلة، وهي من أرقى أحياء نابلس، لمشاهدة وتوثيق بعض من مبانيها التراثية وزيارة معصرة زيتون تراثية وقديمة جدا فيها والتي أصبحت مركز أوتار الفني، لنبدأ بعدها التجوال في البلدة القديمة لنابلس، وكما قالت لينا: لنبدأ بالثقافة لنصل إلى التراث والتاريخ نبعيّ الثقافة، وأصرت بالكرم والرقة النابلسية المعروفة على أن نتناول الإفطار قبل بدء الجولة في رفيديا في مطعم "منقوشة" الجميل، وكل ما فيه مرتبط بالتراث سواء من حيث التصميم والمقاعد واللوحات الفنية لأدباء وشعراء وفنانين التي تغطي الجدران، فأفطرنا تشكيلة من المناقيش التي تشتهر بها نابلس واحتسينا القهوة لنبدأ التجوال في رفيديا حيث بعض من عبق التاريخ، وهذا سيكون مجال حديثي في الحلقة التالية..

 

2.

حين أنهينا الجولة في دير الروم الأرثوذكس ومتحفه الرائع الذي يروي الكثير من الحكايات، ودير اللاتين وجماله والصور الحافظة للذاكرة فيه، كنت أقف في الشارع وعيناي ترنوان للأبنية التراثية بعشق، فشعر صديقاي باسل النمري ومحمد الحتاملة رفيقا جولتي ومرشداها بذلك، فقال باسل: أنت لا ترتوي من التراث؟ فقلت له: ومن يمكنه أن يستمع من خلالها لهمسات أرواح الأجداد ويكتفي؟ فاتجها بي إلى مبنى قديم وهو بيت كريم عصفور وكان يحتوي سابقا على أقدم مستشفى في الأردن، ودخلنا الطابق الأول حيث استقبلنا الموجودون في منجرة موسى أندراوس بكل ترحاب، وبدأت أتجول في أنحاء البيت الذي أصبح منجرة، ومن بوابة خلفية تراثية دخلت للساحة الخلفية وصعدت درجا تراثيا من الحجر ووثقت عدستي كل هذا الجمال والتراث حتى المغالق المعدنية للأبواب، لنتجه بعدها إلى مبنى معرض للهدم إن لم يتم تدارك الأمر وهذا المبنى كان مطحنة تراثية للقمح وتجولنا في مجموعة من البيوتات التراثية حتى قارب وقت العصر فاتجهنا لبيت صديقي باسل النمري "أبو شجاع" الذي كان قد أصر على حفل غداء على شرف لقائنا بعد 40 عاما لم نلتق فيها، دعوة حفلت بالكرم العربي الأصيل وطيبة أهل الحصن وروعتهم، كان عدد المدعوين كبيرا مما أتاح لي فرصة التعرف والاستماع إلى عدد كبير من أهل البلدة، وتسامرنا حتى المساء لنتجه بعدها لتعليلة مضافة الحصن، حيث يلتقي فيها كل أسبوع أدباء وشعراء ومن أهل البلدة وخارجها في تعليلة جميلة تمتد لمنتصف الليل، فتمتعنا وزوجتي بهذه السهرة واستمعنا لأشعار وأغنيات تراثية، وكانت فرصة جميلة للاستماع للشاعر الشعبي المبدع "أبو راكان"، لأعود وزوجتي بعدها إلى عمان قرابة منتصف الليل.

لم تنته حكايتي مع الحصن ولا أعتقد أنها يمكن أن تنتهي بعد أن استوطنت الحصن وأهلها في القلب، وخلال فترة قصيرة كانت قد وجهت لي دعوة لندوة أتحدث فيها عن الحصن وتاريخها مع عرض الصور على نهج نداوتي في أكثر من مكان في فلسطين وخارجها، فكانت فرصة للقاء والحديث ضمن حضور رائع وجميل من أهل الحصن ومن خارجها والتي قالت عنها الإعلامية منى عساف في تغطيتها الإعلامية التي نشرت بكثافة في الصحافة والمواقع الالكترونية: " بدعوة من جمعية الشابات المسيحية وبالتعاون مع المبادرة الشعبية ومنتدى الحصن الثقافي، تمت دعوة الكاتب والناقد والإعلامي جيوسي لعقد ندوة ثقافية ليشارك أهل الحصن أسرار بلدتهم وحكايات الأجداد والجدات تحت عنوان: "الحصن ذاكرة وتاريخ وحضارة" وذيلت الدعوة بكلمات جميلة تعبر عن حب أهل الحصن للكاتب وتقديرهم له، لدرجة أنهم لقبوه بابن بطوطة فلسطين.

بدأت الندوة بتقديم الكاتب للحضور من خلال عريف الحفل الدكتور برهان طشطوش رئيس لجنة المبادرة الشعبية في الحصن، ثم وجه الضيف كلمة شكر للحصن وأهلها، وللفنانة التشكيلية الشابة رنا حتاملة على توجيهها الدعوة له لزيارة الحصن والتجوال فيها وترتيب برنامج الزيارات، وللسيدين محمد الحتاملة وباسل النمري اللذين رافقاه في الجولة يومين، وكل من قدم له معلومات أو تسهيلات، وتطرق المحاضر إلى تاريخ الحصن وذاكرتها موثقا الحديث بعرض صور بعدسته تشهد على جمالية المكان، وتشير إلى تعدد الحضارات التي مرت عليها عبر العصور بدءا من العهد البرونزي حتى العصر الحالي، وتحدث عن أنماط وأشكال البناء ومدلولاتها لكل عصر تم بناؤها فيه، وخلال حديثه كان واضحا عليه الإعجاب بكل ما وجد في الحصن من تاريخ غني بالحضارات ومكتنز بالعلم والأدب والثقافة والمثقفين مثل متحف المرحوم أديب عباسي".

كنت أنهيت جولاتي الأولى في الحصن وتوجهت بعدها بفترة لمدينة إربد لمشاركة الفنانة التشكيلية رنا حتاملة تكريمها كضيف شرف في بلدية إربد، إذ فاجأتني كعادتها بأنها رتبت موعدا في المساء لزيارة البيت الذي كانت تقيم فيه الفنانة والمربية والكاتبة والشاعرة روضة أبو الشعر قبل أن ترحل روحها للسماوات، وهو بيت تراثي متميز بجماله وكنت فقد تحدثت عنه ووثقته بالصور من الخارج، فكانت فرصة لا يمكن أن أتركها تضيع فتوجهنا للحصن وكان بانتظارنا الدكتور فيصل نادر أبو الشعر والدكتور مازن مرجي، وصعدنا الدرج إلى الطابق الثاني حيث مساحة واسعة مبلطة بالبلاط التراثي، ومن بين الأقواس الحجرية كنت أنظر إلى الحصن في الليل قبل أن أدخل لمكان يستحق أن يكون متحفا، فلوحات الفنانة معلقة على الجدران مشيرة لفنانة تميزت بريشتها ولم تأخذ حقها في التقدير كفنانة وكأديبة وشاعرة، فوقفت بذهول أمام هذه اللوحات وأمام مكتبتها وكتبها والمقتنيات التراثية في المكان، وشعرت بتقدير كبير لجهود الدكتور فيصل بحرصه على مقتنيات عمته، وشعرت بالألم أن المرحومة بعطائها الكبير لم تأخذ حقها بالتكريم ولو بعد وفاتها، وسعدت بكتبها التي أهداني إياها الدكتور نادر من كتبها ورافقتني إلى رحاب فلسطين حيث قرأتها جميعا، ومنها: يا ريت، بيادر الشوك، أمثال من البيئة الأردنية، الحقل ينتظر المطر، لمن يضحك الصبار، شعراء من مدينتي الحصن، أخي نادر، مرثاة أخي نادر، غابة الاحتراق، واعتقدأن من حق هذه الأديبة أن تكرم من خلال رابطة الكتاب واتحاد الكتاب في الأردن، ومن خلال وزارة الثقافة الأردنية، ومن خلال رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، ومن حقها على أهل الحصن أن يتحول هذا المكان إلى متحف ومركز إبداع للفنون التشكيلية.

غادرت الحصن ومشاعر جياشة في روحي وقلبي للحصن وأهلها ولكل من رافقني هذه الجولات، تاركا فيها بعضا من الروح، وتلفت إليها حين وصلت أطرافها وهمست: سنلتقي مرات أخرى أيتها الجميلة.. وعدت إليها مرة أخرى حين قامت ثلة رائعة من أهالي البلدة بإحياء ذكرى الأديب عباسي واتصل بي العزيز د. مازن مرجي فسعدت بالحضور والمشاركة وإلقاء كلمة ارتجالية بالمناسبة، فقد كنت تحدثت في المقال الأول عن ضرورة الاهتمام بمتحف وصومعة الأديب وإحياء ذكراه هذا المبدع والفيلسوف، وسعدت للمشاركة الكبيرة من مثقفين ومهتمين وأبناء البلدة، فتجولت في صومعة ومتحف الأديب الكبير وشاهدت ممتلكاته التي لم يتح لي رؤيتها في زيارتي الأولى، ووثقت عدستي كل ذلك إضافة إلى المعرض الفني المتميز للفنان التشكيلي الكبير سعيد حدادين والفنانة التشكيلية الألقة رنا حتاملة، وبدأت أعد نفسي لاستكمال جولاتي في شمال الأردن، حيث كان ضمن برنامجي زيارة إربد وموقع معركة اليرموك وأم قيس والحمة والشونة الشمالية ومخربا وحوفا وصمد وغيرها من بلدات تروي حكاية الأجداد والتراث والتاريخ، وهذا ما سأتحدث عنه ضمن الحلقات القادمة من رحلاتي التوثيقية للشمال الأردني الجميل.

"جيوس 9/2/2018"