فسحة العدد صوت شعري جديد يرسم الخيبة بالكلمات، في قصيدتين تتقاطعان وتكتملان أبعد من أفق النسيان واللامبالاة، هنا شاعر انتهى من ترميم انكساره ويشيد لنفسه أفقا جديدا كي يبدأ.

قصيدتان

نور الدين البكراوي

 

لا تسألي عني

حطمت كؤوسا كثيرة،

فلا تلقي بأخرى في طريقي

فقد مللت جمع أشياءك المكسورة.

صلصال معدني أصلي

وما أنت في مقام العشق عندي

إلا غبارا في سنابك خيلي.

ارتوى نسياني

وحصرت نذوب الرماح،

مرت كل عواصف الهوى بداخلي

وما شراع سفينتي إلا طوع لرياحي.

امضي، ولا تطمعي في الذكريات.

فما أنا مشتل الحب في ما مضى

ولا أنت منقذتي فيما هو آت.

لا تسألي عني، ولا عن عنواني.

فأنت انتهيت في متحف قلبي

كتحفة في ركن مظلم،

لصنم أبكم،

ولد من رحم الممات.

 

 

سيأتي يوم

حين ستنتهين، أنا سأبدأ،

وباسمك سألبس النسيان لحافا.

سنقف يوما أنا وأنت لنحكي

كيف بالأيام عشنا زفافا؟

كيف كان طعم الألم الذي اخترناه؟

ثم نسأل بعدها

من جعل الود بيننا خلافا؟.

سيأتي يوم،

نقر بالفشل في مشروع الخلود،

ونكتفي بإهداء بعضنا كتاب فن اللامبالاة،

أملا، أن نألف في التغيير إيلافا.

لابد أن يأتي علينا يوم

نقص ونروي

كيف نسفنا تعريفات الزمن؟

بذاكرتين تتقدمان إلى الوراء،

ملأناها من تاريخنا صحافا .

سيأتي يوم،

تصير وجوهنا مخطوطة

كتجاعيد الحطب

لن نهتم آنذاك بالنيام

ولا من جاؤوا صياحا.

لن نأبه بخفافيش الأنفاق،

ولا من أتوا بالمجد كفاحا.

سيحين يوم

ما دون الحب القديم،

حتما،

ستراه العين إسفافا.