كما يمكن أن يصبح أي كان رئيسًا في منطقتنا أو في بقاع أخرى من العالم، صارت الدجاجة رئيسة في غيبة من زعيمها الديك المشغول بالصياح. يبدأ النص من النهاية في خطاب موجه "لصقر" ليحرضه على المقاومة، ومن ثم نتبع جميع عناصر الصراع، ضيعة ودجاجات، نسورًا وعصافير، وصولًا إلى البداية.

الدجاجة التي صارت رئيسة

حمزة الشافعي

 

-خاتمة: هل للدجاج أم للنسور؟ تكلم أيها الدجاج الرومي...نقلت أخبار الضيعة فنلت البيض. قاوم أيها الصقر، فكلما حاولت الدجاجة اسقاطك، في غفلة من زعيمها الديك المشغول بالصياح، فإنك تسمو في الأفق البعيد...اجعل من مكرهم انبعاث!

  --ضيعة:

-الدجاجة: يبدوا أن ذلك الخم فارغ ولا أحد من الصقور القوية سيقترح نفسه لنيله. ماذا لو تجرأت ورشحت نفسي لدخوله. أنا هرمت ولم تعد مخالبي قادرة على اقتطاع ولو جزيئات من الثفل.

-العصافير: تشجعي أيتها الدجاجة التي لم تعمل جيدا في شبابها. تشجعي وادخلي الخم وسنصفق لك على كل فعل تقدمين عليه.

-الدجاجة: سأنتظر حتى آخر لحظة. فإذا تقدم نسر أو صقر لشغل الخم، فسأبقى في تحت أشجار اللوز: أكسر بيض زميلاتي وأشوه صورة الشباب من الفراخ المجدين، وأنظف ريش زعيمي الديك. هكذا بدأت مسيرتي الدجاجية وعليها سأموت حتى وإن نلت ذلك الكوخ: تلطيخ وكسر وأوساخ ... وتنظيف ريش زعيمي الديك.

-العصافير: من أجل ذلك الكوخ، اقبلي كل أشكال الذل والمهانة أيتها الدجاجة التي تقلد البشر وتجلس طوال العام تحتسي كؤوس الغيبة والنميمة على مقاهي حاشية الطريق.

-الدجاجة: نعم، نعم. أنا مستعدة لقبول كل أصناف الذل، لكن وعدا مني سألطخ ريش الصقر وسوف أعرقل مسيرات النسور نحو الأعالي بنقنقتي وروثي.

-العصافير: تقدمي فكل شروط ومواصفات النجاح في مهن السادية متوفرة فيك. تقدمي الآن فالنسور والصقور مشغولة بالأعالي والآفاق.

-الدجاجة: يا فرحتي عندما أنال مفاتيح الخم، وأركب سلحفاة ضيعة البيض وأخطف زيارة لقريتي البعيدة وقد رآني أهل بلدتي مرددين: أيتها الرئيسة، أيتها الرئيسة... لقد فضلك االله علينا وأنعم عليك بشغل ذلك الخم. لقد صرت مهمة والدليل أنك الآن تركبين سلحفاة الضيعة، ولكونك مقربة من ديكة كل الضيعات تمسحين ما اتسخ من ريشهم.

ظل الكوخ مكانا فارغا لأيام. لم يتقدم أي من النسور والصقور لنيله. تقدمت الدجاجة وسيرتها الذاتية لا يوجد فيها سوى كم قليل من ريش، ونصف منقار مشوه، وشهادة بيضة فاسدة واحدة، ودبلوم مستشارة في أنواع الشعير المستورد والمعد للجعة. لم تكن الدجاجة تعرف حتى ركوب الدراجة الهوائية العادية، كما أنها لا تتقن أعراف التواصل والانصات...دخلت الكوخ وروائح أنواع الجعة تنبعث منها بسبب الإكثار من التهام الشعير المستورد.

بعد شهور، ظنت الدجاجة أنها مهمة ومؤثرة. فتغيرت طريقة مشيها وجلوسها. وبدأت تصدر الأوامر وتنزعج كثيرا، وتتظاهر أن لها مخ أيضا وأن مادتها الرمادية تنتج الأفكار والمقترحات. كما تنتقم من هذا وتكره آخر وتبغض ذاك، وتقرب العصافير الصغيرة التي سرعان ما تحولت إلى دجاج رومي يقبل قبح أفعال وسيرة الدجاجة، وينقل لها الأخبار إلى كوخها المتسخ والمحاط بالسادية ووهم العظمة... كل ذلك، لنيل بضع بيضات في سلم الترقية الريشية.

--بداية ومقدمة:

ذات مرة، وبينما الصقور والنسور منشغلة بتسلق الآفاق وقطف المجد ومراكمة الشموخ في البر والجو، تسللت الدجاجة المغرورة إلى ملفات الطيران والخفقان، في غفلة من زعيمها الديك المنشغل بالصياح، فوضعت روثها عليها بعدما عزلت كل ما يخص الدجاج الرومي (العصافير سابقا) واستثنه من عملية التلويث. نسيت الدجاجة المقهورة في طفولتها والتي لم تركب قط دراجة هوائية عادية أنها ستخرج ذات يوم، ولا شك، من ذلك الكوخ لتجد نفسها منبوذة مذمومة مدحوقة متسخة، عكس الصقور والنسور المحلية الشامخة الصامدة المعتادة على التحليق، المتناغمة والمنسجمة مع ذاتها.

 

تنغير /المغرب