تعبر قصيدة الشاعر المغربي بين ضفتين، في نقد صريح لهذا الخذلان العربي الذي يتجاوز أنبل القضايا على الأرض، لكن بلغة تلامس أسئلة الوجود ووجوه الخديعة ليظل صوت الشاعر عابرا بين الأمكنة حيث كل شيء مضى وأضحت القيم الكونية الجديدة تتلبس كل شيء إلا صوت الرفض.

مرتجلة الشيخ

كـتـيل جمال

 

ينام 1

ينام أم يستحم في مدى يدها

ليجلي الميسم وتنظر إليه من شرفة الكوليزيوم

الأنواء

هو الذي بايعته على الأريكة الأرجوانية

أعمدة الهيكل ودثره ستاره

هو الذي ألفته الزوايا المشرئبة بضوء الفنار

وحنكه وقاره.

 

رجاء...

 اسكتي أيتها اللحظة

الآبقة من كتاب الأبجدية الأممي

فقد شرد بي الشفق على المرفأ

ولا زورق ليعبر بي إلى حنيني

أو موجة

ولا قوة تردع الخوف الطالع من أنيني

أو أفق.

 

كل الندم الذي برعم في الساحة

يشير إلى القادمين من الهرم

لعل النسمة تتقد في خطوتهم

لعل النيل يغسل جرأتهم

وكل ما على اليد المعروقة

من جروح

فيا أيها الزمن الهارب من حكايته

دع بأس الندى يحل اللغز

لتعبر من المنايا الأماني

ودع اللذين أخذوا حصتهم

من شجرة اللوز

يذهبوا.

 

سيظل الباب مواربا

ولن يهزم النوم الحراس

في نوبتهم

ولن ينخلع أي أساس من ثنيته

أو صلاة.

 

ينام 2

ينام أم يستعذب قسوتها

حين تداعب زهرة حقله

وتكسر قشور حفلتها المخملية

قادمة من سرادق الكتابة المهيب

والريح تحملها إلى حيث تشاء

وقائمة من سرداب الكآبة المهيب

والجروح بينها وبينه طريق

تنحني فيه باقات الستار

والورقات.

 

سماؤها تجللت

وها نجمتها تشير إلينا

وها غيمة تنتمي لنبوءة بدوية

تحترف الشوق

تحرق على ناصية البداية

فتيلة نمت في الطوق

وتأخذ نخلة الشرق

بعيدا عن ألواحها

وعن الطفل الراقد في المهد

وتشرح في المرحلة التي تجنست

بنود العهد

كأنه مضى

كأنه انقضى.

 

وجه يهرب من هالته

كأنه لا يعرفها

وينخرط في مدى الفاجعة

ويوزع الصمت القاتل

على النجوم المهاجرة

لترتعد من البرد

وتذبل كالورق الزائف

أسراب سناها.

 

كأنه لم يكتمل في أمسية الجليل

ولم تداعب هدب ذاكرته على الجبل

الحشود الآمرة

حين أتى من حراء الرد

هو الذي يحفر في السحر

مدى حكايته

ويشرد شدو الموج

لتحمله بعيدا عن الأنواء

وحبق التلال السبع

ريح المرفأ.

 

سيأتي من نعرفه

قبل أن تنحني الباقات

وتتخلى العصافير عن أجنحتها

وقبل أن تنثني أغلال السر

في منحناها العميق.

الندى

 

خرج القنوط من الصلاة

وها برعم الندى في جنباتها

فاشرئبي يا قناة

ليعبر الذين استفاقوا

إلى ما شاؤوا.

 

نجم تدلى من دعوى الأثير

نجم يسير متقدما

وكل الشرق يحمل صداه من الجنوب

وكل الشمال يترقبه على الأطلسي

فانشري ضوء الفنار على الطريق

أيتها الدكنة المتوارية خلف الخباء

ليراه بناة أيلول

حين يجنحوا

             وحين يجرحهم بريد "طيبة"

وانشري في الفناء

ما نسأه الحلول حين توارى

خلف قسوته

واكسري قرصه وأديري كأسه.

 

يستتر من عجب الآية

ويسبح فيها

ويدبج أمام الدهاء

صك براءتها

هو الذي يدعوه الأجل

من دير التلال السبع

ويعرض نسمتها

هو الذي يحمل الجبل سره

والسرايا

إلى الطريق الوعر

ليقتسمه الذي عادوا من هناك

ويجللهم البهاء.

 

ينكر في المفترق همس الغاية

ويصدح بها

لينصرف إلى مداه كل الكتاب

وتتواصل أصداء الفصول

فاحضنوا هذه النسمة

الضائعة في الأصول

أيها الأمراء

واخلعوا على اللحظة التي تحللت

كسوتها

وما تشاؤوا.

لا

 

بعد لا

اجتمعت أصداء النداء عند بابها

وكل عبق المقام الصاعد مع الأثير

يشهد

وكل النجوم الآبقة من عمقها المسهد

     " لما رأت الحارس الأخرق

      يثقب جانبه بالرمح

      أهرقت ماء المشهد"

فيا أيها الطالعون من الغداة

إلى الحافة التي تمت في اللوح

خذوا بيدها ما أردتم

ولا تكتموا السر

واحذفوا الضفيرة المضمخة بالنذر

من هناك.