تحت هذا العنوان البسيط الملغز بعث (للكلمة) الشاعر العراقي الكبير قصيدتين، يدير فيهما حوارا تناصيا مدهشا مع نصين قديمين بينما يتناول عبرهما في الوقت نفسه إحباط معاصر، ثم يقيم بينهما معا علاقة مع قصيدة سابقة له كي يكتسب الجدل التناصي أبعاده المتراكبة.

على البسيط

سعدي يوسف

مَهْووسٌ
أظلُّ مندفعاً دوما
أدوسُ على مُعَجِّلِ السرعةِ القصوى
وأتركهُ على أديمِ الحديدِ الجهْمِ ينطبقُ
فوقي سحابةُ مِدرارٍ تُظَلِّلُني
وفي المدى الخافقانِ: الريحُ والورَقُ.
ما أضيقَ العيشَ!
لو كان المدى بِيَدي
لكنتُ سِرتُ إلى ما ليسَ يُختَرَقُ. 

لندن 23/ 6/ 2009 

النَّذيرُ
تظلُّ تحفرُ في الساعاتِ، رُبّتَما أصبْتَ في غفلةٍ منهنَّ واحدةً
أو اثنتَينِ، ومَن يدري... لعلّكَ في ما لا تريدُ ترى ما المعدِنُ الذهبُ
أنت المُُكَلَّفُ بالبلوى: ترى شَبَهاً في ما يُرى ذهباً. أنتَ
الأمينُ على الوردِ، الأمينُ على ما يجعلُ الكونَ ورداً. حيثما اتّجهتْ
خُطاكَ صرتَ طريقاً.حِرْفةٌ عجَبٌ. والآنَ في صُبحِكَ العالي
ألستَ ترى أنّ الضحى آفلٌ كالليلِ؟ أنّ سياجاً في الحديقةِ لا يكفي
ليدفعَ عنكَ النَّسْرَ. أنتَ، وإنْ أقمتَ في الوهْدِ صارَ الوهدُ
رابيةً وقلعةً.
لا تَهِنْ
واقْرَعْ مع الفجرِ صنجاً أنتَ تَذْخَرُهُ
كي توقظَ النُّسْغَ في ما ماؤهُ خشَبُ ... 

لندن 23/ 6/ 2009 

طُهْرٌ
لـ "كستناءِ الحصانِ" اشتقتُ في سفري
لا نخلةُ اللهِ شاقتْني ولا الأثَلُ
ولا ذوائبُ لبلابٍ
ولا سمكٌ يُلاعبُ الماءَ...
قالوا: ثَمَّ فاختةٌ تأوي إليكَ مساءً!
قلتُ: مُنتبَذي مأوى العذارى ذواتِ الريشِ،
لا امرأةٌ قد آنسَتْني
ولا ليلى تُرَطِّبُ لي مَتْنَ الفِراشِ
فلا نُعْمى
ولا قُبَلُ...
كأنّ قُطْنَ فراشي حين ألمُسُهُ
سجّادةٌ بالبياضِ المحضِ تحتفلُ. 

لندن 16/ 5/ 2005