تتفجر الثورة شعرا وصورا وحركة في قصيدة الشاعر المصري، وهو يرسم حركتها الداخلية، وينطلق من هتافها الرئيسي «الشعب يريد إسقاط النظام» ليحيل تجلياتها المختلفة صورا مفعمة بالروح والدلالات المتعددة، مقتنصا ليس آليات حركتها فحسب، وإنما أيضا آليات حركة كل من ينقضون عليها بمساعيهم البائسة.

الشعبُ يُريدْ

محمد سليمان

 

الشعبُ يريدْ

والشعبُ إلى الساحات كبحرٍ

يخطو ..

ليزيحَ ويمحو

ويباغِت بملايين الأيدى

من فى الليل أهانوا

أو نهبوا .. أو خانوا

والشعبُ بلغة الشعبِ يغنى

فى الساحاتِ ويبكى

ويضيفُ إلى قائمة النور شهيداً

بعد شهيدْ

هل تُولد فى الأفواه الثورةُ

كالكلماتِ وتكبرُ

حين تصادف فى الساحاتِ مرايا

تحرسها ..

وتكررُها ؟

أم تولد فى الظلمات بعيداً

كالبركانِ وتحبو

باحثة عن نافذة

تتلون فيها

أو حنجرةٍ

تتدحرج منها ؟

للثورةِ من يشعلُها

ولها ناسٌ كالأشجار يميلون عليها

ويُصلونَ ..

ويشتعلون لكى يهبوها لوناً

ولساناً .. أو وجها

سأقول لصقر فى الأعماق يطيرُ ..

وأترك موج اللحم يسافر بى

لأعود صبياً

وأغنى عاش «عاش الجيل الصاعدُ»

أو أتجول فى الميدان لكى أتحسسَ

كعكتهُ الحجرية ، أو أتذكر ناياً

وأناشيدَ علتْ كطيور ٍ

ثم توارتْ فى ذاكرة المقهى

 

للثورة أيضاً من يثبون عليها

حين تصير قطاراً

أو نهراً .. أو ريحاً

أو مفتاحاً يُـدنى حين يدور ويُـقصى

سأقول لمن فى الخلف يَعُدّ ويُحصى

ويحط الأسودَ فوق الأبيض ِ

والبُنىّ على اللبنىّ ويزهو

بغنائمَ سوف يجود الموجُ بها

هل تتعممُ بالكِبريتِ وتسعى

فى الساحات كعود ثقابٍ ؟

لتبعثر لهباً

وتحاصر من خدعوك ومن حَبَسوك

ومن حَسِبوك سراباً ؟

أم ستلم دَماً

وترصُ شموعاً

وتباهى مثل أبٍ ببلادٍ قفزتْ

من قفص الشيخوخةِ وبأبناءٍ

عصفوا بالفرعون ِ

وحراس الفرعون ِ

وبالأمراء وحُراس الأمراءِ

وبالأجراء انحدروا فوق جِمال ٍ

ليصُبوا الرمل علينا

ويُزيحوا صوت المطر ِ

وهمسَ الريح ِ

وبوح دفوف الحصّادينَ

وإخناتون ومينا

الشعبُ يريدْ

وإذا الشعبُ أراد تدافع موجُ اللحم ِ

إلى الساحات ليجرفَ جبلاً

ويزلزلَ غولاً

ويلمّ بلاداً سُرقتْ ذات بعيدٍ

من أعيننا

هل زرت ميادين التحرير

الشعب هناك يُلوّح بملايين الأيدى

ويعيدُ إلى الأفواه نـشيد بلادى

والشعبُ هناك يُحاور نوراً

ويُحالف ريحاً

ويُكررُ صوتك فى الميدان ويُمْلى

والشعبُ هناك يـُصَـلىّ

ويُباهى بالشهداءِ ويرسمُ

فى الساحاتِ

ملامحَ مصر الأخرى.