هذا الطائر مفرد بصيغة الجمع، تعب من فظاعات هذا العالم وقيم الاستبداد والطغيان يحلم بحريته في قصيدة شاعر. وهذا شاعر تعب هو الآخر من الصراخ، لذلك يعبران معا الأفق صوب أقرب طريق كي يصدحا معا بقصيدة، أشبه بالتي يقدمها هنا الشاعر العراقي.

حكاية الميمك الحزين

جواد كاظم غلوم

طائرُ الميمكِ الجبليّ

زارني في الصباحْ

نقرَ الباب نقرا خفيضاً

كمن يستحي في الدخولْ

يستحي أن يقول َالكلام المباحْ

فاستراحَ ثوانيْ

وأنشدَني مقطعا من اللحنِ

ما هزَّني

لم يرجَّ كياني

 سكبَ الصوتَ في مسمعي ناشزاً

وقال بصوتٍ كسير :

الزعيقُ يحاصرني أينما رحتُ ياسيدي

النهيقُ يجلجلُ في أذني كالطبول

هائجا مائجا مثل وقْعِ الخيول

أنت يا أيّها الشاعرُ المُكِبُّ على الكلماتْ

تعفّرَ صوتي

وبُحَّ لساني

سئمتُ الحياة

أرى الجنجويدَ تصولُ بحقلي

تعيثُ فسادا بدارة أهلي

دُلني عن مكانٍ بعيدٍ أمينْ

شرَّدتْني الأماكنُ

بنيانُها كالقبور

وأفنانُنا كالأفاعي تَصير

لاأرى فسحةً كي أبثَّ شجوني

فأشجارُنا حملتْ حنظلا

حَسَكا شائكاً

ربّما يسعفُ الشعرُ حنجرتي

إنّما الشعرُ والشدو خِلاّننا التوأمانْ

فأنا متْعَبٌ من الشدوِ

في وطَنٍ لايحبُّ الغناءْ

يمجُّ التلاحينَ ، يمقتُها

دُلني أيّها الجدُُّ

نحنُ أحفادُك الطيّعون

يطاردُني كاسرٌ أهوجٌ

أينما طفتُ ، يشتمُني

يحيلُ الرياضَ هشيما

تصيرُ الورودُ حصىً

والينابيعُ نافورةً من دماءْ

*************

بين حينٍ وحينْ

أرى غبْرةً في السماءْ

أرى كدَراً في مرايا الغناءْ

أعودُ لعشيَ كي أستريحْ

مرّةً في غروبٍ كئيبْ

كانت الزّغْبُ تبكي

سمعتُ فحيحاً

يحطُّ الرحالَ بقربي

تمَلّكني الخوفُ

وارتعدَ القلْبُ رعْبا

تصاعدَ فيَّ النحيبُ

رأيتُ الأفاعيَ تأكل نسلي

تعيثُ ببيتي الصغيرِ خرابا

رياضيَ أضحتْ رمالا يبابا

سمائي علاها السخامْ

وجِلْدي حواه الجذامْ

وصوتي غدا لوثة السامعين

*******      *******

أشرْتُ إليه....تعال صغيري

أترضى جواري ؟

أعلمُك الهزْج والبوحَ في الظلمات

نصيرُ معاً ناعقينِ على الطرقات

نؤمُّ القبور

ونتلو التسابيحَ والصلوات

نرتِّلُ أدعية العهرِ والفسق للميتين

نرتدي عِمَّةَ الزيف للنائحين

وجلبابُنا من مخيطِ الشياطينِ والمارقين

هكذا سنغدو معا سيِّدين

من دعاة الصلاح

نجيدُ البكا   والنواح

 

jawadghalom@yahoo.com