تقدم "الكلمة" في هذا العدد ديوانا شعريا من المغرب، لشاعر طالما تولد لديه إحساس بالغبن والانكفاء على الذات غير أنه ظل يقاوم بالكتابة فعل النسيان. من سبعينيات القرن الماضي الى اليوم، وهذا الديوان يصارع قدره كي يعلن الحضور .. حضور تجربة شعرية قاومت التكلس، وهي تمتح من الصحراء ومن التشبث بالكتابة أمل المستقبل.

أرمم ذاكــرتـي (ديوان شعر)

محمد شاكر

تمـشي بنبـاهـة القـلـب
تمشي أماما ، بنباهة قلبك لا تنطلي عليك أحابيلُ السُّبل .

لا وقت للعيْن الغميسة في الغَواية ....

روحُك  أثرى منَ الكلام يُـقبر الفـُرادة في بياضِ الورق.

روحك، ما يرقى إلى شجر الخليقة، مُترعا

بنشوة ِ الأعماق.

هيِّئْ جناحَ حرْف لا تثقلهُ أوزارُ الحَياة ...

إلى فسيح السماءِ.

فجِّرْ دماٌ، يَمخُرهُ نبضٌُ عالٍ

إلى أفئدة تهفو لدفءِ أحلام ٍ

تحط بنا على بساطِ عمرٍ

سادرٍ في الأمان ِ.

تَهْذي تماماٌ ، كما عَهِدتكَ ، في خِضَّم أوْجاعٍ زرقاءَ

مُبللا بالحزنِ،

لا يُجدي زيدٌ ، تجاسَر في وجْه الأنواءِ ،

وخرَّ جفاءًَ

ليستويَ العَراءُ .

تـُشهِر ما ينفعُ الرّوحَ ....

ويمكثُ في سُويْداءِ الأيـَّام ِ ،

وشما، فاقع اللون، َيسرُّ الذاكرينَ.

وشما يفضي إلى سيرة امرأة

تسند رأسكَ بالأثداء ِ

تغطـّي خوفك

بما فاض من تجاعيد الصَّدر

وبحَّة الصوت ِ

حدَّ الإغراقِ في ُطمأنينة الليل ِ

وطفولة الأهواء ِ.

 

 

أضمِّد ما تَقاعَسَ مِـنْ أمَــا ن ٍ
وْيلٌ لمن خرابُه في الدّاخل.....

عبارة قرأتها ، أضاءتْ خرابي ، فكانتِ القصيدةُ .

إلى مصطفى ، ذات خراب عابر .     

الإهداء :

 

أسْعىٰ إلى قلبي الوحيد، خافِقا، حَدَّ الشروق بحُبّ الناس، ورذاذِ أمان ٍ،

يَرُشُّ تـُربة الوجْدان .

قد تـُدحْرجُني أحجارُ اللـّـسان إلى صَمْت قاع ٍ، يخْدش َصحْوي ، بأصْداء ٍ

ترومُ نسياني .

لكني أبْــرَأ ُ من خُدوشي ، أسوِّي  َطراوتي ، بمَنكِب ِ شوْق ٍ،

لأراني في الرُّكن القصيِّ  من غُرفِ الذكرياتِ،

خاليا من وَرَم الهامش، يَنفشُ أوهامي، حتى تفيضَ عن قدَح الكلام ِ.

أمشي في الذي يرْقى بي إلى صُورة لي ، بَـــدْئِــــية ً ....

مَــــنـْـفِــيـّة ،

في الثلث الخالي من أحوالي،

تتعاورُني صُوَرٌ لا تشبهني ، أكاد أزهو بها ، لولا أن يتداركَني صحْوي،

أتحرَّرمن أشباهي ، وأرومُ ما سَوّتـْهُ أحلامي ، على هـَـــيـْـأة النشيد ،

طافحا بي في كل آن ٍ وحين ِ.

أرسمُ عنواني في الجهات الأخرى من خلوات الرُّوح ،

بزقزقة أليفـــــــة،

وحفيف ِ ريـــــح ،

هي بَوْصلتي وصَهْوتي، بـِصَهيل ِأيـَّام خَوال ٍ، ووقـْع سَنابك أهْواء ٍ،

لا تكِلُّ عن مُقارعَة الكلام ....

أعْدو ، كما لوأنيِّ ، أسابقُ بَرْقَ أوْهامي ،

وأكبو كما لو أن سبيلَ الرُّوح مُنقبضُ الأبعاد ِ لا يُفضي إليَّ،

أويبسط ُ ما ضاقَ من سَفري ، وترْحالي .

يَحدث ُهذا حين يرتدُّ إليَّ خراب ُالخارج ؛

أدورُ إلى داخلي إذ تعْتريه رَجّـة ُ انْهيار،

أتدحْرجُ بين إحْساسٍ مَغمور برَدْم الأيـَّـام ِ

وإرْهاصٍ مَكسور على بابِ الإفصاح ِ

ودَارِسٍ من القوْل يَـنوءُ بأحْجار الصَّمْتِ،

وسَحابٍ من غُـبار التيّـه ِ

يَحجُب عنّي صِلات ِالحُــبِّ

وخفْـق قلب ٍ.....

كمْ أفضى بي إلى ُسويْعاتِ صَـفـــاء .

يا خراب الخارج ....

لنْ أصير وحيدا بهيكل عظمي ، تعْبرُه ريحُ الجنوب ، إلى وراء ٍ، يُفزعُ طيرَ الغِناء ِ...؟

يا خرابَ الدّاخل ِ ، لا أضِلُّ عن إرْهاص ٍ ، أضاءَ شُرفة َأعماقي ِ

وأمَّنَ اسْتغْراقي، في رَحم الحالات ِ.

ما زلتُ أمشي به على هَوىٰ المُريدِ

أضمِّدُ ما تقاعسَ من أمان ٍ، على سَرير العُمر ِ، لعلي أرمِّم ألواني

بهجة ً للناظرين،

لعلِّي أأمِّمُ بعْضاً من نسياني ، في سَديــم ِ المُقبل ِ،

على شكل أحْلام بـــرِّيـَّــة ٍ

تتصادىٰ ، وشدْوَ أيـــــَّامي.

ألملم ريشا ًطريًّا، وِسرْبَ غِناءٍ، لذكْرىٰ الغاب ِ

وخُضرة القلب ِ.

أدور إلى داخلي، كيْ لا يجرفني عَصفُ الكلام ِ

في غير ما موْسم للإقلاع ....

لعلي أنفضُ مَحْواً عن شرفاتٍ ، تضجُّ بالصَّحْو

وغبطة الأولاد ِ

 

 

أرَمِّــمُ ذاكِـرتي
أرمِّم ذاكرتي

في الهزيع الأخير من النسيان،

لأمشيَ سِيَراً

تراوغ بطشَ الدمار:

هُنا فرحة ٌطمَرتـْها قذيفة ُ حقد ٍ

هنا وتر ٌ..

مقطوع الشريان

ينزف لحْنا ، وحشرجات ٍ

تفيض عن سِرّ المكان

وبعض موسيقى ارتطمت ْ

بصمت يعبرُ، وَحشة َ المجال ِ

هنا بعضي ، يكاد يَجْهلني

ويُوصد في وجْه الشوق

بابَ النسيان.

 

أرمِّم ذاكرتي ، لعلي آوي إلى جـِدْع طفولة

أو لثغة عُمر

غزير الحَنانْ.

لعلي أنفضُ رمْلَ النّسيان ِ

عن وطن ٍ

طمَرتـْهُ رياحُ الخذلان ِ.

كنتُ هناك في الجهة القصوى من الحُبِّ

فارهَ الحُلم ِ،

مَوْصولَ المُلك ِ،

لا يخلو من شقشقة الطير ، فِناءُ الرّوح ِ..

وحْدي، أتجدّدُ  في صِلاتٍ  تمحو

عراءَ الوقت ،

وتـُرْسي  زهْـوَ عُروش ٍ من قصبٍ

وحَفيفَ مراوحَ مِن ورق ٍ

تدور في اتجاهات الريح ،

والأهواءِ.....

إلى بياض ٍ

يَعْتِـق الكتابة َوالحبرَ

من أسْر اللـَّــــغـْـو،

يَنسف شِرذمة الأصفار،

تخالط صفوَ الطفل.

أرمِّم ذاكرتي ،

إلى أثر في الوجدان ِ،

بَهـِي ّ كنجْمة البحر،

ترصِّع قـُـماشة الليل

بضوْءٍ

ووضوح نداءْ ،

وأهجسُ ..

ماذا لو كَفَّ العالمُ عن خرابِ الرّوح

واطمأنَّ إلى كنف الحُبِّ

وجاءتْ إليَّ ذاكرتي تسْعى

بحفيف أحلام

وشدْو سلام .

قشيبة ً، وخفيفة من ِوزرآلامي،

بيضاءَ ، إلا من شفيفِ لوْن ٍ

ورفيفِ جفن ٍ

بادرني على عتبات العُمر

برذاذ سِحْر

وفوْح أمان ٍ..؟

ماذا لو انفرجتْ أساريرُ وقتٍ

ليس في الحُسْبان ،

عن لحظة راعشة

تسكن أغوارَ الوجْدان..؟

عارية، إلاّ من تكوير

يُواربُ ألفَ عُنوان

وَصمْتٍ يَضيع في الأقاصي

حتى لكأن كُلّ مَزار دان ٍ،

والأرض قبْض يدي،

أركبُ صَهوة غيمة رعناء.

أسوق قطيعَ نجْم.

أدحرج القمرَ الشّهيّ

في موْج السّماء،

حتى أتبلل بالألوان؟

ماذا لو نفختُ في جُـبّة النسيان

فاسْـتويتُ..

فارهَ الطلعةِ ، في يوْم ،

يجمع دارسَ العمر

وما تكسّر من شوْق

على مَدارج البوْح..؟

 

أرمِّم ذاكرتي ، بما تبقىّ

من صَحْوة الروح ِ

ونزْف الجروح ِ

وقشِّ الكلام،

لعل بيتا يحفظ سيرة الطين ِ

ونافذة مشرعة

على وطن ٍ

يغـــــّط في أمْن مَكين ِ.

 

كـــأنّي لا أحـَــــــــــدْ
كأني لا أحدْ،

سادِرا، في غيْمة العُمر

أسْـتمْطرُ الغيبَ

واحة َ عُشب ٍ

وأبعادَ فرْحة بمَاء كيْنونة  لا تـُحَدُّ.

أ ُلْـبـِسُ الرّوح َعناوينَ أرْض ٍ

تنأى،

في ذاكرة السَّعْي

مَراتعَ وهْم ٍ

يمحوها سؤالُ الأبدْ.

 

كأني ، لا يُجَلـِّـيني كلامي

إذ أشْرقُ في لـُغة ٍ

تعلي بَهاءَ الرّوح ،

في السِّر

والعلن ِ.

لا يُسوِّيني  بطين ِ الأحْلام ِ

مُضغة َ سِحْر، كما هفوتُ ،

منيعاً ، في قلعة التأويل ِ ،

حصيناِ،

مِن كل سهْو ، أو نِسْيان.

أتشرذمُ أكثر

في الكأس ِ

حتى يَفرغ منّي تيهُ العُمر ِ.

أتبرَّم أكثر

في اليأس ِ

حتى تؤويني نخلة ُ الصبر ِ

أتبرعمُ أكثر

في الجِرس ِ،

لعلي أذيبُ جليد العصر ِ.

وأمشي إلى قافية ٍ ،

وخافية ،

ونبضٍ، لا تعقله عُزلة ُ المَكان ِ ،

إلا محض أمان ٍ

لعابرٍ يزولْ.

أتهنْـدَمُ في البوْح ،ِ

في حَضرة الشعورِ،

في الرَّعشة القـُصوى،

في الدم المكسورِ

على رُخامة الوقت ِ؛

وأمْثــُــلُ بين يديْ حالتي

خاشعا، حدَّ الورع ْ.

 

وأفرحُ....بالذي يهمس لي:

قد بلغتَ أطيافَ الولد ْ.

كأني عثرتُ بي

واضحا مثل ورد الصباح،

نديًّا،

يكرعني نحلُ الزمان،

يقطرني عسلا للأبدية ْ.

ولا أحد ْ....

خارجَ وكــْـــر الكلام ِ،

لا سكنَ لي

في صَمْت اللسان ِ

وعُجمة الأثرْ.

 

كأني ، إذ ْ أعي عَراءَ الحلم ِ

أسْري في الكلام ِ

إلى ضَلالة أخرى،

لعليَ أتعدَّد ْ.

 

كأني لا أحدْ

أتشرذمُ أكثر في المَرايا

إذ يخالط نبضَ حرفي

رفيفُ الخطى

وما تأبط قلبي

من شجون البلد .

 

يذكرني النسيان
يُـذكـّرني النسيانُ أن حَبل العُمر، مُـنفرط الأويقاتِ.

من غير جرس ، ولا كيـــانِ ِ.

وذاكرةُ الشيخ لا تقـْوىِ  على لــَــمِّ الشرخ ،في عـقدٍ  هـُو السِّيرة ُالأولى

في التجـلي..

وغــيْـم البياضاتِ .

كما لو أني...

ألـوِّنُ عصفورا، إلى خـرَس الغناء، ونـُثار ريش ، في مَهَبِّ  الأهْـواءِ،

وأنسى شجرا   خلف النبْض،  يَــنـْضو أخضرَ،

ويأتيني هيـْـــكلا ،

مُعرِّشا في سَماء الأحزانِ ، إلى جـَـدْب المواسم يمشي ،

بلهفة الفصول، وثقل الجفاف.

 

يُـذكـّرني النسيانُ ، أني صِرتُ سهـْـوا ، يمْحو بعضيَ  بعضي

إلى دَرَكٍ  تـَعـزُّ فيه الإشارات ُ ، والطريقُ  مَحْـضُ اشتهاء قديم ٍ ،

أتلمَّسُ في غِـيــــابه أشواقي.

كأن لا خطوَ ، لأرجمَ المسافة ، وأطويَ شُرودَ هذي الحياة ِ .

كأن لا وصْل لأقيس اتجــــاهً ، وأعَـلـِّــلَ النفس َبالأسْـــفار ِ

إلى ميـــقاتِ دم ٍ

وتلويحة أيام ٍ

تسكنُ حِـبـْــرَ أوْراقي .

 

يُـذكـّرني النسيانُ أن النبضَ يغوصُ في غـَيابات القـلـب ، ويُخطئ تصويبَة الحُبّ ِ،

إلى عناق ٍِ فارهِ الشوْق ِ...

لا أدري كم ضَمـَّني ، إلى جَناح أمْــن ٍ ، ورعشة دفء ِ

صارتْ كـَــنفي ، وعـُنواني...؟

 

يُذكـّرني النسيان ُ، وأغفـــلُ عن نِسياني ، بين مَـدّ  وجزْر ، يهرقُ ألواني ، على رمْــْل الغـياب و لاساحل َ لي في مُقبـل البحار ِ ،

لأفرد موجي ، على زرقة الوهم ، وأركب َصهْوة العـُباب ، إلى ماءٍ في قرار ٍمَكين ِ.

لا شيء ، إلا ما يَـعـبُـر في حاضر النسيان ، إلى شتات ِ ماض يتحَلـَّلُ في الأبْهاء :

تلويحة ُريح ، على ظاهـِــر الأحْلام،

احتمالُ بُـشرى ....في وهَن الأيام ، اشتعالُ بياض ، في اسْتحالة المعْنى،

انحِسارُ رُؤيا في الأفق العريض ِ

وارتباكُ روح ٍ، علي مَدارج الإمْكان.

إذ أفرك جفني ، لأهش ذبابَ اليأس ِ الرابض في الألوان...

أنـَـــكِِّــــر بهْجة المكان.

 

يُذكـّرني النسيان  بنسياني، إذ ْ أقرع ُبابَ ذاكرتي، مُستعطفا أصْداءَ عُمرٍ،

غائر في الزمان.

لكني الآنَ...  إلى  حين ِ ادِّكار ٍ، يُجَــــلـِّيـهِ الشّعــــرُ خـَـلقا سَويــّـًا، موْصولا ً

بـِـسدْرة الأحوال ِ .

أمشي بصحْـوة قلبي ،  على أثـَـري ، في اتجاهاتِ الحفيف ِ، وومْض ٍ خفيف ٍِ، يُضِيءُ سماءَ العُـمر...

أحفرُ نِسْياني على ورق الوقـت ِالصَّــقيــل ِ ،

وصايا طفــْـل ٍ شريــــد ٍ

توزَّعَـته مَدائـنُ الأشواق ِ.

أعبئ ُ شاردَ الأحْلام ، في سلـَّة ِ الكلام ، و أنعـِشُ الكلامَ برائحة الأحلام  ِ

لعلـّي أ ُطمْـئِـن ُ شِعري ، بالـقـليــــل ِ من فـُتات النبض ِ ، يَجري  نغـَــما في أوردة الحرف

أؤسِّسُ تذكاري القريبَ ، والبعيدَ.

أقـــيمُ جـِــسْـرَ الجميل ِ إلى صلات ٍ، في أبْهى تاريخ ، وفي أبهائي .

 

 

كم رعشة خضراء لفمي
لِهبَّة الرِّيح يَرعش الشجرُ

كأني به يُشرع أغصانه

لنجدة الحياة.

ويضحك بالخضرة ، مُعلنا بهجةَ الأغوار.

هو سِرُّ وقوفه ، طويلا ،

على ساق ِ فرحة،

إذ يجلس العصرُ على كرسي دَوّار

ينفث دخانه ُ

ووابلَ الآهات ِ .

وحين تفْـتَـُّر بالأحلام فاكهة ٌ

يقترفُ القطفَ ،

نكاية ً ، بخفة الرُّوح ِ

وغبطة الثمار ِ.

 

لِعزلة الأرض ، يُكابر الشجرُ ،

مُدجَّجًا بالخضرة ِ

والظل ِ

وشقشقة الأطيار ِ،

في وجْه غيم ٍ  ثخين ٍ

يزاحم  صَفوَ أيَّام ٍ

تنوء بالرَّبْو ِ

وانْحباسِ الحَنان ِ .

 

بأحْلامه الخُضْر ، يُسِرّ لي

لعلي....

أحفظ اللونَ في روح الكلمات ِ،

أبذره  بعيدا

في بساتين الآتي،

فيْءَ حُبٍّ

يتناسل من بعدي

أغصانَ ورد ٍ

تحنو على تربة الأعماق ِ.

كم وقوف ٍ ، يكفي ، في صفوف ِ..

اعتراش بَهي ّّ

وهشاشةِ غصن،  تـُرعِشه الرِّيحُ

ذات شك ٍ ، ولا يقين ْ،

في وجه دار ، ناطحة ٍ

وجائحة ٍ

ومَنْسِم وحش ٍمعدني

يدوسُ فرْحة َ طفل ٍ شغوف ٍ

بغاب الحنين ِ

وشيخ ، تلفتَ ، حتى ما استبان َ..

طلائعَ عمر أخضرَ

منذور ٍ

لدارس السنين ِ.

كم حرفاً، يلزمني، نديـًّـــا

ورَحْب الحشاشة ِ

كي أرْأب ما تكسَّر من لوْن الحياة ِ

على هذه الأرض ِ

فاقعَ الحزن

مُستوحشَ الآفاق ِ.

وألأم اللوحة ، التي.....

في ذاكرة الطفل،  تنبض بالسحر ِ

والرفاقْْ...؟

كم هبة حب ٍ

وهفيف أغصان الروح ِ

وحفيف أحلام ٍفي سماء ِ القلب ِ

كي تـُفـِرد الفراشات ُ، أجنحة ًَ من ضوْء ٍ

إلى رحم الورد ِ

وتؤوب بعطر المساء ِ

إلى خِدْر هنيهة ٍ

سادرة في العتمات ِ..؟

كم حُنجرة ..بتباريح  الشعراء ِ

ليخضرَّ صوتي

في صحارى النداء ِ...؟

 

 

وَحْـــدَها ، عَصافيرُ الشعــر ، تحْرسُ أشجــارها
وحْدها عصافيرُ الشعر ، تحرسُ أشجارها

من نسيان ِالغابةِ،

في انجراف الوقتِ .

وحْدها ، تكرِّسُ الغناء َ

في حَـنجرة القصيد ِ،

حين تُخرَس ُ الأجواقُ ،

إلى أمد ٍ...

لا يضجرُ من صمتي ،

إلى فراديس َ

تَـثـْرَىٰ ، قبل أن يرْتدَّ إليَّ شـوقي

في سَعْيي....

أغزو سُكوتا ،على شفـَــة الحرف ِ

وأقلـعُ عن صمْتي،

إذ ْ لا شيءَ يصْمدُ في وجْهِ الموْتِ

خارج مَجرَّة الأحلام .

أغشاهما معا : قصيدتي

وموتي..

من أجْل الحياة

والفطرة.

أنازلُ صَمْتي

لأ ُعْليَ هوْدجَ الكلام.

أقيم في الأولىٰ

مُتبدلَ الأحْوال َملولا؛

أقِـلّ عَصافيرَ الشِّعر

ِلتعُودَ غِناءَ الأرْض ِ المَريضِ

وأرْبتُ بالحَـنان ، على ريش مَهيض ٍ

غادرهُ الطيران.ُ

كمْ سِرْباً أمتطي ، لأكشط غيمَ السماء..؟

إلى شمْس ِ بَصيرة ،

كمْ إقلاعا ، وهُبوطا

من مَطار رغبة ، لمطار  إحْباط ٍ

لا ينفكُ عنه التردي..

لأسوِّيَ بين الغـِناءَين.. ؟

أقوِّي ُطمأنينة النشيد ِ

حين لا يعلو نبضُ القلب،

على انْـكسار الجَناح..؟

 

وَحْدها عصافيرُ الشعر، تحْرسُ أشجارَها

مِـنْ ليل وَشيك ٍ

ثقيلِ ِ الصَّمْت،

ينيخ بخوْفٍ ، سَميك ٍ

على هدأة  المجالْ.

وينصبُ لي  فِخاخَ الظلال .

لذا أسْهرُ في أرَق ِ الكلام

على غُصن إحْساس ٍ قريبٍ ،

أ ُخفـِّفُ مِن وَحْشة ِالصَّهيل

في أصْقاع ذاكرتي .

أ ُنبـِّـهُ العَصافيرَ إلى سَمَر ٍ

نُـقارعُ فيه كأسَ غِنــاء ٍ

إلى ثـمَالة صُبح ٍ

يتسكعُ بالأطفال ، والأسمال ...

مُشرَّدينّ ،  كريح الجنوب ِ.

 

وَحْدها عصافيرُ الشعر ، تحرسُ أشجارَها؛

ولا خارجَ لي

عنْ كـنـََـف ِالأوْراق

ورعشة ِ الأخضْرِ في الرّوح ِ؛

لا خارجَ لي

عن وكر إصغائي

إلا ما ترسُمه زَقزقة ُ الوْقت ِ

لأوسِّعَ أقفاصي

في اتجاهاتِ القصيد

وأبلغََ الأقاصي.

هل حَقا، هو داخلي ،

كلما جئتُ الشعرَ، من شُرفة الحُلم

بحفيفِ قافِيـــَة

وَرَفـَّة حَرْف جريح ٍ

ينزفُ من غير دِماء ِ...؟

داخلي هُو خارجي ، بمصابيح جُـنون ٍ،

وسماءٍ لا يَحُدّها الشوقُ.

تمتدُ فِيَّ عَميقا ، إلى شجَرٍ ،

يَحْضُنني بالأغصان ِ.

لا خارج َ لي ، خارجي؛

أمشي ُطرقات ، أطويها ، بنبْض القلب ِ

وأفسحُ أعماقي ،

سُـبلا ، يتهادىٰ عليها الحلمُ ....

دليلي في عُجمة الهجْرات ِ.

لا خارجَ  لي....

وإن أدْمنتُ الخروجَ ، في كل طيش ٍ

واعْتدال،

أوْ زلَّ بي  إرْهاصٌ ، على مَرْفإ وَهـْم .

لأني الخارج ُ، الداخل ُ،

في غـَوْر الأيّـام .

أ ُرَبيِّ خارجاً ، يُوَسِّعني

حَدَّ الشُروق بالحَدائق والطيْر ِ .

 

أسْكنُ داخلي ..

لأ ُتاخِم حُرِّيتي

أ ُشْـرعُ بَعْضي على بَعْضي

لِهـَبـَّة بـَـــــرِّية

تشرُدُ عَنْ قبضة الخارج ، الغامض ِ،

لأصحوَ على أثري.

أعودُ إليَّ..

خالصا ، مِن شروخ الضيـْق.

 

 

الطفل ، لما يسهر في الصورة
انظروا،
هذا طفل وارفٌ بما تشتهي الظهيرة
وحكاياتُ الليل ؛
واقفٌ في ضوْء البَراءة،
مُحتكرٌ لوْزَ الطفولة
و بَسْمَتـَنا العتيقة في الأفول؛
كبيرٌ في الطراوة،
حتى لكأنّا نَمَسّ نُثارَ ملامِحنا
في لهَبِ الذّهولْ .
وهْو يسهر في الصورة .
                       ل
الذي يَسْحب النِّسيانَ بِخفة
الفراشاتِ،
يُلقي بنا في دَغل السَّريرة
ثم ينط إلى شغب الساقين.
كم نَرْأبُ مِن كسور
لِنُحيِّيَ طيشا غابرا في الأقدام،
صباحَ درب
يَخرج من عباءة الدخان
بألف فاحشة...
راعشة
وبقايا أحزان.
ط                     
الذي في الصُّورة ِ
مُعترشا ورْدَ الصِّبا.. يَضحك،
لا يَأبهُ من شيخوخة ٍ
على عكازة الوقت ، تَدبُّ،
تقصفُ مَنْ هبط الزِّحامَ، حثيثا
يُقايض بالحِلم شروخه ،

ولا عنوانْ.
حتى لكأني
أغبط التاريخ المُعبّأ دائما
بصحوة الظلال.
أفتحُ درجا ليس لي
ريثما يترجَّل الحُزن
ويخبو السُّعالْ.
ثم أصعد في الأحْوال القصيَّة ِ
إلى سدرة السؤال.
هناك الطفل .. إلا أني
لا أشبهه في صفاء الملكوتِ
ولثغة السكوتِ؛
بالأبيض ، والأسود ،مخفورا
إلا أن فراشات الرؤى
تنقل لونا يكاد يموت ْ.
ف                     
هُو طفلٌ...
لانفلاتِ الرُّوح من أسْرِ الحُطامْ .
ماذا هيَّأتُ مِن ريش
وأجنحةٍ
وسماءٍ
لِغيِر هذا الجُثوِّ عند باب النداء ؟
لا يُفرد لي الأزيزُ بُراقـًا،
والعينُ لا تفتح الأمْداء،
والخطو لا يمشي
على بياض السَّحابْ.
هو محضُ اشتهاء ٍ
في الضفة الأخرى من ظمإ الرحيلْ.
هو ألف طفلٍ
على مدارج الأفق
يُوارب نفس اللـَّثـْغ
وينأى...
في غَـواية الأضْواء.
لوكان لوقتيَ هذا الطفلُ
ُيشاغب ليل نهار
بساحات
وباحاتٍ
مُدجَّجة بوقوفٍ
وخسوفٍ
وسؤالْ.
ل                     
أطوي شريط العمرِ ، على ما تفتق من سِرِّي
دون كساد الأحلام .
كي لا تضبطني شراهةُ الجُمْرك ِ
متلبسا بتهريب الطفل
إلى زمني الغزير بالتجاعيد ،
والأزلامْ.
ربَّما يَنْدلع اللّـوزُ منه ، برائحة
تـشعل العظام.
ربَّما تمشي الطراوة ُ
في خشبِ الكلام.
ربَّما... الأنامُ
يخلعون كهولة َالقلب،
يَكسرون مرايا الأمام...
بجيش من الرغبات ْ.
ربَّما أطوي شريط َ العُمر

على فصل العزلة ِ

ثم أنام.

 

 

كي أستقيل من هَـرمي
ما عُدتُ ألقاكَ  على ناصية الدرب القريب ،

أوْ البعيدْ؛

كأي طفلٍ  فاره الحبور

تشاكسُ شيخا  تداعى على باب الحنين.ْ

ما عُدتُ أحسُّ رفيفَ

الشَّغبِ الجميل ِ

أقربَ إليَّ من حبل الوريدْ؛

إذ يُوسْوس لي وافدُ الشعور،

يَتلقىَّ مَعي

قلبُك النابضُ ، بالحُلم والعنفوان،

وصايا الحُبِّ،

ننفخ في الحَرفِ

فائضَ الأماني

وضوْءاً يمشي به في خِضمِّ المعاني.

غيَّبتكَ عني سَحائبُ العمر

حتى لا تَعْلم حُبّاً

بَعد حُبِّ ،

طاف بنا ، في طفولة الأحلام.

أوْ أمسَّ طراوة ً

تُـنعش أحوالي،

في خريف الحِسِّ

وزحفِ الظلال.

ما عدتُ أفرحُ بعدك  بما أكَوِّرُ من نَشيدٍ

بارد الأسْرار؛

وأرفعُ في الصَّدى

عقيرة ً أخرى

تفشي وهنَ الأشعار.

أنت الآن ، سوايَ

منزوعَ الطفولة،

أعزلَ من طراوة الخطو

يهزمُني البياضُ

بلا استعارة

على مشارف الحب إليكَ،

تغزوني التجاعيدُ

ولا تؤازرني ذكرياتُ القلب

كيْ أستقيل من هرمي

يوما أو بعض يوم.

أربتُ على فرْوِ حُرِّيتي

إذ تموءُ  في أقصى العتماتْ .

أفتح نافذة لها

على زرقة العمر،

وأضرم ما تبقى من جذوة الشعر

في حَطب الكلمات.

 

عراء المعـنـى .
نفْسُ سُؤالك،

يا الولدُ المُسجى على نقالة الحياة

إلى أن يترجّـلَ النبضُ؛

نفسُ ضَلالكَ

يدعوكَ  أن تنفخ لـَــــْونا ، أو رعشة ً

في سُكون الأحوال ِ

إلى أن يمسحَ الليلُ كلّ إغراء ٍ

بقيلولة الخيال ِ .

نفسُ أوهامكَ

تمشي في جنازة طــويلة الأمد...

وأنت تراها

بين الصَّحْوِ والغياب ، تعرج حينا،

تنزعُ شوك انتباه ٍ،

فيميلُ بك الموكـبُ

في ارْتجاج الحياة.

نفسُ ذهولكَ،

كما لو كنتَ تلامسُ قاعَ الوقتِ

وتطفو

على غرابة المجال ِ .

تضبط النهارَ، مُـلتبسا بصحو

كمْ دلّ عليكَ  في الحُضور

والغيابِ

والزوال ِ .

 

هو ما يشغـَـلُ عزلة َ الروح ،

وأنت تصاحبُ كلّ نهــــــار

في موكب ضوْءٍ

غزير المعنى.

تنازعُ كلّ ليل

ينيخ بــِــــــهمّّ ثقيل على كتفيكَ ،

إمارة َ السكون،

بالتماعة روح ونشيد .ِ

تسامرُ وقتا آخـــرَ

لا يرْحلُ في عَربات الريح

طيفَ سبيلْ.

لا يخِـزُ عقـْــربُ ساعتــِـه

طراوة َالحرفِ النبيلْ .

هو ما يشغل عزلة الروح

كلما داهمك الإحساسُ الدخيل،

خِطتْ بالحلم قميصـــًـا

يدْرأ ُ عـَـنكَ عراءَ المعنى

في الليل الطويـــــل.

 

 

لا أسوِّي غير فــــــراغ ،  يَعـْبُرني.
بـِشفة واحدة ، لا تصفقُ الرُّوحُ،

لا يـَسْـتديرُ القلبُ

إلى نبْضِه الواهـِي خلـْف قـُضْبان الصَّدر.

وإنْ لوَّحتْ نفسي بخـُضرةٍ

تفيضُ عـَن موْسم الجدْب.

أنا هُنا في حـَرَجي الخامس ِ،

لا أسْتطيبُ زهْرَ الأحلام ِ

و لا أفرش عُشبَ حشاشة،

لا تبرحُ عنه الظلالْ.

لا أسَوّي غيرَ فــَراغ ، يَعْبُرني

لأكونَ قشـَّة النـِّـسيان ِ

تـُهدْهدني الجهاتُ

و لا يُمْسك بي التاريخُ ، ذو الأكـْشاح ِ

والكدماتْ.

بـِشفة واحدة، ويدٍ خـَفيـَّة، تهبطُ أصـْقاعَ َ الصَّمت،

وانـْتباه ٍ لا يـَدُلُّ على هـَواهْ ،

أعْبـُرُ ضوْضاءَ العَصْرِ ،

إلى كـَهـْفِ اسْتـِحـْياءٍ،

أكفكفُ ما فاضَ مـِن خـَطـْوي

وما توهـَّمهُ فمي ،

زَهـْوَ لــِــــسان .

 

 

أســَـــــوِّي كَهيـْــــأةِ البـــِـــلاد....
عنْ وطن يكسر غفوةَ أوجاعي ،

حَدِّثْ فراغاتِ الرُّوحْ.

عن سِرْب حَمام ، ينزحُ ، تاركا ريشَهُ ،

مطرا من خوفٍ..

يعمـِّقُ وادي الجروحْ.

عن حجارة المكان ، تموتُ بسكتة الوقت ِ

عن شجر فارع في الأفولِ.

هرقوا أوراقه ُ

في بُرودة الظل.

عن خـَرَسي...

لمَّا ينطقُ حُزني ، في عُكاظ اليأس

لمَّا يُزْهرَُ حـَبْسي

ِمن تجاعيد الشارع المسلولِ ، وأمشي

مُنـَكـِّسًا راياتي

على مشارف الإمكان؛

رافعا غماماتي

ولا مطرا ،

يرش تـُربة أحْوالي

مـُسْتـَجـْدٍ حماماتي التي هامتْ

في غـُضون الـَّنسيان

وما هَدلتْ  بنشيد الأمان.

عن سفري الذي تـَرجـَّلَ

قابَ ليل ، أوْ أدْنَىٰ

من فجر ٍ...

كبتْ على مآثره الخُطىٰ .

حـَدِّثْ مسافاتي الحُبلى

برغبة الإبحار

أ ُسَوَّي ، كَهَيْأة البلاد، شـِراعا ،إلى شهوات العباد

وأرمي ورائي ،

صَهَواتٍ مِنْ زبدْ.

أيُّ العصافير ، تسبق الفجر ،إلى مُروج الجـُرح..

تعزفُ فاتحة التغريد

تـَبْعثنا في دم السُّؤال...

أو على شفرة الحديد...؟

أهبط ، أعمقَ ، في ذِرْوَة الفـُصول

ناشرا جذوري .

أَنْزِفُ أكْثر، كَيْ أشهدَ الغِبْطةَ َ الأ ُولىٰ

وضَوْع َ الزهور.

أكـْسِرُ السَّلاسِلَ من رأسيَ المُثقـل بالصَّـهيل....

حدِّثْ وَحْدتي

في عـَتـْمة العاهات

إذ ْ تشـْتبـِكُ الخُطىٰ بأحْلام تتسّولُ

ونساءٍ يَـمُؤنَ ، على أرصفة العَوَزْ؛

دُسْنَ صورتي المبثوثـة َ

في طين الوقت

كفراش لا يَرِّفُ له جناحٌ مِنْ شَرفْ .

أكسو عَوْرةَ َ الكلام ، تَكـَلّـس في دمي

يا أيها الطفل الذي

يتقمص صُورةَ َ الحـُلم،

يـُشاكِسُ ما تبقــَّى

من عـِناد الهـَرَم .

ما زلتُ المكابدَ والسندبادَ،

أغمسُ أيامي في موْج الألم

وأبْحرُ في  لـُجـّة الحـَرْف

وليس لي في عرض الأماني، أشرعة  ٌ

تغازل الريح  والمراسي.

أهْيَ ساعاتي

إذ أكابر شللَ الوقت ،

لعله يفيــقُ..من رماده ، كما الفـــنـيــقُ

و لا أبرح هذا الخريف  حتى أكاشفَ عشبَ المكان

بداء العصافير؟

حتى أزوِّج الأغرودة  أشجارَ البُكاء ِ..

هلا  قمتَ معي ، نسرقُ قليل الفرح المرصود

في بيت عنكبوتْ؛

وهـْو أوهن البيوتْ.

َلعَـنْـتـُك ، تلبس جبة الدراويش وتمشي خلف نعوشي

راسما فصل عويل.

كل جهات القلب ، حاصرها( التتارُ)

وعتمة الأشياء؛

لم يبقَ طفلٌ مُبحرا في أوردتي، (وهامان ُ)

يجوس رماد الذاكرةْ.

قم ، نُــسَـــوِّ ، للعصافير أجنحةَ الفولاذ

نسأل عن صحوة ، في رحم الأيام

عبرت ْغفوة َالكلام

موسما خامسا ، أشرع سوسنهْ

وما قطفنا بـُرعما.

فالليل يمشي عبر أحراش القلب ..

جاسوسَ مَن أسَرُواْ النهار.

لا شيء ، سوى بصيصِ ِ ضوْء ، حين يجتاحـُني

تتعشقني سـُـبـُل السـِّفا رْ

لا شيء غير ليلٍ يقتاتُ البياض َ،

زادَ مسافةٍ سوداءَ

لا شيء  غيرُ ضوءِ القلب

يَـتـَقـَـرَّى  تفاصيلَ الطرقات ، تنوحُ جهـْرا

تفتحُ دفترَ العورات.

قمْ ، وقلْ هذا العصر في كلمات لم تعهرْ

في بيت المُجون.

قلْ هذا الموتَ الطافح ، طوفانَ دم

تشرَق الروح به ،

ولا تـُستثنىٰ الظنـــون.

يا أيها المشدود إلى خبزه اليومي

يا أيها المنبوذ ُ في شرفات أحلام ٍ، تنأى ٰ

مع الريح ، والطعنات.ْ

يا أنا الذي ، أسْرج حَرْفي في كل حين

وأواربُ بابَ الروح

لـِهبةِ بعـْـــث ٍ

تـُعلي صهوات الحُبِّ...

ولا أستريحْ.

 

 

بـِلـزوجـَة ِ الْـقِـــــيـم ِ الآسـِنـَــــــة...
رجُلٌ على َمشارفِ القـُنوط ْ ،

لا يَدْري بأيِّ سُلطانٍ

يَعْبُر أفقـَهُ المَسْدود؛

وامْرأتان ِ

تُـلجمان غـَيْظا ،

على أ ُهْبةِ الجُموح ْ .

اَلشّرْفة ُ....

إذ ْ تـَداعَتْ ، تحْت مَنْـسِم دَهْرٍ

يَكْسِرُ آمالَ السُّكوتْ…

سادِرة ً في شُحوب ٍ

َيكادُ يَبوحْ ،

بـِهَشاشة الأرْكان ِ.

جـِرذانٌ تدِبُّ خارج َظلمة الشقوق ْ

والوقت ُ..

بلزوجة البـِـرَك ِالآسـِنة ْ

يـَرْسُم إفـْرازَ الحَلزون،

يتعثرُ في قِشرة ساكنة ْْ

وَهـْوَ يـَرْقى'

َدرَجاتِ الكـُمون ْ ،

إلى أن يَعْبر العَصْفُ

شـُرودَ الرّوح ِ

َينزَع البـيـْت ُ ، جُبّـة َ الجُنونْ .

 

فـَجأة يـَنْهارُ مُحيطُ صَفاء ٍ

فوْق رَمْل ِ العلاقة ْ.

يَـنفخُ الكلامُ أوْداجَـهُ ،

شاهِرا صَليلَ الألسِنة ْ.

بـِطلقةٍ ِنـَـتـِـــــنـَــة ْ

َيسْقط ُإحْساس ٌ، مُضرجًا في بُرودَته،

تـُسْبَى' مُروءة ٌ...

غاضَ ماؤها

في جَفافِ الأزْمنة ْ.

يُؤْسَرُ ما فاضَ مِنْ رحِم ٍ،

َيدُلُّ على أثر للحُبِّ

بين جُدران أربعة ْ.

يَـنـْشبُ الحِقدُ مِــبْضَعه ْ

في الوَجْه ِ الغـَزيرِ بالتـَّجاعيدِ

وانْــكِسارِ الأحْصِنة ْ.

تـََـنـْشرُ المـْرأتان فـَوْق حَبْل ِ الـنِّـسْيان

أشْباحَ بطالة ْ

وأسْمالَ فـَـــحْلٍ ذلـِيلٍ

يُنوءُ بـِخصيتين ِ

َووَعـْــدٍ بالعَـمـَل

لا َيدْري مَتى' يَحينْ.

وَينْهَـمِـُر الـْعَويل

غزيرًا ، كما لوْ أنــَّهُ يَجْرفُ رائحة َ الهوان ِ

غامرًا ، كما لوْ أنـَّهُ ..

يُوقِظ رقـــََّة َ المَكان ِ

إلى' انْعـــِتاق ِ يَسيل

عَبْرَ شـُروخ الرُّوحْ.

 

َالشّـرْفـَةُ

ما تزالُ سادِرة في شـُحوب ٍ

يَكادُ يَبوح ْ

بـِهشاشَةِ الـوجْدان.

جـِرْذانٌ تـَدِبّ ُ

خارجَ ظلمةِ العُـــقوقْ

وَالوْقتُ بـِلـُزوجَة القِــِيَم الآسـنة،

َيرْسُم إفـْرازَ الحَلزونْ،

َيتـَعـَثـّرُ في قـِشْرة ٍ ساكِنـَة ْ

وَهـْوَ يَرْقىَ دَرَجاتِ الكـُمونْ

في اللـيْـلِ الذي ……

كـَمْ وَارَى'

مـِنْ سَوْءاتِ الأزْمـِنــــــــة ْ.

في الليل الذي...

أ ُعَـرِّي فيه عاهات ٍ

تـَسْـتـَرقُ السَّمْعَ مِنْ وَراءِ العـَتـَمَة

تـُفيضُ عَليْها مِنْ لـَبوس ِ

القـُـــبــولْ

لـَعـَلَّ فـَجْـرًا يَـمْسحُ بالضـَّوْء ِ

شــِـفاهَ الكـَلِـــمَـــة .

لعل الشّـرْفـَة لا تنهارُ....

ُوقوفـًا بها

كـُلـَّما داهـَمَ الرُّوحَ

طـيْـشٌ جـَــهولْ.

 

 

شارع ٌ إلى أقــْــصى' الـــــوقــُــــوف.
إلى شارع ، كابد الوقوف وأوجعته الحتوف .

شارع ٌلا يمْشي إلى ُمقبل ٍ

تناءى' في النزوح ِ،

مُسجى' على ِمشرحة الموْتِ .

كلُّ الترابِ عليه ، يرْمي

ذرَّات ِ يأسِــهِ

ويفوت ْ.

كلُّ القنوات ِ تـَنِـزّ قاراً ،

لهُ رائحة ُ

تـنْـتـُن في قيظ السكوت .

كلُّ البُثور ، على جِلده

تضاريسُ حُـزن ٍ

تئنُ تحْت وقـْع الخُطى'

ورفيف ِ العُبور.

كلُّ النّعال عليْه   تدورُ

في فلك التيه ِ،

ترفّ ..تهوي ..تلعـَقُ مِن وَحل ثخين،

تشرئبُ في تبعْثرها الجميل ِ

َمليئة بالثقوب.

تسْعى' إلى حُبور،

تتهجَّى' أرقامَ واجهات تبورُ،

تلملم جُرْحا  وتؤوب ُ

أسْرابَ ذباب ٍ،

ترِّفُ ..تهوي ..

تلوكُ أتربة َ الشارع  المعلول.

شارع ٌ، يبدأ مِن جسدي...

انعراجاتِه القـُصوى'

َصوْب ذاكرة ِ الموتى؛

تمشي في موْكبه  أرصِفة ٌ تنهارُ؛

لا يتنفسُ ضوْءَ النـَّهار

سوى غبارٍ عفينْ .

المُياومونَ

بعْثروا دوْرة َالأزيز القديم ِ.

المُياومونَ

يجْهلونَ  كيف يْرأبونَ دوْرة َ الجُوع ِ،

يُمْسِكونَ

بالـُّطرُق ِ التي تنأى'

في وحْشة الحُلم ، مَساء ً،

مشـَّـاءة   بحنين ْ.

المُياومونَ

فكّـكوا ورْشة َالأحْلام ِ،

نبذوا جَرّافاتِ الأماني الموْقوفةِ ،

نَصَبوا المتاريس َ

وعاهاتِ الوقوفْ  .

علقوا شاراتِ الليل ِ الأخرى' ،

كيف تعْبر النّـعالُ المليئة بالثقوب ِ

ساعة َ الغروب ِ..؟

كيف يلحق المياومون

بالـُّطرقِ التيِّ

تغوصُ

في عُجمةِ الأدْخنـــــة..؟

 

طرف القلب
إلى: شاعر

َيْبني أعْشَاشَ مُناهُ

عَلىٰ قِمّة ِالحُلم ِ

وإذا جَاءتْ ريحُ صَحْو ٍ

تناثرَتْ أفرَاخُ الأمَاني

كسِقطِ المَتاع .

بجَناح ِالوَحْدة ِ..... حَلّقْ

لا حَد للََِسّماء ِ

في لجّ الزْرقةِ

لا حَدّ للتّيهِ

في غيْم الحُرْقةِ

َيتداعَىٰ الرّيشُ

وَيَلبسُكَ الضّياع ُ

تنْسَاكَ ذاكِرة ُالسِّرْبِ

وَأصْداءُ الغِناءِ

على شجَر العُمْر

وَماءُ النّهْر يمْحُو

مَرايا الوَرْدِ

والرّواحْ

 

يا سيدي ، انْهَضْ ، وَسِرْ

على َطرَفِ القلبِ

خَافِقَ الحُلم ِ

وَدُقّ أبْوابَ الحَجَرْ

رُبّما رَجْعُ الصّدىٰ

يُمْطِرُ في سَمَاءِ الرّوحْ.

هُمْ بارَحُواْ الحُبّ

وَمدا شِرَ الفرحْ

هُمْ.... هُنا

لا يُمْسِكُهُمْ غيْرُ إحْسَاس عَتيق ٍ

في الأثرْ.

ليْتَ الذي قدْ عَبَرْ

َدلنِي على دَمي السّفِيك ِ

فوْق خَرائِط البلادِ

وفِخاخ العُمرْ.

 

 

رذاذ مـــــاء
إلى: إبراهيم السقاء

مازال زقك ، على مرْمى العين

ينقـّط ماء

رغم قيظ هذا الوقت

وشراهة الصحراء

كأنك حَيٌّ

وخريرُ الماء في الخوابي

والدلاء

يتلو نشيد الخِصب

والنـَّماء.

كأنّ كركراتِ الماء

في صمْت الإناء ،

تفيأتْ ذاكرتي

وفاضتْ على عَتبات الحُلم

شفيفَ دماء

كأنّي بك الآن ، ترْوي

عَطشَ الظماء

يا أيّها السقاء الذي

غاض ماءُ وجهه

في السّعي بين الإماء

اتركْ لي

عند باب الصّحو

زقَ ماء

لعلي أ ُطهر أحلامي

البكماء.

 

 

فُرجــــــة
بلادُ الله ناولتني فجـْرَ هذا اليوم

نبْضَها الساخنَ ،

برْدا ، وسلاما.

هتفتْ بي:

أن اِتلُ ما تيَسَّر من شفرات البهاء العظيم،

مُشتعلا ، كُنْ ، بأزيز أحلامك.

أشـْرعْ غزواتِ القلب،

قبل أن تؤوب خفافيشُ الليْل ِ

بخيمة سوداءَ

ونقيق ِ الموتىٰ

وحشرجة السكون.

خـُذ قبسا منَ الفرح البرِّيِّ يَسْعىٰ إليك حـَثيثا

وانـْشـُرْ حناياك..

كما العـُشب ، شفيفَ اللون، موفورَ الحضور.

لك الهسيسُ..

فانـْتـَعل ِ الأسفارَ في مَلكوت ِ العـَراءْ

خاصِر اللحـْظة َ ، عذراءَ

تنبضُ بالدفء

وخفة القـَوامْ.

تـَصَيـَّدِ الرِّيحَ ، في شـَبكة ْ

تـُمسي لديْك ، جاريَّة ً

تـَجري بما لا يشتهي العصرُ

على بـُسُط ٍ مِنْ هَواك،

تـُراقصُ القلبَ

ودانيَ الخفقاتْ.

سـَمـِّها الملكـَة ْ،

تـَوِّجْها على عُرُش اللذاتْ،

وتبرْعَمْ فوق سُرَّة الأرض

زهَرًا طافحا بالشبـَقْ.

 

فجْرَ هذا اليوم..

غازلني نوْمي ،

نازلني هَمِّي ...لكنني ، مكثتُ غيرَ بعيدٍ

أراوغُ كـَرَّ الآلام،

دون أن أشُنَّ حِصار الكلام.

 

بلادُ الله  رمَتْ للقلب تفاحة َ إغراءٍ،

هَوَتْ على رأسي

بديلا ، عن جاذبيةِ  الكأس ِ

ودوَّامة اليأس ِ

وكانت زلة ُ الحـُلم المُشاكس ِ

كبوة ً أخرىٰ

كسرتْ صهيلَ الرُّوح ِ

على مشارف الهمْـس ِ.

 

 

عـــــنـــاقٌ...
العناق الذي بيننا

صورة للتفردِ

في جسدٍ

لا يرى غيرَه أحد.ْ

الذي ضَــــمــنا

فوق كرسي حـَذر ٍ

من عيون البلد.ْ

الذي اشتبكتْ فيه أدرُعنا

مِثل أصابع أخطبوطٍ

تتأودْ.

الذي فجـَّر بحرًا

لا يـُرى

وهديرا تـُخرسه الرَّعشة ُ

إذ نتنهدْ.

الذي أطلق موْجـًـا

مِن صقيع يديْـنـا

ينسابُ دِفـْــئــًا

وهَسيسـًا  يتجددْ .

الذي رسَّبَـنا

أحْجارَ ذكرى

لامستْ قاعَ الأبدْ.

الذي لم يكن بيننا

بيننا لم يكن

سوى سكرةِ عـُمْرٍ مارق ٍ

أوْجَعهُ صَحوٌ

تمردْ.

الذي داهم روحينا

بحرائق وجد،

ذات صدام

في رصيف الأحدْ؛

تفجـَر في جسدينا

ورأيتُ منه شظايا

على أفق الحلم

تبدد.ْ

الذي ألملمُ نبضَه الآنَ

في خريف العمر،

موسمَ شعر

قصيَر الأمد.

 

الذي يسحب باليمين أويقاتٍ

صُغتـُـها

عقدَ حُلم فريدٍ

ويُبقي لي خيطَ الكمدْ.

 

هو ما علمني

عناقَ الجميل

في كُل ما صاغ الإلهُ

لعلي به أتوحد ْ.

 

 

سيــــرة ُ الحـُـبــُـورِ
لما انفرجتْ أبوابُ القلب ِ

وسَال شوقٌ غزيرٌ ،

تنبّهْتُ قليلا

إلى صُورة  في إطارٍ

طارَ إلى ما وَراء نَهار ٍ

َمديد في الصّمت ِ .

رأيتُ امرأتي ترْكضُ ، بيْضاء َ

وبعافيةِ التكوير ِ؛

تُـرْعِشُ ما تفاقمَ مِن حُبّ

وما ذابَ مِن أسارير.

كمْ كَبرنا في الشوْق ِ..

تَعتـَّقنا في انتظارٍِ

حدَّ الغيابِ في الهمّ ِ

والرّسوب في الكلام .

ها امرأتي تطفو على لُجَج ِ النّور

تـُواربُ ضِحْكة ً

فاقعاً لوْنُها،

قصيّة فيها سِيـرَة ُ الحُبورِ.

وَحْدي مَن يُعلي رَنينَها

حتّى تضجَّ بها ظنوني .

أمْشي خلف تلابيبِ ضوْء ٍ

وحفيفِ ساق ٍ

يُهَرِّبُ موْجا أسودَ

يفيضُ على ظهْر الريح ِ

ضفيرة ً..

َمن جزّ أحْلامي ، بها.....؟

ذبحَ البحرَ،

أسالَ مِلـْحَ اللحظات ِ.

ها امرأتي تركضُ ، بيْضاءَ ،

إلى غذائرها الغميسة في لوْن الغياب ِ.

ُيفردُ الليلُ جناحًا،

يطوي تحْت عُجمَتهِ

ما انـْسابَ من صَبواتي

وبقية ً ممَّا أوْقدَ الخيال ُ،

في عَراءِ الأويـْقات.

َيشرئِبُّ بعْضٌ من عِناد ٍ

لا يُمْسِكهُ سِوى

أثرٍ بعْد حَياة .

لو ضِلعَ إطار ٍ... أكون ُ،

أحْمي الصّورة ََ ،

مِن نَـزق ِالمِساحةِ .

أفتحُ أفقا لأسْراب ِالذكرياتِ .....

تـَعْبرُ في الشقـْـشَـقـة.

أضُمُّ الشكْــلَ ، حتىَّ يَطفحَ بي،

سادرا في غذائر الأمس ،

مغمورا

بلـُجّة الجوهرْ.

 

 

في حضرة الألــــق
ألـَقٌ مِنكِ سيدتي

يكشِفـُني مُتـَلـّبسًا بدمْع الروح ِ،

ُمَبلـَّلا بالألم .

أمسحُ ما فاضَ عن جُروحي

ِمن وجع ٍدفينْ،

خشية َ أن يغشاني الفرحُ

وأنا أخُـبّ في هَمّي،

بعدُ لمْ أرتّـبْ باحة َ القلبِ

أُفردُ نافذة َالشوْق.

يا ليْتَ عَويل َالحُزن

لا ينفذ ُ من شُرفة صَبْري،

يجفلُ الألقُ الفـــذ ّ ُ؛

أظلُ في العتمة وحدي .

ألقٌ منكِ سيّدتي

هو جاذبية ُ الأرْض إلى رحم السِّحْر.

أنساقُ، حتىّ لكأني...

أهْوي مِن حَالق ِالعُمر،

لا ريشَ يدرأ ُعنّي

زلــــــة َ الهُـــبوط.

وحينَ أتعبُ من صهْوة الغيم ِ

ولا أقـْنصُ أيّ نجمةٍ،

تـطيشُ عن سِرْبِ النّجوم المُلهمة

بسماء عينيكِ ،

أشْعلُ أوجاع َالنشيد،

أطرُدُ الشيْطانَ

مِن خيمة الحُلم المديد

وأسْهـُر في مَرايا ليلٍ

لا يَسْكُتُ عَنْ دمي المُباحْ.

 

 

ياأنتِ
يا امرأتي العائدةَ

من شرفات الغيب

وطيب الوقت،

كيف حللت بلا كفن

على سرير صمتي،

ضائعة العطر،

كحيلة الجفن،

وبكفيك..

من الحناء

خرائطُ حـُب

تـُفضي إلى جُزرٍ

كمْ كـَبا على شُطوطها قلبي.

 

يا امرأتي الغافية

في دفاتر الوقتِ

إلى حيـن ِ نبـْض ٍ

يدُق أجـْراسَ الحنين.

إني أحملُ في حافـِظة العُمر

سِـفـْرَ تكويني على يدَيـْك،

أسْتظهـِر ما أشاءُ

مـِن فرح ٍ طفلٍ ، كان ثالثـَنا

في السـِّر ، والنزقْ.

وأهدْهـِدُ الغفـْوة َ في عـُزلة لـْيل

أفـْتـَحُ جَفـْنـًا لكِ ، آهـِلا ً

بقطاف ِ الأنـْس ِ ، والسمر.

 

كدأب أحْلامي، كلما شردْتُ

في صحارىٰ السهر...

أفيقُ من كابوس ٍ

لأسـْتلقيَ

على سَرير صُبْح  طازج

تأخذني الفراشاتُ ، محفوفـًا

بنكـْهةِ الإصْباح..

طالعةٍ من تباشير عينيك،

إلى ما أشتهي ..

من زَهْو الرُّوح

وانـْعتاق الحركاتْ.

 

أيتها الطفلة، شرق َالقلب، وغربَ القلب،

ومـِن فوقي ،

ومـِن تحْتي،

وعـن يميني، وضلالي

أرسيتِ خرائط َ وجـْدٍ

تسامـَقـْتِ...

شَجرا غضـًّا

وإكليلَ نهار...

يتعرَّى الضوْءُ فـيه

يشفّ الماءُ ،

وينيخ الجـُرْحُ أوجاع َ المساءْ.

يـَسْعىٰ

إلى واحةِ نـِسْيان ِ.

 

 

يا ماءُ دَثّرنـــــــي
ذكرى ماء

يبسطُ الماءُ  لوناً شفيفـــاً

لأرانـــــي

جليا ، في الرعشة ، والتماهي

وانسياب الأحلامِ .

أتعرّى ، وألبَسُـــهُ

وأقول : يا ماءُ دثِّــرْني  بـِــلـُج ٍّ

خفيفٍ ، إني فقدتُ ألواني.

تنداحُ المُويْجاتُ ، وتـُصْغي

لِنجْوى اثــْــنـَـــيْن ِ

ينسابُ سِرَُهُما ، في  سريرِ الصَّمْت ِ.

يخفض الرذاذ ُ، جناحَ حُنُوِّ

يلملمُ بعضًا منْ فـَقدي

وأنا أهوي من حالق ِ الشوق ِ

صوب رمادي .

يا روحي...

كيف أغوص في بلل ِ الأزْمان ِ

وأطفئُ جُرحي

في نقاء الماء ِ..؟

يبسطُ الماءُ  كفــاًّ رخوة ً

لأريح َ هَواجســـي

وأعبرَ برزخَ المُحــالِ .

والبَرُّ يُبقيني على كُرْسيٍّ

ثابتِ الأحوالِ ِ.

يا ما ءُ.....

أخشى أن تُرَسِّبنـــي أعباءُ القَلْبِ

إلى قرار ِ بُكـــاءِ

ولا أطفو، خفيفاً ، لأمْـــــشي

في قاربِ الأفراحِ ،

تمشي بي لُجـّــــة ٌ، صوب وراءٍ

يعاكس نسياني .

هي رغبة ٌ...

عرَّجتْ بي، على مَرايا هُدوءٍ

لأ ضمد َ أعطابي

ثم ألوذ َ

بأرض ِ اليباب ِ.

 

 

فاكـــهـــة  اللـــــيـــــل
منذ وقت سادر في عُزلة القلبِ

يُفتش عن فُتات أحْلامٍ

في جُيوبِ ذاكرة ..

رَثةٍ

وَشائخةِ المَعالِمْ،

كي يستضيف الألم،

َتتبادله أمْكِنة مِن غير نبضْ

تَحدِجهُ الكلماتُ في بُغضْ....

خارجة ً مِن مَبْغىٰ اللِسانِ

إلى أسِرّة التعبْ.

 

لا ينفك العالَمُ عنْ فوْضاهُ ،

يُعلن بالصّمت اكتظاظَ منافيهِ ،

تنهض البلاغة الأخرٰى

تُهرِّب وْردَ الدم

إلى أقاصي الفجيعةْ.

 

لهُ العينُ التي ترىٰ

وتْرسم انْقلاب ُرؤاه

في قماشة الملكوت الأسودْ،

مَأدُبة ِللْمحوِ

وأحْزانا للصّحوِ

في صَحارىٰ الكلماتْ.

لهُ أنْ يُسدل نافذةَ القلبِ

ويُحصيَ قبورَ العتماتْ.

لهُ أنْ يغوص في دهاليز العمر

مخفورا بكثيبة أحزان،

إلى وقت سادر في عزلة القلب

ثم ينهضَ في عرصات الحلم،

َيقطِفُ فاكهةَ الليلِِ،

يُنادم عُبورَ الأحلام،

َوعلى شفتيه أثرٌ

مِن خمْر كلامٍ

لا كأسَ لها

في الهزيع الأخيرِ

ِمن زَلة اللسان.ْ

 

 

لِلـغــيْـم ِ إكـلـيـل رَمـــــــــاد
إلى دم مهدور على أرصفة الرعب

لا أرَ في أفق العـْين، ولا

في مشارف روحي ،

أثرًا لنجمةِ صُبح، أوْ قـمر

ساهر في الدجى

يغسل آلامَ البشر، برذاذ نور، وسكينة ْ.

ها هنا، محض ديجور ٍ

يصبغُ اللـوْحة بنجيع الأبرياءِ ورميم هـوى

منقوع بمضغة لحم ٍ، وشفاه  خرساء،

تعـضُّ على سِرّ،

لا يـُذاعْ.

والغيمُ وحيدا بعـقر السماء ِ، تزيّى بإكليل رماد ٍ

لم ُيتوجْ على رؤوس الأشهادِ.

وأنا، وحدي ،

أستجدي مطراً، بذاكرتي

ربما يرْوي، ما جـَفَّ من إحساس ٍ، على

هذه الأرض ِ، يكشفُ ما

غاض من نبض ٍ

في سويداء القلب ِِ.

وحدي..

أمشي في زحام الهواجس مخفـورا

بكتيـبـة آلام.

الأمامُ الفارغ يدعــوني

ضوءَ غـدٍ، يجلو، حـُلكة أوطاني.

الأمام الفارغُ يعشقـني، أفـقـــا،

لِسلام الناس ِ.

الأمامُ .. يكـِــــرّ وراءً، وُيمعـنُ في الإظلام،

متى' أدفعُ  بالتي  هي حبٌ

وأرغبُ في صَحوة الحرف ِ

ينضو عُـجمة الأحلامْ .

يا أمامَ الأرض ِ، وشيكا، تجَـل،

وكنْ، سكناً للـروح ِ،

وشريكاً لا يهـونْ.

كنْ سماءً، بمصابيح نـجوم ، تـهْديٍ

وحشة الأيام ِ، إلى

ُمستقر سَــلام ْ.

فالوراء،  يباغتنا قـُـبُـلا

يفرش اليبابَ، ويرمي لهبا ً

يرْدي زهرة  هذي الحيـــاهْ .

 

لا أرَ من أثرٍ

يدل هيامَ الروح ِ، إلى كـنفِ الحبّ، ِ ولا

من شجرٍ ، لأغالط َقفرَ أيامي .

أنشرُ فيْءَ أمن ٍ،

بعيدا عـما تـكشر من أنياب الرعبِ،

بوجه البراءة، والطهر،

بعيدا عن بشر يـتـشظى'

على باب قلبي

طوفان دم ٍ

ونثارَ لحم

وشواظ نار، شوى بهجة العُـُمر ِ.

 

أوقـفُ صَحبي

بين مُفـترق اليأس ِ

وحُبّ دارس ِ

إذ خلت ِ الروحُ من زقزقة العُـصفور ِ

ونكهة ٍ من حبورٍ

تسرِّي عن النفس ِ،

أواربُ صُبحا ً، أخـشى عليه ِ

من الليل الكاتم للشدو، أحاذر

حين أحـرر ضوءَ قلبي،

تشابُ سماءُ الربِّ

بأوجاع غيـــــــم ٍ

ثخين ِ العُـــقـــم ِ

 

يترصدني، الآن رعبُ الزمان ِ،

كأنْ لا وقت، لوقــتي،

إذا أخطـو، في صلة ٍ

تـزرع بُستانَ حنان ٍ،

بموسم جدْب، مريعْ.

لا سماء، تبيـدُ بأزر قها

أوشالَ رمادٍ،

وتبسط  شمسَ أمان ٍ،

تدفئُ روحَ المكانْ .

وكأني، لستُ أنا ، بفـم عذبٍ

في خراب الوجـدان ِ... ولا وحدي

ولا بعضي،

اكتسحتني عُـزلتي ،

ضاقتْ بي ، صحراءُ، لا تـْرسو على زهر ٍ،

لا تفضي إلى عنوان ٍ،

جدير ٍببراءتي

من دم  الأحلامْ .

 

النصوص كتبت بين سنة 1980 و 2010

 

فهرست

1 . تمشي بنباهة قلبك

2 .أضمد ما تقاعس من أمان

3 .أرمم ذاكرتي

4 .كأني لا أحد

5 . يذكرني النسيان

6 . كم رعشة خضراء لفمي

7 . وحدها عصافير الشعر تحرس أشجارها

8 . الطفل لما يسهر في الصورة

9 . كي استقيل من هرمي

10 . عراء المعنى

11 . لا أسوي غير فراغ ، يعبرني

12 . أسوي كهيأة البلاد

13 . بلزوجة القيم الآسنة

14 . شارع إلى أقصى الوقوف

15 .طرف القلب

16 . رذاذ ماء

17 . فرجة

18 . عناق

19 . سيرة الحبور

20 . في حضرة الألق

21 . يا أنت

22 . يا ماء دثرني

23 . فاكهة الليل

24 . للغيم إكليل رماد

 

هو أول القطر، بعد سنين عجاف، على حد تعبير الأستاذ المحترم، محمد حجاجي، في تقديمه للديوان على المواقع الإلكترونية. فعلا هو ديواني الأول، بعنوان "أرمم ذاكرتي" من 100 صفحة، طبعة أولى (2011 ) بمطبعة ميداكراف ، الرشيدية. التصميم  للطيب آيت احاد، ولوحة الغلاف للفنان التشكيلي، لحسن مصواب، وبورتريه الشاعر للفنان  التشكيلي محمد السالمي. يتضمن الديوان 24 ، قصيدة، تمتد من سنة 1980 إلى 2010 ، إضافة إلى شذرة الغلاف الأخير، وهي مقطع من أول قصيدة يفتتح بها الديوان، والديوان كما أسلف الأستاذ حجاجي، يشكل غيضا من فيض، إذ البقية الباقية، أوراق تسكن أدراجي، أو متفرقة في الجرائد، والمجلات الأدبية، والمواقع الإلكترونية لن أحدد ثيمات الديوان، فسأترك للمتلقي متعة إكتشافها بنفسه، إلا أني احذر من طفل يتوزع نصوص الديوان، ويتزيا بلبوس شتى، حد الإيقاع بشيخ ينصب شراك اللغة، لعله يصطاد أحلام الطفل، المتعثرة بأذيال النسيان. ولن أقول إني رممتُ ذاكرتي، في بضع نصوص متواضعة، فما تزال هناك تصدعات،  دون الخلود إلى ذاتي في وضعها المأمول. أترك للنصوص التي يتضمنها الديوان فرصة البوح بنفسها، ربما بمتعة أكبر، وجمالية  أحلى.، وفقا للعلاقة التي سيعقدها المتلقي معها..

الطفل في شعر ، محمد شاكر ، هو ذاك المشاكس ، والعنيد ، الذي به تنكتب القصيدة. هو الربان القابع خلف أسوار الروح، باحثا عن جرح ثان ، ليتحول إلى كلمات ، تداوي  أوجاع السنين. مداخلة د: عثمان بيصاني في ندوة" الشعر المغربي الحديث ، وقصيدة النثر" بمناسبة المهرجان الثقافي الثالث لمدينة الرشيدية.
في دردشة إلكترونية، عن علاقتي بالفضاء الفيلالي الصحراوي، قلتُ: "..هنا عثرت على طمأنينة الإبداع وصفاء الروح والتقاط الحكمة الهامسة والبوح المتستر بسعف النخيل، إلى درجة أن الرياح العاصفة والسكون المنكفئ على نفسه... بدأت تعقد صلة قرابة شعرية بي، أثمرت العديد من النصوص التي ترشح بكل هذا. في الصحراء تدربت على خاصية الإصغاء إلى نبض الحياة وأصوات أخرى، بالكاد توارب عن وجهها . كما لا أنسى ما عقدته من صلات ثقافية وفنية، نظرا لما تحفل به هذه الربوع من طاقات وازنة، وما حظيت به من تشريف ووضع اعتباري، هو ما يزود الروح بالعزم، والمكابرة.

محمد شاكر

شاعر من المغرب

الرشيدية ، دجنبر 2011