في وحشة العزلة يصطحبنا الشاعر الفلسطيني الى متاهات الرؤية حيث الأشياء تتخذ أشكالا أخرى، وتمسي زوايا النظر هي ذاك التشظي الذي يملأ الوجود حولنا.

أنا الأعمى.. دعني أرى

سعيد الشيخ

أمشي، فتمشي معي الأرض

أنا الأعمى

   في ظلماتي أرى النور

وسواه لا أرى.

 

وأرى الماء يترقرق ويبتسم

 يرقص فيه السمك ثملا من العذوبة

منها تطفح روحي

وتصير ريشة تطفو

رعشات التجلّي في أوصالي

تدفعني بالرجاء أصيح:

يا رب الجنان هب لي

ان لا أفقد المكان في رؤيتي

انا الاعمى

دعني أرى

 

أرى البلاغة

تنهمر من القمر والنجوم

عند رؤاي

 

دعني أعلو

 وأمنحني مفتاح السّراء

فقد أحرقت ظلماتي

عندما القيت قفل الضراء

في الجبّ العميق

 

دعني بالصبابة اكتشف

سر السحابة البيضاء

وأخترق شهواتها العميقة

 

من مكاني أراني أطير

مع طير يأخذني الى أعشاشه

ويآخيني

وغيمة ممطرة تحنو عليّ كأمي

تجلسني في مكان كي أستطيع أن أرى

أرى أخوتي مبتهجون بالقمح

والنمل يبتهج وهو يزحف نحو الجبل

وفي فمه غلال الشتاء

 

أرى كما لو لم أكن الاعمى

جنّات أنهارها من العسل

وفاكهتها غير موصوفة

من طيب لم يحدث من قبل

 

ولي أريكة هناك تتيح لي أن أرى

بنظام الابعاد الثلاثية

أرى الاشياء.

 

أتذكر انّي الأعمى

رميت عصاي في النهر

كي يصفو النظر

إذ بجنّتي لا تشبه الجنّات

 

أجئ عند الباب وأقف في الطابور

أرى الجنّة خلف الباب

حينما أسمع أصواتا خائفة:

يا لهول

هذا

الجحيم.

 

شاعر فلسطيني