كان لانفتاح "الشرق" الحداثي على "الغرب" وامتداد "الغرب" نحو "الشرق" تداعياته الوجودية على قضية اللغة العربية. لهذه المسألة يشيد الكاتب مقالته التنبيهية ويرى أن الألفاظ المستوردة، جعلت العبارة العربية تقف موقف المندهش الحائر أما محاولات الإقصاء والتشويه.

هل العرب يتكلمون العربية؟

مأمون شحادة

المتفحص لحديث الشارع العربي ضمن مجالاته الحياتية كافة يدرك اننا – نحن العرب- لا نتكلم من اللغة العربية الا مجرد كلمات ممزوجة بـ"كثير" من الالفاظ المستوردة.

فالوطن العربي يحوي جيوشاً من المفردات التي تغزو لهجاتنا العربية وكأنها اصبحت بديلاً عن لغة الضاد ونبطية انحرافها الاصطلاحي، وما من جملة الا وبها ادلجة لغوية مستوردة من خارج فضائنا العربي.

ومن تلك الالفاظ المستوردة على سبيل المثال: دوغري، انجَك، أرشيف، أسانسير، كليدور، بربزونا، أستوديو، أسفلت، روف، هيلمجي، إسمنت، أفندم، أفندي، سيجارة، اوتبيس، تاكسي، باص، البوم، اوضة، بابا، ماما، تيتا، باشا، بالطو، كامودينا، جاكيت، بالون، بانيو، برافو، برضه، طاصة، برغي، برغل، برنده، برواز، بفته، بَس، تِتن، خيشة، شيشة، سرسري، طشت، طرُمبه، كندرة، بوسة، شو، باب زقاق، بالكونة، بلوزة، ستيرنج، مصاري، بريك، ماركة، سوبر ماركت، وغيرها من آلاف الالفاظ الدخيلة، ناهيك عن المصطلحات العلمية.

حتى ان اطفالنا يتلفظون اللغة الفرعونية دون ان يدركوا ذلك، ومنها: واوا، دادا، اووخ، امبو، اغِا، اضافة الى استبدال اهل فلسطين كلمة "حاجز" بـ "محسوم" العبرية، وعبارة الطوق الامني بـ "سيجر"، من شدة قمع إسرائيل للشعب الفلسطيني، حتى ان رخصة السواقة لدى اهل الخليج اصبحت تلفظ بكلمة "ليسن" اضافة الى الالفاظ الانجليزية الكثيرة، ناهيك عن امتزاج العربية بالفرنسية في المغرب العربي، والقافلة كثيرة!

كذلك لم تنج الوان الطيف الطبيعي من هذا الغزو، حيث استبدلت بكلمات أجنبية: اورنج، تركوازي، اوف وايت، بيج، فوشيا، روز، كاميل، ليلكي، وغيرها.

امام هذا الكم الهائل من الالفاظ المستوردة، التي استطاع المجتمع العربي ترسيخها في عقله الشعوري واللاشعوري، يقف الحرف العربي موقف المندهش الحائر امام ذرات رمال الصحراء التي تغزو بلاده، وكأن مشكلة الصحراء العربية التي تشكل 82% من مساحة وطن الضاد، ليست هي الوحيدة المتربصة باخضرار مساحته المتبقية، بل هناك ما هو اخطر من ذلك، اقصاء اللغة العربية الى كتب التراث والذكريات الجميلة، واستبدالها بلهجات والفاظ دخيلة يصعب الانسلاخ عنها مهما حاولنا ذلك.

نستنتج من ذلك، ان اللغة العربية بعواملها الزمانية والمكانية اصبحت دخيلة على لهجاتنا المحلية، ولم نعد نلفظ منها الا القليل، في ظل امتطاء جواد الميوعة والتمايع.

 

(wonpalestine@yahoo.com)