هو انشطار من مدينة الماء والثقافات، طنجة، داخلها تكتب سيرة الشاعر المغربي بعضا من تفاصيل تحاول جاهدة البحث في مجازات الزمن..

انشطار

شـكري البـكري

أهديتُ نفسيَ المطرَ فقالت: المطرُ بقعةُ سرابٍ، وأنتَ ريحٌ بدون ذكرى

 

  (1)

للمطر هذا الوجهُ الذي لا أعرفهُ

يستدركني

... ولا أدركُهُ

يُوقظُ الليلَ مِنْ هَجْعَتِهِ

ويَنفُثُ دخّانَهُ في المفازةِ

ليَرْسُمَ وَجْهِي وَوَجْهَهُ

ويذْكُرَ أشباحَهُ...

يتلو أدعيةَ الاستغفارِ

ويُكرّرُ الشّهادتيْنِ كأنّهُ

حَديثُ عَهْدٍ بالغُفرانِ

ثمّ يَعقِدُ خيوطَ حذائهِ

ويحتسي ما تبقّى في الفنجانِ

ينقُرُ الهاتفَ لينظرَ في السّاعةِ

بمَللِ انتحاريٍّ لحظةَ انفجارِهْ

ويبقى رهنَ الانتظارِ

لا صداعَ يملأ الرأسَ

غير الضّجيجِ وانشطارهْ

 

  (2)

يَنْعَبُ الوقتُ خلف البابِ

مُبلَّلا بريح الذكرى وَمِلحِ تلكَ السّوَاحلِ

أطلبُ فنجاناً آخرَ من المللِ

ثم أنقُرُ الهاتفَ النّاسفَ

وأسيحُ بين الجالسينَ

أشباحاً

وتقاسيمَ

... وأكواماً من المَللِ

ثمّ أنقُرُهُ وأنا أنظرُ في الفِنْجانِ

دون قناعٍ

ودون بللِ

يعود البللُ لينتاب ليْلي

ومرارَةٌ تلعقُ النهارَ فِيَّ

بِذاتِ المَللِ

وَسَآمةِ النّظارتيْنِ

تَطيحُ المآذنُ

وأعلّقُ النظارتيْنِ على صدر الليلِ

مثلَ جرَسيْنِ

أو عينين رماديّتيْنِ

تنظران إلى ما بين الحذاءيْنِ

أراكِ

تنبثقين مثل حصاةٍ أو حصاتيْنِ

تتقافزان إلى ما تحت الحذاءينِ

وتَعْسُرُ الخطوةُ بين الخطوتينِ

يسيح الدّمّل من الخَطوِ إلى القلب

ويَهيضُ الاندمالُ

أراهُ جبلا يتحرّكُ

تَزَلْزَلُ الرُّؤى في أرجائهِ

ورُباكِ

 

  (3)

أُفرِغُ آخِرَ فنجانٍ منَ المللِ

وأراكِ

 

طنجة فبراير 2013