يحاول الشاعر المصري في هذا الديوان القصير تجسير الهوة بينه وبين تفاصيل وطن يتشكل من مفارقات، وفي محاولته قدرة على التقاط شعرية التفاصيل الصغيرة وإعادة نسج رؤاها، وهي محاولة للتخلص من حالات التشظي وإحساس مر بالخذلان وهو ما يجعل ذات الشاعر موزعة بين هذه التفاصيل ورؤاه الجامحة للعبور.

أرفع قبعتي للعابر نحوي (ديوان)

حسن النجّار

أرفعُ قبعتي للعابر نحوي

وستلقي جسرا خشبيا

تعبره ،

وتسير إلي حيث يقودك دربٌ

"المداحين الفقراء "

ولافتة كتبت باللون الأخضر

"يمنحك الله العافية "

اسأل بائعة الخرز الكموني تقول :

توضأْ قبل طلوع الفجر

وغسِّل قدميكَ بماء الحناء.

 ستلقاني في آخر بيتٍ

في هذي الجيرة

أنتظرُ قدوم المحبوب .

 

 

الباب المفتوح

إذا ما صنعتُ الزاد ، فالتمسي له

أكيلاً فإنِّي لستُ آكله وحدي) حاتم الطائي

تركتُ الباب مفتوحا

ليدْلف منه أحبابٌ أتوا للتوِّ

من صحراء ماكانوا

ماابتلت جوانحهم سوي

من رغوة الصحاراء ،

 ماحيُّوا ،

ومادخلوا ،

 وكان الزاد ممدودا بصحن

 الدار

ماأكلوا

وماشربوا

وما استرعي لهم بالٌ

 مطاياهم نأتْ عن ذلك الممشي

 

وظل البابُ مفتوحا

 إذا ماعاد موكبهم

 وماعادوا ..

 

 وكان الباب مفتوحا ..

 

 

غيَّرتُ فصولي

قابلني رجل في السبعين

رجل أعرفه ،

ولا يعرفني

رفع القبعة وحياني ،

ومضي

 *

رجل من عامة أبناء الشعب

يدعي "صدِِيق "

أَقسم أنه لايعرفني

لم يرني من قبل

 ـ لاتشبهني

 ثوبكَ غير ثيابي

 وخطاكَ علي الدرب

 تنوء بثقل الأشياءِ

 غير خطاي المنهمرة

 _ لاتشبهني ..

 

أفسحتُ له في مدن الليل طريقا ،

ومضي ...

أضأت له المشكاةَ

كي لاتتعثر في روثِ الليل

خطاه المرتجلة .

وشُغلتُ بفحص ملفَّات الأسماء لديَّ

_ من زمنٍ لم يعبر هذا الدربَ

سوي هذا الرجل الجالس عند الماء .

 *

رجل طرق عليَّ الباب

وناداني باسمي

قلتُ :

ـ صديقٌ أنت ؟

قال :

_ ابتسم الآن فقد غيرتُ فصولي

استبدلتُ الماء بماء

ولبست قلنسوة المداحين الفقراء

 قلت لهٌ : ادخل..

 ...............................

فدخلتُ .

 

 

لو استمعْتَ لي

لو استمعتَ لي

لفزْتَ بالجائزة / الحوار

لو انتصفتَ لي

لكنتَ سيد القرار

تسألني عن وردة شممتُها

أقول :

إن وردتي هذي السماء العالية

أشم في بستانها نداوة العشق

وأكتب الذي تمنحني الكواكب

المسافرة

قصيدةً أو شطرَ أغنية

هلالها بدا كأنه منظومة لعاشق

عذَّبه الغرام

 ياأيها المدثر/ الغلام

أقول ما أقول عن قصيدةٍ

ليس لها عنوان

تائهة عن وطن الشعر ،

يتيمة الأوزان

أقول ما أقول

عن وطن تكلستْ خطاه

 في خرائط الأوطان

...........................

لو استمعت لي

لفزتَ بالجائزة / بالحوار

 

 

 الرحيل

لاشيء يغري بالرحيل

سوي تراتيل السفر .

 

 

ظلُّ القمر

 1

 ايزيس مرَّتْ من هنا

عصفتْ رياحُ الأرض

وانقسم الطريق إلي طريقين

استقرا عند منحدر الشجر

وانشق صدرُ الأفقِ

عن قمر تلوَّن في كتاب الشعر

هذا أول الدربِ

ابتدأتُ مسالكي في المطلع السري

قافلتي يهذبها رنينُ تفتح الأزهاِر

 مائدتي تراب الليل ،

والخطوات مصطلح الدبيب

إلي مواعيد القمر

 *

في أول الرؤيا اختبرتُ قصيدتي

وتوهجتْ روحي علي رمل تعطر

في ثيابي،

أسكرتْ روحي عصافيرُ المداراتِ،

امتثلتُ لوردة كانت علي شفة الهواء

رأيت ماء شرَّ من جسدي

وهذا الطين بلَّلَهُ الغرام .

 

2

في ذلك المأوي

رسمتُ إشارةً فوق التراب

ليستدل عليَّ فرسان القصيدة

من زمان ..

لم يُحدِّثْ مضجعي غيرُ الهوان

وغير مصطلح الهزيمة في نزال

كتيبة الأشعار ..

 

إيزيس استعرتُ علي يديك النار

أُشعلها

لينهض في دمي شجرُ الغناء .

 

 

ترنيمة لإيزيس

لنكون صديقين اثنين

علي خطو المرئيِّ

إذا انتصف الليل

ولم يبق سوانا

نقتسم رغيفَ الحالة

ياحارس هذا التلِّ

 

 أتسمعني :

 

 كنتُ ربيبتَه الأولي

والأمَّ المرضعةَ

وصاحبةَ التاج ،

عشيقتَه في السرِّ

وفي العلنِ

وعازفة الناي

وغازلة الثوب علي باب المعبد ،

 

انتصف العام ولم نبلغ بعد

مسافات النهرَ

العرافة قالتْ سيعود مع النهر

الجاري  

 *

 في قلب الدلتا

يقتسم الناس رغيف محبتنا

 ويقولون :

 الجسدُ سنحمله إن عاد مع النيل

 الوافر

 ياأخت محبتنا في ضيق العيش

 هو الجسد المعشوق العاشق

 سنحمله فوق الأعناق إذا حلَّ ..

 فما زالت فينا الهمةُ

 والروح الوثابةُ

 رغم المائدةِ الخاويةِ

 ورغم خيول الأحباش ..

 

 _ أتسمعني ... ؟

 

هيئْ ...