بسخرية مرة يخصنا الشاعر المغربي المغترب ببعض من نصوصه الحديثة وهي تحاول أن تحفر عميقا في التشكيل اللغوي مع عودة أثيرية للذاكرة لاستنهاض جزء من تفاصيلها والتي غالبا ما تصبح "هنا الآن" صورا للغياب.

إنّا أخذنا منك

عبداللطيف الإدريسي

أرق

الطريق غارق في النوم                           

والوسادة فارغة                               

الليل قمر

والذكريات هجرتها الصور

 

في رأسي

تسكن صيحات طفل الجيران

وصديقي السكير

يبحث عن مخرج له

بين رفوف الثلاجة

 

في مرآتها

تبحث العجوز الشابة

عن لحم طري

وأنا

أرعى زبالتي

منتظرا الكهرباء

 

كمين القنافذ

تجتاح كل سبل وأماكن طفولتك، تقطع مسافات متوسطا إسفلتا لا متناه نخرته أشعة شمس حارقة ورطوبة بحر معتد. تتذكر أناسا وسموها بأقدام فقيرة واجهوا أقدارهم العفنة بهشاشتهم ومعدنهم الرقيق، وآخرين قلة جعلوا من الطيران على جثامين العابرين المنسيين هواية. تتوسل إلى عمود نور أن يطفئ مصباحه الباهت لكي يصفو بصرك ويرد للنجوم بهجتها وتألقها وللسماء فسحتها، الاستحالة كامنة في البعد. ترتعش فيك ليال وشمتها بأشياء منك وبقايا نفضت ذاكرتك منها لم يعد يدريها التاريخ... التاريخ قلت، كم هي الأشياء التي ستمر دون أن يحفظها التاريخ ..؟ تمشي على خطى قنافذ انتزعتها طرق الإسفلت من دون تجيب على من سيحفظ تاريخ القنافذ وأندادها الضفادع ! وها أنت تنهي جولتك بهايكو محلي الصنع:

طريق يلبس الإسفلت

كمين

خريف القنافذ

 

تكرار سيزيفي

خبز بارد يحمل سكرا خاملا وزيت محروق يعكس وجوها شاحبة ورائحة طباشير يغمرها الكسل ونداء مسائي لأم لن تفرح بفستان الأحلام وإخوة يلكُمهم قفاز الإهمال وضوء بيت كالوجوه الباهتة منشغل بعتمة لا تذوب وعودة أب في وقت متأخر من الليل تهزمه في كل يوم صخرة من صخور سيزيف ومواء قطط تلعن العلل تهدهد صبيا – فيما هو يعد لياليه الحالكة - لم يتعلّم عدّ النجوم في الصغر.

 

بيت

في هذا البيت يعيد المشي على خطاه ببطء وسط حيوات يشع منها أريج مهزومين من لحمه عبورا ولم ينتبهوا أنهم يعبرون. هذا البيت كان هواؤه عيش مغلوبين تكسرت لياليهم العنيفة، كيف له أن يستدرك ما أقره العبث والقاطرة أسرع من الرؤيا. حلم بأن يرافق الأنبياء، رافقه التملق وأنياب حادة لا يقوى عليها حتى الثعلب من الذئاب.

 

سيرتي الأخرى 

أرفع الستارة عني

تتفرّغ سيرتي

يلملمها شرطي المرور

يضعها بين بضائع

لا وزن لها

 

سيرتي

بضاعة

هرمت

تنتظر قدوم ميزان

السير

 

حلمي يتبخر

أستيقظ على كابوس

وزنه كرسيّ

فارغ

في صالة سينما

مجهولة

 

اقرأ

لا أبيع السمن ولا القدر                           

لن أخلع ثيابي أيها الثعلب                        

لم أكن يوما مسلوب الذقن

 

لا أرافق الحور

لن أعيد ترميم وجهي

لم أبض يوما ملكاً

 

تلك نفايات

هزمت وحدة الرمّانة

صدّعت كياني

 

هل تعلم أن عمود النور

لم يُطلَ

وأن اقرأ لم تُقرأ

وأن زوزو لم يصطد السمك

وأن أكلة البطاطس

وجبة بائتة ؟

 

شاعر مغربي مقيم في بيزوس المحروسة