انتظر الحريق انتظار جودو، لينظّف المزبلة

هشام البستاني

أبصق على نفسي أولاً إذ ليس بيديّ شيء. مع تكاثر الموت وارتفاع كومة الجثث، أجد نفسي عاجزاً، تافهاً، صغيراً، بعوضةً منزوعة الأجنحة غير قادرةٍ على الطيران

وأبصق عليكم أيضاً: فمع كل رصاصة تزنّ ثمة ملايين يصرخون خلف كرة لن يغيّر دخولها المرمى أو عدمه الموت العميق لأم أُحرق ولدها من الخارج والداخل. مع كلّ سحبة أرجيلة، مع كل مائدة رمضانية تنوء بإسرافِ وتبذيرِ ما وضع فوقها، مع كلّ "ستاتوس" غاضب مثل هذا يظن نفسه فعلاً نضالياً، مع كل هذا وأكثر... هناك أنهار من الدماء تتجمّع على شكل بحر ميّت، تغرقني وتغرقكم

إله مفترض يشرف على كل هذه الألاعيب: إله يمجّد القتل والقطع والبتر والصلب، ويجترّ العبيد. إله خدعة لبشر يدمنون الكذب. يبحثون عن الرضوخ بحث الظمآن عن ماء السراب في صحراء تأكل الأفق، والأفق الذي بعده، والذي بعده، وهكذا.

أنتم العبيد: روّاد الأسواق الكبيرة تفرغون جيوبكم فيها مع ابتسامة، تافهو كرة القدم تركلكم الأقدام، مصّاصو الدخان، ملوّثو الفضاء بضوضائكم الفارغة، بألعابكم الناريّة، بزوامير سياراتكم. تخرّجتم من التوجيهي؟ طز. تزوّجتم؟ طز. توظفتم؟ طز. حائرون بخصوص طبخة اليوم إذ يحتلب فمكم بجوعٍ كاذبٍ وإيمانٍ أكذب؟ طز

طز..
أبصق على حيواتكم الفارغة. أبصق على آلامكم العاطفية. أبصق على أحلامكم الشخصية. أبصق على أدعيتكم التي لا يستمع إليها أحد. أدعيتكم/عجزكم. أدعيتكم/تخاذلكم. أدعيتكم/رضوخكم. أدعيتكم/موتكم القادم أسرع من الضوء.

وأبصق كثيراً..

.. على نفسي إذ اضطر للحديث معها ومعكم، أبصق على نفسي إذ أجد قدرتي غير قادرة على إنجاز الحريق. الخلاص الأول. المطهر الحقيقي. أنظروا في الصورة جيداً. لن تجدوا انفسكم فيها أبداً. ستيديرون وجوهكم وتغيبون في مسلسل تلفزيوني.

اذهبوا الآن إلى أراجيلكم، مبارياتكم، سهراتكم. لا تنسوا السيلفي رجاءً

يا أتفه من التفاهة.

أنتم الانقراض الكامل والتام. هذا هو عزائي الوحيد.