غزة والضفة.. احتمالات وسط الضباب

مأمون شحادة

المتابع لجولات حروب دولة الكيان “الإسرائيلي” على مدى 60 عاماً، يلاحظ أن جميعها انتهت بقوات دولية - كطواقم أو مراقبين - تفصل بين الجانبين ولو على صفيح ساخن تتراقص عليه تلك القوات بين الفينة والأخرى.

تسلسل قدوم تلك القوات أو الطواقم الدولية تَجَسد واقعاً على حدود دول الطوق “مصر وسوريا ولبنان”، لأن “الرعاية الدولية” من ضروريات هذا الكيان، باعتبارها الشريان الضروري للاستمرار، وهي دائماً – أي “إسرائيل” - تجيّش أوراقها وقت الأزمات لاستعطاف المنظومة الدولية طلباً لتلك الرعاية المقصودة، لتعزيز ودعم عقيدتها الحربية (الردع والرادع الدولي).

السؤال المطروح، هل سيتم إرسال قوات أو طواقم دولية الى حدود ومعابر قطاع غزة؟ أم أنها لمهام أخرى؟

هذه الكولسات الدولية سنتركها لحيثيات المستقبل ومفاجآته الضرورية وغير الضرورية وما تقتضيه دلالات الموقف.

في حال حدوث ما ذكر أعلاه، هل ستكون الضفة الغربية بعيدة عن هذا الطرح؟ أم أنها ستأخذ نصيباً مرتبطاً بمناطقها الحساسة كالأغوار (الممر المستقبلي لاقتصاد الضفة)، ومحيط المسجد الأقصى وغيرها من المواقع والمنافذ الاستراتيجية الحرجة؟

ما تجب قراءته جيداً أن “إسرائيل” على وشك رسم الملامح النهائية لمشروع القدس الكبرى المسمى (خطة 20/20) نسبة الى العام 2020 القادم، الذي يعتبر قنبلة موقوتة ستنفجر مستقبلاً اذا لم تتدخل الأمتان العربية والإسلامية لوضع حد لهذا المشروع التهويدي الفضفاض، تفادياً لمخطط “هزيل” يتشابه والطاقم الدولي (مراقبين) المتواجد في الحرم الإبراهيمي الشريف بالخليل بعد الهجوم الإرهابي الذي قام به المستوطن المقبور باروخ جولدشتاين عام 1994، وكانت نتيجته تقسيم الحرم مكانياً وزمانياً.

على الطرف الآخر من هذا الطرح، فإن المستقبل ربما ستتغير معالمه السياسية، من خلال استراتيجية دولية جديدة لإنعاش عملية السلام المقبورة بأساليب أكثر جدية وبطرق سيريالية، الأمر الذي يشجع على صوغ تلويحات وتجاذبات غير مفهومة المعالم من بينها قدوم “مشروع مارشال” لإعمار قطاع غزة والضفة على غرار ما حدث في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي دلالة محتملة، يجب التركيز على ما تعهد به رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال مؤتمر صحافي في العاصمة اللبنانية بيروت قبل شهرين، بأن “المجتمع الدولي، بما في ذلك مجموعة البنك الدولي والأمم المتحدة والجهات المانحة الرئيسية، يجب أن تضع مشروع مارشال جديد من شأنه أن يساعد ليس فقط في إعادة بناء سوريا، بل الدول والمناطق المجاورة لها ايضاً”، مشيراً الى أن “السلام يجب أن يعم المنطقة.

الجواب على ما طرح أعلاه ربما يصاغ “ضمنياً” بنعم، وربما يتجسد واقعاً بنصف الإجابة، والهيكلية النهائية وقراراتها ستترك للمجتمع الدولي وفقاً لكولسات الخطواط المفاجئة، فهل سيكون ذلك خلال المستقبل القريب أم البعيد؟ أم ستترك المنطقة هكذا لعربدة قوات الكيان؟

السياسة قادرة على صوغ غير المتوقع، والمطبخ السياسي الدولي قادر على أدلجة فوق المتوقع والمعتاد، وما بين دهاليز المحفل السياسي لم يتبق إلا كما قال الشعر العربي: الليالي من الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب.

 

* كاتب صحافي ومحلل سياسي من فلسطين